الحكومة أحالت مرسومين بالتوزيع العشري للدوائر والتصويت بالبطاقة المدنية وخلطت الأوراق .. وكتلة الـ 29 تنشق .. ووزراء لا يعرفون توجه الحكومة!
انشقاق أنصار «الخمس».. والسعدون يستجوب رئيس الحكومة!
كتب محمد السلمان ويوسف النصار ومحمد الخالدي ( الوطن ) :
وسط تصاعد الحديث عن المخاوف من عدم دستورية قانون الانتخاب الجديد الذي يدفع نواب بالحكومة الى اقراره رغم الشبهة الدستورية المحيطة به لتمييزه بين الناخبين وتجاوزه معايير العدالة والمساواة، يبدو ان الحكومة حسمت امرها بقبول مبدأ احالة القانون الى المحكمة الدستورية وذلك اذا طرح الامر على الجلسة المقررة غداً الاثنين.
وتصاعدت المؤشرات على ان «الطبخة اختربت» خصوصاً في ظل مؤشرات على تصدع وانشقاق في جبهة النواب الداعين الى تغيير الدوائر حسب التقسيمة العشرية التي اقرتها الحكومة «اقرأ الجدول على الصفحة»، والتي اعلنت عنها امس على لسان وزير الدولة.
وفي وقت روجت فيه اطراف نيابية وحكومية ومن بينها رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي بعدم اعتبار جلسة الغد هي جلسة الحسم لموضوع الدوائر بشكل قاطع استعدادا لمنح الجميع فرصته «أو خط رجعة» بحثا عن اي بدائل ممكنة، بدا الوضع داخل الحكومة غير واضح وهو ما دفع الخرافي الى مطالبة الحكومة بضرورة ان تحسم امرها فيما يتعلق بالبدائل او الطلبات التي قد يتم تقديمها خلال مناقشة الموضوع في جلسة الغد والتي ستشهد وفق الخرافي طرح اكثر من بديل منها منح اللجنة المختصة فرصة لاعداد تقريرها في تصور الحكومة والمقترحات النيابية الجديدة، وان القرار سيكون وفق ما تراه الاغلبية، الى جانب حسم مدى دستورية تصور الحكومة.
لكن الخرافي حذر من تعرض النواب لبعضهم البعض ومن الاساءة والتجريح من خلال اختلاف الآراء، داعيا للالتزام بالنظام ومساعدة الرئاسة على ادارة جلسة الغد.
ومن جانبهم جهز النواب المستقلون طلبا وقع عليه عشرة من اعضائهم لتقديمه خلال جلسة الغد يطلبون فيه احالة مشروع الحكومة الى المحكمة الدستورية لمخالفته مبادئ الدستور في العدالة والمساواة بين المواطنين من خلال توزيع الدوائر الانتخابية وكلف المستقلون النواب طلال العيار وصالح عاشور وجمال العمر طلب نقاط النظام خلال الجلسة للاعتراض على مشروع الحكومة اذا وجد طريقه للتصويت عليه، فيما تحدث نواب من المستقلين عن ان الحكومة رفضت سحب مشروعها اذ وجد من يعترض عليه من النواب وقررت ترك القرار لاغلبية اعضاء المجلس.
وكان رئيس مجلس الامة جاسم الخرافي قد تسلم امس من الحكومة مرسومان بقانونين نقلهما نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلسي الوزراء والامة محمد شرار برقمي 135 و136 لسنة 2006 بشأن مشروع الحكومة بتقسيم الكويت الى عشر دوائر انتخابية لعضوية مجلس الامة، وقرر المشروع ان تنتخب كل دائرة العدد المبين كقرين كل منها، على ان يكون لكل ناخب حق الادلاء بصوته في الدائرة المقيد بها وذلك بما لا يزيد عن نصف عدد الاعضاء المقرر لدائرته، والا اعتبر صوته باطلا، بحيث تنتخب كل من الدوائر الاولى والثانية والثالثة والرابعة والعاشرة ستة اعضاء للمجلس وكل من الدائرة الخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتاسعة اربعة اعضاء للمجلس.
وقالت الحكومة في مشروعها انه روعي فيه عدة اعتبارات تقتضيها العدالة وعدد الناخبين في كل دائرة، مشيرة الى انها بحثت كل المقترحات وانتهت الى ان افضلها هو تقسيم الكويت الى عشر دوائر انتخابية، حيث اعد الاقتراح من خلال تبني تجميع كل من الدوائر الصغيرة في دائرة واحدة كبيرة، باعتبار ان هذا المقترح هو الافضل الذي يتفق مع المعايير والمبادئ المعتمدة في اختيار البديل الامثل لتعديل الدوائر ويقضي على السلبيات القائمة في النظام الانتخابي الحالي.
البطاقة المدنية
وجاء في المشروع الحكومي الثاني وجوب ان يتولى كل ناخب حقوقه الانتخابية بنفسه في الدائرة الانتخابية التي بها موطنه الانتخابي، من خلال اعتماد الموطن الثابت في سجلات الهيئة العامة للمعلومات المدنية في ممارسة عملية التصويت في انتخابات مجلس الأمة، بحيث يعتد بالموطن الثابت كما هو وارد في البطاقة المدنية، ويقصد به القيد الذي يتم لأول مرة بعد العمل بالقانون.
واعتبرت اوساط نيابية اقران الحكومة لمشروع توزيع الدوائر بمشروع التصويت بالبطاقة المدنية بأنه يهدف الى ارضاء بعض الاطراف التي قدمت اقتراحا للتصويت وتحديد العناوين بالبطاقة المدنية للقبول بالمشروع «كصفقة واحدة»، لكن اوساطا قالت ان الحكومة تهدف الى تحقيق العدالة للجميع بعد ان تم تقييد النساء في الجداول الانتخابية عن طريق العناوين في البطاقة المدنية.
ولدى تسليمه المرسومين الى رئيس مجلس الأمة أمس رفض نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلسي الوزراء والأمة محمد شرار التعليق على الحملة التي يقودها بعض النواب للطعن في دستورية مشروع الحكومة لتقسيم الدوائر، فيما نفى ان تكون الحكومة قد نسقت مع القوى السياسية في شأن المشروع، لكنه اكد التزامها بمشروعها، وان المجلس هو صاحب القرار النهائي.
واكتفى شرار في رده على اسئلة الصحافيين بالمجلس امس حول مدى وجود شبهة دستورية في مشروع الحكومة بالقول «السلام عليكم... السلام عليكم!».
الغاء اجتماع المؤيدين
وفي السياق ذاته اعلن النائب محمد المطير عن الغاء المهرجان الخطابي المقرر عقده مساء اليوم بديوانيته لكتلة النواب الـ 29 المؤيدة لتقليص الدوائر الانتخابية مبررا ذلك حتى يتسنى للاعضاء التشاور وتبادل وجهات النظر حول ما سيطرح في جلسة الغد الاثنين.
وقد قررت كتلة النواب الـ 29 عقد اجتماع تشاوري مساء اليوم في ديوان النائب محمد الصقر لتبادل وجهات النظر حول تراجع الحكومة عن تقديم مقترح الدوائر الخمس وتقديمها رسميا مشروع الدوائر العشر، وقالت مصادر نيابية ان المجتمعين سيحاولون الخروج برأي موحد تجاه هذا الامر، مشيرة الى ان التوجه العام هو تأييد هذا التصور الحكومي العشري بعد تسرب «رائحة» تراجع حكومي عن الجدية في موضوع التعديل، مؤكدة ان اعضاء الكتلة لن يصوتوا مع الحكومة او غيرها عند طلب التأجيل وسيقفون معها فقط اذا اتضحت جديتها في اقرار الصيغة التي قدمتها.
وقال نائب ليبرالي طلب عدم نشر اسمه «لن نتنازل عن الدوائر الخمس وسنظل متمسكين بها حتى الرمق الاخير» ولن «نتزحزح» عن هذا المطلب الا اذا اتضح صدق الحكومة في دعمها لمشروعها العشري فنحن نخشى ان نترك الخمس دوائر من البداية فنخرج «أصفار الايدي».
انشقاق
وقد برزت حالة من الانشقاق في صفوف انصار تقليص الدوائر الانتخابية تهدد بانفراط عقد تحالفهم، ففي وقت تمسكت فيه الحركة الدستورية الاسلامية بموضوع النسبة والتناسب في توزيع الناخبين وتقسيمة الدوائر كالت الحركة السلفية تهما للقوى السياسية «لتراجعها ونكوصها» عن دعم الدوائر الخمس.
واعتبر الناطق باسم الحركة السلفية بدر الشبيب اجتماع القوى السياسية الذي عقد امس الاول وصدر عنه بيان، بأنه لا يمثل جميع القوى السياسية وان ما دار خلاله انما هو من قبيل التراجع والنكوص عما كان مقررا بدعم الدوائر الخمس.
وبين الشبيب في بيان له ان الحركة السلفية لا تزال متمسكة بالعدالة والمساواة المتمثلة في جعل الكويت دائرة واحدة كبوابة للاصلاح السياسي فان لم يكن فالخمس المتفق على دعمها من جميع القوى، مشيرا الى ان الحركة السلفية لا دخل لها باجتماع امس الاول للقوى السياسية وان ما يخرج عنه من توصيات او بيانات انما يمثل من حضروه فقط، وان التاريخ والشعب الكويتي يسجلان في هذه الفترة عملية التكسب والتهريج السياسي الذي يقوم به الداعون لمثل تلك التجمعات.
ومن جانبه حذر النائب باسل الراشد من تحويل جلسة مجلس الامة غداً والخاصة بتعديل الدوائر الى ساحة هرج وصراخ كما حصل في جلسة الدوائر الماضية من قبل بعض النواب، وقال في بيان له ان الجميع يتابع سلوكنا وتصرفاتنا ومن غير المقبول واللائق تشويه سمعة الديموقراطية الكويتية العريقة بل يجب ان نكون قدوة بالخلق لابنائنا واجيال الكويت.
كما حذر الراشد ايضاً السلطة التنفيذية من الوقوع في مأزق من خلال تقديمها لتصور للدوائر يكون معلوما مسبقاً لديها عدم قبوله من اكثرية النواب المؤيدين لتقليص الدوائر.
المحكمة الدستورية
وليل امس عاد الحديث بقوة لاحالة مشروع الحكومة للمحكمة الدستورية من خلال توافق نيابي بين المستقلين وبعض النواب بهدف تشكيل الاغلبية اللازمة لنجاح هذا التوجه، وكان رئيس المجلس جاسم الخرافي قد اعتبر طلب الاحالة للمحكمة الدستورية يحتاج الى اغلبية عادية 33 عضواً وليست اغلبية خاصة، لافتاً الى ان مجلس الامة كان اتخذ قرارا بمناقشة مشروع الحكومة اذا لم تستطع لجنة الداخلية والدفاع انجاز تقريرها بهذا الشأن، مؤكداً ضرورة منح اللجنة البرلمانية الفرصة لمناقشة مشروع الحكومة وتقديم تقرير فيه حتى اثناء سير الجلسة.
هذا وقد اجرى نواب ليل امس اتصالات مع وزراء لفهم الوضع داخل الحكومة حول الدوائر فأكدوا لهم ان مجلس الوزراء سيخصص جزءاً كبيراً من جلسته اليوم لوضع التكتيك اللازم حول تعديل الدوائر، لكن بعض النواب نقلوا عن وزراء «انهم لا يعرفون الى اين تتجه الحكومة حتى الآن».
وفي موضوع آخر اقرت اللجنة التشريعة والقانونية البرلمانية امس اقتراحا بقانون نيابي يقضي بزيادة عدد اعضاء المجلس البلدي الى 30 عضواً والغاء التعيين في عضوية المجلس البلدي، بحيث تمنح كل دائرة 3 مقاعد وان يطبق القانون في الانتخابات المقبلة، وتقرر احالته للجنة المرافق المختصة حسب تصريح لمقرر اللجنة التشريعة د. وليد الطبطبائي.
في ندوة جماهيرية مساء امس بعنوان«انصفوا الجهراء» اقامها خضير العنزي، قال النائب د. عواد برد ان بعض المتنفذين ينظرون الينا كمواطنين من الدرجة العاشرة. مطلقا عليهم «الجاهلون الجدد» ووصف مشروع القانون الحكومي بانه مشروع طبقي يجعل الكويت في تقسيمة جاهلية، لافتا الى انه لا توجد عدالة في توزيع الناخبين وان الحكومة اتت بمشروع غير منصف يمايز بين المواطنين، وقال يريدون التفريق بيننا وبين المناطق الداخلية، «كأننا هنود حمر»!.
ومن جانبه اعرب النائب د. محمد البصيري عن استعداده للتضحية بكرسيه النيابي من أجل الاصلاح شريطة ان تقلص الدوائر، مشيراً الى انه يدفع نحو جعل الكويت دائرة واحدة حتى لو تضرر شخصيا من هذه التوزيعة لان مصلحة الكويت فوق كل اعتبار والقضاء على الفساد واجب على جميع النواب.
وقال طلال العيار ان توزيع الدوائر الانتخابية المقدم من الحكومة بلا عدالة ويتنافى مع مبدأ تكافؤ الفرص وهو مبدأ دستوري لا يجب ان تحيد عنه الحكومة، مشيراً الى وجود تفاوت كبير ففي الجهراء 36 الف ناخب منحوا 4 نواب وفي شرق 16 الف ناخب ولديهم 6 نواب فهل هذه هي العدالة التي تراها الحكومة، ولماذا كل هذا التمايز بين المواطنين؟.
وفي الندوة التي عقدت لدى النيباري امس اعلن احمد السعدون نيته استجواب سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد وذلك إذا صوتت الحكومة مع احالة قانون الدوائر الى المحكمة الدستورية.
تاريخ النشر: الاحد 14/5/2006