مجالس العجمان الرسمي

العودة   مجالس العجمان الرسمي > ~*¤ô ws ô¤*~المجالس العامة~*¤ô ws ô¤*~ > مجلس الدراسات والبحوث العلمية

مجلس الدراسات والبحوث العلمية يعنى بالدراسات والبحوث العلمية وفي جميع التخصصات النظرية والتطبيقية.

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 13-01-2006, 09:56 AM
سهيل الجنوب سهيل الجنوب غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 873
معدل تقييم المستوى: 20
سهيل الجنوب is on a distinguished road
عرض كامل لكتاب المسلمون في الولايات المتحدة الأمريكية / الدكتور عبد الرزاق الزهراني

خاص لموقع الدراسات والبحوث

بسم الله الرحمن الرحيم



المسلمون

في الولايات المتحدة الأمريكية

دراسة ميدانية



تأليف

د. عـبد الرزاق بن حـمود الزهـراني

أستـاذ مشارك في قـسم عـلم الإجـتماع

جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل

لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير )



ترجمة الدعاء الذي رفعة سراج وهاج في مجلس النواب الأمريكي في 52 يونيو 1991 م



بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله وحده رب العالمين وخالقهم .

الحمد لله الذي شكلنا ولوننا في أرحام أمهاتنا، فجعل منا الأبيض والأسود والبني والأحمر والأصفر. الحمد لله الذي خلقنا من ذكور وإناث وجعلنا شعوباً وقبائل لنتعارف.

يا رحمن يا رحيم يا عليم يا حكيم يا عادل يا الله. نعبدك أنت وحدك، ونسألك أنت وحدك أن تعيننا.

اهد قادة هذه الأمة الذين أعطوا مسؤولية جسيمة عن شؤون العالم، اهدهم يا الله وامنحهم الاستقامة والحكمة.

اهدنا وإياهم الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم، صراط عبيدك المؤمنين، صراط نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد. اهدهم وإيانا طريقاً غير طريق العاصين، المغضوب عليهم يارب العالمين .

فهرس الموضوعات

ا لموضوع



مقدمه............................................. .................................................. ...........

الفصل ا لأول: موضوع الدراسة وأطرها النظرية........................................... ..

موضوع البحث............................................. ..................................................

تساؤلات البحث............................................. .................................................

أهمية البحث............................................. .................................................. ...

الإطار النظري............................................ .................................................. ..

الدراسات السابقة .................................................. .........................................

الدراسات العربية........................................... .................................................

الدراسات ا لأجنبية........................................... ...............................................

الفصل الثاني: أمريكا الشعب والأرض............................................ ................. تمهيد............................................. .................................................. ............

الأرض............................................. .................................................. ..........

التركيب السكاني........................................... ..................................................

. الأسرة في المجتمع الأمريكي.......................................... ..................................

التدين في المجتمع الأمريكي.......................................... .....................................

الفصل الثالث: السكان المسلمون.......................................... ..........................

تاريخ دخول الإسلام إلى أمريكا............................................ ...............................

مسلموا ما قبل الحرب الأهلية........................................... ..................................

الهجرات الأولى .................................................. ...........................................

الجالية العربية .................................................. ............................................

الوضع السكاني (الديموجرافي)..................................... .....................................

مناطق تركز المسلمين .................................................. ..................................

الفصل الرابع: التنظيمات والمؤسسات الإسلامية .................................................. ..

التنظيمات المبكرة .................................................. ........................................

اتحاد المنظمات الإسلامية في الولايات المتحدة وكندا............................................. ...

اتحاد الطلبة المسلمين.......................................... ............................................

الاتحاد الإسلامي في أمريكا الشمالية.......................................... ..........................

جماعة الدعوة الإسلامية الأمريكية......................................... .............................

طائفة الحنفيين .................................................. ...........................................

دار الإسلام .................................................. .................................................

أنصار الله .................................................. ..................................................

أهم المراكز الإسلامية......................................... .............................................

جمعيات ومؤسسات أخرى .................................................. ....................................





الفصل الخامس: الإطار المنهجي للدراسة........................................... .........................

منهج الدراسة........................................... .................................................. .........

مجتمع الدراسة .................................................. ..................................................

عينة الدراسة وطريقة اختيارها .................................................. ..............................

الفصل السادس: عرض وتحليل بيانات الدراسة الميدانية......................................... ........

الفصل السابع: المركز الإسلامي في مدينة بولمان (دراسة حالة)......................................

الموقع .................................................. .................................................. ..........

سبب الاختيار .................................................. .................................................. ..

المعرفة الأولى بالمدينة.......................................... ................................................

بدايات نشأة المركز............................................ .................................................. .

شراء الأرض............................................. .................................................. ........

إنشاء المركز .................................................. .................................................. ..

لجان المركز............................................ .................................................. ..........

لجنة الدعوة .................................................. .................................................. ...

لجنة السجن.. .................................................. .................................................. .

اللجنة الاجتماعية........................................ .................................................. ........

لجنة الثلج .................................................. .................................................. .....

لجنة التربية والتعليم.......................................... .................................................. .

لجنة الرياضة........................................... .................................................. .........

اللجنة الإعلامية......................................... .................................................. ........

النشاطات النسائية.......................................... .................................................. ......

الفصل الثامن: تلخيص عام وخاتمة............................................ ...............................

المراجع .................................................. .................................................. ........

المراجع العربية .................................................. ................................................

المراجع الأجنبية.......................................... .................................................. ......

استبانه الدراسة .................................................. ...............................................




























مقدمة


تعـتبر الولايات المتحـدة الأمريكية من أكثر الدول في العالم، إن لم تـكن أكثرها، اسـتقـطابا للمهاجـرين. فسكانها يتكونون مـن فـئات اجـتماعـية ترجع في أصـولها إلى أماكـن كثيرة ومتـفـرقة من العـالم. ويعـكس ذلك كتاب (أمة من المهاجرين) بقلم الرئيس الأمريكي الراحل (جون كنيدي) الذي تحدث فيه عن الهجرات وقوانين الهجرة إلى أمريكا، وما جرى من تعديلات وتغييرات على تلك القوانين (كنيدي، 1965). ولعل أهم الفئات الاجتماعية (الإثنية) من غير الأنجلوساكسون والجرمانيين تتمثل في السود والآسيويين والهنود الحمر، و (التشيكانوز)، وهم الذين ينحدرون من أصول أسبانية وبرتغالية. كما أنه من النادر أن توجد دولة في العالم لم يهاجر منها أحد إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وإنما الاختلاف في عدد المهاجرين، فبعض الدول مثل سوريا ولبنان ومصر من العالم العربي هاجر منها أعداد كبيرة، والبعض الآخر لم يهاجر منها إلا أعداد قليلة لا تكاد تذكر مثل دول الخليج العربي.



ولقد جاءت فئات المهاجرين تحمل معها عقائدها وقيمها وأخلاقها وشيئا من تراثها. وبما أن الإسلام يعتبر من كثر الأديان انتشارا في العالم، فقد وصل إلى أمريكا في مراحل مبكرة جدا أعقبت اكتشافها من قبل كولومبس في عام 1495م بفترة وجيزة، إن لم تكن سبقته كما تشير بعض المصادر كما سنرى. ومن المحتمل أن بعض المسلمين وصلوا إلى أمريكا على السفن والبواخر التي أقلت (كولومبس) ومن معه، ولكنهم كانوا يخفون إسلامهم خوفاً من القتل والتعذيب، ولعل من المفيد أن نذكر أن الفترة التي تفصل بين إخراج المسلمين من الأندلس على يدي (فرديناند وإيزابلا) واكتشاف أمريكا هي حوالي ثلاثة أعوام تقريباً، حيث أخرج المسلمون في عام 1492 م، وتم اكتشاف أمريكا في عام 1495م. ومن المعلوم أن محاكم التفتيش فعلت فعلها في القضاء على الإسلام والمسلمين في تلك البلاد، وبقيت فئة سميت بـ (المورسيكيين) حافظت على إسلامها في الخفاء، وهاجر بعض أفرادها إلى أمريكا، واستمروا محافظين على إسلامهم خفية هناك. وأصبح في حكم المؤكد أن السود يعتبرون من أوائل من حمل الإسلام إلى أمريكا بصورة جماعية عندما أخذوا عنوة وأدخلوا في ذلك المعتقل الكبير، ومهما يكن من أمر الفئات المسلمة التي وصلت إلى أمريكا في القرون الماضية، فإن الذي لا شك فيه أن أعداد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية قد تزايدت في القرن العشرين، وخاصة في النصف الثاني منه، وبالأخص في العقدين الأخيرين.



فقد تزايد المهاجرون من العالم الإسلامي إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وكثرت البعثات، وتزايدت أعداد الداخلين في دين الله أفواجا، وخاصة من السود الذين يرون أن أصولهم إسلامية، وأن أسرهم عندما جيء بها إلى العالم الجديد كانت مسلمة. وزاد من إقبال السود على الإسلام ظهور زعامات ورموز قوية ونافذة من المسلمين السود، اشتهرت ليس على مستوى أمريكا فقط، وإنما على مستوى العالم كله، ويأتي في مقدمتهم مالكلوم إكس، ووارث الدين محمد، ومحمد على كلاي، ولاعب السلة المشهور عبد الكريم عبدالجبار وغيرهم.

ونتيجة لذلك كله، شهد العمل الإسلامي في الولايات المتحدة الأمريكية نقلات وخطوات كبيرة إلى الأفضل والأحسن، منها العمل على تصحيح بعض المعتقدات المنحرفة عند بعض الطوائف والجماعات المنتمية إلى الإسلام، ومنها التوسع في إنشاء المؤسسات والجمعيات والمراكز والمدارس الإسلامية، ومن تلك النقلات المهمة استخدام وسائل الإعلام الحديثة من إذاعة وتلفزيون وصحافة وأشرطة في الدعوة الإسلامية، وبعدد من اللغات.



ويأتي هذا البحث محاولة لدراسة أوضاع الأقلية المسلمة في الولايات المتحدة الأمريكية وقد حوى ثمانية فصول، خصص الفصل الأول لموضوع البحث وأهميته وأطره النظرية ومراجعة الدراسات السابقة. وخصص الفصل الثاني للحديث عن أمريكا من ناحية جغرافيتها، وتركيبتها السكانية، والنظام الأسري فيها، والتدين في المجتمع الأمريكي. أما الفصل الثالث فتم فيه استعراض الجانب السكاني (الديموجرافي) للمسلمين في أمريكا من حيث تاريخ وصولهم إليها، وتطور الهجرات من البلدان الإسلامية، وتقدير أعدادهم ومناطق تركزهم. وفي الفصل الرابع تم استعراض نشأة وتطور الجمعيات والجماعات الإسلامية. أما الإطار المنهجي للدراسة فتم استعراضه في الفصل الخامس. والفصل السادس حوى التقرير والجداول المتعلقة بالدراسة الميدانية. أما الفصل السابع فكان دراسة حالة لأحد المراكز الإسلامية في أمريكا. واختتمت الدراسة بالفصل الثامن وهو تلخيص لأهم ما ورد فيها، وأهم ما توصلت إليه من نتائج، مع بيان أهم التحديات التي تواجه المسلمين هناك. وفي الختام قدمت بعض التوصيات لدعم المسلمين ومساعدتهم على المحافظة على هويتهم ونشر الإسلام، والتأثير في صناعة القرار هناك.



ولا يفوتني هنا أن أتقدم بالشكر الجزيل لكل من أسهم في مساعدتي في هذه الدراسة، فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله ، وأخص بالشكر الدكتور أحمد توتنجي الذي قدم لي كثيراً من المعلومات والتقارير عن المسلمين في أمريكا، كما يمتد شكري للأخوة خالد التركي وعبدالعزيز العبود وأحمد يونس الذين كانوا يدرسون في جامعة ولاية واشنطن على استضافتي أثناء وجودي بينهم وتحكيم استمارة البحث. ويمتد شكري للأستاذ الدكتور عبدالرحيم بن حمود الزهراني الأستاذ بقسم الهندسة المدنية في جامعة الملك عبدالعزيز على مساعدته في رسم المسقط الأفقي للدور الأول والدور الأرضي للمركز الإسلامي في مدينة بولمان، كما أشكر الأستاذ أحمد بن سالم الزهراني أمين عام اللجنة العليا للإصلاح الإداري في معهد الإدراة على قراءة أصول هذا البحث وإبداء ملاحظات لغوية، وتصويبات مطبعية، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الرياض 28/ صفر/ 1419 هـ د. عبدالرزاق بن حمود الزهراني

الموافـق 1/ يـونـيو/ 2000 م


















الفصل الأول
موضوع البَحث وأُطرهِ النَظرية





موضوع البحث :



يُعنى هذا البحث الاستطلاعي بدراسة الإسلام والمسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية، مع التركيز على الجوانب الاجتماعية والتاريخية، ومحاولة تقييم فهم بعض جماعات السود للإسلام وخاصة في المراحل المبكرة، عندما كان الاتصال بين العالم الإسلامي وأمريكا شبه معدوم، ومن ثم ضعفت المصادر التي يمكن الاعتماد عليها في فهم الإسلام في صورته النقية من قبل الفئات التي كانت تعيش في أمريكا والتي كان معظمها من السود، ولذلك فإن هذا البحث سوف يشمل تغطية للهجرات الإسلامية الأولى، وما واجهته في العالم الجديد من عقبات ومصاعب، مع محاولة لإبراز دوافع الهجرة من دفع وجذب، وسيكون التركيز على الهجرات التي تمت في القرن العشرين، مع محاولة لمعرفة المواطن الأصلية للمهاجرين. وسوف يغطي البحث مراحل نشأة بعض الجماعات والجمعيات والمؤسسات الإسلامية، وما قامت به من دور روحي واجتماعي لمساعدة المسلمين على الثبات على دينهم ودعوة الآخرين إليه.



وللمسلمين السود دور كبير في نشر الإسلام في تلك الديار، وخاصة ً بين بني جلدتهم، ولذلك سوف يغطي البحث معاناتهم أثناء فترة الاستعباد وما بعدها، وجهودهم وبعض جماعاتهم، وسوف يتناول البحث بالدراسة بعض الجوانب الاجتماعية للمسلمين هناك، مثل التعليم، والزواج، والتكافل، وتوفير المواد الاستهلاكية المشروعة، والتنافس، وعلاقاتهم بالمجتمعات المحلية، وما يعانونه من صعوبات ومضايقات، وما يتمتعون به من فرص ومزايا، إن وجُـدت.



تساؤلات الدراسة :



سوف تحاول هذه الدراسة الإجابة على التساؤلات التالية:



1- ماهي تركيبة وخصائص المجتمع الأمريكي الذي يعيش المسلمون بين ظهرانيه؟.

2- ما هو الوضع السكاني (الديموجرافي) للمسلمين هناك من حيث الهجرات وأنواعها وأسبابها، وتقديرات أعداد المسلمين ومناطق تركزهم؟.

3- ماهي أهم الجمعيات والجماعات الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية؟ وكيف تطورت؟.

4- ما هو وضع الأسرة المسلمة في أمريكا من حيث الزواج بغير المسلمات ومعدلات الطلاق، وتنشئة الصغار وتعليمهم؟.

5- كيف يؤمَّن المسلمون احتياجاتهم الاستهلاكية بالطرق التي تتفق مع تعاليم الإسلام وقيمه؟ وما هي الصعوبات المرتبطة بذلك؟.

6- ماهي علاقة المسلمين بغيرهم من الفئات الاجتماعية؟ وهل يواجه المسلمون مضايقات وممارسات عنصرية؟

7- ما هي أكثر الفئات إقبالاً على الإسلام؟.



أهمية البحث :

تفتقر المكتبة العربية إلى دراسة أو بحث يتسم بالشمول حول الإسلام والمسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية. ولعل جانبأ من أهمية هذا البحث يكمن في تطلعه إلى إكمال بعض ذلك النقص، وتقديم دراسة حديثه حول هذا الموضوع للقارئ المسلم بشكل عام، وللمهتمين بدراسة الأقليات الإسلامية في العالم بشكل خاص. ومن المتوقع أن يكون البحث حلقة وصل بين المسلمين في الولايات المتحدة والقارئ العربي، وخاصة أولئك الذين لم تتح لهم الفرصة لزيارة أمريكا أو العيش فيها، ومعرفة أحوال المسلمين من كثب، فكثير من القراء والباحثين يتطلعون لمعرفة المزيد عن أوضاع المسلمين في تلك الديار، ومعرفة ما يحققونه من نجاحات للاستفادة منها في أماكن أخرى من العالم إن أمكن، وما يواجهونه من عقبات لمساعدتهم في تجاوزها.



وجانب آخر من جوانب أهمية البحث يتمثل في أهمية الولايات المتحدة الأمريكية، وما تلعبه من دور في العالم المعاصر، وخاصة بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، فهي أقوى دولة في العالم ولها تأثير كبير في تسيير السياسة الدولية، وسياسة الحكومة الأمريكية تتأثر بما تواجهه من ضغوط داخلية من قبل الأقليات المختلفة، فكلما كان وضع الأقلية ونفوذها قويأ كان تأثيرها في صناعة القرار الأمريكي قويأ ونافذأ كذلك، ولعل اللوبي الصهيوني وما يفعله اليهود لتوجيه السياسة الأمريكية لخدمة المصالح الإسرائيلية أكبر شاهد على ذلك، والمسلمون في تلك الديار قوة صاعدة ومتنامية، و إذا أحسن المسلمون تنظيم صفوفهم وتوحيد قواهم، فإن تأثيرهم سيتزايد ويقوى، وسيكون لهم تأثير في صناعة القرار الأمريكي المتعلق بقضايا المسلمين.



ا لإطار النظري :

المسلمون في الولايات المتحدة الأمريكية أقلية ويمكن النظر إليهم على أنهم (جماعة إثنية). ويُعرف الباحث الجماعة الإثنية بأنها (كل جماعة تجمع أفرادها هوية عامة مشتركة) مثل الدين واللغة واللون والجنس. وعلم الاجتماع يحوي عدداً من النظريات الكبرى التي يمكن توظيفها في دراسة الأقليات والجماعات الإثنية، ومن أشهر تلك النظريات (النظرية الوظيفية) التي تنظر إلى المجتمع على أنه مكون من عدد من الأنساق، كل نسق له وظيفة تحتاجها الأنساق الأخرى، وذلك النسق بحاجة إلى ما تقدمه الأنساق الأخرى من وظائف، وبهذا تترابط تلك الأنساق وتتآزر كما تترابط وتتآزر أعضاء الجسم لحاجة كل منها إلى الآخر، ويمكن استخدام تلك النظرية لدراسة الأقلية كبناء اجتماعي له أنساقه المختلفة، مثل النسق الاقتصادي والتربوي والسياسي والإعلامي والثقافي... وبهذا يمكن تتبع العلاقة والتكامل بين تلك الأنساق للوصول إلى الأهداف العامة للجماعة، التي يأتي في مقدمتها المحافظة على الهوية العامة للجماعة، وتقوية درجة الترابط والتكاتف بين أعضائها (انظر: أحمد، 1985).



وفي الجماعات الإثنية والأقليات يكون الترابط غالباً آلياً. والترابط الآلي يجذب الفرد إلى الجماعة ليصبح عضوا فيها بطريقة آلية،. وغالباً ما تكون عضوية الفرد في تلك الجماعة معروفة منذ ولادته، أو من اللحظة التي يغير فيها عقيدته، فالترابط الآلي يقوم على الدين، والعادات، والتقاليد، وروابط الدم والعصبية مثل الجماعات الدينية، والجماعات القبلية والعرقية، وهذا النوع من الترابط ينتشر في المجتمعات والجماعات البسيطة (انظر: أحمد، 1985: 98)



وبالنسبة للمسلمين تعتبر العقيدة أقوى وأهم رابط يربط بعضهم ببعض، وهي بوتقة الانصهار الكبرى التي استطاعت عبر التاريخ أن تضم تحت لوائها شعوبأ وقبائل متفرقة من مشارق الأرض ومغاربها، واستطاعت تلك العقيدة أن تحطم حواجز اللغة واللون والجنس وغيرها من الحواجز، وأن تنشئ حضارة شاركت فيها عناصر من تلك الشعوب والقبائل المختلفة، والنصوص التي تدعم هذا النوع من الترابط وتؤازره كثيرة في القرآن الكريم والسنة المطهرة، قال تعالى إنما المؤمنون إخوة)، الحجرات: 10، وقال سبحانه: (يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبأ وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير)، الحجرات: 13، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)، ويقول صلى الله عليه وسلم (لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى) ويقول في حديث آخر (المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً).



وشن الإسلام حربأ لا هوادة فيها ضد العنصرية بصورها المختلفة التي كانت تنتشر في المجتمع العربي الجاهلي، فألغى جميع عناصر التفاضل وحصرها في عنصر واحد هو (التقوى) فالآية السابقة تشير إلى أن أكرم الناس عند الله هو أتقاهم وليس من كان لونه أبيضأ أو كان من أسرة أو قبيلة معينة، ومن أحاديث الرسول التي تحارب العنصرية قوله صلى الله عليه وسلم (من مات على عصبية مات ميتة جاهلية) ويقول (دعوها (أي العصبية) فإنها منتنة) ونتن العصبية نتن اجتماعي، يشيع البغضاء والفرقة والتدابر والتناحر. وبهذا استطاع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن يشيد مجتمعأ نموذجيأ قائمأ على التقوى والإخاء والتعاون، شارك في بنائه، بالإضافة إلى عناصر من القبائل العربية المختلفة، ممثلون للشعوب والأمم الأخرى مثل بلال الحبشي، وسلمان الفارسي، وصُهيب الرومي. ويمكن النظر إلى الترابط الوظيفي بين المسلمين في الولايات المتحدة على أنه يقتفي هذا الأثر، فأنت تجد في المسجد الواحد ممثلين لطوائف من المسلمين جاؤا إلى أمريكا من جميع أركان المعمورة، يمثلون أعراقأ وأجناسأ وألوانأ ولغات مختلفة، جمعتهم عقيدة الإسلام في ترابط آلي يلغي جميع الحواجز، أو يضعفها ويقلل من تأثيرها على تلك الجماعات، ولهذا لا غرابة أن نجد أعداد الذين يدخلون في الإسلام في أمريكا في تزايد مستمر، وخاصة من قبل الفئات التي تعاني من العنصرية والاضطهاد، فالتكامل الوظيفي بين فئات المجتمع المسلم وأنساقه المختلفة حتمية يمليها الإسلام على أتباعه والمؤمنين به، وخاصة عندما تكون تلك الجماعة أقلية كما هو حال المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يعانون من خطر الذوبان، ومن طغيان الثقافة الأمريكية بمغرياتها المختلفة، ويحتاجون إلى إيجاد المؤسسات التي تفي باحتياجاتهم المختلفة، مثل الاحتياجات الروحية والنفسية والغذائية المتفقة مع الشريعة الإسلامية، والاحتياجات التربوية لأبنائهم، والاحتياجات الاقتصادية والإعلامية والطبية، وغيرها من الاحتياجات.



والصراع سنة من سنن الحياة منذ أن بدأ بين آدم وإبليس، ومنذ أن أخُرج آدم من الجنة، ومنذ قتل قابيل أخاه هابيل، والصراع والتنافس والتدافع قائم بين الحق والباطل، بين الخير والشر، بين الرسل وأتباعهم من جهة، ومناوئيهم والكافرين بهم من جهة أخرى، وإذا كان الماركسيون من أكثر الذين استخدموا هذا المصطلح، وحصروا الصراع بين الطبقات الغنية والفقيرة، وبين العمال والملاك، فإن ذلك لا يمنع من توظيف النظرية الصراعية في دراسة جوانب الحياة المختلفة، وخاصة عند دراسة الأقليات والجماعات الإثنية التي تكافح وتناضل من أجل البقاء، ومن أجل المحافظة على دينها وعقيدتها وكيانها، والصراع له صوره وميادينه المختلفة، فهناك صراع مواجهة واقتتال، كما حدث بين البيض القادمين من أوربا والهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين، وهناك صراع إعلامي ودعائي كما يحدث بين العرب واليهود على الساحة الأمريكية، وهناك صراع ثقافي حول القيم والأعراف والعادات والتقاليد وطريقة الحياة، ويعتبر الاقتصاد من أفسح وأوسع ميادين الصراع، ويكون بين المؤسسات في الدولة الواحدة، وبين المؤسسات من دول مختلفة مثل شركات صناعة السيارات، ويكون الصراع والتنافس الاقتصادي بين الدول والشعوب، ولقد كان الاقتصاد سبباً لكثير من الحروب الأهلية والدولية، واستخدم سلاح عقوبة. وفي الولايات المتحدة يلعب الاقتصاد دورا كبيراً في ترسيخ نفوذ الجماعات الإثنية المختلفة، وبعض المؤسسات الاقتصادية مسخر لخدمة بعض الأقليات أو الجماعات الإثنية، ولا تسمح بالعمل فيها إلا لمن يقدم ولاءه لتلك الجماعة ويسعى إلى خدمتها، أو على الأقل يلتزم الصمت حيال ممارساتها وأخطائها (انظر: فندلي، 1990 م). ومن النظريات التي يمكن توظيفها واستخدامها عند دراسة الأقليات

نظرية (التفاعل الرمزي) والتي تركز على الاتجاه والمعنى والرموز المتبادلة بين الأفراد، ويتم في إطارها التفاعل والتفاهم، وتأتي اللغة في مقدمة قنوات التفاعل الرمزي، ومن أبرز رواد هذا الاتجاه (تشالز كولي، C.Cooly) الذي يرى أنه لكي يوجد مجتمع لا بد أن يلتقي الأشخاص مع بعضهم في مكان ما، ويتم اللقاء على المستوى الفكري في العقل، فالمجتمع يوجد في عقل الشخص على شكل أفكار معينة، وفي هذا الاتجاه طور (كولي) مفهومه عن الجماعات حيث قسمها إلى جماعات أولية وجماعات ثانوية، فالجماعات الأولية تتصف بالعلاقات الحميمة والمباشرة (وجهاً لوجه) Face to face) ) والتعاون بين أعضائها، وهي أساسية في تشكيل مُثـُل الفرد، وقيمه وطبيعته الاجتماعية، والنتيجة النفسية لتلك العلاقة الحميمة هي امتزاج الأفراد في كل مشترك بحيث تصبح ذات كل فرد هي الحياة المشتركة للمجموعة، وربما كانت أبسط طريقة نصف بها هذا الشكل الجماعي المشترك هي استخدام ضمير الجماعة للمتكلم (نحن، (We) والذي يدل على قوة البناء الاجتماعي والتوحد المتبادل بين الأعضاء، فالعضو يعيش في شعور المجموع ويجد أهدافه الأساسية في ذلك الشعور (أنظر: احمد، 1985: 239- 0 24).



أما الجماعات الثانوية فإنها لا تتصف بالقوة والمباشرة والتعاطف، وتعتبر الجماعة الدينية جماعة أولية يجد الفرد نفسه فيها ويدافع عن قيمها ومبادئها ومعتقداتها لأنها معتقداته هو، والمساجد واللقاءات والمحاضرات من الأمور التي لها انعكاساتها الرمزية في نفوس أتباعها ونفوس معارضيها.



الدراسات السابقة :

ظهر عدد من الدراسات العامة والمتخصصة عن المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية باللغتين العربية والإنجليزية وعدد الدراسات التي ظهرت باللغة الإنجليزية في العقدين الأخيرين أكثر، وسوف نستعرض فيما يلي أهم الدراسات العربية ثم نتلوها باستعراض لأهم الدراسات الأجنبية.



الدراسات العربية :

خرجت دراسات عن أمريكا والحياة فيها بأقلام كتاب مسلمين، ومن منطلق إسلامي، ومن تلك الدراسات ما قام به صلاح عبدالفتاح الخالدي حيث أخرج دراسة بعنوان: (أمريكا من الداخل بمنظار سيد قطب) جمع فيها آراء سيد قطب حول أمريكا، والتي كتبها في مقالات خاصة، أو رسائل بعث بها إلى أصدقائه، أو بثها في كتبه المختلفة، حيث يصور حياة الأمريكيين، ويقوّم مبادئهم وعلاقتهم بالمسلمين، والكتاب يفيد في تصوير بعض جوانب الحياة في أمريكا في النصف الأول من الخمسينات الميلادية، وهي الفترة التي قـُدر لسيد قطب أن يقضي جزءا منها في أمريكا (الخالدي،1406 هـ). ويؤخذ على الكتاب أنه لم يحاول أن يبرز الجوانب الإيجابية في الحياة الأمريكية، ليحقق بذلك شيئاً من التوازن والموضوعية، التي يدعو إليها الإسلام، قال تعالى: ( يأيها الذين آمنوا لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى ) المائدة: 8.



وألف (مختار خليل المسلآتي) كتاباً بعنوان: (أمريكا كما رأيتها: مذكرات شخصية، تحليل سياسي، اجتماعي، مقارنة) تحدث فيه عن تجربته في أمريكا كمبتعث في النصف الأول من الثمانينات الميلادية، وكما هو واضح من العنوان، فقد تناول المؤلف هيكل الحكومة الأمريكية وكيفية عملها، وقارنه ببعض جوانب الحكم في الإسلام، واستعرض بعض الجوانب الاجتماعية معتمداً في ذلك على ما تبثه وسائل الإعلام وخاصة الصحافة والتلفزيون من قضايا اجتماعية تتعلق بالجريمة، وجنوح الأحداث، والمخدرات، والعلاقات الاجتماعية المختلفة، وخاصة العلاقات الأسرية، وتحدث فيه أخيرا عن تجربته كمبتعث وعن الأشخاص الذين قابلهم وتعامل معهم، وقد أورد كثيرا من المعلومات عن المراكز الإسلامية التي زارها، والمسلمين الذين أسلموا وقابلهم، وبعض الجماعات الإسلامية التي تعامل معها، والكتاب يحوي معلومات كثيرة، ويتحدث عن أمريكا من وجهة نظر إسلامية، ويعتبر مرجعاً جيدا لتكوين صورة عامة عن الحياة في أمريكا لمن ينوي زيارتها لأول مرة (المسلآتي، 1406 هـ ، 1986م ).



ومن الدراسات المباشرة عن الإسلام والمسلمين في أمريكا تلك الدراسة الميدانية التي قام بها (عاطف وصفي) عن الجالية اللبنانية المسلمة في حي (ديربورن)، بمدينة (ديترويت) وقد نال بها درجة الدكتوراه في علم الاجتماع وعلم الإنسان من جامعة ولاية (ميتشجان) سنة 1964 م، وقد نشر ملخصاً للدراسة ضمن كتابه (الأنثروبولوجيا الثقافية)، تحدث في دراسته عن تاريخ هجرة اللبنانيين المسلمين إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وتأثرهم بالنجاحات التي أحرزها المهاجرون اللبنانيون النصارى الذين بدأت هجرتهم منذ حوالي عام 1875 م، وذكر أن معظمهم لم يكن ينوي الاستمرار في الإقامة في أمريكا، ويشير إلى أن عدد المسلمين قد تزايد بعد عام 1914م، وهو العام الذي أعلن فيه (فورد) عن حاجة مصانعه إلى مزيد من العمال، وقدم أجوراً مغرية كانت سبباً في هجرة الكثيرين.

وتركز الدراسة على حي (ديربورن) حيث أقام الباحث في الحي وقابل معظم سكانه، وتحدث عن عوامل تماسكهم، وذكر أن الإسلام هو أهمها، وتحدت عن تلوث الحي من جراء دخان مصانع السيارات، كما تحدث عن ا لجامع، والنادي، والحوانيت، و المقاهي، والمطاعم، و المدرسة، و ا لفنا دق، والمكتبة باعتبارها منشآت تخدم سكان الحي المسلمين. واستعرض الباحث في دراسته الحالة الاقتصادية، والتعليمية، والوضع ا لأسري وصراع الأجيال، والنشاط الديني، كما استعرض تاريخ إنشاء الجمعيات في الحي، وتحدث عن علاقة سكان الحي بغيرهم، سواء من المسلمين في الأحياء الأخرى أو غير المسلمين. وقام الباحث بتحليل عملية الامتزاج الثقافي وأساليبه، وعوامل التكيف الاجتماعي والثقافي، وتعتبر هذه الدراسة من أقرب الدراسات إلى موضوع هذا البحث، إلا أنها تعتبر قديمة إلى حد ما، وتتحدث عن جماعة صغيرة في أحد الأحياء بمدينة (ديترويت) وهي مفيدة في تكوين الخلفية التاريخية والثقافية والاجتماعية عن المجتمع المسلم في أمريكا في الستينات الميلادية (وصفي، 1971 م).



ومن الدراسات التي كتبت عن الجالية العربية، دراسة بعنوان: (العرب في أمريكا: نظرة تاريخية) من إعداد (الكسنان) كانت قد نُشرت في (موسوعة هارفارد للمجموعات العرقية الأمريكية) عام 1980 م، وقد اعتمدت الباحثة على أحاديث أجرتها مع الجيلين الأول والثاني من المهاجرين، وعلى معلومات مأخوذة من مذكرات وصحف وكتب، وتذكر أن عدد العرب آنذاك يقدر بمليوني نسمة، 90% منهم نصارى، و10% مسلمون. وقد غطت الدراسة الهجرات المبكرة، والقيم العائلية والحياة الاقتصادية للمهاجرين، وتحدثت عن المؤسسات الدينية، وعن الصحافة، والمؤسسات الثقافية، وتذكر أن أول صحيفة عربية صدرت في (نيويورك) سنة 1892 م، وتحدثت الباحثة عن التغيرات التي طرأت على الأسرة المهاجرة، وتغير الكثير من عاداتها، سواء كانت الأسرة مسلمة أم نصرانية (إلكسنان، 1985 م).



ومنها دراسة بعنوان (الهجرة من سوريا) من إعداد (نجيب صليبا) ركز فيها على دور السلطات العثمانية في دفع السوريين إلى الهجرة، وأبرز فيها عوامل الجذب والفرص المختلفة في أمريكا، وبين أن الكتابات المتعلقة بالهجرة- بما في ذلك مذكرات المهاجرين تدل على أن الاضطهاد الديني كان عاملا إضافياً، وليس عاملا أساسياً في الدفع إلى الهجرة، وقد ركزت الدراسة على المهاجرين النصارى، ولم يرد ذكر المسلمين إلا لماما، ومن ضمن ما ذكره الكاتب عن المسلمين أن معظمهم فضل الهجرة إلى مصر بدلا من أمريكا، وذلك خوفاً على دينهم ومستقبل أسرهم (صليبا، 1985م).



وتعتبر دراسة (أيفون حداد) بعنوان: (المسلمون العرب والمؤسسات الإسلامية في أمريكا: التكيف والإصلاح) من أقرب الدراسات إلى موضوع بحثنا، فقد تحدثت فيه الكاتبة عن مراحل هجرة المسلمين إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وعن دور الطلاب في إنشاء التنظيمات والمؤسسات الإسلامية، مركزة على إبراز دور (اتحاد الطلبة المسلمين، (MSA) باعتباره من أكبر الهيئات الإسلامية وأكثرها نشاطاً، كما تحدثت عن التطورات والتغيرات التي شهدتها عادات المسلمين في البيئة الجديدة، والدور الذي تقوم به المساجد، والذي يختلف عن الدور الذي تقوم به في الشرق، وتتحدث عن حركة الإصلاح التي بدأت في السبعينات الميلادية، التي تعتبر امتدادا للصحوة الإسلامية في العالم كله (حداد، 1985 م).



وهناك عدد من الدراسات جاءت بمثابة دراسة حالة للجاليات العربية في (ديترويت)، منها دراسة بعنوان: (الجالية العربية الأمريكية في ديترويت: بحث عن مدى التنوع والعمومية) من إعداد (سمير ابراهام)، ويقدر عدد العرب في (ديترويت) بحوالي مئتي ألف (000، 200) شخص، ينتمون إلى أربع مجموعات هم اللبنانيون، والفلسطينيون، واليمنيون، والعراقيون، وينتمون إلى عدد من المذاهب والديانات، ومن أهم عوامل التمايز في نظر الكاتب المؤسسات الدينية والاجتماعية، أما العوامل المشتركة فتتمثل في اللغة، والتراث الثقافي، والشخصية. وقد قام الباحث بمسح للأبحاث المنشورة حول الموضوع لإعطاء صورة عامة عن الجالية، مع التركيز على التنوع فيها، كما تحدث عن أنماط الهجرة وعواملها، وأنماط الإقامة، وعوامل الوحدة بين الجاليات (ابرهام ، سمير: 1985 م).



ودراسة أخرى بعنوان: (جالية المهاجرين اليمنيين في ديترويت: جذورهم وحياتهم الاجتماعية) بقلم (نبيل ابرا هام) اعتمد فيه على دراسة ميدانية استمرت ثمانية عشر شهراً، من سبتمبر 1975م، إلى مارس 1977م. ويناقش جذور المهاجرين من اليمن وأحوالهم الاجتماعية والاقتصادية، وأنماط الهجرة والدوافع إليها، كما يصف الباحث المهاجرين وأعمالهم وتوزيعاتهم السكنية، ومحيطهم الاجتماعي، وأسلوب حياتهم على ضوء أهدافهم ومواقفهم تجاه المجتمع المضيف، حيث يظهر من خلال البحث أن هناك من ينوي العودة، وهناك من ينوي الاستقرار من المهاجرين، وقدر عدد المهاجرين ما بين خمسة إلى ستة آلاف في منطقة (ديترويت)، ويذكر الباحث أن أغلب المهاجرين متزوجون، ولكن 90% منهم لم يصطحبوا عائلاتهم معهم إلى أمريكا، وتتراوح أعمارهم ما بين العشرينات والثلاثينات، وأكثرهم أميون وأشباه أميين، وفلاحون غير مهره، ومعرفتهم بالإنجليزية قليلة أو معدومة (ابراهام، نبيل:1985م).



ومن الدراسات التي ركزت على العرب المسلمين تلك الدراسة التي بعنوان: (ساوث إند: الجالية العمالية العربية المسلمة) بقلم كل من (سمير ابراهام، نبيل ابراهام، وباربرا أسود) و (ساوث إند) حي من أحياء (ديربورن) في ديترويت، ويرى الباحثون أن الجالية التي تسكن هذا الحي تعتبر من أقدم الجاليات المسلمة العربية وأكثرها كثافة في شمال أمريكا، وتعتبر منطقة (ساوث إند) منطقة استقبال للمهاجرين العرب القادمين إلى (ديربورن) و (ديترويت) ويسكنها لبنانيون، وفلسطينيون، ويمنيون، يشتركون في الدين واللغة والتراث الثقافي، وهي جالية عمالية لديها مسجد، ومقهى عربي يقومان بدور مهم في حياة الجماعة، وقد تحدث الباحثون عن المسجد والمقهى حديثاً طويلأ وشاملأ، ويمثل العرب حوالي 80% من سكان الحي، ويستخدمون اللغة العربية في محادثاتهم، وفي اللوحات التي على محلاتهم التجارية، وكثير منهم يلبس ملابس الوطن الأم، وثلاثة أرباعهم يملكون منازلهم (ابراهام وآخرون، 1985 م). وسوف يستعين الباحث ببعض الأرقام والإحصاءات التي وردت في تلك الدراسة.



وألف جمال قاسم كتاباً بعنوان (العرب في أمريكا: دراسة لتاريخ الهجرة العربية إلى الولايات المتحدة الأمريكية) تتبع فيه تاريخ الهجرات العربية إلى هناك، وخصص الفصل السابع منه للحديث عن المسلمين العرب والمؤسسات الإسلامية، وأشار فيه إلى دوافع تلك الهجرة وأسباب تأخرها، والمراحل المختلفة التي مر بها نمو المؤسسات الإسلامية، وتحدث عن الحركة الإسلامية في تلك البلاد وعن أهدافها المختلفة ( قاسم،1988م ؟).


وهناك مجموعة من الدراسات عن المسلمين السود في أمريكا منها دراسة (دنيس ووكر) بعنوان (علاقة الأفارقة الأمريكان بالإسلام في التاريخ الماضي والمعاصر) وهو عبارة عن سلسلة من المحاضرات تناول فيها تاريخ هجرات السود القسرية إلى أمريكا كرقيق، وعن ثقافتهم، وما عانوه هناك من ظلم وعذاب، وتأثرهم بحركة السود المسلمين في البرازيل في العودة إلى الإسلام، ثم تتبع نشوء جماعاتهم وتطورها (ووكر، 1397 هـ 1977 م). ومن الدراسات التي تناولت

موضوع المسلمين السود في أمريكا دراسة قيصر الزين بعنوان (الأفرو إسلامية في الولايات المتحدة) حاول فيها فهم الحركات المعاصرة وسط الجماعات السوداء المسلمة عن طريق عرض وتحليل بعض مظاهرها، وتحليل ارتباطاتها التاريخية من جهة، وعلاقتها بمجمل السياق الثقافي الذي يحكم أوضاع المجتمع الأمريكي عامة والمسلمين فيه بوجه خاص (الزين، 1990 م).


هذا وهناك الكثير من الكتابات عن أمريكا التي قام بوضعها رحالة وصحفيون يصفون فيها مشاهداتهم ويتحدثون فيها عن عجائب الحياة في أمريكا، وهي في معظمها انطباعات شخصية، ونادراً ما تتعرض للحديث عن أوضاع المسلمين أو همومهم، ومن ذلك ما كتبه أحمد مصطفى بعنوان (مهاجر إلى أمريكا) (مصطفى، 1979 م) وسامي الكيال بعنوان (يوميات عربي في أمريكا) (الكيالي، 1961 م) و عبدالله الغذامي بعنوان (رحلة إلى جمهورية النظرية: مقاربات لقراءة وجه أمريكا الثقافي) وكان قد نشر الكتاب في سلسلة من المقالات في جريدة الشرق الأوسط، ثم جمعت ونشرت ضمن سلسلة كتاب الشرق الأوسط (الغذامي، 1995 م). ويعتبر كتاب عبدالقادر طاش بعنوان (أمريكا.. والإسلام: تعايش أم تصادم) الذي نشر ضمن سلسلة كتاب (المسلمون) من أفضل ما كتب في المجال الصحفي عن علاقة المسلمين عموماً بأمريكا، وقدم فيه كثيرا من المقابلات والآراء الأمريكية والمسلمة عن مستقبل العلاقة بين الطرفين، ودعم كتابه بوثائق مهمة في هذا الجانب، والكتاب خطوة مهمة لردم الهوة وتقريب وجهات النظر ووضع أرضية مشتركة للتعاون والتعايش بين الطرفين (طاش، 1414هـ ، 1993م).



الدراسات الأجنبية :

هناك كثير من الدراسات التي ظهرت باللغة الإنجليزية عن المسلمين في أمريكا، بعضها فيه شمول ويتحدث عن وضع المسلمين عموماً، وبعضها خاص يتحدث عن جماعة من الجماعات، أو قضية من قضايا المسلمين هناك، مثل السود، والأسرة، والاقتصاد، والتعليم. وتتزايد تلك الدراسات من فترة لأخرى تبعاً لتزايد أعداد المسلمين هناك، وزيادة نشاطاتهم، واندماجهم في الحياة العامة، والتفاعل معها.



وتعتبر دراسة ايفون حداد وأدير لومس، Y.Haddad and A. LUMMIS بعنوان (القيم الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية: دراسة مقارنه، Islamic Values in the United States : A Comparative Study من أشمل الدراسات الميدانية ومن أقربها لموضوع دراستنا، ولذلك سوف نستعرضها بشيء من التفصيل.



يذكر الباحثان أن جدوى دراستهما تـنبع من أن هجرة المسلمين، وتأسيس الجماعات الإسلامية لم تدرس إلا قليلا في التاريخ الأمريكي. والدراسات الموجودة على قلتها تعاني من نقص في المعلومات، وكثير منها دراسات لحالات خاصة، وقليل من تلك الدراسات قدّم فهماً مقبولاً للهجرات الجديدة، وخصائص المهاجرين الجدد، وتفتقد تلك الدراسات محاولة تحليل التفاعل بين الأجيال، وبين الأعراق، والضغط العالمي الذي يمارس على المساجد وبرامج التعليم لتلك المؤسسات الإسلامية، ولذلك هدفت الدراسة، كما يقول الباحثان إلى تغطية الموضوعات التالية Haddad and : Lummis, 1987:6-7



1- درجة الاختلاف بين المسلمين في فهم وتطبيق بعض القوانين الإسلامية، والإقلاع عن البعض الآخر بناء على العمر والجنس، وفترة العيش في أمريكا، والخلفية الوطنية، ونوع العمل، ودرجة التعلم، وغيرها من ا لعوامل.



2- درجة التكيف مع الحياة الأمريكية بالنسبة للأطفال الذين ولدوا لآباء مهاجرين، والتكيف مع النظام الدراسي، ودرجة الاحتفاظ بالقيم الإسلامية أو التخلي عنها بعد أن يكبروا ويتزاوجوا ويندمجوا مع نظام العمل في أمريكا.





3- دور المرأة في الجماعات الإسلامية، والتفاعل العائلي.



4- الضغط الذي يواجهه المسلمون من خلال العيش في مجتمع غير إسلامي، وثقافة غير إسلامية، والطرق التي يتبعونها للتكيف مع تلك الثقافة.



وقد بنيا تحليلهما على دراسة معمقة لخمس جماعات إسلامية، آخذين في الاعتبار عوامل التكامل مع الجماعة، ومؤسساتها الاجتماعية، والدينية، والتربوية، والسياسة. وحاولا دراسة كل مسجد بمفرده من حيث بيئته الداخلية (الخلفية العرقية لأعضائه، اتجاهات واستجابات القيادات والقيادات المساعدة، والممارسات اليومية)، ومن حيث علاقتها بالثقافة المحيطة، وما تضمه من أعراق ومؤسسات سياسية واجتماعية، وضمت الدراسة شيئاً عن التعليم في المساجد والمراكز الإسلامية، وقد جرت الدراسة على جماعات تعيش على الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية، وأعالي ولاية نيويورك، والوسط الغربي، ويرى الباحثان أن الاهتمام يجب أن يعطى في المستقبل لدراسة قضايا مثل:



1- الحالات التي يتعارض فيها العيش في ظل القانون المدني الأمريكي.مع قوانين الشريعة الإسلامية المتعلقة بالأسرة، وكيف يؤثر ذلك على نظرة المرأة إلى نفسها، ولعل أبرز مثال على هذا الموضوع الذي يقترح الباحثان دراسته ما حدث لأحد المهاجرين العراقيين في منتصف التسعينات الميلادية، حيث كان لديه ابنتان إحداهما في الرابعة عشرة من العمر والثانية في الثالثة عشرة ، وخشي عليهما من الانحراف، فزوجهما زواجاً شرعياً، وعندما علمت الجهات الرسمية الأمريكية، فرقت بين الفتاتين وزوجاهما، واتهمت الزوجين بالاغتصاب، واتهمت الأب بمخالفة القوانين التي لا تسمح بالزواج قبل الخامسة عشرة، وتعتبر الفتاة قبل ذلك غير راشدة، وأحيلت القضية إلى المحكمة للنظر فيها.



2- تزايد التأثير للمراكز الإسلامية على غير الملتزمين من المسلمين، ومعرفة الطرق التي تتبع في إحداث ذلك التأثير.



3- حركة الدعوة الإسلامية، والأسباب التي تدعو الأمريكان سوداً وبيضاً لقبول الإسلام والتحول إليه.


4- العلاقة بين المؤسسات الإسلامية الكبرى مثل رابطة العالم الإسلامي والمجتمع الإسلامي في أمريكا الشمالية، واتحاد الجماعات الإسلامية، وتأثير كل واحدة منها على الفئات التي تشكل الجماعات الإسلامية.



5- دراسة وتحليل أوضاع المجموعات غير الملتزمة بالمساجد من الجيل الثاني والجيل الثالث، والتي تقدر- حسب رأيهما- بحوالي 80% إلى 90% من السكان المسلمين في أمريكا.



6- مساهمة ومشاركة المسلمين أفرادا وتنظيمات في المجتمع الأمريكي.



وكانت الدراسة عبارة عن مشروع مدته سنتان بدأ في الشهر الأول من عام 1983م بمقابلات معمقة مع قادة المساجد قام بها مسلمون ضمن توجيهات وإرشادات الباحثين، وتمت دراسة ثمانية مساجد، مع تركيز خاص على خمسة منها. وفي المرحلة الأولى من الدراسة تم التركيز على اكتشاف خلفيات الأعضاء من حيث اتجاهاتهم الدينية، ومشاركاتهم في نشاطات المسجد، وأسلوب حياتهم، ونظرتهم لطريقة معاملة الأمريكان غير المسلمين لهم. وتمت مقابلة ثمانين حالة عن طريق التسجيل، وبعد ذلك فرغت المعلومات، وتمت تلك العملية في شتاء 1983م . وكانت تلك المقابلات مركزة على القيادات من الأئمة، وأعضاء مجالس الإدارة، وأساتذة مدارس الأحد، ومن سبق لهم تقـلد أي عمل قيادي. ومن خلال تلك المقابلات أعيد النظر في أسئلة الاستبانة، وتم حذف بعضها وإضافة البعض الآخر. وأفادت المقابلات في معرفة ما يراه المسؤولون في المساجد من قيم إسلامية يجب المحافظة عليها في البيئة ا لأمريكية.



وفي المرحلة الثانية التي بدأت في نهاية شتاء 1983م ، وُزَّعت النسخة المنقحة من الاستبانة بواسطة باحثين ميدانيين، وقد حوت إجابات مختصرة ليسهل معالجتها بالحاسب الآلي، وطلب من الباحثين تعبئة خمس وسبعين استمارة من منطقة كل مسجد، ستين منها مع مرتادي المساجد، وخمس عشرة مع الذين لا يرتادون المساجد، أو من يسمون بمسلمي الأعياد، أي الذين لا يأتون إلى المساجد إلا في العيد، وقد تم الانتهاء من جمع تلك المعلومات في شهر إبريل من عام 1984م ، وبلغ مجموع الاستمارات التي تمت تعبئتها (347) استمارة.



ويذكر الباحثان أنه قد اعترضهما بعض المشكلات، منها تردد بعض المساجد في التعاون، ورفض البعض الآخر خشية سوء استخدام أو تشويه المعلومات، وكان الكثير من المهاجرين يشكون من الباحثين لأنه أتوا من مناطق لا تُسأل فيها الأسئلة إلا من قبل الحكومة، وكان من أكبر المشكلات كسب ثقة المبحوثين ليجيبوا على الأسئلة بصراحة وصدق، وقد كان التأكيد على سرية المعلومات عاملا مساعدا ومفيدا، ويقترح الباحثان إجراء البحوث من قبل علماء مسلمين في المستقبل لتجاوز هذه المشكلة بصورة اكبر، والمشكلة الأخرى التي واجهت البحث كانت في إيجاد الباحثين الميدانيين المسلمين المؤهلين، وقد برزت هذه المشكلة في ثلاثة مساجد، في أحدها كان الباحث شيعياً ومرتادوا المسجد سنيين، فرفض الإمام التعاون معه، وحذر الناس من التعاون معه خشية استخدام المعلومات استخداماً سيئاً، فما كان من الباحثين إلا أن اختارا مسجدا آخر، وفي حالة أخرى لم يكن الباحث مسلماً ولا عضوا في المسجد، وإن كان ليس غريباً على نشاطات المسجد، وحدث أن زارت جماعة التبليغ المسجد، وزاره كذلك نمساوي دخل في الإسلام مقدماً حلقة نقاشية ( سيمنار) حول خطورة التعاون مع النصارى، وعندما عرضت عليه نسخة من استمارة البحث اعتبرها محاولة نصرانية لعرقلة الإسلام، وحذر قادة المسجد من التعاون والمشاركة في البحث، ولذلك تم إلغاء المسجد، ويعتبر ذلك مؤشرا على أن الباحث يجب أن يحصل على الشرعية من قبل المبحوثين حتى يكون بحثه شاملا وفعالاً.



