بطاقة تشهير /
هذا هو الشابّ الطموح ,, "عليانّ" ...!
ذو المنكبين العريضين "الهزيلين حقيقةً " .,,
وحيد والديه ,, "الفخورين جداً" .. بغشه في الثانوية العامه ,,
وطموحه اللامنتهي..للحصول على شهادة .. من كلية الهندسة ..!
تركه والده ,, حين غاب عن الدنيا .. في صيفٍ حارَِ "الدموع" ,,
وبكت والدته زوجها ,, بحرقةِ الرياض الصيفية ,,
لم تكن الكلمات في الأعلى سوى بطاقة "تعريف/تشهير" .. بالشخصية البطلة ,,
"عليانّ " ,,
.:. .:. .:. .:. .:.
رمى الخرقة التي يضعها فوق رأسه ,, ويتظاهر بتسميتها "شماغ "
.. فوق مقاعدة صالة المعيشة ..
وفي وهن بالغ .. رمى الملف الأخضر .. أيضاً ..
في بلادي ياسادة .. يتداول الشباب .. ملفاً أخضراً.. لحبهم لهذا اللون ,,
لأجل لون الأمل ..
ولأن الوظائف في بلادي شاغرة
.. كان الأمل !!
حالياً يفكر جميع الشباب باستبدالها بالأسود ,, فهو اللون الانسب لقياس مدى تفاؤلهم .. !
عودة للقصة فإن المشهد ..يعاد..كما يعاد في كل منزلٍ ,, يحضن شاباً نبيلاً ! كـ عليانّ !
- لقيت شي ياوليدي ؟ -
.. يظهر علامات الاستياء/الأمل الكاذب ,, وينطق بلهجته الخشنة ,,
- وين غداي ؟ ,,
إنه عليانّ ,, الطموح ,, بالنسبة المشرفة .. لوالديه .. وببطاقة تشهير جديدة ,,
.:. .:. .:. .:.
لم يفكر يوماً في الاهتمام بهواية معينة ,, أو بالبحث عن عمل يقبل شهادته الثانوية ,,
كان جلّ تفكيره .. ينصب على مقعد جلدي.. "دوارّ" ..
سكرتير ,, يقدم خدماتٍ من الطراز الأول ,,
وسيجارة..تسدُ فهمه ... عن قول أي شيء....!!
عن إصدار أي قرار...,
ويعيش..
ليعول أسرة ,,
ويسد فمه بلفافة ورقية خرقاء ,,
ويصدر الدخان المؤذي ,,
ويوقعّ...يوقعّ...يوقعّ...!
.
.
أفاق هذه المرهّ على كلمة التوقيع !.. ولكنه صوتّ خالد القادم من بعيد !! من بعيد !! بالرغم من انه يجلس أمامه !
- "والله ياعلياّن لو تطير وتوقعّ .. منتب لاقي وظيفة مثل اللي تبي " ..!
- أوقعّ ؟
أعاد رفيقه الجمله .. ليستوعبها الآخر .. لأنه يعلم انه للتو أنتفض من حلمه المستيقظ .. !
- "لوتطير وتوقعّ" ...!!
- آها !
.:. .:. .:.
بعد جلستهما معاً..أشار الرفيق الحميم ,, لعليانّ.. بالسفر ..لمدينة الأحلام !
ليكتسب لغة وعلم .. لايجاريه فيها أحداً هنا ..!
تخمرت ,, تخمرت ,, كما عجائن الكعك تلك الفكرة !..
صارح بها العجوز والدته ,,
ولقلة حيلتها المسكينة ..وافقت !
المهم ..أن ترى فلذة الكبد "عليانّ" يرفل في اثواب السعادة ,,
" يدرس ويتوظف ويصرف علينا ونخطب له بنت الحلال اللي تسعده " ..
كانت تلك امنيتها ,,
المسكينة~..!
.
.
.:. .:. .:. .:.
