بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاحساس بالأخرين ....!!!!!
الاحساس بالأخرين ركن أساسي من أعمدة الحياة السعيدة
بعيداً عن الأعمال والزحمة والعمل.. من يعرف حقيقة أن كل إنسان يحسّ؟
كلنا يحب بل ويحتاج أن يشعر به الآخرون، كلنا يتمنى أن يحس به من أمامه،
كلنا يتأثر بما يسمع.
لا تتصور أن الأب القاسي لا يحس، لا تتصور أن الأم القاسية لا تحس،
لا تتصور العصبي والمتحدث بنبرة عالية لا يحس، لا تتصور أن.. أحداً لا يحس..
بل إن القاسين والعصبيين هم أرق الناس من الداخل.. إنهم اضطهدوا نفسياً
فأصبحوا قاسين.. انتقاماً لعدم الإحساس بهم.. وهم لا يشعرون بذلك أبداً..
أرجوكم.. لنراعي من أمامنا ومن حولنا حينما نتكلم معهم.. لنراعي شعورهم..
لنحس بهم.. لنحنَّ عليهم.. في ذلك خير لنا ولهم.. إن الحنان هو الحل لمشكلات العالم
النفسية كلها.. ليتني أستطيع نشر هذه النقطة في العالم كلّه !
هناك الكثير من الكلمات التي نتفوّه بها.. وتكسر وتجرح من أمامنا.. لكنا لا نعلم..
لأنا تعوّدنا على أن لا نبوح بما نشعر.. لا نعبر عن مشاعرنا.. فلا نعلم أن من أمامنا
قد انجرح.. أو تضايق.. أوأنه لم يسعد لسماعه هذا الكلام..أو للتحدث إليه بهذا الاسلوب.
لنتعاون معاً.
لنتعلم أثر الكلام على الناس … فهو أول وأهم الوسائل للاحساس بمن حولنا.
أبسط مثال..
اذا تحدثت مع أحدهم وفهم شيئاً غير الذي تقصد.. لا ترد عليه ب.. لااااااا..
ليس هكذا.. لم تفهمني.
كلمة لا من أخطر الكلمات التي تأثر فينا.. لأنك تقول له من غير أن تتحدث..
إنك لا تفهم.. إنك لا تفهم.. إنك غبي.. أنا أقول شيئاً وأنت تفهم شيئاً آخر.
بدلاً من ذلك.. بإمكاننا أن نقول عندما نسمع كلاماً ممن أمامنا ونرى أنه لم يفهم ما نقصد:
دعني اوضح كلامي اكثر.. قد اكون قد أخفقت في توضيحه.. أو.. أقصد كذا … سيحترمك
وسيقدرك من أمامك.. سيحس أنك لم تحتقر من قدراته الفهمية بل نسبت الأمر أنك أنت
قد تكون أخفقت في توصيل مقصدك، وقد يكون هذا حقيقة.
لهذا الاسلوب أثر بالغ جداً في علاقتك مع الآخرين.. سيحبونك كثيراً.
و هذه الطريقة أيضاً مجدية كثيراً مع العملاء إن كنت تتعامل معهم.. خصوصاً للذين
لا يعرفون كثيراً عن العمل الذي تتقنه أو مجالك بالأحرى.
ذلك لأن بطبيعة الانسان.. كلهم.. كل الناس وكل البشر يريدون أن يحترمهم الآخرون
وأن يحسوا بقيمتهم.. وأنهم بشر.. في حال جعلنا أحدهم يحس أنه لا يفهم ولا يعرف..
سيحتقر نفسه.. وبهذا الشعور من تقليل قدر الذات ستأتيه أفكار تحط من قدره بشكل
فظيع.. وهذا الأمر يحدث معنا كثيراً.. ونحن لا نحب ذلك، اذاً الآخرين لا يحبونه لأنه
يجعلهم يحسون بشعور كريه على النفس.. والذي له علاقة باحترام وتقدير ذواتهم.
مثال آخر..
الإنسان بطبيعته يحب أن يفهمه الناس.. كيف ذلك؟ لو أخبرك أو أخبرتك أحدهم بشعور
أو إحساس معين.. مثال.. أنا متعب أو مرهق.. ما يريد هذا الشخص وما يشعره بالراحة
هو تقبل شعوره ! مثل الأطفال ! الأطفال لحسن التعامل معهم يجب تقبل شعورهم..
ومعنى أن تتقبل شعور الآخرين أن لا تحاول أن تنفي هذا الشعور.. كأن ترد على الذي
يشكو من التعب.. لا لا، أنت لست مرهقاً وكأنك حصان ! البعض يظن أن هذا من التحفيز
ومن الوسائل التي تريح المتعب ! هذا صحيح، لكن لا يكون هذا الكلام منذ البداية..
أي تقبل مشاعره أولاً كأن تقول صحيح ؟ ما الذي أتعبك ؟ سلامتك من التعب والإرهاق.
. وبعد ذلك خفف عنه باسلوبك لكن دعه يشعر انك تحس به وبتعبه أولاً.
هناك نسبة قليلة من الناس رزقها الله الإحساس بشكل أعلى من الناس..
أي أنها تحس بالذي تعرفه والذي لا تعرفه.. وهذا أمر متعب بالمناسبة..
لأنك قد تحس بالناس ولا تجد من يحس بك بنفس الطريقة أو بنفس القدر..
فتشعر بصدمة من هذا الموضوع.
ليس المطلوب أن نكون هكذا.. المطلوب هو تفعيل الإحساس الذي رزقنا الله إياه..
والذي رزقه لكل الناس.. لا أحد لا بشر لا بني آدم لا يملك إحساساً.. مهما كان..
قد لا يظهر أنه يحس بالذي أمامه.. لكن مستحيل أن يكون عديم الإحساس.. لذلك
نحن ندعو بعضنا البعض لتفعيل إحساسنا بالآخرين.. وتقدير مشاعرهم.. وتقبلهم..
لان هذا سيقربنا منهم.. وسيحببنا فيهم.. حتى نحن على مستوى راحتنا وإحساسنا
بالانتعاش يكون من الإحساس بالآخرين، لأنا نرى انعكاس سعادتهم وراحتهم النفسية..
لا أدري كيف أصف هذه النقطة.. تذكر معي.. هل تذكر مرة من المرات كيف أحسّ بك
أحدهم وفهم شعورك، وشعرت وقتها بشعور طيب وراحة نفسية؟ كيف كانت ردة فعل
الذي أحسّ بك عندما أخبرته أنك سعيد جداً وتقدر احساسه؟ ألم يسعد كثيراً ويفرح ؟
لأن شعور العطاء لا يوصف وطبيعي أنه لا يوصف.. بل إن أغلب علماء النفس يقولون
عند الحزن، أو الضيق، اذهب وأعطِ.. من وقتك ..من جهدك.. أسعد شخصاً آخر..
ساعده.. وسترى شعورك وقتها !
اذاً نحن نعلم نتائج الإحساس بالآخرين.. علينا وعليهم.. لذلك لنفعّل إحساسنا..
واذا بدأنا نحن سينتشر هذا الأمر بين من حولنا.. إلى أن يعم العالم:
( الله.. متى يأتي هذا اليوم عندما يكون الناس كلهم رقيقين مع من حولهم؟)
مصيبة عندما تبتلى بزوجة في بيتك أو تبتلي بزوج في بيتك أو تبتلي بأولادكم،
أو زميل في عملك، أو صاحب في سفرك، مصاب بمرض عدم الإحساس بك، بلغت
منه الأنانية مبلغاً عظيماً، وتمكن منه حب الذات تمكنا عجيبا، لا هم له إلا نفسه،
ولا غاية له إلا مصلحته، ولا تكمل سعادته إلا في راحته، حتى ولو كان ذلك على حساب
غيره، لا يراعي لك ظرفا، ولا يرحم لك ضعفا، ترهقك مطالبه، وتزعجك أوامره، نتيجة
هذا الداء المعيي علاجه، والصعب إصلاحه، لأنه ليس عضوا يبتر، ولا جرحا يضمد،
ولا ورما يستأصل، إنما هو إحساس متبلد، وشعور ميت!.
إن هذا الداء تصاب به الزوجة، فلا تحس بمعاناة زوجها المثقل بالديون، فتكثر طلباتها،
وتتعدد شكاياتها، ويصاب به الزوج فلا يشعر بما تعانيه زوجته داخل البيت فيطلب ما
يريد دون النظر لارهاق زوجته أو ما تعانيه اثناء غيابه خارج البيت ويصاب به الأولاد
فلا ينظر الى ما يعانيه والديهما لتوفير حياة سعيدة لهم، ويصاب به الزميل بالعمل،
فيلقي بالعبء على زملائه لكثرة استئذانه وغيابه وإهماله، ويصاب به رفيق السفر،
فيجوع أصحابه، ويتعب إخوانه!
إن الإحساس بالآخرين نعمة عظيمة، ومنة كريمة، ومنحة ربانية ينعم بها الله عز وجل
على من شاء من عباده، وجدت بالنبي صلى الله عليه وسلم فأحس بمن حوله، فرحم الصغير،
وقدر الكبير، وأغاث الملهوف، ونصر المظلوم، وزار المريض، وعزى المصاب، بل تعدى
إحساسه بني جنسه إلى الطير فأمر بإطلاق سراح الحمرة، وإلى الحيوان فعاتب صاحب البعير،
وسأل أبا عمير عن النقير، وقال في الحديث الصحيح:
(ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)
وفي حديث آخر قال: (من لا يرحم لا يُرحم).
فينبغي للمسلم وخاصة من بلي بهذا الداء أن يراجع نفسه، ويتفقد أحواله مع إخوانه
وأصحابه وجيرانه، ليسعد مع السعداء، ويرتقي مع النبلاء، ويقتدي بصفوة الأتقياء.
أسأل الله أن يمن علينا بالإحساس بغيرنا ولا نكون عالة على إخواننا.