وفي النهاية تم اختيار خمسة مواقع للدراسة المعمقة، مع معلومات مكملة جمعت من ثلاثة مواقع أخرى، ووصف الباحثان المناطق الجغرافية الثلاث التي وقعت فيها الدراسة، فالمنطقة الأولى كانت الوسط الغربي west-Mid وتضم اكبر مجموعة من المهاجرين العرب في الولايات المتحدة الأمريكية، وتحوي عددا من المساجد الكبيرة، وأغلبية المسلمين في هذه المنطقة من أصل لبناني، ويبدو عليهم التحرر والأمركة، ولكن الظروف التي استجدت في العقود الأخيرة قللت من تجانس السكان، حيث تزايدت هجرات المسلمين من الدول الأخرى، وخاصة باكستان واليمن وفلسطين. مما سبب بعض الضغط على المؤسسات الاجتماعية والدينية الموجودة في المجتمع، وتسلم القيادة في بعض تلك المواقع بعض المولودين في الخارج، والمدربين في الخارج من الأئمة الذين ينظرون إلى الوضع على أنه إسلام على الطريقة الأمريكية، ولذلك يطالبون برفض كل ما يتعارض مع الإسلام في الحياة الأمريكية، وفي بعض الأماكن تبدأ المشكلات عندما يحاول المسجد أن يخدم ويساعد القادمين الجدد من الخارج، وكذلك الطلاب الموجودين في المنطقة، وقد بذلت الجهود لإدماج مجموعة من اللاجئين المسلمين القادمين من جنوب شرق آسيا في مجتمعهم المحلي.



وفي إحدى مدن الوسط الغربي تشكل الأقلية المسلمة نسبة كبيرة من السكان مما حدا بالسلطات المحلية إلى وضع بعض التجهيزات والخدمات الاجتماعية التي صممت خصيصاً لخدمة تلك الجماعة، فبعض المدارس المحلية تقدم دروساً بأكثر من لغة، ويعطى الأطفال إجازات للاحتفال بأعيادهم، وتحول أحد المواقع التي يتركز فيها المسلمون إلى موقع تعكس فيه الدكاكين والبضائع والمطاعم والملاهي اختلاف الأذواق حسب اختلاف السكان.



والموقع الجغرافي الثاني هو الساحل الشرقي ( East coast) وأول من وصل هناك المهاجرون اللبنانيون، ولكنه يضم أعضاء من دول إسلامية مختلفة، يميلون إلى التناثر في المنطقة ويتفاعلون مع المسلمين ومع غير المسلمين، ولكثرة المعاهد والجامعات ومراكز البحث يتكاثر في المنطقة الطلاب الذين وفدوا للدراسة، مما سبب بعض الخلاف بين القادمين المحافظين والمحليين المتحررين، واستطاعت العناصر المحافظة أن تشجع النساء على اللباس الإسلامي، وتشجع المجتمع المحلي على إتباع طريقة في الحياة يمكن تمييزها عن الحياة التي تحيط بها.



ولم يترك تدفق المهاجرين الجدد أي تأثير واضح على المدينة التي بني فيها المسجد لأن معظمهم حرفيون مهرة، ولديهم القدرة المالية على شراء منازل في مدن وضواحي مختلفة، وربما يمثلون الحلقة الأولى في سلسلة المهاجرين الذين سيفدون في المستقبل، وكان وجودهم سبباً في تغيير تركيبة المراكز الإسلامية لكثرة عددهم، ويظهر تأثيرهم في أيام الأحد عندما يجتمعون للصلاة، ولتوجيه وتعليم أبنائهم في مدارس الأحد، والتفاعل في الساحل الشرقي قليل بين المجموعات العرقية، وبين المهاجرين الجدد والمهاجرين القدماء، وهذه المجموعة، كما يشير الباحثان، يمكن وصفها بأنها مجموعة متناثرة.



أما الموقع الجغرافي الثالث فهو أعالي ولاية (نيويورك) والمسلمون في هذه المنطقة يمثلون ثلاث مجموعات عرقية: الباكستانيين، واليمنيين، والأتراك، وفي الغالب تكون ثقافة وتعليم اليمنيين والأتراك قليلة، بينما معظم الباكستانيين من خريجي الجامعات، محترفون، ويمكن تصنيفهم ضمن الطبقة المتوسطة العالية، ويرتبطون بأعمال في مؤسسات عاملة وفعالة، وفي الوقت نفسه لديهم وعى ذاتي بانتمائهم إلى الإسلام على الطريقة التقليدية أكثر من العرب. وتضم المساجد الباكستانيين، وبعض الهنود، وبعض المصريين، واليمنيين وغيرهم من العرب، أما الأتراك- الذين يعملون غالباً في مصانع النسيج في المناطق الحضرية- فقد أسسوا لهم جماعة خاصة ولها مسجدها، وتفاعلها قليل مع المجموعات الأخرى، ما عدا المشاركة في الاحتفالات الجماعية الكبيرة.



وأكثر المسلمين في هذه المنطقة مهاجرون جدد جاؤا إلى الولايات المتحدة الأمريكية خلال العشر أو الخمس عشرة سنة الأخيرة، هدفهم في البداية الدراسة، وبعد التخرج وجدوا أنفسهم قادرين على العمل والمشاركة مع المؤسسات العلمية المحترفة، وهم الآن في منتصف العمر تقريباً، ولديهم أطفال صغار ويتطلعون إلى أن يغرسوا القيم الإسلامية في الجيل الجديد، وبالرغم أنهم في الغالب لا يعملون في المكان نفسه، ولا يسكنون في منطقة واحدة، إلا أنهم أبقوا على العلاقة القوية بينهم وبين الأسر الإسلامية. ولأن ذلك يتطلب جهدا ووقتاً أطول للتنقل أكثر من التفاعل مع الجوار، فقد أطلق الباحثان على هذا النوع من جماعات المهاجرين المسلمين (الأقلية كثيرة الترحال،- Commuter enclave ) .



وبعد وصف المواقع الجغرافية الثلاثة، شرع الباحثان في وصف عينة الدراسة، فذكرا أن المهاجرين المسلمين- كغيرهم من المهاجرين- يعكسون الاختلافات السياسية والأيديولوجية الجغرافية للدول التي قدموا منها، كما يعكسون العوامل الاجتماعية والسياسية والنفسية التي تؤثر على حياتهم في الولايات المتحدة الأمريكية. ويأتي المهاجرون إلى أمريكا ومعهم العناصر الرئيسة لهويتهم التي نمت عبر السنين. والمهاجرون المسلمون إلى أمريكا جاؤا في موجات عدة، قسمها الباحثان إلى خمس موجات، فمن حوالي عام 1875 إلى عام 1912م كانت الهجرات من غير المثقفين، وكانت من العمال غير المهرة، وكان معظمهم من الشباب ومن سوريا وفلسطين ولبنان والأردن، وكانت تلك البقاع تحكم من قبل الحكومة العثمانية. وكان السبب الرئيس للهجرة هو سوء الأحوال الاقتصادية والأمل في إحراز نجاح اقتصادي في أمريكا مثلما هو الحال بالنسبة للبنانيين النصارى الذين سبقوهم إلى تلك الديار. وبعض أولئك المهاجرين عادوا إلى بلادهم، والغالبية بقيت مكونة جماعات إسلامية. ولقلة التعليم وضعف المعرفة باللغة الإنجليزية، اضطر كثير منهم للعمل في المناجم والمصانع، أو تجارا صغارا. وعندما استقرت غالبيتهم في المراكز الصناعية وجدوا صعوبة في التفاعل والاندماج في الثقافة الأمريكية، ولذلك اتجهوا إلى تقوية الأواصر بينهم، وقصر علاقاتهم وتفاعلهم مع إخوانهم المسلمين، ومع الذين يشاركونهم في الوطن الأم.



وكانت الموجة الثانية ما بين عامي 1918 و 1922م بعد الحرب العالمية الأولى، وحوت أعداداً قليلة من سكان المدن، بينما كانت غالبية المهاجرين من أقارب وأصدقاء ومعارف المهاجرين القدماء، فبعد أن شهدوا استقلال بلاد الشام عن الحكم العثماني وجدوا أن الاستعمار الإنجليزي والفرنسي قد حلا محلة. أما الموجة الثالثة- في رأي الباحثين- فكانت ما بين عامي 1930و1960م وكانت محكومة بالقانون الأمريكي الذي قصر الهجرة عموماً على أقرباء المهاجرين القدماء الموجودين في الولايات المتحدة الأمريكية.



وشملت الموجة الرابعة التي كانت بين عامي 1947 و 1960م مهاجرين ليس فقط من الشرق الأوسط، ولكن من الهند، والباكستان، وأوربا الشرقية، والاتحاد السوفيتي، وأجزاء أخرى من العالم الإسلامي، وتزايد العدد من أبناء النخب الحاكمة في عدد من الدول، وكان معظمهم سكان حضر، مثقفين، ومستغربين ( لديهم اتجاهات غربية) قبل وصولهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وقد جاؤا إليها لاجئين، يبحثون عن حياة أفضل، وعن مواصلة دراساتهم العليا، أو تدريب تقني عال، وفرص عمل خاصة، وإشباع توجهاتهم الأيديولوجية.



والموجة الخامسة بدأت في عام 1967م ولا تزال مستمرة إلى يومنا هذا، فبالإضافة إلى العوامل الاقتصادية، لعبت العوامل السياسية دورا كبيرا في دفع الكثير من المسلمين إلى المجيء إلى الولايات المتحدة، فالعالم العربي عانى عدة هزائم في حروبه مع إسرائيل، مما ترك آثارا بالغة على نفسيات كثير من العرب وهز ثقتهم في الأيديولوجيات المتبعة، وكان المهاجرون في هذه المرحلة يختلفون عن سابقيهم بارتفاع مستواهم الثقافي وامتلاكهم للمهارات، ويتطلعون للتمتع بالمميزات الاقتصادية والسياسية للحياة في أمريكا. والمجموعات التي جاءت أخيرا هم أشباه مهرة، ومعظمهم جاء من باكستان واليمن ولبنان، وإيران بعـد الثورة، وبشكل عام، كان المهاجرون المتأخرون أكثر حظاً في الحصول على أعمال من الذين جاؤا في بداية القرن.



ويذكر الباحثان أن دراستهما شملت 347 مسلما، كان 64% مهاجرين، ونصف النسبة الباقية 16% كانوا أبناء لهم، وكان تقريبا كل الجيل الأول والثاني والثالث من المهاجرين اللبنانيين، ولذلك لا غرابة أن يكون 34% من العينة منهم، حيث يشكلون كبر مجموعة مهاجرة، وثاني اكبر مجموعة كانت من الباكستانيين، ويشكلون أكثر من ربع العينة 28%، وقد شملت العينة مهاجرين من بلدان مختلفة هي مصر، والأردن، وتركيا، والكويت، واليمن، والمملكة العربية السعودية، وإيران، والعراق. ولم تمثل دولة من هذه الدول بأكثر من ثمانية عشر شخصا (أقل من 9% من المجموع) ومعظم الدول مثلت بأقل من هذا العدد بكثير. ويبدو لي أن هناك شيء من التحيز في العينة، فلا أعتقد أن اللبنانيين يمثلون 34% من المهاجرين في أمريكا، أو في المناطق التي أجريت فيها الدراسة، ومثل ذلك يقال عن الباكستانيين، وربما كان السبب في رفع نسبتهما يعود إلى أن بعض المساجد التي أجريت عليها الدراسة كانت خاصة بالمهاجرين من هاتين الدولتين، خصوصا إذا علمنا أن المهاجرين من الدولة الواحدة يجذبون إليهم مهاجرين جدد من الدولة نفسها لأسباب مختلفة منها النفسي، والاجتماعي، والاقتصادي، والسياسي.



ويواصل الباحثان وصفهما للعينة، ويذكران أن معظمها جاء إلى أمريكا حديثا، فثلاثة أرباعهم جاؤا بعد عام 1968 م وأكثر هؤلاء (42%) جاؤا بعد عام 1977م ، أي أن الغالبية جاء ضمن الموجة الخامسة، وهذا مؤشر آخر لتحيز العينة، فاللبنانيين، كما يذكر الباحثان، كانوا يمثلون غالبية، إن لم يكن كل الجيل الأول والثاني والثالث، وهذه الأجيال جاءت قبل عام 1947 م، و75% من أفراد العينة جاؤا لأمريكا بعد عام 1968 م.



ويختلف أفراد العينة من حيث العمر ووقت الوصول، فحوالي 30% استقروا في أمريكا وهم في الثامنة عشرة من العمر أو أقل، وحوالي 35% قدموا وأعمارهم ما بين 19 و 25 سنة، وكانوا طلاب كليات وجامعات في الغالب. و 33% استقروا في أمريكا وأعمارهم بين 26 و 39 سنة، وفقط 2% من العينة قدموا وأعمارهم فوق الأربعين، وتوزيع عينة الدراسة على هذا الشكل يشير إلى أن معظم المسلمين جاؤا إلى أمريكا وهم شباب، أو جاؤا مع آبائهم الذين كانوا شباباً، وجاؤا في الغالب للدراسة، أو العمل، وكانوا يأملون في تحسين أوضاعهم المادية والاجتماعية.



وإلى حد كبير يمكن القول أن هؤلاء المهاجرين وأبناءهم وأحفادهم قد أحرزوا نجاحات ملموسة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، وتعكس الدراسة مستوى دخل المبحوثين، حيث بلغ الدخل لثلاثة أرباعهم (78%) خمسة عشر ألف دولار في السنة أو كثر، وحوالي النصف (49%) بلغ معدل دخلهم 35 ألف دولار أو أكثر، و51% عندهم على الأقل أربع سنوات من التعليم الجامعي، وحوالي الربع يحملون شهادات عليا، ويشغلون أعمالاً مختلفة، وحوالي 21% طلاب غير عاملين، ويشكل الزوجات ربات المنازل 18%، ويشكل المتقاعدون 4% والبقية 26% عاملون محترفون، نصفهم 13% أطباء، ومحامون، أو أعضاء هيئة تدريس في الجامعة، وقلة 8% يشتغلون رجال أعمال، وأعضاء مجلس إدارة، وعمال إدارة متوسطون، أو ملاك دكاكين، وحوالي 22% موظفون حكوميون، وباعة، وعمال مصا رف (بنوك) ويعملون في السكرتارية، وعمال مهرة، ويبدو على الأغلبية أنهم قانعون بحياتهم في أمريكا، فقط 18% ذكروا أنهم لن يعيشوا فيها بعـد التقاعد.



هذا وقد أظهر البحث نتائج كثيرة ومتعددة، سوف نقتصر على بعضها، منها أن كثيرا من المسلمين لم يذهبوا إلى المساجد ولم يتعرفوا على الإسلام إلا في أمريكا، لما رأوه من حملات إعلامية على الإسلام والمسلمين، ولكثرة الأسئلة التي يتلقونها عن الإسلام، وبعضهم لم يكن يهمه البحث عن جذوره قبل أن يصل إلى أمريكا.، وعندما سئل المبحوثون عن أقرب الجمل المتعلقة بالقضاء والقدر إلى وجهة نظرهم، أجاب 33% بأن كل شيء في هذا الكون محكوم بإرادة الله، وأجاب 38% بأن الله أعطى للإنسان بعض حرية الاختيار، وأجاب 29% بأن الله ترك حرية الاختيار كاملة للإنسان. وحول درجة اتباع تعاليم الإسلام قال 46% أن تعاليم الإسلام يجب أن تطبق بدقة وبقوة، وقال 36% أنها يجب أن تطبق بشيء من المرونة، أما البقية 18% فقالوا بتكييفها إذا لزم الأمر، وحول درجة التدين، أجاب 15% بأنهم يعتبرون أنفسهم متدينين جدا، و 47% بأنهم متدينون إلى حد كبير، و 33% بأنهم متدينون إلى حد ما، و 5% بأنهم ليسوا متدينين.



وقضية القضاء والقدر قضية حساسة جدا، وحولها جدل طويل، وكثير من الغربيين ينظرون إلى الإسلام على أنه دين اتكالية، وأن مفهوم القضاء والقدر مفهوم مخدر للمسلمين، يعلقون عليه أخطاءهم، وهم لذلك لا يبذلون الأسباب. وهذا فهم خاطئ وغير صحيح، فلا يوجد مذهب أو دين دعا للعمل وقدسه، ودعا إلى بذل الأسباب أكثر من الإسلام، والآيات الكريمة، والأحاديث الشريفة الدالة على ذلك كثيرة. أما قياس تدين الناس فإنه قضية صعبة وشائكة، خصوصاً إذا كان الاعتماد فيها على ما يقوله المبحوث عن نفسه، فربما كان الشخص متديناً جدا، فيصف نفسه بأنه متدين إلى حد ما، تواضعاً منه، أو شعورا منه بالتقصير في بعض الجوانب، وربما كان الشخص متديناً إلى حد ما، فيصف نفسه بأنه متدين جدا إما قياساً على رفاقه الذين يعرفهم، أو لأنه يستكثر ما يقوم به من عبادة، وربما أخذ بعضهم البيئة التي يعيش فيها في الحسبان، فاتباع الدين في بلد مثل المملكة العربية السعودية، حيث ينادى للصلاة بصوت عال، وتمتلئ المساجد بالمصلين، وكل من حول الشخص مسلم، يختلف عن بلد مثل الولايات المتحدة الأمريكية، حيث لا تتوفر البيئة المساعدة على أداء شعائر الإسلام. ويمكن النظر إلى إجابة الشخص عن درجة تدينه على أنها مؤشر عام، ولقد عضدت الإجابات التي وردت سابقاً بإجابات حول درجة تدين الشخص في السنوات الأربع الأخيرة، فأجاب 45% بأنهم أصبحوا أكثر تديناً، و 43% بأن درجة تدينهم لم تتغير، و 12% بأنهم أصبحوا أقل تديناً.



أما بالنسبة لدرجة الارتباط بالمسجد، فكانت إجابات المبحوثين على النحو التالي: 10% لم يذهب أبدا، 20% يذهب في الأعياد فقط ( مرة أو مّرتين في السنة) 6% مرة كل شهرين، 4% مرة كل شهر، 9% مرتين في الشهر، 39%مرة كل أسبوع،12% مرتين في الأسبوع. ودرجة الارتباط بالمسجد تعتمد على قربه من سكن المبحوث، والمساجد في الولايات المتحدة كلها أقل من المساجد في مدينة الرياض وحدها، رغم تناميها وتكاثرها في السنوات الأخيرة ، ومهما كان المسجد بعيداً على المسلم فإنه يجب أن يذهب إليه على الأقل لأداء صلاة الجمعة ، أي مرة كل أسبوع .



وعن أهمية المسجد في ربط المسلمين بالإسلام، ذكر 71% من عينه البحث أنه مهم جداً، و 16% قالوا أنه مهم إلى حد كبير ، و8% قالوا أنه مهم إلى حد ما ، و2% فقط قالوا أنه قليل الأهمية. وعندما سئل المبحوثون عما إذا كانوا سينتقلون لأسباب تتعلق بالعمل أو العائلة ، وعن أهمية أن ينتقلوا إلى منطقة فيها مسجد، قال 46% بأن ذلك مهم جداً، و25% قالوا أنه مهم إلى حد كبير، و 21% مهم إلى حد ما ، و8% قالوا أنه قليل الأهمية ، ووافق 57% على أن الشخص يمكن أن يكون مسلماً جيداً دون أن يعتاد المسجد ، و23% قالوا لا أدري ، بينما 2% لم يوافقوا على ذلك . وبالنسبة للسلوك الديني ، فيوضحه الجدول التالي :



1: توزيع عينه ( حداد ولومس ، Haddad and Lummis )

حسب السلوك الديني

أبداً
نادراً
أحياناً
غالباً الســـــــــــلوك
14%
14%
22%
50%
الصيام خلال رمضان
31%
22%
34%
31%
يقرأ القرآن

31%
24%
30%
15%
دعوة مسلم لانضمام إليه للصلاة

33%
21%
21%
24%
يؤدي الصلاة في المسجد

29%
26%
16%
39%
أداء الجمعة في المسجد


Source: Haddad and Lummis, 1987:29.



وبالنسبة لحضور الأطفال لبرامج المسجد، قال 79% أن أطفالهم أو أحفادهم يحضرون كل أسبوع، وقال 5% بحضورهم مرتين. في الشهر، و 31% قالوا بحضورهم عدة مرات في السنة وفي الأعياد، أما 3% فقالوا أن حضورهم قليل جداً أو لم يحضروا أبدا، ويرى 70% أن لحضورهم قيمة كبيرة جدا، و 15% يرون أن له قيمة إلى حد كبير، 13% له قيمة إلى حد ما، و 2% يرون أن له قيمة قليلة أو ليس له قيمة، ويرى كثير من المسلمين أن المسجد يجب أن يقدم نشاطات اجتماعية مختلفة حتى يجذب إليه المسلمين، ويملأ الفراغ، ويهيئ الأجواء للتفاعل والتعاون والتآزر بين المسلمين. هذا وسوف نشير إلى بعض النتائج الأخرى التي توصلت إليها دراسة (حداد ولومس Haddad and Lummis )عند مناقشة الموضوعات ذات العلاقة.



وكتب (قطبي مهدي أحمد، G. M. Ahmed) بحثاً عن (المنظمات الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية، Muslim Organizations in the United States تتبع فيه نشأة كثير من الجمعيات والمنظمات في أمريكا من بداية القرن العشرين إلى أواسط الثمانينات الميلادية، وركز فيه على دور المهاجرين الأوائل من اللبنانيين في وضع البذور الأولى لبعض التنظيمات، وحاول إبراز جهودهم في جمع شتات المسلمين في النصف الأول من القرن العشرين، كما تحدث عن بعض جماعات السود، مثل معبد المراكشيين العلمي، وجماعة (أمة الإسلام)، وجماعة الأنصار، وتحدث عن نشأة اتحاد الطلبة المسلمين، ونشاطاته وتطوره، ثم أخيرا تحدث عن (الاتحاد الإسلامي في أمريكا الشمالية، ISNAوعن فروعه ونشاطاته المختلفة. ( Ahmed,1991). وأعدت (كارل ستون، C.Ston بحثاً بعنوان (تقدير أعداد المسلمين الذين يعيشون في أمريكا، Estimate of Muslims Living in America) كان محاولة لتقدير عدد المسلمين الذين يعيشون في أمريكا في الثمانينات الميلادية، بنته الباحثة على بعض الافتراضات التي ربما تثار حول قبولها علامات استفهام، حيث قامت بحصر المهاجرين حسب بلد الأصل، وافترضت أن نسبة المسلمين بين المهاجرين، تعادل نسبة المسلمين في ذلك البلد، وهذا افتراض غير مقبول، لأن المسلمين مثلا في لبنان يمثلون حوالي 50 % من السكان، لكن نسبة من هاجر منهم إلى أمريكا لا تتجاوز 15% من المهاجرين اللبنانيين، وفي المقابل نجد نسبة المسلمين في الهند حوالي 15% ولكن المهاجرين منهم إلى أمريكا ربما تجاوزوا هذه النسبة كثيرا لأنهم يعانون ضغوطاً دينية لا يعانيها غيرهم من الهنود. ولكن يمكن النظر إلى أن تلك النسب يعوض بعضهما بعضاً، فقلتهم بالنسبة للبنان تعوضها كثرتهم من يوغسلافيا مثلا ( Stone,1991 )



وعن الانطباع عن المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية، كتب (بايرن هينز ( B.Haines دراسة عن (نظرة الكنائس الأمريكية للإسلام وللجماعات المسلمة في أمريكا الشمالية، Perspectives of the American churches on Islam and the Muslim Community in North America) ويرى الباحث (هينز) أن المعلومات تشير إلى وجود ثلاث فئات من المنظمات والجماعات الكنسية بالنسبة لنظرتها للإسلام والمسلمين في أمريكا، الفئة الأولى تقبل بالمسلمين كجماعة مشروعة ضمن المجتمع الأمريكي، وتحاول مد الجسور معهم، وإجابة دعواتهم، والاعتراف بحقوقهم. والفئة الثانية تنظر إلى أن وجود المسلمين في أمريكا فرصة ساقها الرب لتحويلهم إلى النصرانية، ولا تتوانى هذه الفئة عن بذل الجهود في هذا الاتجاه، أما الفئة الثالثة فتقع بين الفئتين السابقتين، فهي لا تقبل المسلمين مثل الفئة الأولى، ومن ثم غير مستعدة للتعاون معهم، كما أنها لا تسعى إلى تحولهم إلى النصرانية ( Haines,1991)



وعن (المسلمين كآخرين: تمثيل المسلمين ونظرتهم إلى أنفسهم في الولايات المتحدة الأمريكيةThe Muslims as the (Others): Representation and Self-Image of the Muslims in America ; كتب (أبو بكر الشنقيطي، A.Al-Shingiety مركزا على المشاركة السياسية والثقافية للمسلمين في أمريكا، وتأثير المسلمين على التوجه الأيديولوجي لأمريكا من جهة، ونظرة الأمريكيين إلى الجماعات الإسلامية من جهة أخرى، وكان حديث الباحث يدور حول المسلمين السود في أمريكا مثل جـماعة ( أمة الإسلام )، وجماعة ( الدعوة الإسلامية في أمريكا ) (Al-ٍShingiety ,1991 ) وعن الفكر الإسلامي في الولايات المتحدة الأمريكية، هناك عدد من الدراسات والبحوث، منها بحث بقلم (جان اسبسيتو Esposito J. عن إسماعيل الفاروقي: عالم إسلامي حركي ، Ismail R.Al-Faruqi : Muslim Scholar-Activist تتبع فيه الباحث مراحل حياة الفاروقي، وتحوله من الدعوة للقومية العربية إلى الدعوة إلى الإسلام، وبين الباحث سعة أفق الفاروقي وسعة اطلاعه على الثقافة النصرانية باعتباره جزءا من عمله الأكاديمي، وكجزء من عمله الدعوي وكثرة احتكاكه بالفرق النصرانية، Esposito,1991 وأخر بعنوان ( تركة فضل الرحمن، The Legacy of Fazlur Rahman بقلم فردريك دئي F.Denny وفضل الرحمن عالم باكستاني واسع الاطلاع على علوم الأديان، والفلسفة، والأخلاق، ويركز في بحوثه على تفسير القران، وعلى ربط الإسلام بالحياة المعاصرة، Denny,1991، وهناك عدد كبير من الدراسات والبحوث عن مالكولم إكس Malcolm X الذي يعتبر أشهر شخصية مسلمة ظهرت في أمريكا إلى الآن، ومن تلك الدراسات دراسة (هنريك كلارك، H.Clarke عنوان مالكولم إكس: الرجل وزمنه، Malcolm X: The Man and His Times تتبع فيه مراحل حياته وشخصيته، وما تعرضت له من تحولات، وخطبه، ومواقفه Clarke;1969 وكتاب (ديفد جالن، (D.Gallen بعنوان (المرجع عن مالكولم إكس: نظرات حول الرجل والخرافة، Malcolm X Reader:Perspectives on the Man and the Myths ) وهو كتاب مرجعي عن مالكلوم إكس يغطي حياته منذ ميلاده في عام 1925م إلى مقتله في سنة 1965م Gallen;1994ومن البحوث التي كتبت عن وارث الدين محمد ما كتبه (ظافر الأنصاري، Z.Ansari بعنوان (وارث الدين محمد: تكوين قائد مسلم أسود، W.D.Muhammad:the Making of a ( Black Muslim ) تتبع فيه حياته مع والده وخلافاته معه، وبعض رحلاته، وتوليه قيادة الجماعة وما قام به من تغييرات قربتها من أهل السنة والجماعة ( Ansari;1985).



وهناك دراسات وبحوث عن النشاطات السياسية للمسلمين في أمريكا، منها بحث بقلم (ستيف جانسون S.Johnson ) تحدث فيه عن محورين من محاور النشاط السياسي، الأول عن النشاط السياسي داخل الجماعات الإسلامية والذي يدعو إلى تعريف المسلمين بحقوقهم الانتخابية، ودعوتهم إلى استثمارها فيما يعود على المسلمين بالفائدة والنفع، والمحور الثاني عن نشاط المسلمين السياسي ضمن المجتمع الأمريكي الكبير ( Johnson.1991 ). وبحث عن الدعوة في الغرب، بقلم ( لاري بوستون، L.Poston تحدث فيه عن الانقسام بين أولئك الذين يرون أن الجهود يجب أن تنصب على تثبيت المسلمين على دينهم، ومساعدتهم على ذلك، وأولئك الذين يرون أنه يجب العمل كذلك على إدخال الأمريكيين في الإسلام. واستعرض الخلفية التاريخية للدعوة الإسلامية في أمريكا، ودور بعض الجماعات المسلمة في ذلك (Poston1991 ). وهناك بحث عن المسلمين في السجون، بقلم (كاثلين مور، K.Moore;1991وبحث عن التربية الإسلامية في الولايات المتحدة وكندا، كتبته (نعمت حافظ برزنجي، N.M.Barazangi;1991:A



والمرأة المسلمة من أهم أعمدة وعناصر المجتمع المسلم في كل زمان ومكان، ومن البحوث التي تناولت موضوع المرأة المسلمة بحث عن المرأة الأمريكية الأفريقية المسلمة، كتبته (بفرلي مكلاود، B.McCloud;1991والثاني بعنوان: طريقين للتثاقف: المرأة المسلمة بين الاختيار الفردي، وتحقيق التوقعات الاجتماعية بقلم (مارشا هيرمانسن ). M.Hermansen;1991 وموضوع الهوية الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية جاء حوله عدد من البحوث، منها بحث بعنوان: قضايا إسلامية للمسلمين في أمريكا، بقلم (جان فول، J.Voll) تحدث فيه عن نوعين من القضايا، القضايا التي تواجه الأقليات المسلمة في كل زمان ومكان، والقضايا التي توجه المسلمين في مرحلة ما بعد الصناعة في الغرب. وبحث بقلم (أيفون حداد ،Y.Haddad ) عن: السياسة الخارجية الأمريكية وأثرها على هوية العرب المسلمين" في الولايات المتحدة الأمريكية، تم فيه تتبع التغيرات التي حدثت في السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط في العقود الأربعة الأخيرة، وأثر ذلك على تحديد هوية المسلمين في أمريكا، فتزايد الغضب والإحباطات أدى إلى تزايد نشاط المسلمين لإثبات هويتهم وتميزها ( Haddad, 1991 ) .



وتحت عنوان: (الالتقاء والاختلاف في مجتمع ناشئ: دراسة عن التحديات التي تواجه مسلمي أمريكا) أعد (سليمان نايانج، SNyang بحثاً ذكر فيه أربعة احتياجات هي: الحفاظ على الهوية الإسلامية، الدفاع عن المؤسسات الإسلامية، تأسيس بنيات تحتية لاقتصاد إسلامي، وإيجاد طريقة للمشاركة في الحياة السياسية الأمريكية. ورغم وجرد الاختلافات بين المسلمين، إلا أن الباحث (نايانج) يرى أن الشعائر والقيم الإسلامية يمكن أن تجمعهم، ويفرق الباحث بين الاتجاه الذي لا يرى إمكانية الجمع بين الهوية الإسلامية والهوية الأمريكية، والاتجاه الآخر الذي يرى أنه يمكن إيجاد طرق للجمع بين الإثنين Nyang,1991.



وحظيت الأسر المسلمة في أمريكا الشمالية بمجموعة من البحوث والدراسات، منها بحث بقلم (أبو لبن، Abo-Laban;1991) عن الأسرة والدين بين المسلمين المهاجرين وذريتهم، وبحث عن الإطار الديني للأسرة المسلمة كتبه (سالم قرشي Qureshi;S.1991) ودراسة عن (الوالدين والشباب: المحافظة على الإسلام وتطبيقه في أمريكا الشمالية) بقلم (نعمة برزنجي Barazangi;N.1991:B).

أما المسلمون السود فهناك الكثير من البحوث والدراسات التي كتبت عنهم، وربما كانت دراسة (سي أرك لنكولن C.Eric Linooln بعنوان (المسلمون السود في أمريكا، The Black Muslims in America) من أشهرها وأقدمها، وقد ترجمه إلى اللغة العربية عمر الديراوي تحت عنوان: (المسلمون الزنوج في أمريكا) ونشر سنة 1964 م، وهو يتحدث عن فرق السود، وخاصة (أمة الإسلام) وعن زعاماتها ومراحل تطورها ( لنكولن 1964م ، Lincoln; 1961) وتعتبر دراسة (أمينة بفرلي مكلاود، A.B.McCloud) من أحدثها وهي تتتبع تاريخ وتطور ما أسمته بالجماعات القديمة، أو المبكرة، وتمتد في نظرها من عام 1900م إلى عام 1960م ، وقدمت ضمن هذا الجزء معلومات كثيرة عن إحدى عشرة جماعة منها معبد الموراكشيين العلمي، وجماعة الأخوة الإسلامية، وجماعة أمة الإسلام التي تعتبر الأشهر ضمن تلك الجماعات. ثم تحدثت عما أسمته بالجماعات المعاصرة والتي تبدأ من الستينات إلى وقتنا الحاضر وما صاحب ذلك من أحداث تحررية في العالم الإسلامي، وعن تأثير الحركة المدنية في أمريكا عليها، والتي كانت تطالب بحقوق الأقليات وخاصة السود، وتناولت ما حدث من تغيرات وانقسامات في (أمة الإسلام) بعد موت أليجا محمد في عام1975. كما تناولت بشيء من التفصيل تركيبة الأسرة في مجتمع السود المسلمين، وحياة الجماعات المحلية، وكذلك موضوع المرأة في الإسلام، والتحديات التي يواجهها المسلمون هناك، والكتاب في عمومه عن تاريخ وعقائد وتطبيقات المسلمين السود الذين قدرت عددهم الباحثة بـ 1,5 مليون إلى 4,5 مليون نسمة ( McCloud;1995) .



وفي عام 1992م حرر كل من (ميشيل كوزجي وجي ملتون، Michael A.Koszegi & J.Melton كتابأ بعنوان (الإسلام في أمريكا: كتاب مرجعي، ( Islam in America: A Scurce Book) حوى دراسات وقوائم شبه حصرية للكتب والدراسات والدوريات التي تتعلق بالمسلمين في أمريكا الشمالية، بطوائفهم ومذاهبهم وأعراقهم المختلفة، والكتاب يعتبر مصدرا مهمأ لمن يريد معرفة ما كتب عن الإسلام والجماعات الإسلامية في ذلك الجزء من العالم ( Koszegi & melton:1992).



ومن خلال الدراسات السابقة نرى أن هناك اهتمامأ متزايدا بالمسلمين في أمريكا، وهذا الاهتمام يتزايد بتزايد أعداد المسلمين هناك، ولهذا نرى أن معظم الدراسات أجريت في العقدين الأخيرين، ولقد غطت تلك الدراسات كثيرا من جوانب حياة الأقلية الإسلامية في أمريكا. ومعظم تلك الدراسات جاءت باللغة الإنجـليزية، ولم تــواكبها كــتابات وبحــوث باللغــة العــربية، لغة القـرآن ولغــة الإسلام.



وتأتي هذه الدراسة باللغة العربية ضمن علم اجتماع الوحدات الكبرى ( Macro-Sociology) لتتحدث عن المجتمع الإسلامي في أمريكا معتمدة على الدراسات السابقة في تتبع ظاهرة هجرة المسلمين إلى أمريكا، ونشأة جمعياتهم ومؤسساتهم، وتزايد أعدادهم، ومعتمدة كذلك على دراسة ميدانية لمعرفة جوانب حياة المسلمين كأقلية في المجتمع الأمريكي، ونجاحاتهم والتحديات التي يواجهونها. وتم تدعيم الدراسة الميدانية الأفقية بدراسة رأسية معمقة ضمن علم اجتماع الوحدات الصغرى Micro-Sociology عن مركز من المراكز الإسلامية من حيث مراحل نشأته، والصعوبات التي صاحبت ذلك، ونشاطاته المختلفة، ودوره في خدمة المجتمع المحلي.











الفصل الثاني

أمريكا:الشعب والأرض





تمهيد :

أمريكا بلد المتناقضات، بلد الآمال والآلام. بلد فيه كثير من التسهيلات والخيرات، وكثير من الفرص. أنظمته في أغلبها واضحة وصارمة. بلد يقود العالم في تقدمه وصناعته ونفوذه وقوته العسكرية، يهتم بمواطنيه كثيرا عندما "يهدهم خطر أو يقعون في مأزق، وتستنفر أجهزة الإعلام وأجهزة الدولة من أ-لم ! ذلك. وفي داخل ذلك البلد تجد الكثير من التناقضات، فهناك الغنى الفاحش والفقر الشديد، هناك المحافظون، وهناك المتحللون، تجد العباقرة والأذكياء والمنتجين، وتجد الدراويش والمؤمنين بالخرافات والشعوذات، هناك تجد الحرية والاضطهاد، والمتعة والعذاب، والحب والكره، والصراع والتعاون، والإنجاز والإحباط، واللين والقسوة، إنه حقا بلد المتناقضات. ويدرك كثر من الأمريكيين هذه الحقيقة عن بلدهم، ويتحدثون عنها في لقاءاتهم وحواراتهم كجزء من الحرية التي يتمتعون بها، فهذا (ارثر لودتك) يقول ( لودتك، 1981: 3):

( إنه من المألوف أن نعلن أنه مهما يكن للواحد منا أن يأخذ بعين الاعتبار ميزة أمريكية صادقة، فلا بد أن تظهر ميزة أخرى مناقضة لها ).



ففي مقابل الإيجابيات التي تحظى بها أمريكا، هناك كثير من السلبيات، فالعنصرية منتشرة، رغم أنها ممنوعة ومحرمة على المستوى النظري وفي ضوء القانون. وكذلك تنتشر الجريمة بأشكالها المختلفة من قتل، وسرقة، وتزوير، وسطو مسلح، ومخدرات.

ولقد زار الشيخ أبو الحسن الندوي أمريكا، وألقى محاضرة نشرت تحت عنوان (ما وجدته في أمريكا وما لم أجده) قال فيها: القد استطاع الإنسان أن ينفخ روح الحياة في الحديد وفي الجمادات، واستطاع أن يسخر الأجواء الفسيحة بين السماء والأرض، وأن يغوص في أعماق الأرض، وأصبح يستخدم أشعة الشمس في أغراضه، واطلع على أفلاك القمر والكواكب والنجوم، وقد وصل أخيرا إلى القمر، وهبط عليه فعلا، لكن كل ذلك ليس مما يدل على الكمال الإنساني الحقيقي، ليس الكمال أبدأ في أن ينفخ الإنسان في الجمادات روحأ، ويجعلها ناطقة حية، بل الكمال في الواقع أن ينفخ في نفسه الروح، وجعلها حية تنطق، الإنسان خليفة الله في الأرض، ونائبه في الكون، فمنصبه أسمى وأعلى، وأجل من أن يكون عبدا للجمادات، بل هو الجدير بأن يستعبدها لا لنفسه فحسب، بل لله خالقه وربه، فيستخدمها في تحقيق ما يريد الله من هذا الإنسان وهذا الكون) (الندوي، 1399: 24-25). ويقول في مكان آخر: (والشيء الوحيد النادر المفقود الذي لا أجده، هو الإنسان، ذلك الإنسان الحقيقي الذي يحمل في صدره قلبأ، حيأ، نابضأ، متدفقأ، لا مكينة متحركة، لقد خضع الإنسان لحياة الماكينات خضوعأ جعله لا يفكر إلا في الماكينة وأصبحت خواطره ومشاعره كلها ماكينات، وتتسم بمزايا الجمادات والفولاذ، فلا رقة فيها ولا مرونة، ولا لين فيها ولا نعومة، وقد بعد عهد العيون بالدموع، وعهد القلوب بالخشوع، تلك هي الحقيقة التي لمستها في الولايات المتحدة الأمريكية) (المصدر السابق، ص 29).



الأرض :

الولايات المتحدة الأمريكية قارة تبلغ مساحتها (431. 9 0 8 و 9)، أي ما يقارب أربعة أضعاف مساحة المملكة العربية السعودية، ومن تلك المساحة (206 و 65) كم 2، من المياه، وتبلغ مساحة الثمان والأربعين ولاية باستئناء ألاسكا وهوائي (767، 0 8 0. 8) كم 2، والمسافة بين (هوائي ( Hawaii في المحيط الهادي و (مين ( Maine) في الشرق تبلغ (8. 2..) كم، وتبلغ من (بوينت بارو ( Point Parrow) في الشمال إلى (فلوريدا (Florida) في الجنوب (4500) كم، وتمتد حدودها مع كندا (8895) كم، منها (2478) كم في ألاسكا، وتبلغ حدودها مع المكسيك (3240) كم، ويبلغ طول السواحل الأمريكية (929. 19) كم، منها (686، 0 1) كم في ألاسكا، و (7 0 2، 1) كم في هوائي، وتفصل كندا بين ألاسكا وبقية الولايات بمسافة تبلغ (800) كم، وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية، إذا حسبت ألاسكا، رابع اكبر دولة في العالم من حيث المساحة ( New standard Encyclopedia,1995,Vol.18 : 56-57 ).

وتتنوع تضاريس الولايات المتحدة الأمريكية تنوعأ شديدا، فهناك البحيرات الكبرى، والأنهار الطويلة، وهناك سلاسل الجبال، والغابات الكثيفة ذات الأشجار العملاقة، والصحارى القاحلة، والأراضي الخصبة، والسهول الساحلية الطويلة والعريضة.



أما المناخ فيختلف من منطقة إلى أخرى، فدراجات الحرارة مثلا تصل في الاسكا إلى (60) درجة مئوية تحت الصفر، وتصل في كاليفورنيا في المقابل إلى (57) درجة مئوية في بعض فترات الصيف، ويختلف كذلك معدل سقوط الأمطار، فأعلى معدل له يصل إلى (680. 11) ملم في بعض أجزاء هوائي، وأدنى معدل له يصل إلى (50) ملم في الصحراء في الجنوب، وتتأثر المناطق الساحلية برطوبة المحيطات، وتوجد في الولايات المتحدة معظم المناخات المعروفة في العالم من صحراوي، وقاري، ومناخ البحر الأبيض المتوسط، والاستوائي. ( Ibid).

وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية من أغنى المناطق في العالم بتنوع نباتاتها وحيواناتها وكائناتها الحية الأخرى، وهذا أمر غير مستغرب في بلد عملاق من حيث مساحته، ويتمتع بمناخات متنوعة، ولديه ثروة كبيرة من مياه البحيرات والأنهار، ومياه الأمطار، ولهذا تتنوع الطبيعة، وتكثر الغابات الكثيفة والجميلة، وتتنوع فيها النباتات والأشجار والكائنات الحية، وتعتبر الولايات المتحدة من أجمل الأماكن في العالم لمن يعشق رؤية الطبيعة البكر في جمالها وسحرها الأخاذ، الذي يعكس عظمة الخالق وقدرته سبحانه، فهناك أكثر من (000، 20) نوع من النباتات المزهرة، Ibid وهناك أنواع كثيرة من الأشجار العملاقة والتي تشكل مساحات كبيرة من الغابات الطبيعية في كثير من الولايات، وخاصة في الأجزاء الغربية من البلاد.



التركيب السكاني :

يسكن الولايات المتحدة الأمريكية حسب إحصاء عام 1996م (845. 562. 265) نسمة (الآفاق المتحدة، 17 4 1 هـ: 846). جاؤها من جميع زوايا الأرض، ولذلك لا توجد أغلبية عرقية واضحة، فنهاك حوالي 15% من أصل بريطاني، و 13% من أصل ألماني، و 8% من أصل أيرلندي، ومن المتوقع في المستقبل القريب أن تكون كبر مجموعة عرقية في الولايات المتحدة الأمريكية من أمريكا اللاتينية، ففي لوس أنجلوس مثلا هناك 28% من أصل لاتيني، 13% من السود، و 6% من أصل آسيوي، وربع المقيمين من مواليد دول أجنبية ( لودتك، 1989).

وإشارة إلى تعدد الأعراق في أمريكا يقول الروائي (هيرمن ملفيل) إنه لا يمكنك إراقة نقطة من الدم الأمريكي دون إراقة دم العالم أجمع (مان، 1989: 29) ولقد فتحت أمريكا باب الهجرة لأسباب أهمها:



1- كبر مساحة البلاد.



2- وجود موارد طبيعية ضخمة، من أراض خصبة، وموارد مائية كبيرة، ومعادن، وأخشاب، وثروات سمكية وغيرها.



3- الحاجة إلى الأيدي العاملة بمستوياتها المختلفة، وخاصة بعد التوسع الصناعي بعد الحرب العالمية الأولى.



4- الحاجة في بداية النهضة إلى رؤوس أموال المهاجرين.





أما في العقود الأخيرة فإنها لا تسمح بالهجرة ولا تعطي الجنسية إلا لمن تتوفر فيهم بعض المواصفات الخاصة، ويأتي في مقدمتها المهارة المهنية والحصول على درجات علمية عليا.


ويشير (آرثر مان) إلى أن موجات الهجرة المتتالية أدت إلى زيادة تعدد الأعراق ونوعها، فقد كان يعيش في الولايات المتحدة قبل الحرب العالمية الأولى ستون عرقأ مختلفاًُ، أما اليوم فيوجد بها كثر من مئة عرق (المصدر السابق: 69). ولا شك أن تعدد الأعراق في أمريكا له إيجابياته وسلبياته، فمن أهم إيجابياته أن المهاجرين الجدد لا يشعرون بوقع الغربة القاسي، وآثارها النفسية والاجتماعية العميقة، فالمهاجر حديثأ يشعر أن من حوله كلهم مهاجرون وقد أتوا من خارج البلاد، وإنما الفرق في الفترة الزمنية، فبعضهم كان المهاجر الأول جده، وبعضهم أبوه، وبعضهم هو نفسه، كما يجد المهاجر الجديد أن بعض قومه قد سبقوه، فيسعى للاتصال بهم، وينشد مساعدتهم ودعمهم المادي والمعنوي، وإذا كان صاحب أسرة فإن حاجته إلى أبناء جلدته آكد، ففي الغالب لا يتكلم معظم أفراد الأسرة اللغة الإنجليزية في الفترة الأولى من القدوم، وتحتاج الأسرة إلى نظام داعم ( Support System ) يساعد على التأقلم مع ظروف ومتغيرات الحياة الجديدة، ومن فوائد تعدد الأعراق خلق نوع من المنافسة بين الأعراق في الجوانب البناءة، كالتكاتف، والتآزر، والحرص على النجاح، والإنتاج، وإثبات الوجود، وكسب احترام المجتمع والجماعات الأخر ى.



أما سلبيات تعدد الأعراق فتتمثل في عدم الانسجام الاجتماعي، وتؤدي إلى كثرة الصراعات والخلافات والصدامات، ولعل الوضع بين البيض والسود، والبيض والهنود الحمر، والسود والتشيكانوز (الذين ينحدرون من أصول أسبانية) من أكبر الشواهد على ذلك، وتظهر الخلافات العرقية بوضوح في أوقات الأزمات، كما حدث خلال الحرب العالمية الثانية عندما وضع الأمريكيون من أصل ياباني في معسكرات الاعتقال خوفأ من قيامهم بأعمال تخريبية ومساندة اليابان ضد أمريكا، وقبلها ظهرت موجة من العداء الصارخ خلال الحرب العالمية الأولى ضد الأمريكيين من أصل ألماني، ولعل أحدث الشواهد وآخرها ما لاقاه المسلمون والعرب بعد حادث تفجير مبنى الحكومة الفدرالية في مدينة أوكلاهوما في عام 1994م ، حيث سجلت الدوائر الرسمية أكثر من مئتين وعشرين إعتداء أو تهديدا بالاعتداء على المراكز والمساجد والأفراد. وهناك تنظيمات إرهابية عرقية مثل عصابات (الكو كلكس كلان، K.K.K ) التي تعادي الأعراق كلها بدون استثناء، ما عدا المسيحيين البيض، وإن كانت درجة عدائهم تختلف من جماعة إلى أخرى، فأكثر ضحاياهم من السود، ويليهم اليهود.



ولقد كانت السلطة وصناعة القرار- ولا زالت في معظمها- في أيدي (الأنجلو- ساكسون) ولذلك حاولوا توجيه القوانين لمنع بعض الأجناس من الهجرة إلى أمريكا، وكانت تلك الآراء منتشرة لمدة ثلاثة عقود تقريباً في أواخر القرن الماضي، وكانت الحجة المستخدمة تتمثل في أن العرق الأنجلو- ساكسوني يتفوق على جميع الأعراق، ولقد صادقت الحكومة المركزية في ذلك الزمن، والمتاثرة بنظرية التطور، على تصنيف الناس إلى عدة أجناس، ووضع بعض الباحثين الأجناس في ترتيب هرمي يأتي الأنجلو- ساكسون وأبناء عمومتهم الجرمانيون في شمال وغرب أوربا في قمته، وسكان جنوب الكرة الأرضية وشرقها والسود في أسفله، ووضع هذا الترتيب بناء على ما سمي معطيات علمية في ذلك الوقت بأن الصفات الأخلاقية والعقليه والجسديه تورث من جيل إلى جيل، ولذلك تقدمت بعض الأمم، بينما بقي البعض الآخر متخلفاً ، وانتشرت مقولة تفيد بأن الرجل المهزوم من الجنس المهزوم ( مان، 1989: 73-74 ) .



هذا وقد استعرض (جون كنيدي) الكثير من قوانين الهجرة إلى أمريكا، والتغيرات والتعديلات التي طرأت عليها، ومن ذلك أن الإدارة الأمريكية في عام 1917م فرضت كثيراً من القيود كانت انعكاساً للأفكار التي نادى بها (ماديسون جرانت) حين نشر كتابه (مرور الجنس العظيم) في عام 1916 م والذي طالب فيه بطرد الأجناس الدنيا من اليهود وسلالات الألب والبحر الأبيض المتوسط بصفة عامة (كنيدي، 1965: 108). وصدر قانون الأجانب في عام 1798 م والذي يعتبر الخطوة الأولى لتقييد الهجرة إلى أمريكا، وكان ينص على إبعاد الخطيرين على أمن الولايات المتحدة الأمريكية، وفي عام 1882 م صدر قانون يحظر الهجرة من الشرق وكان هدفه الأساسي العناصر الصفراء. وحدد القانون الصادر في عام 1921م عدد المهاجرين من كل جنسية حسب نسبة أفرادها المقيمين في أمريكا طبقاً لتعداد 1910م بما لا يزيد عن 3%، وعدل في عام 1924م لكي تكون النسبة 2% من كل جنسية من الجنسيات المقيمة في الولايات المتحدة في عام 1980 م (المصدر السابق).



وفي عام 1924م صدر قانون (جونسون ريد) وطبق بعد خمس سنوات، ويقضي بتقليل أعداد المهاجرين، وتصنيف القادمين حسب موطنهم الأصلي، وإيقاف تدفق الآسيويين، وتحديد نسبة ضئيلة للقادمين من شرق وجنوب أوربا، ونسبة أكبر للقادمين من شمالها وغربها، والجزء الأكبر للقادمين من بريطانيا وأيرلندا الشمالية، ومن ضمن الفلسفات التي اعتمد عليها صدور ذلك القانون أن فتح باب الهجرة على مصراعيه أدى إلى قدوم أجناس دنيا، وبقدومها ظهرت الأحياء الفقيرة، والاضطرابات، والأسر المتصدعة، والسكارى، والجريمة، والبغاء، والقمار، والأمية (مان، 1989: 74).



وبعد الحرب العالمية الثانية خُـففت بعض قيود الهجرة بدءا بالقانون الذي أصدره الكونجرس الأمريكي في عام 1948 م والذي عرف ب (قانون المشردين) وكان يسمح بالهجرة لأولئك الذين شردتهم الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1957م أدخل تعديل في نظام حصص الأجناس القومية أدى إلى التوسع بعض الشيء في أعداد المهاجرين (كنيدي، المصدر السابق: 90 و 108).



ومع مرور السنين كثر التزاوج بين المجموعات العرقية، واختلطت الأعراق والدماء، وفي هذا الجانب يتساءل (آرثر مان) قائلا: هل الأمريكي نتاج وعاء الإذابة أو (بوتقة الانصهار) كما يسميها البعض؟ ويجيب على ذلك قائلا: (نعم ولدرجة أنه بالكاد يوجد أي حفيد أمريكي من نفس سلالة أجداده الأصليين في موطنهم الأصلي ... فقد أقر ثلاثة وثمانون مليوناً من الأمريكيين اعتمادا على مسح مكتب الإحصاءات في الولايات المتحدة في عام 1979م أنهم ينحدرون (من مجموعات متعددة الأجداد) وستة وتسعون مليوناً (من مجموعة واحدة) ويواصل (آرثر مان) حديثه عن بوتقة الانصهار وأنها لم تلغ الفروق المختلفة بين أفراد الشعب، قائلا: إنه إذا انطبقت على الكثيرين، فإنه من غير المقبول استخدامها وصفاً لأمريكا ككل، حيث سيتم تجاهل " التصميم العرقي، وقيم المجموعات العرقية، وشيء تفسير قوة العائلة، والقيود العرقية والدينية والجنسية ضد التزاوج، ويقلل من قيمة الزواج داخل المجموعة الواحدة (المصدر السابق: 78).



ويمكن النظر إلى أي مواطن أمريكي على أنه يقع في واحدة من الفئات التالية:



1- أصحاب الدم الصافي: وهم الذين يعيشون حياتهم في مجموعات عرقية مغلقة، يسكنون ويذهبون إلى المدرسة، ويعملون، ويقضون أوقات فراغهم مع بني جنسهم، وكذلك يتزاوجون ويأكلون طعام مجموعتهم، ويصوتون لبعضهم، وهؤلاء يشكلون نسبة ضئيلة من السكان، ويقع في هذه الشريحة الكثير من الجماعات اليهودية، وبعض فئات السود والهنود الحمر.



2- المعرقون جزئياً: وهؤلاء يأخذون انتماءاتهم العرقية بجرعات قياسية ومختارة، فيبتعدون عنها في الجمعيات الأساسية، ولكنهم قد يعرفون على على أنفسهم بعيدا عن العرقية في العمل وفي المجتمع، وهؤلاء يشكلون أكثرية المجتمع الأمريكي الذي ما زال محافظاً على ارتباطه بالأجداد.





3- اللامنتمون: وهؤلاء يهملون انتماءاتهم العرقية، لشعورهم أنها تسبب لهم بعض المشكلات، أو لبعدهم عن جذورهم، أو لقناعتهم أن المجتمع الأمريكي يجب أن يبتعد عن العرقية لإثارتها للحساسيات والصراعات وهؤلاء غالباً ما يكونون من فئة المتعلمين والمثقفين، أو من الفئات التي يمارس ضدها التمييز العنصري، وقد تلاقي عنتأ إذا كشفت عن أصولها العرقية، مثل بعض العرب، وبعض الفيتناميين.



4- المهجنون: وهم الذين يجري في عروقهم كثير من الدماء، ولا يستطيعون الانتماء إلى عرق واحد، وهؤلاء من ثمار ونتائج بوتقة الانصهار.







الأسرة في المجتمع الأمريكي :

رغم ما يقال من أن العائلة الأمريكية قد فقدت الكثير من خصائصها ومقوماتها، فمما لا شك فيه أنها لعبت دورا كبيرا في تاريخ البلاد، ( فكانت العائلة هي المؤسسة الوحيدة التي يمكن الوثوق بها في مشروع استيطان القارة لشعب لم يثق بالكنيسة بقدر عدم ثقته بالدولة) (شيليسل، 1989: 81).



وإذا كانت أمريكا اليوم تعاني من ارتفاع نسبة الطلاق حيث تصل إلى أكثر من 50%، أي أن كل زواجين محكوم على أحدهما بالفشل، فإن الطلاق كان نادراً وقليلا في ذلك المجتمع قبل حوالي قرن من الزمن تقريباً، فهذه ( ليليان شيليسل) تذكر أن الهيئة التشريعية في ولاية (أوريجون) في عام 1858/ 1859 م في جلسة طلاق جديرة بالذكر تم طلاق ثلاثين زوجاً، وتم تأجيل عشرة طلبات أخرى لأنها كانت متأخرة لإقامة الدعوى (المصدر السابق:88). إن هذا الرقم يمكن أن يحدث اليوم في مدينة صغيرة أو متوسطة الحجم، وربما في أقل من عام. فالطلاق عموماً يقل في المجتمعات البسيطة، ويرتفع كلما تعقدت الحياة، وزاد التداخل والتشابك بين وظائف وأدوار كل من النساء والرجال.



وعلى العموم، فإن المفكرين وعلماء الاجتماع يرون أن العصر الذي نعيش فيه من أكثر العصور تأثيراً على وظائف الأسرة ومقوماتها، ويرون أن المادية، والتحضر والتصنيع من أكثر العوامل التي أدت إلى تدهور وضعف دور الأسرة، فالأسرة كانت المؤسسة التي لا تنازعها أو تزاحمها مؤسسة أخرى في عملية التنشئة الاجتماعية، وكانت مكان التدريب على العمل، ومكان تعلم القيم والأعراف الاجتماعية، ومؤسسة لتقديم الخدمات الاجتماعية بصورها وأشكالها المختلفة لأعضائها، أما اليوم فقد سلبت منها كثير من تلك الوظائف بواسطة مؤسسات اجتماعية أخرى مثل المدرسة، ووسائل الإعلام، والنوادي، وجماعات الرفاق، وجماعات العمل.



ولعبت الأسرة الأمريكية دوراً كبيراً في عملية الاستيطان، فقد مال الأقارب إلى العيش بجوار بعضهم، وفضلوا العيش بقرب أقاربهم كلما كان ذلك ممكناً، وبذلك تبادلت الأسر المساعدة، والتعاون على قهر الصعاب في المجتمع الجديد ( وكان يتم القيام بمعظم العمل في المسكن في المجتمع قبل الصناعي، لذلك كانت أدوار الأب والأم منسجمة مع الأدوار الاجتماعية والاقتصادية، وكان يتم اعتبار الأطفال أعضاء في القوى العاملة ورؤيتهم كأشياء نافعة، وكانت الطفولة تعامل باعتبارها فترة قصيرة تنتهي عند تعلم مهنة وبداية العمل، وبشكل عام قبل سن البلوغ، وكانت فترة المراهقة التي تعتبر مرحلة متميزة من الحياة شيئاً غير معروف فعلياً (هريغن،1989: 261).



ومع التنمية الصناعية وزيادة التحضر تعرضت البنية التقليدية للأسرة الأمريكية لكثير من التغيرات، وتفككت وتدهور وضعها. ( ويستند هذا الاتجاه في رأيه إلى عدة عوامل لعل أهمها زيادة معدلات الطلاق في الغرب الأمريكي طوال القرن الماضي بشكل لم يسبق له مثيل، واضمحلال سلطة الآباء على الأبناء، وكذلك تفكك وضعف العلاقات العاطفية بين الزوجين علاوة على الآثار الضارة للبطالة على حياة الأسرة وكذلك انتشار وزيادة معدلات الجناح، وكل تلك السمات تدل على تدهور حياة الأسرة الذي ارتبط بدوره بشكل وثيق بانتشار أسلوب الحياة الصناعية الحضرية) (الخريجي، 1399: 142).



وظهر تفسيران واتجاهان مخالفان لهذا الاتجاه الأول ارتبط بعالم الاجتماع الأمريكي المشهور ( تالكوت بارسونز، T.Parsons) الذي يرى أن الأسرة الأمريكية قد مرت، حقيقة، بكثير من التغيرات الأساسية، والتي ارتبطت بالتصنيع والتحضر. إلا أنه من الخطأ اعتبار تلك التغيرات الأسرية نوعاً من التفكك أو (سوء التنظيم). بل على العكس من هذا تحولت الأسرة لتصبح بناء أكثر تخصصاً بمعنى ما. فالأسرة وإن تكن فقدت الكثير من وظائفها (مثل إنتاج الطعام وتعليم الأولاد). إلا أنها اكتسبت وظائف أخرى لا تقل أهمية مثل تنشئة الأطفال الصغار، وتهيئة الظروف الملائمة لحل التوترات العاطفية التي تجتاح البالغين، بالإضافة إلى أنه طرأ تخصص على دور الزوج- الأب، ودور الزوجة- الأم. فقد صار الرجل مسؤولاً عن الوظائف التي يتوسل بها إلى كسب لقمة العيش، على حين تضطلع الأم بالوظائف التعبيرية expressive متمثلة في توفير جو الحنان والحب للأسرة. ولا تعكس هذه الخصائص البنائية الجديدة للأسرة أي قدر من انعدام التكامل، بل على العكس من هذا، فإنها تشير إلى ظهور النمط النووي من الأسرة وهو أفضل من النمط الممتد في تنشئة الأطفال حتى يبلغوا سن النضج في مجتمع حضري يغلب عليه طابع الصناعة) (المصدر السابق، 142-143).



وكلام (بارسونز) يمكن الاعتراض على الكثير من الأفكار التي وردت فيه، فلا صحة لما قاله من أن الأسرة اكتسبت وظائف جديدة، فتنشئة الأطفال تعتبر من الزم وأهم وظائف الأسرة عبر التاريخ، وإذا كان يقصد من ذلك أن بعض الأسر تخصصت في حضانة الأطفال عند ذهاب آباءهم وأمهاتهم للعمل، فإن التنشئة الاجتماعية للأطفال هنا ستكون قاصرة، لافتقارها للصلات والروابط الروحية والنفسية، فليس هناك معاملة أو عطف أو حنان يعوض أو يقارب ما تقوم به الأم والأب. أما حل التوترات العاطفية للكبار فهي أيضا وظيفة قديمة من وظانف الأسرة، وهو ما عبر عنه الإسلام بالسكن، والذي فيه الهدوء والراحة والطمأنينة، أما مسؤولية الرجل عن كسب لقمة العيش فهو دور معروف وقائم في كثير من الثقافات، وما يحدث في العقود الأخيرة هو عكس ذلك، فالمرأة بدأت تنافس الرجال في العمل خارج المنزل، وتتزايد مطالبتها بالمساواة بالرجل في جميع الميادين، وهذا أثر على دورها سلباً في إضفاء جو من الحب والحنان على الأسرة.


أما التفسير والاتجاه الثاني المخالف لمن يقول بتفكك الأسرة الأمريكية، وضعف دورها فقد جاء من (يوجين لتواك، E.Litwek) حيث يذهب اليأن التغيرات التي طرأت على تركيب الأسرة لم تكن بتلك القوة التي ذهب إليها ذلك التيار التشاؤمي، إذ أن المطالب التي يمليها البناء المهني الحديث من حراك عائلي سريع لا تعني قضاء أو تدميرا لنمط الأسرة الممتدة، كما أكد ليتواك أن التغيرات (التقنية) الهائلة التي طرأت على أساليب الاتصال الحديثة قد أدى إلى اختصار المسافات البعيدة بحيث صار البعد الجغرافي لا يشكل خطورة على أبناء الأسرة حتى إذا تباعدوا لفترة معينة، علاوة على هذا فإن الأسرة (النووية) تقدم عددا من الخدمات للأسرة الممتدة دون أن يؤثر هذا على النسق المنهي العام. وعلى ذلك ظهر إلى حيز الوجود نظام أسرة ممتدة معدل في منتصف القرن العشرين، وقد حاول ليتواك أن يدعم استنتاجاته بدراسة مجموعة من أنماط التزاور في عدد من المدن الكبيرة) (الخريجي، 1399: 143).



وإذا كانت الفردية Endividualism من أوضح خصائص المجتمع الأمريكي المعاصر، فقد كانت السكنى المنفردة في القرن التاسع عشرغيرمسموح بها (هريغن، 1989: 259). ويشاهد الزائر لأمريكا اليوم أن نسبة كبيرة من السكان يعيشون بمفردهم، والعائلة الأمريكية أصبحت نووية تتكون من الأب والأم وأولادهما، ومعظم الأسر تحدد عدد الأبناء بإثنين، ولم تعد الأسرة وحدة منتجة، بل أصبحت مستهلكة في الأغلب الأعم، وأصبح دورها أضعف وأقل تأثيرا من الماضي، ويتركز في الحمل، والولادة، وتربية الطفل، والمشاركة مع المؤسسات الأخرى في تنشئته، ويكون لها الدور الأكبر في التنشئة في المراحل الأولى من حياة الطفل، وكلما تقدمت به الأيام يقل ذلك الدور وتحل المؤسسات الأخرى محل الأسرة في القيام به، وهذه الظاهرة ليست موجودة في المجتمع الأمريكي فقط، وانما في معظم المجتمعات المعاصرة التي أخذت قسطاً من التنمية والتقدم.



وتتميز الأسرة الأمريكية بتنوعها، كما تتميز بتأخر سن الزواج، وطول الفترة التي تفصل بين الزواج والإنجاب، (وفي الواقع فإن المجتمع الأمريكي شمل على نماذج عائلية متنوعة.. ارتبطت بالدخول المتكرر لمجموعات مهاجرة جديدة، وقد تسببت الاختلافات العرقية والعنصرية والثنائية والطبقية في تنوع كبير في سلوك العائلة، إن التوتر القائم بين مثاليات سلوك العائلة في ثقافة مهيمنة وبين النماذج التقليدية للعائلات السود والمهاجرين كانت موضوعاً متكررا في الحياة الأمريكية (المصدر السابق: 266).



فالمهاجرون جلبوا معهم النماذج الشائعة للعائلات في مجتماعاتهم الأصلية، كما تنتشر في الأسرة الأمريكية حالات الشذوذ، وحالات الصراع الحاد، وخاصة بين الزوجين، أما الكبار في السن فإن عزلتهم تتزايد عاماً بعد عام، وإن كان هناك أندية خاصة للمتقاعدين، ودور للعناية بكبار السن والعاجزين، إلا أن ذلك كله لا يعوض الجو الأسري. الخاص، والحياة الاجتماعية العامة التي اعتادوها وألفوها قبل أن يتقدم بهم السن، وتلفظهم الحياة.

أما وضع المرأة في المجتمع الأمريكي فقد مر بتغيرات سريعة وجذرية، فهناك تنافس شديد بين الرجال والنساء يصل في بعض الحالات إلى حد العداء للجنس الآخر دون تمييز، فكما نشأت جمعيات في العقود الماضية للمطالبة بحقوق المرأة، والعمل على مساواتها بالرجال، فإن هناك اتجاهاً في السنوات الأخيرة للمطالبة بحقوق الرجال والدفاع عنهم ضد تسلط المرأة واستحواذها على كثير من الوظائف والأعمال والأدوار، ويلمس ذلك من عاش بين الأمريكيين وتفاعل معهم، ولعل موجة التنافس والتنافر بين الرجال والنساء في أمريكا من الأسباب التي جعلت كل جنس يهرب ويلجأ إلى جنسه، حتى في الأمور التي لا يمكن أن يستغني فيها الرجال عن النساء والعكس، مثل إشباع الغريزة الجنسية، وتكوين الأسرة، فقد انتشر في أمريكا الشذوذ الجنسي بين الرجال والنساء على حد سواء، وأصبح له جمعياته وأنديته، والمدافعون والمحامون عنه.



والتنافس والتنافر بين الجنسين ملحوظ في معظم جوانب الحياة، فتجده في الجامعات، وفي النوادي، وفي الشركات، وفي الأسواق، وأماكن العمل، وفي وسائل الإعلام، فالمرأة تطالب بأن تكون لها جميع الحقوق التي للرجل دون اعتبار للفروق العضوية والنفسية بينهما، والتي يترتب عليها في كثير من الأحيان فروق في العمل وفي الأداء، فالمرأة تحمل وترضع وتحيض، وهذه أمور تؤثر في، أدائها في العمل ، ثم إن التركيب النفسي لكليهما مختلف ، فالدراسات تشير إلى أن المرأة أشد عاطفة، وأسرع انفعالاً من الرجل (انظر: البار، 1407 هـ).



ولعل من أطرف ما يروى في مجال المنافسة بين الرجل والمرأة في الولايات المتحدة الأمريكية ما نقلته مجلة (الأسرة) عن محاولة بعض الجمعيات النسائية إلحاق المرأة بالرجل في كل الأعمال، يقول الخبر الذي نقلته المجلة:

(آخر معارك هؤلاء المتطرفات كانت ضد الأكاديمية العسكرية الأمريكية في ولاية كارولاينا التي رفضت التحاق النساء بها نظرا لقسوة برامجها التدريبية. بدأت المعركة عندما تقدمت شارون فولكنر للالتحاق بالأكاديمية، وعندما رفض طلبها لجأت إلى القضاء، وشنت حملة إعلامية موسعة ضد سياسة الأكاديمية، وفي النهاية أجبرت الأكاديمية على قبول شارون التي لم تستطع الاستمرار في البرامج التدريبية للأكاديمية سوى أسبوع واحد أعلنت بعده أنها فشلت في تحمل اختبارات الرجال، لكنها دعت غيرها من الفتيات ممن لديهن قدرة كبر على التحمل إلى الالتحاق بالأكاديمية بعد أن فتحت أمامهن الطريق. أستجابت كل من كيم مسر، وجيني فيتابلوس إلى دعوة شارون والتحقتا بالأكاديمية، وخصصت لهن عنابر خاصة للسكن، وبرامج تدريس أخف وطأة من برنامج الرجال، ومع ذلك تركتا الأكاديمية بعد أن فشلتا في إكمال الدراسة. الغريب في الأمر أنهما لم يقولا إن طبيعة الدراسة والتدريب لا تناسب المرأة، بل عزون فشلهن إلى ما أسموه باضطهاد الرجال لهن) (الأسرة، عدد 44، ذوا لقعد ة، 1417: 62).



وأكثر التغيرات التي تعرض لها وضع المرأة في المجتمع الأمريكي تمت في النصف الثاني من القرن العشرين، لقد كان الهم الشاغل للمرأة هو إرضاء زوجها وإسعاده، ففي اقتباس لإحدى النساء المتزوجات من جريدة صدرت في القرن الثامن عشر قالت تلك المرأة: (إنني متزوجة وليس لدي أي اهتمام آخر إلا إرضاء الرجل الذي أحب، فهو نهاية كل اهتمام لدي، إذا لبست فله، و إذا قرأت شعراً أو مسرحية فهو لتأهيل نفسي لمحادثة تنسجم مع ذوقه) (تشاف، 989 1: 276). وفي نهاية الثلاثينات قال أحد النواب في الكونجرس الأمريكي: (إن الوضع الملائم للمرأة هو البيت وليس اتخاذ عمل بعيدا عن ذكر معيل) وقال (اولاي ستيفنز) في الكلمة التي وجهها إلى خريجي عام 1957م من كلية (سميث): (إن دور النساء الرئيسي كمواطنات يجب أن يكون تأثيرهن على الرجال من خلال وضعهن كربات بيوت وأمهات) وكانت تمارس سياسة الفصل بين الجنسين في كثير من الأعمال (المصدر السابق: 278).



ومما لا شك فيه أن أعداد النساء العاملات خارج المنزل زاد في القرن العشرين بصورة كبيرة ففي الماضي كان معظم النساء العاملات صغيرات في السن، وغير متزوجات، وتقدم لهن فرص قليلة للتقدم، ويواصل (وليم تشاف) حديثه عن التغيرات الكثيرة التي حدثت في قضية عمل المرأة، ففي الأربعينات للم تكن نسبة النساء العاملات تتجاوز 15% من النساء المتزوجات، ولكن الرقم في السبعينات وصل إلى 50% تقريباً. وفي بداية الحرب العالمية الثانية لم يكن مسموحاً للنساء اللاتي لديهن أطفال بالعمل، أما في السبعينات فقد وصلت نسبة النساء اللاتي لديهن أطفال ويعملن أكثر من 50%، ويتركز أكثر من 80% من النساء العاملات في عشرين وظيفة فقط من أصل 420 مسمى وظيفي سجلت في دوائر الإحصاء، ومعظم النساء يعملن في أعمال كتابية (المصدر السابق: 281-285). ولا يزال اشتراك المرأة في الجيش وفى أعمال الهندسة المدنية وفي الأعمال التي تحتاج إلى قوة محدودا. إن المرأة في المجتمع الأمريكي ضحية من ضحايا التصنيع والحضرية، مثلها في ذلك مثل الأسرة التي عانت من تلك التغيرات، والمرأة تمثل العمود الفقري للأسرة في كل مكان في هذا العالم.



التدين في المجتمع الأمريكي :

من الحقائق التي يمكن أن يلاحظها الرجل العادي القادم إلى أمريكا أنها بلد متدين، فالكنائس ودور العبادة تنتشر في كل مكان. ويوم الأحد تنتشر البرامج الدينية في معظم قنوات التلفزيون، الاحتفالات والأعياد لها بعدها الديني مثل عيد الميلاد (الكرسمس) والذي يفترض فيه أن يكون موافقاً لميلاد السيد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام.



والتدين في أمريكا قديم، وصاحب الدولة منذ نشأتها، فكثير من المهاجرين القدماء جاؤا بعقائدهم معهم، وحاولوا المحافظة عليها، وزراعتها في العالم الجديد، يقول (ريتشارد لينجمن): (كان جميع الراكبين على ظهر السفينة (مي فلاور) في حين وصول المهاجرين إلى بلايموث في عام 1620 قد وقعوا ميثاقاً اتفقوا فيه على طاعة قوانين المجتمع والطقوس الدينية) ( لينجمن، 1989 :96). ويقول في مكان آخر: (كان هناك العديد من المناقشات الدينية العنيفة، وكان لدى المتزمتين احترام عميق للكلمة الحرفية في الإنجيل، وكان الوعاظ يلقون خطباً دينية تستغرق ساعات. وكان هناك دائماً أقلية متأهبة تجلس على مقاعد القضاء القاسية متحمسة للنقد والتعليق، وقد كانت تندلع الخلافات الدينية بتكرار مما أدى إلى انقسام المتجمع إلى مجموعات متعارضة، أو يمكن للنزاع أن يتشكل احتجاجأ على تفسيرات الكاهن للكتاب المقدس) (المصدر السابق: 98).



واعتقد كثير من الأمريكيين لمدة قرن بعد إعلان الدستور أنهم يعيشون في دولة نصرانية، ولمزيد من التحديد في دولة بروتستانتية ( Sarna;1992:371ومن جهة أخرى، (وافقت المحكمة العليا the Supreme Court في عام 1982م على أن أمريكا أمة نصرانية، والقاضي الذي كتب ذلك القرار (ديفد برور، D.Brewer) وهو ابن لأحد دعاة النصرانية، دافع عن وجهة نظره في محاضرة منشورة عنوانها: (الولايات المتحدة أمة نصرانية) 1905 م، ولقد عارض اليهود هذه الفكرة وحاربوها بشده، ولكن نجاحهم كان محدوداً (Ibid;372)



أما المفهوم التقاربي الذي يرى أن أمريكا دولة (يهودية- نصرانية) والذي يشير إلى القيم والمعتقدات المشتركة بين اليهود والنصارى فلم يتشكل إلا في القرن العشرين، ويرى (مارك سلك، M.Silk) أن استعمال هذا المفهوم بدأ في الثلاثينات من هذا القرن، ويرى أنه استعمل لمحاربة الفاشية. فالفاشيون كانوا يعتبرون أنفسهم نصارى، ولهذا استخدم الفريق المعادي مصطلح (يهودي- نصراني) ليفرقوا بين أنفسهم وبين الفاشيين. وبمرور الزمن أصبح هذا المفهوم يعكس القيم الغربية المشتركة، ( Silk;1988).



وفي عام 1920 اجتمع قادة البروتستانت والكاثوليك واليهود والتمسوا من الشعب الأمريكي المساعدة في دعم الحرية الدينية وتجنيبها التعصب والعنصرية والتزمت، وبعد سبع سنوات أسس المؤتمر الوطني لليهود والنصارى National Conference of Jews and christians;NCJC ويشترك في رئاسته ثلاثة أشخاص، بروتستانتي، وكاثوليكي، ويهودي، وينظم المؤتمر كثيرا من اللقاءات والبرامج المشتركة، ودعم هذا المفهوم بعدد من الكتابات أشهرها كتاب ظهر في عام 1955م كتبه يهودي اسمه (ول هربرج، ( W.Herberg يذكر فيه أن أمريكا أصبحت بوتقة انصهار ثلاثية. إشارة إلى الأديان الثلاثة، الكاثوليكية، والبروتستانتية، واليهودية. ومن يخرج عن أحدها فلا يعتبر أمريكياً، ( Sarna;1992:373-374) .



وواجه مفهوم (اليهودية- النصرانية) ومفهوم (البروتستانتية- الكاثوليكية- اليهودية) الكثير من الصعوبات بسبب تزايد الأديان التي لا تدخل تحت هاتين المظلتين. ويأتي الإسلام في مقدمة تلك الأديان، وهو أحد أسرع الأديان انتشاراً في أمريكا، كما سنرى في الفصل التالي. هذا وقد وجد عالما الاجتماع (ويد روف، ووليم مكيني،. W.C.Roof & Mckinney) في عام 1985 م أن غير اليهود وغير النصارى في المجتمع الأمريكي يشكلون ضعف عدد اليهود، وهناك شخص واحد من كل عشرة أمريكيين لا يؤمن بدين، وهذا يعني أن هناك على الأقل 13% من الأمريكيين لا تنطبق عليهم معايير التدين الأمريكية، وهذا يمثل تضاعفاً في النسبة بمقدار أربع مرات في ثلاثين سنة فقط، وتتوفر أسباب كثيرة للإيمان بأن هذه النسبة سوف تتزايد بسرعة في المستقبل ( Roof & Mckinny;1987:17).



وفي الأربعينات والخمسينات من القرن الميلادي الحالي، وكما يقول (نيل هاريس) ظلت روح التزمت الديني قوية وفقأ للعديد من الفنانين والنقاد، حيث كان هناك رقابة شديدة وصارمة على المواد التي تستثير الجنس، وبعض الأعمال الأدبية المهمة لم يمكن نشرها بسبب مقاييس الرقابة الصارمة، واستمر سماع الشكوى من قلة الاحتشام وفقدان الاحترام، والتي لاحظها كثير من علماء الاجتماع في ذلك الوقت (هارس، 1989: 155). ويؤكد هذه الملاحظة (نورمان كوروين) في بحثه عن (الترفيه ووسائل الإعلام) حيث يقول: ( ولم تكن أمريكا اليافعة بهذا التحرر، لأن الدراما ولوقت طويل تعتبر من قبل المتزمتين الذين ازدهروا في بوسطن وفيلادلفيا بكونها طريق سريع إلى جهنم، وفرض قانون طبق في بنسلفانيا في هذه الفترة غرامة 500 دولار لأي فرد يقدم أو يمثل في مسرحية) (كوروين، 9889 1: 200) وكان ينظر للمسرح في أواسط القرن الماضي على أنه مدرسة للرذيلة والفساد، والذي يمر الآلاف من خلاله إلى أحضان الحماقة واللهو والإسراف والخلاعة والخزي والدمار، وكثير من أصدقاء الرئيس لنكو لن) كانوا يتمنون لو أنه قتل في أي مكان غير المسرح (المصدر- السابق: 203).



ولا صحة لما يدعيه الأمريكيون من فصل الدين عن الدولة، فكثير من الرؤساء كان له اهتمامات دينية، بل إن الدين يؤثر في سياساتهم وقراراتهم، (كان ( واشنطون) يرى أن (الدين والمعنوية) دعامتان تؤمان للمجتمع تقف عليهما الشخصية والحضارة، وكان (فرانكلين) يحترم ما تحمله الكنائس بإجماع (مارتي، 989 1: 333). وكان الرئيس (ريجان) يؤمن بنبوءات الكتاب المقدس، وكان يستخدم بعض المفاهيم والمصطلحات الدينية في خطبه وتصريحاته، وكان ينظر للرئيس (كارتر) على أنه من المتدينيين والمحافظين، ومعظم الرؤساء يذهبون إلى الكنائس في أيام الأحد، ويشهدون الاحتفالات الدينية.



ومما يميز أمريكا عن كثير من البلدان الغربية الأخرى أن أمريكا توفر حرية التدين للجميع، وبدون قيود أو حدود، ما لم يهدد ذلك الأمن الوطني، فبإمكان الشخص أن يدعي أنه نبي، وأن يكون له أتباعه وجماعته الدينية، وأن يعبد ما شاء من الآلهة والأصنام المادية والمعنوية، ولن يتعرض له أحد بالعقاب أو المساءلة، وهذا ما أسماه عالم الاجتماع (توماس لكمان) (الخصوصية في التدين)، وهذه الظاهرة واضحة لكل من يزور أمريكا ويعيش بين ظهراني أهلها، ويذكر (مارتن مارتي) أن المظهر الأكثر تميزا في الديانة الأمريكية هو (تعدد المعتقدات) والتحولات الدينية وتعدد الأشكال، فأحد الكتب السنوية يعدد في أمريكا أكثر من (220) مائتين وعشرين تسمية للطوائف الدينية، وموسوعة حديثة لم تجد صعوبة في ذكر (1200) ألف ومائتي مجموعة دينية في أمريكا (مارتي، 1989: 723).



ويواصل (مارتي) حديثه عن ظاهرة التدين في المجتمع الأمريكي فيقول: ( ويشاهد المستطلعون والسياسيون الحقيقة بأن الأمريكيين يريدون أن يكونوا متدينين، أو أن يفكروا في أنفسهم كأمة ( تحت رعاية الرب ) فهم يرون الديانة بطريقة ما مفيدة للحضارة والشخصية الخاصة والمدنية... وكلا القطاعين العام والخاص أشار إلى تقديرهم للقوة الدينية في أمريكا، ففي خلال ازدهار العقارات في منتصف القرن أصبح من خواص السماسرة الإعلان عن الأحياء الجديدة، والمناطق الجديدة، واحتوائها ليس فقط على المدارس ولكن مع وفرة بالكنائس أيضاً (المصدر السابق: 325-326).



ويرى (كيال) أن الاستيعاب في المجتمع الأمريكي يعني أن يدخل المهاجر في أحد الأديان الثلاثة: البروتستانتية، أو الكاثوليكية، أو اليهودية، (كيال، 1985: 91). ويجد القادم إلى أمريكا جهودا مكثفة، وخاصة من الفرق النصرانية، في جذب القادمين الجدد إلى أمريكا إلى مذاهبهم، فتكثر المنشورات، وتكثر الزيارات الشخصية إلى المنازل، في محاولات جادة لإقناع الآخرين إلى الانضمام إلى المذهب الذي يؤمنون به، ويمكن من كل ما تقدم أن نخلص إلى أن المجتمع الأمريكي مجتمع متدين في مجمله، وينتمي غالبية السكان إلى مذاهب وفرق دينية مختلفة.





















الفصل الثالث

السكان المسلمون







تاريخ دخول الإسلام إلى أمريكا ؟

هناك من يرى أن المسلمين وصلوا إلى أمريكا قبل أن يكتشفها (كولومبوس) بعدة قرون (انظر: الكتاني، 1396 هـ الداري،1403هـ Ansari,1996? Numan1992 Rashad,1991 ويستدلون على ذلك بعدد من المؤشرات منها أن سبعة من الشبان أطلق عليهم المغامرون السبعة، غادروا أسبانيا غربأ عندما كان المسلمون يحكمونها، ولم يعودوا، وسمي أحد شوارع (لشبونة) عاصمة البرتغال باسمهم، ولا يزال ذلك الشارع يحمل اسم (المغامرون السبعة) إلى اليوم. ومنها وجود بعض الكلمات العربية في لهجات بعض قبائل الهنود الحمر. كما أنه وجد قبيلة من بين قبائل الهنود الحمر اسمها (عرباهو) يعتقد أن أصولها عربية، ويوجد شارع في مدينة (بولدر) وكلية في مدينة (دينفر) في ولاية (كولورادو) باسم تلك القبيلة. كما وجد تشابه بين الفن المعماري في البلاد العربية والفن المعماري لدى بعض السكان في أمريكا الوسطى، مثل الأهرامات والمحاريب. وتذكر بعض كتب التاريخ أن وفدا ذكر لأحد الملوك المسلمين على الساحل الغربي لأفريقيا أن هناك في الجانب الغربي من الأطلسي، والذي كان يسمى بحر الظلمات، مناطق غنية بثرواتها الطبيعية، وبجمال طبيعتها، فما كان من ذلك الملك إلا أن جهز أسطولاً كبيرا وقاده بنفسه واتجه غربأ مع عدد كبير من الناس، ويقال أنه وصل إلى أمريكا الوسطى، وكون مملكة هناك من ذوي البشرة الغامقة، وعندما وصل كولومبوس كان معه ملاح عربي، واستطاع ذلك الملاح أن يتفاهم بالعربية مع السكان المحليين، وعندما سأله كولومبوس عن لغتهم ذكر له انهم يتكلمون العربية، فما كان من كولومبوس إلا أن أعمل السيف فيهم وعمل على إبادتهم، حتى لا يقال إن هناك من سبقه لاكتشاف أمريكا. ويذكر مصطفى وايت وهو من المسلمين السود النشطين في العمل الإسلامي ويقيم في مدينة (بولدر) في مقابلة للباحث معه أن هناك رسالة دكتوراه ستقدم إلى إحدى الجامعات الكندية حول هذا الموضوع، وأن من ضمن الأدلة التي قدمها الدارس بعض النقود الإسلامية التي وجدت في بعض الحفريات.



مسلمو ما قبل الحرب الأهلية :

جاءت حركة الرقيق في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بأعداد كثيرة من مسلمي غرب إفريقيا، وفي الغالب أن ما لا يقل عن خمس المستعبدين الذين اخذوا إلى أمريكا قبل الحرب الأهلية كانوا من المسلمين، وفي هذا السياق يقول ويليامز: ( وجاءت تجارة الرقيق بالكثير من المسلمين من غرب القارة الأفريقية إلى أمريكا. إلا أن الظروف الرهيبة التي عاشوها وارتفاع معدل الوفيات بينهم وتشتت عائلاتــهم والاضطهاد الوحشي الذي تعرضوا له جعـــل بقاءهم في إطار جــماعة إســــلامية مستحيلا. ومع ذلك كانت لبعض الأفراد الغلبة على الاضطهاد والتعذيب. إذ أن أحدهم كتب القرآن الكريم الذي كان يحفظه عن ظهر قلب ونشر ترجمة له بالإنجليزية في فيلادلفيا عام 1853 وبعد عشر سنين كان هذا المصحف المترجم الكتاب الوحيد الذي نجا من حريق جامعة ألاباما في أثناء الحرب الأهلية الأمريكية) (ويليامز، 1994: 14).



وحول مسلمي ما قبل الحرب الأهلية حرر (أوستن، Austin) كتاباً مرجعياً يقع في أكثر من سبعمائة صفحة، من الحجم الكبير وبخط دقيق جدا، قال في بدايته: (إن تجربة هؤلاء الرجال توضح أكثر من قرن من المتاجرة بحياة الأفريقيين وعملهم. ويقدم هؤلاء الرجال إضاءات عن الأثر العميق للإسلام في غرب إفريقيا. وكان من أوائل من وصل إلى أمريكا يارو محمود وأيوب بن سليمان والأمين جي وقد وصلوا بين عام 1730 و 1740 م، ووصل خمسة فيما بعد في القرن نفسه وهم عبدالرحمن، محمد كابا، بلالي، صالح بلالي، وبنيامين كوتشرين، ووصل أربعة خلال عقد 1800 م وهم عمر بن سعيد، كيب، أبو بكر، ورابع لم يعرف اسمه، وجاء اثنان إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن نالا حريتهما في أماكن أخرى وكان ذلك في حوالي عام 1850م وهما محمد باقيوقا، ومحمد على بن سعيد ( Austin,1984:9).



ويواصل (أوستن Austin) حديثه فيقول: (أيوب وجي جاءا من أراضي السنغال الداخلية، وكانا يتاجران مع غامبيا عندما اختطفا من قبل (الماندينقو، Mandingoes وعمر كان كذلك تاجرا في أراضي السنغال الداخلية.. وعبدالرحمن كان طالب علم في (تمبكتو) في أعلى النيجر، وقبض عليه بخدعة على سواحل المحيط الأطلسي وبيع لتجار الرقيق.. صالح بلالي كان عمره أربعة عشر عاماً عندما اختطف وحمل في سفينة مع بضائع أخرى،.. أما باقيوقا ومحمد على فلهما قصة تختلف، باقيوقا انضم إلى قافلة من موطنه في شمال (بنين) إلى أرض التجارة (سلاقا Salaga) في (غانا) وكانت تشهد بعض الحروب، ولكنه عاد إلى بلدته واستقر فيها، إلا أنه أعطي مادة مخدره وأخذ بعدها إلى الساحل ليباع لسفينة لتجارة العبيد متجهة إلى البرازيل. أما محمد على فقد نقل بين قارات ثلاث، حيث اختطف وهو بقرب بحيرة في تشاد وبيع لتجار كانوا يعبرون الصحراء، أرسل عن طريق البحر إلى الإسكندرية، ومنها أخذ إلى مكة، ومن ثم أرسل إلى تركيا وبيع إلى اثنين من الروس وتم أخذه إلى (بترسبرغ) (ص: 9- 10).



وعن معارفهم ومهاراتهم يقول (اوستن): (كان أكثر هؤلاء متعلمين أو طلبة علم، ولهم خبرة في الحياة والسفر والاحتكاك بالآخرين، وكان بعضهم إلى جانب ذلك جنوداً محاربين شاركوا في المعارك والقتال، بعضهم تلقى تدريباً في مهن وحرف معينة، ومن ذلك أن (جي) كان مترجماً، و (كوتشرين) كان طبيباً، و (بلالي) كان يدرس القانون، ويبدو أن هؤلاء جميعاً جاؤا من أسر عريقة ومحترمة، وكانوا يعدون فيما يبدو لأدوار قيادية في مجتمعاتهم... وبعضهم تعلم العربية في إفريقيا، فأيوب كتب القرآن ثلاث مرات من الذاكرة، وكتب رسائل إلى أصدقائه بالعربية تم العثور على بعضها، وساعد في الترجمة عند السيد (هانز سلوين Hans Sloane) مؤسس المتحف البريطاني، وعبدالرحمن كتب مقطوعات صغيرة لبعض الأعيان في الولايات المتحدة الأمريكية، ووصلت إحدى رسائله إلى المغرب، وكانت فيما بعد من أسباب تحريره) (ص: 10 و 16).

ولقد ظهرت تلك المهارات وبرزت حتى أثناء وجودهم في العالم الجديد، وتحت ظروف صارمة وقاسية جدا، ( ولأنهم متعلمون ولديهم بعض المهارات ولخبرتهم السابقة فقد عملوا في أعمال شبه إدارية وشبه قيادية ثبت من خلالها كفاءاتهم وقدراتهم، فعبدالرحمن مثلا شارك مع الجيش البريطاني قائداً لمجموعة من الرجال، أما كيب وعمر وربما بلالي فقد عملوا مراقبين في المدارس. وبلالي وصالح بلالي أصبحا مشهورين بمجهودهما أثناء حرب 1812 م. وقد اقترح الأول على المسيحيين تسليح المسلمين على الجزيرة وقال بأنه يمكن الاعتماد عليهم، إلا أن المسيحيين لم يطيعوه، ربما خوفاً من أن يستخدم ذلك ضدهم (Ibid.,15).



وعن معاناتهم في العالم الجديد، وما لاقوه من عنت وضيق يواصل (أوستن Austin) حديثه فيقول: ( ولقد تسبب أسرهم في انقطاعهم عن ممارسة مهامهم وأحلامهم ولقاء عائلاتهم إلى الأبد، باستثناء (أيوب) و (جي) حيث عادا إلى إفريقيا بعد مرور عقد من الزمن على أخذهما. ويبدوا أنهم أرسلوا للعمل في الحقول بعد وصولهم إلى أمريكا، ثلاثة كانوا في ولاية (ميريلاند، Maryland) وهم أيوب، وجي، ويارو محمد. أما بلالي وصالح بلالي فقد جيء بهما إلى (جورجيا، Georgia) من جزر البهاما، وعبدالرحمن كان في (الميسيسيبي) وعمر في ( جنوب كارولاينا S.Carolina ) ثم جرى بيعه لشخص من (شمال كارولايناN.Carolina ) ولقد حاولوا الهروب مرارا، فأيوب وعمر قبض عليهما وأودعا السجن، وأعيد أيوب بعد أن وعد بعمل خفيف نظرا لأنه كان متعلماً يحفظ القرآن، ويجيد العربية قراءة وكتابة، وعمر كذلك قدمت له وعود بمعاملة طيبة، وتحريره إذا استطاع أن يفتدي نفسه. أما عبدالرحمن فقد اختفى مدة من الزمن ثم قرر العودة إلى مالكه باختياره هو ولأسباب لم يوضحها في مذكراته) (ص: 12).



ولم يستسلم أولئك المسلمون الأكفاء الذين اخذوا بالقوة إلى العالم الجديد للوضع القائم، فقد استمرت محاولاتهم لتحرير أنفسهم والعودة إلى إفريقيا، أو البقاء هناك ولكن بحرية، فمحمود بعد أن افتدى نفسه، نجح في أن يمتلك قطعة أرض ويصبح من الملاك الصغار في (جورج تاون، Georgetown) وعمر أقنع سيده بأنه غير سليم صحياً فأراحه من كثير من الأعمال، وذهب محمد علي إلى (ديترويت) وعمل في إحدى المدارس، وأثناء الحرب الأهلية عمل في مؤسسة طبية، وبعد الحرب تزوج وشارك في تعمير (كارولاينا الجنوبية). ورغم إعطائه أعمالاً خفيفة والسماح له بالتفاعل مع الطبقة المثقفة، فإن أيوب بن سليمان أصر على الاستمرار في محاولات العودة إلى إفريقيا وإلى أسرته (Ibid,15).



وافتدى أبو بكر نفسه في عام 1835 م وانضم إلى معرض متجه إلى (تمبكتو) تحت إشراف البريطانيين، ويبدوا أنه وصل إلى هناك ثم انقطعت أخباره، وحرر عبدالرحمن نفسه بعد أربعين سنة وهو في السادسة والستين من عمره، وفي عام 1828 م بهر السود والبيض من (سنسناتي) إلى (بوسطن) إلى (واشنطن) العاصمة بكرامته وإصراره على جمع المال ليفتدي به بقية أفراد عائلته في (المسيسيبي). وعاد هو وزوجته إلى (لايبيريا) ومات قبل أن يتمكن من العودة إلى مسقط رأسه، وبعد سنه استطاع ثمانية من أفراد عائلته اللحاق بزوجته مستعينين بالمال الذي جمعه (Ibid,16).



وفي الكتاب تفصيلات كثيره عن هولاء وغيرهم من المسلمين الذين وصلوا إلى أمريكا فيما قبل الحرب الأهلية، وكان كثير منهم على درجة من العلم والمكانة الاجتماعية، فأيوب بن سليمان كان أميرا في قومه، وكان حافظاً للقرآن، واستطاع كتابته من الذاكرة عندما وصل إلى أمريكا، كما وجد في الكتاب بعض الصور لأوراق كتبت بالعربية، ومعظمها كان لآيات أو سور قصيرة من القرآن الكريم.



ولعل رواية (الجذور) للكاتب الأمريكي الأسود (ألكس هيلي) من اكبر وأشهر المؤشرات على ما عاناه المستعبدون السود في أمريكا، وهي رواية تاريخية، جمع فيها المؤلف كل ما يستطيع عن أجداده، وسافر إلى إفريقيا في سبيل ذلك، وكان جده الأعلى (كونتا كونتي) بطل الرواية مسلماً، وقد تم اصطياده مع أعداد كبيرة من السود في غرب إفريقيا، وتم شحنهم على إحدى السفن، وقيد بعضهم بالسلاسل، ومات عدد منهم في الطريق، وكان يتم إلقاء من يموت في المحيط لتكله الأسماك، وتواصل الرواية الحديث عن معاناة (كونتا كونتي) ورفاقه منذ أن وطئت أقدامهم العالم الجديد، والرواية ترجمت إلى كثير من اللغات منها العربية، وتم إخراجها في عمل سينمائي.



وفي حديثها عن الاسترقاق وتجارة الرقيق، وما عاناه السود في رحلة العذاب من بلادهم في إفريقيا إلى المعتقل الكبير في أمريكا، تقول (مريم جميلة) الأمريكية اليهودية التي أسلمت، وكان اسمها (مارجريت ماركوس): (وعند وصولهم لأمريكا امتد استعبادهم إلى جعلهم يتركون هويتهم الأفريقية وأسماءهم الشخصية ويتركوا دينهم ويعتنقوا المسيحية، ديانة سادتهم. وفي المستعمرات الأمريكية كان تعليم الزنجي القراءة والكتابة بمثابة جريمة قانونية... وكان نسلهم يباع فتتم التفرقة بين الزنجي الطفل وأخيه وأخته إلى الأبد... ولا ترى الأم بعد ذلك أولادها حيث يؤخذون منها عنوة دون رجعة. ومن المؤسف حتى الآن أن تحرير العبيد في أمريكا لم يمنحهم شيئاً سوى الحرية فقط. فبالرغم من تمكن فئة قليلة من الزنوج من تحسين أحوالها المعيشية وتحقيق بعض كرامة العيش بشق الأنفس.. مازال أغلبية السود في أمريكا يعيشون الفاقة والبؤس في أحياء الزنوج اللاإنسانية القابعة تقريباً في كل مدينة من المدن الأمريكية، (جميلة، ب، ت، ن: 36-37).



واليوم يشكل المسلمون السود في الولايات المتحدة الأمريكية أكبر المجموعات الإسلامية هناك، والغالبية العظمى منهم من أحفاد الذين جيء بهم إلى أمريكا كرقيق، فالذين هاجروا من إفريقيا في القرن العشرين بإرادتهم من المسلمين يبلغ عددهم 000، 260 نسمه، أما أحفاد من أخذوا إلى هناك قبل الحرب الأهلية فيبلغ عددهم ما بين اثنين إلى ثلاثة ملايين نسمة، (أنظر، Numan,1992) وهم من أكثر الفئات اعتناقاً للإسلام وتحمساً لنشرة، ولديهم جمعياتهم وجماعاتهم الخاصة، بعضها ينضوي تحت مظلة (الاتحاد الإسلامي في أمريكا الشمالية، ISNA) وبعضها خاص، وتنتشر بين بعض فئات السود كثير من الانحرافات، والأخطاء في تطبيق الإسلام والتي ترجع بعضها إلى مصدر التلقي، والبعض الآخر يرجع إلى الجهل بتعاليم الإسلام الصحيحة، ولكن الصورة بدأت تتغير في العقود الأخيرة، حيث عمل الطلاب المبتعثون من الدول الإسلامية على تصحيح كثير من المفاهيم والأخطاء، بالإضافة تزايد أعداد القادمين من السود إلى البلاد الإسلامية للحج، والدراسة، والعمل.



الهجرات الأولى :

يرى علماء الاجتماع أن عوامل الهجرة تتمثل في مجموعتين هما:

عوامل الدفع، وعوامل الجذب، وهذه العوامل تختلف من شخص لآخر، ومن وقت إلى وقت، ومن منطقة لأخرى. هذا وقد هاجر أعداد كبيرة من المسلمين إلى الولايات المتحدة الأمريكية خلال القرن العشرين، وخاصة خلال النصف الثاني منه، ولعل أهم عوامل الدفع للهجرة تتمثل في الآتي:



1ـ ضعف الفرص الاقتصادية في كثير من البلاد الإسلامية.



2- الهروب من الاضطهاد الشيوعي للذين كانوا يعيشون في الصين والاتحاد السوفيتي سابقاً، وأوربا الشرقية.



3- الهروب من التسلط والدكتاتورية في بعض البلدان الإسلامية.



4- الهروب من الاحتلال، وخاصة بالنسبة للفلسطينيين، والأفغان بعيد الاحتلال الشيوعي لأفغانستان.



5- ضعف الفرص الدراسية في كثير من البلدان الإسلامية، وخاصة الدراسات العليا، وبالأخص في العلوم البحتة مثل الطب والهندسة والكيمياء و الفيزياء.



6- الهروب من العنصرية، وخاصة في البلدان التي فيها أقليات إسلامية مثل الهند والفلبين، وسيريلانكا.



أما عوامل الجذب إلى أمريكا فتتمثل في وجود ما هاجر وسافر المهاجر من أجله، مثل توفر الفرص الاقتصادية، وتوفر الحريات، وتوفر الفرص التعليمية وغير ذلك من عوامل الجذب التي تختلف من شخص إلى آخر، ويبدوا أن العامل الاقتصادي كان أهم عوامل الجذب في النصف الأول من القرن العشرين، ويبدو كذلك أن العامل التعليمي كان أهم عامل في النصف الثاني منه، ففي السبعينات قدر عدد الطلاب الذين قدموا من البلدان الإسلامية للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية بحوالي نصف مليون طالب، بعضهم آثر البقاء هناك بعد إكمال دراسته، وكان لؤلئك الطلبة دور كبير في نشرا الإسلام، وتأسيس المراكز والمنظمات الإسلامية.



وهناك دوافع نفسية للهجرة، تتمثل في الملل من البقاء في مكان واحد، والرغبة في التغيير، والتقليد، والاطمئنان لوجود بعض المعارف في المكان المهاجر إليه، فالناس يشجع بعضهم بعضاً، وعن هذا لجانب يقول (جارنير،Garni) لوحظ أن المهاجرين من قرية أو مدينة أو إقليم أو دولة، غالباً ما يشجع بعضهم البعض الآخر على الهجرة، وأنهم يتجمعون من جديد في نهاية المطاف ومثال ذلك تلك التجمعات أو الأحياء الخاصة بالصينيين، والزنوج والإيرلنديين، والإيطاليين، التي توجد بشكل خاص في المدن الأمريكية الكبرى، فعندما تكون الأخبار من الإبن أو الصديق المهاجر سارة، تنشط حركة الهجرة، فيهب الكثير من الأفراد سعياً وراء الهجرة، لا لشيء إلا لدافع الشعور بالصداقة أو القرابة الذي يجمع بين الأصدقاء والأقرباء) (الخامري، 10:1979 ومن الأحداث المهمة في تاريخ علاقة المسلمين بالولايات المتحدة الأمريكية، ودخول الإسلام إلى تلك الديار، وترسيخ دعائم الجالية الإسلامية في أمريكا مشاركة الحكومة العثمانية بوفد في معرض ( فيلادلفيا) الدولي للصناعات الذي أقيم في عام 1876 م حيث أدرك الحرفيون- وكان معظمهم من بلاد الشام- الفرص الكبيرة المتاحة في العالم الجديد، وربما كان ذلك سبباً في هجرة بعضهم فيما بعد، وإغراء غيرهم بتلك الفرص، وتجدر الإشارة إلى أن هناك معرضاً في العاصمة (واشنطن) لا يزال إلى الآن يعرض بعض المنتجات التي عرضت في معرض عام 1876.



هذا وقد سُجّـل المهاجرون في تلك الفترة تحت مسمى (أتراك)، وبعدما طبقت الحكومة العثمانية قانون التجنيد الإجباري عام 1908 م بدأت أعداد من المسلمين تولي وجهها نحو أمريكا، وبدأ كثير منهم بيع السلع على عربات متنقلة، أما الناجحون فأصبحوا أصحاب متاجر ومصانع مشهورة، مثل عائلة فرح التي تصنع بنطلونات من أفضل أنواع البنطلونات في العالم، وقد أخفى كثير من المسلمين إسلامهم لكي يتمكنوا من دخول الولايات المتحدة الأمريكية، (انظر: ويليامز، 1994 م).



وكما يذكر ( ويليامز) ( كانت قوانين الهجرة في أمريكا تتضمن تمييزاً ضد العرب، إذ نصت على أن الهجرة غير مسموحة إلا للبيض والسود، وعلى سبيل المثال حوكم عربي أمريكي في العشرينات من القرن العشرين لتقرير هل يحق له الحصول على الجنسية بسبب لونه القمحي، لكنه كسب القضية حين أعلن القاضي أنه أبيض، ولا يزال كثيرون يروون قصصاً عن تستر آبائهم وأجدادهم على إسلامهم لكي يفلتوا من موظفي الهجرة وتحاملهم) (ويليامز، 14:1994 ).



ومن أجل تلك الظروف قام المهاجرون منذ أواخر القرن التاسع عشر بعزل أنفسهم في مستوطنات خاصة، وكان مجتمعاً مكوناً من الذكور في أغلبه، وتكونت جماعات قومية وشبه قومية في المراكز الحضرية في الشمال، وخاصة في مدينة (ديترويت) وقد استقر المهاجرون العرب على الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية (Rashad,1991). ومن جهة أخرى، كانت أعداد المسلمين في بداية القرن قليلة، وكانوا عموماً محدودي الثقافة والتعليم، وكان الهدف من الهجرة في معظمه هدف اقتصادي، ولذلك لم يكونوا مهيأين لحمل الدعوة إلى الآخرين، وكان تأثيرهم محدودا فيمن حولهم، وخاصة السود، للأسباب التالية:



1- ضعف الثقافة والتعليم، كما أسلفنا. فمعظمهم لم يكن متعلماً تعليماً جيدا.



2- الوقع النفسي للغربة، وما تسببه من ضغوط على المهاجر، الذي لم يكن يجد حوله عددا كافياً من قومه يشاركونه غربته.



3- حاجز اللغة، فلم يكن المهاجرون الأوائل يجيدون اللغة الإنجليزية، حيث لم يكن هناك معاهد لتعليمها، ولم يكن هناك جاليات تتكلم الإنجليزية في البلدان العربية كما هو الحال اليوم.





ويعتقد (أديب رشاد) أن المهاجرين الأوائل من المسلمين لم يحاولوا تعريف الأمريكيين السود على الإسلام، رغم أن بعضهم أسس تجارته الصغيرة في أحياء يسكنها جماعات من الأمريكيين الأفارقة، وعندما يدور الحوار حول التربية الدينية، فإنهم يتجاهلون تماماً مجموعات السود. ويضيف أن بعض المسلمين في تلك الفترة كان يخالف تعاليم الإسلام في كثير من تجارته وسلوكه من أجل رجاء الحصول على الحلم الأمريكي في الثروة. وكان ذلك سبباً في أن بعض الأمريكيين الأفارقة كان يتساءل عن الأسباب التي دعت العرب والهنود وغيرهم من الـمــســلمـيـن، حـتـى الذين جـاؤا من إفـريقـيا إلى عـدم تقـديم الإســلام إلى الأمريكـيـيــن الأفــارقة ( Rashad,1991:15).



ولعل من أوائل الهجرات إلى أمريكا ما أشار إليه (الداري) عندما ذكر أنه في السنوات الأولى من القرن العشرين نزح إلى القارة الأمريكية عدد كبير من مسلمي شبه القارة الهندية، ومن جزر الهند الشرقية، وفي سنة 1906م هاجرت من البنجاب مجموعة من مسلمي الهند استوطنوا ولاية كاليفورنيا، كما هاجرت إلى هذه الولاية جاليات عربية (الداري، 1403: 21).



وعن أسباب هجرة البنجابيين يقول (رشاد، Rashad) انهم فعلوا ذلك هروباً من الاستعمار البريطاني، وتقليدا لبعض جيرانهم، وهروباً من المجاعة التي اجتاحت الهند في تلك الفترة، ويقول أنهم استقروا على الساحل الغربي وعملوا في الزراعة، وكانت (ولوز، Willows) في كاليفورنيا واحدة من المناطق التي استقروا فيها، وينتشر أحفاد أولئك المهاجرين في غرب الولايات المتحدة، كما استقر بعض الأوائل من الهند وباكستان في الموانئ الشرقية، كانوا طلاباً وتجارا بحريين، وكان معظمهم من الرجال الذين ظنوا أنهم يستطيعون أن يجمعوا ثروة من أمريكا في وقت قصير ثم يعودون بما جمعوه من ثروة إلى بلدانهم، ولكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن، فأحياناً تتأخر الثروة، وأحياناً لا تأتي، ولذلك قرر بعضهم الاستقرار في أمريكا لعلمه بسوء الأحوال التي تنتظره لو عاد. واستقر معظمهم في المناطق الحضرية، أما المناطق الزراعية فقد جذبت إليها المهاجرين ذوي الأصول الريفية الذين ارتبطوا نفسياً ومهنياً بالزراعة (انظر:Rashad,1991).



ومما لا شك فيه أن انهيار الإمبراطورية العثمانية كان له دور كبير في هجرة أعداد كبيرة من التتار والألبان والبوسنيين، ( ففي عام 1915 م أقام الألبان مسجداً في (مين) وأقاموا مسجدا آخر عام 1919 م في كونيكتكات، ومنذ الستينات بدأ الأتراك يستغلون الفرص الاقتصادية المتاحة لهم في الولايات المتحدة الأمريكية، مثلما فعل مسلمو إفريقيا وإندونيسيا وماليزيا. وربما كان أكثر المهاجرين . تحمساً لدينهم الوافدون من الهند وباكستان وبنجلادش، فبعدما بدأت بريطانيا تسد الباب في وجوههم بسبب قوانين الهجرة العنصرية فيها، أخذوا يتجهون إلى الولايات المتحدة التي فتحت أبوابها أمام المهاجرين من العالم الثالث. وكان هؤلاء ( قدا شحذوا إيمانهم ورسخوا عقيدتهم نتيجة للحرب الدينية التي شهدتها شبه القارة الهندية. لذلك هم أنشط الجاليات في أمريكا لجهة تنظيم أنفسهم وتشكيل المنظمات الإسلامية) (ويليامز، 1994: 15 -16).



ولعل من أقدم المجموعات الإسلامية التي نزحت إلى القارة الأمريكية مجموعة من المهاجرين استوطنوا مدينة (سيدر رابيدز) بولاية (أيوا) من بينهم خمس عشرة أسرة عربية مسلمة هاجرت من سوريا ولبنان عام 1895 م واستوطنت فيها (الداري، 21:1403). وانظر كذلك مجلة قافلة الزيت، ربيع الأول 1396 هـ). وعلى العموم هناك مهاجرون لأمريكا من جميع الدول الإسلامية وغير الإسلامية بعضهم وصل في فترات مبكرة، والبعض لم يهاجر إلا في النصف الثاني من القرن العشرين.







الجالية العربية :

ليس هناك بلد إسلامي لا يوجد منه مهاجرون إلى أمريكا، وربما كانت دول الخليج العربي من أقل الدول التي يوجد منها مهاجرون في أمريكا، وذلك لترفر الفرص الوظيفية فيها، وارتفاع مستوى المعيشة بالنسبة لغالبية السكان، وتوفر الأمن والاستقرار الاجتماعي والسياسي، وقوة الروابط الأسرية والاجتماعية، يضاف إلى ذلك أن بعض مجتمعات تلك الأقطار لم تنفتح على العالم الخارجي وتحتك به إلا في فترات متأخرة نسبياً، فالمملكة العربية السعودية لم تقع تحت الاستعمار وكانت شبه مغلقة إلى أن وحدها الملك عبد العزيز رحمه- الله وأسكنه فسيح جناته، وبدأ في بناء المؤسسات التي تتطلبها الدولة الحديثة، وكان أول احتكاك مباشر وملموس بالثقافات الغربية يتمثل في التنقيب عن النفط من قبل الشركات الأمريكية، والتي مثلت أولى نوافذ الاحتكاك الاجتماعي بالعالم الخارجي.



وقد شكل المهاجرون العرب على مختلف موجات هجرتهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية جالية من الجاليات العديدة التي اشتمل عليها المجتمع الأمريكي. وإذا صح ما ذكره الأديب الأمريكي (والت ويتمان) من أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست أمة واحدة، بل أمة تعج بالأمم، فإن الجالية العربية ليست جالية واحدة، وإنما هي الأخرى جالية تعج بجاليات متعددة، فهناك اللبنانيون والسوريون والفلسطينيون والسودانيون والمصريون واليمنيون والعراقيون والمغاربة والتونسيون والجزائريون وغيرهم وكل هؤلاء يشكلون عناصر الجالية العربية في الولايات المتحدة الأمريكية (جزين، 1987 م).



وقد مرت بعض الأقطار العربية بظروف دفعت بالكثير من سكانها إلى الاتجاه إلى الغرب هرباً من الأوضاع السيئة التي وقعوا فيها وبحثاً عن الحرية من جهة، وتحسين أوضاعهم الاقتصادية من جهة أخرى، وتعتبر بلاد الشام والتي تشمل سوريا ولبنان وفلسطين من أكثر المناطق في العالم العربي طردا للسكان، وكان السبب في ذلك يعود إلى تسلط الحكومة العثمانية وإرهاق الناس بالإتاوات والضرائب (انظر، صليبا: 1985)، وكان المسلمون والنصارى سواسية في ذلك، إلا أن المهاجرين من النصارى كانوا أكثر لتشابه عقيدتهم مع عقيدة البلاد التي هاجروا إليها. أما المسلمون فقد كانوا يترددون كثيرا في الهجرة إلى بلاد غير بلاد المسلمين خشية على دينهم، ويروي كمال نمر حادثة طريفة روتها له إحدى السيدات المسلمات في مدينة (ديترويت)Detroit في ولاية (ميتشجان)Michigan حيث قالت: الأسباب اقتصادية ملحة، فكر والدي في الهجرة من لبنان إلى أمريكا، وفي سبيل ذلك جد واجتهد إلى أن استطاع أخيرا أن يحصل على تذكرة وإذن بالدخول. وما أن وطئت قدماه المركب الذي سيحمله عبر البحار إلى أمريكا، حتى خطر بباله أمر هام، فاتجه إلى الربان مستفسرا: هل يوجد في أمريكا مساجد؟ وهناك حدثت المفاجأة، إذ ما كاد يعلم أنه لا يوجد فيها مساجد، حتى هرول تاركاً المركب، وهو يقول: إنها إذن بلاد كفر ولن أذهب إلى بلاد كفر أبدا) (النمر، 1407: 15).



وقد أشارت (اليكسانان) إلى سبب إحجام العرب المسلمين عن الهجرة إلى أمريكا عندما قالت: (وقد دفع الخوف من صعوبة المحافظة على التقاليد الإسلامية في قلب مجتمع غربي مسيحي إلى إعاقة عملية هجرة المسلمين إلى الولايات المتحدة) (اليكسانان، 1985: 26).

وبالنسبة لعدد المهاجرين العرب في أمريكا تقول (اليكسانان): (تعتبر الجالية الأمريكية العربية في الولايات المتحدة، وقوامها 2 مليون نسمة، نتاجاً لقرن كامل من الهجرة. وهناك 90% من المهاجرين تقريباً من المسيحيين و10% من المسلمين، وهذه نسبة عكسية لنسبة المسلمين إلى المسيحيين في الشرق الأوسط) (المصدر السابق: 18). أما سمير ابرهام ونبيل ابرهام فيريان أنه ( من الصعب تأكيد العدد الفعلي للأمريكيين العرب وذلك لنقص الإحصاءات الدقيقة. ويتفق المراقبون والخبراء بصفة عامة على أن عدد الأمريكيين العرب يتراوح بين 2 مليون إلى 3 مليون عربي، وذلك بعد مرور ما يزيد على قرن كامل من الهجرة والنمو) (ابرهام وابراهام، 1985: 19). ويقدر ( فريد نعمان ) F.Numan عدد العرب المسلمين في الولايات المتحدة ب 000، 620 نسمة، يمثلون 12.4% من مجموع المسلمين هناك ( Numan,1992:13).



ويمكن النظر إلى الهجرات العربية التي تمت في النصف الثاني من القرن العشرين على أن غالبية أفرادها من المسلمين القادمين من بلاد مستقلة، فبين عامي 1967 و 1976م هاجر من العراق حوالي ثلاثة وعشرين ألفاً، ومن الأردن وفلسطين أكثر من خمسة وعشرين ألـفــاً، ومــن ســوريـا حـوالي عـشــرة آلاف، ومن مصـر أكثر مـن سـتــة وعــشـريــن ألـفــاً ( Gottesman,1980). وليس بالضرورة أن تكون تلك الأعداد كلها من المسلمين، فالسجلات الأمريكية لا تضم معلومات عن الديانة، ولكن من المرجح أن غالبية المسيحيين ممن كان ( يريد الهجرة قد هاجر من قبل، وأن الموانع التي كانت تحول بين المسلمين والهجرة قد ضعفت، وخاصة في العقدين الأخيرين، لتوفر الجماعات والمؤسسات الإسلامية المختلفة.



وبالنسبة للمهاجرين اليمنيين، لا يوجد اتفاق بين الباحثين على تاريخ وصولهم طلائعهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن هناك من يرى أنهم بدأوا في التدفق والهجرة بعد افتتاح قناة السويس في عام 1869 م، فقد ادعى- فلاح عجوز من كاليفورنيا يبلغ من العمر 90 عاماً أنه قد جاء إلى الولايات المتحدة الأمريكية في مستهل القرن العشرين، وأن عمه قد وصل إليها قبله بعدة سنوات (Bisharat,1975:24). وفي دراسته الميدانية عن الجالية اليمنية في (ديترويت) يذكر الخامري أن المستجيبين لاستفساراته كانوا يشعرون بالفخر عندما يتحدثون عن تاريخ هجرة أقاربهم إلى الولايات المتحدة، فقد ذكر بعضهم أن أجدادهم وآباءهم وأقاربهم قد وصلوا إلى الولايات المتحدة في الفترة من 1900 إلى 1910 م (الخامري، 1979: 24).



هذا وقد انتشر اليمنيون في مدن كثيرة في أمريكا، وخاصة ما يقع منها على الساحل الشرقي مثل نيويورك وبوسطن، ولكن تعتبر مدينة (ديترويت،Drtroit) في ولاية (ميتشجان)Michigan من أكثر المدن الأمريكية التي يوجد بها جالية يمنية، فقد قابل الباحث في مدينة (دينفر) أحد اليمنيين الذين يعيشون في (ديترويت) وسأله عن تقديره عن عدد الجالية اليمنية هناك، فأفاد بعد التشاور مع زميل آخر بأن عددهم يتجاوز الثلاثين ألفا، أما تاريخ هجرتهم إلى تلك المدينة، فيرى نبيل ابراهام أن مجموعة صغيرة من اليمنيين جاءت إلى (ديترويت) منذ عام 1900 م (ابرهام وابراهام، 1985: 191) ومن هناك بدأت أعدادهم تتزايد، وخاصة في الستينات والسبعينات، فقد وجد الخامري أن 69,5% من عينة دراسته وصلت إلى (ديترويت) خلال الفترة من 1970 إلى 1978م، ومعظم المهاجرين اليمنيين من صغار السن، فالخامري في دراسته المشار إليها وجد أن 80% من عينة بحثه تتراوح أعمارهم بين 17 سنة و 37 سنة، أما الذين بين 37 و 57 سنة فقد بلغت نسبتهم 17%، بينما يمثل الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 57 سنة 2% فقط، (الخامري، 1979).



وأغلب المهاجرين اليمنيين من الذكور الذين يعتبرون أنفسهم مهاجرين مؤقتين جاؤا لهدف اقتصادي ولا ينوون الإقامة الدائمة، وتشير كثير من الدراسات إلى أن اليمنيين يميلون للسكن في مجمعات، وفي مناطق معينة في مدينة (ديترويت) ولذلك أسباب عدة، فدراسة الخامري تشير إلى أن 4، 44% من عينة البحث ترى أن أسباب التركز في تلك المناطق سببه قوة العلاقات والروابط بين أفراد الجماعة، وحاجة أفرادها إلى تبادل الدعم، كما ذكر 38.9% أهمية القرب من مكان العمل، وذكر 8. 7% أن دافعهم كان رخص الإيجار (المصدر السابق: 58). ومن الواضح أن الروابط المختلفة والعلاقات تعتبر من أهم العوامل التي تحدد المنطقة السكنية في تلك المدينة، وهناك ميل من القادمين الجدد للسكن مع أقاربهم أو ذويهم أو معارفهم من الفلاحين حتى يتمكنوا من الحصول على عمل، وعلاوة على ذلك فإن دور العلاقات والروابط الاجتماعية مهم في تكيف المهاجرين الجدد مع البيئة الجديدة لوجود حاجز اللغة، ولتأثير الصدمة الحضارية، وللجهل بالقوانين والأنظمة وطرائق المعيشة. وتعتبر المساجد والمحلات التجارية العربية والإسلامية، والمقاهي من الرموز التي تجذب المهاجرين الجدد للسكن بقربها لما يجدونه فيها من إشباع لاحتياجاتهم المعنوية والمادية، والنفسية والاجتماعية.



وإذا كان معظم المهاجرين اليمنيين من العمالة غير الماهرة والتي تحترف الزراعة، فإن العقدين الأخرين شهدا تزايدا في أعداد المهاجرين العرب من العمالة الماهرة، وحملة الشهادات العليا، فيذكر محمد عبد العليم مرسي أن مصر خسرت نزيفاً بشرياً إلى الولايات المتحدة على شكل دارسين للدكتوراه امتنعوا عن العودة إلى بلادهم بعد انتهائهم من دراساتهم، وقد بلغ عددهم (950) فردا من مختلف التخصصات التي أوفدتهم دولتهم للتعمق فيها. وبحساب أن الواحد منهم يكلف بلاده عشرين ألف دولار في السنة، فإن مصر خسرت خلال تلك الفترة (1970- 1980م) ما يزيد على خمسين مليوناً من الدولارات هي فقط تكلفة تعليمهم على الأرض الأمريكية أثناء دراساتهم العليا فقط، أما ما سبق ذلك من تكاليف فلم يدخل في الحساب (مرسي، 1404: 71-72).



ويفيد المهاجرون العرب بلدانهم بالحوالات المالية التي يرسلونها لأسرهم، فالمهاجر اليمني يمكن أن يعيل أسرة كبيرة في اليمن عندما يحول لها مائة دولار في الشهر، و.هو مبلغ من السهولة الحصول عليه وصرفه في أمريكا، ولكنه مبلغ كبير عندما يحول إلى الريال اليمني، ويصعب الحصول على مثله في داخل اليمن، كما يفيد المهاجرون العرب في نشر الإسلام، وفي خلق شيء من التوازن مع اللوبي الصهيوني، وإن كان العرب إلى الآن لم يصلوا إلى أن يكونوا قوة مؤثرة في السياسة الأمريكية، وإن كانت المؤشرات تدل على أن الوضع يسير من حسن إلى أحسن، وخاصة عندما تنسق الجهود بين جميع الفئات المسلمة وغير المسلمة، والعربية وغير العربية، ومن جهة أخرى يشكل المهاجرون العرب خسارة كبيرة لبلدانهم بنقص العمالة، وخاصة الماهرة منها، ونقص الكفاءات في التخصصات العلمية المختلفة.









الوضع السكاني( الديموجرافي ):

كانت أعداد المسلمين قليلة جدا حتى بداية القرين العشرين، وفي النصف الأول منه بدأت تتزايد ببطء؛ أما الآن فهناك اعتقاد بأن الإسلام هو أسرع الأديان انتشارا في الولايات المتحدة الأمريكية، (انظر، ويليامز، 1994 م) ويتزايد عدد المسلمين من طرق ثلاث:



1- الزيادة الطبيعية عن طريق التوالد.



2- الزيادة عن طريق الهجرة، وتسمى في علم اجتماع السكان بالزيادة غير الطبيعية، ويمكن بواسطتها أن يتضاعف عدد السكان في وقت وجيز بينما لا يمكن أن يتضاعف العدد عن طريق الزيادة الطبيعية في أقل من عشرين سنه.



3- اعتناق الإسلام من قبل غير المسلمين، وهو أيضاً من عوامل الزيادة غير الطبيعية.



والصورة لا زالت غير واضحة حول عددهم في الربع الأخير من القرن العشرين، وفي بداية الثمانينات كانت التقديرات تتراوح ما بين واحد واثنين من العشرة مليون نسمة، إلى ثلاثة ملايين، والى الآن لم يتم مسح علمي للمسلمين في أمريكا، وذلك لعدم وجود معلومات يمكن الاعتماد عليها حول عددهم في تلك البلاد، والمعول عليه في هذا الجانب هو التقديرات المعتمدة على بعض المؤشرات المقبولة.



وتختلف التقديرات وتتباين كثيرا من شخص لآخر، فهناك من يبالغ كثيرا في عدد المسلمين، فيقدرهم بأحد عشر مليوناً، ويقدرهم عبد الرحمن عثمان، إمام المركز الإسلامي بمانهاتن في نيويورك، بعشرة ملايين نسمة، ومن جهة أخرى هناك من يبالغ في تقليل عددهم فلا يقدرهم بأكثر من مليوني نسمة، والفئة الأولى هم غالباً من المسلمين، أو من أصدقاء المسلمين الذين تغلب عليهم عواطفهم والذين يسرهم أن يشعروا أن عدد المسلمين كبير ولو عن طريق المبالغة، أما الفئة الثانية وهم الذين يبالغون في الإقلال من عدد المسلمين فهم غالباً من أعداء المسلمين الذين يسؤهم أن يروا عدد المسلمين كبيرا، لأنهم يعلمون أنه كلما زاد عددهم زاد نفوذهم وزاد ثقلهم في المجتمع الأمريكي، وهولاء غالباً صهاينة، أو أصدقاء للصهيونية.



ويذكر التقرير الإحصائي الذي صدر عن الأكاديمية الأمريكية للعلوم الدينية في مدينة (نيو أورليانز) بولاية ( لويزيانا) في أواخر ديسمبر من عام 1978م أن عدد المسلمين في الولايات المتحدة بلغ ثلاثة ملايين نسمة، ويشكلون 5، 1% من مجموع سكان الولايات المتحدة، ويذكر التقرير أن المسلمين السود يشكلون ثلثي المجموعة الإسلامية، بينما يمثل المسلمون المهاجرون الثلث الأخر.. ويذكر أيضاً أن المسلمين في أمريكا أصبحوا يشكلون المجموعة الثالثة بين المجموعات الدينية الكبرى في أمريكا (أنظر: الداري، 1403).



ويشير (ويليامز) إلى أن الإسلام هو أسرع الأديان انتشاراً في أمريكا، ذلك أن عشرة في المائة على الأقل من الذين يهاجرون الآن إلى الولايات المتحدة مسلمون، وكما يقول فريد نعمان، من المجلس الإسلامي في واشنطن، ونسبة الولادة بين المسلمين عالية كنسبة الذين يعتنقون الإسلام، ونظرا للفصل الدستوري بين الدين والدولة في الولايات المتحدة فإن الإحصاءات السكانية لا تشمل الدين، مما يجعل معظم التقديرات تخميناً، فمعهد المعلومات الإسلامية في شيكاغو يقدر عدد المسلمين بثلاثة ملايين ونصف المليون (3.5) نسمة، أما صحيفة ( وول ستيريت) فذكرت عام 1990 م أن عددهم أربعة ملايين، بينما تحدد الموسوعة البريطانية العدد بـ (6، 5) ملايين نسمة، وتقدره صحيفة (نيويورك تايمز) بخمسة ملايين، بينما يقول وارث الدين محمد وهو الإمام الذي قاد حركة أمة الإسلام إلى المذهب السني، أن عددهم تسعة ملايين.. ولعل أفضل التقديرات هو الذي يضع العدد بين 4-6 أربعة وستة ملايين شخص، أي ما يماثل عدد اليهود في أمريكا (9. 5 ملايين نسمة) (ويليامز، 1994) .



وهناك من يشير إلى وجود مائة وستين 160 ألف مسلم في السجون الأمريكية، حيث اعتنق السود الإسلام، فيما تشير تقديرات إلى أن خمسة وعشرين 25 ألف شخص في الولايات الخمسين يعتنقون الدين الحنيف كل سنة (انظر: المصدر السابق)، ويقال أن أول رجل اعتنق الإسلام من الأمريكيين البيض هو (محمد اسكندر وب) وذلك في سنة 6 0 3 1 هـ 1887م وكان يعمل قنصلا لبلاده في الفلبين وهناك اطلع على بعض الكتب عن الإسلام فأسلم وعاد إلى بلاده عن طريق الهند بعد أن استقال من منصبه، واستقر في نيويورك، وفي سنة 1311 هـ، 1893 م، أي قبل أكثر من مائة سنة، أصدر العدد الأول من مجلة (العالم الإسلامي، Muslim World وتوفي في سنة 1314 هـ (انظر: الداري، 1403: 22، النمر، 07 14: 2).



ولقد قامت ( كارل ستون ، Carol Stone,1991) وهي باحثة أمريكية متخصصة في الدراسات السكانية (الديموجرافيا) بدراسة تقديرية لعدد المسلمين في أمريكا مبنية على تقديرات ترى هي أنها متحفظة جدا، وأشارت في تلك الدراسة إلى التركز الجغرافي لبعض الخلفيات العرقية في الولايات المتحدة، ومصادر الهجرة إليها، وقد اعتمدت في تقديرها عدد المسلمين في عام 1980م على ثلاثة مصادر :



1- إحصاء عام 1980 للولايات المتحدة الأمريكية، والذي يحوي إشارات إلى دولة الأجداد.

2- إحصاء الهجرة لعام 1980 والذي صنف حسب دولة الأصل.

3- تقدير نسبة المسلمين في كل دولة يوجد بها مسلمون.



والناتج الحسابي لهذه التقديرات يعطي التقدير العام للمسلمين في الولايات المتحدة لعام 1980 م.

هذا وقد قامت مصلحة الإحصاءات العامة في أمريكا بوضع أصول السكان الذين يعيشون في أمريكا في مجموعات حسب القارات وحسب المناطق مثل أوروبا الغربية، والصحراء الإفريقية، واسيا، والشرق الأوسط، ويضم شمال إفريقيا، ودول الكاريبي. وافترضت الباحثة أن نسبة المسلمين في أمريكا من المهاجرين من تلك البقاع تعادل نسبة المسلمين الموجودة في كل إقليم، واعترفت بأن ظروف الهجرة قد تزيد أو تنقص من النسبة، لاختلاف الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية من إقليم لآخر، وبناءً عليه قدّرت عدد المسلمين في أمريكا في عام 1980م بثلاثة ملايين وثلاثمائة ألف نسمة (000 ، 3.300) وهم يشكلون 5، 1% من سكان أمريكا، مقابل 3% لليهود. والجدول (رقم 2) يوضح تقدير (ستون Stone ) للمسلمين في أمريكا في عام 1980م م حسب مناطق الأصل. وعند تقدير الزيادة التراكمية للمسلمين ما بين عام 1980م وعام 1986م عن طريق تقدير المهاجرين والمواليد، يصبح عدد المسلمين حوالي (000، 000، 4) أربعة ملايين نسمة، بزيادة مقدارها 21% في ست سنوات، وإذا افترضنا استمرار هذا المعدل بطريقة ثابته فإن عدد المسلمين سيتضاعف بحلول عام 2000 م ليزيد عن ثمانية ملايين نسمة تقريبا.







2ــ تقدير ( ستون Stone ) لعدد المسلمين في أمريكا لعامي 1980م .



النسبة
التقدير بالآلاف
منطقة الأصل

26،6%
880
شرق آسيا

28،4%
940
الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

2،8%
94
الصحراء الإفريقية

11،5%
380
آسيا

0،4%
13
دول الكاريبي

30،2%
100
الأمريكيون الأفارقة

100%
3،317
الـمــجــــــــــــــموع


Source : Stone,1991:27





3ــ تقدير ( ستون Stone ) لعدد المسلمين لعام 1986م بالآلاف .

3،300
التقدير العام لعام 1980

350
المهاجرون ( 1981ـ 1986 )

380
الــتــوالـــد ( 1981ـ 1986 )

4،000
الــــــمـــــــــــــــــجــموع






مناطق تركز المسلمين في الولايات المتحدة :

استخدمت (كارل ستون C.Stone ) إحصاء عام 1980 م لتقدير كثافة المسلمين في المناطق المختلفة، وبناء عليه وجدت أن هناك ثلاث ولايات يتركز فيها المسلمون أكثر من غيرها وهي ولايات كاليفورنيا، ونيويورك، والينوي. وتشير الأرقام إلى أن أكبر عدد من المسلمين يوجد في كاليفورنيا، حيث يقدر عددهم في تلك الولاية في عام 1980م بخمسمائة وخمسين (550) ألف نسمة، ويشكلون حوالي 5. 2% من سكان الولاية، ومعظم أولئك المسلمين جاؤا من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وقدر عدد المسلمين في نيويورك بأربعمائة (400) ألف نسمة، ويشكلون حوالي 3. 2% من سكان الولاية، ويتساوى في ذلك عدد من جاؤا من أوربا الشرقية، ومن الشرق الأوسط وشمال إفريقية، والمسلمون السود. وتضم ولاية (الينوي) حوالي مائة وسبعين (170) ألف نسمة من المسلمين، بنسبة متقاربة بين المهاجرين من أوربا الشرقية، والشرق الأوسط وشمال إفريقية، والسود، وبهذا يكون حوالي ثلث المسلمين في أمريكا يعيشون في تلك الولايات الثلاث.



وفي عام 1988م عقد مؤتمر إسلامي أكاديمي في جامعة (ما ساشو ستس) شارك فيه أكثر من 300 باحث، وكان حول الشؤون الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية، وقدمت فــيه (كارل ستـون) تقـريرا يقول: (إن عـدد المسلمين في الولايات المتحـدة حـالياً يبلغ حوالي 7، 4 مليون مسلم يشكلون نسبة 6، 1 من مجموع عدد السكان الكلي. وأضافت السيدة ستون، التي استعانت دراستها بالإحصاء الأمريكي: (إن عدد المهاجرين المسلمين إلى الولايات المتحدة في تزايد مستمر في الآونة الحالية، لا سيما من الدول الآسيوية، فقد دخل الولايات المتحدة في السنوات الست الماضية أكثر من نصف مليون مسلم، أي بمعدل يقل قليلا عن 000، 00 1 سنوياً (ضناوي،1413: 181).



أما عبد الرحمن عثمان وهو أزهري وإمام للمركز الإسلامي في (مانهاتن) بنيويورك فيؤكد أن غالبية المسلمين الذين يترددون على المركز الذي يؤمه هم أمريكيون، ويرى أن عددهم في نيويورك يقارب مليون شخص، بينما يقدر عدد المسلمين في أمريكا بعشرة ملايين شخص، وتشير التقديرات إلى أن عدد الذين يعتنقون الإسلام كل سنة يتراوح بين 25 و 50 ألف شخص، ويبدو أن إنتشار الدين الإسلامي والإقبال عليه يزدهر في البيئة المعادية، فهذا عبد الرحمن عثمان يقول: (إن أزمة سلمان رشدي اجتذبت إلينا كثيرين ممن اعتنقوا الإسلام) (انظر: ويليامز، 1994 : 18).



وفي سنة 1979م قدر المركز الإسلامي في واشنطن عدد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية بمليون ومائة وستين ألف نسمة، وقدرهم أحد الباحثين في عام 1974م بمليوني نسمة، وفي عام 1978م قدرتهم مجلة ( هورايزن Horizon) التي تصدر عن اتحاد الطلبة المسلمين في الولايات المتحدة وكندا بثلاثة ملايين نسمة، أما مجلة المؤتمر الإسلامي التي تصدر في كراتشي بباكستان فقدرت عدد المسلمين في أمريكا الشمالية بخمسة ملايين نسمه (بكر، 1412: 24). ونشرت مجلة (تايم Time Magazne) في عددها الصادر في 23/ 5/ 1988م تقريرا عن المسلمين في أمريكا بعنوان ( أمريكيون يستقبلون مكة المكرمة ) قدرت فيه عدد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية بـ 4،644،000 نسمة .



أما ( فريد نعمان، Fareed H. Numan) فقد أعد تقريرا موجزا ومركزا عن عدد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية نشره المجلس الإسلامي الأمريكي ( the American Muslim Council) يقول في مقدمته: (بذل علماء العلوم الاجتماعية المسلمون جهوداً كبيرة لتحديد عدد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية، وأغلبهم يقبل التقدير الذي يضعهم ما بين خمسة ملايين إلى ثمانية ملايين، وهذا يعني أن خمسة ملايين شخص في أمريكا الشمالية ينتمون إلى الإسلام سواء طبقــوه في حـياتهم أم لم يطبقــوه) Numan,1992:11 ويذكر أنه اعتمد في تقريره على تقديرات عملت في عام 1991م وعلى المعلومات المتاحة، وخلص إلى تقدير عدد المسلمين بخمسة ملايين نسمة، كما هو موضح في الجدول رقم (4).

أما بالنسبة للتوزيع الجغرافي بين الولايات فيرى (نعمان Numan) أن أعلى نسبة توجد في ولاية كاليفورنيا، وتأتي ولاية نيويورك في المقام الثاني، أما ألنويز فتأتي في المركز الثالث، ويوضح الجدول التالي أهم الولايات التي بها عدد كبير من المسلمين حسب تقدير فريد نعمان.

ويقـدر ( نعــمان، Numan ) أن عـدد المسلمين في الجـيـش الأمريــكي وصـل في عام 1988م إلى ما يقارب 120 ألف شخص، وحوالي 0 6 ألفاً في القوات الجوية، وحوالي 95 ألفاً في سلاح البحرية Navy & Marines .





4- تقدير (فريد نعمان، (F.Numan) لعدد المسلمين في الولايات المتحدة

الأمريكية.

نسبتهم إلى مجموع السكان المسلمين
السكان (000)

عام 1990
المجموعات العـرقية ( الإثـنية )

42،0%
2،100
الأمريكيون الأفارقة

24،4%
1،220
جنوب آسيا

12،4%
620
العرب

5،2%
260
الأفارقة

3،6%
180
الإيرانيون

2،4%
120
الأتراك

2،0%
100
جنوب شرق آسيا

1،6%
80
أمريكيون بيض

0،8%
40
أوروبا الشرقية

5،6%
280
آخرون

100%
5،000
المجموع


Source: Numan,1992:13



ومن كل ما تقدم يمكن أن نستخلص أن أعداد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية في تزايد



سريع عن طريق الدخول في الإسلام من جميع فئات المجتمع وخاصة السود ، وعن طريق الهجرة ،



فأكثر الذين يهاجرون إلى أمريكا في العقود الأخيرة يأتون إليها من البلدان الإسلامية . وأخيراً عن



طريق التوالد ، فمعدل المواليد بين المسلمين يميل إلى الارتفاع ، ولا ننسى دور الطلاب الذين يأتون



لمواصلة دراستهم في الولايات المتحدة في تدعيم الجماعات الإسلامية ، وتصحيح مفاهيمها ،



وتعليمها عقيدة الإسلام وقيمة الصحيحة .













5ــ توزيع المسلمين حسب الولايات في تقدير( فريد نعمان ، F.Numan )

النسبة إلى مجموع

سكان الولاية
النسبة إلى مجموع

السكان المسلمين
السكان المسلمون

(1،000)
الولاية

3،4%
20%
1،000
كاليفونيا

4،7%
16%
800
نيويورك

3،6%
8،4%
420
الينويز

2،5%
4%
200
نيوجرسي

3،2%
3،6%
180
أنديانا

1،8%
3،4%
170
ميتشجان

2،4%
3%
150
فرجينيا

0،7%
2،8%
140
تاكساس

1،2%
2،6%
130
أوهايو

1،4%
1،4%
70
ماريلاند


Source: Numan,1992:15



































الفصل الرابع

التنظيمات والمؤسسات الإســــلامية





التنظيمات المبكرة :

وصل المهاجرون القدماء في مجموعات صغيرة مع بداية القرن العشرين واستمروا في موجات متزايدة إلى منتصف القرن تقريباً؛ ويمكن وصف اؤلئك المهاجرين بأنهم مغامرون جاؤا إلى العالم الجديد بحثاً عن المال. وخلافاً لأمثالهم من الأوربيين، لم يأت المسلمون إلى أمريكا لتكون مقرا دائماً لإقامتهم، فقد كانوا ينوون جمع أكبر قدر من المال في أقصر فترة زمنية ممكنة ثم بعد ذلك يعودون إلى بلدانهم. ولكن الكثير منهم توسعت آماله وكبرت أحلامه وضعفت- تبعاً لذلك وبمرور الزمن- رغبته في العودة إلى بلده، فالذين أحرزوا نجاحات أكبر وتكيفوا مع الحياة الأمريكية وجدوا في علاقاتهم القرابية وعلاقات العمل ما يغنيهم عن أي تنظيمات أخرى.



وتحت تأثير النجاح والقدرة على التكيف مع البيئة المحيطة، زادت رغبة الكثيرين منهم في البقاء والاستقرار بصفة دائمة وإحضار عائلاتهم من البلد الأم، وقد جذبت قصص نجاحهم أقاربهم وسكان قراهم للهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ولهذا السبب بدأت تتكون مجموعات من المهاجرين تجمعهم رابطة القرابة أو المعرفة في الوطن الأم، ورابطة الجوار والتفاعل والتآزر في البلد المهاجر إليه، ومن أشهر تلك العائلات عائلة (عجرم) التي استمرت في مدينة (سيداررابيدز (Cedar Rapids) في ولاية (آياوا Iowa) والتي أسست مسجد ا هناك، وعائلة (بركات)، وعائلة (علوان) الذين ساعدوا في بناء مسجد (طليطلة Toledo) وعائلة (خالد) التي استقرت في مدينة (ديترويت Detroit) والتي بنت، بمساعدة آخرين، مسجد (ديترويت)، وعائلة (جزين Jizain) التي بنت مسجد (متشجان Michigan) في ولاية (اندياناIndiana) وكان هناك أيضاً عائلة (خان) التي نظمت البنجابيين في مدينة (ساكرمانتو Sacramento بولاية (كاليفورنيا California) والتي بنت أول مسجد على الساحل الغربي للولايات المتحدة الأمريكية. وكذلك عائلة (الديبDiab) التي بنت مسجد (شيكاغوChicago) وكـذلك المهاجــرين القــــدماء من (ألبانيا) في ( دـيـتـرويـت ) والتـتار فـي (بـروكــلـيــن Brooklyn) بولاية ( نيويورك ك New York ) الذين أسسوا مساجد في المناطق التي يسكنونها ويعيشون فيها (Ahmed,1991).



لقد نظم أولئك القوم أنفسهم استجابة لبعض الأحداث الاجتماعية واستجابة لبعض الضغوط والتحديات. فموت الأقرباء دعا إلى التكاتف والتعاون في البحث عن مكان يقبر فيه المسلمون موتاهم، وزواج البنات من غير المسلمين دفع إلى إيجاد بعض التنظيم الذي يمكن على ضوئه تعريف شباب المسلمين وشاباتهم على بعض، وتهيئة سبل الزواج بين الفئتين. وجهل الأبناء بلغة الآباء دفع إلى مضاعفة الجهد لتدريسهم تلك اللغة في مدارس الأحد، مثل تلك المشكلات وتلك التحديات الثقافية دفعت المسلمين إلى تلمس العوامل التي تؤكد وتثبت هويتهم، فقد دفع الاحتفال بعيد الميلاد (الكرسمس) بعضهم إلى الاحتفال بميلاد الرسولe لإشباع رغبات أبنائهم وتعويضهم عما يتمتع به أقرانهم من النصارى في (الكرسمس)، وربما أحضر بعضهم بدعة الاحتفال بميلاد الرسول e من بلاده، حيث تنتشر هذه البدعة في كثير من البلدان الإسلامية.



كل تلك الضغوط- وخاصة الثقافية منها- دفعت العائلات المسلمة إلى بناء المساجد ووضع بذور مبكرة للتنظيمات والمؤسسات الاجتماعية والثقافية والترويحية، وتجدر الإشارة إلى أن الجمعيات والمنظمات في أمريكا يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أنواع:



1- محلية: وغالباً ما تكون محصورة في قرية، أو مدينة، أوحي من الأحياء إذا كانت المدينة كبيرة، مثل نيويورك وشيكاغو، ولوس أنجلوس. وكان معظم الجمعيات اللاتي أسست في البداية من هذا النوع.

2- وطنية: على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية، أو كندا.

3- قارية: على مستوى أمريكا الشمالية.



ورغم الفروق القائمة بين المسلمين والتي سببها اختلاف موطن الأصل، فإن بعض المسلمين المخلصين قاموا بمحاولات جادة للجمع بين الجماعات الإسلامية المعزولة عن بعضها في بناء تنظيمي، وكان ذلك واضحاً في المراكز الحضرية الكبيرة مثل (ديترويت، ونيويورك، وبتسبرج، وكليفلاند، وبوسطن)، لقد أقام الرواد الأوائل أول مسجد في الولايات المتحدة عام 1911 م، وهـو مسجد (روس) في (نورث داكوتا) والذي هدم عام 1979 م (ويليامز، 1994: 14). و بدأ التجمع المنظم في (ديترويت) في عام 1917م حيث وجد أربع جماعات إسلامية آنذاك، وبحلول عام 1920 م، كان هناك مراكز إسلامية عاملة في كل من (متشجان، وانديانا، وشيكاغو، وطليطلة، وسيدررابيدز، وملواكي، وفيلادلفيا، وبلتيمور) (انظــر: Mellton,1978:339). وكان يغلب على بعض الجمعيات والمراكز طابع الإقليمية، فعلى سبيل المثال أنشأ العرب جمعية أطلقوا عليها (شباب العرب) وألف الأتراك جمعية مماثلة، وحذت حذوهم كثير من الجاليات الإسلامية هناك، وكان معظم تلك الجمعيات الإقليمية قد أسس في شرق الولايات المتحدة في الثلاثينات والأربعينات الميلادية (انظر: أسعد، 1396 هـ)، وربما كان (الاتحاد الإسلامي العالمي) أقدم المنظمات الإسلامية في أمريكا، حيث أسس في عام 1985م، ومن الجمعيات الرائدة (الجمعية الخيرية الأمريكية للمسلمين الأفارقة) التي أنشأها الإمام السوداني محمد جواد في عام 1927 م والجماعة الإسلامية التي أنشأها الداعية محمد ديب (هيئة التحرير بوكالة الصحافة الإسلامية، 1992 م).



ويروي الشيخ حسن عجرم، وهو من المسلمين الذين هاجروا إلى مدينة (سيدررابيدز) في ولاية (ايوا) منذ عام 1914 م، أنه وجد فيها في تلك الفترة نحو (15) خمس عشرة أسرة مسلمة كان أفرادها يجتمعون في بيت أحدهم لأداء صلاة الجمعة، وفي عام 1920 م حولوا صالة كانوا قد استأجروها إلى مسجد. وفي سنة 1925م ألفوا جمعية تعنى بالشؤون الدينية والاجتماعية والثقافية، فشرعت تخطط لبناء مسجد في (سيدررابيدز). وكان (الكساد الكبير) قد اجتاح الولايات المتحدة الأمريكية، مما عرقل عملية البناء، ولكن الرغبة الملحة في إقامة المسجد جعلتهم يواصلون أعمال البناء في تلك الظروف القاسية وأنجز المبنى في عام 1939، وكان مسجدا متواضعاً بعيدا في طرازه عما ألفه المسلمون في مساجدهم، ولكنه يشبهها في قبته التى يعلوها هلال، ويعتبر من أوائل المساجد الإسلامية التي بنيت على الطراز الإسلامي في القارة الأمريكية (قافلة الزيت، ربيع الأول 1398 هـ، وانظر: الداري، 1403: 58-59).



أما أنور زيتاني، نائب مدير المركز الإسلامي في مدينة (ميتشجان) فيذكر في حديث ألقاه في أحد المؤتمرات الإسلامية أن مسلمي مدينة (ميتشجان) أقاموا جمعية إسلامية عام 1914 م، وكان أول رئيس لهذه الجمعية فلسطيني الأصل يدعى (محمود أبو ذيب) وقال إنه يحتفظ ببعض الوثائق والصور التي تؤيد هذا القول، وأضاف بأن المسلمين آنذاك أطلقوا إسم (البدر المنير) على جمعيتهم لأن الإسلام كان غريبا، ولم تستطع الجمعية الاقتران باسمها الإسلامي علناً لأن المجتمع الأمريكي لم يكن يعرف عن الإسلام والمسلمين شيئاً، وربما خشيوا بعض العنت لقلتهم وبعدهم عن العالم الإسلامي آنذاك، لذلك بقي اسم البدر المنير شعارا لجمعيتهم، وكانت أعمال الجمعية وقوانينها إسلامية، وبقيت كذلك إلى عام 1963 م عندما زاد عدد المسلمين أضعافاً مضاعفة، وزاد انفتاح الولايات المتحدة على العالم الإسلامي، فتغير اسم الجمعية من (البدر المنير) إلى (الجمعية الإسلامية) (انظر: الداري، 1403 هـ).



ورغم إفادتها كخط دفاعي أخير عن الثقافة الإسلامية، فان تلك المنظمات المحلية لم تقدم الكثير لتنمية المجتمع المحلي اجتماعياً وروحياً، والبعض لم يأخذ القضية الإسلامية بجدية، ولقد كان الهدف الأساسي لبعض تلك التنظيمات هو المحافظة على إبقاء الأبناء مع أسرهم، وتقديم مكان عام يمكن فيه للأسر والعائلات والأفراد أن يلتقوا ويتفاعلوا وخاصة في المناسبات العامة مثل الزواج والأعياد، وحالات الوفاة، ولكي تؤدى تلك المناسبات بالطرق التقليدية. وبعض تلك المؤسسات اختفى بعد أن انتقلت مسؤوليته إلى الجيل الثاني، وبعضها هدم وأعيد بناؤه لغرض مختلف، وبعضها بيع. أما التي بقيت فإنها لم تكن تدار بطريقة تقليدية، فلم تكن الصلوات تقام فيها بطريقة منتظمة، وبعضها حول الجمعة إلى يوم الأحد ليتمكن الناس من الحضور، وفي بعضها كانت تمارس نشاطات منافية للدين (Ahmed,1991). وسوف نستعرض فيما يلي نشأة وتاريخ بعض تلك المؤسسات والتنظيمات.









اتحاد المنظمات الإسلامية في الولايات المتحدة وكندا :



ظل عدد المسلمين قليلا إلى منتصف القرن العشرين، وكانوا متناثرين في أماكن مختلفة من الولايات المتحدة الأمريكية، ورغم ذلك شعروا بالحاجة لوجود منظمة تعمل كمظلة لأنشطتهم وجمعياتهم المختلفة، ففي 28 جون 1952 م، قام الداعية النشط عبدالله عجرم، قائد العمل الإسلامي في مدينة (سيدررابيدز) بتنظيم أول مؤتمر عام، حضره أكثر من أربعمائة مسلم من الولايات المتحدة وكندا، وكان الموضوع الرئيس في جدول الأعمال هو تأسيس منظمة عامة تجمع المسلمين في أمريكا وتنظم وتنسق أنشطتهم، ولهذا قرر المجتمعون تأسيس (الجماعة الإسلامية العالمية، International Muslim Society ) واختير عبدالله عجرم أول رئيس لها، والمعلومات عما قدمته الجمعية لخدمة أهدافها قليلة ولكنها استمرت في لقاءاتها السنوية (انظر: بكر، 1412: 53 ، Ahmed;1991.



ولقد تم اللقاء السنوي الثاني في مدينة (طليطلة Toledo) بولاية اوهايو في جولاى من عام 1953م، وتم اللقاء الثالث في مدينة (شيكاغو) بولاية النوي، وفي ذلك اللقاء برزت فكرة إيجاد منظمة عامة تجمع المنظمات المحلية وتنسق بينها، من ثم أسس اتحاد المنظمات الإسلامية ( The Federation of Islamic Association of the United States and Canada ) وأصبح يرمز لهاب (FIA) ومرة أخرى اختير عبدلله عجرم رئيساً لها، وبعد المؤتمر مباشرة أعلن الاتحاد بيانه الذي جاء فيه: (نحن أعضاء الجماعة الإسلامية في أمريكا، بناة على توجيه القرآن (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) نعلن تأسيس اتحاد المنظمات الإسلامية للولايات المتحدة الأمريكية وكندا) وقد أكد الإعلان على الدور التربوي والتعليمي للاتحاد في تنمية الجوانب الروحية والاجتماعية والثقافية ضمن الإطار العام لتعاليم الإسلام. وكذلك أكد الإعلان على العلاقات العامة وبناء فهم أفضل بين المسلمين والمجتمع الذي يعيشون فيه. وكان الاتحاد يصدر نشرة بعنوان (النجمة الإسلامية Muslim Star) يغطي فيها أخبار الجماعات الإسلامية ولقاءاتها، وينشر فيها بعض تعاليم الإسلام وقيمه ، ونــصائــح وتــوجــيــهــات يــمـكــن أن يـسـتـفـيـد مــنها القارئ المسلم وغير المسلم (أنظر: Ahmed,1991,Rashad,1991).



وفي عام 1955 م أقام الاتحاد مؤتمره في مدينة (لندن London) في ولاية (اونتاريو Ontario) كرم فيه أعضاءه الكنديين على نشاطهم الملموس منذ بداية تأسيس الاتحاد، ويذكر شاهد عيان من الذين حضروا المؤتمر أنه لاحظ التأثير النفسي الكبير للقاء على المجتمع الذي انقطع إلى حد ما عن أصوله، وأصيب بصدمة حضارية، ويعيش ضمن ثقافة محلية مسيطرة. وكان كثير من المتحدثين من الجيل الثاني، ويحملون أسماء غريبة مثل (جيمس علي) و (الفرد محمد) و (البرت حسن).. وقد اعتنقت عائلة كندية الإسلام خلال ذلك المؤتمر. وفي ذلك اللقاء تم انتخاب (حسن إبراهيم) رئيساً وهو محاسب وشارك في الحرب العالمية الثانية، ومولود لأب لبناني مهاجر وأم إيطالية. هذا وقد عقد المؤتمر التالي في مدينة (نيويورك) في جولاي من عام 1956 م، وعقد اللقاء السادس في مدينة ديترويت عام 1957 م وتم فيه انتخاب (قاسم علوان) رئيساً جديداً للاتحاد، وكان قاسم أبناً لأب لبناني قدم إلى الولايات المتحدة عام 1902 م، وقد ولد قاسم في أمريكا وخدم في الجيش الأمريكي الثالث خلال الحرب العالمية الثانية، وبعد الحرب عمل صحفياً، وبعدها أسس مصنعاً في (اوهايو Ohio) وأخيرا فتح مطعماً في (طليطلة Toledo) وقد أعيد انتخابه في المؤتمر السابع الذي عقد في واشنطن العاصمة في صيف عام 1958م. أما اللقاء الثامن فقد عقد في مدينة متشجن في ولاية انديانا وجمع أكثر من ألف شخص من الولايات المتحدة وكندا، وتم فيه اختيار (محمد خليل) رئيساً جديدا للاتحاد، وكان رياضياً مشهورا في مدينة (ديترويت) وكانت عائلته اللبنانية قد جاءت إلى أمريكا في بداية هذا القرن، وقد زار كل من قاسم علوان و محمد خليل القاهرة في عام 1959م وقابلهم رئيس الدولة، واستقبلوا كضيوف للبلاد ( Ibid).



ورغم أن اتحاد المنظمات الإسلامي FIA فعل القليل، إذا استثنينا اللقاءات السنوية، فان نجاحه الحقيقي هو في إيجاد روح جديدة للجماعات الإسلامية تتطلع من خلالها إلى إثبات هويتها وتحقيق ذاتها، فالقيادة الجديدة تميزت بأنها ولدت في أمريكا، وثقافتها عالية، وكذلك معرفتها بأوضاع المجتمع الأمريكي والطرق المناسبة للتعامل معه، وكانت تعمل في الجيش الأمريكي وشاركت في الحرب باسم أمريكا، وكانت كذلك ناجحة حرفياً. وقد حاولت المنظمات التي جاءت فيما بعد إيجاد قيادات لها تلك المواصفات، لكي تستطيع أن تقوم بدور أفضل. فالمجتمع الأمريكي يتقبل من الشخص الذي يتكلم الإنجليزية كلغة أولى أكثر من الشخص الذي تعلمها في الكبر ويتكلمها كلغة ثانية. وتحرص الجمعيات والمنظمات اليهودية على ألا يظهر في وسائل الإعلام العامة إلا من كان مجيدا للغة الإنجليزية حتى يكون تأثيره في المتلقي أقوى، ويستطيع النفاذ إلى أعماقه. ويشعر الأمريكي العادي أن من يتكلم إنجليزية مكسرة غريب عنه، أما من يتكلمها بطلاقة فينظرون إليه على أنه واحد منهم.



وفي بداية الستينات الميلاديـة فسح اتحاد المنظمات الإسلامية ( FIA) المجال لمنظمات جديدة كانت مهيأة لدفع العمل خطوات إلى الأمام. وإذا كان الاتحاد قد هيأ الساحة للقاء المسلمين المهاجرين وأشعرهم بهويتهم وأخوتهم، فإن الجو أصبح مهيأً لاستحداث منظمات متخصصة تستفيد من التجربة السابقة وتبني عليها، وقد حمل هذه المهمة الذين قدموا حديثاً ولديهم الحماس والمعرفة والرغبة الجادة في حمل الإسلام وتعريف المجتمع به.





اتحاد الطلبة المسلمين :

بعد الحرب العالمية الثانية وجدت منظمات إسلامية في بعض الجامعات الأمريكية لخدمة الطلاب المسلمين القادمين من وراء البحار لمواصلة دراساتهم الجامعية والعليا، ومع حلول عام 1963م كانت تلك المنظمات نشطة وشعر المسؤولون عنها بالحاجة إلى إيجاد اتحاد عام على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية مهمته التنسيق بين المنظمات المختلفة وزيادة التفاعل وتبادل الخبرات والآراء بينها، وتوسيع مجال أنشطتها، وفي اللقاء الأول في اربانا ( Urbana) بولاية النوي ( Illinois) تم تأسيس (اتحاد الطلبة المسلمين ـ Muslm Stodent Associationوعرف بـ MSA وخلافاً لاتحاد المنظمات الإسلامية الذي كان يمثل فئات معينة من المسلمين، فإن اتحاد الطلبة المسلمين حاول أن يعكس عالمية الإسلام، وأن يضم جميع الفئات المسلمة التي تعيش فوق التراب الأمريكي، وخاصة طلاب الجامعات، وكان معظم أعضائه النشطين من الطلبة الذين جاؤا لمواصلة دراساتهم العليا في أمريكا، وكانوا على معرفة جيدة بالإسلام وتعاليمه وأحكامه العامة، وقد شارك فيه العرب من جميع الدول. وشارك فيه الهنود والباكستانيون والإيرانيون والأتراك وغيرهم. وكان الهدف من قبل الجميع هو الالتزام بالإسلام والعمل على خدمته، فالنظرة للإسلام كانت على أنه طريقة متكاملة للحياة، وعلى أنه رسالة. ولذلك لم يكن الاتحاد يعمل فقط على خدمة المسلمين، ولكنه- إلى جانب ذلك- كان يسعى ويعمل على إيجاد مجتمع ملتزم وخادم وفاهم للإسلام، وكان من ضمن الأهداف الأساسية للاتحاد إيجاد البيئة الإسلامية المناسبة التي يمكن أن تستقبل القادمين الجدد من الطلبة، وتخفف غربتهم، وتحول بينهم وبين الضياع والذوبان في الثقافة الأمريكية بمغرياتها المختلفة.



وفي الفترة التي أسس فيها اتحاد الطلبة المسلمين MSAفي أمريكا كان العالم الإسلامي يمر بأحداث كبيرة، ففي باكستان أوقف نشاط الجماعة الإسلامية، وقبض على الشيخ أبو الأعلى المودودي، وصدر عليه حكم بالإعدام. وفي مصر سجن قادة العمل الإسلامي وأعدم بعضهم، وأوقف الحزب الإسلامي في إندونيسيا، ووضع زعيمه ( ناصر) في السجن، وكانت الثورة الجزائرية في مراحلها الأخيرة، وفي طريقها إلى النصر، وكان معظم الطلبة الذين اجتمعوا في (اربانا) قد جاؤا من تلك البقاع فانعكست تجربتهم مع العمل الإسلامي في بلدانهم على نشاطهم في الاتحاد.



لقد تم ربط كل فرع من فروع الاتحاد بالفروع الأخرى، وتم تبادل النشاطات والزيارات بين تلك الفروع من خلال شبكة تضمها وتقوم عليها إدارة لكل قطاع، ويقوم مجلس الإدارة بإدارة العمل بالتعاون مع لجان فرعية، ومع إدارات القطاعات، وتجتمع الجمعية العمومية مرة كل سنه لمناقشة ما تم إنجازه، وما يحتاج إلى إنجاز ومن ثم وضع خطة عمل للعام كله. ومع زيادة أعضاء الاتحاد، وزيادة خبرته، وزيادة التبرعات من الداخل والخارج نمت نشاطات الاتحاد وتزايدت، وأصبحت أكثر نضجاً وتعـقيدا.



وبحلول عام 1971 م تزايد الشعور بالحاجة إلى سكرتارية دائمة للاتحاد، افتتح مكان مؤقت للقيادة العامة في مسجد (الأمين) في مدينة (قري Gray) بولاية (انديانا)، وفي عام 1973 م تم تعيين قيادة دائمة ومتفرغة للاتحاد، وفي عام 1975م وخلال المؤتمر السنوي في مدينة (طليطلة Toledo) بولاية اوهايو وافقت الجمعية العمومية للاتحاد على مذكرة قدمت لتغيير الهيكل الإداري للاتحاد بحيث يصبح هناك أمانة عامة تعمل بطاقم متفرغ من الموظفين. وُبدئ في الحال ببناء الأمانة العامة على مزرعة كبيرة تم شراؤها في مدينة (بلينفيلد Plainfield) بولاية إنديانا، وتبلغ مساحة الأرض نصف مليون متر مربع، وكلفت حوالي نصف مليون دولار، وتبعاً لذلك تم تأسيس عدد من الأقسام، منها قسم للتربية، وقسم للنشر، وقسم للتدريب، وقسم للعلاقات العامة، وقسم للمالية، وقسم للإدارة. ويرأس الأمانة العامة الأمين العام الذي ينتخب من قبل الجمعية العمومية، ويساعده نائب له. ويتم اختيار رئيس كل قسم من النشطين والذين لديهم علم بالإسلام، ومعظمهم يحمل شهادة الدكتوراه في مجال عمله (Ahmed;1991).



وشهدت تلك الفترة تأسيس الوقف الإسلامي لأمريكا الشمالية North American Islamic Trust والذي عُرف بـ NAIT وهو مؤسسة تعنى بالمحافظة على الممتلكات الإسلامية، والاحتفاظ بوثائق ملكيتها مثل المساجد، وبيوت الطلبة، والمراكز الإسلامية، ومؤسسات الخدمات العامة مثل دور النشر ونحوها. وتعتبر هذه المؤسسة الممول الرئيس لاتحاد الطلبة المسلمين وأنشطته المختلفة، (فالنيت) يقوم بالاستثمارات، ويقدم قروضاً صغيرة لرجال الأعمال المسلمين، و أخيراً فهو يدير الصندوق الذي أطلق عليه (صندوق الأمانة التعاوني (Amana Mutual Fund ويُعتبر (مركز التعليم الإسلامي the Islamic Teaching Center (ITC) من المؤسسات التي أستحدثت في منتصف السبعينات الميلادية، ويحوي أقساماً للتصحيح، واللغة العربية، والمنظمات الإسلامية، والمعامل، والنشر وغيرها. والمهمة الأساسية لهذا المركز هي تقديم التربية الإسلامية والتدريب والدعوة إلى الإسلام، وتوزيع المطبوعات الإسلامية.



وكثير من أعضاء اتحاد الطلبة المسلمين الذين تخرجوا ووجدوا أعمالاً واستقروا في أمريكا استمروا في تقديم خدماتهم للاتحاد. فالاتحاد بالنسبة لهم مدرسة يمكن من خلالها تنمية الشخصية الإسلامية وخدمة الجماعات الإسلامية، والأهم من ذلك كله إرضاء الله سبحانه وتعالى بنشر دينه وخدمة عباده. وتم إيجاد جمعيات فرعية للمتخصصين مثل الجمعية الأمريكية للعلماء والمهندسين المسلمين AMSE والجمعية الإسلامية الأمريكية للعلوم الاجتماعية AMSS واتحاد الأطباء المسلمين IMA وكل تلك الجمعيات تقع تحت مظلة اتحاد الطلبة المسلمين.



وبالتدريج أصبح نشاط اتحاد الطلبة المسلمين هو البارز في الساحة وغطى على نشاطات المنظمات والجمعيات الأخرى، فأعداد الطلبة المسلمين القادمين للدراسة في أمريكا تزايدت بشكل كبير وملحوظ منذ بداية السبعينات الميلادية، وأولئك القادمون وجدوا أن الاتحاد هو الأبرز والأنشط، ولذلك انخرط الكثيرون في عضويته، وشاركوا في أنشطته، وخاصة في الجامعات التي يدرسون فيها، وأصبح من الواضح أن النشاط داخل الجامعة لم يعد يفي بالغرض، ولذلك دعا مجلس إدارة الاتحاد في فبراير من عام 1977 م حوالي خمسين من المسلمين النشطين في العمل الإسلامي في الولايات المتحدة وكندا إلى حلقة نقاشية لمدة يومين لدراسة وتقييم وضع الاتحاد، وتقديم النصح والمشورة حول وضع استراتيجية جديدة. وفي شهر ( جون ) من تلك السنة وضعت لجنة لدراسة وتقييم أولويات الاتحاد، وبرامجه وهياكله، واقتراح البدائل المناسبة. بعد ذلك انقسمت تلك اللجنة إلى ثلاث لجان:



1- لجنة التخطيط ووضع استراتيجيات مستقبلية.

2- لجنة العلاقات الداخلية.

3- لجنة العلاقات الخارجية.



وتقدمت تلك اللجان بتقرير لمجلس جمعيات الاتحاد والمكون من اتحاد الطلبة المسلمين (MSA) واتحاد الأطباء المسلمين (IMA) والجمعية الأمريكية للعلماء والمهندسين المسلمين AMSA والجمعية الإسلامية الأمريكية للعلوم الاجتماعية (AMSS) وأخيرا تم اعتماد الهيكل التنظيمي من قبل الجمعية العمومية للاتحاد الإسلامي في أمريكا الشمالية، Islamic Society of North America والذي عرف فيما بعد بالإسنا ISNA وكان ذلك في عام 1981م، ولكل جمعية فرعية من الجمعيات المذكورة آنفاً هيكلها التنظيمي الخاص ، وجميعها تقع تحت مظلة الإسنا (Ibid).





الاتحاد الإسلامي في أمريكا الشمالية :

بالرغم من أن اتحاد الطلبة المسلمين هو الأكبر، والأحسن تنظيماً، والأكثر نشاطاً، إلا أن النقد وجه إليه لإهماله بعض الفئات الاجتماعية من غير الطلبة، وخاصة السود، وأخذ عليه من جهة أخرى تدخله في شؤون الجماعات وعدم قصر عمله على الدارسين في الجامعات، وكان رد الاتحاد على هذا الاتهام أن الاهتمام بالطلاب يقتضي الاهتمام بعائلاتهم، والاهتمام بالأفراد الذين لديهم مشكلات خارج الجامعات، أما جماعات السود والجماعات الأخرى فلديها تنظيماتها الخاصة، وكانت ترفض الانضمام إلى الاتحاد وترفض التدخل في شؤونها، وكان لديها كثير من الانحرافات وخاصة قبل عام 1975م عندما كان اليجا محمد على قيد الحياة، والذي كان يقود جماعة (أمة الإسلام) على أسس أكثرها عنصري وقومي، وكانت بعيدة كل البعد عن تعاليم الإسلام وعقيدته السمحة. أما وقد انتقلت قيادة الجماعة إلى إبنه (وارث الدين محمد) الذي كان أكثر اعتدالاً من والده وأقرب إلى أهل السنة والجماعة منه، فقد زاد التقارب بين جماعات السود واتحاد الطلبة المسلمين.



وكانت القضية الأساسية التي حتمت وجود منظمة أوسع وأكبر من اتحاد الطلبة المسلمين هي وجود أعداد كبيرة من المسلمين سواء من الأمريكيين أو المهاجرين، علاقتهم بالجامعات محدودة، وبحاجة إلى منظمة تظل الجميع بما في ذلك الطلاب. وكان قد سبق ذلك إنشاء (اتحاد الجماعات الإسلامية،Muslim Communtiy Association(MCA) للعناية بشؤون المسلمين خارج حرم الجامعات، وعمل كل من المنظمتين باستقلال، ولكن كان يجمعهما (مجلس الشورى) وهو الجهة التشريعية للمسلين في أمريكا الشمالية. وكما ذكرنا سابقاً، تم في عام 1981م اعتماد تأسيس الاتحاد الإسلامي في أمريكا الشمالية ISNA ليكون المظلة التي تحوي تحتها معظم المنظمات والجمعيات والاتحادات الفرعية، والتي يوضحها الجدول رقم (6).





6- المنظمات والجمعيات الإسلامية في أمريكا الشمالية التي تجمعها (الإسنا)



Muslim Student Association
MSA
اتحاد الطلبة المسلمين

North American Islamic Trust
NAIT
الوقف الإسلامي لأمريكا الشمالية

Islamic Teachiing Center
ITC
مركز التعليم الإسلامي

American Muslem S. Scientists
AMSS
جماعة علماء العلوم الاجتماعية المسلمين

A.M.Scientists and Engineers
AMSE
جمعية العلماء والمهندسين المسلمين

Islamic Medical Association
IMA
اتحاد الأطباء المسلمين

Muslim Community Association
MCA
اتحاد الجماعات الإسلامية

Foundation of Internationl Dev
FID
مؤسسة التنمية العالمية

Canadian Islamic Trust
CIT
الوقف الإسلامي في كندا

Muslim Yourth of N. America
MYNA
الشباب المسلم في أمريكا الشمالية

Malaysian Islamic Study Group
MISG
المجموعة الدراسية الماليزية الإسلامية

Muslim Arab Yourth Association
MAYA
رابطة الشباب المسلم العربي

American Muslim Mission
AMM
الدعوة الإسلامية الأمريكية


Source: Ahmed, 1991:16.





وكل واحدة من هذه المنظمات المكونة للاتحاد الإسلامي في أمريكا الشمالية ( ISNA ) لها إداراتها وهياكلها ، ولجانها ، وماليتها ، وجهازها القانوني ، وكلها ممثلة في الأمانة العامة للجماعة الإسلامية في أمريكا الشمالية (ISNA) والتي يديرها مجلس الشورى. ويمثل الشكل رقم (1) المنظمات المكونة للاتحاد الإسلامي في أمريكا الشمالية.













شكل (1) الهيكل الإدراي للاتحاد الإسلامي في أمريكا الشمالية (إسنا)









الأمانة العامة
المجلس الإداري = مجلس الشورى
اتحاد الجماعات الإسلامية - اتحاد الطلبة المسلمين


منظمات المحترفين المنظمات الخدمية


الجمعية الأمريكية لعلماء العلوم الاجتماعية المسلمين AMSS الوقف الإسلامي NAIT
للعلماء والمهندسين المسلمين AMSE الوقف الإسلامي لكندا CIT

اتحاد الأطباء المسلمين IMA مركز التعليم الإسلامي ITC

مؤسسة التنمية العالمية FID

















Source, Ibid.





وليقوم بمهمته على الوجه المطلوب، وليخدم جميع المنظمات الفرعية، أصبح للاتحاد الإسلامي في أمريكا الشمالية ISNA مجلس إداري منتخب، وأعضاء بارزين قدماء، لهم خبرة ودراية بالعمل الإسلامي، يكونون (مجلس الشورى)، وأمانة عامة. ومجلس الشورى له مهمة تشريعية، حيث يقر السياسات الجارية، ويضع الخطط المستقبلية، وينظر في طلبات الانضمام، ويعتمد الميزانية السنوية، ويعتمد تعيين الرئيس، وتكوين مجلس الإدارة. ويقوم مجلس الإدارة بتنفيذ قرارات مجلس الشورى، ويعد خطط الميزانية وخطط العمل، ويقوم المجلس كذلك بالإشراف على أعمال الأمانة العامة، وتقوم الأمانة العامة بالتوجيه والتنسيق للأعمال الإدارية، والمالية، وغيرها من النشاطات المتعلقة بالاتحاد الإسلامي في أمريكا الشمالية ISNA ومنظماته الفرعية. ومن فترة لأخرى تقتضي الظروف من مجلس الشورى والمجلس الإداري تكوين لجان مؤقتة لمعالجة بعض ما يستجد من أعمال. أما في الجانب الميداني فإن النشاطات تتم ضمن الفروع، وقيادات القطاعات، والفروع المحلية في الولايات المتحدة وكندا، ويفترض أن يكون للأمانة العامة مكاتب فرعية في المناطق الخمس الرئيسية في أمريكا، ولكن بعضها اغلق لأسباب مادية (Ibid).



ويقوم (الإسنا) بمساعدة مؤسساته الفرعية المختلفة بمهمة إيضاح وبيان تعاليم الإسلام للمسلمين، كما يقوم بمهمة تعريف غير المسلمين بالإسلام، ويستعين في أداء أعماله بالأموال التي يوفرها الوقف الإسلامي، ومؤسسة التنمية العالمية التي تقوم باستثمار الأموال وتنميتها بالطرق الشرعية، ولقد قام (الإسنا) وقبله اتحاد الطلبة المسلمين بمواصلة العمل الذي بدأه اتحاد المنظمات الإسلامية FIA والمتمثل في المؤتمرات السنوية، ومؤتمرات القطاعات. وإلى جانب مؤتمرات ( الإسنا (، هناك لقاءات دورية تتم بين أعضاء المؤسسات الاحترافية. وإذا كانت لقاءات اتحاد المنظمات الإسلامية لها هدف اجتماعي هو إثبات وجود المسلمين في أمريكا، ف!ن (الإسنا) يختلف بعض الشيء، فهو يقدم مستويات فكرية عالية باستضافة عدد من العلماء الكبار من أرجاء العالم الإسلامي، ومن داخل الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يتم في تلك اللقاءات تبادل الأفكار والآراء ومناقشة القضايا والموضوعات المهمة. ويتم كذلك في اللقاء تنظيم سوق تعرض فيه البضائع المختلفة من أشرطة علمية، وملابس وأطعمة ومصنوعات يدوية، ومعظم تلك البضائع يأتي من البلدان الإسلامية المختلفة، ويخصص في تلك الأسواق أوقات للسيدات، ويتم في تلك اللقاءات السنوية تخصيص بعض الوقت للقاءات الاجتماعية الخاصة، وتبادل الأحاديث والأفكار بطريقة غير رسمية، وقد عاصر الباحث نشأة (الإسنا) وقدر له حضور عدد من لقاءاته السنوية أثناء دراسته هناك.



ولقد أحرز (الإسنا) نجاحات مختلفة في تنظيم هيكله الإداري على مستويات عالية، وفي خدمة الإسلام والمسلمين من نواح عدة منها الناحية التربوية، وناحية النشر، وعقد المؤتمرات وتنظيمها، والإسكان، والمشاريع التعاونية، ومساعدة رجال الأعمال المسلمين، والمساعدة في عمليات الزواج، وتبادل الخبرات، ومساعدة السجناء، ودعوتهم للإسلام، وفي مكافحة الجريمة والمخدرات، وقد شهدت بذلك بعض الدوائر الرسمية الأمريكية، كما نجح (الإسنا) في نشر الشريط الإسلامي، وتخزين المعلومات على الحاسب الآلي، ونشر الكثير من الدوريات وكتب الدعوة الإسلامية، وباختصار فقد اصبح (الإسنا) مؤسسة حضارية اجتماعية قدم كثيرا من الخدمات للإسلام وللمجتمع الذي يعيش فيه. وهناك كثير من لجان العمل المختلفة العاملة داخل (الإسنا)، ورغم انضمام الكثير من المسلمين المولودين في أمريكا إليه، إلا أنه لا زال يدار في معظمه من قبل المهاجرين.





جماعة الدعوة الإسلامية الأمريكية:

رغم التغييرات الكثيرة التي حدثت على جماعة الدعوة الإسلامية في أمريكا (American Muslim) (AMM )) إلا أنها لازالت من اكبر المنظمات، وأكثرها تنظيماً للأمريكيين المحليين، وخاصة السود، ومن ناحية تاريخية، تعتبر (أمة الإسلام) The Nation of Islam )) وهي السابقة لجماعة الدعوة الإسلامية الأمريكية حاوية لبعض تقاليد معبد علوم المورسيكيين moorish science Temple الذي أسسه (نبيل درو على Noble Drew Ali) وحركة (ماركوس غارفي M.Garvey) الذي لم يكن مسلماً ولكن كان متعاطفاً مع الإسلام، وكانت حركته تسمى (الحركة العالمية لتحسين أوضاع السود، . ( the International Negroes Improvement Movement ) أما نبيل، أو نوبل درو على والذي عرف قبل ذلك باسم (تمثي درو Timothy Drew) فقد ولد في (نيو جرسي) وفي عام 1913م أسس معبد علوم الموراكشيين في (نيوآرك ( Newark، وحاول من خلال حركته تأكيد هوية السود وربطها بالإسلام حسب فهمه المشوش ومعلوماته المحدودة عنه، واعتبر أن النصرانية هي دين البيض، أما غارفي فكانت حركته قومية هدفها تحسين أوضاع السود وكان شعارها (العودة إلى إفريقيا Back to africa ) ، McCloud; 1995 ;Ahmed;1991



وتأثر (اليجا محمد Elijah Mohammed ) والذي كان يُدعى (اليجا بول Elijah Pool بهاتين الحركتين، إلا انه نسب تعاليمه إلى رجل غامض يدعى ( فريد أو فرد محمد Fard Mohammed ) والمعلومات عنه محدودة جدا، وادعى اليجا محمد أنه يقوم بدور نبوي، واستخدم المنهج المسيحي في تمثيل الإله، وادعى أن فرد محمد إله جاءه في صورة إنسان، وقوى ذلك الادعاء من مركزه القيادي أمام السود الذين لم يكونوا يعرفون شيئاً عن الإسلام ، وكانوا متحمسين لأي شيء يبرر ويظهر هويتهم. نمت (أمة الإسلام) تحت قيادة مركزية يمسك (اليجا محمد) بكل خيوطها وبقوة، وأعطى الأئمة سلطة في توحيد جماعات السود وتوجيهها، ونجح (اليجا محمد) إلى حد كبير في بناء منظمة قوية، وكان نجاحه واضحاً في خمس نقاط ( Ahmed ,991):



1- قيادة قوية وموهوبة فرضت الطاعة والإذعان من الجميع.



2- تنظيم مجموعات مدربة في الأرياف، يشرف عليها محاربون قدماء، وكان يطلق عليهم ( ثمار الإسلام Fruit of Islam) وكانت مهمتها المحافظة على أمن الجماعة، والدفاع عنها، والدفاع عن المساجد والمؤسسات المختلفة، وقد اتهمت بكثير من أعمال العنف، بما في ذلك اغتيال مالكوم إكس، وكانت قيادتها موكوله لزوج إحدى بنات (اليجا محمد) وكان يدعى (الكابتن ريموند الشريف).





3- تنظيم الموارد المالية للجماعة، حيث كان لها مصرف ( بنك) وشركة صيد أسماك وسلسلة من المطاعم.



4- المؤسسة التعليمية والتي كانت تسمى الجامعة الإسلامية، وأصبحت الآن تسمى مدارس الأخت كلارا، وهي زوجة (اليجا محمد) ووالدة وارث الدين محمد.





5- سلسلة المعابد التي تملكها المجموعة، والتي تعمل وفق نظام يختلف عن نظام المساجد، فلا بد من عضوية، وللإمام سلطات واسعة، وتقوم بأعمال وأدوار مختلفة غير العبادة.



وبعد وفاة (اليجا محمد) في عام 1975م وتسلم إبنه وارث الدين محمد للقيادة، مرت الجماعة بتغييرات كبيرة. ومما يجدر ذكره أن وارث الدين محمد طرد من الحركة في فترة سابقة، وفي الوقت نفسه أبقى على علاقات قوية مع المسلمين المهاجرين إلى أمريكا من الدول الإسلامية المختلفة. ورغم خلافاته مع والده، فإنه كان الابن المفضل لديه، وفي مرضه الذي مات فيه قربه إليه وعينه خليفة له (Ansari,1985:247).



عمل وارث الدين منذ تسلمه للسلطة ولقيادة الحركة على تصحيح مفاهيمها، و إعادتها إلى الخط الإسلامي العام، ولذلك أعلن في عام 1976م أن والده لم يكن نبياً، وبدأ في إحلال المفاهيم الإسلامية الصحيحة مكان المفاهيم المشوهة التي وضعها والده، وأعاد تسمية الجماعة لتصبح (جماعة الإسلام العالمية The World Community of Islam، وسمى أتباعها بالبلاليين نسبة إلى الصحابي الجليل بلال بن رباح رضي الله عنه، مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغير مسمى النشرة التي كانت تصدرها الجماعة من (محمد يتكلم Mohammed Speaks إلى (أخبار البلاليين Bilalian News وتحولت المعابد إلى مساجد، وأطلق على المشرف (إمام) بدلاً من قسيس، وبدأت الجماعة في تطبيق العبادات الإسلامية على طريقة أهل السنة والجماعة (نظر: Ansari,1985)



وفي عام 1980 م تغير اسم الجماعة مرة أخرى ليصبح (جماعة الدعوة الإسلامية الأمريكية American Muslim Mission (AMM)وسمت نشرتها (الجريدة الأمريكية الإسلامية American Muslim Journal) ثم غيرتها مرة أخرى إلى (الجريدة الإسلامية The Muslim Journal) وتوقفت الجماعة عن إثارة العنصرية، واعتبار أن السود هم شعب الله المختار، وأن البيض هم الشياطين على الأرض، وهي أفكار كانت تحملها الجماعة في عهد (اليجا محمد) وأوقفت كذلك الجناح العسكري للتنظيم، ولم تعجب تلك التغييرات بعض القادة من أمثال( لويس فرخان) الذي انفصل واستخدم الاسم القديم (أمة الإسلام) ومن أمثال (جان محمد) و (سايلس محمد) حيث استقل كل منهم بجماعة خاصة، ولم يبق معروفاً إلا جماعتي وارث الدين محمد، وجماعة لويس فرخان، أما الجماعتين الأخريين، فهما صغيرتان وغير معروفتان (مصطفى وايت في حديث خاص مع الباحث). (انظر الشكل رقم 2). ورغم ذلك واصل الإمام وارث الدين محمد إصلاحاته، ففي عام 1985 م ألغى المركزية، وألغى الكثير من صلاحيات مجلس الأئمة، وأسند الكثير من المهمات إلى الأئمة المحليين، وابتعد بعض الشيء عن الأضواء، وبهذا كسب قبول الكثير.




شكل (2) المراحل التي مرت بها أمة الإسلام
تـمـثي درو عـــلي

فــــــاراد مـحـمــد

الـيــجــــا مــحــمــد

أمـة الإســــــــلام





















سايلس محمد

جان محمد

لويس فرخان

وارث الدين محمد








من المسلمين واحترامهم، رغم أن الحركة فقدت الكثير من قوتها المالية وا لاقتصا دي (Ibid) .





طائفة الحنفيين :



مجموعة من المسلمين من أصل إفريقي أقل في عددها من البلاليين انفصلت في سنة 1378هـ 1958م عن أمة الإسلام على إثر خلاف بين أعضائها وأليجا محمد بسبب رفضهم لكثير من تعاليمه، وعادت مرة أخرى للتقارب مع جماعة البلاليين بعد أن غيرت في معتقداتها بعد عام 1395 هـ 1975م وتسلم وارث الدين محمد قيادتها. وقد قام الحنفيون بقيادة زعيمهم حماس عبد الخالص في سنة 1397 هـ 1977 ومعه (11) شخصاً من أتباعه بمهاجمة منظمة يهودية في واشنطن تدعى (بناي بيرث) أي أبناء الميعاد وسيطروا على مقرها، واحتجزوا (116) رهينة من أعضاء المنظمة لمدة (39) ساعة. ولقد وصف حماس عبد الخالص اليهود بأنهم رأس مدبري المؤامرات في العالم، وحكم عليه بالسجن لمدة (41) سنة (بكر، 1412: 59).





دار الإسلام :



دار الإسلام كانت المنظمة الرئيسة والأكبر للمسلمين الأمريكيين المحليين من أهل السنة، فمن حيث العقيدة، تعتبر من ضمن أهل السنة والجماعة، وأما تنظيمهما فلم يكن طبيعياً، فاسمهما مأخوذ من دار الإسلام التي هي ضد دار الحرب، وإن كان كل منطقة يوجد فيها الإسلام كدين للأغلبية تعتبر دارا للإسلام، وقد تمت مبايعة الإمام يحي أبو كريم أميرا للمؤمنين، وتم إقرار ما يشبه الوزارات، منها واحدة للدفاع، وأخرى للمالية، وثالثة للتربية والتعليم، ورابعة للداخلية، وخامسة للشؤون الاجتماعية، وهكذا.. والهدف هو توفير الخدمات للجماعة. وبمرور الوقت أصبحت دار الإسلام حركة وطنية شاملة، لها تأثيرها ونفوذها، ولها أكثر من خمسين مسجدا في نيويورك وحدها، وتعدى نشاطها الولايات المتحدة الأمريكية ليصل إلى كندا، وكغيرها من حركات السود في أمريكا في الستينات كان ( لدار الإسلام ) جانبها العسكري المسلح ( Ahmed,1991).



وفي بداية الثمانينات وصل إلى نيويورك رجل باكستاني متصوف اسمه الشيخ (الجيلاني) وبدأ يدرس في أحد مساجد دار الإسلام في نيويورك، وجمع حوله بعض الأعضاء، وانتشرت بعض الأخبار عن علمه وقدراته الخارقة إلى بعض المساجد الأخرى في رمن قصير، وبدأ الناس يحضرون محاضراته



ودروسه بأعداد أكبر، وبعضهم لازمه وبقي معه. وبمرور الأيام تأثر وضع قيادة (دار الإسلام)، وبدأ الناس ينضمون إلى الشيخ الجيلاني الذي أحاطه بعض الجهلاء بهالة من الإكبار والتعظيم، وربما وصل عند بعضهم إلى حد التقديس، ثم طلب من الإمام يحي عبد الكريم أن يتنازل بالقيادة للشيخ الجيلاني الذي يعتبر أكثر علماً، وكان هذا الطلب سبباً في انقسام الجماعة، فمجموعة سمو أنفسهم (الفقراء) انضموا إلى الشيخ الجيلاني، ومجموعة بقيت مع الشيخ يحي بدون تنظيم، وبعدها انحلت الجماعة وانضم أفرادها إلى جماعات أخرى ( Ibid ).





أنصار الله :



أسست جماعة (الأنصار) في سنوات الغليان في الستينات، وكان هدفها احتواء الحركة القومية للسود ذات الأساس العنصري، واحتواء التطرف في إطار تعاليم الإسلام وتوجيهاته. وتحدث إمامها (عيسى) الذي كان له أسلوبه الخاص، عن أن أول حضارة في العالم قد بناها الرجل الأسود على ضفاف نهر النيل في إفريقيا، ونظر الإمام عيسى إلى سكان النوبة في جنوب مصر، وسكان شمال السودان على أنهم الأصل الذي انحدر منه السود، وأن ما خلفوه من حضارة يمثل تراث السود وإنجازهم. وتقليدا لأليجا محمد، حاول الشيخ عيسى أن يؤسس له مجموعة خاصة، وقام بزيارة مكة المكرمة كما فعل مالكوم إكس، ثم زار السودان، وزار ضريح المهدي في أم درمان، وقابل بعض أفراد عائلة المهدي، وزار جزيرة (أبا) أقوى معقل لجماعة الأنصار في السودان، وأخذ لنفسه صورا مع جميع الأماكن التي زارها. وفي (بروكلين ( Brooklyn) عرض تلك الصور على أنها تمثل عودة علاقاته واجتماعاته مع عائلته في السودان، وادعى أنه من نسل عائلة المهدي، العائلة التي استطاعت أن تهزم جيش بريطانيا العظمى. وبدأ ينظم شباب السود الذين بهرتهم قصته ورحلاته، وأعجبهم ما قدمه لهم من تاريخ جيد للسود، وعلمهم كيف يلبسون اللباس السوداني التقليدي لجماعة (الأنصار) وبنى لهم مسجدا اقتبس تصميمه من تصميم ضريح المهدي في السودان (فيليبس، 1405: 345 وما بعدها، Ahmed;1991,McCloud;1995.).



ثم غير اسمه ليصبح الإمام (عيسى المهدي) وبعد أن قتل الإمام (مهدي المهدي) في جزيرة (أبا) في عام 1965م، غير الإمام عيسى اسمه مرة أخرى ليصبح (السيد الإمام عيسى مهدي المهدي)، وادعى أن الإمام المهدي جاء إلى أمريكا منذ فترة بعيدة، وتزوج امرأة أمريكية سوداء أنجبت له عيسى هذا، وبعد ولادة عيسى عاد المهدي إلى السودان، وعندما بلغت هذه الأخبار أفراد عائلة المهدي غضبوا منها، وبدءوا في التحقيق في الأمر وقرروا رفع قضية ضد الشيخ عيسى هذا ومحاكمته، وبعد إعادة النظر في الموضوع قرر الصادق المهدي الزعيم السياسي للعائلة أن وجود أتباع في أمريكا ربما يكون له بعض الفائدة، ولن يضر على كل حال، وعندما زار الصادق المهدي الولايات المتحدة الأمريكية، قبل دعوة الشيخ عيسى لزيارته في مقر قيادته في (بروكلين) ومناقشة الهموم المشتركة بين السودانيين والأمريكيين السود المسلمين. وفي اللقاء لفت الصادق المهدي نظر مضيفه إلى بعض التجاوزات التي لا تقبل من المسلم، ومن ذلك استخدام الإنجيل في صلواتهم (Ibid).



بعدها أكد الأنصار على اتباعهم السنة في (اللباس) وذلك باتخاذ اللباس السوداني الأبيض الواسع الطويل مع العمامة للرجال، واستخدام لباس السودانيات مع الخمار للنساء، وكان تعلم اللغة العربية من أهم أولوياتهم، وصدرت التعليمات للأعضاء لكي يتكلموا بالعربية فقط مع أبنائهم حتى ينشأوا وهم عارفون للغة العربية الفصيحة. ولم تمنع الموسيقى، بل كان للجماعة فرقة موسيقية خاصة، وكان للنساء لقاءات خاصة، وتركزت حياة الجماعة حول المسجد، وكان معظم الأعضاء عمال بناء، وعمال مطاعم، وحراساً، ومدرسين، وباعة.



كان الشيخ عيسى على دراية بالنقد الموجه له من السودانيين والأمريكيين، فقد كانوا يشيرون بين الفينة والفينة إلى عدم صحة ما يدعيه من نسب، وعلى دراية بما يوجهه له المسلمون من نقد حول التعاليم والمعتقدات التي يحملها، وكان يخشى أن ينفض عنه أتباعه وينضمون إلى جماعات أخرى عندما يعلمون حقيقة ما يدعيه حين يتصلون بالآخرين ويبحثون أطراف الموضوع معهم، ولذلك تحول من دور القائد السياسي إلى دور المعلم، مدخلا تعاليم جديدة يمكنها أن تعطي أتباعه خصائص مميزة، وتحفظهم تبعاً لذلك من النقد والذوبان في الجماعات الأخرى، فأعاد تسمية الجماعة ليكون (اتحاد النوبيين الإسلامي العبري the Nubian Islamic Hebrew Association) واستخدم نجمة داود التي يحضنها الهلال شعاراً للجماعة، واستخدم الإنجيل مصدرا للتعليم الديني مثله مثل القرآن، وعدل لباس النساء وحذف منه الخمار، وتبعاً لهذه التغييرات المتطرفة أصبحت حياة الجماعة متوترة، تحيطها كثير من الأنظمة والتعليمات، وابتعدت كثيرا عن الإسلام، ولا يمكن اعتبار اتباعها مسلمين، وهناك اعتقاد بأن خلف الشيخ عيسى منظمات دولية، ولا يستبعد أن تكون بعض المنظمات اليهودية في أمريكا قد اشترت الشيخ عيسى وسيرته في الطريق التي تريد، ولهذا يذكر الأخ مصطفى وايت في مقابلة خاصة معه أن هذه الجماعة تفرقت ولم يبق من أعضائها إلا عدد قليل جدا، ولكن يجب ألا ننسى أن بداية الجماعة كانت بداية قريبة من الإسلام، وكان لها صلاتها بالعالم الإسلامي في المملكة العربية السعودية والسودان، حيث زار الشيخ عيسى تلك البقاع، واقترب كثيرا من مصادر الإسلام الصحيحة، إلا أن الشيطان والإغراءات المختلفة تعمل عملها في كواية الإنسان والابتعاد به كثيرا عن طريق الصواب.





أهم ا لمراكز الإسلامية :

هناك عدد من المراكز الإسلامية التي كان لها دور في مساعدة المهاجرين المسلمين إلى أمريكا في الثبات على دينهم، ومقاومة عوامل الذوبان وفقدان الهوية، ويعتبر المركز الإسلامي في واشنطن من أشهر تلك المراكز ومن أقدمها، فقد تم وضع حجر الأساس لإنشائه في عام 1369 هـ 1949م، وبني على طراز حديث، وبلغت تكاليفه حوالي مليون دولار، ساهمت فيه معظم الحكومات الإسلامية. وافتتحه الرئيس (ايزنهاور) في سنة 377 1 هـ 1957 م، ويشرف عليه مجلس يضم سفراء الدول الإسلامية، ويعتبر من معالم مدينة واشنطن، وفي الثمانينات الميلادية كان هناك تنافس على إدراته بين بعض الطوائف الإسلامية (انظر: مجلة العربي، عدد 102: 68 وما بعدها، الداري، 1403 هـ بكر، 1412 هـ).



ومن المراكز الإسلامية الكبيرة مركز نيويوك والذي تم إنشاؤه في الستينات الميلادية بتبرعات من المملكة العربية السعودية والكويت وليبيا ويشرف عليه مجلس أمناء مكون من سفراء الدول الإسلامية إلى الأمم المتحدة، ويضم مسجدا يتسع لأكثر من ألف مصل، ومكتبة، وقاعة محاضرات، ويصل ارتفاع مئذنته إلى أكثر من ثلاثة وستين مترا (بكر، المصدر السابق)، ومن المراكز الشهيرة والكبيرة المركز الإسلامي في (ديترويت) ويعتبر من أقدمها، والمركز الإسلامي في طليطلة Toledoوالمركز الإسلامي في لوس أنجلوس)، والمركز الإسلامي في (سياتل) والمركز الإسلامي في (أطلنطا) بولاية جورجيا، وغيره من المراكز التي تنتشر عبر أمريكا، والتي أنشئ معظمها خلال عقدي الثمانينات والتسعينات الميلادية.



جمعيات ومؤسسات أخرى :



شهدت العقود الثلاثة الأخيرة تزايداً في عدد المسلمين، سواء المهاجرين أو الداخلين في دين الله حديثاًً، أو المواليد، وتبعاً لذلك كثرت الجمعيات والتنظيمات، وخاصة في المدن الكبيرة، بعض تلك المؤسسات استمر في أداء وظائفه، وبعضها اختفى لأسباب مختلفة، منها التناقص الحاد في أعداد المسلمين في بعض المناطق، وخاصة تلك التي كانت تعتمد على الطلبة المبتعثين، ومنها شح الموارد المالية، ومنها الخلافات بين الأعضاء، ويذكر الباحث أنه عندما قدم إلى مدينة (لوس أنجلوس) في بداية عام 1979م كان في المدينة مؤسستان إسلاميتان، إحداهما كان المركز الإسلامي في وسط المدينة، والثاني كان (مسجد المؤمن) في منطقة (انجل وود)، وغادرها بعد عامين ونصف وكان فيها أكثر من ثمانية مساجد بعضها مملوك والبعض الآخر مستأجر. وعندما عاد إليها في بداية عام 1995م قيل له أن عدد المساجد والمراكز الإسلامية تجاوز الخمسين، أي أن الزيادة كانت بنسبة زادت عن 500% خلال خمسة عشر عاماً تقريباً.



ولعل من أشهر التنظيمات التي ظهرت ثم اختفت (الحزب الإسلامي لمظفر الدين حامد the Islamic Party of Muzafarryddin Hamid ) وعرف بالحزب الإسلامي، the Islamic Party، ويذكر الأخ مصطفى وايت في مقابلة للباحث معه أنه كان أحد أعضاء هذا الحزب، وأنه كان نشطاً خلال السبعينات، وكان مقره في واشنطن العاصمة، وكانت مكاتبه في عمارة مكونة من عدة طوابق، يملكها الحزب، وكان لديه مطبعة خاصة، وكان يملك شركة لتأجير السيارات، إلا أن الخلافات بين قيادي الحزب أدت إلى إضعافه، واستمر ذلك التناقص في قدرات الحزب إلى أن اختفى، ورحل بعض أعضائه إلى (هندوراس) منهم الشيخ مظفر الدين حامد، وهناك أعاد تأسيس الحزب.



ومن التنظيمات التي تجدر الإشارة إليها (مجلس المساجد بأمريكا) ويهدف إلى إحياء رسالة المسجد في الإسلام، ويقدم المساعدات المادية لإنشاء و أعمار المساجد في أمريكا الشمالية، وكذلك دعمها ثقافياً عن طريق تزويدها بالأئمة والكتب الثقافية الإسلامية، وإقامة دورات تدريبية للأئمة، والمساهمة في حل المشكلات التي تعترض أبناء الجالية المسلمة، والمشاركة في تعليم أبناء المسلمين من خلال المدارس الملحقة بالمساجد، ومجلس المساجد بأمريكا عضو في المجلس العالمي الأعلى للمساجد (بكر، 1412: 51-52).



ويعتبر (المعهد العالمي للفكر الإسلامي) أهم مؤسسة فكرية إسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو مسجل رسمياًً منذ بداية القرن الهجري الخامس عشر (1401هـ - 1981م ) وفي مطوية نشرها المركز للتعريف به جاء أن من أهدافه: 1) تحرير الأمة من عقدة النقص والتخلف الروحي والفكري، وإنقاذها من الانفتاح الوهمي، أو الاعتزاز السلبي بالتاريخ الماضي . 2) تنبيه الأمة إلى أهمية تراثها وإحياء الكثير من جوانبه النافعة، وتصنيفه وفهرسته على أبواب العلوم والنشاطات المعاصرة، وتقويمه وتحليله وإعادة تقديمه للباحثين . 3) تأصيل قضايا الإسلام الكلية وتوضيحها وتوكيدها ضمن رؤية شاملة. 4) استعادة الهوية الفكرية والثقافية والحضارية للأمة الإسلامية 50) تمثل المعرفة الحديثة بطرق سليمة وفاعلة. 6) تحريك العقول الإسلامية في كل مكان ودفعها للعطاء في المجالات العلمية والفكرية المختلفة. 7) إعادة صياغة مناهج الفكر عند المسلمين. وتوضح المطوية وسائل المعهد لبلوغ أهدافه، وتقدم قائمة لمجموعة مما تم إصداره من الكتب والدراسات الفكرية، وللدوريات والنشرات التي يصدرها المعهد أو يشارك في إصداراها. ولقد حقق المعهد منذ إنشائه كثيراً من المنجزات الهامة والفاعلة في المجال الفكري، وهو مرشح لأن يقوم بدور رائد في إحياء التراث الإسلامي، وتوجيه الفكر الإسلامي الحديث ليكون أكثر قوة وفاعلية، خصوصاً إذا ابتعد القائمون عليه عن الخلافات والتعصب للرأي و ا لتوجه.



وتعتبر الأكاديمية الإسلامية السعودية في واشنطن من أهم المؤسسات التربوية الإسلامية لمرحلة مادون الجامعة في العاصمة الأمريكية. تأسست في سنة 1404هـ - 1984م هدفها تقديم تعليم إسلامي لأبناء المسلمين وخاصة البعثات الدبلوماسية في العاصمة وضواحيها، وفق منهج أعد لهذه الغاية، إلى جانب المنهج العام في الولايات المتحدة (بكر، 1412: 66). هذا وقد سعت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية منذ مدة طويلة إلى تأسيس معهد لتعليم العلوم الشرعية واللغة العربية، وقد تحقق لها ذلك بصدور موافقة خادم الحرمين الشريفين في عام 1409هـ - 1988م بإنشاء (معهد العلوم الإسلامية والعربية في أمريكا) ويرتبط علمياً وإدارياً ومالياً بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقد حقق المعهد منذ إنشائه كثيراً من الإنجازات، وأقام العديد من الدورات وللقاءات العلمية، وطبع ووزع الكثير من الكتب والمنشورات المختلفة (العايد، 1413 هـ 1993 م).

ومن المنظمات التي أسست أخيرا (المجلس الإسلامي الأمريكي، the American Muslim Couacle (AMC) وهو منظمة خيرية تم تأسيسها في عام 1990م لتعمل على خدمة الجالية الأمريكية المسلمة، وتوعيتها بحقوقها السياسية والاجتماعية، والدفاع عنها ومكافحة كل ألوان التمييز ضدها. كما يعمل المجلس على تنظيم صفوف المسلمين في أمريكا، وحثهم على المشاركة الفاعلة في النشاطات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في الولايات المتحدة (الديك، 1994: 3) ولقد حقق المجلس نجاحات ملموسة في الاتصال بأعضاء الحكومة الأمريكية وشرح وجهة النظر الإسلامية، وحقق نجاحات في المشاركة في وسائل الإعلام المختلفة. ومن الجماعات الإسلامية جمعية القرآن والسنة التي تهتم بنشر الإسلام، وبتصحيح العقيدة لدى المسلمين في أمريكا، وبيان الفرق الباطنية وتوضيح انحرافاتها وبعدها عن الإسلام، كما تسعى الجماعة إلى توحيد صفوف المسلمين وجمع كلمتهم على الحق. وتصدر مجلة بعنوان (الهجرة). ومن الجمعيات المهمة التي أسست حديثاً جماعة (كير) التي أسست في عام 1995م وتعنى بالدفاع عن القضايا الإسلامية وعن الأفراد والجماعات أمام القضاء الأمريكي .

















الفصل الخامس

الإطـــار المنهـــجي للــــدراسـة







منهج الدراسة :

حاول الباحث في هذه الدراسة أن يوظف مجموعة من مناهج البحث الاجتماعي، ليكمل بعضها بعضأ، فما قد يحدث من نقص باستخدام منهج من المناهج يمكن الاعتماد على المنهج الآخر لتلافيه وسد ذلك النقص، فلقد استخدم الباحث المنهج التاريخي للتتبع نشأة وتطور بعض الظواهر المتعلقة بالدراسة مثل ظاهرة الهجرة الإسلامية بأنواعها القسرية والاختيارية، والمؤقتة والدائمة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك تتبع نشأة وتطور ظاهرة المؤسسات والجماعات الإسلامية، ولقد اعتمد الباحث لتغطية هذا الجانب على الدراسات السابقة وبعض الإخباريين الرئيسيين.



أما المنهج الثاني الذي استخدمه الباحث فهو المنهج الوصفي بطريقة المسح الاجتماعي، فالإجابة على تساؤلات الدراسة تقتضي إجراء دراسة ميدانية لمعرفة الواقع، ولأخذ المعلومات من مصادرها مباشرة، والمسح البحثي كما يراه الهمالي (هو ذلك النوع من الاستقصاءات العلمية الاجتماعية الذي يهتم بدراسة الظروف الاجتماعية والاقتصادية وغيرها في مجتمع معين عن طريق العينة بقصد تجميع البيانات والحقائق واستخلاص النتائج اللازمة لحل {المشكلات} الاجتماعية) (الهمالي، 1988: 117) ويرى (موزر Mo ser) بأنه ( يتناول دراسة الخصائص الديموغرافية، والبيئة الاجتماعية والنشاطات أو الآراء أو الاتجاهات السائدة في جماعة معينة) (المصدر السابق، 1988: 117-118). وقد استخدم الباحث هذا المنهج في دراسته للمراكز الإسلامية لمعرفة أوضاع المسلمين والمشكلات التي تواجههم، كما سنرى في الفصل التالي.



والمنهج الثالث الذي استخدمه الباحث هو منهج دراسة الحالة، وقد وظف هذا المنهج لدراسة المركز الإسلامي في مدينة بولمان بولاية واشنطن دراسة تفصيلية معمقة، لمعرفة مراحل نشأته وظروفها والصعوبات التي واجهها القائمون عليه، ولمعرفة هيكله وأنشطته ولجانه المختلفة، وما يقدمه للمجتمع المحلي المسلم بفئاته المختلفة من خدمات وتسهيلات. وإذا كان البحث المسحي يتجه اتجاهأ أفقيأ لإعطاء صورة عامة عن الظاهرة، فإن منهج دراسة الحالة يتجه اتجاها رأسيأ لإعطاء صورة واضحة ومعمقة عن الظاهرة ممثلة في أحد رموزها.





مجتمع البحث :

مجتمع البحث في الدراسة الميدانية هم المسلمون والمراكز الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية، فما توصلت إليه الدراسة الميدانية يمكن تعميمه على جميع ا!لسلمين في الولايات المتحدة، وعلى جميع المراكز هناك. والبحوث عندما تعمم نتائجها على مجتمع البحث فإنها لا تنظر للحالات الخاصة أو الشاذة والتي توجد في كل زمان ومكان، وتؤكد القاعدة ولا تلغيها. أما مجتمع الدراسة في دراسة الحالة فهم سكان مدينة بولمان من المسلمين الذين يستفيدون من خدمات المركز الإسلامي هناك.







عينة الدراسة وطريقة اختيارها :

أصدر الاتحاد الإسلامي في أمريكا الشمالية ISNA دليلا عن المؤسسات والمراكز والمساجد في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا ضم أكثر من ألف ومئاتي وحدة، وبعد استبعاد ما لا ينطبق عليه هذا البحث مثل المدارس ودور النشر وما شابهها، كان هناك حوالي 1000 مسجد ومركز إسلامي، فقرر الباحث اختيار مائتين منها، تمثل 20% من المجتمع الأصلي. وبعد إعداد الاستبيان وتحكيمه من قبل خالد التركي وعبدالعزيز العبود وهما مبتعثان سعوديان للدراسات العليا في جامعة ولاية واشنطن، الأول كان يدرس علم اجتماع والثاني علوم سياسية، تم إرساله بالبريد إلى العينة المختارة بطريقة عشوائية منتظمة، حيث تم اختيار الرقم الأول عشوائيأ من الدليل المشار إليه انفأ، ثم اختيرت الأرقام التي بعده بطريقة منتظمة، وأرسل مع الاستبيان ظرف بريدي طبع عليه عنوان الباحث وعليه طابع، فما كان على المبحوث إلا أن يجيب على الاستبيان ويضعه في ذلك الظرف ويلقيه في أقرب صندوق بريد ليأخذ طريقه إلى عنوان الباحث في مدينة بولمان.





كما وضع في آخر الاستبيان خيار آخر لإرسال الاستبيان بعد إجابته إلى عنوان الباحث في الرياض، وكان الهدف من ذلك طمأنة المبحوثين على الغرض الأساس من البحث، وتقوية ثقتهم في الباحث، ورغم هذا كله لم يعـد من الاستبانات سوى أربع وأربعون، كان أربع منها بدون إجابات لأن العنوان الذي أرسلت إليه كان خاطئأ أو تغير بانتقال المركز إلى عنوان جديد، أما عنوان الرياض فلم يصل عليه إلا رسالة واحدة فقط.



لا يوجد ولاية من الولايات الأمريكية إلا وفيها مسلمون ومراكز إسلامية، بما في ذلك ألاسكا وهاواي، إلا أن الولايات تختلف في عدد المسلمين وكثافتهم، ومن ثم في عدد المساجد والمراكز الإسلامية، وتشير الدراسات والإحصاءات إلى أن أعلى كثافة للمسلمين توجد في ثلاث ولايات هي نيويورك وكاليفورنيا وألينويز، وقد حرص الباحث عند إرسال الاستبيان أن يشمل جميع الولايات بحسب أعداد المراكز الإسلامية الموجودة فيها، ولم يخالف هذه القاعدة إلا إذا وجد أن العينة العشوائية المنتظمة وقعت على عشرة مراكز إسلامية في نيويورك مثلا ولم تقع على أحد المركزين الموجودين في ألاسكا، وهي وولاية هاواي لهما طبيعتهما الخاصة حيث تقعان بعيدا عن بقية الولايات الأخرى، وفي تلك الحالة فإن الباحث يقوم بحذف المركز الأخير من ولاية نيويورك مثلا ووضع مركز من ألاسكا بدلأ عنه، ويرى الباحث أن لا ضير في ذلك لأن نيويورك في هذه الحالة تكون ممثلة بعدد من المراكز، ومن المفيد للبحث، من جهة أخرى، أن تمثل الولايات التي لايوجد فيها إلا مراكز إسلامية قليلة.



ورغم أن الاستبانات التي أعيدت لا تمثل إلا 20% مما تم إرساله وهي نسبة متدنية إلى حد ما، إلا أنها- من ناحية أخرى- تمثل حوالي 4% من المجتمع الأصلي وهي نسبة مقبولة في البحوث الاجتماعية، خاصة عندما لا يكون هناك عمليات إحصائية معقدة كما هو الحال في هذه الدراسة. أما عدم إعادة العدد الكافي من الاستبانات فربما يعود إلى عدة أسباب منها تغيير العناوين، ومنها شك بعض المبحوثين في الأغراض من البحث خصوصأ وأنه جاء بعد حادث تفجير مبنى الحكومة الفدرالية في أوكلاهوما، واتهام العرب والمسلمين في بداية التحقيق بأنهم وراءه، مما جعل المسلمين والمراكز الإسلامية يتعرضون للتهديدات والاعتداءات، ومحاولة الاعتداءات والتي سجلت منها الدوائر الرسمية كثر من مائتين وعشرين. وجاءت الدراسة بعد تزايد الهجمة الإعلامية على الإسلام والمسلمين في أمريكا والتي كان من أبرزها عرض فيلم بعنوان (الجهاد في أمريكا) يشوه صورة الإسلام ويستعدي الأمريكيين على المسلمين، ومن المعروف أن المنظمات الصهيونية هي في الغالب من يقف وراء تلك الحملة الإعلامية.



هذا وقد قام الباحث بزيارة لعدد من الولايات، وقابل بعض المسؤولين في المراكز الإسلامية فيها، وجمع الكثير من المعلومات والتي سوف يوردها في أماكنها المناسبة عند عرض الجداول، وسوف تساعد تلك المعلومات على تدعيم نتائج البحث وتقويته، وعلى العموم فإن ما تقدمه الجداول في الفصل التالي يعتبر مؤشرات قوية وممثلة إلى حد بعيد لأوضاع وهموم المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية.







أدوات جمع البيانات :

استخدم الباحث لجمع معلومات الدراسة أداة الاستبيان، وهي أداة يتم تصميمها وفق أهداف الدراسة ولتجيب على تساؤلاتها، أو تختبر فرضياتها، وقد تم إرسالها بواسطة البريد ليقوم المسؤول عن المركز الإسلامي بتعبئتها. وقد حوت استمارة الاستبيان 23 سؤالأ عن المركز ونشأته ورواده، وملكيته، وأنشطته لخدمة أعضائه ولتقديم الإسلام إلى الآخرين، وأعداد رواده، وأعداد من يسلمون ونوعياتهم، والتحديات التي يواجهها العمل الإسلامي، والجماعات المسلمة في أمريكا، وعلاقة رواد المركز بالمجتمع المحلي، وما إذا كانوا يواجهون عنصرية أو مضايقات أم لا، وهذه الأسئلة تشير إلى المتغيرات الرئيسة للدراسة الميدانية وطريقة قياسها.





هذا وقد استخدم الباحث طريقة الملاحظة بالمشاركة باعتباره كان أحد أفراد الجالية الإسلامية في أمريكا، وعاصر وشارك في كثير من أنشطتها، كما استخدم طريقة المقابلة مع بعض من لهم معرفة بالعمل الإسلامي في أمريكا مثل الأخ مصطفى وايت في مدينة (بولدر) بولاية (كالورادو) والأخت أمينة مكلاود في مدينة (أطلنطا) في ولاية (جورجيا).





وحدة الدراسة ومجالاتها :

وحدة الدراسة في البحث الميداني تتمثل في الجماعات الإسلامية والمراكز الإسلامية، التي تتكون من مجموعة من الأعضاء، والتي تعتبر هموهم ومشكلاتهم همومأ ومشكلات للمركز وللجماعة كلها، مثل التعليم، والتنشئة الاجتماعية والتعرض للعنصرية والمضايقات وما شابه ذلك من هموم الجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر. أما المجال المكاني فهو الولايات المتحدة بحدودها التي قدمناها في الفصل الثاني من هذه الدراسة، والمجال البشري يتمثل في المسلمين الموجودين في أمريكا في عام 1995 م وهو المجال الزمني للدراسة.









الفصل السادس

عرض وتحليل بيانات الدراسة الميدانية







رغم أن الباحث حاول إرسال استبانه إلى المراكز والمساجد الإسلامية ، واستبعاد ما عداها مثل المدارس، ودور النشر، والمؤسسات ، إلا أن البريد حمل إليه بعض الإجابات من أماكن لم تتوفر فيها مواصفات المسجد والمركز الإسلامي ، إلا أنها إجابات تفيد البحث وتدعمه ، وفيها كثير من المعلومات الجيدة ، والجدول رقم ( 6ب ) يبين ذلك .



6ب : نوع المركز

النسبة
التكرار
نوع المركز

2،5%
1
مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم

2،5%
1
فرع لاتحاد الطلبة المسلمين

5%
2
فرع للاتحاد الإسلامي ISNA

90%
36
مركز إسلامي

100%
40
الـــــــــــمـــجــــــمــوع

















ومن الجدول السابق نلاحظ الغالبية العظمى 90% هي مراكز إسلامية ، بينما وُجد مدرسة واحدة لتحفيظ القرآن ولا يستبعد أن تكون تابعة لأحد المراكز الإسلامية ، أو قريبة منه ، ووجد فرع واحد لاتحاد الطلبة المسلمين، وهذا غالباً ما يكون غرفة ملحقة بإحدى الجامعات، لأن معظم تواجد مراكز اتحاد الطلبة المسامين يكون داخل الحرم الجامعي، وفي أحايين كثيرة تتعاون مع المراكز الإسلامية أو يكون أفراد الاتحاد مسؤولون أو أعضاء فاعلون في المراكز الإسلامية . ومثل هذا يمكن أن يقال عن فروع الاتحاد الإسلامي التي توجد قريباً من المراكز الإسلامية غير المسجلة في الجماعة. فبعض فروع الاتحاد الإسلامي يمكن أن توجد في حرم الجامعة ضمن غيرها من التنظيمات الطلابية الأخرى التي تحفل بها الجامعات الأمريكية .



ويشير الجدول رقم(7) إلى أن الولايات التي شملتها الدراسة بلغت تسع عشرة ولاية ، وتأتي ولاية نيويورك في المقدمة، حيث شملت الدراسة مساجد ومراكز إسلامية، بنسبة 17،5% تليها كاليفورنيا بخمسة مراكز وبنسبة 12،5% ويأتي في المركز الثالث ولاية ألينويز بأربعة مراكز وبنسبة 10% ، أما المركز الرابع فقد احتلته ولاية تكساس بثلاثة مراكز وبنسبة7،5% وفي هذا إشارة ترتيب الكثافة السكانية للمسلمين وللمراكز الإسلامية في الولايات الأربع ، وجاءت ست ولايات في المركز الخامس كل منها ممثل بمركزين وبنسبة 5% وهي: ميسيسيبي، وأكلاهوما، وساوث كارولاينا، وكولورادو، وواشنطن، وجورجيا ، أما بقية الولايات فمُـثل كل منها بمركز واحد ، وبنسبة 2،5% . ومن الجدير بالذكر هنا أن الباحث حاول أن تكون جميع الولايات ممثلة في عينة الدراسة ، ولكن 20% من استمارات الاستبيان عادت للباحث و80% لم تعد ، وهذه النسبة تمثل الولايات التي ليس لها تمثيل في العينة .





7ــ الولاية التي يقع فيها المركز



الـنــســبـــة
الـتـكــــرار
اسـم الــولايـــة

17,5%
7
نيويورك

12,5%
5
كاليفورنيا

10%
4
الينويز

7،5%
3
تكساس

5%
2
ساوث كارولاينا

5%
2
أوكلاهوما

5%
1
لويزيانا

2,5%
1
كنساس

2,5%
1
تينيسي

2,5%
1
ايوا

5%
2
ميسسيسيبي

2,5%
1
نيفادا

5%
2
كولورادو

2,5%
1
ميتشجن

2,5%
1
يوتاه

2,5%
1
فلوريدا

2,5%
1
أويغون

5%
2
واشنطن

5%
2
جورجيا

100%
40
المجموع










وبالنسبة للوجود الإسلامي في الولايات المتحدة الأمريكية فإنه حديث نسبياً إذا استثنينا فترة استعباد السود والتي لم يكن لديهم خلالها الحرية الكافية لممارسة العبادة ، فضلاً عن التنظيم وإنشاء المؤسسات والمراكز الإسلامية ، وتشير المعلومات في الجدول رقم (8) إلى أن تنامي وتزايد المراكز والمساجد الإسلامية في أمريكا بدأ بعد عام 1960م وكل المراكز التي شملتها الدراسة نشأت بعد ذلك التاريخ .



8 ـ سنة التأسيس



النسبة
التكرار
سنة التأسيس

0%
ــــ
قبل عام 1959

5%
2
بين 1960 و 1969

17،5%
7
بين 1970 و 1979

50%
20
بين 1980 و 1989

17،5%
7
1990 أو بعــدها

10%
4
غير مبين

100%
40
المجموع




ويشير الجدول إلى أن عدد المراكز يزيد في كل عقد الذي قبله ، ففي عقد الستينات تأسس مركزان بنسبة 5% ، بينما قفز الرقم في عقد السبعينات إلى سبعة مراكز وبنسبة 17،5% وربما كان عقد الثمانينات من افضل العقود في هذا الجانب حيث نشأ فيه عشرون مركزاً من مراكز عينة الدراسة وبنسبة 50% وفي ذلك العقد كثرت البعثات الطلابية من الدول الإسلامية. وخاصة من دول الخليج العربي، حيث كان للمبتعثين دور كبير في نشر الإسلام وفي إنشاء المراكز والمساجد الإسلامية.



وكما ذكر الباحث فقد وصل إلى مدينة لوس أنجلوس في بداية عام 1979م ولم يكن بها إلا مسجد المؤمن في ( أنجل وود Angelwood ) وكان خاصاً بالسود البلاليين، والمركز الإسلامي في وسط المدينة، وعندما غادرها في منتصف عام 1981م كان فيها ثمانية مساجد، وعندما زارها في عام 1995م كان العدد قد تجاوز الأربعين، وأن عدد المسلمين في جنوب كاليفورنيا يقدر بنصف مليون نسمة .



وإذا عدنا إلى الجدول رقم (8) نجد أن النصف الأول من عقد التسعينات شهد تأسيس سبعة مراكز من مراكز عينة الدراسة وبنسبة 17،5% ومن المعروف أن التسعينات شهدت حرب الخليج الثانية، واحتلال الكويت من قبل القوات العراقية، وإخراجها من قبل القوات الدولية، وكان لتلك الحرب أثر كبير في إشعال فتيل الخلاف بين العرب والمسلمين الذين يعيشون على التراب الأمريكي ما بين مؤيد ومعارض ، وكان لذلك تأثيره السلبي على بناء المراكز والمساجد الإسلامية ، وعلى انتشار الإسلام في تلك الديار، فالخلافات شغلت المسلمين عن القيام بواجبهم في هذا الجانب ، وبددت الكثير من طاقاتهم ومعنوياتهم، وأضعفت قدراتهم وإمكاناتهم .



أما أربعة من المراكز المبحوثة والتي تمثل 10% من عينة البحث فلم تبين تاريخ نشأتها، وربما يعود السبب في ذلك إلى أن الشخص الذي قام بتعبئة الاستمارة لا يعرف التاريخ الحقيقي لنشأة المركز، أو أن الإجابة سقطت سهواً .



وبدأت المراكز الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية في معظمها باستئجار شقة أو منزل لتكون مقراً لها، والذين عمدوا إلى هذه الطريقة هم في الغالب الطلاب المبتعثون لسد حاجتهم المؤقتة لمكان يؤدون فيه الصلاة جماعة ثم يتبين بعد ذلك أن الحاجة ستظل قائمة لتلك الأماكن لوجود أناس مقيمين بصفة دائمة، فكانت المرحلة الثانية تتمثل في شراء منازل أو كنائس أو مدارس جاهزة وتحويلها إلى مراكز إسلامية، وفي العقدين الأخريين كثر بناء المراكز الإسلامية بالتصاميم الإسلامية والتي تخدم الأغراض المختلفة، والجدول رقم (9) يبين أن سبعة مراكز تمثل 17،5% من عينة الدراسة غير مملوكة، منها خمسة منازل مستأجرة تمثل 12،5% من مجموع العينة، أما الشقق المستأجرة فتمثل صفر ولذلك لم ندرجها في الجدول، وهناك وحدتان فقط مقدمتان من قبل الجامعة كمقر لاتحاد الطلبة المسلمين أو الاتحاد الإسلامي في أمريكا الشمالية ISNA .



9 ــ نوع المبنى الذي يشغله المركز



النسبة
التكرار
ملــــــــك
النسبة
التكرار
أيجار

47%
11
بني ليكون مركزاً
71،4%
5
منزل((House

53%
18
تم تعديله
28،6%
2
مقدم من الجامعة

100%
34
المجموع
100%
7
المجموع




وإذا انتقلنا للحديث عن المراكز التي يملكها المسلمون نجد أن 47% منها بني من الأساس ليكون مركزاً إسلامياً، أما البقية والتي تمثل 53% فقد تم شراؤها ثم عُدلت ، وكانت في الغالب منازل أو مدارس أو كنائس . وملكية المراكز الإسلامية دليل على أن الإسلام جاء إلى أمريكا ليبقى، وليصبح جزءاً من التركيبة الدينية والثقافية للبلاد. هذا وقد ذكر أحدهم أن المكان كان منزلاً مستأجراً ثم بعد ذلك أنشأوا مبنى خاصاً للمركز الإسلامي .

10 ــ مصادر الملكية

النسبة
التكرار
سنة التأسيس

52%
27
تبرعات محلية

21%
11
تبرعات من الخارج

21%
11
تبرعات من داخل أمريكا

6%
3
تبرعات من شخص واحد

100%
52
مجموع التكرارات




ويبين الجدول رقم (10) المصادر التي اعتمد عليها المسلمون في تملك المراكز الإسلامية، ويبرز أن أعلى نسبة وهي 52% كانت تبرعات محلية، أي أن المجتمع المحلي اعتمد على نفسه بالدرجة الأولى في إيجاد مركزه الإسلامي، يلي ذلك التبرعات التي جاءت من داخل أمريكا والتبرعات التي جاءت من خارجها وبنسبة متساوية بلغت 21% لكل منهما، أما المراكز التي قامت على نفقة فاعل خير فقد بلغت 6% فقط، وتشير التكرارات المتعددة إلى أن بعض المراكز قامت على تبرعات محلية ووطنية وخارجية.



11ــ تقدير عدد المسلمين في المدينة التي فيها المراكز

النسبة
التكرار
سنة التأسيس

40%
16
أقل من 500

10%
4
بين 500 و 1000

12،5%
5
من 5 إلى 10 آلاف

7،5%
3
من 10 إلى 20 آلف

5%
2
من 20 إلى 30 ألف

2،5%
1
من 30 إلى 40 ألف

2،5%
1
من 40 إلى 50 ألف

7،5%
3
50 ألف أو أكثر

12،5%
5
غير مبين

100%
40
المجــــــــــــموع




والمراكز الإسلامية وجدت لتخدم كثافة سكانية معينة، والجدول رقم(11) يعطينا مؤشراً لذلك، حيث نجد أن أعلى نسبة من المراكز والمساجد الإسلامية وهي 40% تخدم عدداً لا يتجاوز 500شخص، ومن جهة أخرى نجد أن الكثير من المراكز بنيت في مدن وقرى جامعية صغيرة ، ولهذا لا يستبعد أن تكون النسبة ممثلة للواقع .



والمراكز التي في مدن فيها من المسلمين ما بين 500 وألف شخص كانت 4، تمثل1%، أما التي فيها ما بين خمسة وعشرة آلاف فبلغت خمسة مراكز، بنسبة 12،5% ثم تبدأ النسبة في التناقص حيث نجد أن 7،5% من المدن فيها ما بين عشرة إلى عشرين ألف مسلم، و5% فيها من عشرين إلى ثلاثين ألف مسلم، والتي فيها من ثلاثين إلى أربعين ألف وأربعين إلى خمسين ألف نسمة كانت 2،5% لكل منهما، أما التي فيها أكثر من خمسين ألف نسمة من المسلمين فبلغت 7،5% من العينة، هذا ولم يذكر12،5% عدد المسلمين في المدينة التي فيها المركز ربما لعدم معرفتهم بذلك، هذا وقد ذكر أحد المبحوثين أن في منطقته، منطقة سان فرانسسكو، من المسلمين أكثر من مئتي ألف، وذكر آخر من بروكلين في نيويورك أن المسلمين في منطقته أكثر من نصف مليون نسمة .



وفي عصر الاتصالات والمواصلات تعددت طرق وأساليب الدعوة، والجدول رقم(12) يبين الطرق التي يستخدمها المسلمون في أمريكا لنشر الإسلام، وفيه نرى أن هناك مزاوجة بين الطرق التقليدية والطرق الحديثة، فالمحاضرات حصلت على أعلى نسبة حث يستخدمها 34%، يليها الصحافة بنسبة22% وهي من الوسائل الحديثة والفعالة. وفي ( كلامازو Kalama zoo ) في ولاية ( ميتشجان ) ذكروا أن لديهم صحيفة خاصة اسمها ( أخبار ووجهات نظر News and Vews وتأتي المنشورات في المرتبة الثالثة بنسبة 17% وتتساوى طريقة الزيارات والاتصال المباشر بنسبة 6،5% لكل منهما، أما الإذاعة فلا يستخدمها إلا 5% من عينة الدراسة، والطرق الأخرى تتمثل في الدعوة عن طريق التلفزيون وعن طرق الهاتف، وهناك محاولات لاستخدام الشبكة الدولية Enternet لتقديم الإسلام إلى الآخرين، وذكر المسؤولون في أحد المراكز التي زارها الباحث في ( أطلنطا، Atlanta ) أن لديهم برامج تلفزيونية وبرامج إذاعية وصحيفة لتقديم الإسلام إلى الآخرين .

12ــ كيف تقدمون الإسلام إلى الآخرين ؟

النسبة
التكرار
سنة التأسيس

6،5%
5
الاتصال الشخصي المباشر

17%
13
عن طريق المنشورات

5%
4
عن طريق الإذاعة

34%
26
عن طريق المحاضرات

24،5%
19
عن طريق الصحافة

6،5%
5
عن طريق الزيارات

2،5%
2
أخرى

6،5%
5
غير مبين

100%
77
المجمــــــــــــــــوع








ولوجود إمام متفرغ دور كبير في أداء المركز لمهامه، ولكن وكما يشير الجدول رقم (13) نرى أن غالبية المراكز (60%) لا يوجد فيها إمام متفرغ، وهذا شيء متوقع وغير مستغرب في بلد غير مسلم ويتخذ من العلمانية نهجاً في الحياة، ومن جهة أخرى، نجد أن هناك 20% من المراكز لها إمام متفرغ بدون مرتب، أو يتلقى أجره من المجتمع المحلي، وربما كان لبعضهم عملاً يعيش منه، أما الذين لا ينطبق عليهم السؤال فبلغت نسبتهم 5،7% وهي مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم، وفرع لاتحاد الطلبة المسلمين في الجامعة، وفرع للجماعة الإسلامية في أمريكا الشمالية (ISNA).













13ــ وجود إمام متفرغ

النسبة
التكرار
الإجـــــــــــــــابة

20%
8
نـــــــــــــعـــم

60%
24
لا

7،5%
2
لا ينطبق

12،5%
5
غير مبين

100%
40
المجــــــــــــــــــموع















ونتائج الجدول رقم(14) مشابهة لما جاء في الجدول رقم (13) حيث نرى أن 5، 52% من المساجد والمراكز الإسلامية لا يوجد بها مؤذن متفرغ، بينما حوالي نصف هذه النسبة (27.5%) يوجد فيها مؤذن متفرغ، وكما ذكرنا في التعليق على الجدول السابق فإن معظم المؤذنين لا يستلمون مرتبات، وربما وصلهم بعض المخصصات من المجتمع المحلي. ومعظمهم يتكلم اللغتين الإنجليزية والعربية، وذكر أحدهم من منطقة سان فرانسسكو أنه يتكلم خمس لغات هي: العربية والإنجليزية والتركية والفارسية والفرنسية.



14ــ وجود مؤذن متفرغ

النسبة
التكرار
الإجـــــــــــــــابة

27،5%
11
نـــــــــــــعـــم

52،5%
21
لا

7،5%
3
لا ينطبق

12،5%
5
غير مبين

100%
40
المجــــــــــــــــــموع




ونتائج الجدول رقم(14) مشابهة لما جاء في الجدول رقم (13) حيث نرى أن 5، 52% من المساجد والمراكز الإسلامية لا يوجد بها مؤذن متفرغ، بينما حوالي نصف هذه النسبة (27.5%) يوجد فيها مؤذن متفرغ، وكما ذكرنا في التعليق على الجدول السابق فإن معظم المؤذنين لا يستلمون مرتبات، وربما وصلهم بعض المخصصات من المجتمع المحلي. ومعظمهم يتكلم اللغتين الإنجليزية والعربية، وذكر أحدهم من منطقة سان فرانسسكو أنه يتكلم خمس لغات هي: العربية والإنجليزية والتركية والفارسية والفرنسية.



وبعد إقامة المركز الإسلامي، فإنه يحتاج إلى مصدر للصرف عليه من ناحية الصيانة، ودفع فــواتير الماء والكهرباء والهاتف، رما شابه ذلك من مصروفات، والجــدول رقم (15) يبين أن 6، 68% من المراكز يقوم المجتمع المحلي بالصرف عليها، وأن 14% يتم الصرف عليها من ممتلكات تابعة للمركز، وهناك 8% يتم الصرف عليها من أوقاف مخصصة لذلك، و4% يصرف عليها فاعلوا خير، وذكر4% أن الصرف يتم من تبرعات خارجية تأتي في المناسبات وفي فترات متباعدة ، ويشير تعدد التكرارات إلى أن بعض المراكز يتم الصرف عليها من أكثر من مصدر.



15ـ مصادر الصرف على المركز

النسبة
التكرار
مصدر الصرف

68،6%
35
تبرعات محلية

4%
2
تبرعات من فاعل خير

8%
4
وقــــــــــف

14%
7
ممتلكات تابعة للمركز

4%
2
أخــــــــرى

2%
1
غير مبين

100%
51
مجموع التكرار










16ـ هل لديكم برنامج لمساعدة القادمين الجدد إلى أمريكا ؟

النسبة
التكرار
الإجــــــــــــــــابة

52،5%
21
نــــــــــــــــــعم

42،5%
17
لا

5%
2
غير مبين

100%
40
المجموع




من المعروف أن شعب الولايات المتحدة الأمريكية شعب مهاجر وقادم من وراء البحار، كما رأينا في الفصل الثاني ، ولا تزال أمريكا إلى اليوم تستقبل أفواجاً من المهاجرين ويأتيها أعداد كبيرة من المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها، بعضهم يأتي للدراسة ويبقى بعد إنهائها، وبعضهم يأتي هربا من الاضطهاد والتشريد مثل شعب البوسنة والهرسك، وبعضهم يأتي بحثا عن فرص العمل وتحسين أوضاعه المعيشية. هؤلاء القادمون بحاجة إلى المساعدة لتخفيف وقع الغربة من جهة، والمحافظة على قيمهم وعقيدتهم من جهة أخرى، وقد عمد المسؤولون في بعض المراكز الإسلامية إلى وضع برامج لمساعدة القادمين الجدد، والجدول رقم (16) يبين أن 5، 52% من المراكز والمساجد لدبها برامج لمساعدة القادمين الجدد إلى) أمريكا، وتتمثل المساعدة غالبا في تعريفه بإخوانه في المجتمع المحلي، وتوضيح بعض الأنظمة والقوانين، ومساعدته في إيجاد سكن مناسب، وتوفير متطلبات ذلك السكن، وما شابه ذلك من مساعدات.



وذكر 5، 42% أنه لا يوجد لديهم برامج لمساعدة القادمين الجدد، وقد علق أحدهم على السؤال بقوله: ( نقدم المساعدة التي نستطيع لمن يحتاجها من المسلمين) وقال آخر: ( لدينا الاستعداد لذلك إذا وُجد من يرشدنا ويساعدنا) وقال ثالث: (لا يوجد برنامج ولكننا نقدم كل ما نستطيع).





17- هل لديكم برنامج لزيارة المرافق التالية؟

النسبة
التكرار
المرفـــــــــق

36%
24
السجن

33%
22
المدارس

21%
14
الكنائس

7،5%
5
أخرى

3%
2
لا يوجد

100%
67
مجموع التكرارات




ولنشر الإسلام يوجد لدى الكثير من المراكز والمساجد الإسلامية برامج لزيارة المؤسسات المختلفة، ودعوتها إلى الإسلام، ويثير الجدول رقم (17) إلى أن 36% من المراكز والمساجد المبحوثه لديها برامج لزيارة السجون، وتشير الإحصاءات إلى تزايد الذين يعتنقون الإسلام في السجون الأمريكية (ويليامز، 1994 م). وهؤلاء بحاجة إلى عناية ورعاية وتعليم، كما أن أعداداً كبيرة من المسجونين تعتنق الإسلام، و(إدارات السجون تشجع على ذلك لأن من يسلم لا يعود في الغالب إلى ممارسة الجريمة ومن ثم لا يعود إلى السجن، وهناك شخصيات كانت إجرامية فتحولت إلى إصلاحية بعد اعتناقها الإسلام.



وزوج السيدة أمينة مكلاود يعمل إماما في سجن ( أطلنطا Atlanta ) كما ذكرت هي ذلك للباحث.



والمدارس فيها الناشئون والشباب الذين يتطلعون إلى المعرفة وربما اهتدى بعضهم من درس أو محاضرة عن الإسلام، وربما يقوم ذلك الدرس أو تلك المحاضرة بوضع البذرة التي تنبت بعد حين، وكثير من المدارس تقوم بدعوة المراكز الإسلامية لإرسال من يتحدث عن الإسلام أو عن شعب من الشعوب الإسلامية، وبعضها يقبل عرض المراكز والمساجد بالحضور والتحدث عن الإسلام، أو دعوة بعض فصول المدرسة لزيارة المركز الإسلامي والتعرف من كثب على أوضاعه، هذا وقد ذكر 33% من المراكز الإسلامية أن لديهم برامج لزيارة المدارس (انظر جدول 17).



والكنائس تكثر في الولايات المتحدة الأمريكية وتكثر طوانفها وفرقها، وتتلقى المراكز الإسلامية دعوات من وقت لآخر للحضور إلى بعض تلك الكنائس والتحدت عن الإسلام، وتختلف المقاصد والأغراض من وراء تلك الدعوات، ولكن من واجب المسلمين التبليغ وشرح دعائم وقيم الإسلام، أما دخول الناس في الإسلام فهو أمر بيد الله الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء، ويبين الجدول (17) أن 21% من المراكز والمساجد الإسلامية لديها برامج لزيارة الكنائس وتقديم الإسلام إلى أتباعها.



هذا وقد ذكر5، 7% من المبحوثين أن لديهم برامج لزيارة مواقع أخرى تتمثل في شركات وتجمعات سكنية، وزيارات غير رسمية يقوم بها البعض لأفراد وجماعات خاصة، أما الذين ذكروا أنه لا يوجد لديهم برامج لزيارة المؤسسات والجماعات المختلفة فلم تتجاوز نسبتهم 3% فقط ، هذا وتشير التكرارات المتعددة والتي بلغت 67 إلى وجود برامج متعددة لزيارة المؤسسات المختلفة في المركز الواحد.



18ــ هل يوجد في المركز خدمات ترفيهية ؟

النسبة
التكرار
الإجــــــــــــــابة

35%
14
نــــــــــعــم

55%
22
لا

5%
2
لا ينطبق

5%
2
غير مبين

100%
40
المجموع




يهتم الشعب الأمريكي بقضية الترفيه، ويرصد لذلك الميزانيات المختلفة، والمراكز الإسلامية تستقبل الشباب وأبناء المسلمين فلا بد من وجود عناصر لجذبهم، ونرى من الجدول 18) أن 35% من عينة البحث يوجد بها خدمات ترفيهية، ولكن الغالبية (55%) ذكرت أن تلك الخدمات لا توجد لديها، وربما يعود السبب في ذلك لضيق ذات اليد، أو لضيق المكان، أو لتوفرها في مكان قريب مثل الحدائق العامة.



أما أنواع الخدمات الترفيهية في المراكز التي توجد فيها تلك الخدمات فيوضحها الجدول رقم (19)، حيث نجد أن أعلى نسبة (5، 22%) يوجد فيها ملاهي أطفال لما لها من أهمية في ربط الأطفال بالمركز الإسلامي وجعلهم أكثر حبا وإقبالاً عليه، أما التنس والطائرة والسلة والمكتبة والغرفة المتعددة الأغراض فقد وُجد كل منها في 13% من المراكز المبحوثة، ومن المتوقع أن تكون المكتبة موجودة في نسبة عالية من المراكز الإسلامية، ولكن الغالبية لا يعتبرون المكتبة من الخدمات الترفيهية، أما الغرف متعددة الأغراض فتستخدم حسب الحاجة فقد يوضع فيها تنس طاولة، وقد تستخدم لعرض فيلم، أو إقامة حفل صغير. وتعدد التكرارات (31) يدل على وجود أكثر من وسيلة للترفيه في بعض المراكز حيث أن المراكز التي فيها وسائل ترفيه بلغ عددها (14) مركزاً فقط ، ( أنظر الجدول رقم 18).

19ــ إذا كان في المركز خدمات ترفيهية ، فما هي ؟

النسبة
التكرار
وسيلة الترفيه

22،5%
7
ملاهي أطفال

13%
4
طائرة

13%
4
سلة

13%
4
تنس

13%
4
مكتبة

13%
4
غـرفة متعـددة الأغـراض

6،5%
2
تلفزيون

6،5%
2
غير مبين

100
31
مجموع التكرارات






20 ــ هل لديكم برنامج لتوفير اللحم الحلال ؟

النسبة
التكــرار
الإجـــــــــــــــــــابة

40%
16
نـــــــــــــــــعـم

15%
6
لا

40%
16
هناك أسواق محلية

5%
2
غير مبين

100%
40
المجمـــــــــــــــــــوع




ومن المشكلات التي تواجهه المسلم في الولايات المتحدة الأمريكية توفير اللحم الحلال، فكثيرون ممن يعيش هناك ليسوا من الكتابيين ففيهم البوذيون والهندوس والملاحدة والعلمانيون وغيرهم ، ولذلك كان من مهمة كثير من المراكز الإسلامية توفير اللحم الحلال لأعضائها، والجدول رقم (20) يوضح أن 20% من عينة الدراسة لديهم برنامج لتوفير اللحم الحلال وذلك عن طريق جلبه من ولايات أخرى، أو الذبح محليا، ويتذكر الباحث أن مجموعة من الطلاب . العرب في لوس أنجلوس كانوا يتعاملون مع بعض المزارعين، لشراء الأغنام، فيقوم الطالب بذبحها، ويقوم الفلاح بسلخها وتقطيعها.



ومن جهة أخرى ذكر40% من عينة الدراسة أن هناك أسواقاً محلية إسلامية توفر اللحم الحلال لمن يريد، وهذه النسبة مؤشر جيد على وجود الخدمات التجارية التي توفر للمسلمين احتياجاتهم المختلفة، أما 15% من المبحوثين فقد ذكروا أن هذه الخدمة لا تتوفر لديهم، وربما يعود السبب إلى صعوبة ذلك، أو أن الطرق الفردية متاحه لمن يريد.



21- غالبية مرتادي المركز
النسبة التكـرار
فـــــئـــــة المرتادين
55% 27 مهاجرون من خارج أمريكا
24،5%
12
أمريكيون سود

12%
6
أمريكيون بيض

4%
2
أخرى

4%
2
غير مبين

100%
49
مجموع التكرارات




أمريكا، كما ذكرنا سابقا، بلد المهاجرين من جميع زوايا الأرض، ويبين الجدول رقم (12) أن 55% من المراكز والمساجد غالبية مرتاديها من المهاجرين القادمين من خارج أمريكا، ويدخل في ذلك المهاجرون الذين ولدوا خارج أمريكا، والمهاجرون الذي وصلوا حديثا أو الذين ينوون العودة إلى بلدانهم بعد الانتهاء من المهام التي أتوا من أجلها مثل الدراسة أو العمل المؤقت أو الزيارة، ثم يليهم في النسبة المراكز التي غالبية روادها من السود حيث بلغت نسبتها 5. 24%، أما المراكز التي غالبية مرتاديها من البيض فقد بلغت 12%، وذكر 4% خيارات أخرى في أن معظم مرتادي المركز هم طلاب وليسوا مهاجرين . ويدل تعدد التكرارات على تعدد الفئات التي ترتاد المركز بكثرة.



22 ــ معدل من يسلمون سنوياً

النسبة
التكرار
الـمـــــــــــــــــعــدل

5،42%
17
أقل من 5

5،7%
3
من 5 إلى 10

5%
2
من 10 إلى 20

15%
6
من 20 إلى 30

5%
2
من 30 إلى 40

5،2%
1
من 40 إلى 50

5%
2
أكثر من 50

5،17%
7
غير مبين

100%
40
المجـــــــــــــــــموع




تشير التقارير والدراسات إلى أن الإسلام كثر الأديان والمذاهب انتشارا في أمريكا، (ويليامز، 1994). ومن المتوقع أن يكون في المستقبل القريب ثاني أكبر ديانة بعد النصرانية، والجدول رقم (22) يبين معدل من يسلمون سنويا في المراكز المبحوثة، وفيه نجد أن أعلى نسبة (5،42%) يسلم فيها أقل من خمسة أشخاص كل عام، يليها المراكز التي يسلم فيها من 20 إلى 30 شخصا كل عام بنسبة 15%، أما المراكز التي يسلم فيها كثر من ثلاثين شخصا كل عام فقد بلغت نسبتها10%، هذا ولم يجب 5،17% على السؤال، ويذكر الباحث في هذا الصدد أنه زار في بداية عام 1995م ة من ثانويات الأخت كلارا في اطلنطا وعند السؤال عن معدل من يسلمون، أجابت السيدة أمينة مكلاود المسؤولة عن القبول والتسجيل في المدرسة أنهم يتجاوزون 24 شخصا كل شهر، أي أن معدل من يسلمون سنويا يتجاوز 288 فردأ.



ويوضح الجدولان (23) و(24) نوع ولون غالبية من يسلم , حيث نرى من الجدول (23) أن الرجال أكثر إقبالاً على الإسلام من الرجال5،62% مقابل 5،37% للنساء ، وربما يعود السبب في ذلك إلى نقص الداعيات المؤهلات من النساء، وإلى صعوبة الاتصال والمحاولة المرة تلو المرة ، ومن الصعب فعل ذلك مع النساء في أمريكا .



23ــ نوع غالبية الذين يسلمون

النسبة
التكرار
النوع

5،62%
25
رجـــــــــــــــــــال

5،37%
15
نســـــــــــــــــــاء

100%
40
المجـــموع






24ــ لون غالبية الذين يسلمون

النسبة
التكرار
النوع

65%
26
ســــــــــــــــــود

35%
14
بيـــــــــــــــــــض

100%
40
المجــــــموع




أما لون من يسلمون فيوضح الجدول (24) أن السود أكثر من البيض اعتناقا للإسلام، بنسبة 65% مقابل 35% للبيض، وربما يعود السبب في ذلك إلى أن فئة كبيرة من السود بدأت تكتشف أن أجدادها الذين جلبوا من إفريقيا كانوا مسلمين ، بالإضافة لمحاربة الإسلام للعنصرية والتفرقة بين الناس على أساس العرق أو اللون .



25ــ عدد الزواجات التي تمت في المركز في السنوات الثلاث الماضية

النسبة
التكرار
الـعـــــــــــــــــدد

40%
16
أقل من 5

30%
12
من 5 إلى 10

20%
8
أكثر من 70

7،5%
3
لا يــوجـــــــد

2،5%
1
غير مبين

100%
40
المجـــــمـوع












التكاثر الطبيعي للمسلمين يتم عن طريق الزواج الشرعي، ورعاية المراكز الإسلامية للزواجات دليل على الارتباط الشرعي والنفسي والروحي بتلك المراكز، ويشير الجدول رقم (25) إلى معدل الزواجات التي تمت في كل مركز في السنوات الثلاث الماضية، وفيه نجد أن أعلى نسبة (40%) لم يتم فيها إلا خمسة زوجات أو أقل، وكثير من المهاجرين يعودون إلى بلدانهم ويتزوجون هناك ويعودون بزوجاتهم إلى أمريكا، ويأتي في المرتبة الثانية المراكز التي تم فيها ما بين خمسة وعشرة زواجات بنسبة 30% وفي المرتبة الثالثة وبنسبة 20% المراكز التي تم فيه أكثر من سبعين زواجا، هذا وقد ذكر أحد المبحوثين من منطقة سان فرانسسكو أن الزواجات التي تمت عندهم في السنوات الثلاث الماضية زادت عن 250 زواجا، وذكر آخر من بر وكلين أنها زادت عن 3000 زواج. أما المراكز التي لم يتم فيها أي زواج في السنوات الثلاث الماضية فقد بلغت نسبتها،7%.



من المعروف عن المجتمع الأمريكي كثرة حالات الطلاق فيه، حيث تبلغ النسبة حوالي 50% أي أن كل زواجين ينتهي أحدهما بالطلاق، ونحن لا نستطيع معرفة نسبة الطلاق بين المسلمين إلا إذا عرفنا جميع حالات الزواج وجميع حالات الطلاق في عام واحد، والجدول رقم (26) يعطينا مؤشراً مقبولا ً عن حالات الطلاق بين المسلمين، ففيه نجد أن نصف العينة (50%) لم تتم فيها أي حالة طلاق، أما المراكز التي تمت فيها حالة طلاق واحدة خلال ثلاث سنوات فقد بلغت نسبتها 5، 22% والتي شهدت حالتي طلاق في الفترة نفسها بلغت نسبتها 5% فقط، وأقل منها التي تم فيها ثلاث حالات طلاق حيث بلغت 2،5% وهناك حالات متفرقة بلغت نسبتها 12.5 % حيث ذكر أحدهم أن حالات الطلاق التي تمت في مركزهم خلال السنوات الثلاث الماضية بلغت 30 حالة، وذكر آخر أنها وصلت إلى 70 حالة.



26 ــ عدد مرات الطلاق في السنوات الثلاث الماضية

النسبة
التكرار
وسيلة الترفيه

22،5%
9
1

5%
2
2

2،5%
1
3

12،5%
5
أخــــــرى

50%
20
لا يـوجــد

7،5%
3
غير مبين

100%
40
المجــمــــــــــــوع




وإذا أخذنا متوسط حالات الزواج ومتوسط حالات الطلاق في الجدولين السابقين فان نسبة الطلاق بين المسلمين في أمريكا لا تتجاوز15 % تقريباً ، 58% من حالات الطلاق تتم بين زوجين كلاهما مسلم، والبقية 42% تتم بين مسلم وكتابية، كما يشير إلى ذلك الجدول رقم (27) 0 أما الطلاق بين المسلمين السود في أمريكا فتصفه (أمينة مكلارد A.McCloud) فتقول: (يعتمد الطلاق في مجتمع الأمريكيين السرد من أصل إفريقي على نوعية الزواج، فإذا كان الزوج بعقد إسلامي فقط، فان الزوجين يشجعان على البحث عن وسيط، ويشجعان على الاستشارة، فئبعث- إن وجد- حكم من أهله وحكم من أهلها، وان لم يوجد فشهود الزواج والإمام، ويستمع الوسيط أو الوسطاء إلى وجهة نظر الطرفين، وتتم محاولة جادة للإصلاح. والطلاق في العادة لا يتم إعلانه كما هو الحال بالنسبة للزواج، وبعده تدخل المرأة في عدتها، ولا ينفق عليها الزوج في هذه المرحلة، وإذا كانت الزوجة لا تعمل، فإن المجتمع المحلي يقدم لها المساعدة حتى تجد عملاً، ويبقى الأطفال عادة مع الأم- باستثناء جماعة (أنصار الله) حتى يكبروا ويتزوجوا أو يغادرون المنزل، ولا يوجد هناك إحصاء لمعدلات الطلاق بين المسلمين الأمريكيين السود، أو حتى بين المسلمين عموماً في أمريكا. أما الزواجات التي يكون فيها عقد إسلامي وعقد مدني، فإن الإجراءات تتم حسب القانون الأمريكي، حيث يقع الطلاق حسب الطريقة الإسلامية أولاً، ثم تأخذ القضية مجراها في المحاكم. وما يُـفرض للزوجة من مال، وما يفرض للأطفال من نفقة يعتمد على قانون الولاية التي يوجد فيها الزوجان ( McCloud,1995:104).







27ــ نوعــــية المطــلـقـــــين

النسبة
التكرار
الـنــــــــــــــوع

58%
21
كلاهــما مسلم

42%
15
مسلم وكتابـية

100%
36
مجموع التكرارات




المسلمون في الولايات المتحدة يواجهون تحديات مختلفة، ويعتبر رؤساء المراكز والمساجد الإسلامية من أفضل من يستطيع تعيين وتشخيص تلك التحديات، ولقد طلب الباحث من كل منهم من خلال صحيفة الاستبيان أن يذكر أهم ثلاثة تحديات يواجهها المسلمون في أمريكا، ونرى من خلال الجدول (28) أهم التحديات التي ذكروها، ويأتي في مقدمتها توفر الدعاة الأكفاء، وفي تصوري أن الداعية الكفء لا بد أن يتحلى ببعض الصفات التي يأتي من ضمنها إجادة اللغة الإنجليزية، والمعرفة الواسعة بالإسلام وما يقال عنه في الغرب، وما يثار حوله من شبهات، ويكون على معرفة بما في أمريكا من مذاهب وديانات وما فيها من جوانب النقص أو التناقض، كما يجب عليه أن يتحلى بالحلم وسعة الصدر والرفق بمن يتجاور معهم . ويبدو أن عدد من يتصف بهذه الصفات في أمريكا قليل جداً .



28ــ ما هي أهم التحيات التي تواجهه العمل الإسلامي في أمريكا ؟

النسبة
التكرار
الـتـحـــــــــــــــــــــــــــدي

18،5%
16
توفر الدعاة الأكفاء

13%
11
توحيد جهود المسلمين

3،5%
3
بناء المساجد

10،5%
9
جهل بعض المسلمين بالإسلام

14%
12
ضعف القدرات المالية

7%
6
سوء الفهم الكبير للإسلام والمسلمين

3،5%
3
بعض الإجراءات الرسمية

9%
8
الهجمة الإعلامية على الإسلام والمسلمين

13%
11
رعاية أبناء المسلمين

4،5%
4
أخرى

100%
86
مجموع التكرارات




أما التحدي الذي يأتي في الدرجة الثانية فهو ضعف القدرات المالية، وذكره 14% من المبحوثين، وضعف القدرات المالية يحد من قدرة المسلمين في بناء المساجد والمراكز الإسلامية، والنشر، واستخدام الوسائل الحديثة في الدعوة مثل الصحافة والإذاعة والتلفزيون، والفئات المعادية للمسلمين غنية وتستخدم الوسائل المختلفة لبلوغ أهدافها ومن ضمن تلك الأهداف إضعاف المسلمين، وإلصاق التهم المختلفة بهم.



وهناك تحديان ذكر كل منهما 13% من المبحوثين، الأول تمثل في توحيد جهود المسلمين، فالمسلمون يعانون من الفرقة واختلاف الكلمة وتشتت الجهود، وأهمية الجماعة، أي جماعة، ليست بكثرة العدد وإنما بقوة التأثير والفعالية، فتزايد أعداد المسلمين دون تنسيق وتوحيد للجهود تصبح فائدته قليلة، والتحدي الثاني هو رعاية أبناء المسلمين، ويعتبر هذا التحدي من أهم وأصعب التحديات، فالإغراءات في الثقافة الأمريكية متنوعة وقوية، والمؤسسات التي تشارك الأسرة المسلمة عملية التنشئة الاجتماعية كثيرة منها المدرسة، ووسائل الإعلام، والحي وكلها غير إسلامي، مما يضاعف المسؤولية على الوالدين وعلى المؤسسات الإسلامية المختلفة، وتأتي المساجد والمراكز الإسلامية في مقدمتها.



وجهل بعض المسلمين بالإسلام يأتي في المرتبة الرابعة في قائمة التحديات التي تواجه المسلمين حيث ذكره 10،5% من المبحوثين، والمعرفة بالإسلام مطلب ضروري لنشره، ولبلوغ تأثيره في معتنقه المدى المطلوب، والجهل بالإسلام يأتي من كون أعداد كبيرة تعتنقه ولا تجد من يعلمها فقه الإسلام في العبادات وفي المعاملات، وفي الحقوق والواجبات، وكيف ترد على ما يمكن إثارته من شبهات حول الإسلام.



وجاءت الهجمة الإعلامية على الإسلام والمسلمين في المرتبة الخامسة، فقد أشار إليها 9% من المبحوثين، والإعلام في الولايات المتحدة الأمريكية تتحكم فيه فئات لا يسرها انتشار الإسلام في أمريكا، ولا يسرها نجاحه في مكافحة الجريمة والفساد، ولذلك تحاول إلصاق تهم مثل الإرهاب والتخلف والعنف به وبأتباعه.



ولعل الهجمة الإعلامية مرتبطة بتحد آخر هو سوء الفهم الكبير للإسلام والمسلمين حيث أشار إليه 7% من المبحوثين، وسوء الفهم ناتج في جزء منه عن الهجمة الإعلامية، وفي جزء آخر عن كتابات المستشرقين المغلوطة- عن قصد أو عن غير قصد- عن الإسلام، ومن يريد أن يعلم شيئاً عن الإسلام من الأمريكيين، فإنه في الغالب يأخذه من تلك الكتب المشوهة والتي تحمل السم مع الدسم كما يقولون، وعلى المسلمين واجب في توفير الوسائل الصحيحة والنزيهة للتعريف بالإسلام في تلك المجتمعات، ويعتبر السلوك والتعامل من أفضل الوسائل وأقواها تأثيراً في الناس، وهي الطريقة التي انتشر بها الإسلام في شرق آسيا وجنوبها.



وجاء تحديان في المرتبة الأخيرة بنسبة 3،5% كبر لكل منهما، الأول هو بناء المساجد والمراكز الإسلامية باعتبارها من رموز وجود الإسلام، ومن المؤسسات المهمة لربط المجتمع المحلي بدينه، وربط أفراده بعضهم ببعض، والثاني يتمثل في بعض الإجراءات الرسمية، ولم يوضح الذين اختاروا ذكر هذا التحدي هل هي داخلية من قبل المؤسسات الرسمية الأمريكية أم خارجية من قبل الحكومات والمؤسسات الموجودة في العالم الإسلامي أو كليهما.



ومن الإجابات التي جمعت تحت فقرة (أخرى) إجابات تكرر كل منها مرة واحدة وهي: 1) كثرة الثقافات في أمريكا، وكثرة الثقافات ربما شكل عقبة في سبيل نشر الإسلام، وكثرة الثقافات يجعل التنشئة الاجتماعية لأبناء المسلمين صعبة، لتأثرهم بثقافات مختلفة وليس ثقافة واحدة، 2) وجود نظام قضائي إسلامي لحل قضايا المسلمين الخاصة، وهناك كثير من القوانين الأمريكية التي تعارض وتصادم بعض تعاليم الإسلام وتشريعاته، ومن ذلك ما ذكره ( ويليامز) عندما قال: ( في التسعينات من القرن التاسع عشر أجاز الكونجرس تشريعاً يمنع تعدد الزوجات. لكن المسلمين تفننوا في التحايل على القانون وسجنت السلطات أحد الأئمة لأنه كان يدعو إلى دين يسمح بتعدد الزوجات. وفي السجن استطاع بمواعظه إقناع عشرين معتقلاً باعتناق الإسلام) (ويليامز، 1994: 14).



ولقد قابل الباحث أحد المسلمين السود الذي أخبره بأنه متزوج بأكثر من زوجه، وعندما سأله عن مخالفته للقانون، قال بأن القانون لا يمنع تعدد العشيقات الذي يسقط المسؤولية بين الطرفين، أما أنا فمسؤول عما أفعل، ثم أتى لهم أن يكتشفوا أن لدي أكثر من زوجه إذا كان زواجي يتم بطريقتي الخاصة، وكل زوجة تعيش في سكن بعيد عن الأخرى؟ ومما يجدر ذكره هنا أن طائفة (المورمن) وهي طائفة نصرانية حديثة نسبياً تبيح تعدد الزوجات، وهناك من يقول أن أتباعها لا يزالوا يمارسون ذلك سراً. 3) وجود نظام اقتصادي إسلامي لتوظيف أموال المسلمين في الحلال. والتحديان الثاني والثالث أعلاه لا يوجدان تحت ظل الإسلام الذي يعطي عندما يحكم لأهل المذاهب والديانات الأخرى التقاضي إلى دينهم ومذهبهم في الشؤون المدنية، 4) نشر الإسلام في جميع أرجاء أمريكا، وهذا دليل على الطموح والرغبة القوية في نشر الإسلام في تلك الديار.



29ــ التحديات التي تواجهها الأسرة المسلمة في أمريكا

النسبة
التكرار
الـتـحــــــــــــــــــــــدي

43%
33
تقوية قيم الإسلام وتعاليمه لدى الصغار

13%
10
غياب القدوة من أفراد المجتمع

10%
8
قوة تأثير المجتمعات المحلية على الأطفال

9%
7
تقوية الروح الإسلامية في البيت

9%
7
تعاون وتكاتف الأسر المسلمة

9%
5
ما يبثه التلفزيون من برامج

4،5%
3
سهولة الوقوع في المحرمات

4،5%
3
توفير الكتب والمنشورات عن الإسلام

100%
76
المــجـــــــــــــــــموع




والأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع، وهي خط الدفاع الأول ضد الجريمة والانحراف والشذوذ، إذا صلحت صلح المجتمع، وإذا ضعفت و انهارت ضعف المجتمع وتفكك، وفي وصف العائلة المسلمة في أمريكا يقول إسماعيل الفاروقي (أن العائلة المسلمة في أمريكا تتصف بضعف الفاعلية، وضحالة القيم والركود، والطلاق وإهمال الأبناء، ويرى أن الحل لأزمتها يمكن أن يوجد من خلال الدور الفعال للمسجد، والذي يمكن أن ينمي ويقوي القيم الإسلامية. ( Waugh & abu-Laban; 1991viiوالجدول رقم 29 ) يبرز أهم التحديات التي تواجهها الأسرة المسلمة في أمريكا.



ولعل أهم تحد يتمثل في تقوية قيم الإسلام وتعاليمه لدى الصغار، والذي ذكره 43% من المبحوثين، وهذا التحدي يظهر بوضوح في مجتمع له ثقافة طاغية ويمثل المسلمون فيه أقلية، تعاني من ضعف القدرات المالية، وتشتت الجهود، وتحتاج إلى تنشئة أطفالها وفق تعاليم الإسلام وقيمه ومبادئه.



أما التحدي الثاني فهو غياب القدوة من أفراد المجتمع، فالمسلمون الذين يمكن أن يُـقتدى بهم قلة في مجتمع كبير يعج بالفساد، وأينما تلفت الطفل المسلم فإنه يجد مظاهر كثيرة تتعارض مع الإسلام وتعاليمه، والطفل في هذه المرحلة لا يملك القدرة على التمييز ومعرفة الصحيح من غير الصحيح، وهذا التحدي يتعلق بتحدٍ آخر ذكره10% من المبحوثين وهو قوة تأثير المجتمعات المحلية على الأطفال، فالطفل يتأثر بسهولة بالمحيط الذي يعيش فيه، وخاصة بالأطفال الذين يلعب معهم، ويزاملهم في المدرسة، ولتكوين درع حصين أمام ذلك التحدي لابد من بث وتقوية الروح الإسلامية في البيت، وهو تحدٍ ذكره 9% من عينة الدراسة. وانتشار الروح الإسلامية في البيت يقوم على توقير الكبير والرحمة بالصغير.



والتعاون والتآلف والبر والحب يؤدي إلى التخفيف من تأثير العوامل الخارجية على الأطفال، ويقوم تعاون وتكاتف الأسر المسلمة بدور كبير في تحصين الناشئة،، وقد أشار إلى هذا التحدي 9% من المبحوثين. ولهذا يجب أن تكثر اللقاءات بين الأسر المسلمة لتوفير الجو الإسلامي، والدعم المعنوي لجميع أفراد الأسرة وخاصة الأطفال، وتسهيل عمليات الزواج بين المسلمين.



30ــ ما هي نشاطاتكم التعـليمية ؟

النسبة
التكرار
النشـــــــــــاط

6،5%
3
تعـليم القـرآن

51%
24
مدرسة الأحد

13%
6
ابــتـــــــدائي

4%
2
مــتـوســـــط

4%
2
ثـانـــــــــوي

6،5%
3
أخـــــــــــرى

2%
1
لا يــوجــــــــد

13%
6
غـيـر مبـــــين

100%
47
مجموع التكرارات




وتكثر الشكوى مما يبثه التلفزيون من برامج، وهي شكوى يشترك فيها المسلمون وغير المسلمين، لما يعرض فيه من عنف وفساد وطرق لارتكاب الجريمة، وقد أشار إلى هذا التحدي 9% من عينة الدراسة، وهناك تحديان يأتيان في المرتبة الأخيرة أشار إلى كل منهما 5، 4% وهما سهولة الوقوع في المحرمات، وتوفير الكتب والمنشورات الجيدة عن الإسلام.



وعلى المراكز الإسلامية مسؤولية كبيرة في رعاية وتعليم أبناء المسلمين، ومساعدة الأسر المسلمة في مواجهة التحديات التي وردت في الجدول (29) وخاصة في الجانب التربوي التعليمي في ظل غياب المدارس الإسلامية، والجدول رقم (30) يعرض النشاطات التعليمية التي تقوم بها المساجد والمراكز الإسلامية، ونرى أن معظمها (51%) يقدم دروساً يوم الأحد وهي في الغالب ما بين ثلاث وخمس ساعات، تخصص لتعليم الدين واللغة العربية، وهي تمثل الحد الأدنى الذي يمكن تقديمه لأبناء المسلمين. أما المراكز التي لديها مدارس ابتدائية فقد بلغت نسبتها 13% والدراسة الابتدائية مهمة وضرورية لأنها تضع الأسس والقواعد العامة التي تحدد في الغالب اتجاه سير حياة الطفل، وذكره، 6% أن لديهم مدرسة لتعليم القرآن وتحفيظه، والقرآن حصن لمن يحمله ضد الانحراف فهو نور للقلوب وجلاء للأبصار، وأفضل وسيلة لتعلم اللغة العربية، أما المدارس المتوسطة والثانوية فلا تتوفر إلا في 4% من عينة البحث، وهي نسبة متدنية نتمنى أن تزيد وتتضاعف في المستقبل، وقد زار الباحث مدرسة ثانوية في مدينة أطلنطا فيها أكثر من 300 طالب، ذكر المسؤول الذي قابله أن خريجيها قبلوا في أعرق الجامعات الأمريكية مثل هارفارد وييل. هذا وقد أشار 5، 6% من عينة الدراسة أن لديهم نشاطات تعليمية (أخرى) تمثل في دراسة مسائية لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع، وفي لقاءات متفرقة لتعليم الحديث والسيرة النبوية.



والجدول رقم (31) يبين النشاطات الرياضة التي ترعاها المراكز الإسلامية كوسيلة من وسائل جذب الأطفال والشباب إليها، وفيها نرى أن كرة القدم قد حضيت بأعلى نسبة (33%) وهي رياضة بدأت تنتشر في الولايات المتحدة الأمريكية في العقود الأخيرة، تليها الطائرة بنسبة 18% وهي رياضة لا تتطلب لياقة بدنية عالية ويمكن أن يمارسها الكبير والصغير، وفي الدرجة الثالثة جاءت كرة السلة بنسبة 15% وهي رياضة عريقة في أمريكا ، ولكنها تتطلب لياقة عالية ، وجهداً كبيراً عند ممارستها ، وحضي التنس بنسبة 12% وهو نوعان أرضي وتنس طاولة . وذكر 3% أن الرحلات من الرياضات التي يقوم بها مركزهم ، أما 7،5% فلا يوجد لديهم نشاطات رياضية ، ولم يجب 9% على السؤال .





31ــ ما هي النشاطات الرياضية التي يرعاها المركز ؟

النسبة
التكرار
نوع النشاط

18%
12
كرة الطائرة

33%
22
كرة القدم

15%
10
كرة السلة

12%
8
التنس

3%
2
الرحلات

3%
2
أخـــرى

7،5%
9
لا يوجد

9%
6
غير مبين

100%
67
مجموع التكرارات




32ــ ما هي النشاطات الثقافية التي يرعاها المركز ؟

النسبة
التكرار
نوع النشاط

51%
31
محاضرات

13%
8
ندوات

23%
14
مسابقات

6،5%
4
أخرى

6،5%
4
غير مبين

100%
61
مجموع التكرارات




ويوضح الجدول (32) النشاطات الثقافية التي ترعاها المراكز والمساجد، ونرى أن المحاضرات تأتي في قمة النشاطات الثقافية حيث يقدمها 51% من المراكز المبحوثة، والمحاضرات طريقة تعليمية متبعة في الجامعات والمعاهد العريقة في مشارق الأرض ومغاربها ، وستظل مستخدمة في المستقبل لأنها تعتمد على الإلقاء والتفاعل المباشر بين المتحدث والجمهور، ويعقبها في الغالب نقاش وحوار وتساؤلات وتعقيبات نثري وتفيد .



وتأتي المسابقات في الدرجة الثانية ، حيث يقيمها 23% من المراكز والمساجد المبحوثة ، والمسابقات فيها عنصر المنافسة والتشويق والإثارة ، وفيها جاذبية للصغار وللشباب ، والمسابقات تكون غالباً بين فريقين، وتكون مساجلة شعرية، واختبار المعلومات العامة من فقه وسيرة وتاريخ وجغرافيا واجتماع وتربية .



أما الندوات فقد احتلت المركز الثالث بنسبة 13% ، والندوات تشبه المحاضرات من ناحية التفاعل المباشر والتعقيبات والمداخلات والتساؤلات ، ولا تختلف عنها إلا في عدد المشاركين ، فالمحاضرات يقوم بها شخص واحد ، بينما يتحدث في الندوات عدة أشخاص ، وربما اختلفت فيها وجهات النظر ، وإقامتها أصعب من إقامة المحاضرات ، لصعوبة إيجاد أكثر من متحدث ، وإذا وجدوا فإن التكلفة على المركز تكون أعلى لمل يتبع ذلك من تذاكر سفر ومواصلات واتصالات وإقامة . وهناك مراكز ( 6،5% ) لديها نشاطات ثقافية (أخرى) تتمثل في تلاوة القرآن الكريم وتجويده ، وقراءة بعض الأحاديث كل يوم ودراستها .



33ــ هل تواجهون أي مضايقة من المجتمع المحلي ؟

النسبة
التكرار
وجود المضايقة

27،5%
11
نعم

67،5%
27
لا

5%
2
غير مبين

100%
40
المجمــــــوع




يتعرض المسلمون والعرب في أمريكا لبعض المضايقات، ولبعض عمليات الإرهاب التي لو تعرض غيرهم من الفئات النافذة في أمريكا لعشر معشارها لقامت الدنيا ولم تقعد، ففي- النصف الأول من الثمانينات الميلادية وضعت قنبلة تحت كرسي (اسكندر عودة) مدير فرع (الجمعية العربية الأمريكية لمكافحة التمييز العنصري) في لوس أنجلوس، انفجرت القنبلة وألقت به ممزقاً في الشارع، ومر الخبر عابراً في وسائل الإعلام، وفي الفترة نفسها كان هناك محاولة لإحراق مكتب الإدارة العامة للجمعية في مدينة (بوسطن) ولكن تمت السيطرة على الحريق قبل أن ينتشر، و كثر أعضاء الجمعية ومؤسسوها نصارى من أصل عربي، مثل السناتور جيمس أبو رزق، وجيمس زغبي، واسكندر عودة، ويأتي العداء لها من تبنيها الدفاع عن القضية الفلسطينية، وقضايا العالم ا لعربي.



ومن المسلمين الذين راحوا ضحية للإرهاب المفكر الكبير إسماعيل الفاروقي الذي اغتيل وزوجته في منزله، هذا وقد تعرض بعض المراكز والمساجد الإسلامية للاعتداء أو محاولات الاعتداء، بعضها تم حرقه، وبعضها كسر زجاج نوافذه، والجهات الرسمية الأمريكية والمجتمع الأمريكي في عمومه لا يرضى بمثل هذه الأعمال التي تتعارض مع مبادئه ومع ما ينص عليه دستوره، وأكثر تلك الأعمال تأتي من أشخاص غير مسؤولين، بعضهم يكون واقعاً تحت تأثير المخدرات والمسكرات، أو من جهات معادية للعرب وللمسلمين.



والجدول رقم (33) يرينا أن الغالبية العظمى (5،67) من المراكز الإسلامية لا تشكو من أي مضايقات من المجتمع المحلي، ويفترض أن تكون النسبة، رغم ارتفاعها، أعلى بكثير مما هي عليه، والذين أفادوا أنهم يتعرضون لمضايقات من المجتمع المحلي بلغت نسبتهم 27،5%%، أما نوع المضايقات التي يتعرضون لها فنراه من خلال الجدول رقم (34).



يقوم بعض السفهاء والسكارى بإلقاء بعض الأشياء على الأماكن التي يمرون بها، بما في ذلك المراكز الإسلامية، ويذكر الباحث أن البيض قد ألقي عدة مرات على الباب الخارجي للمركز الإسلامي في بولمان، وقد أشار 33% إلى تعرضهم إلى هذا النوع من المضايقات، والذي يعتبر تأثيره النفسي أكثر من تأثيره المادي، هذا وقد ذكر أحد المبحوثين أن إلقاء بعض الأشياء على المركز قد تم منذ زمن بعيد.



34ــ إذا كان هناك مضايقات ، فما نوعها ؟

النسبة
التكرار
نوع المضايقة

13،5%
2
تهديدات

33%
5
إلقاء بعض الأشياء على المركز

6،5%
1
الكتابة على جدران المركز

20%
3
العنصرية

6،5%
1
إحراق المسجد

6،5%
1
أخــــــــــــــرى

13،5%
2
غير مبين

100%
15
مجموع التكرارات




وتأتي العنصرية في المرتبة الثانية حيث اشتكى من التعرض لها 20% من الذين يتعرضون للمضايقات. والعنصرية من أبرز أمراض المجتمع الأمريكي، وجميع العقلاء والمفكرين في أمريكا يدركون خطرها على مستقبل البلاد، والجميع يذكر الحوادث التي أعقبت براءة رجال الشرطة الذين اعتدوا بالهراوات على سائق شاحنة أسود في النصف الأول من التسعينات الميلادية، وكان أحد هواة التصوير قد التقط صوراً ( فديو) للحدث وتناقلته وكالات الأنباء في الشرق والغرب، وبعد إعلان براءة رجال الشرطة من قبل المحكمة، قام السود بمظاهرات جرى فيها صدام مع قوات الأمن، ومات فيها عشرات الأشخاص، وأحرقت بعض المتاجر، وكانت الخسائر المادية كبيرة.



وأشار 5، 13% من الذين يعانون من المضايقات إلى تعرضهم للتهديد، والتهديد يتم غالباً من خلال اتصال هاتفي، أو بإلقاء أوراق تحمل في طياتها نوعية التهديد، وبعد حادث تفجير مبنى الحكومة الفدرالية في كلاهوما سجلت الدوائر الرسمية الأمريكية حوالي 220 حادثة ضد المسلمين والمراكز الإسلامية ما بين تهـديد، واعـتداء، أو محـاولة اعــتداء. هــذا وقـد أشار مركز واحد بنسبة 5،6% إلى تعرضه للسرقة، والسرقات في الغالب هدفها مادي، وليست موجهة في الغالب إلى فئة اجتماعية معينة، وإنما يمكن أن يتعرض لها أي شخص وأي مؤسسة، ولم يبين 13،5% نوع المضايقات التي يتعرضون لها.



والجدول الأخير رقم (35) في هذه الدراسة الميدانية يبين حجم المركز بالنسبة لعدد السكان، وفيه نرى أن أعلى نسبة (5، 47%) يرون أن الحجم صغير، وهذا يدل على الحاجة المتزايدة إلى التوسع أو افتتاح مراكز جديدة، وأبان 45% أن الحجم مناسب، ويفي بالغرض، ولم يذكر أن المركز كبير إلا مبحوث واحد بنسبة 2.5%.



وفي نهاية الاستبانة طلب من المبحوثين وضع أي إضافة أو أي تعليق يرون أهميته، ولم يرد إلا تعليقان، الأول يقول فيه صاحبه: (أود التنويه بأن لدينا جمعية تكونت منذ 5 سنوات لتضم جميع المسلمين في المدينة (طلاباً وغيرهم) وهي: Oxford Muslim Society ولقد أخذت هذه الجمعية على عاتقها مسؤولية بناء مركز إسلامي بالمدينة ليكون مسجداً ومكاناً للنشاطات الاجتماعية ومكاناً للتدريس Sundays School وهم على وشك البدء في البناء إن شاء الله ) والتعليق الثاني جاء من فرع لاتحاد الطلبة المسلمين يشغل غرفة واحدة يقول فيه أنها رغم صغرها تستخدم لتقديم دروس في كل يوم أحد .



35ــ حجم المركز مقارنة بعدد السكان

النسبة
التكرار
الحجم

2،5%
1
كبير

45%
18
مناسب

47،5%
19
صغــــــير

5%
2
غير مبين

100%
40
المجموع








الفصل السابع

المركز الإسلامي في مدينة بولمان

( دراسة حالة )



· الموقع .

· سبب الاختيار .

· المعرفة الأولى بالمدينة .

· بداية نشأة المركز .

· شراء الأرض .

· إنشاء المركز .

· لجنة الدعوة .

· لجنة السجن .

· اللجنة الاجتماعية .

· لجنة الثلج .

· لجنة التربية والتعليم .

· لجنة الرياضة .

· اللجنة الإعلامية .

· النشاطات النسائية .





الموقع :

تقع مدينة بولمان Pullman في أقصى جنوب شرق ولاية (واشنطن، Washington) وهي قريبة من حدود ولاية أيداهو، Idaho ولا يفصلها عن مدينة موسكوMoscow في ولاية أيداهو إلا ثمانية أميال، وفي مدينة (موسكو) تقع جامعة (أيداهو). و (بولمان) مدينة صغيرة يقدر عدد سكانها بخمسة وعشرين ألف (25000) نسمة، وفيها جامعة ولأية واشنطن Washington State University ثاني كبر جامعة في الولاية بعد جامعة واشنطن في مدينة سياتل، Seattle التي سميت باسم أحد زعماء الهنود الحمر الذين عاشوا في تلك المنطقة. وتعتبر جامعة ولاية واشنطن من أقدم الجامعات حيث أسست في عام 1889 م، وكانت نواة الجامعة كلية للزراعة، لأن المنطقة منطقة زراعية، وتشتهر بإنتاج القمح، ومعدل إنتاج المتر المربع فيها من أعلى المعدلات في العالم. ولا تزال كلية الزراعة في الجامعة والمراكز التابعة لها من كبر الكليات في الجامعة.



ويزيد عدد طلاب الجامعة عن سبعة عشر ألف طالب، ويُـقدر عدد العاملين في الجامعة بحوالي خمسة آلاف شخص، أما الآلاف الثلاثة الباقين فهم سكان المدينة ممن يشتغل في قطاع الخدمات مثل المصارف والمطاعم ومحطات الوقود وورش إصلاح السيارات، ويشارك الطلاب في أوقات فراغهم في كثير من تلك الخدمات.. وهناك تعاون أكاديمي كبير بين جامعة ولاية واشنطن وجامعة أيداهو، عززه قرب المسافة بين المدينتين، وتشابه الطبيعة الزراعية للمنطقة والتي انعكست على تخصصات واهتمامات الجامعتين.



وجو مدينة برلمان بارد في الشتاء والخريف، حيث تتساقط الثلوج بكميات كبيرة في فصل الشتاء، ومعتدل في الربيع والصيف، وفي الربيع تخضر الحقول فلا يرى الناظر إلا اللون الأخضر ماعدا المساكن والسيارات والطرق.. وفي مدينة بولمان مطار صغير، لا يستقبل إلا الطائرات الصغيرة، ويمر بها قطار لنقل البضائع والمنتجات الزراعية، ويربطها بالمدن والمناطق المجاورة عدد من الطرق البرية المعبدة.



سبب الاختيار:

اختار الباحث المركز الإسلامي في مدينة بولمان كدراسة حالة لمعرفته بها، حيث حصل على الماجستير والدكتوراه من الجامعة هناك، وعاصر مراحل تأسيس المركز، وشارك في أنشطته، وزارها في العام الجامعي 1994/ 1995 م عندما كان في سنة تفرغ وقضى بها عدة أشهر، بالإضافة إلى معرفته بكثير ممن تولوا رئاسة المركز، وإمكانية الاستعانة بما لديهم من معلومات وتجربة حول المركز وأنشطته المختلفة.



المعرفة الأولى بالمدينة :

عرف الباحث مدينة بولمان في عام 1979م عندما كان في زيارة لقريب له كان يدرس في جامعتها وهو في طريقة إلى مدينة ( لوس أنجلوس Los Angeles) للدراسة في جامعة كاليفورنيا (UCLA) وكان ذلك في الأسابيع الأولى لوصوله للولايات المتحدة الأمريكية لمتابعة دراساته العليا. أمضى الباحث في مدينة بولمان عدة أيام، وكان من أبرز ملاحظاته عدم وجود مكان يجتمع فيه المسلمون للصلاة، وكان هناك مجموعة من الطلاب يسكنون في السكن الجامعي، وكانوا يعانون من عدم وجود مكان للصلاة، وحتى يتغلبون على هذه المشكلة ويكسبون صلاة الجماعة، كان الطلاب المتجاورون يجتمعون في مسكن أحدهم ويؤدون الصلاة جماعة. ولم يكن ذلك متاحاً في جميع الأوقات لارتباطهم بالدراسة والمعامل والمكتبة، ولكنه كان يتم في معظم صلوات المغرب والعشاء والفجر.



أما صلاة الجمعة فكانوا يحجزون لها صالة في أحد مباني الجامعة المعدة للنشاطات الطلابية، وكانوا يحضرون معهم السجادات الصغيرة وقطع القماش الكبيرة لتغطى بها أرضية الصالة لضمان طهارتها ونظافتها، ولم يكن هناك إمام معين، وإنما كان الطلاب القادرون والذين لديهم الحد الأدنى من الثقافة والمعلومات الإسلامية يتناوبون على خطبة الجمعة، ولعل من المواقف الطريفة التي لا زالت عالقة في ذهن الباحث أنه في يوم الجمعة ارتدى أحد الطلاب الجدد ملابسه العربية المكونة من الثوب والغـترة والعـقال واستعد للذهاب إلى الجامعة لأداء الصلاة، وعندما اجتمع الطلاب للذهاب إلى هناك اعترض بعضهم على اللباس، بينما أيد البعض الآخر ذلك، فقال لهم إذا كانت أمريكا بلد الحرية التي يقولون فلماذا لا يمكنني أن أرتدي هذه الملابس؟ فقال أحد المعارضين: النظام لا يمنع، ولكن نخشى من بعض السفهاء أن يُحدث لنا مشكلة نحن في غنى عنها. وأخيراً وافق الجميع على هذا الرأي الذي استجاب له الطالب وقام بتغيير ملابسه. وفي مكان الصلاة كان عدد المصلين يقارب العشرين، وكانت الخطبة موجزة، وكانت الأولى باللغة العربية، أما الثانية فكانت بالإنجليزية، ولم يفهم الباحث منها شيئاً لعدم معرفته بها آنذاك، ولكن الخطبة الثانية فيما يبدو كانت ترجمة للخطبة الأولى.



بدايات نشأة المركز:

غاب الباحث عن بولمان ما يقارب العام، ثم عاد إليها مع أسرته في زيارة امتدت حوالي أسبوع، فوجد أن الطلاب هناك قد خطو أول خطوة في سبيل إيجاد مركز إسلامي، يهيئ لهم اللقاءات وأداء الصلوات جماعة، وتنظيم نشاطاتهم بما في ذلك صلاة الجمعة. وتتمثل تلك الخطوة في استئجار شقة في الدور الأرضي من مبنى مكون من أربع شقق، خصصوا الصالة الرئيسة في تلك الشقة لأداء الصلوات وزودوها بالمصاحف وعدد من الكتب الإسلامية، وكان الموقع مناسباً جداً، حيث كان في وسط المدينة تقريباً، وكان قريباً جداً من الجامعة، وكان بعض الطلاب يصل إليه ويعود إلى كليته على الأقدام، أما بقية الشقة فقد خصص منها غرفة لاستقبال الضيوف الوافدين من خارج المدينة، وخصصت غرفة للمكتبة التي لم يكن فيها إلا عدد قليل من الكتب، أكثرها تبرعات من الطلاب أنفسهم.



لقد أشعر المكان الجديد الجميع بروح الجماعة وبالتآزر والتكاتف والتقارب، وبدأت أعداد الجماعة تتزايد حتى أصبحت الشقة ضيقة ولا تفي بالغرض، فبدأ بعض الطلاب في البحث عن مقر أوسع يستوعب الأعداد المتزايدة، ويفي باحتياجات الجماعة وأنشطتها المختلفة.



وفي بدايات عام 1981م انتقل الباحث إلى مدينة بولمان كطالب منتظم لمتابعة دراساته العليا في قسم الاجتماع في جامعة ولاية واشنطن، فوجد أن الطلاب المسلمين قد استأجروا بيتاً كبيراً كمقر للمركز الإسلامي، وكان أبعد قليلاً من الشقة السابقة، ولكنه كان قريباً من الجامعة ويقع في وسط المدينة. كان في المقر الجديد قاعة كبيرة خصصت للصلاة، وكانت تستوعب المصلين وخاصة في يوم الجمعة حيث يصل العدد أحياناً إلى حوالي السبعين مصلياً.



وفي هذه المرحلة بدأ تكوين لجان لخدمة المركز وتم العمل على اختيار رئيس له، وحتى يقلل الطلاب من تكاليف الإيجار وفواتير الخدمات قاموا بتأجير جزء من المنزل، وكان المستأجر هو أول شخص تم اختياره ليكون رئيساً للمركز، وقد يسر وجوده شبه الدائم في المسجد كثيراً من المهام كاستقبال الوافدين من جهات مختلفة، وحراسة المركز من العابثين. أما اللجان التي تكونت فكانت بسيطة، وأنشطتها محدودة منها لجنة للمكتبة هدفها فهرسة الكتب وترتيبها والإشراف على الاستعارة، ومراسلة الجهات المختصة في العالم الإسلامي لتزويد المكتبة بالكتب والمطبوعات الإسلامية، وقد بذلت اللجة جهوداً مشكورة في هذا الجانب، فتضاعف عدد الكتب وتمت فهرستها، ووُضع نظام للاستعارة.



أما اللجنة الأخرى فكانت لجنة الندوات والخطب، وكانت مهمة هذه اللجنة توزيع خطب الجمعة على الطلاب لمدة فصل دراسي كامل بحيث يعرف كل شاب تاريخ اليوم الذي سوف يقوم فيه بإلقاء الخطبة مما يتيح له الوقت الكافي لإعداد خطبته والرجوع إلى الكتب في موضوعها، أما الندوات فكانت تتم بعد صلاة المغرب من كل يوم جمعة، وهي عبارة عن درس يعده أحد الطلاب في موضوع يختاره هو، ويختار كذلك تاريخ إلقائه.



ويتم توزيع الخطب ودروس الندوات في حفل عام يقام في بداية كل فصل دراسي، يحضر فيه كل متزوج طبقاً من الطعام المعد في المنزل ويكون غالباً من الأطباق التي تشتهر بها بلاده ، مثل الكسكسى والحريرة في بلاد المغرب العربي، وبابا غنوش وأم علي في مصر، والكبسة في السعودية، وهكذا. وهذه الطريقة معروفة عند الأمريكيين ويسمونها حفلة أو لقاء طبق الحظ ( Pot Luck ) وهي طريقة قليلة التكاليف، ويكون فيها الطعام منوعاً وشهيا، وهي تشبه ما تفعله بعض الجماعات في المملكة العربية السعودية في الأعياد، حيث يجتمعون في أحد الشوارع التي يغلقون منافذها بحيث تمنع مرور السيارات أو في ساحة بجوار أحد المساجد، أو في أرض فضاء ويحضر كل منهم طعاماً من منزله.



وكان يطلب من الطلاب العزاب إحضار نوع من المشروبات الغازية، أو نرع من العصيرات، ولم يكن ذلك إلزامياً لهم، وإنما وضع لإشعار البعض بالمشاركة ولو لم يُـفتح لهم الباب للمشاركة لربما امتنع بعضهم عن الحضور. وكانت تلك اللقاءات مما يحرص عليه الجميع لتوفر روح الجماعة فيها، ويتم فيها تبادل الأفكار وتلاقح الثقافات من أطراف العالم الإسلامي، بالإضافة إلى توفر تشكيلة كبيرة من الأطعمة المنوعة.



وكان هناك لجنة ثالثة تسمى ( لجنة اللحم الحلال) مهمتها توفير اللحم المذبوح على الطريقة الإسلامية، فكان يتم طلب الدجاج من ولاية أخرى، ويقوم الراغبون في الشراء بتسجيل أسمائهم والكميات التي يرغبون شراءها وعلى ضوء ذلك يتم الطلب، وبما أن ثلاجات الطلاب في مساكنهم لا تستوعب كميات كبيرة من الدجاج، كان الطلاب يلجأون إلى استئجار صناديق بأحجام مختلفة في برادة كبيرة تابعة لأحد الأسواق التجارية معدة لهذا الغرض، وهي تشبه إلى حد ما صناديق البريد، إلا أن أحجامها كبيره، ويتم استئجارها لمدة ستة أشهر أو عام، ولها أرقام، ولكل صندوق مفتاح يكون مع المستأجر، كما هو الحال بالنسبة للبريد، ولها بوابة يتم إغلاقها إذا أغلق السوق. وكان الطلاب يستخدمون تلك الصناديق لتخزين اللحوم والرطب والتمور.. أما لحوم الأغنام فكانت متوفرة في المزارع المجاورة، وكان على من يرغب أن يذهب إليها ويختار الذبيحة التي يريد ويتفق مع المزارع على ثمنها، ويقوم هو بذبحها، أما سلاختها فتتم غالباً من قبل صاحب المزرعة.



ظل المركز في ذلك المبنى المستأجر ما يقارب العام حيث طلبت مالكته وهي سيدة عجوز إخلاءه بدعوى حاجتها إليه، فما كان من المسؤولين عن المركز إلا أن بحثوا عن مقر آخر في المنطقة نفسها، وهر عبارة عن منزل لم يكن كبيراً ولكه كان يفي بالغرض، وكان أكثر قرباً من الجامعة. كان ذلك الانتقال سبباً في التفكير الجاد لإيجاد مقر دائم للمركز الإسلامي يملكه المسلمون ليتخلصوا من موضوع التنقل من مكان إلى آخر. وكان هناك فكرتان، إحداهما تقضي بشراء مبنى جاهز وتحويله إلى مسجد، وفي ذلك توفير للوقت والجهد والمال، وأخرى تقول بشراء أرض وإقامة مركز إسلامي عليها يكون له تميزه وتصميمه الخاص بحيث يكفي للأغراض المختلفة التي يرغبها الطلاب المسلمون، وحتى يعرف من يشاهده أن هذا مسجد ومركز إسلامي. وبعد المداولات وتبادل وجهات النظر، تم اختيار الفكرة الثانية، وعندها بدأت الحملة لجمع التبرعات لشراء الأرض.



شراء الأرض :

نشط الطلاب، وخاصة السعوديون منهم، في جمع التبرعات، وكان كل من الأخوين إبراهيم بن عبدالعزيز التركي وعبدالرحيم بن حمود الزهراني من أكثر الناس حرصاً وحماساً في جمع التبرعات وإقامة المركز. الأول يعمل الآن عضو هيئة تدريس في جامعة الملك فيصل بالأحساء، والثاني يعمل عضو هيئة تدريس كذلك في جامعة الملك عبدالعزيز. وتم بعون الله وتوفيقه شراء أرض على الشارع الرئيس في المدينة، وفي موقع ممتاز جداً يتوسط بين الجامعة ومساكن الطلاب، ويراه كل من يمر بذلك الشارع الذي يشكل العمود الفقري للمدينة، وقل أن يمر أحد بالمدينة دون أن يمر بذلك الشارع، وقد حاولت إحدى المذاهب الكنسية- التي يبدو أنها ليست مرغوبة- شراء الموقع قبل أن يتم شراؤه من قبل المسلمين، ولكن الجيران وصاحبة الأرض رفضوا، فلما علم المسؤول عن تلك الكنيسة ببيعه للمسلمين اشتكى ورفع قضية للمحكمة، وبعد تحديد موعد الجلسة حضر بعض الطلاب المسلمين وبعد المداولات حكم القاضي بصحة بيعها للمسلمين. وهكذا توفرت الأرض وبقي جمع تبرعات جديدة لإنشاء المركز.



إنشاء المركز :
كتب الشيخ عمر بادحدح مقالاً في جريدة المدينة، تحدث فيه عن مدينة بولمان وعن الجالية المسلمة فيها، وحاجتها إلى مركز إسلامي، وجهودها في سبيل الجاد ذلك المركز حيث تم شراء الأرض وإعداد التصميمات اللازمة، واستصدار التصاريح الحكومية المطلوبة، ودعا في نهاية مقالته إلى دعم المشروع من قبل المحسنين وفاعلي الخير، وأورد رقم الحساب الذي يمكن إرسال التبرعات إليه. ومن ناحية أخرى نشط أعضاء المركز وخاصة في جمع التبرعات، ومقابلة التجار ورجال الأعمال وطلب مساعدتهم.



وعندما اجتمع المبلغ تم البدء في تنفيذ المشروع، وكانت هناك مجموعة من التصاميم والأفكار التي تقدم بها الطلاب الذين يدرسون الهندسة في جامعتي ولاية واشنطن وجامعة أيداهو، وأخيراً قر القرار على اختيار الأفكار المناسبة، والتي روعي فيها حجم الأرض والتكاليف والمظهر، وكان المسؤول عن متابعة هذه العملية هو عبدالرحيم بن حمود الزهراني الذي كان يحضر للدكتوراه في الهندسة المدنية، ولديه خبره ومعرفة في هذا الجانب، وتم تسليم المخطط المبدئي إلى مكتب هندسي معتمد لمهاجر سوري يتكلم العربية وأبدى تعاوناً وتعاطفاً كبيراً مع الجالية الإسلامية في المدينة ويعرف كثيراً من أعضائها، كما تم إسناد الإشراف على التنفيذ إليه.



يتكون المشروع من طابقين، الطابق العلوي وهو المساوي في مستواه للشارع العام بسبب ميلان الأرض، ويتكون من صالة كبيرة للصلاة تتسع لحوالي مائة وعشرين مصلياً، وخصص مسجد للنساء فوق الثلث الأخير من صالة الصلاة بسقف مرتفع وبمدخل خاص، كما هو الحال في كثير من مساجد المملكة العربية السعودية التي فيها أماكن علوية لصلاة النساء، ويتبع قسم النساء دورات مياه وأماكن للضوء.



ويحوي الطابق العلوي كذلك مكتبا خصص لرئيس المركز، زود بطاولة اجتماعات، يمكن أن تجتمع حولها اللجنة التنفيذية للمركز، ويمكن أن تستخدمها اللجان المختلفة في اجتماعاتها، وهناك غرفة صغيرة أمام المصلى تتسع لحوالي ثمانية أشخاص، زودت بتلفون لمن يريد الاتصال بأسرته أو بمكتبه أو يريد قضاء بعض احتياجاته بالهاتف، وغلقت على جدارها قائمة بأسماء أعضاء المركز وأرقام هواتفهم، كما عُـلق في الصدر صورة مكبرة للحرم المكي الشريف، وكانت تلك الغرفة شبه مليئة قبل ودبر كل صلاة، وشهدت كثيراً من المناقشات الهادفة، وبعض المناقشات الساخنة، وكثيراً من تبادل وجهات النظر، وكانت توضع فيها الجرائد والمجلات العربية فور وصولها للاطلاع والقراءة.



بالإضافة إلى ما سبق، فقد حوى الدور العلوي غرفة للمكتبة، زودت بطاولة كبيرة للقراءة، وبدواليب ذات رفوف متعددة، وتم إعادة تصنيفها، ووضعت الكتب التي باللغة الإنجليزية في جهة خاصة حسب موضوعاتها، وصنفت الكتب العربية حسب موضوعاتها مثل الفقه والتفسير والتاريخ واللغة العربية والأدب، وكان معظم عمل الفهرسة قد تم في مرحلة سابقة عندما كان المركز في المنزل المستأجر، وقد استفاد من المكتبة كثير من الطلاب في إعداد بحوثهم في الجامعة، وفي التحضير للندوات الأسبوعية التي تعقد في المسجد، وفي إعداد خطب الجمعة. كما حوى الدور العلوي على دورتي مياه، ومكان للوضوء يشبه ما نراه في معظم المساجد في العالم الإسلامي، كما كان هناك مكان لتعليق المعاطف والتي تكون كثيرة وثقيلة في أيام الشتاء الباردة، ويقوم الطلاب عند دخولهم إلى المسجد بخلعها وتعليقيها وخاصة من يريد أن يتوضأ لأن المسجد مكيف تكييفاً مركزياً (انظر الشكل رقم 3).

.................................................. .......................

المدخل الرئيسي الفـناء الأمامي



المكتب المكتبة



مصلى الرجال



مصلى النساء







مـوقــف ........

سـيارات







جلسة مغاسل رجال حمام حمام

......

مدخل النساء علاقة ملابس مغاسل نساء حمام حمام

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شكل رقم(3): المسقط الأفقي للدور الأول للمركز الإسلامي في مدينة (بولمان).



ومن الدور العلوي هناك درج داخلي يؤدي إلى الدور السفلي، وقـُسم ذلك الدور إلى عدة أقسام، منها شقة مكونة من غرفتين ودورة مياه ومطبخ، لها باب داخلي على بقية الدور الأرضي، ولها باب خارجي يفتح على الفناء الخلفي، ويمكن الوصول إلى الفناء الخلفي عن طريق مواقف السيارات، وقد صممت تلك الشقة للإيجار لتغطية بعض مصروفات المسجد مثل الكهرباء والماء، وكانت تؤجر على بعض الطلاب المسلمين وبأسعار معقولة جداً.



كما اشتمل ذلك الدور على غرفة كبيرة يمكن استخدامها لاستقبال الضيوف، ويمكن استخدامها كفصل دراسي، وهناك مطبخ كبير، تم تزويده بمثلج ( فريزر) كبير وبثلاجة كبيرة وبموقد له فرن كبير، وكان الهدف منه يتمثل في خدمة الضيوف الذين ينوون الإقامة لعدة أيام، وفي استخدامه في حفلات الشاي وفي الولائم الكبيرة، أما المثلج فكانت توضع فيه اللحوم التي لا يستلمها أصحابها في وقت وصولها إما لسفرهم أو لأي سبب آخر، ويجاور المطبخ صالة كبيرة متعددة الأغراض، فتح للمطبخ نافذة عليها لتسهيل الخدمة، فهي تستخدم صالة طعام في الاحتفالات وتم تزويدها بطاولات يمكن طيها وإخراجها منها، كما تستخدم تلك الصالة للمحاضرات والندوات، وخاصة عندما يكون هناك حضور من غير المسلمين، وكثر استخدامها كان للعب تنس الطاولة، وكان مجموعة من الطلاب غالباً ما يقضون ما بين صلاتي المغرب والعشاء فيها، وكان هناك دوري وتصفيات في هذه اللعبة، ولها جوائزها التي يقوم المركز بشرائها، وعند التصفيات يكثر الجمهور والمشجعـون، وكانت تلك اللعبة إحدى عوامل الجذب للمسجد.



وبجوار تلك الصالة الكبيرة هناك صالة أخرى أقل منها حجماً مخصصة لنساء، ويفصل بينهما باب يمكن طيه (أوكورديون) ويفتح فقط عندما يكون هناك محاضرات أو ندوات، وتكون وجوه النساء خلف الرجال كما هو الحال في قاعات الدراسة أو أماكن الصلاة وقد زودت القاعتان بنظام لتكبير الصوت، والذي يمكن أن يغطي قاعة الصلاة في الدور- العلوي، كما هو الحال بالنسبة للآذان والإقامة حيث يصلان إلى جميع أجزاء المركز عبر الإذاعة الداخلية، وفي الدور الأرضي دورة مياه لا تستخدم إلا من قبل النساء عند وجودهن، أما الرجال فلا بد أن يصعدوا إلى الدور العلوي للوضوء، إلا إذا لم يكن هناك نساء في المركز، وكانت تلك الصالات تستخدم فصول دراسة في أيام السبت والأحد، حيث كان هناك ثلاثة فصول لأبناء وبنات المبتعثين لتعليمهم الدين واللغة العربية، وكان التدريس عملاً تطوعياً من قبل الطلاب وزوجاتهم وبدون رسوم (انظر الشكل رقم 4).



أما الفناء الخلفي فيبلغ عرضه حوالي ستة أمتار، زرع في نهايته صف من أشجار الصنوبر المخروطية وفرضت أرضيته بالعشب الأخضر (الثيل) وكان مفيداً عند اعتدال الجو ليلعب فيه الأطفال، وربما حملوا كراسيهم إليه وتلقوا هناك دروسهم، و يمكن استخدامه لحفلات الشواء الخفيفة، أما الجزء الشرقي من الأرض فقد خصص لوقوف السيارات، ويتسع لأكثر من عشرين سيارة، وقد تم الاتفاق مع كنيسة مجاورة على استخدام مواقفهم يوم الجمعة على أن يستخدموا مواقف المركز يوم الأحد، وذلك بالإضافة إلى المواقف الموجودة على جنبات الشوارع المجاورة. ووجود مواقف للمنشآت التي تستخدم من قبل الجماعات مثل المطاعم والكنائس، والمحلات التجارية الكبيرة، أمر يفرضه نظام البلدية هناك.





مستودع أطعمة

مطبخ غـرفـــــــة

فصل دراسي

غرفة متعددة الأغراض

( للرجال)







دورة مياه مدخل الشقة مطبخ

غرفة متعددة الداخلي

الأغراض

(للنساء) دورة مياه

مدخل

مدخل

مستودع غرفة نوم غرفة نوم



الفناء الخلفي

شكل رقم (4) مسقط أفقي للدور الأرضي في المركز الإسلامي في ( بولمان)







وتم بناء المركز في وقت قياسي، استخدم فيه الإسمنت المسلح في بعض الأعمدة، وفي الأساسات، وفي الجدران الارتدادية بسبب ميول الأرض، أما الأسقف والقواطع فقد كانت كلها من الخشب كما هو الحال في معظم المباني الأمريكية ذات الأدوار القليلة، والخشب كما هو معروف عازل جيد للحرارة، ومفيد جداً في المناطق الباردة والتي تنزل فيها الثلوج مثل منطقة بولمان، أو المناطق المعرضة لهزات أرضية مثل منطقة لوس أنجلوس. أما الغطاء الخارجي للمبنى فقد كان من حجر القرانيت الجيد، وقد تميز المركز بمحرابه الذي يأتي جهة الشارع العام، وكذلك بمنارته التي يبغ طولها حوالي ثلاثة أمتار ونصف فوق سطح المركز، وجاءت في مقدمته، من جهة الشارع العام كذلك، كما زرع شجرتا صنوبر مخروطيتا الشكل على يمين المحراب وشماله، وفرش الجزء الذي أمام المسجد من جهة الشارع العام بالعشب الأخضر (الثيل) فأصبح شكل المركز جميلاً ورائعاً ومتميزاً.



وبعد الانتهاء من بناء المركز وتأثيثه، بدأ التفكير في الاحتفال بافتتاحه، فكان هناك من يرى أن يكون الاحتفال متواضعاً ومقتصراً على المسلمين في المدينة والمدن المجاورة، ولا يُـدعى إليه أحد من المسؤولين في المدينة، وهناك من اقترح أن يكون الافتتاح من قبل رئيس البلدية وأن يُـدعى للحضور رؤساء الإدارات الحكومية مثل مدير الشرطة، ومدير الجامعة، ورجال الصحافة المحلية، وبعض المسؤولين في الجامعة، وكان الهدف من الفكرة هو كسر العزلة، ومد الجسور مع المجتمع المحلى ومع من بيدهم القرار، وإزالة ما قد يكون هناك من حواجز نفسية، والتعامل المباشر من أفضل الطرق لفهم وإفهام الآخرين وكسب احترامهم، ودفعهم إلى التعاون وتقديم ما لديهم من خدمات.



اختار المسؤولون في المركز الرأي الأخير وتمت الترتيبات والاتصالات مع الجهات المعنية ومع المسؤولين لدعوتهم للحضور، فلبى أغلبهم الدعوة، وحضر رئيس البلدية ومدير الشرطة ومدير الجامعة، وقام رئيس البلدية بقص الشريط، وتجول المدعـوون في أرجاء المركز، وفي الختام أقـيم حفل شاي متواضع تبادل فيه الجميع الحديث، وقدم فيه مدير الشرطة أرقام هواتفه لرئيس المركز، وطلب منه الاتصال به عند حدوث أي مشكلة، وأبدى استعداده لحماية المركز ومعالجة أي تهديد قد يتعرض له. ونشرت الصحف المحلية في أعدادها التي صدرت في اليوم التالي أخبار وصور الاحتفال، كما ضمت نشرة التلفزيون المحلي تقريراً عن المركز، وضم كتاب الجامعة السنوي صوراً توثيقية عن المركز وبعض أعضائه. لقد كان حفل الافتتاح مناسبة جيدة للتعريف بالمركز وتقديمه للمجتمع المحلي بصورة مقبولة وفعالة ضمت أناساً معروفين ولهم ثقلهم ويثق بهم أفراد ذلك المجتمع.



سلمت أوراق المركز ووثائق الملكية إلى الوقف الإسلامي في أمريكا الشمالية (NAIT) واعتبر من ضمن الممتلكات التي تملكها الجماعة الإسلامية في أمريكا الشمالية (ISNA) وأصبح جزءاً من ممتلكات تلك الجماعة، ولا يحق لغيرها التصرف فيه، وهذا من شأنه أن يحفظ المركز من عبث العابثين، ويقطع دابر الخلافات التي يمكن أن تظهر في المجتمع المحلي في المستقبل حول حق التصرف في المركز.



ومع بداية العام الدراسي، دعي أعضاء المركز إلى الحفل الذي يقام في بداية كل فصل دراسي لتوزيع خطب الجمعة، والدروس الأسبوعية، وقدمت فيه مسودة لنظام مقترح للمركز يحدد كيفية اختيار رئيس المركز وصلاحياته، ولجانه، ولجنته التنفيذية، والصرف عليه.. وكان عدد الحضور كبيراً مقارنة باللقاءات السابقة، لمعرفة المسلمين في المدينة بالمركز الذي أصبح من معالم المدينة ومن السهل على أي مسلم التعرف عليه.



كان قيام المركز قاصمة الظهر لمنظمة الطلبة العرب، وهي منظمة قومية ذات توجهات علمانية، مدعومة من قبل العراق، وقد بدأ التناقص في أعداد أعضائها عندما كان المركز في المنزل المستأجر، فكان الطلاب من غير العراقيين ينصرفون عنها واحداً بعد الآخر. لم يكن لتلك المنظمة من نشاطات سوى إقامة بعض الحفلات الغنائية، أو بعض اللقاءات التي تعرف بالتراث العربي عن طريق الصور والأفلام. وكان بعض الطلبة العراقيين يرغب الانضمام إلى عضوية المركز، إلا أنه كان يخشى على بعثته أو أسرته في العراق من الأذى. كان أحدهم يأتي إلى المسجد في وقت صلاة الجمعة شبه متخفي، وينصرف بعد الصلاة مباشرة، وفي يوم من الأيام سأله أحد أعضاء المسجد عن عدم انتظامه في المجيء إلى المركز الإسلامي رغم ما يبدو عليه من استقامة ورغبة، فقال إنه يرد ألا يفارق المركز ويود الذهاب إليه في كل الأوقات إلا أن جميع المبتعثين من ذلك البلد ينتمون إلى الحزب الحاكم، ومن لا ينتمي إلى ذلك الحزب فلا أمل له في بعثه، ولا أمل أن يتقلد أي عمل له شأن في المجتمع، وقد انضممت إلى عضويته مكرهاً، ولو أعلم أنهم لن يصيبوا أفراد أسرتي بأذى لقررت البقاء في هذه البلاد إلى أن يأذن الله في أمري، واعلم يا أخي أن أفراد البعثة هنا يتجسس بعضهم على بعض، ولو ترددت على المركز فسوف يبلغون عني فيحدث ما لا تحمد عقباه. دعا له الطالب بالتوفيق وأن يفرج الله همه وكربته وهم وكربة الملايين من أمثاله.



وفي اللقاء التالي للجمعية العمومية للمركز والتي تضم جميع الأعضاء، تمت مناقشة النظام المقترح للمركز، وتم إقراره، وكان النظام يشمل تحديد مهام اللجان السابقة بدقة، وإنشاء لجان جديدة، وقد سبق أن تحدثنا عن لجنتي المكتبة، واللحم الحلال، وفيما يلي نتحدث عن بقية اللجان بشيء من التفصيل، لأن تلك اللجان هي روح المركز ومن أهم ما فيه.



لجنة الدعوة :

تعتبر هذه اللجنة من أهم لجان المركز، فالمسلمون يعيشون في مجتمع تكثر فيه الأديان والمذاهب الضالة، ويكثر فيه الجهل بالإسلام، بل يكثر فيه تشويه صورة الإسلام والمسلمين بقصد أو بغير قصد، فكان لا بد من العمل على التعريف بالإسلام من جهة، وتصحيح المفاهيم المغلوطة من جهة أخرى، وكانت اللجنة تسدد وتقارب، لعدم وجود المتخصصين والمتفرغين، وكان من مهام اللجنة توظيف الطاقات المتاحة محلياً وتوزيع العمل بين أفرادها، والاستعانة بأهل الخبرة ممن يعيشون في أمريكا أو كندا.



كان من ضمن الأعمال الروتينية التي تقوم بها اللجنة في بداية كل فصل دراسي أن تضع طاولة عليها بعض المنشورات التي تعرف بالإسلام أمام قاعات التسجيل في جامعة ولاية واشنطن WSU، ولم تكن اللجنة وحدها التي تقوم بهذا العمل، دائما كان يشاركها كثير من الفرق والطوائف من الشرق والغرب، كل يحاول أن يعرف بمذهبه أو دينه أو قضيته، وكان يوضع في مقدمة طاولة لجنة الدعوة لوحة كتب عليها بالخط العريض: دعوة إلى الإسلام، Invitation to Islam وكانت اللجنة تحتفظ بتلك اللوحة في المركز لتستخدمها عند الحاجة، وعند بداية كل فصل دراسي، وكان بعض الطلاب يأخذ من المنشورات الإسلامية التي كانت توزع مجانا، وربما طرحوا أسئلة على عضو اللجنة الذي يكون جالساً خلف تلك الطاولة، وكان أعضاء اللجنة يتناوبون على هذا العمل مدة أيام التسجيل.



ومن ضمن مهام اللجنة زيارة الكنائس التي تطلب أن يأتي من يحدث أتباعها عن الإسلام، وكانت أهداف الكنائس من وراء تلك الدعوات مختلفة، بعضها نزيه وبعضها يهدف إلى إظهار ضلال الآخرين وأنهم وحدهم على الحق، وربما عقدوا اجتماعات تاليه لنقض ما تم طرحه من قبل المتحدث، ولم تكن اللجنة تتأخر عند قدوم أي دعوة فهي فرصة إن لم تنفع فلن تضر، وربما أتى النفع منها بعد فترة من الزمن، فكم من شخص أسلم بعد عدة سنوات من سماع محاضرة أو قراءة كتاب، أو الدخول في حوار ومناقشة، وكان الأخ عبدالله جرادات من الأردن والذي رأس اللجنة عدة مرات من أفضل من يقوم بهذا العمل.



وكانت المدارس تطلب من المركز من فترة لأخرى إرسال متحدث يتحدث للطلاب عن الإسلام أو عن بلد من البلدان الإسلامية، وقد دعي الباحث للحديث عن المملكة العربية السعودية في أحد فصول المدرسة الثانوية، وكانت إجابة هذه الدعوات مهمة أخرى من مهام لجنة الدعوة التي ربما أرسلت أحد أعضائها أو رشحت من تراه. من أعضاء المركز، ومن المواقف الطريفة أن أحد الدعاة ذهب إلى المدرسة الثانوية ليلقي درساً عن الإسلام، فسأله أحد الطلاب قائلاً: هل أنت من أتباع الدين الذي يضرب أتباعه أنفسهم بالسلاسل؟ وعندما سأل الطالب عن مصدر تلك المعلومة، قال له أن أحد اليهود تحدث إليهم في أسبوع سابق وذكر أن المسلمين يفعلون ذلك!! فوضح الزائر أن من يفعل ذلك هم بعض الشيعة وهم لا يمثلون إلا أقل من 15% من المسلمين، وما يفعلونه ليس من الإسلام في شيء، بل إن الإسلام ينهى عن ذلك ويحرمه، وبدأ يشرح لهم جوانب الرحمة والتسامح في الإسلام.



وكانت اللجنة تقوم من فترة لأخرى بدعوة أحد الدعاة المشهورين والعارفين بالإسلام وبالنصرانية لإلقاء محاضرات في الجامعة، يتم الإعلان عن موعدها ومكانها في صحيفة الجامعة، وفي لوحات الإعلانات المتناثرة داخل الجامعة، وغالباً ما يتم التنسيق مسبقاً مع المسؤولين في الجامعة لحجز المكان، وكان من ضمن المحاضرات التي كان لها صدى كبير في الجامعة وحضرها عدد من رجال الدين النصارى ومع كل منهم نسخة من الإنجيل، محاضرة ألقاها الداعية المشهور الدكتور جمال بدوي الذي كان يعمل أستاذاً للتربية في إحدى جامعات كندا، وهو مصري الأصل، وكان عنوان المحاضرة (محمد في الإنجيل)، وعند المناقشة تبين أنه يفهم في الإنجيل أفضل من كثير من القساوسة، فكان يجيب على أسئلتهم بدقة، ويطلب منهم الرجوع إلى رقم الصفحة ورقم المقطع، وكان يحاور بهدوء وثقة ولطف، وقبل مجيئه إلى بولمان ألقى محاضرة في مدينة بورتلاند،Portland بولاية (أو رجون،Oregon) عن (مكانة المرأة في الإسلام) أسلم بعدها عشر من النساء كن عارفات وقارئات عن الإسلام، وكان لديهن فقط بعض الشبهات حول مكانة المرأة في الإسلام، ومما يجدر ذكره أن في تلك المدينة عدد كبير من النساء اللاتي دخلن في الإسلام، ويبذلن نشاطاً كبيراً في الدعوة إليه.



وفي مدينة (بولمان) دخل في الإسلام شخصان، كلاهما من الأمريكيين البيض، الأول إمراة كانت تسكن في سكن الجامعة مع زوجها وأطفالها، وكانت أسرة عبدالرحيم الزهراني تسكن في وحدة سكنية ملاصقة لهم وتجاورهم من جهة، وبالقرب منها أسرة على الثويني، وفي الجهة المقابلة أسرة إبراهيم التركي، وكان السيدات يجتمعن بصفة دورية، وكانت تنضم إليهن تلك الجارة الأمريكية، وبمرور الأيام وبمساعدة جاراتها وبواسطة القراءة تعرفت على الإسلام، وأعجبت به، وقررت الدخول فيه، وكانت العقبة التي تقف في طريقها هي إسلام زوجها، فقد وافق على أن تدخل هي في الإسلام، أما هو فقال إنه يحتاج إلى مزيد من الوقت للقراءة والتأمل والتفكير ليتخذ قراره.



وفي اليوم الذي أعلنت فيه إسلامها ثار جدل كبير بين أعضاء المركز، بين قائل أنها يجب أن تنفصل عن زوجها وتطلب الطلاق منه، وقائل أن زوجها يرجى إسلامه، فعليها أن تعمل كل ما تستطيع لإدخاله في الإسلام، وكانت هي معارضة لقضية الانفصال، وربما أدى الإلحاح عليها إلى أن تتراجع عن إسلامها وتفضل البقاء مع زوجها وأطفالها. وأخيراً رجحت كفة من يرى بقاءها مع زوجها على أن تبذل ما تستطيع في سبيل إسلامه. وبعد أن أعلنت إسلامها أقام المركز حفلاً لتكريمها حضره زوجها وأطفالها، وكان وقع الحفل جيداً على جميع أفراد الأسرة. لم يمر وقت طويل حتى غادرت الزوجة المسلمة وأسرتها إلى جنوب كاليفورنيا. بعد عدة سنوات جاءت تلك الأسرة إلى مدينة برلمان لزيارة الأصدقاء، وكانت مفاجأة سارة للجميع أن علموا بدخول الزوج في الإسلام وهو في جنوب كاليفورنيا، والأطفال سوف يتبعون في الغالب الدين الذي أختاره والداهم.



أما الحالة الثانية فكانت لإسلام طالب دراسات عليا في تخصص الفيزياء. وتبدأ قصة إسلامه عندما تقدمت طالبة هندية مسلمة تعمل في المكتبة المركزية في الجامعة اسمها (فرحانه) إلى كاتب هذه السطور أثناء خروجه في إحدى الأمسيات من المكتبة طالبة منه أن يوصلها بسيارته في اليوم التالي إلى مدينة (كولفاكس) التي تبعد حوالي خمسة عشر ميلاً عن بولمان، وتوجد بها محكمة المقاطعة، وفي الموعد المحدد أخذ الباحث زوجته وذهب إلى مكتبة الجامعة ليوصل الطالبة الهندية إلى تلك المدينة. كانت المفاجأة عندما رأى معها شاباً أبيض، ودخل الإثنان إلى السيارة وفي الطريق تبين أنه يريد الزواج بها، وعندما أخبرتها بمخالفة ذلك للإسلام، قالت أنها تعلم ذلك، وأنها من أسرة محافظة، وأن والدها يعرف الكثير عن الإسلام، وأنه علمها كثيراً مما يعرف، وقالت أنها اشترطت على هذا الشاب أن يسلم لكي تتزوجه، وأنه وافق على شرطها، ولكنه يريد بعض الوقت للتفكير والقراءة لكي يعلن إسلامه.



سُجلت وثيقة الزواج المدنية في تلك المحكمة، وبعد أن عدنا إلى برلمان، عمل أعضاء المركز على تعريف (ريتشارد) بالإسلام، فقدمت له مجموعة من الكتب، وبعدها بأيام زار بولمان (محمد جميل براونسون) وهو أمريكي أبيض أسلم منذ مدة طويلة، وعمل في المملكة العربية السعودية، وشارك في مركز أبحاث الحج، وكانت رسالته للماجستير في الجغرافيا عن الحج، وكانت ثقافته وهو في الصغر عن النصرانية، وكان والده يعده ليكون رجل دين، إلا أنه اهتدى إلى الإسلام وأصبح من المتحمسين له، والمنافحين عنه، وقد جاء إلى مدينة بولمان عدة مرات ليحاضر ويلقي بعض الدروس عن الإسلام والقضية الفلسطينية. كانت فرصه للجمع بين (ريتشارد) و (محمد براونسون) دعا الباحث الإثنين إلى تناول طعام العشاء في واحد من المطاعم المحلية، وشارك في الجلسة والمناقشة الأخ على الثويني. وكان تأثير محمد براونسون في ريتشارد قويأ ونافذاً لعامل اللغة من جهة، ومروره بالتجربة نفسها- وهذا هو الأهم- من جهة أخرى.



قرر ريتشارد الدخول في الإسلام، وفي اليوم المحدد اغتسل وجاء إلى المسجد، وأعلن إسلامه ونطق بالشهادتين، وبعدها بأيام سُجل عقد شرعي بزواجه من الفتاة الهندية فرحانه، أقيم للإثنين حفل زواج شارك فيه أعضاء المركز رجالاً ونساء، وظل ريتشارد يتردد على المسجد باستمرار، ويواصل قراءاته عن الإسلام. وفي تلك الأثناء علم بعض النصارى من معارفه السابقين بإسلامه، فعملوا كل ما في وسعهم لرده إلى النصرانية، وكثفوا زياراتهم له، وبدأ تأثير ذلك عليه، حيث بدأ يتغيب عن المسجد، وكثرت تساؤلاته وأوهامه في بعض الأحيان، منها أنه في إحدى المرات أحس بمن يربت على رجله وفسره بما أسماه بروح القدس. واجتمع به بعض أعضاء المركز، وبينوا له أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، ولن يسره أو يسر شياطين الإنس إسلامه، عاد بعدها إلى المجيء إلى المركز بصور متقطعة، وبعد تخرجه غادر المدينة، ولا يدرى هل بقي على إسلامه، أم أنه صورة أخرى لمهاجر أم قيس.



لجنة السجن :

كان سجن الولاية الرئيس يقع في مدينة والا والا، Walla Walla وكان جميع السجناء المحكوم عليهم من أرجاء الولاية يودعون فيه إلى أن يأذن الله لهم بالخروج، وكان بينهم بعض المسلمين، وكثير من السجناء يعتنقون الإسلام داخل السجن، وكان أولئك النزلاء بحاجة إلى عناية ورعاية والى مزيد من المعرفة بمبادئ الإسلام وأحكامه، وكانت ( لجنة السجن) واحدة من اللجان المهمة التي تم استحداثها، ومهمتها الرئيسة تتمثل في حصر من لديه الرغبة من أعضاء المركز في زيارة إخوانه في السجن، وتعليمهم شيئاً من أمور دينهم، وإشعارهم أن لهم إخوة يهتمون بهم ولديهم استعداد لمساعدتهم.



بعد معرفة أسماء الراغبين في زيارة السجن تقوم اللجنة بأخذ صور من بطاقاتهم الشخصية وغالباً ما تكون بطاقة الجامعة، وإرسالها للمسؤولين في السجن لجدولة الزيارات بحيث يتمكن إثنان في كل يوم سبت من الزيارة، وهذا هو العدد الذي تسمح به إدارة السجن، ثم تعود الأسماء وتواريخ الزيارة، وتصبح مهمة اللجنة بعد ذلك محصورة في المتابعة والتذكير. وكانت الزيارات تتم كل أسبوع وأحياناً كل أسبوعين حسب أعداد الراغبين من أعضاء المركز.



من المعروف أن إدارات السجن في الولايات المتحدة الأمريكية تشجع دخول المساجين في الإسلام، ويذكر الدكتور سيد محمد سعيد الذي كان رئيساً لاتحاد الطلبة المسلمين أن مسؤولي السجون صرحوا في أكثر من مرة أن من يدخل في الإسلام من السجناء فإنه في الغالب لا يعود إلى السجن مرة أخرى، لأن قيمه وقناعاته وخط سير حياته وصحبته تتغير، ويصبح لحياته هدف، ويجد حوله إخوة صادقين يساعدونه ويأخذون بيده، بينما كانت صحبته السابقة تقوده مرة أخرى لممارسة الأعمال الإجرامية، والتي تتسبب غالباً في عودته للسجن، وكثير من أولئك السجناء يصبحون بعد إسلامهم ليس فقط أعضاء صالحين في المجتمع، وإنما أعضاء مصلحين كذلك، ويعتبر (مالكوم إكس) أوضح وأبرز دليل على صحة هذا القول.



كان الباحث أحد الذين زاوا المسلمين في ذلك السجن، عندما وصلنا أبرزنا بطاقاتنا، وبعد التأكد من وجود أسمائنا لديهم، قاموا بتفتيشنا ربما خوفاً من تهريب سلاح أو ممنوع، ثم قام أحد الجنود بأخذنا إلى داخل السجن، ومررنا بعدد من البوابات الحديدية التي يسمع له جلبة وصوت عند فتحها أو إغلاقها، وفي قاعة صغيرة أحضروا لنا سبعة من المسلمين، بعد السلام وتبادل التحية تحدثنا لهم عن مفهوم الطهارة في الإسلام، ثم أجبنا على أسئلتهم، كان أحدهم على وشك أن يُـفرج عنه، وكان قد أسلم في السجن وتبين لنا حماسه للإسلام ورغبته في الدعوة إليه إذا خرج من السجن، ومن ضمن الأشياء التي ذكرها أن السجن مدرسة لتعليم الإجرام وليس مدرسة للإصـلاح كـما يقـولــون، يأتي السجـين الجـديد فيجتمع حــوله السجــناء السابقــون، فــيسألونه: لماذا دخــلت السجن؟؟، فــيذكر لهم جريمته، فيقــولون له: لقد أخطأت، لو فعلت كذا وكذا لما تم القبض عليك، فيتلقى الدرس الأول، ثم يتلقى الدرس الثاني عند وصول سجين جديد وهكذا حتى يخرج من السجن بمعرفة واسعة، وأفكار وافرة عن الجريمة والإجرام، فيخرج من السجن ليطبق ما تعلمه من أفكار وحيل. وفي نهاية اللقاء ودعناهم على أمل اللقاء بهم مرة أخرى، وتمنينا أن يكون اللقاء خارج السجن بعد أن يُـطلق سراحهم.



اللجنة الاجتماعية :

كان من مهام هذه اللجنة تنظيم اللقاءات التي تتم في بداية كل فصل دراسي والإشراف عليها وتوزيع المهام، وكانت تعنى بحل الخلافات التي تنشأ بين أعضاء المركز، والتقريب بين من يريدون الزواج من المجتمع المحلى وخارجه، ومساعدتهم على ذلك، ومساعدة من يقع في مشكلة أو تلم به ضائقة من أعضاء المركز، ولعل من أبرر الأعمال التي أنجزتها اللجنة أنها قامت بتنظيم لقاء كبير دعي إليه أعضاء المراكز القريبة في كل من مدينة (موسكو) Moscow ومدينة لويستون Lewiston في ولاية أيداهـو، Idaho وفي مدينة (سبـوكان Spokane) وفي مدينة تــراي ستيز Tri-Cities في ولاية واشنطون، وكان البرنامج يشمل وجبتي غداء وعشاء ومحاضرات وندوات ومسابقات، وكان اللقاء الأول ناجحاً إلى حد كبير، مما دفع الحضور إلى اقتراح أن يكون لقاء شهريا تقوم المدن المذكورة بتنظيمه بالتناوب، وكانت تلك اللقاءات مما يرتقبه الجميع لما فيها من فوائد علمية وأسرية واجتماعية، حيث توثقت الروابط بين الأسر، وزاد التآلف والتعاون وخففت من وقع الغربة، وكانت حدثاً يكسر روتين الحياة، ويتعلم فيه الجميع أشياء جديدة.



لجنة الثلج :

ربما يستغرب البعض وجرد لجنة بهذا الإسم!! والحقيقة أن وجود مثل تلك اللجنة كان ضرورياً في بلد تكثر فيه الثلوج، وتسد الطرقات، وكانت مهمة هذه اللجنة تنظيف مواقف السيارات من الثلوج التي تتراكم عليها، وتنظيف المدخل إلى تلك المواقف، وإزالة الثلج من طريق المشاة من مواقف السيارات إلى مدخل المسجد، وقد تم تأمين الأدوات اللازمة لذلك العمل من قبل المركز.



لجنة التربية والتعليم :

من أكبر المشكلات التي تواجه المسلمين في أمريكا وكندا، تعليم أبنائهم وبناتهم وتربيتهم تربية إسلامية صحيحة، في مجتمع مفتوح له ثقافة جارفة تعدى تأثيرها الحدود ليصل إلى أجزاء كثيرة من العالم عبر المنتجات الصناعية، وعبر وسائل الإعلام المختلفة، وقد أشتكك من ذلك المد دول كبرى مثل فرنسا واليابان، ورغم ذلك يجب على الجاليات المسلمة بذل كل ما تستطيع للاحتفاظ بهويتها وثقافتها وقيمها.



إن الطريق الوحيد للتحصين ضد الذوبان وضد القابلية للتبعية يكمن في التربية والتعليم، ولذلك تحرص الجاليات المسلمة على ذلك، وفي المركز الإسلامي في بولمان كونت لجنة لتعليم أبناء المسلمين أمور دينهم، ومبادئ اللغة العربية لغة القرآن الكريم، كانت هذه اللجنة تدرس الطلاب في يومي السبت والأحد لمدة ثلاث ساعات في كل يوم، وكان هناك ثلاثة فصول في المركز، فصل للمبتدئين، وفصل متوسط، وفصل متقدم، وكان يتم توزيع الأطفال حسب السن، وحسب معرفتهم بالعربية، ويقوم بالتدريس متطوعون من أعضاء المركز رجالاً ونساء، وكان يطلب من أسر الطلاب المتابعة في المنزل وبذل الجهود، وكان المركز يرصد جوائز للأطفال لدفعهم لبذل مزيد من الجد و الاجتهاد.



وفي نهاية العام يقام حفل يحضره الآباء والأمهات ومن يريد من أعضاء المركز توزع فيه الجوائز والهدايا على الطلاب والطالبات، ويطلب منهم المشاركة في الحفل ببعض الأناشيد، والمشاركة في المسابقات. ولقد سدت تلك المدرسة فراغاً كبيراً وكان لها تأثير واضح على كثير من الطلاب، وفي هذا الصدد يذكر الجميع جهود الدكتور داود ملا عضو هيئة التدريس في الجامعة وهو من أصل أفغاني ومولود في أمريكا، وجهود زوجته في تربية وتعليم أبناء وبنات المسلمين، رغم أنهما لم يكونا ينجبان.



لجنة الرياضة :

للرياضة أبعاد اجتماعية كثيرة، إضافة إلى فوائدها الصحية والنفسية والروحية، فهي قد تقرب المسافات بين الجماعات، وتزيد من درجة التفاعل وتحطم الحواجز النفسية، شريطة أن تكون بعيدة عن التعصب والخشونة ومحاولة إلحاق الأذى بالآخرين، ولا يوجد أمة كان لها شأن في التاريخ إلا وكانت تمارس الرياضة وتعنى بها عناية كبيرة. والشعب الأمريكي شعب يمارس الرياضة بصورها وأشكالها المختلفة، ويمارس من خلال الرياضة الكثير من جوانب ثقافته.



كانت جامعة ولاية واشنطن WSU وجامعة أيداهو (UOFI) زاخرتان بالمنشآت والملاعب الرياضية، منها المغلق مثل ملاعب السلة والطائرة والكاراتيه والأثقال والتنس الأرضي و المسابح، ومنها المفتوح مثل ملاعب كرة القدم والسلة والطائرة وكرة القدم الأمريكية، وفي هذه الأجواء كوّن المركز لجنة للرياضة، من مهامها تنظيم المسابقات، مثل مسابقة تنس الطاولة التي تتم في المركز نفسه كما ذكرنا ذلك من قبل، ومنها مسابقات في كرة القدم وكرة الطائرة، وكان التنافس بين جماعة مركز بولمان وجماعة مركز موسكو، وإذا لم يكن هناك فريق من موسكو فإن الحاضرين يقسمون أنفسهم إلى فريقين ويمارسون الرياضة، وكانت مثل هذه اللقاءات تتم على الأقل مرة كل أسبوع، وفي أوقات الثلوج كان هواة الرياضة يمارسون لعبتي الطائرة والسلة في الملاعب المغلقة.



اللجنة الإعلامية :
كان من مهام هذه اللجنة الرد على ما يُطرح في أجهزة الإعلام المحلية من إساءات أو سوء فهم للإسلام والمسلمين، كما تشارك في كتابة بعض المقالات في صحيفة الجامعة، وتجيب الدعوات المقدمة من بعض البرامج الإذاعية والتلفزيونية المحلية للحديث عن موضوعات تتعلق بالإسلام أو بالمسلمين، وكانت اللجنة تصدر صحيفة أسبوعية عنوانها (الفاروق) وهو الاسم الذي أطلق على المركز الإسلامي في بولمان، وكانت تلك الصحيفة عبارة عن صفحة أو صفحتين A3 يتم ثنيها من المنتصف لتكون أربع صفحات أو ثمان صفحات، وكانت تتناول أخبار المجتمع المحلي المسلم من حيث المواليد، واللقاءات، والمسابقات الرياضية، والمناسبات المختلفة مثل الزواج والختان وزيارات الوفود، كما كانت تقدم بعض النصائح المركزة، والطرائف المفيدة، وكانت توزع مجاناً بعد صلاة الجمعة.



النشاطات ا لنسائية :

المرأة نصف المجتمع كما يقال وهي الأم والأخت والزوجة، وهي العمود الداخلي للأسرة، صلاحها وثقافتها واتزانها أمور ضرورية لصلاح الأسرة، وبما أن زوجات المبتعثين لم يكن معظمهن يدرس، فقد وجد لديهن وقت فراغ كبير، ولكنهن كن يقضينه في لقاءات مفيدة، فبالإضافة إلى اللقاءات الفردية، كان هناك لقاءان كل أسبوع للنساء، لقاء يتم في المركز، تحضر فيه إحداهن درساً تلقيه على الأخريات، وكان لدى عدد منهن ثقافة جيدة حيث كن يعملن مدرسات أو طالبات في مستويات متقدمة، وكن يستفدن استفادة كبيرة من تلك اللقاءات والتي كانت منصبة في معظمها على أمور الدين، وخاصة فقه النساء.



أما اللقاء الثاني فكان يتم في بيت إحداهن، وكان من مسؤولية المضيفة أن تعلم الباقيات طبقاً من الأطباق المشهورة والمعروفة في بلادها مثل الكسكسى في بلاد المغرب العربي، أو نوعاً من أنواع الحلوى مثل البقلاوة أو الكنافة أو ما شابه ذلك، وكن يتبادلن المعلومات كذلك حول شؤون المنزل والخياطة، وتربية الأطفال وما شابه ذلك، لقد كانت تلك اللقاءات مفيدة لكثير من النساء، أكثر مما لو كن ملتحقات بإحدى المدارس لأنها تتم في جو ودي وأخوي وغير رسمي.























الفصل الثامن

تلخيص عام وخاتمة



الحـديث عن المسلمين في أمريكا له جـوانبه الكـثيرة والمتفـرعـة، وقـد حاولنا في هذا البحـث تقديم صورة عامة وشاملة عن تاريخ وأوضاع المسلمين في أمريكا. كان الفصل الأول عن موضوع البحث وأطره النظرية. جاء فيه أن البحث يحاول معرفة الظواهر المتعلقة بالمسلمين في سياقها التاريخي، مثل ظاهرة الرقيق، وظاهرة الهجرة، والظواهر المتعلقة بنشأة وتطور المؤسسات والجمعيات الإسلامية، وتزايد أعداد المسلمين هناك. ولبلورة موضوع الدراسة تم طرح عدد من التساؤلات عن تركيبة وخصائص المجتمع الأمريكي الذي يعيش فيه المسلمون، وعن الوضع السكاني للمسلمين هناك، وعن أهم الجمعيات والجماعات الإسلامية، وكيف تطورت، وعن أوضاع الأسرة المسلمة، وعن كيفية تأمين المسلمين لاحتياجاتهم الاستهلاكية بالطرق التي تتفق مع تعاليم الإسلام وقيمه. وكان التساؤل الأخير حول علاقة المسلمين بغيرهم من الفئات الاجتماعية، وعن أكثر الفئات إقبالاً على الإسلام. وكان الهدف من طرح تلك التساؤلات هو توجيه مسار البحث، وتحديد أبعاده الرئيسية.


وارتكز البحث على ثلاث نظريات معروفة في علم الاجتماع هي الوظيفية للنظر إلى تكامل أنساق المجتمع المسلم هناك مثل النسق التربوي والنسق الديني والاقتصادي والأسري والإعلامي وغيرها من الأنساق الفرعية، وكانت النظرية الثانية هي الصراعية، فالصراع يعتبر سنة من سنن الحياة، ولا شك أن المسلمين. في أمريكا يعيشون في صراع ومنافسة ومدافعة مع بعض الجماعات المعادية للإسلام والسلمين على التراب الأمريكي، والتي تمارس ضد المسلمين جميع أنواع الإرهاب والتخويف والحصار، وخاصة الإرهاب والتخويف الإعلامي. وكانت النظرية الأخيرة التي وظفت لفهم أبعاد البحث هي التفاعلية الرمزية، والتي تعتبر اللغة أهم أدواتها، وتحدثنا عن الجماعات الأولية وتأثيرها في بناء شخصية الفرد ومفاهيمه ونظرته إلى العالم، وتعتبر المراكز والمساجد الإسلامية من الرموز التي تربط المسلمين ببعضهم، وتقوي علاقاتهم، وتحدد موقفهم من (الآخر) وموقف (الآخر) منهم.



ثم استعرضت الدراسة مجموعة من الدراسات السابقة والتي قـُـسمت إلى مجموعتين، الأولى تناولت ما كتب باللغة العربية، وكان أقل بكثير مما كتب باللغة الإنجليزية، والمجموعة الثانية تناولت ما كتب باللغة الإنجليزية. وقد لوحظ تزايد الدراسات والبحوث عن المسلمين في أمريكا في العقدين الأخيرين، وهذا مؤشر لتزايد أعدادهم، وتزايد وزنهم وثقلهم هناك، وربما كانت بعض تلك الدراسات تهدف إلى وضع خطط للحد من انتشار الإسلام، والتضييق على أتباعه، والتي غالباً ما يكون لها نتائج عكسية، حيث يزيد، الإقبال على الإسلام، وتزيد قراءات الناس عنه، لمعرفة الأسباب التي تجعل وسائل الإعلام المختلفة تشن عليه حملاتها المختلفة، وصدق الله سبحانه وتعالى إذ يقول )يُـريدونَ ليطفِئوا نورَ اللِه بأفواههم والله متمُ نورهِ ولو كرهَ الكافرونَ(، (الصف: 8)، هذا وقد حاول الباحث تجميع الدراسات السابقة حسب متغيرات الدراسة التي أشارت إليها التساؤلات.



وخُصص الفصل الثاني للحديث عن أمريكا، جغرافيتها وتركيبتها السكانية. وهذا الفصل يجيب على التساؤل الأول من تساؤلات الدراسة، وفيه تبين أن أمريكا آمة من المهاجرين، وأن فيها أكثر من مائة عرق، وأن لتعدد الأعراق إيجابياته التي منها التنافس بين الأعراق لإثبات الذات، وله سلبياته، وتعتبر العنصرية أهمها وأخطـرها على حاضر أمريكا ومستقبلها. وتبين كذلك أهمية الأسرة في المجتمع الأمريكي رغم التغيرات الكبيرة التي طرأت على وظائفها وتركيبتها، ويعتبر التنافر والتنافس بين الجنسين، وخروج المرأة للعمل من أبرزها وأوضحها. وتناول الجزء الأخير من الفصل التدين في المجتمع الأمريكي تبين فيه أن المجتمع الأمريكي مجتمع متدين، رغم كل ما يقال عن أنه مجتمع علماني، فالتدين صاحب الجماعات الأمريكية منذ هجرتها من أوربا، وقام بدور كبير في توجيه شؤون الحياة، واتخاذ القرار في كثير من ا لموا قف.



أما الوضع السكاني للمسلمين في أمريكا من حيث الهجرات، وأنواعها وأسبابها، وتقديرات عدد المسلمين وأماكن تركزهم، وهو التساؤل الثاني من تساؤلات الدراسة، فقد تم تناوله في الفصل الثالث. فالقسم الأول من الفصل. تناول ما يثار حول وصول المسلمين إلى أمريكا قبل (كولومبس) والمؤشرات التي تستخدم لتأييد ذلك، ثم تبعه استعراض لمسلمي ما قبل الحرب الأهلية وجميعهم كانوا من السود الذين جيء بهم قسراً إلى ذلك المعتقل الكبير، وعانوا فيه ما عانوا من آلام وعذاب، وكان بعضهم مسلمين، وكان بعض أولئك المسلمين على قدر من العلم والثقافة العربية، فبعضهم كان يحفظ القرآن وكتبه من الذاكرة، وبعضهم كان له شأن ومكانة في قومه.



بعد ذلك جاء الحديث عن الهجرات الأولى وأسبابها، والتي تمثلت في ضعف الفرص الاقتصادية في كثير من البلدان الإسلامية، والهروب من الاضطهاد الشيوعي، والهروب من التسلط والدكتاتورية والعنصرية، والاحتلال، وضعف الفرص الدراسية، وخاصة الدراسات العليا، وبالأخص العلوم البحتة.



وكان تأثير المهاجرين الأول في نشر الإسلام ضعيف ومحدود، لضعف مستواهم الثقافي والتعليمي، وتأثير الغربة وضغوطها النفسية، ولعدم معرفة معظمهم باللغة الإنجليزية، وتمكنهم منها، فالكثير منهم كان يعتبر هجرته مؤقتة لجمع قدر من المال ثم العودة إلى أرض الوطن.



أما المهاجرون العرب فكان معظمهم في المراحل الأولى من النصارى، حيث أحجم المسلمون عن الهجرة خوفاً على دينهم وثقافتهم، وكثير من المسلمين الشاميين آثر الهجرة إلى مصر هروباً من سوء الأوضاع السياسية والاقتصادية تحت الحكم العثماني. ولكن بمرور الزمن، وبتأثير النجاحات التي أحرزها الجيل الأول من المهاجرين، بدأت الهجرات من العالم العربي تتزايد، وخاصة من بلاد الشام وفلسطين ومصر واليمن والعراق، وبعض بلدان المغرب العربي، وكان أغلب الهجرات التي تمت في النصف الثاني للقرن العشرين من العالم العربي من المسلمين.



وكان الجزء الأخير من الفصل الثالث عن تقدير أعداد المسلمين ومناطق تركزهم، وتم فيه استعراض مجموعة من التقديرات، والتي وُجد أن أقربها من الحقيقة هي التي تقدرهم بحوالي ستة ملايين نسمة. وتزيد أعداد المسلمين عـن طريق الهجرة والتوالد والدخول في الإسلام، ويقدر عدد من يدخل في الإسلام كل عام ما بين 25 ألف نسمة و 50 ألف نسمة، وأكثر الهجرات التي تفد إلى أمريكا في السنوات الأخيرة تأتيها من البلدان الإسلامية، ومعظمها كفاءات ومهارات عالية. والمسلمون يوجدون في جميع الولايات، ولكنهم يتركزون في ولاية كاليفورنيا، وولاية نيويورك، وولاية ألنويز، وولاية تكساس.



وبتزايد أعداد المسلمين تزايدت جمعياتهم وتنظيماتهم، وظهر من خلال الفصل الرابع أن المحاولات التنظيمية بدأت في أوائل العقد الثاني من القرن العشرين، وبدأت تنمو مع الزمن إلى أن تبلورت وتفرعت مع بداية النصف الثاني من القرن العشرين، ويعتبر (اتحاد المنظمات الإسلامية في الولايات المتحدة وكندا) الذي أسس بجهود مهاجرين لبنانيين في عام 1952م من أوائل التنظيمات التي حاولت أن تجمع المسلمين في أمريكا وكندا تحت مظلة واحدة. ثم تلاها (اتحاد الطلبة المسلمين) الذي أسس في عام 1963م والذي تجاوزت فروعة الثلاثمائة فرع، وخدم كثيراً من المسلمين وخاصة الطلاب في الجامعات، وبالأخص القادمين حديثاً إلى أمريكا، وتتوالى نشأة الجمعيات والتنظيمات المختلفة، ويتم جمعها تحت مظلة واحدة في عام 1981م هي مظلة الاتحاد الإسلامي في أمريكا الشمالية (ISNA) والذي ضم جمعيات كثيرة مثل مركز التعليم الإسلامي، وجمعية علماه العلوم الاجتماعية المسلمين، وجمعية العلماء والمهندسين المسلمين، واتحاد الأطباء المسلمين، والوقف الإسلامي في أمريكا وكندا وغيرها من الجمعيات والتنظيمات.



وتم الحديث عن بعض الجماعات المحسوبة على الإسلام، وبعض انحرافاتها مثل جماعة (أمة الإسلام) والتي كانت أكبر جماعات السود في أمريكا عندما كان يقودها (اليجا محمد) وجماعة (الأنصار) وهذان مثالان لكثير من الجماعات التي عانت من الانحراف عن منهج أهل السنة والجماعة، وإن كان نفوذ وأعداد أتباع تلك الجماعات بدأ يتقلص في العـقدين الأخيرين، بسبب تزايد الطلاب المبتعثين، وبيان ووضوح حقيقة الإسلام لأغلبية الناس .



ولإجابة بقية تساؤلات الدراسة قام الباحث بإجراء دراسة ميدانية استخدم فيها المنهج الوصفي بطريقة المسح الاجتماعي والملاحظة بالمشاركة، وكانت الدراسة على المراكز والمساجد الإسلامية التي بلغ عدد المسجل منها أثناء الدراسة أكثر من ألف، وتم المسح عن طريق البريد لمئاتي مسجد ومركز إسلامي، تمثل 20% من تلك المراكز، ولكن لم يعد للباحث منها سوى أربعين استمارة تمثل حوالي 4% من مجتمع البحث، وقد عزز الباحث تلك العينة بزيارة مجموعة من المراكز الإسلامية، وبالقيام بدراسة حالة عن مركز (بولمان) بولاية واشنطن.



وجاءت أهم نتائج الدراسة الميدانية على النحو التالي :



1- أعلى تركز للمراكز الإسلامية وللمسلمين يقع في ولاية نيويورك، ثم كاليفورنيا، ثم الينويز، وأتت تكساس في المرتبة الرابعة.



2- جميع المراكز التي شملتها الدراسة أسست بعد عام 1959م، 50% منها أسس في عقد الثمانينات الميلادية، وهو العـقد الذي شهد تزايد البعثات، وشهد نشأة الاتحاد الإسلامي في أمريكا الشمالية ISNA





3- أغلب المراكز (53%) تم شراؤه كبناء جاهز، ثم أجريت عليه تعديلات ليكون مركزاً إسلامياً. أما 47% منها فبني من الأساس ليكون مركزاً إسلامياً.



4- تبين أن غالبية المراكز (52%) تم امتلاكها عن طريق تبرعات محلية، أي أن المجتمع المحلي هو الذي قدم التبرعات لامتلاك مركز إسلامي، ثم يلي ذلك التبرعات غير المحلية والتي أتت من داخل أمريكا، ومن خارجها بواقع 21% لكل منها، وهذا يعني أن 73% من المراكز قامت بتبرعات من داخل أمريكا 60% فقط من المراكز قامت بدعم شخص واحد فقط، وتعدد التكرارات يدل على أن بعض المراكز جاءته تبرعات من جهات مختلفة.



5- تبين أن أعلى نسبة من المراكز الإسلامية (40%) تخدم مجتمعاً لا يتجاوز عدد أفراده 500 نسمة، و37،5% منها تقع في مدينة يتجاوز عدد المسلمين فيها خمسة آلاف نسمة.





6- يتم تقديم الإسلام إلى الآخرين بطرق عدة منها المحاضرات (34%) الصحافة(24،5%) والمنشورات (17) والاتصال الشخصي المباشر والزيارات (6،5%) لكلٍ منهما .



7- وأغلب المراكز والمساجد الإسلامية لا يوجد بها إمام متفرغ (60%) أو مؤذن متفرغ(52%) ، وأغلبها (52،5%) لديها برامج لمساعدة القادمين الجدد إلى أمريكا ، و36% منها لديها برامج لزيارة السجون ، و33% لديها برامج لزيارة المدارس ، و21% لديها برامج لزيارة الكنائس ، والهدف من تلك الزيارة هو الحديث عن الإسلام ، والبلدان الإسلامية ، وإجابة الدعوات التي تصل من تلك الجهات .





8- أغلب المراكز(55%) لا يوجد لديها خدمات ترفيهية ، بينما 33% لديها برامج تتمثل في ملاهي الأطفال ، وتنس الطاولة ، وطائرة ، وسلة ، وغرف متعددة الأغراض .



9- وكان التساؤل الخامس في الدراسة عن كيف يؤمن المسلمون احتياجاتهم الاستهلاكية المتفقة مع الشريعة الإسلامية ، وقد أثبتت الدراسة أن40% من المراكز الإسلامية لديها برامج لتوفير اللحم الحلال، والذي يعتبر أهم سلعة استهلاكية يجب أن تتوفر فيها الشروط الإسلامية، وأفاد 40% أن لديهم أسواقاً محلية توفر ذلك ، وأفاد 15% فقط أنه لا يوجد لديهم برنامج أو أسواق محلية لتوفير اللحم الحلال ، وإنما ترك ذلك لجهود الأفراد واجتهاداتهم .



10- وتبين أن غالبية مرتادي المراكز (55%) مهاجرون من خارج أمريكا، وهذا يشمل المهاجرين حديثاً بنية الإقامة الدائمة أو المؤقتة، ويشمل كذلك الطلاب المبتعثين، ويأتي في المرتبة الثانية الأمريكيون السود بنسبة 24،5% ثم الأمريكيون البيض بنسبة 12% أما بالنسبة لمن يسلمون فتبين أن أعلى نسبة 42،5% من المراكز يسلم فيها كل عام أقل من خمسة أشخاص ، و 7،5% يسلم بها من خمسة إلى عشرة أشخاص ، و25% يسلم فيها من 10إلى أربعـين شخصاً كل عام ، و5% فقط يسلم فيها أكثر من خمسين شخصاً كل عام. كما تبين أن غالبية الذين يسلمون (62،5%) من الرجال، والبقية من النساء ، 65% منهم من السود، 35% من البيض.



11- وكان التساؤل الرابع من تساؤلات الدراسة عن أوضاع الأسرة المسلمة في أمريكا . وقد أوضحت الدراسة أن نسبة الطلاق بين المسلمين متدنية ولا تتجاوز15% تقريباً ، و58% من حالات الطلاق تتم بين زوجين كلاهما مسلم، و42% تتم بين مسلم وكتابية . كما بينت الدراسة أن أهم التحديات التي تواجه الأسرة المسلمة تتمثل في : أ) تقوية قيم الإسلام وتعاليمه لدى الصغار . ب) عدم توفر القدوة الحسنة في المجتمع . ج) قوة تأثير المجتمعات المحلية على الأطفال. د) تقوية الروح الإسلامية في البيت . هـ) ضعف تعاون وتكاتف الأسرة المسلمة . و) ما يبثه التلفزيون من برامج. ز) سهولة الوقوع في المحرمات . ح) عدم توفر الكتب والمنشورات الجيدة عن الإسلام. وللتغلب على بعض هذه الصعوبات وجُـد في كثير من المراكز نشاطات ثقافية مثل مدرسة الأحد 51% ، مدرسة ابتدائية 13% ، متوسطة وثانوية 4% لكل منهما .



12- وجدت الدراسة أن أهم التحديات التي تواجه العمل الإسلامي في أمريكا تتمثل في : أ) عدم توفر الدعاة الأكفاء. ب) بعثرة جهود المسلمين. ج) التوسع في بناء المساجد. د) جهل بعض المسلمين بالإسلام. هـ) ضعف القدرات المالية. و) سوء الفهم الكبير للإسلام والمسلمين. ز) الهجمة الإعلامية على الإسلام والمسلمين. ح) رعاية أبناء المسلمين، وتربيتهم تربيةً إسلامية .



13- يوجد في كثير من المراكز الإسلامية نشاطات مختلفة منها نشاطات ثقافية تتمثل في المحاضرات، والمسابقات، والندوات . ونشاطات رياضية مثل كرة القدم، والطائرة، والسلة، والتني، والرحلات. وتفيد تلك النشاطات في ربط أفراد المجتمع المحلي صغاراً وكباراً بالمركز الإسلامي .



14 ـ وكان التساؤل الأخير من تساؤلات الدراسة يتعلق بعلاقة المسلمين بغيرهم من الفئات الاجتماعية ، وهل يواجهون ممارسات عنصرية ؟ وبينت الدراسة أن نسبة كبيرة (5، 67%) من المراكز الإسلامية لا تواجه أي مضايقات، وهذا مؤشر قوي لما يتمتع به المسلمون من حقوق، وما يجدونه من قبول من المجتمعات المحلية هناك. هذا وقد أفاد 5، 27% أنهم يواجهون مضايقات تتمثل في إلقاء بعض الأشياء على المركز، وعنصرية، وتهديدات.



15- وأخيراً تبين أن 5، 47% من المراكز الإسلامية حجمها صغير مقارنة بعدد السكان، 45% منها حجمها مناسب، ومركز واحد فقط بنسبة 5، 2% أفاد بأن حجم المركز كبير مقارنة بعدد السكان.



هذا وقد خصص الفصل السابع والأخير لدراسة حالة عن المركز الإسلامي في مدينة (بولمان) أبرر فيه الباحث الصعوبات التي واجهت الطلاب هناك في أداء صلواتهم واجتماعاتهم، والمراحل التي مرت بها نشأة المركز الإسلامي، والجهود التي بذلت في سبيل ذلك، وما قدم المركز من خدمة للمجتمع المحلي بفئاته المختلفة وذلك من خلال اللجان والنشاطات المختلفة، وتعتبر دراسة الحالة تلك جزءاً مكملاً لبقية البحث، ذلك أنه قدم صورة معمقة وموسعة لنموذج من المراكز الإسلامية هناك.



وفي الختام يوصي الباحث بإجراء المزيد من الدراسات عن شؤون المسلمين هناك مثل التربية والتعليم، وقضايا الأسرة، وعلاقة الجماعات الإسلامية ببعضها، وبغيرها من الجماعات، ودور الإعلام في نشر الإسلام. كما يوصي الجامعات العربية والإسلامية بالتوسع في المنح للمسلمين الأمريكيين، وخاصة السود منهم، كما يجب مساعدة المسلمين هناك مادياً ومعنوياً ليحافظوا على دينهم، ويقيموا المدارس والمساجد، وتشجيعهم على الاعتماد على الذات، وتوحيد جهودهم حتى يكون لهم وزن وثقل في صناعة القرار الأمريكي، وحتى يتمكنوا من المنافحة والمدافعة عن قضايا العرب والمسلمين، ويوجدون شيئاً من التوازن مقابل نفوذ اللوبي الصهيوني هناك، ويقع على القيادات الإسلامية هناك مسؤولية كبيرة في هذا الجانب، كما يجب على سفارات الدول الإسلامية في أمريكا، ومندوبيها لدى الأمم المتحدة أن تبذل كل ما تستطيع من جهود في مساعدة الأقلية المسلمة هناك. هذا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبيه محمد وعلى آلـه وصحبه أجمعـين.

د. عبدالرزاق بن حمود الزهراني .



 

التوقيع

 

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

 
 
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26-03-2006, 07:50 AM
الصورة الرمزية شيخة الغيد
شيخة الغيد شيخة الغيد غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Dec 2005
المشاركات: 2,091
معدل تقييم المستوى: 21
شيخة الغيد is on a distinguished road

يعطيك ألف ألف ألف عافيه وانا اختك

عالطرح المميز

 

التوقيع

 



الف شكر للغالية على الجميع ((((يوراااااااااااااان))))

 
 
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 31-03-2006, 11:41 PM
سهيل الجنوب سهيل الجنوب غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 873
معدل تقييم المستوى: 20
سهيل الجنوب is on a distinguished road

جزيتي خيرا اختي الفاضلة شيخة الغيد على ما تفضلت به

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 09-04-2006, 12:22 AM
الصورة الرمزية أبو مسعود
أبو مسعود أبو مسعود غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2005
الدولة: kuwait
المشاركات: 11,697
معدل تقييم المستوى: 10
أبو مسعود is on a distinguished road

يعطيك ألف ألف ألف عافيه

 

التوقيع

 



خالص الشكر والعرفان للأخت m!ss-83 على التوقيع

 
 
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10-04-2006, 12:56 AM
اخت اخوها اخت اخوها غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Sep 2005
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 20
اخت اخوها is on a distinguished road

تسلم عــ ما كتبت

الله يجزاك خير وعسا ك على القوة

..


التعديل الأخير تم بواسطة : أبو مسعود بتاريخ 14-04-2006 الساعة 12:07 PM.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 05-01-2007, 09:40 AM
الصورة الرمزية ملك السر
ملك السر ملك السر غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2006
الدولة: اغلاعيون الشعر
العمر: 47
المشاركات: 28
معدل تقييم المستوى: 0
ملك السر is on a distinguished road

جزاك الله خيرا


على مادون هنا

تقبل ازكى تحيه

 

التوقيع

 

انا ستفدت من التجارب حاجتين=ان الحياه جهاد والعيشه كفاح
ون حاربوني في النجاح الصاقطين=اقول حرب الصاقطين اكبر نجاح
 
 
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 02-07-2007, 03:23 PM
الصورة الرمزية مسفر مبارك
مسفر مبارك مسفر مبارك غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2007
الدولة: United Kingdom
المشاركات: 10,708
معدل تقييم المستوى: 28
مسفر مبارك is on a distinguished road
رد: عرض كامل لكتاب المسلمون في الولايات المتحدة الأمريكية / الدكتور عبد الرزاق الزهرا

الله يبيض وجهك ياذيبان

 

التوقيع

 

ياصاحبي مافادنا كثر الأحلام ، واللي في خاطرنا عجزنا نطوله
:
نمشي ورى والوقت يمشي لقـدام ، ضعنا وضيّعنا كلاماً نقولــه
:


::




 
 
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 02-07-2007, 04:51 PM
الصورة الرمزية مسعطر
مسعطر مسعطر غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2007
الدولة: صـــــدور الــطـــيـــبـــيــن
المشاركات: 1,049
معدل تقييم المستوى: 19
مسعطر is on a distinguished road
رد: عرض كامل لكتاب المسلمون في الولايات المتحدة الأمريكية / الدكتور عبد الرزاق الزهرا

أخي سهيل الجنوب أشكر على الموضوع الغني بالمعلومات

للدكتور عبدالرزاق الزهراني.

تقبل مروري.

 

التوقيع

 






يكره الصيحات مربي النعم
 
 
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 18-07-2007, 03:19 PM
قــــــهـــيـــدان قــــــهـــيـــدان غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
المشاركات: 253
معدل تقييم المستوى: 18
قــــــهـــيـــدان is on a distinguished road
رد: عرض كامل لكتاب المسلمون في الولايات المتحدة الأمريكية / الدكتور عبد الرزاق الزهرا

الله لا يهينك على الموضوع الممتاز

ونرجو التقدم مشكوووووووور

بس واجد تعبت وانا اقرا

هههههههههههه

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 05-07-2010, 11:43 AM
سهيل الجنوب سهيل الجنوب غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 873
معدل تقييم المستوى: 20
سهيل الجنوب is on a distinguished road
رد: عرض كامل لكتاب المسلمون في الولايات المتحدة الأمريكية / الدكتور عبد الرزاق الزهرا

شكرا لكم على ما قدمتم من ردود

تحياتي للجميع

رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مـكـتـبــــــة مـجـالـس العجمـــــان (( كتب + دراسات + مقالات )) ( الجزء الثالث ) سهيل الجنوب مجلس الدراسات والبحوث العلمية 15 16-09-2010 05:56 PM
63 داعية يكتبون بيان خطر ( ستار اكاديمي ) saad المجلس العــــــام 6 24-11-2006 08:54 AM
بن لادن سيعود للظهور عندما يهاجم الولايات المتحدة مجددا saad المجلس السياسي 2 11-10-2005 11:19 AM
نص الاتفاقية التجارية مع الولايات المتحدة.. إجحاف كبير في حق المملكة!! saad المجلس السياسي 5 18-09-2005 02:11 PM

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 09:00 PM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع