مجالس العجمان الرسمي

العودة   مجالس العجمان الرسمي > ~*¤ô ws ô¤*~المجالس العامة~*¤ô ws ô¤*~ > مجلس الدراسات والبحوث العلمية

مجلس الدراسات والبحوث العلمية يعنى بالدراسات والبحوث العلمية وفي جميع التخصصات النظرية والتطبيقية.

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 17-10-2005, 06:35 AM
سهيل الجنوب سهيل الجنوب غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 873
معدل تقييم المستوى: 20
سهيل الجنوب is on a distinguished road
فخ العولمة





الكتاب: فخ العولمة.
تاريخ النشر: 1999م.
المؤلفان: هانس بيتر مارتين- هار الدشومان.
ترجمة: د. عدنان عباس علي.
الناشر: سلسلة عالم المعرفة - الكويت.
العالم كله وقع في قبضة هؤلاء الصبيان» هذا ما علق به «ميشيل كامديسو» المدير الفرنسي الصارم لصندوق النقد الدولي؛ تعليقاً على السلوك غير المسؤول الذي قام به الرأسماليون الغربيون عندما سحبوا رؤوس أموالهم - كالمذعورين - متسببين في أزمة وانهيار اقتصاد المكسيك عام 95م، الأمر الذي دفع الصندوق والخزانة الأمريكية لتقديم قرض لحكومة المكسيك يزيد على الخمسين مليار دولار، في قرض يعتبر الأعلى من نوعه منذ عام 1951م، عندما تقدمت الولايات المتحدة بمشروع «مارشال» لبناء ما هدمته الحرب العالمية الثانية.
لقد وصفت «الإكونومست» هؤلاء المغامرين بـ«الجيش الإلكتروني التسليح». لم لا، وثمة (358 مليارديراً) يمتلكون ثروة تضاهي ما يملكه (2.5 مليار) من سكان المعمورة؟ يتحكم هؤلاء في عصب الحياة؛ المال، القوة الفاعلة الأولى في العصر الحاضر نعم؛ ثمة 20% من دول العالم تستحوذ على 85% من الناتج العالمي الإجمالي، وعلى 84% من التجارة العالمية، وعلى 85% من مجموع المدخرات في العالم، إنه مجتمع الخمس الغني، وأربعة الأخماس الفقراء. لا بل دون خط الفقر. يعيشون في هذه القرية الكونية التي تزداد ضيقاً يوماً بعد الآخر!
«لم يعد نموذج النمو الحضاري العلماني الحديث صالحاً للمستقبل!» ذلك ما يخرج به الفاحص العميق للأرقام المروعة التي تحدثنا بها الإحصائيات حول حجم الدمار الذي تخلفه هذه الحضارة البشعة.
الخطر الذي تفرزه الرأسمالية العلمانية المعولمة من جراء النمو السرطاني الفوضوي للبورصات وأسواق النقد العالمية ربما يكون أكثر بشاعة وهولاً من الحرب العالمية الثالثة التي كانت سيفاً مسلطاً على الرؤوس قبل نهاية الحرب الباردة. إنها كما يقول نيلي مدير شركة سان الأمريكية الكبيرة مبدأ «إما أن نأكل أو نؤكل» «to have Lunch or be Lunch» إنها شريعة الغاب تبعث من جديد، أو كما يقول الفيلسوف البريطاني هربرت سبنسر تلطفاً «الداروينية الاجتماعية».
إن بوسع المرء أن يدعي - كما يقول لستر ثارو الخبير الاقتصادي في معهد إم آي تي (MIT) - إن الرأسماليين قد أعلنوا الحرب الطبقية على عمالهم، ويضيف بمرارة: أنهم قد فازو بها!، لقد أعطى رونالد ريجان الرئيس الأمريكي السابق إشارة الانطلاق عندما أوعز في عام 1980م، وبلا تردد بطرد جميع النقابيين من جهاز السيطرة على حركة الطائرات التابع للدولة، لقد تحركت الزوبعة التي تحدث عنها «رويتر» رئيس شركة «بنز» الألمانية السابق عندما قال: «إن المنافسة في القرية المعولمة تشبه الزوبعة، لا أحد يستطيع البقاء بمنأى عنها»، بل راحت كما يقول رئيس مؤسسة «سمينز» إلى أبعد من ذلك: «لقد تحولت رياح المنافسة إلى زوبعة، وصار الإعصار الصحيح يقف على الأبواب». ذلك صحيح إلى حد بعيد، فمنذ إشارة ريجان السالفة وحتى عام 1995م خسر ثلاثة وأربعون مليون مواطن فرصة عملهم. إنه شبح البطالة المروع يلوح في الأفق. فإذا تساءلت: فأين نقابات العمال، البديل الرأسمالي المدهش للشيوعية؟! كان الجواب أنها الشركات العملاقة لا تعييها الحيلة في عصرنا المعولم هذا. لقد انهارت القاعدة التنظيمية لهذه النقابات منذ عام 1980م، لقد كان ما نسبته 20% من العمال أعضاء في هذه النقابات، وقد انخفض هذا الرقم إلى النصف في عام 1997م بدل أن يزيد كما هو منطقي ومتوقع. بل إن هذا الرقم المتواضع اليوم قد شلت فعاليته هو الآخر، فعندما صممت نقابة عمال السيارات الأمريكية (UAW) على القيام بأطول وأعنف إضراب عمالي استمر منذ (1992 - 1995) الأمر الذي كلف النقابة 300.000.000 دولار، لم يجد ذلك نفعاً، وتخلى المضربون عن إصرارهم، لأن قانون العمل الأمريكي يمنع تسريح العمال المضربين، لكنه يسمح بالاستعانة بالعاملين الممتنعين عن الإضراب بمواصلة الإنتاج، وكان الجو مواتياً فالركود وعمليات الترشيد صنعا جيشاً من العمال المتخصصين العاطلين عن العمل، وهكذا لم يحقق الإضراب أهدافه، بل على العكس، كما يقول «فيتس» رئيس شركة «كاتربلر» إنه بالنسبة للمؤسسة الناشطة عالمياً يهيىء الفرصة المواتية لتخفيض تكاليف الأجور، وزيادة أرباح المؤسسة!
* عولمة الجريمة