نزعت مافي جيدها من قطع ذهبية قديمه ,, باعتها بثمن بخس..نزعت خواتهما القديمة .. وعملت الشيء نفسه ,,
حملت صكوك محل قديم لوالده ,, وباعته بنفس الثمن بذاته !
.. "بالبخس" !
وحان الموعد ... لم يدرِ ماللذي يفعله بأمه ..!
فأخذها معه ,,
وربما .. ليضحك نفسه .. عليها ,,
المسكينة~..!
.:. .:. .:.
"الخبلة فشلتنا " ...!
نطقها لامبالاة .. حين رآها تلتقط من مبيعات الطائرة علبة السجائر..ذات اللون القاتم ..
"خبلة"..! كـررها ,, !
كان يحسب لنيتها ألف حساب ... ماللذي تريد فعله بهذه السجائر ؟ ,,
لكنه .. أعاد صدره المنتفخ لمكانه ,, حين رآها تعيدها..
المسكينة~ !
كانت تحسبها حلوى الشوكولاة ..!
نهرها.. حين أخبرته بأنها تريد الحلوى له ,,
لـ تدللـه ..!!
دلالاً لايستحقه الوغد ~ !
,
,.
المسكينة ,,
.:. .:. .:.
على أرض الغِربان ,, حطت طائرتهم رحالها ,,
.
.
على أرضٍ .. أفسدها العرب ,, !
أفسدها الشباب الضائع ,,
شباب من كل أقطار العالم ..
ليس فساداً بيناً...
وإنما يختبئ .. حتى بين الحجرات ..!!
صمت الحجرات !
.
.
كانت في كل ليلة .. يخلد هو لغرفته المجاورة في الفندق ..
تتسلل هي لغرفتها ,, بعد أن تتوضأ ..
بأنحناءة الشيخوخة ,,
تصلي..تصلي ...
وتدعو ,,
داء العظام ينخر جسدها الكهل ,,
وتصلي ,, وتصلي...!
بينما في الجدار المجاور ,, يركن جسد عليانّ العفن على الكرسي ..
يضرب على الطاولة ..
يضرب/يطرق/كالمجنون ,,
يغني/يرقص/ويكمل قرعه .. كما يُقرعُ
على الطبول ,,
يغني بأهازيجٍ غير مفهومةٍ بالنسبة لها ,,
بلهجةِ الثَمِلِ ,, يكمل الغناء..!
والشقراء تتمايل.. !
يمنة وشمالاً ..
تغني له بلهجتها ,, !
تنتظره حتى ينام من كثرةِ الشُربِ !..
تلهف كل المال..!
وتهرب في كلِ ليلة ..!!
.:. .:. .:.
.
.
لم يكنّ ليؤنس وحشة هذه المرأه ,, سوى صوت جارتها القديمة في الرياض ,,
الآتي من بعيد عبر أسلاك الهاتف التعِسه ,,
- "هلا والله يمي..هلا والله يابعدي يم سعد ,, حنا بخير ونسأل عنكم ,, ولدي عليانّ بخير..ويدرس زين..حتى أني أصحيه الصبح .. وبالياله يقوم..يابعد حيي وميتي هو ..يذاكر بتالي الليول ..ويصلي ويدعي يالله انك توفقه"
- "الحمدلله الحمدلله طمنتينا عليه .. هاه ,, عساكم مرتاحين يم عليانّ..؟ "
- " والله الحمدلله يم سعد مثل ماقلت لتس .. بخير وبنعمة وعليانّ شاد حيله لولا الله يهديهم جيراننا من ذا الشقر
.. صاجينا ولاجينا بطقطقتهم كل ليلة ماخلوا ولدي يذاكر.. الله لايعيدهم من جيران"..!
.
.
.
ألم أقل لكم ,,
مسكينة !!
.
.
"مسكينة في بلدِ الغِربان...!!"
منقوووول