مجالس العجمان الرسمي - كل جمعة.. الدوحة عاصمة آسيوية!

كل جمعة.. الدوحة عاصمة آسيوية!
محمد صبرة :

http://www.islamonline.net/servlet/S...&ssbinary=true
أحد تجمعات العمال الآسيويين

الدوحة - لتعرف الدوحة بصورة مختلفة، ما عليك إلا الذهاب إلى أسواقها ومتنزهاتها وكورنيشها يوم الجمعة.. فستشعر وكأنك في عاصمة دولة آسيوية لا عربية.. ستظن أنك في الهند أو نيبال أو فيتنام أو باكستان أو بنجلاديش.
أما السبب فهو أن شوارع العاصمة القطرية تعج بعشرات الآلاف من العمال الآسيويين، وقليل من الإفريقيين، طيلة يوم العطلة الأسبوعية، في مشهد مميز في بلد يقطنه قرابة المليون ونصف المليون نسمة، معظمهم أجانب يتجاوز العمال الآسيويون نصفهم.

فالهنود والبنغال والنيباليون والفيتناميون والباكستانيون والمصريون، وغيرهم، يجدون في هذا اليوم متنفسا من تحكم أرباب العمل (الكفلاء)، فينطلقون على غير هدى خارج مساكنهم المتواضعة التي تأويهم طوال الأسبوع.

المفترض أن أصحاب المتاجر والمجمعات الاستهلاكية يسعدون بتردد عشرات الآلاف من العمال على محلاتهم بعد عصر العطلة الأسبوعية.

لكن الواقع ليس كذلك؛ كون المترددين عليهم يعطلون حركة البيع والشراء، فهم يشاهدون البضائع ولا يشترونها، ويزاحمون الراغبين فى الشراء الذين ينصرفون أحيانا إلى متاجر أخرى أو يعودون إلى منازلهم.

هذا الوضع دفع الخبراء في التسوق إلى تقديم نصيحة لجمهور المستهلكين بعدم الذهاب إلى الأسواق يوم الجمعة إلا للضرورة القصوى، تجنبا للزحام وأحيانا مضايقات بعض العمال الآسيويين.

وأدركت مجمعات استهلاكية كبرى، مثل "السيتي سنتر"، هذا الوضع، فمنعت دخول "العزاب" يوم الجمعة، وسمحت بدخول الأسر، في قرار ظاهره إتاحة الفرصة أمام العائلات للتسوق مجتمعة، وباطنه منع العمال الآسيويين من الدخول.

غير أن القرار لم يحد كثيرا من دخول "العزاب"؛ كون كثير منهم يرافقون الأسر بصفتهم خدما وسائقين، ومن ثم لا يمكن منعهم.

علي أكبر خان بائع باكستاني في متجر أقمشة شهير بسوق الجبر وسط الدوحة يقول لمراسل "إسلام أون لاين.نت": "لا أحب يوم الجمعة، ليس لأني لا أحصل على إجازة كباقي الموظفين، ولكن لأن المتجر في هذا اليوم يشهد أكبر عدد من الزائرين وأقل عدد من المشترين".

ويمضي واصفا الوضع "جنبات المتجر تمتلئ بآسيويين وآسيويات يتجولون وينظرون إلى السلع ثم يخرجون كما دخلوا أيديهم فارغة".

دولارات قليلة

العمالة التي تملأ شوارع الدوحة كل جمعة كنحل خرج من خلاياه أكثرها من العاملين في سوق المعمار والحفر ورصف الشوارع والخدمة بالمنازل والمكاتب والشركات وقيادة السيارات، وجميعها أعمال تحتاج مجهودا كبيرا وعائدها قليل.

وهو ما يوضح أن عدم تسوقهم ليس عن زهد، بل لعدم امتلاكهم ما يتسوقون به، فهم الأكثر عددا والأقل أجرا بين العمالة الموجودة في قطر، إذ يتراوح دخل أحدهم ما بين 150 إلى 200 دولار أمريكي لا أكثر.

هذه الدولارات في عاصمة خليجية تكفي بالكاد لشراء وجبات الإفطار والغداء والعشاء ودفع إيجار سكن جماعي، ولا يفيض منها للادخار إلا القليل.

وبينما يبدو راتب 200 دولار متدنيا في قطر فإنه يصبح مبلغا ضخما عند تحويله إلى العملة الهندية والنيبالية والفيتنامية والبنغالية، فهو "يقارب راتب وزير"، كما يقول راج كومار، وهو سائق هندي لدى أسرة أحد الوجهاء القطريين.

ويسكن كومار ويأكل مجانا في منزل كفيله، ويحول ثلثي راتبه إلى أسرته، وهو سعيد بهذا الدخل المتدني في قطر.. المرتفع في الهند، بدليل إقامته في الدوحة مدة قرابة العشر سنوات.

"كروة".. المستفيد الأكبر

أكثر المستفيدين من خروج العمالة الآسيوية من أعشاشها كل يوم جمعة هي شركة مواصلات قطر، الشهيرة بـ"كروة"، فلكونها شركة النقل والأجرة الوحيدة في قطر، تنتفع وحدها بعائد نقل مئات الآلاف من العمال من مناطق سكنهم إلى الأسواق كل عطلة أسبوعية.

أحمد الأنصاري مدير التسويق في "كروة"، يقول لـ"إسلام أون لاين.نت": إن "حافلات وسيارات الشركة تنقل أزيد من 120 ألف راكب كل يوم جمعة، وهو رقم مضاعف قياسا بباقي أيام الأسبوع".

دور السينما التي تعرض أفلاما هندية تستقطب عددا كبيرا من الرواد يوم العطلة الأسبوعية، وتحظى "سينما الخليج"، وهي الأقدم والأشهر في الدوحة، بأكبر عدد من الزوار، حيث يصطف روادها في طوابير طويلة للحصول على تذاكر إحدى حفلاتها الممتدة طيلة اليوم.

ويجد العمال في يوم الجمعة فرصة ليرسلوا بخطابات للأهل وإجراء مكالمات دولية رخيصة الثمن من مقاهي الإنترنت، ولقاء الأصدقاء، والتنزه في الحدائق، وعلى الكورنيش.

أسواق صغيرة
http://www.islamonline.net/servlet/S...&ssbinary=true
سلع صغيرة وربح كبير

بعضهم يستثمر تجمعات بني جنسياتهم كل جمعة في نصب أسواق صغيرة تشبه سوق "الإمام الشافعي" الشهير في القاهرة، حيث يبيعون سلعا صغيرة الحجم كبيرة المكسب، كأجهزة الهواتف الجوالة والساعات والعطور والبخور والجوارب وأدوات الزينة والنظارات والأسطوانات المدمجة.
ولا يحتاج أحدهم أكثر من قطعة قماش يفترشها على الأرض في مساحة متر في متر بأحد الأماكن المزدحمة، ليعرض ما لديه من بضاعة مغشوشة أو مقلدة أو منسوخة، وبخاصة الأسطوانات المدمجة المسجل عليها أفلام وأغان هندية، وهي الأرخص والأكثر بيعا؛ إذ يربح البائع من ورائها ما لا يقل عن عشرة دولارات يوميا.

وتبدو أجهزة الرقابة القطرية في موقف المراقب لحشود العمال التي تملأ شوارع العاصمة يوم الجمعة، فهي لا تؤيدها ولا تمنعها، وتترك لهم متنفسا للترويح عن أنفسهم يوما في الأسبوع.