«ليست هنالك عولمة واحدة - كما يقول أمين عام الأمم المتحدة السابق بطرس غالي - بل ثمة عولمات عديدة في مجال المعلومات والبيئة والمال. وعولمة في مجال المخدرات والأوبئة والجريمة التي صارت تتعاظم في المجالات المختلفة»، يقول بيرس بارنفيك رئيس شركة (ABB) العملاقة: «إذا تجاهلت المشروعات التحدي الذي يفرزه الفقر والبطالة فستؤدي التوترات بين الأثرياء والفقراء إلى تصعيد بين العنف والإرهاب»، إن النتائج المترتبة على ذلك تثير الرعب بلا شك. لقد أضحت الجريمة المنظمة عالمياً أكثر القطاعات الاقتصادية نمواً..!! إنها تحقق أرباحاً تبلغ خمسمائة مليار دولار في العام..!!!، وفي دراسة قدمها خبراء من جامعة مدينة منستر الأمريكية، تنبأ الخبراء بأن جرائم من قبيل المتاجرة بالبشر، وإعارة العاملين على نحو غير شرعي، وسرقة السيارات، وعمليات الابتزاز ستنمو حتى عام ألفين بمعدل يبلغ 35%، وفي روسيا، وأوكرانيا، وكولومبيا، وهونغ كونغ؛ تتداخل العمليات الشرعية وغير الشرعية بحيث صار يصعب وضع حد فاصل بينها!!، بل لم يعد بالإمكان معرفة ما إذا كان هذا الجهاز أو ذاك من أجهزة الدولة يكافح من أجل فرض القانون، أم أنه يحارب بتكليف من المجرمين أنفسهم؟! ومجموع الثروة التي تملكها المافيا الإيطالية -رغم كل الحروب المشبوبة ضدها- تتراوح بين (150 - 200 مليار مارك) لم تتمكن الدولة حتى عام 1996م من مصادرة ما يزيد على 2.2 مليار مارك منها!!
إنه -كما يقول أحد موظفي الإنتربول: «ما هو من مصلحة التجارة الحرة، هو في مصلحة مرتكبي الجرائم أيضاً».. بل إن السؤال المشروع يضغط بإلحاح: «هل ثمة فرق كبير بين عتاة المجرمين وكبار الرأسماليين؟!». إنهم يزاولون المهنة نفسها.. سرقة أموال الفقراء..! لقد ارتفع حجم مبيعات الهيروين عام 1990م إلى عشرين ضعفاً، أما الكوكايين فقد زادت إلى خمسين ضعفاً، وتجارة الرقيق الأبيض درت على بعض العصابات الصينية (Triaden) الناشطة في الولايات المتحدة أرباحاً تصل إلى 2.5 مليار دولار في العام الواحد! يقول مدير مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن: «إن العالم يتجه دون هوادة إلى مأساة سيقف المؤرخون حيالها حيارى.. لماذا لم يتم تدبير إجراء ما لوقفها في الوقت المناسب؟ ألم يلمس الاقتصاديون والسياسيون العواقب الوخيمة التي يفرزها التطور الاقتصادي والتكنولوجي..؟».
* البيئة تترنح :
«لقد أصابني الذعر والفزع عندما تحسست المستقبل الذي ينتظر الجزء الأعظم من مناطق المحيط الهادي.. هناك ربع سكان المعمورة قد دمر جزءاً مهماً من المعمورة في سياق سعيه لتحقيق مستوى معيشي أعلى»، هذه انطباعات المهندس البريطاني جون سيرجانت. وكما قال رئيس منظمة السلام الأخضر: «سيتقرر المستقبل البيئي للبشرية جمعاء في آسيا»، ولكن ذلك بالطبع لا يعني سلامة بقية أرجاء المعمورة، ففي عام 1989م كانت مشكلات البيئة والكارثة المناخية على جدول أعمال مؤتمر قادة الدول السبع الكبرى لأول مرة، وتدمير الغابات والأراضي الزراعية؛ ففي عام 1995م انخفض احتياطي القمح والأرز والذرة إلى أدنى مستوى له منذ عقدين من الزمن، بل لقد بلغ مستوى المخزون من الحبوب عام 1996م حداً بحيث لم يعد يكفي إلا لسد حاجة 49 يوماً فقط، وهو أدنى مستوى يبلغه في التاريخ! لقد ضحت البلدان الأسيوية بما مجموعه 40% من الأراضي المخصصة لإنتاج الحبوب، وقد ارتفع سعر القمح بين مايو 1995م ومايو 1996م بمقدار 60%، الأمر الذي كلف البلدان المستوردة الفقيرة - حسب تقديرات منظمة الغذاء في الأمم المتحدة - ثلاثة مليارات إضافية.
* ومثالب أخرى:
ولا يتسع المجال أيضا للحديث عن حجم الدمار الواقع والمستقبلي في مجال حقوق الإنسان وبناء الأسرة، وخصوصيات الحضارات العقدية والأخلاقية والسلوكية والثقافية..
لا يتسع المجال للحديث عن احتكار وسائل الإعلام، وتحيزات وسائل الاتصال الصارخة، ولا عن تهميش وتسطيح اهتمامات الشعوب، وإنماء وإعلاء قيم الاستهلاك والتدبير والأثرة.. ولكن أليس ثمة وجه آخر للعولمة؟ بلى!
* بوادر مشجعة :
رغم كل ما سبق، فلا يزال هنالك الملايين من الناس يطالبون فيما بينهم أو بالتضامن مع غيرهم بالوقوف في وجه جنون السوق العالمية -كما يقول مؤلفا كتاب فخ العولمة، الكتاب الذي طبع تسع مرات في سنة صدوره، ولا تزال إشكاليته تتجدد- سواء في صفوف منظمة السلام الأخضر (Greenpeace) أو في المبادرات الاجتماعية والبيئية الكثيرة، في نقابات العمال، أو في بيوت العبادة، في حركات التضامن مع الدول المنتهكة الحقوق أو النامية، مع المهاجرين والمعوزين والمظلومين يستفيد هؤلاء جميعاً من الإمكانات التي تتيحها العولمة، والأدوات التي تقدمها لهم، لكنهم فقط -وبكل مرارة- يمثلون الاستثناء الذي يؤكد القاعدة.. أملنا أن يحالفهم التوفيق في مسعاهم هذا.
* أمل يلوح في الأفق:
هل كتب على البشرية أن تندفع بلا هوادة نحو هذه الهوة السحيقة؟ إنها حصاد الرؤية العلمانية للحياة والكون والإنسان والعالم.. في ظل قيم المنفعة الذاتية، والاستهلاك والتبديد والأثرة.. ليس ثمة بديل إلا بناء الذات السوية وفق معايير الدين وقيمه وموازينه في الزهد والإيثار والتكافل والمودة، وليس ذلك عسيراً.. ولكنه يحتاج إلى تحرك على مستوى عالمي.
نشر في مجلة (المعرفة) عدد (46) بتاريخ (محرم 1420هـ -أبريل/مايو 1999م)

 

التوقيع

 

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

 
 
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 17-10-2005, 06:37 AM
سهيل الجنوب سهيل الجنوب غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 873
معدل تقييم المستوى: 20
سهيل الجنوب is on a distinguished road
عصر المعلومات وعصارة التعليم


د. محــمد عبــده يمـانـي (وزير الإعلام سابقاً - الأستاذ بجامعة الملك عبدالعزيز )


