بسم الله الرحمن الرحيم
عود حميد يا العدوة
ما أن أصدرت المحكمة الدستورية حكمها النهائي الذي حمل إلينا بشارة عودة نائب وطني من الدرجة الأولى ، صاحب تاريخ سياسي ناصع ومشرّف ، النائب ( خالد العدوة ) إلا وصار حكمها هذا صفحة خالدة تضاف لتاريخ القضاء الكويتي النزيه ، فلا مجال هنا للمحاباة السياسية ولا للنفاق الشعبي ، الأرقام الحقيقية المعبرة عن إرادة الأمة الكويتية هي وحدها صاحبة القرار الأول والأخير في اختيار أعضاء مجلس الأمة ، لم تعد هناك صدور تتسع للتلفيق ، كما لم تعد هناك أوقات لمحاباة بعض المرشحين على غيرهم لتكسيح وصول أفراد يمثلون صداعًا دائمًا لرأس الحكومة ، ولم يعد هناك مجال للخروقات القانونية التي تشوب العملية الانتخابية الكويتية ، دون أن تبادر الحكومة باتخاذ الاجراءات اللازمة لنزاهة وشفافية العملية الانتخاب.
إن النجاح النيابي لا يتحقق إلا بالاقتراب من نبض الشارع وحمل همومه وقضاياه ، وفتح الملفات التي باتت خطًا أحمر في حافظة الحكومات ، من حق الأمة أن تقول " لا" وأن تعارض أي سياسة لا تحقق مصالحها ، من حق الأمة أن يكون نوابها رجالاً صدقوا ما عاهدوا الأمة عليه ، لا من تلك الفئة التي تتمسح بالكرسي وتسعى لتحقيق مآرب أخرى من وراء المنصب والتمثيل النيابي ، وللأسف صاركثير من نوابنا أصفارًا ، يتساوي حضورهم وغيابهم ، كلامهم وصمتهم ، أما خالد العدوة فهو معدن مغاير ، إن وافقته في الرأي أتحفك وثبتك ، وإن خالفته في الرأي فهو يملك من الشجاعة وأدب الحوار ما يجعلك ترسم بسمة الرضا على وجهك رغم حالة الاختلاف.فهو رقم صعب وعتبة برلمانية عالية منذ حضوره الأول في مجلس 1992 ، وصناعة التاريخ ليست إلا للأبطال ، وأحسب أن العدوة واحد من هؤلاء الذين بنوا هرم نجاحهم على قاعدة عريضة من العطاء الوطني وصدق المواقف الشعبية ، والوفاء بتعهدات اللسان ، وقد تنسى الأمة بعض ذكرياتها أو تخونها الذاكرة أحيانًا ، لكن المواقف داخل قاعة عبدالله السالم لا يمكن نسيانها، فالتاريخ يدون، والمضابط تسجل ، والأمة تشهد وتراقب ، وتحب وتكره ، وتختار وتذر.
خالد العدوة ليس طالبًا في سنة أولى برلمان ، بل هو سياسي متمرس استأمنته الأمة الكويتية على عقول أبنائها حينما تم انتخابه عضوا في لجنة شؤون التعليم والثقافة والإرشاد 1992 م ، واستأمنته على أمانة خدمتها ونيل شرف رعايتها حينما تم انتخابه عضوا في لجنة المرافق العامة لمجلس الامة 1992م ( دور الانعقاد الثاني والرابع ) ، كما استأمنته الأمة الكويتية على أمنها القومي حينما تم انتخابه عضوا في لجنة تقصي حقائق الغزو العراقي للوطن الحبيب .
هناك آمال كثيرة معقودة على العدوة وعلى تاريخه الوطني المشرف فالأمة الكويتية كلّفته أكثر مما شرّفته ، والتكليف والتشريف سيجدان _ ولا شك _ مكانهما عند العدوة ، الذي سبق وانتقد السلطتين بوصفهما لم يقدما اي شيء لمسيرة الديموقراطية ، وسبق له وانتقد نوابًا عديمي الخبرة ، تجربتهم محدودة يريدون في ظل هذا الضياع أن يسجلوا نقاطا لمصلحتهم على حساب استقرار البلد والعلاقة ين السلطتين، نذكر العدوة وإخوانه من البرلمانيين بهذه المواقف ، وتلك التصريحات ، ونبرز لهم هذه الصفحات كي نرى منهم مواقف جادة ، وتفكيرًا وطنيًا ناضجًا ، يسائل المسئول ، ويحاسب المفرط ، ويتتبع المخطىء ، ويفكر في هموم الكويتيين ، ويضع أمانة الله التي استودعه إياه على شعبه ووطنه أمام ناظريه.
إن المسيرة الكويتية ما عادت تسير في اتجاهها الصحيح ، ولا بد من رجالات وقيادات تعدّل من خط السير ، وإلا غرقت السفينة بمن فيها ، الوطنيّ والدعيّ ، المخلص والأفاق ، فرسان الحق وخفافيش الظلام ، هذه رسالة للعدوة ولكل نائب شريف كي ينهضوا بالأمة الكويتية كما نهضت الأمة الكويتية بهم.
مبارك لخالد العدوة ، التاريخ والإنجازات ، مبارك يوم أن احتفت بك العدالة الكويتية في أرقى محافلها الدستورية واعترفت بك نائبًا ووكيلاً عن الأمة الكويتية ، مبارك لك يوم أن عدت لقاعة عبدالله السالم وعلى كرسيك الأخضر كي ترفع صوتك بآلاف الأماني والأمنيات والطموحات التي من أجلها اختارتك أمتك ووضعت فيك ثقتها ، وليست لأول مرة ، ومبارك على الكويت قضاؤها النزيه المستقل الذي لا يحمي إلا الحق ولا يسعى إلا إلى الحقيقة.
م / حمد العصيدان .... كاتب سياسي في جريدة الرؤية وأكاديمي في التطبيقي .