قصتي مع هذا البيت

[ابومحمد الشامري]

كانت قصتي هذه في البحث عن قائل هذا البيت وهو:

لقد أسمعت لو نـاديت حـيا=ولكن لا حياة لمن تـنـادي

كان احد الاصدقاء سالني عن هذا البيت وهو طالب دراسات عليا في مصر تخصص لغة عربية واسم رسالته ( مسائل سيبويه النحوية ) فسالني عن هذا البيت السالف الذكر فقال لي هل هذا البيت للمتنبي؟ فقلت له لم اقرا للمتنبي هذا البيت ولم يمر علي انه قائله امهلني بعض الوقت لكي ارد عليك وكنت في بداية الامر اشك في ان قائل هذا البيت هو عمرو بن معد يكرب حيث اثرت هذه النقطة في النقاش عند سؤاله عن هذا البيت لان قصيدة عمرو نفس روي وبحر هذا البيت حيث قال عمرو:

أريد حباءه ويريد قـتـلـي=عذيرك من خليلك من مرادي

هذا البيت والذي يليه من الابيات عندما ينظر لها القارئ يتبادر الا ذهنه ان البيت الذي ابحث عنه هو من قول عمرو بن معد دون غيره فقلت في نفسي ليس الخبر كالمعاينه فقمت بالاطلاع على قصائد عمرو بن معد يكرب في كثير من امهات الكتب في الادب ولكن دون فائده فلم اجد اثرا لهذا البيت وهو:

لقد أسمعت لو نـاديت حـيا=ولكن لا حياة لمن تـنـادي

وفي النهاية ومع اطلاع دام شهرا وجدت انا هذا البيت لكثير عزه:

فما قصة ابيات عمرو بن معد التي اوهمتني بانها ضالتي التي كنت ابحث عنها لمعرفة البيت السابق؟
عمرو بن معد مع ابن اخيه عبدالله واسمه ( أُبي )
كان عبد الله بن معد يكرب، اخو عمرو، رئيس بني زبيد، فجلس مع بني مازن في شرب منهم . فتغنى عنده حبشي عبد للمخزم، احد بني مازن، في امرأة من بني زبيد، فلطمه عبد الله وقال له: اما كفاك أن تشرب معنا حتى تشبب بالنساء? فنادى الحبشي: يا آل بني مازن! فقاموا إلى عبد الله فقتلوه، وكان الحبشي عبداً للمخزم، فرئس عمرو مكان اخيه، وكان عمرو غزا هو وأبيُّ المرادي فأصابوا غنائم، فادعى ابيُّ أنه قد كان مسانداً، فأبى عمرو أن يعطيه شيئاً، وكره أبيُّ أن يكون بينهما شر، لحداثة قتل أبيه، فأمسك عنه. وبلغ عمراً أنه توعده، فقال عمرو في ذلك قصيدة له أولها:

أعاذل شكتي بدني ورمحي= وكل مقلص سلس القـيادي
أعاذل إنما أفنى شـبـابـي= وأقرح عاتقي ثقل النجـادي
تمناني لـيلـقـانـي أبـي=وددت وأينما منـي ودادي
ولولاقيتني ومعي سلاحـي=تكشف شحم قلبك عن سوادي
أريد حباءه ويريد قـتـلـي= عذيرك من خليلك من مرادي

مراد: فرع من قبيلة زبيد.
وتمام هذه الأبيات:

تمناني وسابـغـتـي دلاصٌ= كان قتيرها حدق الـجـرادي
وسيفي كان من عهد ابن صد(ن)= تخيره الفتى من قـوم عـادي
ورمحي العنبري تخال فـيه= سناناً مثل مقبـاس الـزنـادي
وعجلزة يزل الِّلبدَ عـنـهـا=أمر سراتها حلق الـجـيادي
إذا ضربت سمعت لها أزيزاً=كوقع القطرِ في الأدَمِ الجلادي
إذاً لوجدت خالك غير نكـس(ن)=ولا متعلما قتـل الـوحـادي
يقلب للأمور شر نـبـثـات(ن)=بأظفار مغـارزهـا حـِدادي

اما مناسبة هذا البيت الذي كنت ابحث عنه فوجدته في كتاب معجم البلدان لياقوت الحموي:

قال كثير يرثي صديقه من بني اسدٍ:

عداني أن أزورك غير بغضٍ=مقامك بين مصفـحةٍ شـدادي
وإني قـائل إن لـم أزُرْهـم=سقَتْ دِيَمُ السوَاري والغوادي
بوجه أخي بني أسدٍ قنَـوْنـا=إلى يبةٍ إلى بِرْك الغِـمـادي
مقيم بالمجازة من قـنـونـا=وأهلك بالأجَيْفر فالـثِـمَـادي
فلا تبعد فكل فتى سـيأتـي=عليه الموتُ يطرُقُ أو يغادي
وكـل ذخـيرة لا بـدَ يومـاً=وإن بقيَتْ تصير إلى نـفـادي
فلو فُودِيتَ من حدثِ المنـايا= وَقَيتُك بالطريف وبالـتـلادي
تعز عليَ أن نغدو جمـيعـاً=وتصبح بعدنا رَهنـاً بـوادي
لقد أسمعت لو نـاديت حـيا=ولكن لا حياة لمن تـنـادي
ولو نارا نفخت بها أضاءت= ولكنك تنفخ في رمادي

كتبه ابو حمد الشامري