لابد من دخولنا إلى القرن القادم، إذ لاخيار لنا في ذلك، ولكن السؤال المهم هو كيف سندخل إلى هذا القرن؟.. وكيف ستكون إمكاناتنا وقدراتنا وطاقاتنا البشرية على وجه الخصوص؟.، ومن المهم أن نعرف أهمية الاستعداد لدخول هذا القرن، ونهتم بإعداد الخطط اللازمة لهذه المرحلة القادمة، خصوصاً أن العصر يتسم بالسرعة الفائقة، والفجوات بيننا وبين العالم: تكنولوجياً وفنياً وعلمياً، أخذت تتسع ، ولم تعد تطورات عادية، بل أخذت شكل قفزات سريعة، ومن هنا شعرت أن من الواجب أن نلقي الضوء على هذه المرحلة القادمة، وماالذي يجب أن نفعله فيها، وماهي الاستعدادات الأساسية المطلوبة ، وماهي الحدود الدنيا التي يجب أن نأخذ بها ونحن ندلف إلى هذا القرن القادم بكل متغيراته وتطوراته وتحولاته ومفاجآته، وهناك أسئلة مهمة لابد من الإجابة عنها، وهي: كيف نتحرك؟.. وإلى أين؟. وماهي أهدافنا؟.. وماهي مقوماتنا وأبعاد تحركنا ومسؤولياتنا؟. وبأي خطط سندخل هذا القرن القادم؟.. وبأي تعليم وأي اقتصاد؟.. وهل نتحرك جميعاً أم كلٌّ على شاكلته؟.. ثم ماهي سمات القرن القادم وتحدياته؟.. وما هو موقعنا في ذلك الخضم الواسع، ومهما تعددت الآراء أو اختلفت السبل فسيـظل التعليم هو محور القضية والمدخل الحقيقي لدخول آمن ومنتج ومحترم للقرن القادم، وسيكون المفتاح والعامل الحاسم لتحقيق حياة كريمة. وإذا أردنا أن نجيب عن كيفية دخولنا للقرن القادم، فمن المهم أن نراجع حساباتنا الماضية بكل دقة، ونتعرف على أخطائنا ومشكلاتنا الحقيقية التي حالت دون أن نحتل مكانة متميزة في العالم. ولاشك أن أهم الأمورالتي فرطنا فيها هي الجوانب التعليمية. فقد توسع الكم على حساب الكيف، وأهدرنا قيم الابتكار والإبداع، واستسلمنا لتبعية غربية هيمنت علينا، وأثرت على مسيرتنا، وأربكت خطواتنا، وعجزنا عن التنسيق بين طاقات الأمة وقدراتها وحاجاتها وإمكاناتها ومتطلباتها، وبكل أسف لم ننظر بعمق ولا برؤية استطلاعية للمستقبل الذي سنواجهه. إننا ندخل للقرن القادم بدون رؤية، بدون تكتل، بدون تعليم أصيل ومتطور يأخذ أبعاد المرحلة القادمة في اعتباره، وبدون أي محاولة للابتكار، أو حتى محاولة الخروج من التبعية للقوالب الغربية التي هيمنت على الفكر العربي والإسلامي. وقد خرجنا بكل أسف من الاستعمار الاستيطاني إلى هيمنة اقتصادية وفكر غربي هيمن على المنطقة. ثم إن الفجوة أخذت تتسع مع تطور العلوم والقفزات التكنولوجية والاكتشافات العلمية ونحن نراوح في مكاننا في سلبية عجيبة وكأننا لانحس بمعدلات التطور وتسارع المتغيرات من حولنا، حتى أصبحت على حسابنا وعلى حساب قدراتنا ومقوماتنا الحاضرة والمستقبلية، وغدونا أمماً لاهية لاتعي أبعاد حاضرها ولاتخطط مستقبلها، وكأنها تتسلى بأوضاعها الحاضرة دون أن تحسب لتطورات المستقبل أي حساب. ومن أخطر التحديات التي تواجهنا في نظري هي ضعف التنمية والتطور، وبصورة خاصة تنمية الإنسان، ثم إن تردي التعليم وضعفه وعجزه عن مواكبة العصر وتحدياته ومتطلباته أدى إلى ضعف الاستثمار في العنصر البشري وجرنا إلى تبعية اقتصادية وثقافية مؤسفة، وأصبحنا دولاً أغرقت في المديونيات من ناحية، وهددها الانفجار السكاني في كثير من أجزائها، وغابت عنها القدرة على استغلال الموارد المتاحة بصورة صحيحة وخصوصاً في غياب التعاون العربي والإسلامي. وأنا أضع خطاً تحت هذه العبارة، فقد أثر غياب التعاون العربي والإسلامي على التنمية الاقتصادية في البلاد العربية والإسلامية. ولاشك أن التعليم سيكون حجر الزاوية في المرحلة القادمة، حيث ينظر كثير من العقلاء إلى تطور التعليم وسلامته وجودة مناهجه وقدرات المعلمين.. على أنه قضية أمن قومي ومستقبل أمة، فكلما أنفقنا على التعليم وأعطيناه الأولوية وطورنا مناهجه وأصلحنا أدواته، دعمنا الأمن القومي للبلاد والأمة. فالتعليم يحمي البلاد من الأخطار المباشرة وغير المباشرة فهو يلعب دوراً أساسياً في قضايا الأمن وسلامة الوطن، كما يعد التعليم استثماراً مهماً في مجال الأمة ونمائها..وضمان مستقبلها. والتعليم هو المفتاح ليس فقط لتحقيق الحياة الإسلامية والتقدم الثقافي، ولكنه يمثل العامل الحاسم في عملية التخطيط للقضاء على الفقر وتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي. ولهذا فمن المحتم أن تركز الجهود التعليمية كافة في هذه المرحلة على محو الأمية مع تأكيد الحد الأدنى من التعليم الأساسي ، وتنمية عادات التفكير النشط، ونشر المعارف عن ديننا وثقافتنا، وعن حياة المواطنين والرعاية الصحية وتنمية المهارات المهنية الأساسية، وتوفير التدريب للمعلمين وإتاحة المجال لتعلم التقنيات والمنهجيات التي تمثل نقطة الانطلاق إلى مختلف المجالات المهنية في الحياة، بما في ذلك التعليم العالي والبحث العلمي، وينبغي أن تكون الجهود المتصلة بمحو الأمية وتعليم المرأة جزءاً لايتجزأ من هذا البرنامج. ويمكن تحقيق هذه الأهداف في خلال العقدين التاليين إذا أمكننا أن نضمن المتطلبات التالية:

1- أن يكون التخطيط للتعليم على مستوى الأمة والدولة موجهاً لنشر التعلم على النطاق الشعبي من خلال تشجيع الترتيبات اللامركزية.
2- تعاون كلٍّ من الحكومة والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية بشكل نشط في تحقيق هذه الأهداف. 3- دعم السلطات المحلية والمسؤولة عن التعليم وتكليفها بمهمة الإشراف على هذا البرنامج.
4- التعجيل بإنشاء شبكة من صناديق الأوقاف والمؤسسات التعليمية لإنشاء المدارس ومعاهد التدريب ومراكز الإعداد المهني ومؤسسات تدريب المعلمين والكليات، فضلاً عن إنتاج المواد والوسائل التعليمية.
5- قيام البنوك الإسلامية والمؤسسات الدولية بتمويل هذه المشروعات عن طريق أساليب التمويل الإسلامية. 6- إنشاء صندوق تعليمي على مستوى الأمة الإسلامية لمساعدة المناطق والمشروعات المفتقرة إلى التمويل في الدول والمجتمعات الإسلامية.
7- إنشاء تجمع أو اتحاد للمؤسسات التعليمية بغرض تجميع الموارد وتحسين الخدمات التعليمية في الدول والمجتمعات الإسلامية.
8 - تشجيع البرامج الخاصة بتبادل المدرسين والطلاب فيما بين الدول والمجتمعات الإسلامية(1).
ومن المهم اختيار نوع التعليم الذي ندخل به القرن القادم ، حيث إن هذا التعليم لعب دوراً مهماً في القرن التاسع عشر في أوروبا وفي نهضتها، وقد لعب التعليم الدور نفسه في نهضة اليابان منذ عصر (ميجي). ومن هنا فلابد إذا أردنا أن ننهض ونستفيد من معطيات القرن القادم أن ننظر بعمق أكبر للعملية التعليمية في مراحلها الابتدائية والمتوسطة والثانوية والتعليم الجامعي والتعليم الفني؛ لأن مستوى التعليم عندنا لايحقق الأهداف التي نصبو إليها جميعاً. وهو في وضعه الحاضر قاصر عن تحقيق الأهداف الأساسية للأمة، ويخرِّج آلافاً من الشباب أنصاف متعلمين، وفي بعض الأحيان غير متعلمين، وبالجملة لايحقق الأهداف التي نسعى إليها لا في المرحلة الحاضرة ولا في المستقبل الذي نتطلع إليه. صحيح أن المؤسسات التعليمية حققت تقدماً كمياً كبيراً، ولكنها فشلت في الكيف، فعندنا أكثر من جامعة تحتوي على أعداد كبيرة من الكليات، لكن التعليم لم يستطع أن يحقق أهداف الأمة العربية، ولايساعدعلى بناء الإنسان العربي القادر على العطاء والمنافسة والإبداع إلا نادراً، إن التعليم في البلاد العربية والإسلامية بكل أسف مخيب للآمال، لأنه أسقط قيمة العمل والإنتاج، ولم يبذل جهداً كافياً لتطوير المناهج وفلسفة التعليم وسياساته على وجه الخصوص. إن القرن القادم قرن يتميز بأهمية المعلومات فيه.. ومن يملك المعلومة يملك عنصراً قوياً من عناصر القوة، ومن واجبنا أن نأخذ في الاعتبار أهمية العناية بالمعلومة في القرن القادم ، ونأخذ بيد أولادنا وناشئتنا ومدارسنا ومؤسساتنا للاستفادة من ثورة الاتصالات في العالم والإقبال على استخدام الكمبيوتر والاتصالات الإلكترونية، وأن نخرج من إطار تعاملنا السطحي معها للاستفادة منها وتطوير قدراتنا فيها، والتطور في أساسيات التعليم وخصوصاً في المرحلة الابتدائية ومابعدها لأن: «العالم يشهد منذ سنوات قليلة تحولات مهمة أكبرها عولمة التجارة وثورة المعلومات والاتصالات الإلكترونية مما يعني ضرورة الاستعداد لها بشكل جيد في المنطقة العربية. كيف سنتعامل مثلاً مع شبكة معلومات «إنترنت» التي اقتحمت شتى فروع الحياة، والتي يتضاعف عدد مستخدميها الآن مرة كل عام؟ وهل سنكون قادرين على المشاركة في (الاقتصاد الإلكتروني) الذي يضم عولمة التجارة وثورة الاتصالات؟ تقول تقارير حديثة إن قيمة التجارة الإلكترونية عبر شبكة «إنترنت» ارتفعت الى 10 مليارات دولار في العام الماضي، ويتوقع تصاعدها بشدة إلى 200 مليار دولار قبل نهاية القرن، أي خلال أقل من 3 سنوات. وهنا هل تتمكن الدول التي لاتملك شبكات هاتف محلية جيدة من منافسة الولايات المتحدة التي تحظى بنحو 350 خطاً لكل ألف نسمة من سكانها؟»(2). والتعليم في بلادنا العربية والإسلامية كلها لم ينجح كأداة للتقدم الحضاري، ولايزال بعيداً عن تحقيق أهداف الأمة، لأننا بكل أسف مازلنا في مناهجنا الابتدائية وماحولها وفي جزء من المناهج الثانوية نعتمد على الحفظ والاستظهار، والمدرس يعيد تدريس المادة سنوات وسنوات دون أن يطور نفسه أو يطور قدراته بالالتحاق بأي دورات أو مجالات تدريب، والمؤسسات التعليمية لاتعينه على ذلك، وفي الوقت الذي يعد فيه الحاسب الآلي من عناصر الدراسة الأساسية في الغرب، لايزال مجهولاً أو هامشياً عندنا، ولهذا ظل التعليم في دوامة مغلقة وضعيفة، وغير قادرة على الإبداع، ولاحتى مجرد التأهيل الصحيح، فالأساتذة تحكمهم قوالب محددة، وطلاب يتزاحمون في انتظار شهادات التخرج، يدخلون الجامعات ولا يعرفون لماذا، ويرسبون ولا يعرفون لماذا، ويتخرجون ولايعرفون إلى أين. إن واقع السياسات التعليمية ضعيف، وغير مؤهل لتحقيق أهداف الأمة واللحاق بالركب الحضاري. ومن أخطر ما نلاحظه في التعليم أنه يتنافى بكل أسف مع متطلبات النهضة الاقتصادية على وجه الخصوص ، لأننا ننتج قوى بشرية غير قادرة على العمل والإنتاج، بل وغير محترمة -حتى مجرد احترام - لقضية العمل، وكان