في مقالته في الدستور المصرية "يا أهل «الدستور» يا أبناء عمي"
الوشيحي : لا فرق بين بائع الهيروين وكاتب الرأي المعارض في الكويت
رئيس حزب الوفد الرئيس الجديد لمجلس إدارة جريدة «الدستور» الأستاذ السيد البدوي قريبي، فأنا أيضاً بدوي، من البدو. وشريكه الرئيس التنفيذي لجريدة «الدستور» الأستاذ رضا إدوارد قريبي أيضا، فهو ابن إدوارد وأنا من سلالة دريد، وكما أن أهل أمريكا اللاتينية حوّروا اسم «تشارلز» فأصبح «كارلوس»، كذلك حوّر فرع قبيلتنا الذي هاجر من جزيرة العرب إلي مصر اسم «دريد» فأصبح «إدوارد». والحاج دريد هو ابن «خندبة»، ويُنطق كما يشتهي ابن عمي الأستاذ رضا، فإذا أراد كسر حرف الخاء فليكسره وإذا أراد فتحه فليفتحه، جدّه وهو حر فيه، وكلٌّ في جدّه حر، فأهل الجزيرة باعوا رفات أجدادهم المتحللة في براميل نفط، وعرض أهل مصر أجدادهم الفراعنة في فاترينات للفرجة بتذاكر. والأجداد ملك الأحفاد، ونحن أحرار في جدنا «خندبة»: نبيعه مستعملاً، نؤجره بالساعة، ندرّسه في مدارس لغات، نضمه إلي الحزب الوطني فيكوّن نفسه.. سنفكر.
أما قائد الجناح العسكري رئيس التحرير الزميل إبراهيم عيسي، ورئيس التحرير التنفيذي الزميل إبراهيم منصور، والزميل شادي عيسي، وبقية أعضاء الجناح العسكري في الجريدة فهم أشقائي أباً عن جد، يشاركونني الميراث، وبما أن والدي توفي مديناً رحمه الله فسيشاركونني سداد الدين. لكن لا تهنوا ولا تحزنوا فقد توفي الوالد مخلفاً لنا سمعة كجنيه الذهب الأصلي، أي ورب الكعبة.
خلاص؟ إذن تعالوا ندعو بقية «أبناء الدستور» لأحدثكم حديث ابن عم لأبناء عمومته، فأقول: بعد أن فقدت مصر تأثيرها السياسي في المنطقة، وتركت مكانها فارغاً، وانكمشت وأدخلت رأسها تحت صندوقها ولا أجدعها سلحفاة، وثبَ الإعلام المصري وثبة نمر ليسد الفراغ ويستعيد السيطرة ويتمدد في الأرجاء.
وإعلاميو مصر لم يحصلوا علي حريتهم هدية من السلطة في «الفالانتاين دي»، مغلفة بورق السولوفان الأحمر، بل انتزعوها بمخالبهم وأنيابهم، وتجرّحت جلودهم في سبيل ذلك، وهنا سنقف وسنحني رؤوسنا إجلالاً للكبير عصام إسماعيل فهمي، الذي سيذكر له التاريخ مساهمته في ذلك، وستتذكر أجيال مصر والعرب إبراهيم عيسي وصحبه ومغامراتهم.
يأتي ذلك في الوقت الذي تسلمنا فيه، نحن الكويتيين (نصبتُ كلمة الكويتيين للاختصاص) الحريات من أسلافنا، فأضعناها، فبكينا كما تبكي النساء علي حرية لم نحافظ عليها كالرجال. وسيتذكر التاريخ وسيذكر أن سمو رئيس حكومتنا الشيخ ناصر المحمد هو الذي «كرمشَ» ورقة الحريات ورماها في سلة القمامة، فأذعن له غالبية ملاّك الصحف والفضائيات، بل تحولوا إلي سكاكين تطعننا، طمعاً في مليارات خطة التنمية (تكلفة الخطة نحو مئة وثلاثين مليار دولار ستُصرف في أربع سنوات، في بلد بمساحة الكويت، تخيّل)، ولا أريد ان أجرح صيامي فأشتم الخطة، الله يلعن أبوها علي أبو ملياراتها. واليوم لا يكتب الكاتب منا إلا بعد أن يتنشر أقاربه في الشوارع المحيطة «ناظورجية»، يتأكدون من خلو المكان، فلا فرق في الكويت اليوم بين بائع الهيروين وكاتب الرأي المعارض.
أعود لأبناء عمومتي وأشقائي في «الدستور»، لأحلّفهم بـ«خندبة» أن يخصصوا غرفة لاستقبال اللاجئين الصحفيين الكويتيين والعرب، من عتاة مجرمي الرأي، الذين كتب الله عليهم مخالفة سلطات بلدانهم، أقول ذلك وجريدتي «جريدة الجريدة» التي يتشرف عمودي بالارتكاز في صفحتها الأخيرة، من أكثر الصحف حرية وأعلاها سقفاً، لكن الأسقف في الكويت تم تصميمها ليعبر من تحتها الزواحف والديدان، لا طوال القامة، وأنا واحد من الذين ابتلاهم الله بطول القامة، فمدّ في سنتيمتراتي إلي أن تجاوزت المئة والتسعين سنتيمتراً بعيد عنكم، وهو ما دفع إحدي قنوات هياتم الكويتية - عندما أرادت تقليد شخصيتي في مسلسلها الرمضاني - أن تستعين بأطول ممثل عندها، لكنه للأمانة مهضوم.
والكويت ليست الوحيدة المبتلاة، ففي جمهورية اليمن، علي سبيل البكاء، يُقمع الكتّاب الذين احتجوا علي توريث كرسي الرئاسة لأحد أبناء الرئيس، والصراع الآن في اليمن يحتدم بين اثنين من أبناء علي عبد الله صالح، يحيي وطارق، الأول قائد الأمن القومي، والثاني قائد الحرس الجبلي، وكلاهما عُيّن في منصبه قبل تخرجه في الكلية الحربية. مصيبة يا أبناء عمي، وأي مصيبة. وإذا انكمش الإعلام المصري وتركنا نواجه الرياح العاتية فستتطاير أوراقنا. حلّفتكم بخندبة، وخندبة شهم، أن تفكروا في طريقة لقيادة الصحافة العربية وأنتم أهل لذلك. ساندونا وسنردها لكم حين ميسرة.
ولا عذر لكم الآن يا «أهل الدستور»، فإن كنتم سابقاً تعانون ضيق ذات اليد، ومع ذلك حققتم نتائج مبهرة، فما هو عذركم اليوم وقد تكفل الملاك الجدد بتوفير الخيل والسلاح للمقاتلين. فاحملوا «البيرق» وتقدموا الصفوف، وارتدوا قبعة «تشي جيفارا» ابن عم كل الأحرار. فإذا لم تكن «الدستور» والإعلام المصري من يحمل «البيرق» فمن سيحمله؟ عودي يا مصر إلي موقعك في الزعامة ولا نامت أعين هياتم وصحفييها.
محمد الوشيحي - الدستور المصرية