من أخطر ماركزنا عليه في التعليم صب المعلومات بصورة نظرية وإهمال قضية تنمية المهارات العلمية، والقيم الاجتماعية في نفوس الطلاب، وحب الوطن، واحترام العمل.. والرغبة في الإنتاج والتطور والإبداع... إن التعليم عندنا لايساهم في توطين التكنولوجيا ونقلها، والجامعات في عالمنا العربي وفي كثير من العالم الإسلامي تراوح بين سوء التخطيط وعجز المناهج وتواضع قدرات المدرسين، حتى التعاون بين الجامعات العربية و الإسلامية مفقود تقريباً إلا في أطر نظرية واتفاقات غير علمية ولاقيمة لها. إن مقررات الدراسة الثانوية والجامعية بعيدة عن متطلبات العصر، ولاتحقق بأي شكل من الأشكال الأهداف التي نسعى إليها ولا تؤهلنا إلى دخول القرن القادم بأي شكل من الأشكال، وهذا أمر مؤسف لأن قضية التنمية البشرية مهمة، ونوعية المواطن الذي نبنيه وكفاءته وتعليمه وقدراته وإمكاناته أهم بكثير من نوعية السلاح الذي نملكه أو تملكه الأمة. إن التعليم والواقع التعليمي في البلاد العربية مخيب للآمال - بكل أسف - ولا بد من تحرك جاد وفاعل يبدأ بإدراك لحقيقة مهمة هي أن التعليم في حاجة إلى تطوير فعال وتغيير جذري يساهم في بناء الإنسان في بلادنا وفي البلاد العربية والإسلامية، فلقد أسقطنا قيمة العمل والإنتاج وأضر هذا بنا كثيراً وجعلنا نسلك سلوكاً سلبياً في مجال التعلم، فلم نحقق الأهداف المرجوة. لأن الفعالية قضية مهمة في مجال التعلم. فهناك فرق كبير بين أمة لها سلوك يقوده النظام والانسجام وأمة تسودها الفوضى والأنانية والتسيب؛ لأن هذه القيم لم تلقن لأولادها في مراحل تعليمهم الأولى خاصة والتالية بعد ذلك، ولم نرسخ في المجتمع مسؤولياته حتى يعلم الجميع أن أي مجتمع لايمكن أن يكون مجتمعاً محترماً إلا إذا كانت له وظيفة ومبرر لوجوده وليس مجرد صلات اجتماعية، فمن الخطورة أن يكون مجتمعاً سلبياً ومعقداً، حتى وإن كان الناس يعيشون في مدينة واحدة. وكما يقول المرحوم مالك بن نبي: «من الصعب أن نعيش في مدينة واحدة بجوار بعضنا البعض، ولكننا أمة سلبية وأمة تخلط بين العلم والثقافة، فالثقافة عندها هي الدين وليس مجرد العلم». ومن المهم أن نرعى المواهب ونعطي الشباب الفرصة للعمل، ونرسخ فيهم حب العمل وإجادة الإنتاجية والرغبة في البناء، والقدرة على قيادة المؤسسات الحضارية... ولاشك أن زراعة الثقة في نفوسنا وتبادل الاحترام قضية مهمة، كما أن قضية الحرية في الفكر وفي الحياة عموماً هي قضية أساسية تتصل بكرامة الإنسان وحقه في الحياة، وتدفعه إلى إنتاجية أكبر خصوصاً إذا علمناه كيف يستفيد من مساحة الحرية المتاحة له. ومن أخطر الأمور التي نمارسها في المرحلة الحاضرة هي معالجة كثير من قضايانا الجوهرية بطريقة إعلامية، وهذا الأمر له آثاره السلبية على الفكر والثقافة الناشئة ، لأن قضية الإعلام في العصر الحديث أصبحت قضية غير عادية بعد هذه الثورة الإعلامية التي حدثت، وما سيتلوها في المستقبل من تغيرات جوهرية، في مجال الاتصالات والإعلام، والتي ستحول العالم -كما يقال- إلى قرية صغيرة بل وأصغر من ذلك. فهذه الناشئة التي ستتصل بالعالم وتعرف كل شيء من حولها لابد أن نتعامل معها بفكر، وعمق، وإيجابية، وموضوعية، حتى نكسب ثقتها وندفعها إلى حب الوطن، وحب العمل، وحب الإنتاج، والارتباط بتراب الوطن الذي تعيش فيه من منطلق ثقتها في الأمة وفي الدولة، وثقتها بأنها تساهم بدور فعال في بناء المستقبل الذي نتطلع إليه جميعاً، ولايصح أن نستخف برغبات الناشئة، بل نتلمس رغباتهم وتطلعاتهم، ولانقهرهم أو نهملهم أو نتعدى على حرياتهم، ونصادر حقوقهم في حياة كريمة من فكر وثقافة وإنتاج وإبداع بل في التعبير وحرية الكلمة حتى يحبوا أوطانهم. والآن نأتي إلى السؤال المهم: إلى أين نسير وكيف ستكون صورة المستقبل الدولي في المرحلة القادمة وأين موقعنا من كل ذلك. أما إلى أين نسير فمن الواجب أن نفكر بعمق ونحن ندخل إلى القرن القادم، وأن ننظر إلى الإسلام بعمق، وأن نقدمه بديلاً صحيحاً وسليماً وبمنطق العصر، لا أن نكسب عداوات العالم وتحدياته، ونعمق من سوء فهمه وعداوته للإسلام والمسلمين. ومن المهم أن نغير الصورة القاتمة التي حاول الغرب بكل أسف أن يصور الإسلام بها حتى وإن كان العديد من مفكري الغرب لا يوافقون على تلك النظرة القاتمة للإسلام، بل إن كثيراً منهم أخذوا يدافعون عن الإسلام، ولكن واجبنا نحن مختلف، ومسؤولياتنا أعظم نحو تقديم الإسلام هذا الدين الوسط بصورة تصل إلى العقول والقلوب وتؤثر فيها وتهديها إلى سواء السبيل. ونأتي الآن إلى قضية مهمة في حياتنا وهي قضية المرأة ودورها المطلوب، فكثير من العقلاء الذين ينظرون إلى مستقبل بلادنا وأمتنا يرون أن من واجبنا ونحن ندخل إلى القرن القادم أن نستفيد من كل إمكاناتنا وطاقاتنا، وأن نأخذ في اعتبارنا أن المرأة نصف المجتمع، وأن نخطط بكل مسؤولية وأمانة ونظرة مستقبلية للاستفادة من طاقات النساء لأنهن شقائق الرجال، فهناك الآلاف من بناتنا يتخرجن كل عام من الجامعات، ومئات الآلاف ينخرطن في مراحل التعليم المختلفة، وتمتلئ المنازل بهذه البراعم التي تشكل نصف المجتمع، ولكن يبقى السؤال المهم دائماً: ماذا عملنا لهؤلاء البنات؟ وإلى أي مدى خططنا لاستيعابهن بطريقة صحيحة تحقق الهدف الأسمى الذي نسعى إليه جميعاً من وضع المرأة في مكانها الصحيح، والاستفادة منها بطريقة صحيحة وإعطائها حقها كاملاً في الحياة الكريمة، وإعطائها الفرصة الصحيحة والصحية لخدمة بلادها وأمتها، وعلى أساس أن نعطيها ما أعطاها الله، ومن منطلق أن المجتمع يتكون من ذكر وأنثى، وأن لكل فئة حقها، ولكل فئة دورها. وإن من الواجب أن نلتفت لقضايا هذا الشق المهم من المجتمع الذي بدونه لا تكتمل الصورة المثلى، ولا تتحقق أهداف المجتمع العليا لأنها نصف المجتمع. والمجتمع يتكون من ذكر وأنثى كما أسلفنا، وللأنثى حقوقها على هذا المجتمع، فلا بد أن نعطيها ما أعطاها الله من حقوق كاملة غير منقوصة، ونكرمها كما كرمها رسول الله ص، وكما كرمها خلفاء الرسول ص والتابعون. والحقيقة ونحن نتطلع إلى القرن القادم لا بد من عنايتنا بصورة أكبر بقضية المرأة وعملها وإعطائها الفرصة للمساهمة بأدوار إيجابية، خصوصاً بعد أن تعلمت وتأهلت وأصبحت قادرة على العطاء. ولابد من توسيع مجالات عملها في إطار المنهج والسياسة، ولكن بانطلاقة واعية تسمح لها بالمشاركة في خدمة بلادها ووطنها وأمتها. فالقرن القادم يحتاج منا إلى تضافر الجهود وتجميع الطاقات والتحرك نحو الأهداف برؤية واضحة وخطط سليمة وطاقات مؤهلة وفاعلة حتى نحقق أهدافنا ونتبوأ مكانتنا المناسبة. ولا بد أن ننطلق من نفس المنطلق الذي ضرب الله لنا به الأمثال: { والليل إذا يغشى. والنهار إذا تجلى. وما خلق الذكر والأنثى. إن سعيكم لشتى} وفي هذا يوضح الله عز وجل لنا أن للمرأة في المجتمع دوراً يجب أن تؤديه، وألا تزاحم فيه، وأن تنفرد به، وكما للرجل وظيفة فإن للمرأة وظيفة، وإن القضية واضحة وضوح الشمس في كبد النهار، فكما أن لليل وظيفة، وللنهار وظيفة، فإن للمرأة وظيفة وللرجل وظيفة، ويجب ألا يطغى ولا يستأثر أحدهما بعمل الآخر، ولا يظلمه ولا يحقره ولا يهضمه من حقــوقـه شيئــاً لأن النســاء شقائـق الرجال. وفي أيامنا هذه تبرز قضية عمل المرأة كقضية حتمية وتلقائية، ومن الواجب في رأيي أن يعالج هذا الموضوع بصورة جدية وواقعية، وأن نتحمل مسؤولياتنا أمام الله عز وجل، وألا نغمض أعيننا أمام ما يجري في المجتمع، وأن نتلمس حاجة المرأة للعمل، وأن نبحث عن الطرق الصحيحة لتشغيلها، فما دامت قد تعلمت، وتخرجت، فمن الواجب أن نعطيها الحق في أن تعمل وتكسب رزقها بعرق جبينها وفق منهج الله، وأن نوسع ونفتح أبواباً جديدة للعمل الشريف، ونخطط لأعمال جديدة للمرأة، فنحن أمام أبواب قرن جديد يستوجب الاستفادة من المرأة استفادة صحيحة، وتشغيل طاقاتها بصورة تحقق آمالها ومتطلباتها وتسد حاجتها وتعينها على الكسب الطيب والرزق الحلال. ولا بد من نظرة جادة إلى هذا الموضوع، فقد حان الوقت لعمل صالح ومخلص نخطط فيه بصورة أوسع لتوظيف طاقات المرأة، فهناك الآلاف من الوظائف الفنية والطبية وغيرها مما يمكن الاستفادة فيه من طاقات النساء دون أن نقع في مخالفة الله عز وجل. ونأتي الآن إلى قضية مهمة أخرى وهي قضية الأولويات التي يجب أن نضعها ونحن نتقدم نحو القرن القادم، وسيكون في مقدمة ذلك كله ربط الناشئة بالعقيدة الإسلامية وترسيخ القيم والمبادئ في نفوس الناشئة، وإعدادهم الإعداد الصحيح، ثم تهيئتهم للأدوار المهمة القادمة، وأن نتحدث إليهم بلغة يفهمونها، ونقدم لهم نموذج الحضارات العربية والإسلامية، ونركز على القيم الإيجابية، ونأخذ بيد الشباب والناشئة ليتعمقوا في مبادئ وقيم هذه الحضارات، وهنا نحتاج إلى رؤية ومرونة ووعي وانفتاح، ثم احترام للإنسان وخصوصياته وقدراته، حتى يثق فيما حوله ومن حوله ويعتز بكرامته ويأمن على نفسه وعلى مستقبله وحقوقه المشروعة، فالبيئة الصالحة تساعد على بناء المستقبل.إن تحركنا لا بد أن يكون في جو من الاحترام المتبادل وثقة الأجيال فينا، وأن نعمل جاهدين لاحتـــرام حقوق الإنســان وبخاصــة موضــوع حريـــة التعبير والقدرة على الحوار وحرية الكلمة؛ لأن هذه شروط أساسية لبناء المستقبل، وقضية مهمة في إقبال الشباب على المعرفة والحوار والمناقشة من جانب لبناء الذات ثم لبناء الوطن ككل من جانب آخر. ومن هنا فإن ما ندعو إليه هو الاقتراب من الناشئة والشباب، والتعامل مع قضاياهم بوعي وفهم ومسؤولية وجهد صادق لإزالة ما قد علق في أذهانهم من قلق أو شكوك أو سوء فهم أو ظروف مستجدة تتطلب فقهاًيتعامل معها بأبحاث علمية وتجاوب وموضوعية تؤكد أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان بصلاح شريعته التي اختارها الله سبحانه وتعالى وأنزلها على رسوله ، ثم بقدرة العلماء والفقهاء على الأخذ بيد الناس لفهم هذه الشريعة وحثهم على تطبيقها وإعانتهم، والاستماع إلى ما لديهم ووضع الحلول والإجابات المناسبة حتى نربط هذه الأمة بدينها وعقيدتها.
(1) إعداد الأمة الإسلامية للقرن الحادي والعشرين - تقرير غير منشور أعده البنك الإسلامي للتنمية.
(2) المستقبل العربي -العدد 217 مارس 1997م.

نشرفي مجلة (المعرفة) عدد (35) بتاريخ (صفر 1419هـ -يونيه 1998م)
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 17-10-2005, 06:39 AM
سهيل الجنوب سهيل الجنوب غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 873
معدل تقييم المستوى: 20
سهيل الجنوب is on a distinguished road
«العـولميـة».. لا(العولمة)!


القاهرة - د. عبـدالصبــور شـــــــاهين ( مفكر إسلامي وعضو مجمع اللغة العربية )


الاستعمال حديثاً استخدام كلمة «عولمة» في مقابل (Globalism) ويقصد بها: اتجاه الحركة الحضارية نحو سيادة نظام واحد تقوده في الغالب قوة واحدة، أو بعبارة أخرى استقطاب النشاط السياسي والاقتصادي في العالم حول إرادة مركز واحد من مراكز القوة في العالم والمقصود طبعاً قوة الولايات المتحدة الأمريكية. ومن المعروف أن استعمال الكلمات المنتهية باللاحقة (ism) يقصد به تسمية الاتجاهات العامة والمذاهب السائدة والأفكار القائدة مثل (Capitalism) و (Socialism) بمعنى الرأسمالية والاشتراكية. وكان موقف مجمع اللغة العربية السليم في نقل مفاهيم هذه المصطلحات هو مقابلة اللاحقة (ism) باللاحقة (ية) أو الياء المشددة والتاء لصياغة مصدر صناعي يتضمن المعنى المقصود مثل الرأسمالية والاشتراكية.. وعلى هذا جرى الاستعمال في صياغة كثير من المصادر الصناعية المتخذة قياساً في مثل: الكلاسيكية والرومانسية والشيوعية والناصرية.. إلخ. فأما صيغة الفعللة التي تأتي منها العولمة فإنما تستعمل للتعبير عن مفهوم الأحداث والإضافة، وهي مماثلة في هذه الوظيفة لصيغة (التفعيل) وتستعمل الصيغتان مقابل الكلمات التي تنتهي باللاحقة (ion) لإفادة المعنى نفسه، كما نجد ذلك في كلمات مثل: (Capitalization) وهي الرسملة: الفعللة وتعني إحداث الاتجاه نحو الرأسمالية مثل (Egypt ion iation) بمعنى التمصير أي صبغ الشيء بصبغة المصرية، وتلكم هي القاعدة السليمة في معاملة أمثال هذه الكلمات. فإذا جاءت كلمة «العولمة» وجب حملها على معنى الإحداث أو الإضافة في مقابل (globalization) لاعلى معنى العنونة وتسمية الاتجاه المقابل لمصطلح (globalism) الذي يقابله في العربية السليمة صيغة المصدر الصناعي «العولمية» وهو ما نوصي به من يحتاجون إلى استخدام المصطلح بوجه عام. ولكي نزيد هذا المعنى تأكيداً نرجع إلى استعمال العربية لصيغة الفعللة وسنجد من أمثلتها ما يجيء من فعل أصلي رباعي مثل: دحرج دحرجة وبعثر بعثرة، ومنها ما يجيء من المعرب مثل: بستر بسترة وتلفز تلفزة، ومنها ما يجيء من المنعوت مثل بسمل بسملة وحمدل حمدلة، فأما العولمة مصدراً فقد جاءت توليداً من كلمة عالم ونفترض لها فعلاً هو عولم يعولم عولمة بطريقة التوليد القياسي. فهذا عن مصطلح العولمة من الناحية اللغوية، وأما الناحية الاقتصادية السياسية فإن الخطأ فيها فادح لا يقل عن هذا الخطأ اللغوي، ذلك أن حركة العولمة ترى أن اقتصاد العالم يتجه إلى الاستقطاب ناحية القوة السياسية والاقتصادية في العالم ومركزها الولايات المتحدة الأمريكية، فكل السياسات الدولية يجب أن تتوافق مع مصالحها وتوجهاتها في الإنتاج والاستهلاك، وإذا كان العالم منقسماً بطبيعة الحال إلى متقدمين ومتخلفين فإن العولمة تعني بداهة مزيداً من خضوع المتخلفين للمتقدمين، أي مزيداً من التبعية السياسية والاقتصادية، وأي تجاوز للخط الأحمر الفاصل بين التقدم والتخلف يعني العزلة أو العزل عن الموكب الواحد الذي تمثله العولمة. وإذا كنا نشهد الآن أن التقدم يعني التفوق التقني، وأن التقنية تقفز قفزات جبارة بفضل ما أتيح للعالم المتقدم من تطور خطير في مجال استخدام الطاقة النووية وما يحتكر من أسرارها -هذا من ناحية- ثم نشهد من ناحية أخرى أن الدخول إلى هذا المجال النووي محرم على دول العالم الثالث فإن معنى ذلك أن يزداد المتقدمون تقدماً كما يزداد المتخلفون تخلفاً، ومعناه أيضاً أن العالم المتقدم يتحكم في حياة الآخرين ويحدد لهم النموذج الذي ينبغي أن يعيشوه، فهو المنتج والتاجر الوحيد في السوق العالمية، والآخرون زبائن في هذه السوق الهائلة وهم مجرد فقراء مستهلكين مدينين للدول الغنية التي تملك الزمام، وتتحكم في السياسات النقدية في العالم، وبذلك تصبح العولمة الصورة الجديدة للأخطبوط الاستعماري الذي قسم العالم في الماضي إلى فريقين سادة وعبيد، وهو يقسمه الآن إلى أغنياء وفقراء. فللأغنياء كل ما على المائدة من الثروات والكنوز، وللفقراء ما تبقى أسفل المائدة من فتات وحطام، وهي صورة لا تختلف عن العبودية الاستعمارية. ومن المؤسف حقاً أن كثيراً من المهيمنين على مقاليد السلطة في العالم الثالث لا يدركون أبعاد هذه العولمة التي تتجاوز في بعض الدول موضوعات السياسة والاقتصاد، لتمتد إلى مجالات التربية في محاولة لعولمة البشر أيضاً ابتداء من مراحل التعليم الأولى، فإذا بموضة المدارس الأجنبية أو ما يسمى بمدارس اللغات تتفشى في المجتمعات النامية لتغيير ألسنة الشعوب ومحاربة اللغات المحلية، ونصيب اللغة العربية من هذا النشاط التخريبي كبير جداً بفضل ما دخل على المنهج التعليمي في كل المراحل من تعديلات قضت على علاقة النظام التعليمي باللغة والدين، فهما الآن في أضعف حالاتهما لحساب اللغة الإنجليزية أو على الأصح لحساب اللغات الأوروبية الأمريكية استطراداً مع اتجاه العولمة، وهكذا تعمل هذه العولمة جنباً إلى جنب مع مخططات الماسونية والصهيونية العالمية على إفقار الشعوب العربية من لغتها وثرواتها وعقيدتها لتصبح من بعد كلاً مباحاً لشراذمهم العدوانية. إن العولمة جريمة أو مؤامرة تقضي على الخصوصية التي تميز الشعب، وهي إعدام لمعنى الانتماء للأمة والجماعة وتذويب للفوارق التي تعني الأصالة والحضارة بكل أبعادهما الأخلاقية والتاريخية، وهي أولاً وآخراً قدر مفروض على المغلوبين لمصلحة الغالبين. نشر في مجلة (المعرفة) عدد (48) بتاريخ (ربيع الأول 1420هـ -يونيو/يوليو 1999م)
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 17-10-2005, 06:41 AM
سهيل الجنوب سهيل الجنوب غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 873
معدل تقييم المستوى: 20
سهيل الجنوب is on a distinguished road
د. الغذامي : العولمة نتاج إنساني واقعي


يرى الدكتور عبدالله الغذامي أن العولمة نموذج بشري واقعي وهو نظام كامل ولكنه ليس حصيناًالحل لايكون باستشعار الخوف وإنما بالتعامل الواقعي مع الأمور حسب ماورد في "مجلة المعرفة عدد 46 مايو 1999" يجب أن نعرف وأن نعترف... نعترف أولاً أن كل ما نقوله وما قلناه عن «العولمة» هو كلام أناس يشعرون بالخوف منها، وهم يخافون منها لأنهم خارجها «ليسوا فيها ولا منها ولا هي فيهم ولا منهم». وكل حديث عن العولمة حينئذ لن يكون عنها بما أنها «موضوع»، ولكنه سينقلب إلى حديث عنا نحن بما أننا قوم شاعرون بالتهديد، تماماً مثل شعورنا بالغزو الفكري وبخطر الحداثة وخطر «مابعد الحداثة» وخطر المؤامرات العالمية وخطر الفضائيات. شعورنا المستمر بالخطر وبالتهديد. هذا الشعور الذي يسود خطابنا وتفكيرنا ويحدد لغتنا ومصطلحاتنا وعلاقاتنا مع الآخرين ومع الذات. إذا كنا مهددين فعلاً ومعرضين لأخطار كثيرة فعلاً، فهل الحل بأن نحكي ونظل نحكي ونظل نتنقل من مصطلح إلى مصطلح، من الغزو الفكري والفضائي إلى العولمة وما بعد الحداثة؟ وهل ستأتي أخطار أخرى في المستقبل القريب أو البعيد؟ وهل سنعيد الكلام نفسه والتحذيرات نفسها؟ ثم ماذا؟ أليس لدينا برامج عمل تترادف مع برامج الكلام والتفكير؟ أليس لدينا نماذج نجاح من أي نوع في العلاقة مع العصر ومع الآخر؟ أنا أقول نعم.. لدينا بعض أمثلة لنجاحات من نوع ما فكرية واقتصادية وشيء من سياسية. وهذا معناه أن الإمكانية العقلية والخيالية لفرص النجاح واردة، وليست الأمور في إطار المستحيل، وليست الحالة حالة شيطانية لا يحلها إلا طقوس سحرية. إن العولمة نتاج إنساني، صنعها ويصنعها بشر، وهي نموذج عملي يعتريه ما يعتري أي نموذج بشري من النقص ومن الحساسية العملية، كما أنه طبعاً لن يكون نموذجاً ختامياً وسيأتي بعد العولمة نموذج متجاوز سيكون مرحلة «مابعد العولمة». هذا معناه-إذن- أن العولمة كائن نموذجي بشري، ومن هنا فإن التعامل يجب أن يكون في حدود شروط الفعل البشري، والتعامل معها لا يكون بالخوف والتخويف منها، وإنما يكون بأخذها مأخذ التفهم- أولاً- والنقد -ثانياً- والتحاور معها مباشرة بعد ذلك. كل الذين عرفوا الغرب وجامعات الغرب ومدارس الغرب الفكرية والفلسفية يعرفون أن فرص التحاور ممكنة جداً، بل إنها ميسورة وسلسة إلى أدق الحدود. ويعرفون أن الغرب ليس بعبعاً ولكنه طبعاً ليس بسيطاً ساذجاً، إنه نظام معقد ومركب وعميق، ولكنه ليس مستحيلاً وليس مخيفاً، كما أنه ليس نظاماً كاملاً وليس حصيناً. إنه قابل للاختراق بل إنه مفتوح للاختراق. ولا يخاف من الغرب إلا أولئك الذين يجهلونه، وأزيد فأقول إن الخائفين من العولمة هم -فحسب- أولئك الجاهلون فعلياً وعملياً بها. هذا لا يعني أن «العولمة» لا أخطار لها. لا... إن في العولمة أخطار، وهي أخطار كثيرة ليس علينا فحسب، وإنما على أصحابها أنفسهم أيضاً. وضحايا العولمة ونظامها الاقتصادي كثيرون جداً داخل أمريكا نفسها من جماعات المهمشين وغير المحظوظين اقتصادياً وثقافياً. مما يعني أن العولمة تحمل بذور مشكلاتها من داخلها وهي -طبعاً- جرثومة موتها. إن المعرفة بالغرب ونظامه وتركيبته الاجتماعية والثقافية تجعل الناظر إلى هذا الغرب يعلم بيقين أنه يتعامل مع «بشر» فيهم مافي البشر من قوة، وفيهم ما في البشر من نواقص وعيوب. وكذا هو نموذج «العولمة» بوصفه نموذجاً بشرياً يحمل عيوبه «فيه» ويحمل بذور موته، وهذا لا يعني نهاية المشكلة أبداً. إننا في هذه الحياة الدنيا معرضون دائماً ومتعرضون دائماً لكل أنواع التجارب والمطامع من غيرنا ومن بني جلدتنا ومن ذواتنا. والحلول ليست باستشعار الخوف، وإنما بالتعامل الواقعي مع الأمور. ولا ريب أن «العولمة» نموذج واقعي، وليست متعالية على الواقع ولا على شروط الفعل البشري. ولسوف نرى قريباً مرحلة «ما بعد العولمة» ولنا أن نحكي ونحكي.. لكن أرجو ألا نخاف. نشر في مجلة (المعرفة) عدد (46) بتاريخ (محرم 1420هـ -أبريل/مايو 1999م)

التعديل الأخير تم بواسطة : سهيل الجنوب بتاريخ 17-10-2005 الساعة 06:45 AM.
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصـــــــة أبكت الرسول عليه الصلاة والسلااام!!! العنيد المجلس الإســــلامي 13 11-08-2007 09:27 AM
مـكـتـبــــــة مـجـالـس العجمـــــان (( لصور العلمية )) ( الجزء الاول ) سهيل الجنوب مجلس الدراسات والبحوث العلمية 11 17-10-2005 06:09 AM
مـكـتـبــــــة مـجـالـس العجمـــــان (( كتب + دراسات + مقالات )) ( الجزء الاول ) سهيل الجنوب مجلس الدراسات والبحوث العلمية 15 17-10-2005 06:03 AM

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 07:15 PM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع