مجالس العجمان الرسمي

العودة   مجالس العجمان الرسمي > ~*¤ô ws ô¤*~المجالس العامة~*¤ô ws ô¤*~ > مجلس الدراسات والبحوث العلمية

مجلس الدراسات والبحوث العلمية يعنى بالدراسات والبحوث العلمية وفي جميع التخصصات النظرية والتطبيقية.

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #41  
قديم 03-04-2005, 08:26 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

بسم الله الرحمن الرحيم

هل أصبح ولدي مشكلة ؟


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

هل أصبح ولدي مشكلة ؟

قال الله تعالى : { المال والبنون زينة الحياة الدنيا }
كان الناس يستبشرون ويتفاخرون بكثرة الأولاد لما يرجون من نفعهم ودفعهم ، مثال : نذر عبد المطلب إن رزق بعشرة من الولد ، فرح المسلمون بميلاد ابن الزبير ، أولاد الزبير وأبناء عبد الله بن الزبير .
وكان كل من حول الولد يمثل قدوة في البيت والشارع والمدرسة والمسجد . وكان ما يعده أهله له من مهمات كفيلة بأن تملأ عليه وقته ، وتسهم في سرعة نضجه، وكان المجتمع يمتاز بالتكامل والتكاتف في التوجيه والنصح .

وأما اليوم فلا تكاد تجلس إلى أحد إلا وهو يشكو ولده ويخشى عليه من هجمة الفساد وأهله ، وأصبح الولد مصدر قلق في كثير من البيوتات ، وأخذ الرقم الأول في مشاكلها ، وهجم على الأولاد عبر أجهزة الاتصال ما لم يكن في الحسبان ، وانطلق كثير من الناس يبحث عن الوقاية والحل هنا وهناك ، ولكن لا يجد إلا وصفا وتنظيرا ، وحلولا غير واقعية ولا عملية ، أو لا تواكب هذا الزخم من البث المباشر عبر أجهزة الاتصال الحديثة
ومن هنا تحول الولد إلى مشكلة عند كثير من الناس تملي عليك عباراتهم أبرز مظاهرها :
1. ولدي لا يفهمني .
1. يعصيني ولا يطيعيني
2. ولدي شخصية غير جادة .
3. يميل إلى الشلل ويصدق أقوالهم .
4. لا يحب العمل .
5. لا يقيم وزنا للعلم والدراسة .
6. لا يقيم وزنا للصلاة .
7. يتعلق بتوافه الأمور .
8. لا يتذكر ولا يتعظ .
9. يهتم بمظاهر الترف والميوعة والأنوثة .
10. متعلق بالتجول في السيارة بدون هدف .
11. يسهر في الليل وينام في النهار .
12. عنيف على إخوانه .
13. كثير الصراخ سريع الغضب .
14. لا يجلس مع الرجال ولا يخدم الضيف .
15. كثير الكذب والتحايل .
16. يرى نفسه في البيت كأنه غريب فلا يكاد يدخل حتى يخرج .
17. يعتبر طلباته ملزمة لوالديه دون أن يقدم شيئا .
18. غامض في تعامله مع والديه .
19. لا يصرح لهم بشيء عند مناقشته .
20. يسير في الحياة بدون هدف .
21. لا يثق بقدراته بل لا يعرفها .
22. يستهتر في الناس .
23. يهتم بالكمال المزيف .
24. يكثر من الحديث في الهاتف .

الأسباب المؤثرة :
كثير من الأباء يتصف بالتذمر والقناعة بأحادية السبب وأحادية العلاج ، أما أن يبحث ويقوم ، ويقارن ، ويدرس الأسباب والمسببات ويوازن بما تقدها من علاج ، والخروج بنسب دقيقة تبين قوة المقاومة ومناسبتها ، فلم يفعلها مرة واحدة ، ومن الأدلة على ذلك التركيز على أن السبب خارجي وليس داخلي خارجي .

الأسباب الذاتية الداخلية :
1. الأبوان حيث أن أكثر فساد الأولاد بسببهم كما يقول ابن القيم : إما لعدم وضوح إدارة البيت وتخصصاته ، أو غياب الأسوة فيه .
2. نقص أو فقدان الاستعانة الحقيقية بالله عز وجل .
3. عدم جدولة أولويات التربية : مثال ذلك قصة لقمان الحكيم .
4. نفاد الرصيد العاطفي أو عدم وجوده أصلا .
5. غياب الهدف من التعليم أو رداءته عند الولد حتى أصبح الطالب يروح ويغدو إلى المدرسة دون معرفة لماذا يدرس ، وإنما حمله على ذلك ضغوط من أبويه .
6. عدم القناعة بالوالدين .
7. كل مخرجات من الولد بسبب المدخلات . ( مربع المخلات والمخرجات )
8. تلبية الحاجات بدون معايير . مربع التربية بالمعايير . أربع مربعات نتيجة ثلاثة منها عقوق .
9. الخوف من المربي .
10. عدم استماع الوالدين إليه .
11. عدم الاهتمام بالتربية من ناحية الوقت ( فضول الأوقات )، والمال ، ووضوح الأهداف .
12. انشغال المربي .
13. فقدان الشعور بالمحبة من الوالدين وسماع كلمات الحب من غيرهم .
14. بروز مشاكل الوالدين للأبناء .
15. التركيز في المدح على أحد الأولاد .
16. التركيز في الطلبات على الولد السريع والخفيف .
17. غياب الهدوء وظهور التوتر والغضب والصراخ في البيت مما يفقده دفئه وأنسه وراحته .
18. غياب الأب عن البيت ولمدة طويلة أو في الأوقات الخطيرة . عمل ، شلل ، استراحات ، خرجات ..
19. تضخيم الأخطاء الصغيرة والتافهة .
20. التناقض بين ما نطالب به وما يراه في المنزل : نربي البنت ونطالبها بالحياء ثم نتيح لها أن ترى الراقصات والعاريات على الشاشة . ( ألقاه في اليم مكتوفا وقال له …
21. عدم وجود أنظمة وقواعد واضحة للسلوك داخل الأسرة .
22. عدم تقبل أخطاء الأطفال كما هم ، أي حسب مستواهم الفكري والنفسي والعمري ، حيث إن الولد أصبح مشكلة عند الأب لأنه يقارنه بإخوته أو أولاد الجيران ، أو أولاد الأقرباء ، وهذا غير صحيح فلكل طفل شخصيته المستقلة وطبيعته المتميزة

أسباب ومؤثرات خارجية .
1. جهل المعلم هدف المادة التي يدرسها فأصبح يلقي المعلومات لمجرد المعلومة أو للامتحان ، فتحولت محاضن التعليم إلى تجمعات شللية يلقح بعضها بعضا .
2. غياب القدوة في الشارع والمسجد . ( أخشى أن تسقط الصلاة من أعينهم)
3. العلاقات الاجتماعية غير المنضبطة ، والمتباينة في أساليب التربية .
4. كثرة المثيرات للشهوات .
5. اتساع مصارف الشهوة وميادينها .
6. تزايد الشلل وأصدقاء السوء بسبب سرعة الاتصال .
7. تزايد المؤثرات السلبية : الخداع الإعلامي . والدعايات التي تحكمت في عواطف الناس ، حتى من الناحية الشرائية والاستهلاكية فلا يدري لم يشتري وكيف يستهلك
8. قلة ميادين التربية السليمة وعدم استيعابها إلا نسبة قليلة جدا .
9. قلة الوقت المتاح في مراكز التربية والتوجيه .
10. ضعف مستوى المناشط التربوية وعدم مواكبتها لروح العصر .

حلول خاطئة :
1. تمييزه على زملائه بالمظاهر . حل مخدر
2. القسوة والضرب والمشادة معه في كل وقت . حل مخدر ، الضرب بعد 5400 أمر ، قد يصبح الولد مشكلة بالفعل ، والسبب هو قسوة الأب في تربية ولده لأنه مدفوع به إلى ذلك ومن دوافع القسوة مثلاً :
• استمتاع الأب بالسلطة والقوة .
• الاعتقاد الخاطئ أن الولد شقي وسلبي ولابد من التصدي لهذه الشقاوة .
• الوالد تربى في طفولته تربية قاسية فهو يريد تربية أولاده كما تربى .
• قد يكون الوالد تربى تربية فيها دفء تربوي ودلال زائد فهو يريد أن يجنب أولاده ما وقع فيه من أخطاء .
• قد تكون الأم لينة في تربية الأولاد بحكم عاطفتها فيضطر الأب أن يكون قاسياً في تربيته .
3. تسليط النقد إلى ذاته .
4. كثرة التوبيخ .
5. الإهانة .
6. المعاتبة بأساليب تفوق حجم الخطأ .
7. إشعاره بالمراقبة والمتابعة في كل صغير وكبير .
8. منعه من المصاريف . حل مخدر
9. تفضيل بعض الأبناء على بعض .
10. الإغراق في الترويح والترفيه . حل مخدر
11. تطبيق أساليب فلان من الناس دون مراعاة الفوارق الفردية والاجتماعية .
12. الإغراق في المثاليات . دون مراعاة لاختلاف الزمن ، التربية ، القدرات .
13. استعجال الآثار التربوية لكل خطوة يخطوها معه .
14. التركيز على الصفات السلبية .
15. دعه يربيه الزمن .
16. اعتقاد بعض الآباء أنه سينسج أبناءه على وفق ميوله وقدراته وطموحاته ، ونسي التباين السلوكي والمعرفي والفطري بينهم .
17. رسم برنامج موحد للأبناء على أن قدراتهم وطاقاتهم واحدة .
18. المبالغة والإغراق في مدح الابن أو الإعجاب به .
19. أسلوب الإسقاط عن طريق مقارنته بزملائه أو أولاد الحاره أو الأقارب …
20. المراهقة المتأخرة عند الأب وممارسته لتوافه الأمور أمامهم …
21. كذب الوالدين يقلب التصورات …

العلاج
ينبغي أن لا ندس رؤوسنا في التراب ، ونغمض أعيننا عن الواقع المتشابك المعلومات ، فنفرق بين البيئة السابقة التي عشناها ، والتي كانت أحادية التوجيه : المنزل المسجد المدرسة الشارع ، أما الآن فولدك يوجه من كل العالم ومن كل التوجهات والجهات
وينقسم العلاج من حيث التخصص إلى ذاتي ( داخل الأسرة ) وتعاوني

العلاج الذاتي الداخلي :
1. صلاح الأبوين . { وكان أبوهما صالحا } ( وليخش الذين لو تركوا من خلفة ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا )
2. منهج إبراهيم عليه السلام ( الدعاء ) وامرأة عمران .
3. لنكن عمليين وكفانا تنظيرا فلا تناقض أفعالنا أقوالنا .( مواعيدنا ، احترامنا للآخرين ، وعودنا ، بعدنا عن التجريح والنقد والاستهزاء ، تقويمنا للمواقف والأشخاص والأحداث ، صلتنا بأرحامنا وبرنا بهم ، الكرم والإيثار … )
مشى الطاووس يوما باختيال *** فقلد شكل مشيته بنوه
فقال علام تختالون قالوا *** بدأت به ونحن مقلدوه
وينشأ ناشئ الفتيان منا *** على ما كان عوده أبوه
4. إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا . قصة عمر بن عبد العزيز .
5. دراسة وتطبيق فن الاستماع التفاعلي .
6. التركيز على الإيجابيات عند الولد وإظهارها والإشادة بها وتنميتها .( ابني سيد )
7. عقد جلسات حوار صريحة ومفتوحة مع الأبناء .
8. بناء الثقة مع الأولاد . ( عبد الله بن الزبير أرسله أبوه لمبايعة النبي e وعمره سبع سنوات ) ، وقف لعمر في الطريق ولم يهرب مع الصبيان .
9. إشاعة الحب في البيت . ( ابن حبا عند ولدك ) ليتسع قلبك لعدة مقاعد . سؤال : لماذا يتخذ الولد أصدقاء ويميل إليهم أكثر من والده ؟
10. معرفة المرحلة التي يعيشها الطفل : من 2-5 اكتشافي ، سن المراهقة : استفزازي انفعالي ، متناقض ، أناني ..
11. التناسب بين تلبية الحاجات والمعايير الواقعية .
12. البعد عن تربية الأزمات والبحث الجاد عن أصدقاء صالحين وبذل المال في ذلك . ( عمرو بن سعيد بن العاص )
13. مصاحبته . مقولة علي ( لاعب ولدك سبعا )) وعلمه أن يكون رأيه مبررا . إن هذا الأسلوب له ثمرات إيجابية منها :
• المصاحبة تزيل الحواجز وتقرب الفواصل بين الآباء والأبناء ، وهذا فيه حماية لهم من الإغراق أو مصاحبة الأشرار أو أخذ معلومات خاطئة .
• أسلوب المصاحبة الأبوية يولد لدى الابن استعداداً نفسياً لقبول النصح والتوجيه .
• أسلوب المصاحبة يكشف للأب قدراته الحقيقية وعن درجة نضجه العقلي والنفسي .
14. الانتماء الأسري لدى الولد .
يحتاج الولد إلى شعور يقوده للانتماء إلى الأسرة ، وشعور بأنه جزء منها فيحدث التكيف الاجتماعي ويصبح الولد مصدر سعادة للأسرة . ويساعد على ذلك ما يلي :
• أن يشركهم في إدارة شؤون المنزل أو أعمال المنزل .
• تماسك الأسرة واختفاء المشكلات الأسرية .
• الإصغاء والاجتماع إلى الأولاد مع التشجيع لهم على الحديث .
• أن يحمل المسؤولية ويكلف بعض الأولاد ببعض الأعمال المنزلية .
15. اعتبار السيارات للجميع وعدم استقلاله بسيارة خاصة يشعر بتعامل والده معها كأنه غريب ، فلا تجده في التالي يضع فيها مواد غير جيدة أو يركب فيها مدخنا .
16. نوعية السيارة مثل نوعية الأصدقاء ففيها الرزين وفيها المراهقة .
17. لا تقل له اتق الحفر بل قل أرشد الناس إلى الطريق الصحيح . في المدرسة والعائلة
18. التربية بالقصة ، والتربية بالحدث ، والتربية بالحرمان والمنع والإهمال .
19. توافق الأوامر مع اهتماماته ووقته ونفسيته .
20. عدم الإكثار من الأوامر . فهذه تستنزف الرصيد العاطفي إن وجد .
21. تنمية مواهب القراءة لديه منذ الصغر .
22. عند ذهابه لمشوار كلفه بحاجة على طريقه .
23. مراعاة الفوارق بين الأبناء ، فيراعى في الولد : عمره : صغيرا ، مميزا ، مراهقا ، بالغا . وتراعى نفسيته : صحيح الجسم ، مريضا , معاقا ، ذكيا ، غبيا ، سريع الاستجابة ، معاندا ، مراوغا سريع التأثر . وتراعى ثقافته .
24. كتابة أهداف الأسرة ومهمتها بالتعاون مع الجميع وتعليقه في مكان بارز من البيت .
25. عدم فتح المجال للتحريش بين الأولاد . أو بينهم وبين أقاربهم حتى لا يحملوا الأحقاد من صغرهم :
لا يحمل الحقد من تعلوا به الرتب *** ولا ينال العلا من طبعه الغضب
ولا أحمل الحقد الدفين عليهم *** وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا
26. إعطاؤهم معلومات كافية عن جميع التطورات والمستجدات في أجهزة الاتصال حتى لا يبقوا أغرارا يستغل انبهارهم واستغرابهم في توجيههم والتغرير بهم .
27. تغيير أجواء المنزل ورتابته من حين لآخر .
28. التربية النفسية : التهنئة بالنجاح ، الزواج ، السلامة ، القدوم من سفر ، الشفاء
29. التدرج في حل المشاكل والأزمات ، ولا يعني حداثة الاكتشاف حداثة المرض
30. تقدير حجم الخطأ ، وتقدير علاجه .
31. الغضب يغطي على العقل ، ويمنع الرؤية الصحيحة ، ولهذا ينبغي أن يتأخر العلاج إلى حين الهدوء .
32. عدم خروج مشاكل الأسرة خارج المنزل .
33. الحرص على التزويج المبكر للأبناء ( وعدم الالتفات إلى من يمدد سن الطفولة )

العلاج التعاوني :
1. الحرص على تكوين مكتبة مقروءة ومرئية ومسموعة متجددة تناسب الأولاد في جميع أسنانهم وبذل المال السخي فيها وتكون لأبناء الحي ووضح نظام يضمن فائدتها
2. فتح منتديات لمناقشة الأساليب الناجحة في التربية .
3. إنشاء مواقع للترويح متكاملة تستوعب جميع شباب الحي ، أو الزملاء أو الأقارب : مثال ذلك في الكويت عند بعض الجمعيات الخيرية .
4. طرح مسابقة أفضل شارع في الحارة من حيث الأدب والنظام والنظافة وشهود الصلاة .
5. تدريب مجموعة من الشباب المستقيمين الراغببين في العمل الخيري مع الشباب ، وإعطائهم دورات مكثفة في الأساليب الناجحة في استيعاب الشباب ، ودورات في وسائل الإقناع ….
6. التعاون مع أهل الحي في التربية والتقويم وعدم الوقوف عند جمع قوائم بالأخطاء .

علما أن المحاضرة ما زالت مفتوحة للإضافة والتعديل

محبكم
يحي ابن إبراهيم اليحي

 

التوقيع

 



من كتاباتي
صرخاااات قلم (( عندما تنزف ريشة القلم دما ))
قلم معطل وقلم مكسوووور
عندما ’تطرد من قلوب الناس !!!!!!(وتدفن في مقبرة ذاتك)
دعاة محترفون لا دعاة هواه ( 1)
الداعية المحترف واللاعب المحترف لا سواء(2)
نعم دعاة محترفين لا دعاة هواة!!!! (( 3 ))
خواطر وجها لوجه
همسة صاااااااااااارخه
خواطر غير مألوفه
اليوم يوم الملحمه ...
على جماجم الرجال ننال السؤدد والعزه
عالم ذره يعبد بقره !!!
معذرة يا رسول الله فقد تأخر قلمي
دمعة مجاهد ودم شهيد !!!!!!
انااااااااا سارق !!!!
انفلونزا العقووووووووول
مكيجة الذات
الجماهير الغبيه
شمووووخ إمرأه

 
 
رد مع اقتباس
  #42  
قديم 03-04-2005, 08:27 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

بسم الله الرحمن الرحيم

حقوق الأبناء


بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فسيكون حديثنا اليوم عن حقوق الأولاد هذه النعمة العظيمة التي أمتن الله بها على عباده وهي نعمة الولد ؛ إنما تكون نعمة حقيقية إذا قام الوالدان بحقها وحقوقها وأحسنا في رعايتها ، وقد جاءت نصوص كتاب الله وسنة النبي- صلى الله عليه وسلم- تبين المنهج الأكمل والطريق الأمثل في تربية الأولاد .
الأولاد ... نعمة من نعم الله- عز وجل - ، هذه النعمة رفعت الأكف إلى الله بالضراعة أن يكرم أصحابها بها، فقال الله عن نبي من أنبيائه : { رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ } .
وقال الله عن عباده الأخيار : { وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً } .
الأولاد والذرية تقر بهم العيون وتبتهج بهم النفوس وتطمئن إليهم القلوب إذا طابوا وقام الوالدان على رعاية الأولاد والعناية بهم وأداء حقوقهم كاملة على الوجه الذي يرضي الله- عز وجل - .
وحقوق الأولاد قسمها العلماء إلى قسمين :
القسم الأول : ما يسبق وجود الولد .
والقسم الثاني : ما يكون بعد وجوده . فالله حمل الوالدين المسئولية عن الولد قبل وجود الولد وحملهما المسئولية عن تربيته ورعايته والقيام بحقوقه بعد وجوده .
فأما مسئولية الوالدين عن الولد قبل وجوده فإنه يجب على الوالد ويجب على الوالدة أن يحسنا الإختيار ، فيختار الأب لأولاده أما صالحة ترعى حقوقهم وتقوم على شئونهم ، أماً أمينة تحفظ ولا تضيع وعلى الأم أيضاً أن تختار زوجاً صالحاً يحفظ أولادها ويقوم على ذريتها فاختيار الزوج والزوجة حق من حقوق الولد ، ولذلك قال-صلى الله عليه وسلم-: (( تنكح المرأة لأربع ، لدينها وجمالها ومالها وحسبها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك )) .
اظفر بذات الدين حتى ترعى الذرية وتقوم على إصلاحها وتربيتا على نهج ربها ، اظفر غنيمة وفوز .
وكذلك المرأة تختار الزوج الصالح الذي ترضى دينه وأمانته وخلقه وإذا أساء الرجل في اختيار زوجته ونظر إلى حظه العاجل من جمال ومال ونسي حقوق أولاده فإن الله يحاسبه حتى ذكر بعض العلماء : أن الزوج لو أختار الزوجة وعلم أنها لا تحسن إلى ذريته من بعده فإن الله يحمله الإثم والوزر لما يكون منها من إساءة إلى ولده ، وكذلك المرأة إذا لم تحسن الاختيار لزوجها وعلمت أنه زوج يضيع حقوق أولاده وفرطت وتساهلت وضيعت فإن الله يحاسبها عما يكون من إثم ذلك الزوج وأذيته لأولادها ، حق على الوالدين أن يحسنا الإختيار وأن يكونا المنبت الطيب هو الذي يبعث عنه الإنسان ، فالناس معادن كما أخبر سيد البشر- صلى الله عليه وسلم- فيهم المعدن الكريم الذي طابت أصوله وإذا طابت الأصول طابت الفروع .
إن الأصول الطيبات لها فروع زاكيه ، والله- عز وجل - يقول : { ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ } فإذا كان معدن المرأة كريماً من بيت علم أو دين أو عرف بالصلاح والإستقامه فإنه نعم المعدن ونعم الأمينة التي ستحفظ الأولاد والذرية في الغالب ، وكذلك الرجل إذا كان معدنه طيباً فإنه سيكون حافظاً لأولاده ، ولا يعني هذا أن المرأة إذا ابتليت بزوج مقصر أنها تيأس بل ينبغي عليها أن تحاول وأن تستعين بالله في إصلاح ذريتها وأولادها فإن الله- عز وجل - يقول : { يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ } فربما يكون الزوج غير صالح ؛ ولكن الله يخرج منه ذرية صالحة وقد يكون الزوج صالحاً ويخرج الله منه ذرية غير صالحة .
أخرج الله من أبي جهل عكرمة وهو من خيار أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- وقائد من قواد المسلمين وعظم بلاؤه في الدين وقد يخرج الميت من الحي كما في ولد نوح- عليه الصلاة والسلام - .
فالمقصود أن الأصل والغالب أنه إذا طاب معدن المرأة أن يطيب ما يكون منها من ذرية هذا هو الحق الأول ، وإذا أختار الإنسان الزوجة فمن حقوق ولده أن يسمي عند إصابة أهله ؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- ذكر التسمية عند الجماع أنها حرز وحفظ من الله للولد من الشيطان الرجيم قال العلماء : وهذا حق من حقوق الولد على والده إذا أراد أن يصيب الأهل .
وإذا كتب الله بخروج الذرية فليكن أول ما يكون من الزوج والزوجة شكر الله- عز وجل - من أراد أن يبارك الله له في نعمة من نعمه فليشكر الله حق شكره ؛ لأن النعم لا يتأذن بالمزيد فيها والبركة إلا إذا شكرت ، وإذا نظر الله إلى عبده شاكراً لنعمه بارك له فيما وهب وأحسن له العاقبة فيما أسدى إليه من الخير .
فأول ما ينبغي على الوالد والوالده إذا رأيا الولد أن يحمدا الله على هذه النعمة وأن يتذكرا العقيم الذي لا ذريه له وأن يسأل الله خير هذا الولد وخير ما فيه فكم من ولد أشقى والديه وكم من ولد أسعد والديه فيسأل الله خيره وخير ما فيه ويستعيذ به من شره ويعوذ بالله من ذرية السوء .
ثم إذا كتب الله ولادة الولد فهناك حقوق أجملها العلماء منها حق التسمية أن يختار له أفضل الأسماء وأكرمها لأن الأسماء تشحذ الهمم على التأسي بالقدوة ، ولذلك قال بعض العلماء : خير ما يختار الأسماء الصالحة وأسماء الأنبياء والعلماء والفضلاء لأنها تشحذ همة المسمى إلى أن يقتدي وأن يأتسي قال-صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح البخاري : (( ولد لي الليلة ابن سميته على اسم أبي إبراهيم )) فسمي إبراهيم على اسم أبيه ، ولذلك قالوا : أنه يراعى في الاسم أن يكون اسماً صالحاً ولا يجوز للوالدين أن يختارا الاسم المحرم وهو الاسم الذي يكون بالعبودية لغير الله كعبد العزى ونحو ذلك من الأسماء كعبد النبي وعبد الحسين ونحو ذلك من الأسماء التي يعبد فيها البشر للبشر ؛ وإنما ينبغي أن يعبد العباد لله جلا جلاله وهي الأسماء المحرمة .
كذلك ينبغي أن يجنب الولد الأسماء القبيحة والأسماء المذمومة والممقوتة والمستوحش منها حتى لا يكون في ذلك اساءة من الوالدين للولد .
قالوا : من حقه أن يختار له أفضل الأسماء وأحب الأسماء إلى الله ما كان للعبودية لله كعبدالله ، وعبدالرحمن ونحو ذلك من الأسماء التي تكون مصدرة بالعبودية لله- عز وجل - .
وينبغي أن يجنبه كذلك ما ذكره العلماء من الأسماء المكروهة التي فيها شيء من الدلال والميوعة التي لا تتناسب مع خشونة الرجل ، والعكس أيضاً فإن البنت يختار لها الإسم الذي يتناسب معها دون أن يكون فيه تشبه بالرجال وقد جاء عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما- أنه سمى بنته عاصية كما ذكر الإمام الحافظ أبو داود وغيره النبي-صلى الله عليه وسلم- اسمها إلى جميلة فقد جاء عنه-عليه الصلاة والسلام- في أكثر من حديث أنه غير الأسماء القبيحة فمن حق الولد على والديه إحسان الاسم ، والأسماء تكون للوالد ولا حرج أن تختار الأم لابنها وابنتها لا حرج في ذلك ولا باس إذا اصطلحا بالمعروف ومن حقوق الولد ان تكون التسمية في أول يوم من ولادته أو ثاني يوم أو ثالث يوم أو سابع يوم لا حرج والأمر في ذلك واسع ، وقد جاء عنه-عليه الصلاة والسلام- في حديث الحسن عن سمرة أنه ذكر العقيقة فقال : (( كل غلام مرهون بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويسمى )) فقال بعض العلماء : تستحب التسمية في السابع ولكن الجواز يجوز في أول يوم لحديث البخاري : (( ولد لي الليلة ابن سميته على اسم أبي إبراهيم )) . فهذا يدل على مشروعية التسمية في أول يوم ولاحرج في ذلك والأمر واسع .
كذلك من حقه أن يختن الولد سواء كان ذكراً أو أنثي فالختان مشروع للذكور ومشروع للإناث وهذه المسألة ليست محل نقاش حتى يسأل فيها غير العلماء أو يرجع فيها إلى آراء الناس وأهوائهم ؛ وإنما ينظر فيها إلى الشرع يقول-صلى الله عليه وسلم- : (( إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل )) فالذي يقول ليس في الشريعة دليل يدل علي مشروعية ختان الإناث جاهل لا يعرف ما ورد في نصوص السنه عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فإنه قال : (( إذا التقى الختانان )) فبين-صلوات الله وسلامه عليه- أن المرأة تختن كما يختن الرجل ، قال العلماء : إن هذا يخفف من حدة الشهوة من المرأة وهذا من حقها أن تختن ويراعى ختانها ، وكذلك الذكر يختن هذا إذا كان في صغره .
كذلك أيضاً من أعظم الحقوق وأجلها حسن التربية والرعاية للابن والبنت ، ولقد رغب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في هذا العمل الصالح حتى ثبت في الحديث الصحيح عنه أنه قال : (( من أبتلى بشيء من هذه البنات فرباهن فأحسن تربيتهن وأدبهن فأحسن تأديبهن إلا كن له ستراً أو حجاباً من النار )) . فهذا يدل على فضيلة تربية الابن وتربية البنت على الخصوص على طاعة الله ، قال العلماء : إنما ذكر البنت لأنها هي المربية غداً لأبنائها وبناتها والقائمة على حقوق بعلها وبيت زوجها فلذلك ذكر رعاية البنات وإلا فالفضيلة موجودة .
أيضاً لمن رعى الأبناء وقام عليهم وأدبهم فأحسن تأديبهم ، ومن هنا قال-عليه الصلاة والسلام- يبين حسن العاقبة لمن أنعم الله عليه بهذه النعمة وهي تربية الولد تربية صالحة ذكر حسن العاقبة فقال : (( إذا مات ابن آدم أنقطع عمله إلا من ثلاث ، صدقه جاريه وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له )) . قال العلماء : إن الله- عز وجل - يحسن المكافأة لعبده على ما كان منه من رعايته لولده فكما أحسن إلى ولده في الصغر يجعل الله له إحسانه نعمة عليه حتى بعد موته ، بل إن الذي يربى في الصغر ويحسن تربيه أولاده يرى بأم عينيه قبل أن يموت حسن العاقبة في ولده ، ولهذا تجد من ربى ابنه على مكارم الأخلاق ومحاسن العادات وعلى ما يرضي الله- عز وجل - ، إذا كبر فرق عظمه ووهن وأصابه المشيب والكبر وجد أبنه بجواره يساعده ويقوم على شأنه ويحفظ أمواله أميناً راعياً حافظاً على أتم الوجوه وأحسنها . وهذه هي ثمرة العمل الصالح وثمرة من ربى وتعب على تربية أبنائه ، والعكس فمن ضيع ابناءه فإن الله يريه في الحياة قبل الموت شؤم ما كان منه من التقصير فيصيبه الكبر فيهن عظمه ويرقد ويجد من تعب الحياة وشظفها فيأتي ابناءه ليكيدوا له ويؤذوه ويذلوه ويروه سوط العذاب في الدنيا قبل الآخرة وهذه كله من عواقب سوء التربية-نسأل الله السلامة والعافية- ، فلذلك رغب النبي- صلى الله عليه وسلم- في هذا العمل الصالح وهو تربيه الأبناء ، رغب فيه لعلمه بحب الله لهذا العمل وحبه-سبحانه- لمن قام به على أتم الوجوه وأكملها وخير ما يربى علية الأبناء وأكد وأوجب ما يرعى من تربية الأبناء التربية الايمانية .
فأول ما يغرس الوالدان في قلب الولد الإيمان بالله- عز وجل - الذي من أجله خلق الله خلقه وأوجدهم . { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } فأول ما يعتني به غرس الإيمان وغرس العقيدة لا إله إلا الله تغرس في قلب الصبي فيعتقدها جنانه ويقر بها وينطق بها وينطق بها لسانه وتعمل بها وبلوازمها جوارحه وأركانه قال الله-تعالى- : { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } فأول ما ابتدأ به وأول ما قام ودله عليه في وعظه ونصحه وتوجيهه أن ذكره بحق الله- عز وجل - وبين له أن ضياع هذا الحق هو الظلم العظيم ؛ لأن الظلم وضع الشيء في غير موضعه وليس هناك أعظم من أن يصرف حق الله-جل وعلا- في عبادته لغيره كائن من كان ذلك الغير ، ولهذا وعظ لقمان وابتدأ موعظته بهذا الأصل العظيم .
فأول ما ينبغي على الوالدين أن يغرسا في قلب الصبي الإيمان بالله- عز وجل - هو أطيب وأكمل وأعظم ما يكون من الأجر أن يغرس الأب وتغرس الأم في قلب الولد الأيمان بالله- عز وجل - وهو فاتحة الخير واساس كل طاعة وبر لا ينظر الله إلى عمل العامل أو قوله حتى يحقق هذا الأصل ويرعاه على أتم الوجوه وأكملها ، ولذلك لما ركب عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما- مع رسول الأمه- صلى الله عليه وسلم- وهو صغير السن ركب وراء رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أختار-عليه الصلاة والسلام- أن يأخذ بمجامع قلبه وهو في صغره إلى توحيد الله- عز وجل - : (( - يا غلام - ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن )) وأنظر إلى الأسلوب : (( - يا غلام - ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن ينفعك الله بها نفع الدين والدنيا والآخرة احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فسأل الله ، وإذا استعنت فأستعن بالله وأعلم أن الخلق لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف )) . ملأ قلبه بالله ملأ قلبه بالأيمان والعبودية والتوحيد وإخلاص التوجه لله - عز وجل - . احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك فأخذ بكليته إلى الله واجعل الله نصب عينيك كأنه يقول اجعل الله نصب عينيك ، إذا سألت فكنت في فاقه وضيق وشده فسأل الله وإذا استعنت وألمت بك الأمور ونزلت بك الخطوب والشدائد فأستعن بالله ، ثم بعد ذلك ينفض يديه من الخلق وأعلم أن الخلق لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، ولذلك ينبغي أن يحرص الوالدان على غرس الإيمان بالله .
يقول بعض أهل العلم-رحمة الله عليهم- إن الوالد مع ولده يستطيع في كل لحظه أن يغرس الإيمان فالمواقف التي تمر مع الوالد مع ولده ويكون الولد بجواره يذكره فيها بالله ويذكره فيها بوحدانية الله وأن الله قائم على كل نفس بما كسبت وأنه وحده بديع السموات والأرض خالق الكون ومدبر الوجود لا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه-سبحانه- ، فإذا نشأ هذا القلب على الفطرة ونشأ هذا القلب على التوحيد نشأ على الأصل العظيم الذي فيه سعادته وصلاح دينه ودنياه وآخرته فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله فتأتي هذه الكلمات النيرات والمواعظ المباركة إلى قلب ذلك الصبي وهو على الفطرة وهو على الإيمان لا تشوبه شائبة كما قال-عليه الصلاة والسلام- : (( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه )) فيغرس هذا الايمان علي تلك الفطرة فتكون نوراً على نور يهدي الله لنوره من يشاء وعلى هذا ينبغي أن يحرص الوالدان على غرس الإيمان بالله- عز وجل - ، من التربية الايمانية الأمر بالصلاة قال-تعالى- : { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ } وقال-عليه الصلاة والسلام- : (( مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع )) فمن حق الولد على والديه الأمر بالصلاة أن يأمراه بالصلاة في مواقيتها ، قال العلماء : يجب على الوالد وعلى الوالدة أن يعلما الولد كيفية الوضوء وكيفية الطهارة ، واستقبال القبلة ، وصفة الصلاة ، والهدي الذي ينبغي أن تؤدي به هذه العبادة .
والله ما علمت ابنك الوضوء فصب الماء على جسده إلا كان لك مثل أجره ولا حفظته الفاتحة أو شيء من كتاب الله فلفظ لسانه بحرف مما علمته إلا كنت شريكا له في الأجر حتى يتوفاه الله- عز وجل - ولو علم ذريته فأنت شريك له في الأجر فمن دعا إلى الهدى كان له أجره وأجر من عمل به إلى يوم القيامة لا ينقص من أجورهم شيئاً ، وما علمته الصلاة فقام في ظلمة ليل أو ضياء نهار بين يدي الله إلا أجرت على قيامه وكان لك مثل أجره وثوابه ، فخير كثير وفضل عظيم يتاجر فيه الوالد مع الله- عز وجل - وما قيمة الأولاد إذا لم يقاموا على طاعة الله- عز وجل - ويقاموا على منهج الله وتنشأ تلك النفوس على محبة الله ومرضاة الله والقيام بحقوق الله فلا خير في الولد إذا تنكر لحق الله وإذا ضيع الولد حق الله فسيضيع حقوق من سواه ممن باب أولى وأحرى ، فينشأه على اقامة الصلاة ويعوده إنه إذا أذن المؤذن ينطلق إلى بيت الله- عز وجل - عامره بذكره ، ولذلك أمر النبي-صلى الله عليه وسلم- للصلاة لسبع عند نعومة الصبي وصغر سنه حتى إذا كبر ألف ذلك الشيء واعتاده ، كذلك - أيضاً - هذه التربية الايمانية تستلزم التربية على مكارم الأخلاق ومحاسن العادات وما يكون من الإنسان في معاملته مع الناس : { يَابُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ @ وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ @ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ } .
يقول بعض العلماء : هذه الآيات وصايا لقمان منهج في التربية على أكمل شيء ، فهو يجمع بين حق الله وحق عباده ، بل حتى حظ النفس فقد أمره بما فيه قوام النفس واستقامتها حتى في أخلاقها مع الناس ، ولذلك لا تصعر خدك للناس كبرياء وخيلاء ولا تمشي في الأرض مرحاً فالانسان إذا أراد أن يربى ولده يربيه على مكارم الأخلاق فكمال العبد في كمال خلقه كما قال-صلى الله عليه وسلم- : (( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً )) يعوده الصدق في الحديث وينهاه عن الكذب يعوده حفظ اللسان وينهاه عن أن يرتع لسانه بأعراض المسلمين بالغيبة والنميمة والسب والشتم واللعن ، ولذلك نهى النبي-صلى الله عليه وسلم- المؤمن أن يعد فلوه صغيره ثم لا يفي له ، نهاه لأن الابن إذا رأى من والديه التقصير بالكذب في الوعد نشأ كاذباً-والعياذ بالله- فالولد يتأثر بوالديه فإن رأي منهما خيراً سار على ذلك الخير وأحبه وإن رأى منها الشر سار على ذلك الشر وأحبه والتزمه حتى يصعب أن ينفك عنه عند الكبر-نسأل الله السلامة والعافية- فلذلك ينبغي أن يعود على مكارم الأخلاق ومحاسن العادات كما ذكر العلماء في قوله وعمله وقلبه يقولون في قلبه يغرس الوالد في قلب الابن حب المسلمين فلا يغرس في قلبه الحقد عليهم ولا يغرس في قلبه الحسد ولا يغرس في قلبه البغضاء وإنما يغرس في قلبه حب المؤمنين صغاراً وكباراً ، حب المسلمين خاصة صالحيهم وعلمائهم ودعاتهم ينشئه على حبهم ولو أخذه معه إلى مجالس الذكر حتى ينشأ على حب العلماء والاتصال بهم والارتياح لهم كل ذلك من الأمور المطلوبه من الوالد حتى يقيم قلب الصبي على طاعة الله .
كذلك ينشأه في لسانه على ما ذكرناه في صدق القول وحفظه عن أعراض المسلمين فإذا جاء يتكلم الابن يعرف أين يضع لسانه وإذا جاء يتحدث يعرف ما الذي يقول وما الذي يتكلم به وهذا يستلزم جانبين ذكرهما العلماء :
الجانب الأول : الأدب الإسلامي ، مِن توقي المحرمات في الألسن وتعويده على أصلح ما يكون في طاعة الله من ذكر الله- عز وجل - كالتسبيح والاستغفار ونحو ذلك من الأذكار ويحبب إلى قلبه تلاوة القرآن هذا بالنسبة للجانب الديني .
الجانب الثاني : الجانب الدنيوي يعوده على الحياء والخجل فلا يكون صفيق الوجه سليط اللسان ويقولون جريء والدك على الكلام هذا لا ينبغي إنما ينبغي أن يعود الحياء أولاً ثم إذا كان جريئاً يكون جرئته منضبطه بالحياء كان-صلى الله عليه وسلم- أشد الناس حياء من العذراء في خدرها ويقولون الولد ما يصبح رجل إلا إذا كان جريئاً فتجده يترك الولد يتكلم أمام من هو أكبر منه سناً وتجد الولد يتكلم حتى بقبائح الأمور فيتبسم الوالد ويقول هكذا الابن وإلا فلا ، لا والله لا ينشأ الابن على السوء فيكون كاملاً مهما كان ولو كانت الناس تظن أن هذا كمال فإنه نقص ، ولذلك لما جاء حويصه يتكلم قال له النبي-صلى الله عليه وسلم- : (( كبر كبر )) فعلمه الأدب وهو كبير فقال له كبر كبر فإذا جلس بين الكبار لا يتكلم ؛ وإنما يكف لسانه ويجلس حيياً مستحياً بالحياء الذي يتجمل به أمام عباد الله- عز وجل - أما أن يعود الجرأة على الكلام والجرأة على الحديث فهذا مما لا تحمد عقباه ، فإذا تعود الجرأة من صغره ألفها في كبره ؛ لكن يعود الحياء يعود السكوت والإنصات لكبار السن ولا يتكلم بحضرتهم إلا بقدر فإذا كبر وعقل الأمور تكلم عند موجب الكلام وصدر عن انضباط وحفظ لسانه ؛ لأنه أعتاد ذلك وألفه وربى عليه . هذه بالنسبة للأمور الدنيوية أنه يعود على أجمل ما يكون عليه من الكلام الطيب والعبارات الطيبه ، فإذا خاطب من هو أكبر منه أمر بأن يخاطبه بالإجلال والإكبار والتقدير فلا يرضى الوالد لولده أن يخاطب كبير السن أمامه باسمه ؛ وإنما يقول له خاطبه بياعم أو نحو ذلك من الكلمات التي فيها إجلال وتوقير حتى ينشأ الصغير علي توقير الكبير وتلك سنة الإسلام قال-صلى الله عليه وسلم- : (( ليس منا من لم يوقر كبيرنا ولا يرحم صغيرنا )) فلابد من تعويد الابن على توقير الكبير واحترامه وتقديره وإجلاله .
وإذا وفق الله- عز وجل - الوالدين لحب التربية تربية الولد التربية الصالحة فليعلما أن ذلك لا يكون إلا بأمور مهمة إذا أراد الوالد والوالدة أن يقوما على تربية الولد فهناك أسباب تعين على التربية الصالحة :
أولهما وأعظمها وأجلها : الدعاء فيكثر الوالدين من الدعاء للولد يسأل الله- عز وجل - أن يكون الولد صالحاً كما قال الله-تعالى- : { وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ } تكثر من الدعاء لولدك فلعلك أن توافق باباً في السماء مفتوحاً فيستجاب لك ، الله أعلم كم من أم وكم من أب دعا لولده دعوة اسعدته في الدنيا والآخرة ، أم سليم-رضي الله تعالى عنها- جاءت بأنس إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وقالت : - يا رسول الله - خويدمك أنس أدعو الله له فدعا له النبي-صلى الله عليه وسلم- بخير الدنيا والآخرة فتسببت له في ذلك الخير-رضي الله عنها وأرضاها- .
فيحرص الوالد على كثرة الدعاء أن الله يصلح ذريته والله-تعالى- يقول : { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } ولا يسأم ولا يمل ولا ييأس من رحمة الله ولا يقنط من روح الله وإنما عليه أن يحسن الظن بالله- عز وجل - .
كذلك أيضاً الأمر الثاني : وهو من الأهمية بمكان مما يعين على التربية الصالحة القدوة الحسنة الأولاد الأبناء البنات لا ينتظرون الكلام بمثل العمل والتطبيق فإذا نشأ الابن وهو يرى أباه على أكمل ما يكون عليه الأب ويرى أمه على أكمل ما تكون عليه الأم تأثر وأصبح متصلاً بهذه الأخلاق الحميدة والآداب الكريمة حتى تصبح سجية له وفطرة لا يتكلفها ولا يستطيع أن يتركها ، كذلك البنت إذا نشأت وقد رأت من أبيها الصلاح والاستقامة على الخير ورأت من أمها الصلاح والاستقامة على الخير أحبت الخير وألفته كيف يكون الابن صادقاً وهو ينشأ في بيت يسمع فيه أباه-والعياذ بالله- يكذب فلربما طرق عليه الضيف فيقول : أذهب وقل له ليس بموجود ، كيف ينشأ الابن صادقاً في قوله إذا كان والده يعلمه من خلال سلوكه وتصرفاته سيء العادات-والعياذ بالله- وكيف تكون البنت على صلاح واستقامة وهي ترى من أمها التقصير في الصلوات والطاعات نائمة عن فرض الله- عز وجل - أو مضيعة لحق الله في قولها وفعلها فأهم ما ينبغي قي التربية الصالحة القدوة وإذا كان الإنسان قدوة للغير تأثر الغير بكلامه وجعل الله لمواعظه وكلماته وتوجيهاته أثراً في النفوس وانتفع الناس وأنتفع أولاده بما يقول - نسأل العظيم أن يرزقنا القول والعمل - .
كذلك أيضاً من الأمور المهمة : وهي من حقوق الأولاد التي ينبغي رعايتها ونختم بها هذا المجلس حق العدل بين الأولاد ، وهذا الحق أشار إليه النبي-صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح : (( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم )) فلا يجوز تفضيل الإناث على الذكور كما لا يجوز تفضيل الذكور على الإناث كان أهل الجاهلية يفضلون الذكر على الأنثى وكانوا يقتلون الأنثىكما أخبر الله- عز وجل - في كتابه وقال : { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ } . فإذا بشر بالإناث تمعر وجهه وتغير وكأنه يبشر بسوء-نسأل الله السلامه والعافية- فلذلك أدب الله- عز وجل - المسلمين على الرضا بقسمة الله- عز وجل - ، يرضى الإنسان بالولد ذكراً كان أو أنثى ولا يفضل الإناث عن الذكور ولا الذكور على الإناث ؛ وإنما يعدل بين الجميع ، كان السلف-رحمهم الله- يعدلون بين الأولاد حتى في القبلة فلو قبل هذا رجع وقبل هذا حتى لا ينشأ الأولاد وبينهم الحقد ، ولذلك قالوا إن التفضيل يتسبب في مفاسد أولها يكون ضرره على الوالد نفسه فإنه ينشأ الأولاد على حقده وكراهيته وقد أشار النبي-صلى الله عليه وسلم- إلى هذا المعنى بقوله في الحديث الصحيح للنعمان : (( أتحب أن يكونوا لك في البر سواء ؟ )) قال : نعم . أي إذا كنت تريدهم في البر سواء فأعدل بينهم وكن منصفاً فيما تسدي اليهم .
كذلك أيضاً من المفاسد التي تترتب على عدم العدل أنها توغر صدور بعضهم على بعض ، ولذلك حصل ما حصل بين يوسف وإخوته لأنهم : { قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا } ، لذلك لا ينبغي أن يكون الوالد أو الوالدة فى التصرفات والأعمال على تفضيل ولد على ولد وإنما يكون كل منهم على تقوى الله- عز وجل - فيحسنوا إلى الجميع سواء كان ذلك التفضيل من الجانب المعنوى أو الجانب الحسي المادي ، فإذا أعطى الإبن شيئاً يعطي الأنثى كذلك .
واختلف العلماء في كيفية العدل بين الذكر والأنثى ولهم قولان مشهوران :
القول الأول : قال بعض العلماء : المال الذي يعطيه للذكر يعطي مثله قدراً للأنثى سواء بسواء فإن أعطى هذا ديناراً يعطي هذه ديناراً .
القول الثاني : وقال جمع العلماء : إن العدل بين الأولاد أن يعطي الذكر مثل حظ الأنثثيين وهذا هو الصحيح ؛ لأنه قسمة الله- عز وجل - من فوق سبع سموات وقال-تعالى- : { وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى } فإن الولد تنتابه من المصارف ويحتك بالناس وتكون مصارفه أكثر من الأنثى ، ولذلك قالوا : يجعل للذكر مثل حظ الإنثيين وهذا هو مذهب طائفة من أهل العلم وهو الصحيح ؛ لأنه قسمة الله- عز وجل - ولا أعدل من الله بين خلقه ، الله- عز وجل - عدل بين عباده ففضل الذكر على الأنثى من هذا الوجه وليس في ذلك غضاضه على الأنثى ولا منقصه .
كذلك أيضاً قد تكون هناك موجبات خاصه أستثناها بعض العلماء من العدل فقالوا : إذا كان أحد الأولاد يتعلم أو يقوم على أمر من الأمور المختصه به يختاجها لصلاح دينه أو دنياه فلا بأس أن يخص بالعطيه إذا كان عنده عمل ومحتاج اليه قالوا ؛ لأنه من العدل أنه لما تفرغ للعلم أن يعان علىتعلمه ، ولذلك يعطى حقه لما تفرغ لهذا العلم الذي فيه نفعه ونفع العباد ، وهكذا إذا تفرغ لكي يتعلم حداده أو صناعة أو نحو ذلك فإن والده إذا أراد أن يعطيه من أجل هذا التعلم ينفق عليه على قدر حاجته ولا يلزم بإعطاء الأنثى مثل ما يعطيه أو نصف ما يعطيه ؛ لأن الأنثى لا تعمل كعمله فلو أعطى الأنثى مثل ما يعطيه فإنه في هذه الحاله قد ظلم الذكر ؛ لأن الأنثى أخذت من دون وجه ومن دون أستحقاق ، وعلى هذا فإن من حق الأولاد على الوالدين العدل سواء كان ذلك في الجانب المعنوي أو الجانب المادي وكان بعض العلماء يقول : ينبغي على الوالد أن يرى أحاسيسه ومشاعره ، وكذلك على الوالده يرعى كل منهما الأحاسيس والمشاعر خاصة بحضور الأولاد فلا يحاول الوالد أن يميل إلى ولدٍ أكثر من الآخر أثناء الحديث أو يمازحه أو يباسطه أكثر من الأخر ؛ وإنما يراعي العدل في جميع ما يكون منه من التصرفات لمكان الغيرة .
- ونسأل الله العظيم ، رب العرش الكريم ، أن يعصمنا من الزلل ، وأن يوفقنا في القول والعمل ، أنه المرجو والأمل - ، والله - تعالى - أعلم .

وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحمَـْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَميْنَ وصلَّى اللَّهُ وسلَّم وبارك على عبده ونبيّه محمد وعلى آله وصحبه أجمعيــــــــــن .

الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

رد مع اقتباس
  #43  
قديم 03-04-2005, 08:28 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

بسم الله الرحمن الرحيم

اتقوا الله .. واعدلوا بين أبنائكم
الشيخ محمد صالح المنجد


الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد روى النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن أباه أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " إني نحلت ابني هذا غلاما (أي وهبته عبدا كان عندي) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلَّ ولدك نحلته مثله ؟ فقال لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرجعه " [ رواه البخاري أنظر الفتح 5/211 ]، وفي رواية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" قال فرجع فرد عطيته [الفتح 5/211 ]، وفي رواية " فلا تشهدني إذا فإني لا أشهد على جور " [صحيح مسلم 3/1243 ] .
هذا الحديث يدلّ على أمر مهمّ من العدل الذي أمر الله به فقال إنّ الله يأمر بالعدل ألا وهو العدل بين الأولاد.
وكما أن الله قد أوصى الأبناء ببرّ الآباء وجعل حقّهم عظيما عليهم وقرنه بحقّه وتوحيده سبحانه فقال: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا) فكذلك جعل على الآباء حقوقا للأبناء مثل التربية والنفقة والعدل بينهم .
وَفي حديث النعمان رضي الله عنه إشَارَةٌ إلَى الْعَدْلِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ فِي النِّحْلَةِ وَهُوَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ لِأَنَّ فِي التَّسْوِيَةِ تَأْلِيفَ الْقُلُوبِ وَالتَّفْضِيلُ يُورِثُ الْوَحْشَةِ بَيْنَهُمْ .. بدائع الصنائع : ج6 - فصل في شرائط ركن الهبة.
ولأنّ عدم العدل يُفضي إلى العقوق فيقول من حُرم أو نُقِص أبي ظلمني وفضّل أخي عليّ ونحو ذلك فيتسلل إلى نفسه شيء من الكراهية لأبيه ومن الناحية الأخرى يزرع الشيطان بذور الشحناء بينه وبين أخيه الآخر الذي أُعطي أكثر منه وقد جاءت الشّريعة بسدّ كلّ طريق يوصل إلى الحقد والشَّحْنَاءُ والعداوة والبغضاء بين المسلمين عموما فكيف بالأخ تجاه أخيه وشقيقه .
وقد فهم بعض العلماء أنّ العدل بين الأولاد لَا يَخْتَصُّ بِالْعَطِيَّةِ بَلْ مِثْلُهَا التَّوَدُّدُ فِي الْكَلَامِ وَنَحْوِهِ وقَالَ الدَّمِيرِيُّ رحمه الله : لَا خِلَافَ أَنَّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمْ أَيْ الْأَوْلَادِ مَطْلُوبَةٌ حَتَّى فِي التَّقْبِيلِ . انتهى وكان بعض السّلف يحرص على التسوية بين أولاده حتى في القُبُلات.
إن من الظواهر الاجتماعية السيئة الموجودة في بعض الأسر عدم العدل بين الأولاد فيعمد بعض الآباء أو الأمهات إلى تخصيص بعض أولادهم بهبات وأعطيات دون الآخرين وهذا على الراجح عمل محرم إذا لم يكن له مسوّغ شرعي كأن تقوم حاجة بأحد الأولاد لم تقم بالآخرين كمرض أو دين عليه أو مكافأة له على حفظه للقرآن مثلا أو أنه لا يجد عملا أو صاحب أسرة كبيرة أو طالب علم متفرغ ونحو ذلك وعلى الوالد أن ينوي إذا أعطى أحدا من أولاده لسبب شرعي أنه لو قام بولد آخر مثل حاجة الذي أعطاه أنه سيعطيه كما أعطى الأول.
" وَإِنْ سَوَّى بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، أَوْ فَضَّلَهَا عَلَيْهِ، أَوْ فَضَّلَ بَعْضَ الْبَنِينَ أَوْ بَعْضَ الْبَنَاتِ عَلَى بَعْضٍ، أَوْ خَصَّ بَعْضَهُمْ بِالْوَقْفِ دُونَ بَعْضٍ، فَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ : إنْ كَانَ عَلَى طَرِيقِ الْأَثَرَةِ فَأَكْرَهُهُ ( أي التفضيل دون سبب شرعي ) , وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ لَهُ عِيَالٌ وَبِهِ حَاجَةٌ يَعْنِي فَلَا بَأْسَ بِهِ . وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ : لَوْ خَصَّ الْمُشْتَغِلِينَ بِالْعِلْمِ مِنْ أَوْلَادِهِ بِوَقْفِهِ تَحْرِيضًا لَهُمْ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ، أَوْ ذَا الدِّينِ دُونَ الْفُسَّاقِ، أَوْ الْمَرِيضِ .. فَلَا بَأْسَ. الموسوعة الفقهية : تسوية. ونقل الكاساني رحمه الله عن بعض الفقهاء : لَا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَ الْمُتَأَدِّبِينَ وَالْمُتَفَقِّهِينَ دُونَ الْفَسَقَةِ الْفَجَرَةِ. وقيّد البجيرمي رحمه الله الإعطاء بما إذا لم يكن الولد يَصْرِفُ مَا يَدْفَعـُهُ لَهُ ( أي أبوه ) فِي الْمَعَاصِي.
وهل يُعطي الذكور مثل الإناث أم يعطي الأنثى نصف ما يُعطي الذّكر؟ ذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى إلى أنه يعطى الذكر مثل حظ الأنثيين كالميراث [مسائل الإمام أحمد لأبي داود /204 وقد حقق الإمام ابن القيم في حاشيته على أبي داود المسألة تحقيقا بيِّنا ونصر القول بذلك ]. قَالَ مُحَمَّدٌ الْعَدْلُ بَيْنَهُمْ أَنْ يُعْطِيَهُمْ عَلَى سَبِيلِ التَّرْتِيبِ فِي الْمَوَارِيثِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ .
والناظر في أحوال بعض الأسر يجد من الآباء من لا يخاف الله في تفضيل بعض أولاده بأعطيات فيوغر صدور بعضهم على بعض ويزرع بينهم العداوة والبغضاء. وقد يعطي واحدا لأنه يشبه أعمامه ويحرم الآخر لأنه فيه شبها من أخواله أو يعطي أولاد إحدى زوجتيه مالا يعطي أولاد الأخرى وربما أدخل أولاد إحداهما مدارس خاصة دون أولاد الأخرى، أين هؤلاء من قوله تعالى : ] اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله [ ، وعمه هذا سيرتد عليه فإن المحروم في كثير من الأحيان لا يبر بأبيه مستقبلا وقد قال عليه الصلاة والسلام لمن فاضل بين أولاده في العطية ".. أليس يسرك أن يكونوا إليك في البر سواء .." [ رواه الإمام أحمد 4/269 وهو في صحيح مسلم رقم 1623 ] . وقال بعض السلف : إِنَّ لَهُمْ عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ أَنْ تَعْدِلَ بَيْنَهُمْ كَمَا أَنَّ لَكَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحَقِّ أَنْ يَبَرُّوكَ.
ومن وجوه عدم العدل بين الأولاد كذلك الوصية لبعض الأولاد أو زيادتهم فوق نصيبهم الشرعي أو حرمان بعضهم، وتعمد بعض النساء إلى الوصية بذهبها لبناتها دون أبنائها مع أنه جزء من التركة أو توصي بشيء وهبه لها بعض أولادها بأن يرجع إليه بعد مماتها إحسانا إليه بزعمها كما أحسن إليها، وهذا كله لا يجوز فإنه لا وصية لوارث، وكذلك فإن ما دخل في مُلك الأم أو الأب ومات عنه فهو لجميع الورثة حسب أنصبتهم التي فرضها الله تعالى .
وعلى كلّ من الأبوين أن يذكّر الآخر إذا لم يعدل ويقف الموقف الحازم حتى يتحقّق العدل ومن ذلك المطالبة بردّ الأمر إلى أهل العلم كما تدلّ على ذلك الرواية التالية لحديث النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلَقَ أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِيُشْهِدَهُ عَلَى صَدَقَتِي فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ قَالَ لَا قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ فَرَجَعَ أَبِي فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ. رواه مسلم رقم 1623.
وقد استحبّ عدد من أهل العلم أن يعدل الأخ الكبير بين إخوانه إذا أعطاهم لأنّ موقعه بينهم قريب من موقع الأب ]حاشية البجيرمي ج3 : كتاب الهبة[ وكذلك يعدل الجدّ في أعطياته لأحفاده وكذلك العمّ في أعطياته لأولاد أخيه . وهكذا .
قال صاحب المنهج : ( وَكُرِهَ ) لِمُعْطٍ ( تَفْضِيلٌ فِي عَطِيَّةِ بَعْضِهِ) مِنْ فَرْعٍ أَوْ أَصْلٍ وَإِنْ بَعُدَ سَوَاءٌ الذَّكَرُ وَغَيْرُهُ لِئَلَّا يُفْضِيَ ذَلِكَ إلَى الْعُقُوقِ وَالشَّحْنَاءِ وَلِلنَّهْيِ عَنْهُ وَالْأَمْرِ بِتَرْكِهِ .
وإذا تنبّه الأب إلى أنّ أعطيته لبعض أولاده مخالفة للحديث المذكور فإنّه بين أمرين إمّا أن يزيد الآخرين أو يُعطيهم مثلما أعطى غيرهم أو يستردّ أعطيته ممن زاده او خصّّه بشيء دون سبب شرعي ولا يُعتبر في هذه الحالة داخلا في النهي عن استرداد العطية وتشبيه الفاعل بالكلب يعود في قيئه وذلك لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إلَّا الْوَالِدُ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ ، وتصحيح الخطأ وردّ الأمور إلى نصابها مما يُحمد عليه الأب .
فَإِنْ خَصَّ بَعْضَهُمْ بِعَطِيَّةٍ، أَوْ فَاضَلَ بَيْنَهُمْ فِيهَا أَثِمَ، وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ : إمَّا رَدُّ مَا فَضَّلَ بِهِ الْبَعْضَ، وَإِمَّا إتْمَامُ نَصِيبِ الْآخَرِ، لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قَالَ: وَهَبَنِي أَبِي هِبَةً . فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ رضي الله عنها : لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ : إنَّ أُمَّ هَذَا أَعْجَبَهَا أَنْ أُشْهِدَك عَلَى الَّذِي وَهَبْت لِابْنِهَا، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم يَا بَشِيرُ أَلَك وَلَدٌ سِوَى هَذَا ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : كُلُّهُمْ وَهَبْت لَهُ مِثْلَ هَذَا ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : فَأَرْجِعْهُ .
فإن كان ( أي الولد ) عَاصِيًا بِحَيْثُ يَصْرِفُ مَا يُعْطِيهِ لَهُ فِي الْمَعْصِيَةِ فَإِنْ تَعَيَّنَ الرُّجُوعُ طَرِيقًا فِي ظَنِّهِ إلَى كَفِّهِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ كَانَ وَاجِبًا ثم نقل : وَيُكْرَهُ لَهُ الرُّجُوعُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَإِنْ وُجِدَ لِكَوْنِ الْوَلَدِ عَاقًّا أَوْ يَصْرِفُهُ فِي مَعْصِيَةٍ أَنْذَرَهُ بِهِ فَإِنْ أَصَرَّ لَمْ يُكْرَهْ ( أي رجوع الأب في الهبة ) .
ومما ينبغي التنبيه عليه أيضا أن العدل بين الأولاد يراعى فيه تفاوت حاجاتهم فمصروف الولد الجامعي ليس مثل الولد في الصفّ الأول ولعبة الولد ذي السنتين ليست كلعبة الولد ذي الثمان والعشر والبنت تُزيّن بذهب لا يجوز للذّكر لبسه وهكذا والخلاصة أنّه يعطي كلّ ولد ما يحتاجه فإن تساووا في الحاجة والحال ساوى بينهم في الأعطيات على النحو المتقدّم ، والله تعالى أعلم

نسأل الله تعالى أن يرزقنا البرّ بآبائنا والعدل في أولادنا واثبات على ديننا وصلى الله على نبينا محمد .

مجلة الملتقى .

رد مع اقتباس
  #44  
قديم 03-04-2005, 08:30 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

بسم الله الرحمن الرحيم

حتى لا يغار طفلك الكبير من مولودك الصغير
مرتضى عبد الله


يكتسب الطفل العادات الطيبة وغير الطيبة من تصرفات والديه وتصرفات الأهل والأصدقاء مع بعضهم ومع الآخرين ، ومن تعليمات الآباء والأمهات له ولإخوته بالإضافة لبعض العادات المتوارثة ومن مجموع ذلك تتكون شخصية الطفل التي تمتد من الميلاد وحتى البلوغ ، فتظهر بعض الظواهر الطبيعية التي لا يلزم أي تدخل , كذلك بعض الظواهر غير الطبيعية التي يلزم التدخل الطبي لعلاج بعضها والبعض الآخر لا يلزمه التدخل الطبي إذ يشفى بحيث يشفى الطفل مع مرور الوقت منها : فقدان الشهية , الخوف ، الخجل , الغيرة .. إلخ .
وعن الغيرة عند الطفل يحدثنا الدكتور عمير الحارثي ـ استشاري طب نفس الأطفال ـ فيقول : الغيرة شيء طبيعي موجود عند كل الأطفال وأحيانا في صور مختلفة مثل : التبوّل اللا إرادي أثناء النوم , إغماض العينين بطريقة عصبية ، التأتأة ، الرغبة في التبول كل فترة قصيرة ، سؤال والدته دائماً لتحمله أو لتطعمه بيدها ، الرغبة في تناول زجاجة الرضاعة ثانية ، التكلم مثل الأطفال الصغار ، السلبية , رفض الطعام ، تحوله إلى طفل شرس أو مدمِّر ، ويجب على الأم أن تلاحظ كل هذه التصرفات ، كذلك تصرفاته مع اللُّعب ومحاولة تكسيرها .
ويضيف د. الحارثي : لكي نعرف كيفية علاج الغيرة يجب أن نعرف أولا كيف تحدث ، ونحاول منعها . فعند اقتراب موعد ولادة الطفل الثاني يُؤخر الأول بعيداً عن والدته لفترة بقائها في المستشفى وعند عودتها من المستشفى تكون مُجهدة وترغب أن تستريح ، وهو يرغب في القرب منها نتيجة بعده عنها فترة ، وبعد استراحتها تقوم بالعناية بالصغير ، ويقل الوقت الذي تعطيه له , ويصل الأهل والأصدقاء للتهنئة بالمولود الجديد , أي كل شيء وكل الوقت للضيف الجديد ثم تبدأ سلسة من التعليمات ، وباستمرار يكون الصغير في أحضان والدته ويذهب هو إلى فراشه حزيناً لانشغالها مع الصغير ويعتقد أنه فقد حب أمه له ، وبعد أن يكبر قليلاً يلاحظ أنه يُعاقب لأشياء يُسمح لأخيه الصغير أن يفعلها ولا يعرف سبباً لذلك أو أنه أصغرُ من أن يعرف السبب ، وتزداد الغيرة بالمقارنة والتفضيل ..

أما الغيرة في الطفل الصغير فتأتي عند ما يذهب الكبير إلى المدرسة ويهتم المنزل كله ببدء الدراسة ويأخذه أحد والديه إلى المدرسة في الصباح وهو في قمة السعادة ..
ويضيف د / الحارثي : إنه من الصعب جداً تقبل طفل يبلغ اثني عشر شهراً أو سنتين قدوم الطفل الثاني ومعه التعليمات : لا تفعل كذا ...
والحل الأمثل هو عدم حدوث أي تغير في الجدول اليومي للعناية بالطفل الكبير بعد قدوم الثاني أو تحاشي أسباب الغيرة ، وعلاجها صعب ومن أساسيات العلاج التظاهر أمام الطفل بأن كل شيء يفعله طبيعي , ومعاملته بالحب والاحترام ..
والطفل الغيور عموماً هو طفل غير سعيد وعلى الأم أن تبذل كل المحاولات لجعله سعيداً فيجب أن تتحاشى التأنيب أو التوبيخ حتى لو أصاب أخاه الصغير , فكل هدفنا أن نجعله يلعب معه ويساعد أمه في خدمته ,ففي حالة ضربه أو إصابته تأخذه الأم بعيداً ,ً وتجعله مشغولاً , ولا تؤنبه إطلاقا بل تعطيه الحب والأمان. وإذا تكرر القبول اللا إرادي لا تنصحه الأم بأي شيء وإنما تشعله في لعب أو خلافه ، وإذا دمر لعبته أو أفسدها فلا تفعل له شيئاً بل تشغله في شيء آخر وتعطيه الحب والحنان والأمان . وأي توبيخ أو عقاب سيزيد المشكلة تعقيداً

من مظاهر الغيرة أيضاً محاولة جذب الانتباه مثل مصّ الإصبع ، التبول اللا إرادي الرغبة في التدمير . وعلاج ذلك يستلزم معرفة الأسباب التي تؤدي إلى عدم الإحساس بالأمان ، ودائماً تكون في العقل الباطن ، ويلزم علاجها ولا يكفي علاج الظواهر فقط ، ولكن من المهم جداً معرفة الأسباب التي أدت إلى إحدى الظواهر المرضية ، وبذلك يعيش الكبير والصغير في سعادة وهناء ، وتقوى الارتباطات الأسرية بينهما من البداية.

رد مع اقتباس
  #45  
قديم 03-04-2005, 08:31 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

بسم الله الرحمن الرحيم

( من أين نبدأ ؟)
نحو منهج عملى للمبتدئين في التربية


قد آذن الركب بالرحيل ومازلت أراك حائرًا ، تتعثر خطاك ، تقول : كيف السبيل ؟ كيف أطلب العلم ؟ من أين أبدأ ؟
وإنْ كان مضى طرفٌ من ذلك عارضًا فيما مرَّ فذا أوان بيانه ، فامضِ بإذن الله موفقًا ، والله أسأل أن يرزقنا الصدق والإخلاص في القول والعمل ، وأنْ يكتب لنا الصواب ، ويجنبنا الزلل إنَّه ولي ذلك والقادر عليه .
أيها المتفقه ..
لابد لك من منهجين يمضيان معًا ، لا ينفك أحدهما عن الآخر ، منهج في تلقي العلوم الشرعية ، ومنهج في التربية ، فأنت تعلم أنَّ أصول المنهج ثلاثة : التوحيد والاتباع والتزكية .
قال الله تعالى : " رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ " [ البقرة/129 ]
وقوله تعالى : " لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِين " [آل عمران/164]
وقال جل وعلا : " هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ " [ الجمعة/2 ]
فرسالة الأنبياء وورثتهم من بعدهم تتناول تلك الجوانب الثلاثة ، فلابد من علم وعمل ودعوة ، لابد من تزكية للنفوس وشحذ للعقول ، والمنهج الذي لا يراعي هذه الجوانب الثلاثة منهج يجانب الصواب .

منهج للمبتدئين في التربية

أولاً : قواعد هامة عامة في أصول المنهج :
1) لقبول العبادة شرطان : الإخلاص ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم
قيل : ( قولوا لمن لم يك مخلصاً : " لا تتعنّ " ) .
فلذلك حرر الإخلاص واجتهد في ذلك واحرص على أن يكون عملك لله وحده لا رياء الناس ، ولا شهوة ، ولا هوى وحظ نفس ، ولا لطلب الدنيا والعلو فيها ، والأمر يحتاج إلى جهاد وصبر ومثابرة .
2) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من عَمِل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " [1]
فلا تتعبد إلا بالوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبفهم السلف لأصول العبادات ، ولا تبتدع في دينك ، فالبدعة شر من المعصية .
3) التدرج أصل في هذا المنهج فأوغل في الدين برفق ، وراع فقه النفس ، ولا تحملها فوق طاقتها فتستحسر وتترك ، ولكن لا يكون التدرج تكأة للتفريط ، ولا مدعاة للكسل ، ولا سبيلاً لسقوط الهمة وعدم طلب الأعلى والأكمل والأفضل ، قال ابن الجوزي :
( للنفس حظ وعليها حق ، فلا تميلوا كل الميل ، وزنوا بالقسطاس المستقيم ) .
4) والصبر أصل آخر فلا تظن أنك ستجد قرة العين في الصلاة من أول مرة أو تستشعر حلاوة ولذة القيام في البداية أو تجد الخشوع والدموع عند تلاوة القرآن منذ الآية الأولى ، كلا ولا ، فالأمر يحتاج إلى صبر وصدق ومعاناة .
قال بعض السلف : ( عالجت قيام الليل سنة ثم تمتعت به عشرين سنة ) فاصبر سنة وسنوات لتنال الرتب العالية .
5- المجاهدة والمعاناة أصل مع الصبر والاصطبار .
قال بعض العلماء : ( من أراد أن تواتيه نفسه على الخير عفواً فسينتظر طويلاً بل لابد من حمل النفس على الخير قهراً ) وهذا هو الحق المطلوب أن يحمل الإنسان نفسه على الخير حملاً .
قال بعض السلف : ( عودوا أنفسكم على الخير فإن النفوس إذا اعتادت الخير ألفته ) جاهد نفسك لعمل الخير ، جاهد نفسك لتحقيق الإخلاص ، جاهد نفسك لتحسين العمل ، جاهد نفسك للارتفاع بمستوى إيمانك ، جاهد نفسك لتكون من المتقين .
6- تدرب ذهنياً على العبادات قبل أدائها
بمعنى أنك ينبغي أن تقرأ عن الصلاة ، وفضل قيام الليل ، وجزاء الصائمين القائمين ، وعاقبة المتصدقين قبل أداء هذه العبادات ، وكذلك قراءة أحوال النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والصالحين لتكوين صورة لهذه العبادات ذهنياً، واستشعارها قلبياً ، ثمَّ الدخول في هذه العبادات بهذا التصور ، فيكون الأمر أسلم وأدعى لتحصيلها على أحسن صورها وأكمل أحوالها .
7- لا تستخف بقدراتك وكن مستعداً للمجازفة .
إنَّ عدم المجازفة نتيجة الخوف من الفشل عائق للنجاح ، إنَّ العبد الرباني الذي يعتمد على الله ويتوكل عليه ثم يحزم أمره وينطلق في عمله .
قال الله تعالى : "وإذا عزمت فتوكل على الله " [ آل عمران/159 ]
وقال جل وعلا : " فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم " [ محمد/21]
أنت قوي فتوكل على الله ، وأنت تستطيع الكثير ، ولست أقل ممَّن وصلوا إلى المراتب العليا في العلم والعمل ، بقي لك الصدق والتوكل ، ثمَّ إذا أخفقت أو فشلت فأعمل فكرك كيف تجنب نفسك الإخفاق مرة أخرى .
8- اطلب النتيجة لا الكمال .
إنَّ المسلم الحكيم هو الذي يطلب النتيجة الصحيحة عبر مقدماتها الصحيحة دون أن يبالغ في مطلبه ، فينزع إلى اشتراط الكمال في مواهبه ، فإذا وجد قصوراً في نفسه ـ وهو لا شك واجد ـ سارع إلى إصلاحه ، واجتهد في تصحيحه ، وليس شرطاً أن يصير صحيحاً مائة في المائة ، لابد من قصور ( فاستمتع بها على عوج ) .
إنَّ الانشغال بتحسين نتائج العمل خير ألف مرة من اشتراط الكمال في الأعمال لأن ذلك مثبط عن الأعمال ودافع إلى الانقطاع والاستحسار .
8) تكامل الشخصية الإيمانية بتكامل أعمال الإيمان .
قالوا : ( لو أنَّ للنفوس بصمات لكانت أشد اختلافاً من بصمات الأصابع ) ومن ثمَّ فليس كل علاج موصوفاً يناسب جميع النفوس ؛ وقد علم فاطر النفوس سبحانه أنَّ خلقه هكذا ، فجعل مراضيه سبحانه متعددة ، تناسب إمكانات النفوس وطاقاتها وقدراتها ، فشرع سبحانه الصيام والصلاة ، والذكر والصدقة ، والقرآن وخدمة المسلمين ، وطلب العلم وتعليم الناس ، والحج والعمرة ، كل من هذه العبادات وعشرات غيرها منها فرائض ، ومنها نوافل ، وجعل سبحانه الفرائض بقدر ما لا يشق على النفوس ، ثمَّ فتح الباب في النوافل يستزيد منها من يشاء ، ولا حرج على فضل الله ، فقم بالفرائض فأدِّها كما ينبغي ، ثمَّ اعمد إلى النَّوافل فاستزد ممَّا تجد في نفسك رغبة وهمة إليه .
قال الله في الحديث القدسي : " وما تقرب إليَّ عبدي بشيءٍ أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه "[2] ، فزد في النوافل قدر ما تستطيع ، ولكن لكل نفس باباً يفتح لها من الخير ، تلج فيه إلى منتهاه .
قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : أنا لا أصوم ـ يعني النوافل ـ لأن الصوم يضعفني عن الصلاة ، وأنا أفضِّل الصلاة على الصيام .
هذا المنهج يناسب ـ إن شاء الله تعالى ـ جميع النفوس ، حاولت أن أستوعب فيه جميع جوانب العبادة ، ولكن إذا وجدت من نفسك همة ونشاطاً في جوانب العبادة فاسلكه ، ولا تتوان وزد فيه ، ولا تتأخر لعل الله يجعل فيه زكاة نفسك ، والتزم جميع الجوانب بقدر الإمكان ، فإنها مكملات لشخصيتك الإيمانية .
10- المتابعة أم المداومة والاستمرار أبو الاستقرار .
لابد لشيخ متابع ، أو أخ كبير معاون ، أو على الأقل زميل مشارك ، لا تكن وحدك ( فإنَّما يأكل الذئب القاصية )[3] فليكن لك شيخ يتابعك إيمانياً كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتابع أصحابه يومياً فيقول : ( من أصبح منكم اليوم صائماً ، من أطعم اليوم مسكيناً ، من عاد اليوم مريضاً ) [4]
وقد أمره ربه بذلك في أصل أصول التربية فقال :
" واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم " [ الكهف/28] فابحث لك عن شيخ وبالإخلاص ترزق ، وابحث عن أخ كبير تستشيره ، فهو ذو خبرة سابقة تنفعك ، وائتلف مجموعة من الإخوة الأقران يكونون عوناً لك على طاعة الله ورسوله ، فتكونون " كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار " [الفتح/29 ]
11- لا تمنن تستكثر
اعلم ـ أخي ـ رزقني الله وإياك الإخلاص في القول والعمل ، والسر والجهر، أنَّ التحدث بالعمل لا تخلو من آفات ، فإمَّا أن يكون إظهار العمل للرياء والفخر والسمعة فيحبط عملك أو تحسد .
فالإيمان يتعرض للحسد فتحصل الانتكاسة ، فاكتم عملك ، وأسرَّ بقرباتك ، ولا تحدث بطاعاتك تسلم .
ونصيحة أخرى : أنَّك لا تدري أي أعمالك حاز القبول ، ونلت به الرضا ، فمهما كثر عملك فلتكن على وجل خوفَ الرد وعدم القبول ، أو حَذر الحسد ، وإفساد الأحوال ، ولا تفتر فتهلك ، نعوذ بالله من تكدير الصافي ، ونسأل الله السلامة والمسامحة .

المنهج

أولاً : القرآن الكريم
قال بعض السلف : كل ما شغلك عن القرآن فهو شؤم عليك .
اعلم أنَّ القرآن العظيم كلام الله تعالى من أكبر عوامل التثبيت على الإيمان .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم نزل القرآن ، فعلموا من القرآن وعلموا من السنة " [5].
وتلاوة القرآن من أفضل القربات
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه "[6] .
وقال ابن مسعود رضي الله عنه ( إن الله أنزل هذا القرآن ليعمل به فاتخذوا تلاوته عملاً ) ولذلك اجتهد في تلاوة القرآن ليلك ونهارك .
وهاك منهجك في تلاوته :
1- التلاوة أهم من الحفظ ، والجمع بينهما هو المتحتم لمن يريد التربية .
2- ختم المصحف كل جمعة هو هدي السلف رضوان الله عليهم أجمعين ، وذلك بأن تتعود أن تقرأ جزءًا من القرآن كل صلاة فريضة ، إما قبلها ، وإما بعدها ، أو يتم قسمته ما بين الصلاتين ، تبدأ من عصر الجمعة ، وتنتهي عصر الخميس من كل أسبوع ، ولليلة الجمعة وظائفها .
إن لم تستطع فعلى الأقل جزأين كل يوم في الصباح جزء وفي المساء مثله ، أدنى الأحوال أن تقرأ جزءاً كل يوم فلك كل شهر ختمة وهذا فعل ضعيف الهمة فلا تدم عليه وإنما زد وردك بالتدرج لتختم كل أسبوع .
3- عند التلاوة اجتهد في التدبر وذلك يحصل بالآتي :-
أ- حضور القلب عند التلاوة وتفريغه من الشواغل بقدر الإمكان .
ب- استشعار أن القرآن كلام الله العظيم فاخشع .
ج- اجمع أهلك على التلاوة معك حتى ولو في بعض ما تتلو وتدارس معهم القرآن .
د - الأمر يحتاج إلى صبر فليس من أول مرة يحصل لك الخشوع فلا تعجل واصبر ولا تجزع
ه - مصحف يشتمل على معاني الكلمات على الأقل فتنظر فيما تريد فهمه .
و - لابد من حفظ القرآن فهو من فروض الكفايات ولذلك طرق منها :
* تعلم القرآن على يد شيخ متقن ولو بالأجر فالقرآن أغلى .
* استشر أهل الخبرة في كيفية حفظ القرآن وطالع بعض الكتب المهمة في ذلك .
* لابد من التسميع اليومي لزوجتك أو أحد أولادك ولا تتكبر عن ذلك ومن التسميع الأسبوعي أو نصف أسبوعي للشيخ .
ثانياً : الصلاة
1- الفرائض :
أ‌- أصلح صلاة الفريضة أولاً بالحرص على صلاة الجماعة في المسجد .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صلى لله أربعين يوماً في جماعة لا تفوته تكبيرة الإحرام كتبت له براءتان براءة من النار وبراءة من النفاق "[7] .
حاول تحقيق هذا الحديث وكلما فاتتك تكبيرة الإحرام فابدأ الأربعين مرة أخرى من الأول .
ب- احرص على الوضوء والوصول إلى المسجد مبكراً فإنه مهم لصلاح القلب .
ج- احرص على الصف الأول خلف الإمام فإنه أدعى للخشوع وحضور القلب .
د- اطرد الشواغل وفرغ قلبك واستشعر حلاوة الإيمان واجعل الصلاة قرة عين لك .
ه- أذكار الصلاة مهمة تدبرها وابحث عن معانيها وافهم ما تقول واستحضر معنى ما تدعو به
و- تدبر ما تتلو من القرآن في الصلاة فإنه أدعى لحضور القلب واجعل قراءتك من المحفوظ الجديد ولا تصل بالعادة بسور محددة تكررها في كل صلاة .
2- النوافل :
- قال الله في الحديث القدسي " ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ،ولئن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه " [8]
1- استحضر هذا الحديث عن صلاة النوافل لتطلب بها حب الله حتى يعطيك ما تسأل ويعيذك مما تكره .
2- النوافل حريم الفرض فمن فرط في السنن أوشك أن يفرط في الفريضة ومن حافظ على السنن كانت الفرائض في حماية فأحط فريضتك بسنن تحميها .
3- النوافل تتمم الفرائض الناقصة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صلى عليَّ صلاة لم يتمها زيد عليها من سبحاته حتى تتم "[9] فأتمم النواقص بنوافل كثيرة يتم الله لك .
4- السنن الراتبة لا تفرط في شيء منها أبداً
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة بُني له بيت في الجنة ، أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها ، وركعتين بعد المغرب ، وركعتين بعد العشاء ، وركعتين قبل صلاة الفجر " [10]
5- صلاة التطوع كثيرة فأكثر ما استطعت فقد قال الله تعالى " واسجد واقترب "
( العلق 19) فكلما سجدت أكثر كان قربك من الله أكثر وصرت عن الدنايا أعلى
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عليك بكثرة السجود لله فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة " [11]
وهاك بعض المستحبات :
ثمان ركعات ضحى : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صلَّى الضحى ركعتين لم يكتب من الغافلين ، ومن صلى أربعاً كتب من العابدين ، ومن صلى ستاً كفي ذلك اليوم ، ومن صلى ثمانياً كتبه الله من القانتين ، ومن صلى ثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتاً في الجنة " [12]
أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار " [13]
أربع ركعات قبل العصر : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا " [14].
ركعتين قبل المغرب وركعتين قبل العشاء : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" بين كل أذانين صلاة قالها ثلاثا قال في الثالثة : لمن شاء " [15]
3- القيام :
وما أدراك ما القيام ، إن لقيام الليل أسرار . إنه إعداد للرجال .. إنه يثبت القلوب على الحق ويزيدها قوة إلى قوتها ، إنه سر فلاح العبد ، يبعد عن الخطايا والذنوب ويزيد الإيمان ، يلحق العبد بالصالحين ، ويبلغه مرتبة القانتين المحسنين يعبد الله كأنه يراه فإن لم يكن يراه فإن الله يراه .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنة لغرفا ، يرى ظهورها من بطونها ، وبطونها من ظهورها .
فقام إليه أعرابي فقال : لمن هي يا رسول الله ؟
قال : هي لمن أطاب الكلام ، وأطعم الطعام ، وأدام الصيام ، وصلى لله بالليل والنَّاس نيام " [16]
وقال صلى الله عليه وسلم :
" عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم ، وقربة إلى ربكم ، ومكفرة للسيئات ، ومنهاة عن الإثم " [17]
وهاك طريقة التدرج في القيام :
*- ركعتين على الأقل في جوف الليل وليس الطول شرطاً لهما ولابد من القراءة من المحفوظ من القرآن .
*- في اليوم الثاني مباشرة لا تتكاسل ولا تفرط اجعلها أربعاً واجتهد في التدبر لتشعر بحلاوة الإيمان .
*- وبعد أسبوع اجعلها ستاً ثم ثمانية غير الوتر .
*- ابدأ بعد ذلك بتطويل الركعات حتى ولو بالقراءة من المصحف .
*- استشعر حال قيام الليل الأنس بالله والخلوة معه سبحانه .
*- لعدم الملال المسبب للترك لا تجعل صلاتك على وتيرة واحدة كل ليلة :
فليلة أوتر بخمس ، وليلة أخرى أوتر بثلاث ، وليلة أوتر بسبع ، وليلة طول القيام مع عدد ركعات أقل ، وليلة لطول السجود ، وليلة لتكثير الركعات وتخفيف الصلاة ….وهكذا
*- إذا فاتك القيام بالليل اقضه بالنهار .
4- الصيام :
أ‌- صيام الاثنين والخميس والثلاثة أيام البيض من كل شهر مدرجة لخير الصيام .
ب- إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك ففي الصيام احفظ لسانك وليكثر ذكرك لله وليظهر على سمتك الخشوع والوقار والإخبات وإياك والمعاصي فيفسد الصيام .
ج‌- احرص على السحور متأخراً وعجل الإفطار .
د- احرص على أن يصوم معك أهل البيت وشجعهم على ذلك واجتمعوا على الإفطار والسحور .
ه- احرص على إفطار الصائم : ادع غيرك إلى الصيام وفطر الصائمين .
و- استشعر المعاني الإيمانية أثناء الصيام من إقامة حاكمية الله على النفس الأمارة بالسوء فتعود أمة مأمورة غير آمرة ومطيعة غير مطاعة ، وأيضا استشعار ذل الفقر والحاجة والضعف والفاقة ، وأيضاً استشعار نعمة الله في المطعم والمشرب .
5- الاعتكـاف :
مع ضجيج الحياة وكثرة صخبها مع المادية القاتلة التي تطحن الناس بين رحاتها مع ضرورة الاختلاط بالناس يتكدر القلب ويتعكر صفو النفس فنحتاج إلى هدوء وراحة فلابد لها من عزلة وخلوة ولذلك يلزمك أخي طالب التربية إلى اعتكاف يومي فأخذ لنفسك الأنسب لحالك ولا تفرط : إما بين المغرب والعشاء يومياً وإما بعد صلاة الفجر إلى شروق الشمس كل يوم
وفي هذا الاعتكاف اليومي لابد لك من أمور :
1- استصحب النية أولاً وارج ثواب الله .
2- ذكر الله هو الأصل في هذه الجلسة واستشعر أن جليسك الله ، قال تعالى في الحديث القدسي : " أنا مع عبدي إذا هو ذكرني وتحركت بي شفتاه " [18] فاجلس بالرغبة والرهبة .
3- من آداب هذه الجلسة : ألا تلتفت ، ولا تنشغل بغير ذكر الله ، وليتعود النَّاس منك ذلك ، ألا تكلم أحداً ، ولا تسلم على أحدٍ ، ولا تشارك في شيء ، بل هذه خلوتك .
وقد يكون هذا الاعتكاف في مسجد لا يعرفك فيه أحد ، أو إذا تعذر الأمر فاجعل لك خلوة في بيتك ساعات كل يوم ، حيث لا يراك أحد ، ولا يشغلك شيء .
4- المحاسبة اليومية من أهم أعمال هذه الخلوة ، فالزم نفسك المحاسبة ، والتزم بالكلمات الخمس :
*- المشارطة : أن تشترط على نفسك صبيحة كل يوم أن تسلمها رأس المال وهو العمر (24 ساعة ) ، والأدوات : وهي القلب والجوارح ، وتشترط عليها أن تضمن لك بذلك الجنة بالأعمال الصالحة آخر النهار .
*- المراقبة : أن تراقب نفسك طيلة اليوم ، فإنَّ همَّت بمعصية ذكَّرْتَها بالمشارطة ، وإن توانت عن طاعة زجرتها بالمشارطة .
*- المحاسبة : أن تستعرض شريط يومك نهاية كل يوم ، وبالورقة والقلم يتم حساب الخسائر والأرباح ، ومعرفة مصير المشاركة مع النفس .
*- المعاتبة : أن يحصل عتاب على التقصير .
*- المعاقبة : أن يتم العقاب على الذنوب والغفلة ، فتعاقب نفسك بحرمانها من بعض شهواتها ، وإلزامها بزيادة قرباتها ، بذلك تنجو من شرها ، وتقودها سالمة إلى ربها ، والله المستعان .
اعتياد هذا الاعتكاف بهذا البرنامج يومياً يؤدي إلى تلافي الأخطاء ، وإصلاح الأحوال فاصبر ، والزم تلتزم .
6- الذكـر .
قال الله تعالى : " الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم " [ آل عمران/191 ]
وقال جل وعلا : " الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب " [ الرعد/28 ]
وقال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : " دلني على عمل أتشبث به قال : لا يزال لسانك رطباً بذكر الله " [19].
وفي الكلمات الخمس التي أمر الله بها يحيى بن زكريا ـ عليهما السلام ـ أن يعمل بها ، ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن : " وآمركم أن تذكروا الله ، فإنَّ مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعا ، حتى إذا أتى على حصن حصين فأحرز نفسه منهم ، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله " [20].
الذكر نجاه ، ذكر الله بركة ، ذكر الله هداية ، ذكر الله نعمة ونعيم ، وقرة عين ، وأنس روح ، وسعادة نفس ، وقوة قلب ، نعم ذكر الله روح وريحان ، وجنة نعيم .
• عوِّد لسانك : رب اغفر لي فإنَّ لله ساعات لا يرد فيها سائلاً .
• الأذكار الموظفة في اليوم والليلة افرضها على نفسك فرضاً ، وعاقب نفسك على التفريط في شيء منها ، وهي أذكار دخول البيت والخروج منه ، وكذا المسجد وكذا الخلاء ، وأذكار الطعام والشراب واللباس ، والوضوء والصلاة والنوم والجماع ، وأذكار الصباح والمساء .
• احمل في جيبك المصحف ، وكتاب حصن المسلم ، ولا تفرط فيهما أبداً .
• احفظ الأذكار ، وراجعها دائماً على الكتاب ، واسأل عن معناها ، وافهم ما تقول .
• كثرة الصلاة على النَّبي صلى الله عليه وسلم بلا عدد محصور تزيل الهمّ .
• كثرة الاستغفار تزيد القوة .
• الباقيات الصالحات : " سبحان الله ، والحمد لله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله " خير ثواباً وخير أملاً .
• التهليل قول : " لا إله إلا الله " حصن حصين من الشيطان ، والحوقلة قول : " لا حول ولا قوة إلا بالله " كنز من كنوز العرش .
• سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ثقيلتان في الميزان .
عموماً قال الله تعالى : " فاذكروني أذكركم " [ البقرة/152 ] فاذكر الله يذكرك ، ولا تنْسه فينساك.
عبودية المال
المال فتنة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لكل أمة فتنة ، وفتنة أمتي المال " [21]
ونحن في زمن الماديات ، وصراع الناس على الكماليات ، وهموم الناس الدنيئة التي خرَّبت قلوبهم وعلاقتهم بربهم في زمن التعاسة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تعس عبد الدرهم والدينار "[22] .
في هذا الزمن الحرج يحتاج الإنسان إلى التخلص من ربقة المادية الطاغية ؛ وذلك ببذل المال ، قال تعالى : " ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون " [ الحشر/9 ]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الصدقة برهان "[23] أي دليل على حب صاحبها لله .
فهيا ـ أخي طالب التربية ـ لتربي نفسك على الزهد في الدنيا :
*- ألا يكون للدنيا أي قيمة في قلبك ، فهي لا تساوي عند الله جناح بعوضة ، فلا تفرح بإقبالها ، ولا تحزن على إدبارها ، ولتستوِ عندك الحالتان ؛ لأنك عبد للمعطي المانع قال تعالى : " لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور " [ الحديد/23]
قيل للإمام أحمد بن حنبل : الرجل يملك ألف دينار ويكون زهداً !!
قال : نعم . قيل : كيف ؟! قال : إذا لم يفرح إذا زادت ، ولم يحزن إذا نقصت .

أيها المتفقه ..
قد آذن الركب بالرحيل ، وقد بلغت جهدي في نصحك ، فهلا شمرت عن ساعد الجد ،عساك أبصرت السبيل ، وقد بقى اليسير من العمل ، كي نبلغ فيك الأمل ، فبالله لا تركن فأمتك مقهورة ، والأيدي مقطوعة ، والآمال عليك معقودة.
أسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا ، وأن ينفعنا بما يعلمنا ، وأن يزيدنا علمًا .

--------------
[1] أخرجه مسلم (1718) ك الأقضية ، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور .
[2] أخرجه البخاري (6502) ك الرقاق ، باب التواضع.
[3] أخرجه أبو داود (547) ك الصلاة ، باب التشديد في ترك الجماعة ، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (5701) .
[4] أخرجه مسلم (1028) ك الزكاة ، باب من جمع الصدقة وأعمال البر .
[5] متفق عليه . أخرجه البخاري ( 7086) ك الفتن ، باب إذا بقي في حثالة من الناس ، ومسلم (143) ك الإيمان ، باب رفع الأمانة والإيمان من بعض القلوب، وعرض الفتن على القلوب.
[6] أخرجه مسلم (804) ك صلاة المسافرين وقصرها ، باب فضل قراءة القرآن وسورة البقرة .
[7] أخرجه الترمذي (241) ك الصلاة ، باب ما جاء في فضل التكبيرة الأولى ، وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (6365)
[8] تقدم تخريجه قريبًا .
[9] أخرجه الطبراني في الكبير (18/22) وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (6348)
[10] أخرجه الترمذي (414) ك الصلاة ، باب ما جاء فيمن صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة ، وقال : حديث غريب ، وابن ماجه (1140) ك إقامة الصلاة والسنة فيها ، باب ما جاء في ثنتي عشرة ركعة من السنة ، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (6362)
[11] أخرجه مسلم (753) ك الصلاة ، باب فضل السجود والحث عليه
[12] أخرجه الطبراني في الصغير (1/182) وقال الهيثمي في المجمع (2/237) : رواه الطبراني في الكبير ، وفيه موسى بن يعقوب الزمعي وثقه ابن معين وابن حبان ، وضعفه ابن المديني وغيره وبقية رجاله ثقات .
[13] أخرجه الترمذي (428) ك الصلاة ، وقال : حسن صحيح غريب ، وابن ماجه (1160) ك إقامة الصلاة والسنة فيها ، باب ما جاء فيمن صلى فبل الظهر أربعا وبعده أربعا . وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (6364)
[14] أخرجه الترمذي (430) ك الصلاة ، باب ما جاء في الأربع قبل العصر ، وقال : غريب حسن ، وأبو داود (1271) ك الصلاة ، باب الصلاة قبل العصر . وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (3493)
[15] أخرجه مسلم (838) ك صلاة المسافرين وقصرها ، باب بين كل أذانين صلاة .
[16] أخرجه الترمذي (2526) ك صفة الجنة عن رسول الله ، باب ما جاء في صفة غرف الجنة ، وقال : حديث غريب ، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (2123)
[17] أخرجه الترمذي (3549) ك الدعوات عن رسول الله ، باب في دعاء النبي ، وقال : حديث غريب ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4097) .
[18] أخرجه ابن ماجه (3792) ك الأدب ، باب فضل الذكر ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1906) .
[19] أخرجه الترمذي (3375) ك الدعوات عن رسول الله ، باب ما جاء في فضل الذكر ، وقال : حسن غريب ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (7700) .
[20] أخرجه الترمذي (2863) ك الأمثال عن رسول الله ، باب ما جاء في مثل الصلاة والصيام والصدقة ، وقال : حسن صحيح ،
[21] أخرجه الترمذي (2336) ك الزهد عن رسول الله ، باب ما جاء أنَّ فتنة هذه الأمة في المال ، وقال : حسن صحيح غريب ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2148) .
[22] جزء من حديث ، أخرجه البخاري (2887) ك الجهاد والسير ، باب الحراسة في الغزو في سبيل الله .
[23] أخرجه مسلم (223) ك الطهارة ، باب فضل الوضوء .

وكتبه
محمد بن حسين يعقوب


رد مع اقتباس
  #46  
قديم 03-04-2005, 08:34 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

بسم الله الرحمن الرحيم

دور المرأة في التربية
الشيخ محمد الدويش


مقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، أما بعد:
فإن الحديث عن أهمية التربية ودورها في إعداد المجتمع وحمايته ليس هذا مكانه ولا وقته، فالجميع يدرك أن التربية ضرورة ومطلب ملح أيًّا كان منطلقه وفلسفته التربوية، والمجتمعات كلها بأسرها تنادي اليوم بالتربية وتعنى بالتربية والحديث عنها، ولعلنا حين نتطلع إلى المكتبة نقرأ فيها من الكتب الغربية أكثر مما نقرأ فيها مما صدر عن مجتمعات المسلمين، مما يدل على أن التربية همًّا ومطلباً للجميع بغض النظر عن فلسفتهم التربوية وأولياتهم.
أهمية الأم في تربية الطفل
تحتل الأم مكانة مهمة وأساسية في التربية، ويبدو ذلك من خلال الأمور الآتية:
الأمر الأول: أثر الأسرة في التربية
فالأسرة أولاً هي الدائرة الأولى من دوائر التنشئة الاجتماعية، وهي التي تغرس لدى الطفل المعايير التي يحكم من خلالها على ما يتلقاه فيما بعد من سائر المؤسسات في المجتمع، فهو حينما يغدو إلى المدرسة ينظر إلى أستاذه نظرةً من خلال ما تلقاه في البيت من تربية، وهو يختار زملاءه في المدرسة من خلال ما نشأته عليه أسرته، ويقيِّم ما يسمع وما يرى من مواقف تقابله في الحياة، من خلال ما غرسته لديه الأسرة، وهنا يكمن دور الأسرة وأهميتها وخطرها في الميدان التربوي.
الأمر الثاني: الطفل يتأثر بحالة أمه وهي حامل
تنفرد الأم بمرحلة لا يشركها فيها غيرها وهي مرحلة مهمة ولها دور في التربية قد نغفل عنه ألا وهي مرحلة الحمل؛ فإن الجنين وهو في بطن أمه يتأثر بمؤثرات كثيرة تعود إلى الأم، ومنها:
التغذية فالجنين على سبيل المثال يتأثر بالتغذية ونوع الغذاء الذي تتلقاه الأم، وهو يتأثر بالأمراض التي قد تصيب أمه أثناء الحمل، ويتأثر أيضاً حين تكون أمه تتعاطى المخدرات، وربما أصبح مدمناً عند خروجه من بطن أمه حين تكون أمه مدمنة للمخدرات، ومن ذلك التدخين، فحين تكون المرأة مدخنة فإن ذلك يترك أثراً على جنينها، ولهذا فهم في تلك المجتمعات يوصون المرأة المدخنة أن تمتنع عن التدخين أثناء فترة الحمل أو أن تقلل منه؛ نظراً لتأثيره على جنينها، ومن العوامل المؤثرة أيضاً: العقاقير الطبية التي تناولها المرأة الحامل، ولهذا يسأل الطبيب المرأة كثيراً حين يصف لها بعض الأدوية عن كونها حامل أو ليست كذلك .
وصورةً أخرى من الأمور المؤثرة وقد لا تتصوره الأمهات والآباء هذه القضية، وهي حالة الأم الانفعالية أثناء الحمل، فقد يخرج الطفل وهو كثير الصراخ في أوائل طفولته، وقد يخرج الطفل وهو يتخوف كثيراً، وذلك كله بسبب مؤثرات تلقاها من حالة أمه الانفعالية التي كانت تعيشها وهي في حال الحمل، وحين تزيد الانفعالات الحادة عند المرأة وتكرر فإن هذا يؤثر في الهرمونات التي تفرزها الأم وتنتقل إلى الجنين، وإذا طالت هذه الحالة فإنها لا بد أن تؤثر على نفسيته وانفعالاته وعلى صحته، ولهذا ينبغي أن يحرص الزوج على أن يهيئ لها جواً ومناخاً مناسباً، وأن تحرص هي على أن تتجنب الحالات التي تؤدي بها حدة الانفعال .
أمر آخر أيضاً له دور وتأثير على الجنين وهو اتجاه الأم نحو حملها أو نظرتها نحو حملها فهي حين تكون مسرورة مستبشرة بهذا الحمل لا بد أن يتأثر الحمل بذلك، وحين تكون غير راضية عن هذا الحمل فإن هذا سيؤثر على هذا الجنين، ومن هنا وجه الشرع الناس إلى تصحيح النظر حول الولد الذكر والأنثى، قال سبحانه وتعالى :]ولله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء ويهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور. أو يزوجهم ذكراً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير[. فهو سبحانه وتعالى له ما يشاء وله الحكم سبحانه وتعالى؛ فيقرر للناس أنه عز وجل صاحب الحكم والأمر، وما يختار الله سبحانه وتعالى أمراً إلا لحكمة، لذا فالزوجة والزوج جميعاً ينبغي أن يرضوا بما قسم الله، ويعلموا أن ما قسم الله عز وجل خير لهم، سواءً كان ذكراً أو أنثى، وحين تفقد المرأة هذا الشعور، فيكشف لها التقرير الطبي أن الجنين الذي في بطنها أنثى، فتبدأ تغير نظرتها ومشاعرها نحو هذا الحمل أو العكس فإن هذا لا بد أن يؤثر على الحمل، ونحن هنا لسنا في عيادة طبية حتى نوجه المرأة الحامل أو نتحدث عن هذه الآثار التي يمكن أن تخلقها حالة الأم على الحمل، إنما المقصود من هذا كله أن دور المرأة يبدأ من حين حملها وأنها تعيش مرحلة تؤثر على مستقبل هذا المولود لا يشاركها غيرها.
الأمر الثالث: دور الأم مع الطفل في الطفولة المبكرة
الطفولة المبكرة مرحلة مهمة لتنشئة الطفل، ودور الأم فيها أكبر من غيرها، فهي في مرحلة الرضاعة أكثر من يتعامل مع الطفل، ولحكمة عظيمة يريدها الله سبحانه وتعالى يكون طعام الرضيع في هذه المرحلة من ثدي أمه وليس الأمر فقط تأثيراً طبيًّا أو صحيًّا، وإنما لها آثار نفسية أهمها إشعار الطفل بالحنان والقرب الذي يحتاج إليه، ولهذا يوصي الأطباء الأم أن تحرص على إرضاع الطفل، وأن تحرص على أن تعتني به وتقترب منه لو لم ترضعه.
وهنا ندرك فداحة الخطر الذي ترتكبه كثير من النساء حين تترك طفلها في هذه المرحلة للمربية والخادمة؛ فهي التي تقوم بتنظيفه وتهيئة اللباس له وإعداد طعامه، وحين يستعمل الرضاعة الصناعية فهي التي تهيئها له، وهذا يفقد الطفل قدراً من الرعاية النفسية هو بأمس الحاجة إليه.
وإذا ابتليت الأم بالخادمة -والأصل الاستغناء عنها- فينبغي أن تحرص في المراحل الأولية على أن تباشر هي رعاية الطفل، وتترك للخادمة إعداد الطعام في المنزل أو تنظيفه أو غير ذلك من الأعمال، فلن يجد الطفل الحنان والرعاية من الخادمة كما يجدها من الأم، وهذا له دور كبير في نفسية الطفل واتجاهاته في المستقبل، وبخاصة أن كثيراً من الخادمات والمربيات في العالم الإسلامي لسن من المسلمات، وحتى المسلمات غالبهن من غير المتدينات، وهذا لايخفى أثره، والحديث عن هذا الجانب يطول، ولعلي أن أكتفي بهذه الإشارة.
فالمقصود أن الأم كما قلنا تتعامل مع هذه المرحلة مع الطفل أكثر مما يتعامل معه الأب، وفي هذه المرحلة سوف يكتسب العديد من العادات والمعايير، ويكتسب الخلق والسلوك الذي يصعب تغييره في المستقبل، وهنا تكمن خطورة دور الأم فهي البوابة على هذه المرحلة الخطرة من حياة الطفل فيما بعد، حتى أن بعض الناس يكون مستقيماً صالحاً متديناً لكنه لم ينشأ من الصغر على المعايير المنضبطة في السلوك والأخلاق، فتجد منه نوعاً من سوء الخلق وعدم الانضباط السلوكي، والسبب أنه لم يترب على ذلك من صغره.
الأمر الرابع : دور الأم مع البنات
لئن كانت الأم أكثر التصاقاً بالأولاد عموماً في الطفولة المبكرة، فهذا القرب يزداد ويبقى مع البنات.
ولعل من أسباب ما نعانيه اليوم من مشكلات لدى الفتيات يعود إلى تخلف دور الأم التربوي، فالفتاة تعيش مرحلة المراهقة والفتن والشهوات والمجتمع من حولها يدعوها إلى الفساد وتشعر بفراغ عاطفي لديها، وقد لا يشبع هذا الفراغ إلا في الأجواء المنحرفة، أما أمها فهي مشغولة عنها بشؤونها الخاصة، وبالجلوس مع جاراتها وزميلاتها، فالفتاة في عالم والأم في عالم آخر.
إنه من المهم أن تعيش الأم مع بناتها وتكون قريبة منهن؛ ذلك أن الفتاة تجرؤ أن تصارح الأم أكثر من أن تصارح الأب، وأن تقترب منها وتملأ الفراغ العاطفي لديها.
ويزداد هذا الفراغ الذي تعاني منه الفتاة في البيت الذي فيه خادمة، فهي تحمل عنها أعباء المنزل، والأسرة ترى تفريغ هذه البنت للدراسة لأنها مشغولة في الدراسة، وحين تنهي أعباءها الدراسية يتبقى عندها وقت فراغ، فبم تقضي هذا الفراغ: في القراءة؟ فنحن لم نغرس حب القراءة لدى أولادنا.
وبين الأم وبين الفتاة هوه سحيقة، تشعر الفتاة أن أمها لا توافقها في ثقافتها وتوجهاتها، ولا في تفكيرها، وتشعر بفجوة ثقافية وفجوة حضارية بينها وبين الأم؛ فتجد البنت ضالتها في مجلة تتحدث عن الأزياء وعن تنظيم المنزل، وتتحدث عن الحب والغرام، وكيف تكسبين الآخرين فتثير عندها هذه العاطفة، وقد تجد ضالتها في أفلام الفيديو، أو قد تجد ضالتها من خلال الاتصال مع الشباب في الهاتف، أو إن عدمت هذا وذاك ففي المدرسة تتعلم من بعض زميلاتها مثل هذه السلوك.
الأمر الخامس: الأم تتطلع على التفاصيل الخاصة لأولادها
تتعامل الأم مع ملابس الأولاد ومع الأثاث وترتيبه، ومع أحوال الطفل الخاصة فتكتشف مشكلات عند الطفل أكثر مما يكتشفه الأب، وبخاصة في وقتنا الذي انشغل الأب فيه عن أبنائه، فتدرك الأم من قضايا الأولاد أكثر مما يدركه الأب.
هذه الأمور السابقة تؤكد لنا دور الأم في التربية وأهميته، ويكفي أن نعرف أن الأم تمثل نصف المنزل تماماً ولا يمكن أبداً أن يقوم بالدور التربوي الأب وحده، أو أن تقوم به المدرسة وحدها، فيجب أن تتضافر جهود الجميع في خط واحد.
لكن الواقع أن الطفل يتربى على قيم في المدرسة يهدهما المنزل، ويتربى على قيم في المنزل مناقضة لما يلقاه في الشارع؛ فيعيش ازدواجية وتناقضا ، المقصود هو يجب أن يكون البيت وحده متكاملة.
لا يمكن أن أتحدث معشر الأخوة والأخوات خلال هذه الأمسية وخلال هذا الوقت، لا يمكن أن أتحدث عن الدور الذي ننتظره من الأم في التربية، إنما هي فقط مقترحات أردت أن أسجلها.

مقترحات تربوية للأم
مهما قلنا فإننا لا نستطيع أن نتحدث بالتفصيل عن دور الأم في التربية، ولا نستطيع من خلال ساعة واحدة أن نُخرِّج أماً مربية، ولهذا رأيت أن يكون الشق الثاني -بعد أن تحدثنا في عن أهمية دور الأم- عبارة عن مقترحات وتحسين الدور التربوي للأم وسجلت هنا، ومن هذه المقترحات:
أولاً: الشعور بأهمية التربية
إن نقطة البداية أن تشعر الأم بأهمية التربية وخطورتها، وخطورة الدور الذي تتبوؤه، وأنها مسؤولة عن جزء كبير من مستقبل أبنائها وبناتها، وحين نقول التربية فإنا نعني التربية بمعناها الواسع الذي لايقف عند حد العقوبة أو الأمر والنهي، كما يتبادر لذهن طائفة من الناس، بل هي معنى أوسع من ذلك.
فهي تعني إعداد الولد بكافة جوانب شخصيته: الإيمانية، والجسمية، والنفسية، والعقلية الجوانب الشخصية المتكاملة أمر له أهمية وينبغي أن تشعر الأم والأب أنها لها دور في رعاية هذا الجانب وإعداده.
وفي جانب التنشئة الدينية والتربية الدينية يحصرها كثير من الناس في توجيهات وأوامر أو عقوبات، والأمر أوسع من ذلك، ففرق بين شخص يعاقب ابنه حيث لا يصلي وبين شخص آخر يغرس عند ابنه حب الصلاة، وفرق بين شخص يعاقب ابنه حين يتفوه بكلمة نابية، وبين شخص يغرس عند ابنه رفض هذه الكلمة وحسن المنطق، وهذا هو الذي نريده حين نتكلم عن حسن التربية، فينبغي أن يفهم الجميع –والأمهات بخاصة- التربية بهذا المعنى الواسع.
ثانياً: الاعتناء بالنظام في المنزل
من الأمور المهمة في التربية -ويشترك فيها الأم والأب لكن نؤكد على الأم- الاعتناء بنظام المنزل؛ فذلك له أثر في تعويد الابن على السلوكيات التي نريد.
إننا أمة فوضوية: في المواعيد، في الحياة المنزلية، في تعاملنا مع الآخرين، حتى ترك هذا السلوك أثره في تفكيرنا فأصبحنا فوضويين في التفكير.
إننا بحاجة إلى تعويد أولادنا على النظام، في غرفهم وأدواتهم، في مواعيد الطعام، في التعامل مع الضيوف وكيفية استقبالهم، ومتى يشاركهم الجلوس ومتى لايشاركهم؟
ثالثاً: السعي لزيادة الخبرة التربوية
إن من نتائج إدراك الأم لأهمية التربية أن تسعى لزيادة خبرتها التربوية والارتقاء بها، ويمكن أن يتم ذلك من خلال مجالات عدة، منها:
أ : القراءة؛ فمن الضروري أن تعتني الأم بالقراءة في الكتب التربوية، وتفرغ جزءاً من وقتها لاقتنائها والقراءة فيها، وليس من اللائق أن يكون اعتناء الأم بكتب الطبخ أكثر من اعتنائها بكتب التربية.
وحين نلقي سؤالاً صريحاً على أنفسنا: ماحجم قراءاتنا التربوية؟ وما نسبتها لما نقرأ إن كنا نقرأ؟ فإن الإجابة عن هذه السؤال تبرز مدى أهمية التربية لدينا، ومدى ثقافتنا التربوية.
ب : استثمار اللقاءات العائلية؛ من خلال النقاش فيها عن أمور التربية، والاستفادة من آراء الأمهات الأخريات وتجاربهن في التربية، أما الحديث الذي يدور كثيراً في مجالسنا في انتقاد الأطفال، وأنهم كثيرو العبث ويجلبون العناء لأهلهم، وتبادل الهموم في ذلك فإنه حديث غير مفيد، بل هو مخادعة لأنفسنا وإشعار لها بأن المشكلة ليست لدينا وإنما هي لدى أولادنا.
لم لانكون صرحاء مع أنفسنا ونتحدث عن أخطائنا نحن؟ وإذا كان هذا واقع أولادنا فهو نتاج تربيتنا نحن، ولم يتول تربيتهم غيرنا، وفشلنا في تقويمهم فشل لنا وليس فشلاً لهم.
ج: الاستفادة من التجارب، إن من أهم مايزيد الخبرة التربوية الاستفادة من التجارب والأخطاء التي تمر بالشخص، فالأخطاء التي وقعتِ فهيا مع الطفل الأول تتجنبينها مع الطفل الثاني، والأخطاء التي وقعتِ فيها مع الطفل الثاني تتجنبينها مع الطفل الثالث، وهكذا تشعرين أنك ما دمت تتعاملين مع الأطفال فأنت في رقي وتطور.
رابعاً: الاعتناء بتلبية حاجات الطفل
للطفل حاجات واسعة يمكن نشير إلى بعضها في هذا المقام، ومنها:
1- الحاجة إلى الاهتمام المباشر:
يحتاج الطفل إلى أن يكون محل اهتمام الآخرين وخاصة والديه، وهي حاجة تنشأ معه من الصغر، فهو يبتسم ويضحك ليلفت انتباههم، وينتظر منهم التجاوب معه في ذلك.
ومن صور الاهتمام المباشر بحاجات الطفل الاهتمام بطعامه وشرابه، وتلافي إظهار الانزعاج والقلق –فضلاً عن السب والاتهام بسوء الأدب والإزعاج- حين يوقظ أمه لتعطيه طعامه وشرابه، ومما يعين الأم على ذلك تعويده على نظام معين، وتهيئة طعام للابن –وبخاصة الإفطار- قبل نومها.
ومن أسوأ صور تجاهل حاجة الطفل إلى الطعام والشراب ماتفعله بعض النساء حال صيامها من النوم والإغلاق على نفسها، ونهر أطفالها حين يطلبون منها الطعام أو الشراب.
ومن صور الاهتمام به من أيضاً حسن الاستماع له، فهو يحكي قصة، أو يطرح أسئلة فيحتاج لأن ينصت له والداه، ويمكن أن توجه له أسئلة تدل على تفاعل والديه معه واستماعهم له، ومن الوسائل المفيدة في ذلك أن تسعى الأم إلى أن تعبر عن الفكرة التي صاغها هو بلغته الضعيفة بلغة أقوى، فهذا مع إشعاره له بالاهتمام يجعله يكتسب عادات لغوية ويُقوِّى لغته.
ومن صور الاهتمام التخلص من أثر المشاعر الشخصية، فالأب أو الأم الذي يعود من عمله مرهقاً، أو قد أزعجته مشكلة من مشكلات العمل، ينتظر منهم أولادهم تفاعلاً وحيوية، وينتظرونهم بفارغ الصبر، فينبغي للوالدين الحرص على عدم تأثير المشاعر والمشكلات الخاصة على اهتمامهم بأولادهم.
2- الحاجة إلى الثقة:
يحتاج الطفل إلى الشعور بثقته بنفسه وأن الآخرين يثقون فيه، ويبدو ذلك من خلال تأكيده أنه أكبر من فلان أو أقوى من فلان.
إننا بحاجة لأن نغرس لدى أطفالنا ثقتهم بأنفسهم،وأنهم قادرون على تحقيق أمور كثيرة، ويمكن أن يتم ذلك من خلال تكليفهم بأعمال يسيرة يستطيعون إنجازها، وتعويدهم على ذلك.
ويحتاجون إلى أن يشعرون بأننا نثق بهم، ومما يعين على ذلك تجنب السخرية وتجنب النقد اللاذع لهم حين يقعون في الخطأ، ومن خلال حسن التعامل مع مواقف الفشل التي تمر بهم ومحاولة استثمارها لغرس الثقة بالنجاح لديهم بدلاً من أسلوب التثبيط أو مايسيمه العامة (التحطيم).
3 – الحاجة إلى الاستطلاع:
يحب الطفل الاستطلاع والتعرف على الأشياء، ولهذا فهو يعمد إلى كسر اللعبة ليعرف مابداخلها، ويكثر السؤال عن المواقف التي تمر به، بصورة قد تؤدي بوالديه إلى التضايق من ذلك.
ومن المهم أن تتفهم الأم خلفية هذه التصرفات من طفلها فتكف عن انتهاره أو زجره، فضلاً عن عقوبته.
كما أنه من المهم أن تستثمر هذه الحاجة في تنمية التفكير لدى الطفل، فحين يسأل الطفل عن لوحة السيارة، فبدلاً من الإجابة المباشرة التي قد لا يفهمها يمكن أن يسأله والده، لو أن صاحب سيارة صدم إنساناً وهرب فكيف تتعرف الشرطة على سيارته؟ الولد: من رقم السيارة، الأب: إذا هذا يعني أنه لابد من أن يكون لكل سيارة رقم يختلف عن بقية السيارات، والآن حاول أن تجد سيارتين يحملان رقماً واحداً، وبعد أن يقوم الولد بملاحظة عدة سيارات سيقول لوالده إن ما تقوله صحيح.
4- الحاجة إلى اللعب:
الحاجة إلى اللعب حاجة مهمة لدى الطفل لا يمكن أن يستغني عنها، بل الغالب أن الطفل قليل اللعب يعاني من مشكلات أو سوء توافق.
وعلى الأم في تعامله مع هذه الحاجة أن تراعي الآتي:
إعطاء الابن الوقت الكافي للعب وعدم إظهار الانزعاج والتضايق من لعبه.
استثمار هذه الحاجة في تعليمه الانضباط والأدب، من خلال التعامل مع لعب الآخرين وأدواتهم، وتجنب إزعاج الناس وبخاصة الضيوف، وتجنب اللعب في بعض الأماكن كالمسجد أو مكان استقبال الضيوف.
استثمار اللعب في التعليم، من خلال الحرص على اقتناء الألعاب التي تنمي تفكيره وتعلمه أشياء جديدة.
الحذر من التركيز على ما يكون دور الطفل فيها سلبيًّا ، أو يقلل من حركته، كمشاهدة الفيديو أو ألعاب الحاسب الآلي، فلا بد من أن يصرف جزءاً من وقته في ألعاب حركية، كلعب الكرة أو اللعب بالدراجة أو الجري ونحو ذلك.
5 – الحاجة إلى العدل:
يحتاج الناس جميعاً إلى العدل، وتبدو هذه الحاجة لدى الأطفال بشكل أكبر من غيرهم، ولذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالعدل بين الأولاد، وشدد في ذلك، عن حصين عن عامر قال : سمعت النعمان ابن بشير رضي الله عنهما وهو على المنبر يقول: أعطاني أبي عطية، فقالت عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله، قال :"أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟" قال:لا، قال :"فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" قال فرجع فرد عطيته. متفق عليه.
ومهما كانت المبررات لدى الأم في تفضيل أحد أولادها على الآخر، فإن ذلك لا يقنع الطفل، ولابد من الاعتناء بضبط المشاعر الخاصة تجاه أحد الأطفال حتى لا تطغى، فتترك أثرها عليه وعلى سائر إخوانه وأخواته.
ومن المشكلات التي تنشأ عن ذلك مشكلة الطفل الجديد، فكثير من الأمهات تعاني منها (ولعله أن يكون لها حديث مستقل لأهميتها).
أكتفي بهذا الحديث عن هذه الحاجات وإلا فهي حاجات كثيرة، والواجب على الوالدين تجاه هذه الحاجات أمران:
الأول: الحرص على إشباع هذه الحاجات والاعتناء بها، الثاني: استثمار هذه الحاجات في تعليم الابن السلوكيات والآداب التي يحتاج إليها.
خامسا: الحرص على التوافق بين الوالدين
التربية لا يمكن أن تتم من طرف واحد، والأب والأم كل منهما يكمل مهمة الآخر ودوره، ومما ينبغي مراعاته في هذا الإطار:
الحرص على حسن العلاقة بين الزوجين، فالحالة النفسية والاستقرار لها أثرها على الأطفال كما سبق، فالزوجة التي لاتشعر بالارتياح مع زوجها لابد أن يظهر أثر ذلك على رعايتها لأطفالها واهتمامها بهم.
التفاهم بين الوالدين على الأساليب التربوية والاتفاق عليها قدر الإمكان.
أن يسعى كل من الوالدين إلى غرس ثقة الأطفال بالآخر، فيتجنب الأب انتقاد الأم أو عتابها أمام أولادها فضلاً عن السخرية بها أو تأنيبها، كما أن الأم ينبغي أن تحرص على غرس ثقة أطفالها بوالدهم، وإشعارهم بأنه يسعى لمصلحتهم –ولو اختلفت معه- وأنه إن انشغل عنهم فهو مشغول بأمور مهمة تنفع المسلمين أجمع، أو تنفع هؤلاء الأولاد.
ومما ينبغي مراعاته هنا الحرص على تجنب أثر اختلاف الموقف أو وجهة النظر بين الوالدين، وأن نسعى إلى ألا يظهر ذلك على أولادنا فهم أعز مانملك، وبإمكاننا أن نختلف ونتناقش في أمورنا لوحدنا.
سادساً: التعامل مع أخطاء الأطفال
كثير من أخطائنا التربوية مع أطفالنا هي في التعامل مع الأخطاء التي تصدر منهم، ومن الأمور المهمة في التعامل مع أخطاء الأطفال:
1. عدم المثالية:
كثيراً مانكون مثاليين مع أطفالنا، وكثيراً ما نطالبهم بما لا يطيقون، ومن ثم نلومهم على ما نعده أخطاء وليست كذلك.
الطفل في بداية عمره لايملك التوازن الحركي لذا فقد يحمل الكوب فيسقط منه وينكسر، فبدلاً من عتابه وتأنيبه لو قالت أمه: الحمد الله أنه لم يصيبك أذى، أنا أعرف أنك لم تتعمد لكنه سقط منك عن غير قصد، والخطأ حين تتعمد إتلافه، والآن قم بإزالة أثر الزجاج حتى لا يصيب أحداً.
إن هذا الأسلوب يحدد له الخطأ من الصواب، ويعوده على تحمل مسؤولية عمله، ويشعره بالاهتمام والتقدير، والعجيب أن نكسر قلوب أطفالنا ونحطمهم لأجل تحطيمهم لإناء لا تتجاوز قيمته ريالين، فأيهما أثمن لدينا الأطفال أم الأواني؟
2. التوازن في العقوبة:
قد تضطر الأم لعقوبة طفلها، والعقوبة حين تكون في موضعها مطلب تربوي، لكن بعض الأمهات حين تعاقب طفلها فإنها تعاقبه وهي في حالة غضب شديد، فتتحول العقوبة من تأديب وتربية إلى انتقام، والواقع أن كثيراً من حالات ضربنا لأطفالنا تشعرهم بذلك.
لا تسأل عن تلك المشاعر التي سيحملها هذا الطفل تجاه الآخرين حتى حين يكون شيخاً فستبقى هذه المشاعر عنده ويصعب أن نقتلعها فيما بعد والسبب هو عدم التوازن في العقوبة.
3. تجنب البذاءة:
حين تغضب بعض الأمهات أو بعض الآباء فيعاتبون أطفالهم فإنهم يوجهون إليهم ألفاظاً بذيئة، أو يذمونهم بعبارات وقحة، وهذا له أثره في تعويدهم على المنطق السيء.
والعاقل لا يخرجه غضبه عن أدبه في منطقه وتعامله مع الناس، فضلاً عن أولاده.
4. تجنب الإهانة:
من الأمور المهمة في علاج أخطاء الأطفال أن نتجنب إهانتهم أو وصفهم بالفشل والطفولة والفوضوية والغباء …إلخ. فهذا له أثره البالغ على فقدانهم للثقة بأنفسهم، وعلى تعويدهم سوء الأدب والمنطق.
5. تجنب إحراجه أمام الآخرين :
إذا كنا لانرضى أن ينتقدنا أحد أمام الناس فأطفالنا كذلك، فحين يقع الطفل في خطأ أمام الضيوف فليس من المناسب أن تقوم أمه أو يقوم والده بتأنيبه أو إحراجه أمامهم أو أمام الأطفال الآخرين.
سابعاً: وسائل مقترحة لبناء السلوك وتقويمه
يعتقد كثير من الآباء والأمهات أن غرس السلوك إنما يتم من خلال الأمر والنهي، ومن خلال العقوبة والتأديب، وهذه لا تمثل إلا جزءاً يسيراً من وسائل تعليم السلوك، وفي هذه العجالة أشير إلى بعض الوسائل التي يمكن أن تفيد الأم في غرس السلوك الحسن، أو تعديل السلوك السيئ، وهي على سبيل المثال لا الحصر: يعتقد كثير من الآباء والأمهات أن غرس السلوك إنما يتم من خلال الأمر والنهي، ومن خلال العقوبة والتأديب، وهذه لا تمثل إلا جزءاً يسيراً من وسائل تعليم السلوك، وفي هذه العجالة أشير إلى بعض الوسائل التي يمكن أن تفيد الأم في غرس السلوك الحسن، أو تعديل السلوك السيئ، وهي على سبيل المثال لا الحصر:
1 – التجاهل:
يعمد الطفل أحياناً إلى أساليب غير مرغوبة لتحقيق مطالبه، كالصراخ والبكاء وإحراج الأم أمام الضيوف وغير ذلك، والأسلوب الأمثل في ذلك ليس هو الغضب والقسوة على الطفل، إنما تجاهل هذا السلوك وعدم الاستجابة للطفل، وتعويده على أن يستخدم الأساليب المناسبة والهادئة في التعبير عن مطالبه، وأسلوب التجاهل يمكن أن يخفي كثيراً من السلوكيات الضارة عند الطفل أو على الأقل يخفف من حدتها.
2 – القدوة:
لست بحاجة للحديث عن أهمية القدوة وأثرها في التربية، فالجميع يدرك ذلك، إنني حين أطالب الطفل بترتيب غرفته ويجد غرفتي غير مرتبة، وحين أطالبه أن لا يتفوه بكلمات بذيئة ويجدني عندما أغضب أتفوه بكلمات بذيئة، وحين تأمره الأم ألا يكذب، ثم تأمره بالكذب على والده حينئذ سنمحو بأفعالنا مانبنيه بأقوالنا.
3 – المكافأة:
المكافأة لها أثر في تعزيز السلوك الإيجابي لدى الطفل، وهي ليست بالضرورة قاصرة على المكافأة المادية فقد تكون بالثناء والتشجيع وإظهار الإعجاب، ومن وسائل المكافأة أن تعده بأن تطلب من والده اصطحابه معه في السيارة، أو غير ذلك مما يحبه الطفل ويميل إليه.
ومما ينبغي مراعاته أن يكون استخدام المكافأة باعتدال حتى لا تصبح ثمناً للسلوك.
4 – الإقناع والحوار:
من الأمور المهمة في بناء شخصية الأطفال أن نعودهم على الإقناع والحوار، فنستمع لهم وننصت، ونعرض آراءنا وأوامرنا بطريقة مقنعة ومبررة، فهذا له أثره في تقبلهم واقتناعهم، وله أثره في نمو شخصيتهم وقدراتهم.
وهذا أيضاً يحتاج لاعتدال، فلابد أن يعتاد الأطفال على الطاعة، وألا يكون الاقتناع شرطاً في امتثال الأمر.
5 - وضع الأنظمة الواضحة:
من المهم أن تضع الأم أنظمة للأطفال يعرفونها ويقومون بها، فتعودهم على ترتيب الغرفة بعد استيقاظهم، وعلى تجنب إزعاج الآخرين…إلخ، وحتى يؤتي هذا الأسلوب ثمرته لابد أن يتناسب مع مستوى الأطفال، فيعطون أنظمة واضحة يستوعبونها ويستطيعون تطبيقها والالتزام بها.
6 – التعويد على حل الخلافات بالطرق الودية:
مما يزعج الوالدين كثرة الخلافات والمشاكسات بين الأطفال، ويزيد المشكلة كثرة تدخل الوالدين، ويجب أن تعلم الأم أنه لا يمكن أن تصل إلا قدر تزول معه هذه المشكلة تماماً، إنما تسعى إلى تخفيف آثارها قدر الإمكان، ومن ذلك:
تعويدهم على حل الخلافات بينهم بالطرق الودية، ووضع الأنظمة والحوافز التي تعينهم على ذلك، وعدم تدخل الأم في الخلافات اليسيرة، فذلك يعود الطفل على ضعف الشخصية وكثرة الشكوى واللجوء للآخرين.
7 – تغيير البيئة:
ولذلك وسائل عدة منها:
أولا: إغناء البيئة: وذلك بأن يهيأ للطفل مايكون بديلاً عن انشغاله بما لايرغب فيه، فبدلاً من أن يكتب على الكتب يمكن أن يعطى مجلة أو دفتراً يكتب فيه مايشاء، وبدلاً من العبث بالأواني يمكن أن يعطى لعباً على شكل الأواني ليعبث بها.
ثانياً: حصر البيئة: وذلك بأن تكون له أشياء خاصة، كأكواب خاصة للأطفال يشربون بها، وغرفة خاصة لألعابهم، ومكان خاص لا يأتيه إلا هم؛ حينئذ يشعر أنه غير محتاج إلى أن يعتدي على ممتلكات الآخرين.
ومن الخطأ الاعتماد على قفل باب مجالس الضيوف وغيرها، فهذا يعوده على الشغف بها والعبث بها، لأن الممنوع مرغوب.
لكن أحياناً تغفل الأمهات مثلاً المجلس أو المكتبة ،ترفع كل شيء عنه صحيح هذا يمنعه وحين يكون هناك فرصة للدخول يبادر بالعبث لأن الشيء الممنوع مرغوب.
ثالثاً: تهيئة الطفل للتغيرات اللاحقة: الطفل تأتيه تغييرات في حياته لابد أن يهيأ لها، ومن ذلك أنه يستقل بعد فترة فينام بعيداً عن والديه في غرفة مستقلة، أو مع من يكبره من إخوته، فمن الصعوبة أن يفاجأ بذلك، فالأولى بالأم أن تقول له: إنك كبرت الآن وتحتاج إلا أن تنام في غرفتك أو مع إخوانك الكبار.
وهكذا البنت حين يراد منها أن تشارك في أعمال المنزل.
8 - التعويد :
الأخلاق والسلوكيات تكتسب بالتعويد أكثر مما تكتسب بالأمر والنهي، فلا بد من الاعتناء بتعويد الطفل عليها، ومراعاة الصبر وطول النفس والتدرج في ذلك.
هذه بعض الخواطر العاجلة وبعض المقترحات لتحسين الدور الذي يمكن أن تقوم به الأم، وينبغي لها ألا تغفل عن دعاء الله تعالى وسؤاله الصلاح لأولادها، فقد وصف الله تبارك وتعالى عباده الصالحين بقوله : [والذين يقولون ربنا هبنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما]
و الله أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المصدر موقع الشيخ محمد الدويش
رد مع اقتباس
  #47  
قديم 03-04-2005, 08:35 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

سنبلة الأبناء

* جل حديثها عن إبنها لا يتجاوز صحته وسمنته.. وماذا أكل وماذا شرب.. وكم تعاني من السهر في حال إعتلال صحته.. ولكنها ما ألقت بالا لتربيته ولا تحرت الصحبة الطيبة..
تجهد نفسها لزيادة كيلو جرام أو اثنين من كتل اللحم والشحم البشري.. ونسيت الأهم.
وأفاقت يوما فإذا بالطفل أصبح رجلا مكتنزا لحما وشحما كما أرادت.. يأكل ويشرب ويجلجل صوته في المجلس..
لكنه لا يصلي.. ألتفتت خلفها فإذا صغار أختها يؤدون الصلاة ويؤمهم ابن سبع سنين وقد حفظ أجزاء من القرآن. عندها تأكدت أنها لم تكن عرينا لأسود بل مزرعة للتسمين.
* تولي أبناءها عناية خاصة وترى أنهم عماد الأمة مستقبلا وهم أحفاد السلف الصالح.. تحتسب الأجر في تربيتهم وتدفعهم إلى المعالي.. ترسخ في نفوسهم القيم الفاضلة.. تروي لهم سيرة الرسول ودعوته وصبره ومعاناته وسيرة أصحابه والعلماء الأخيار حتى تغرس في نفوسهم الصافية محبة هذا الدين ومحبة حمل هذا الدين.
* لمحبتها لهذا الدين ولأنها ترى أن خيروسيلة للدعوة هي تربية النشء على الطاعة والعبادة وبعدهم عن مواطن الشبه والريب.. قررت أن تعتذر عن بعض المناسبات حفاظا على صغارها من رؤية بعض المنكرات..
تعتذر وهي فرحة بما تقدم لابنائها من جلوس في المنزل وبعد عن مالا تحب.. رزقها الله التوفيق وأخذ بيدها.. كبر الصغير وحفظ القرآن وظهرت عليه أمارات النباهة والفطانة.. وقالت في نفسها.. الحمد لله.. قدمته للأمة رجلا صالحا مقيما لحدود الله وقافا عند أوامره مبتعدا عن نواهيه.
* حرصت على أن تحفظ ابنها من المزالق وتحميه من الانحراف.. وأن تكثر أمة محمد- صلى الله عليه وسلم - فدفعت بابنها إلى الزواج وهو في سن الثامنة عشرة.. تعجب الكثير ولكن عندما أصبح الأمر واقعا تغيرت نظرة الكثير ممن حولهم وتيقنوا أن تلك السن سن طبيعية للزواج..

رد مع اقتباس
  #48  
قديم 04-04-2005, 12:53 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

قواعد أساسية في تربية الطفل



سلوك الطفل سواء المقبول او المرفوض يتعزز بالمكافآت التي يتلقاها من والديه خلال العملية التربوية وفي بعض الاحيان وبصورة عارضة قد يلجأ الوالدان الى تقوية السلوك السيء للطفل دون ان يدركا النتائج السلوكية السلبية لهذه التقوية

يمكن تلخيص القواعد الاساسية لتربية الطفل فيما يلي:

1- مكافأة السلوك الجيد مكافأة سريعة دون تأجيل
المكافأة والاثابة منهج تربوي أساسي في تسييس الطفل والسيطرة على سلوكه وتطويره وهي ايضا اداة هامة في خلق الحماس ورفع المعنويات وتنمية الثقة بالذات حتى عند الكبار ايضا لأنها تعكس معنى القبول الاجتماعي الذي هو جزء من الصحة النفسية

والطفل الذي يثاب على سلوكه الجيد المقبول يتشجع على تكرار هذا السلوك مستقبلا

مثال
في فترة تدرب الطفل على تنظيم عملية الاخراج ( البول والبراز ) عندما يلتزم الطفل بالتبول في المكان المخصص على الام ان تبادر فورا بتعزيز ومكافأة هذا السلوك الجيد اما عاطفيا وكلاميا ( بالتقبيل والمدح والتشجيع ) او باعطائه قطعة حلوى .. نفس الشيء ينطبق على الطفل الذي يتبول في فراشه ليلا حيث يكافأ عن كل ليلة جافة

انواع المكافآت

1- المكافأة الاجتماعية:
هذا النوع على درجة كبيرة من الفعالية في تعزيز السلوك التكيفي المقبول والمرغوب عند الصغار والكبار معا .

ما المقصود بالمكافأة الاجتماعية؟
الابتسامة - التقبيل - المعانقة - الربت - المديح - الاهتمام - ايماءات الوجه المعبرة عن الرضا والاستحسان

العناق والمديح والتقبيل تعبيرات عاطفية سهلة التنفيذ والاطفال عادة ميالون لهذا النوع من الاثابة

قد يبخل بعض الآباء بابداء الانتباه والمديح لسلوكيات جيدة اظهرها اولادهم اما لانشغالهم حيث لاوقت لديهم للانتباه الى سلوكيات اطفالهم او لاعتقادهم الخاطئ ان على اولادهم اظهار السلوك المهذب دون حاجة الى اثابته او مكافأته
مثال
الطفلة التي رغبت في مساعدة والدتها في بعض شئون المنزل كترتيب غرفة النوم مثلا ولم تجد أي اثابة من الام فانها تلقائيا لن تكون متحمسة لتكرار هذه المساعدة في المستقبل

وبما ان هدفنا هو جعل السلوك السليم يتكرر مستقبلا فمن المهم اثابة السلوك ذاته وليس الطفل
مثال:
الطفلة التي رتبت غرفة النوم ونظفتها يمكن اثابة سلوكها من قبل الام بالقول التالي: ( تبدو الغرفة جميلة . وترتيبك لها وتنظيفها عمل رائع افتخر به ياابنتي الحبيبة ) .. هذا القول له وقع اكبر في نفسية البنت من ان نقول لها ( انت بنت شاطرة )

2- المكافأة المادية:
دلت الاحصاءات على ان الاثابة الاجتماعية تأتي في المرتبة الاولى في تعزيز السلوك المرغوب بينما تأتي المكافأة المادية في المرتبة الثانية , ولكن هناك اطفال يفضلون المكافأة المادية

ما المقصود بالمكافأة المادية ؟
اعطاء قطعة حلوى - شراء لعبة - اعطاء نقود - اشراك الطفلة في اعداد الحلوى مع والدتها تعبيرا عن شكرها لها - السماح للطفل بمشاهدة التلفاز حتى ساعة متأخرة - اللعب بالكرة مع الوالد -اصطحاب الطفل في رحلة ترفيهية خاصة ( سينما - حديقة حيوانات - سيرك .. الخ )


ملاحظات هامة

1- يجب تنفيذ المكافأة تنفيذا عاجلا بلا تردد ولا تأخير وذلك مباشرة بعد اظهار السلوك المرغوب فالتعجيل باعطاء المكافأة هو مطلب شائع في السلوك الانساني سواء للكبار او الصغار

2- على الاهل الامتناع عن اعطاء المكافأة لسلوك مشروط من قبل الطفل ( اي ان يشترط الطفل اعطائه المكافأة قبل تنفيذ السلوك المطلوب منه ) فالمكافأة يجب ان تأتي بعد تنفيذ السلوك المطلوب وليس قبله .



2- عدم مكافأة السلوك السيء مكافأة عارضة او بصورة غير مباشرة
السلوك غير المرغوب الذي يكافأ حتى ولو بصورة عارضة وبمحض الصدفة من شأنه ان يتعزز ويتكرر مستقبلا

( مثال )
الام التي تساهلت مع ابنتها في ذهابها الى النوم في وقت محدد بحجة عدم رغبة البنت في النوم ثم رضخت الام لطلبها بعد ان بكت البنت متذرعة بعدم قدرتها على تحمل بكاء وصراخ ابنتها
تحليل
في هذا الموقف تعلمت البنت ان في مقدورها اللجوء الى البكاء مستقبلا لتلبية رغباتها واجبار امها على الرضوخ


(مثال آخر)
اغفال الوالدين للموعد المحدد لنوم الطفل وتركه مع التليفزيون هو مكافأة وتعزيز غير مباشر من جانب الوالدين لسلوك غير مستحب يؤدي الى صراع بين الطفل واهله اذا اجبروه بعد ذلك على النوم في وقت محدد



3- معاقبة السلوك السيء عقابا لاقسوة فيه ولاعنف
أي عملية تربوية لا تأخذ بمبدأ الثواب والعقاب في ترشيد السلوك بصورة متوازنة وعقلانية تكون نتيجتها انحرافات في سلوك الطفل عندما يكبر

العقوبة يجب ان تكون خفيفة لاقسوة فيها لأن الهدف منها هو عدم تعزيز وتكرار السلوك السيء مستقبلا وليس ايذاء الطفل والحاق الضرر بجسده وبنفسيته كما يفعل بعض الاباء في تربية اولادهم .

وعلى النقيض نجد امهات ( بفعل عواطفهن وبخاصة اذا كان الولد وحيدا في الاسرة ) لايعاقبن اولادهن على السلوكيات الخاطئة فيصبح الطفل عرضة للصراع النفسي او الانحراف عندما يكبر

انواع العقوبة:

- التنبيه لعواقب السلوك السيء
- التوبيخ
- الحجز لمدة معينة
- العقوبة الجسدية

وسيتم شرحها بالتفصيل

يجب الامتناع تماما عن العقوبات القاسية المؤذية كالتحقير والاهانة او الضرب الجسدي العنيف لأنها تخلق ردود افعال سلبية لدى الطفل تتمثل في الكيد والامعان في عداوة الاهل والتمسك بالسلوك السلبي الذي عوقب من اجله لمجرد تحدي الوالدين والدخول في صراع معهم بسبب قسوتهم عليه




أخطاء شائعة يرتكبها الآباء
1- عدم مكافأة الطفل على سلوك جيد :

( مثال )
أحمد طالب في الابتدائي استلم شهادته من المدرسة وكانت درجاته جيدة عاد من المدرسة ووجد والده يقرأ الصحف وقال له (انظر يا ابي لقد نجحت ولاشك انك ستفرح مني). وبدلا من ان يقطع الوالد قراءته ويكافئ الطفل بكلمات الاستحسان والتشجيع قال له (انا الآن مشغول اذهب الى امك واسألها هل انهت تحضير الاكل ثم بعد ذلك سأرى شهادتك).

2- معاقبة الطفل عقابا عارضا على سلوك جيد :

( مثال )
زينب رغبت في أن تفاجئ أمها بشيء يسعدها فقامت الى المطبخ وغسلت الصحون وذهبت الى امها تقول ( انا عملت لك مفاجأة يا امي فقد غسلت الصحون) فردت عليها الام (انتي الآن كبرتي ويجب عليك القيام بمثل هذه الاعمال لكنك لماذا لم تغسلي الصحون الموجودة في الفرن هل نسيتي؟ )

تحليل:
زينب كانت تتوقع من امها ان تكافئها ولو بكلمات الاستحسان والتشجيع لكن جواب الأم كان عقوبة وليس مكافأة لأن الأم :
اولا لم تعترف بالمبادرة الجميلة التي قامت بها البنت
ثانيا وجهت لها اللوم بصورة غير مباشرة على تقصيرها في ترك صحون الفرن دون غسيل

3- مكافأة السلوك السيء بصورة عارضة غير مقصودة :

( مثال )
مصطفى عاد الى المنزل وقت الغذاء واخبر والدته انه يريد النزول في الحال للعب الكرة مع اصدقائه قبل ان يتناول غذاءه فطلبت منه الوالده ان يتناول الطعام ثم يأخذ قسطا من الراحة ويذهب بعد ذلك لاصدقائه فأصر مصطفى على رأيه وبكى وهددها بالامتناع عن الطعام اذا رفضت ذهابه في الحال فما كان من والدته الا ان رضخت قائلة له ( لك ماتريد يا ابني الجبيب ولكن لاتبكي ولا ترفض الطعام واذهب مع اصدقاءك وعند عودتك تتغذى )

4- عدم معاقبة السلوك السيء :

( مثال )
بينما كان الاب والام جالسين اندفع الابن الاكبر هيثم يصفع أخيه بعد شجار عنيف اثناء لعبهم ونشبت المعركة بين الطفلين فطلبت الام من الاب ان يؤدب هيثم على هذه العدوانية لكن الأب رد قائلا ( الاولاد يظلوا اولاد يتعاركون لفترة ثم يعودوا احباء بعد ذلك )

تحليل:
هذا الرد من الاب يشجع الابن الاكبر على تكرار اعتدائه على اخيه ويجعل الاخ الاصغر يحس بالظلم وعدم المساواة

رد مع اقتباس
  #49  
قديم 04-04-2005, 10:24 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

دور الأسرة و المعلم في صقل موهبة الطفل

يعتبر الطفل ملكة إبداعية يمكن تنميتها بأنواع من المعارف التي تزيد من نموه و تطوره الفكري و النفسي ، بحيث يملك في داخله جملة من المواهب و المهن التي تجعله دائما يتطلع إلى الأفق و إلى التفكير في المناصب العالية و المهمة في المجتمع .
و يعضد رأيي ، أخي المعلم أختي المعلمة ، أننا لو فتحنا الحوار مع تلاميذنا في القسم حول أحلامهم و مشاريعهم المستقبلية لوجدنا التلميذ يختار الأحسن و الأجود و الأصلح . ذلك أنه يتمنى أن يكون فردا صالحا في هذا المجتمع . و هو بذلك يأتي إلى المدرسة و هو يحمل بداخله الكثير من الأحلام و الأمنيات التي يريد تحقيقها خلال مسيرته الدراسية ،
و لكن سرعان ما تتلاشى هذه الأحلام و تلك الأمنيات لتصبح ضربا من الخيال الذي يستحيل تحقيقه فيقف الطفل في بداية مشواره عاجزا بدون حراك .

والى هنا حق لنا أن نتساءل من يتحمل المسؤولية في كبت مواهب أطفالنا و هم في بداية الطريق ؟ و ما الدافع الذي يجعلهم ينفرون من المدرسة و يكرهونها ؟ هل المسؤول هو المعلم أم الأســــــرة و المجتمع ؟

يعتبر المعلم الحافز و الدافع القوي لدفع التلميذ إلى تحقيق ما هو أفضل
و أهم . فهو المرشد و الموجه الأمين الذي يأخذ بأيدي أبنائنا إلى بحر العلم الوافر لينهلوا منه و يسقي منه كل ضمآن إلى أن يرتوي . كما يغرس في نفسية طفلنا الحب
و الإخلاص لرموز الوطن و معالم سيادته
و يكرهه في البغض و الخيانة ضد الوطن الذي يحميه و يأويه ، و يحاول أن يوفر له كل الإمكانيات و الحقوق التي تجعله فردا صالحا في مجتمعه من حق العلاج و حق التعليم .....
و غيرها من الحقوق .

و عليه ، يصادف المعلم في قسمه أنواعا و أشكالا متعددة . فهو يكتشف الفنان
و الأديب و الرسام و الرياضي و المخترع و...و......... فإما أن يأخذ بيده ليسير به إلى الأمام و ينمي فيه شعلة الإبداع الموجودة فيه ، و إما أن يهمله و يتغاضى عنه فتنطفئ تلك الشعلة .

و حرص الأسرة و افتخارها بمواهب طفلها و تشجيعه على ذلك له دور كبير أيضا في مساعدة الطفل المبدع لبلوغ هدفه المنشود
و تحقيقه النجاح الذي يطمح إليه . و على عكس ذلك فان إهمال الأسرة لهذا الطفل المبدع و عدم الاكتراث لمواهبه و الأخذ بها يؤدي به لا محالة إلى الضيـــــــــاع و الاستسلام للفشل و الكسل و عدم المبالاة بدراسته
و حتى بوجود أسرته في حياته . و هنا لا يحقق الطفل نفسه و يصبح لا يشعر بذاته فيفشل
و هو في بداية طريقه و ربما يلجأ إلى مصاحبة رفاق السوء لتعويض النقص الذي يشعر به حتى يحقق ذاته . و في هذه الحالة يكتسب طبائع سلبية و غير سوية تجعل منه طفلا متشردا و مهملا .

ان عدم اهتمام الأسرة بطفلها و عدم إشباعها لحاجاته و انتباهها لمكنوناته يعرضه لإحباطات نفسية يرثى لها . كما أن عدم اهتمام المدرسة بميولات و رغبات هذا الطفل و عدم توفير الجو المناسب و الملائم له يجعله يهاب و يخاف من المدرسة . و قد يصل الحد إلى أن يكرهها لأنها قتلت فيه حلما جميلا كان موجودا بداخله .
فنصيحتنا للأسرة أن تنظر لطفلها على أنه فرد من أفراد هذه الأسرة ، له حقوق خاصة به و أن ممارسة العنف ضده على سبيل التهديد لا يأتي بنتيجة و إنما يؤدي به إلى الضياع . فينبغي الاهتمام به و رعايته من جميع الجوانب النفسية و الاجتماعية و الفكرية بتشجيعه و الوقوف إلى جانبه .

و نصيحتنا للمدرس أن ينمي هذه الطاقات الإبداعية و يخرجها إلى النور بفتح باب المطالعة و المنافسة بين هؤلاء الأطفال
و فسح المجال أمام التلميذ من أجل التعبير عما بداخله بتوفير الجو المناسب له في حصص الأشغال و مواد النشاط و حصص الرياضة
و الترفيه للأخذ بيد هذا الطفل إلى الإنتاج و التصنيع .

و إنني واثقة أنه لو تعاونت كل من الأسرة و المدرسة في تنشئة و تنمية مواهب أطفالنا لحققنا نجاحا عظيما يخدم مجتمعنا خاصة و أمتنا عامة . و أختم كلامي بقول محمد الأحمد الرشيد : وراء كل أمة عظيمة تربية عظيمة.......و وراء كل تربية عظيمة معلم متميز .

بقلم أم سلمى محافظي مليكة
الجزائر

رد مع اقتباس
  #50  
قديم 05-04-2005, 01:52 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

تربية الأطفال في رحاب الإسلام

( التربية الدينية )

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آلـه و صحبه أجمعين، و على من اهتدى بهديه و سار على نهجه إلى يوم الدين و بعد،

سوف نتحدث في هذا الفصل عن أفضل وسائل تلقين الطفل العقيدة الصحيحة، عقيدة التوحيد، من الإيمان بالله و ملائكته و الإيمان بالقدر، و ضرورة محبة الله و رسوله …
و بالشكل المبسط الذي يدركه الطفل .
و عن تهيئة الطفل لأجواء العبادة حسب طاقته … من تعليمه الوضوء و ما يستطيع حفظه من القرآن الكريم … إلخ

معنى الدين:

( ورد \" معنى الدين\" في القرآن الكريم مصطلحاً جامعاً شاملاً، يريد به نظاماً للحياة يذعن فيه المرء لسلطة عليا لكائن ما. ثم يقبل إطاعته و اتباعه و يتقيد في حياته بحدوده و قواعده و قوانينه، و يرجو في طاعته العزة و الترقي في الدرجات، و حسـن الجزاء و يخشى في عصيانه الذلة و الخزي و سوء العقاب)(1).
هذه المعاني هي التي نريد أن نغرسها في نفوس أبنائنا فالإسلام ليس ديناً كنسياً يفصل بين الدين و الحياة، و إنما هو دين الحياة و كل ما هو من الدين يُصْلح الحياة و يرقى بها، و كل ما هو يصلح للحياة فهو من الدين و عباده إذا احتسبها صاحبها.
أهمية تلقين الطفل العقيدة الصحيحة:
( لا شك أن تأسيس العقيدة السليمة منذ الصغر أمر بالغ الأهمية في منهج التربية الإسلامية، و أمر بالغ السهولة كذلك ) (2)
فالله سبحانه و تعالى قد تفضل على بني آدم بأمرين هما اصل السعادة :
أحدهما: أن كل مولود يولد على الفطرة. كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:\" كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه
الثاني: أن الله تعالى قد هدى الناس هداية عامة، بما جعل فيهم بالفطرة من المعرفة و أسباب العلم، و بما أنزل إليهم من الكتب و أرسل إليهم من الرسل(3)
و لذلك اهتم الإسلام بتربية الأطفال على عقيدة التوحيد منذ الصغر، و من هنا جاء استحباب التأذين في الأذن اليمنى، و الإقامة في أذن الطفل اليسرى.
و لقد اهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأطفال، فغرس في نفوسهم أسس العقيدة، فهذا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يعلمه رسول الله صلى الله عله وسلم \"يا غلام إني أُعلمك كلمات. احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك، و إذا سألت فاسأل الله، و إذا استعنت فاستعن بالله، و اعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك، و إن اجتمعوا على أن يضروك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيءٍ قد كـتبه الله عليك، رُفعت الأقلام و جَفَّت الصحف\"(4)
إن الإجابة السليمة الواعية عن تساؤلات الأطفال الدينية بما يتناسب مع سنهم و مستوى إدراكهم و فهمهم أمر ضروري مع اعتدال في التربية الدينية لهم و عدم تحميلهم ما لا طاقة لهم به و كذا الاقتداء بأخلاق سيد الخلق في سلوكه و تعامله مع الأطفال.

{ جوانب من البناء العقدي عند الطفل المسلم }
I) الإيمان بالله جل و علا:
إن أهم واجبات المربي، حماية الفطرة من الانحراف و صيانة العقيدة من الشرك. و تبدأ عملية تعليم الطفل، الايمان بالله، من خلال غـرس محبة الله تعالـى في نفس الطفل، و يكون ذلك بإشعار الطفل، بفضل الله العظيم عليـه، إذ خلق له عينين
و أذنين و لسـاناً و شفتين، و خلق له الطعام اللذيذ… و كل ما يحبه هذا الصغير، فلا يملك الطفل إلا أن ينشأ على محبة خالقه جل و علا.
( و يبتعد المربي عن تلقين الأطفال اسم الله من خلال الأحداث الأليمة، ذلك أن للخبرات الأليمة أثرها في تشكيك المؤمن في عقائده و انحيازه إلى النزعة اللادينية) (5)

إضافة، لغرس المحبة لله في نفس الطفل، ينبغي كذلك غرس عظمة الله سبحانه، و تعالى في نفسه، و يكون ذلك ، من طريق لفت نظره إلى مظاهر قدرة الله و نعمه التي لا تحصى.
و مما ينبغي الاشارة إليه، أنه على المربي، أن يغرس في نفس الطفل مكانة و كرامة
الانسان عند الله، حيث سخر له ما في السموات و الأرض و ما بينهما حتى ملائكته جعلهم حفظه له في منامه و يقظته و أنزل إليه و عليه كتبه، و من مظاهر تكريم الله للإنسان، أن خلقه بيده و نفخ فيه من روحه و اسجد له ملائكته، و علمه أسماء كل شيء. و ينبغي للمربي أن يُركز على جانب الترغيب لا الترهيب حتى يتعلـق قلب الطفل بالله، و ينمو شعوره الديني على حب الله تعالى، و الاستعداد التام لطاعة أوامره.

Ii- تعويد الأطفال حب رسول الله صلى الله عليه وسلم:
على المربين و موجهي الأطفال، أن يغرسوا حب رسول الله عليه والصلاة و السلام في نفوس الناشئـة . فحب رسـول الله من حب الله جل و علا، و لا يكون المرء مؤمناً إلا بحب الله و رسوله. عن أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله :\"لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده و ولده و الناس أجمعين\". متفق عليه. و السبيل إلى ذلك، يكون من طريق سرد مواقف من السيره النبوية من صفاته صلىالله عليه وسلم مثل: الرحمة بالصغار و بالحيوان و بالخدم … فتتأثر نفوسهم، و تتفاعل قلوبهم بحب الرسول عليه الصلاة و السلام و حب رسالته و في ذلك المغفرة و جنات النعيم.
قال تعالى إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله و يغفر لكم ذنوبكم و الله غفور رحيم) آية (31) من آل عمران.
بالاضافة إلى ذلك لا بد من إعطاء صورة واضحة للأطفال عن النبي صلى الله عليه وسلم، بدءً بنسبه الشريف، مرورا بتعبده في غار حراء ثم بعثته صلى الله عليه وسلم، ثم تبيان مكانته قبل البعثه عند قومه، و إظهار حب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم له و دفاعهم عنه و عن الدين. و لا بد من، توضيح صفاته، الخَلْقية، من أكل و شرب و تمشيط و قص أظفار وسواك، صدق و أمانة و تواضع و غير ذلك.
ج) الإيمان بالملائكة:
الملائكة جند الله، يأتمرون بأمره و لا يعصونه … إن في العالم مخلوقات كثيرة لا نعرفها، يعلمها خالقها جل و علا، و من بينها الملائكة… بهذه الصورة يمكن أن نتحدث عن هذا الركن الايماني الغيبي أمام الأطفال.
و نضيف اليهم: إن أعمال الملائكة نستشفها من بعض الآيات القرآنية، ومن ذلك حفظ الانسان قال تعالى ( إن كلُ نفس لما عليها حافظ) (6) و كتابة ما يعمله الانسان في هذه الحياة (ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيب عتيد) (7)
و يحذر المربون من تثبيت صورة خاطئة في عقول الاطفال عن شكل الملائكة مثلاً.. و لا سيما أن أكثر وسائل الاعلام تصور الملائكة باشكال معينة لها أجنحة.

Viii) عدم التركيز على الخوف الشديد من النار:
إن الطفل ذو نفس مرهفة شفافة، فلا ينبغي تخويفه و لا ترويعه، لان نفسه قد تتأثر تأثراً عكسياً .
و يمكن للمربي أن يمر على قضية جهنم مراً خفيفاً رفيقاً امام الاطفال، دون التركيز المستمر على التخويف بالنار. ظناً منه أن هذه وسيلة تربوية ناجحة.
أخرج الحاكم و البيهقي عن سهل بن سعد رضي الله عنه، أن فتى من الانصار دخلته خشية الله، فكان يبكي عند ذكر النار، حتى حبسه ذلك في البيت، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءه في البيت، لما دخل عليه اعتنقه النبي و خر ميْتاً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:\" جهزوا صاحبكم فإن الفَرقَ فلذَ كبده\" (8) . الفرق : الخوف ، فلذ: قطع.
هـ _ الإيمان بالقدر:
و علينا أن نزرع في نفس الطفل عقيدة الايمان بالقدر منذ صغره، فيفهم أن عمره مجدود، و أن الرزق مقدر و لذلك فلا يسأل غير الله، و لا يستعين إلا بـه
و أن الناس لا يستطيعون أن يغيروا ما قدره الله سبحانه وتعالى ضراً و لا نفعا، قال تعالى قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) (8) . أما كيف يتم ذلك، فمن خلال انتهاز الفرص المناسبة . و لعل أبرز الظواهر التي نلفت نظر الأطفال في هذا المجال: ظاهرة الموت. فهم قد يتقبلونه تقبلاً معتدلاً، و ذلك في ظل أسرة لا تبدي جزعها من الموت، و تشعر الاطفال ( ببساطة ) أن من ينتهي عمره يموت.أما إن شعر الأطفال ، بطريقة ما ، أن الموت عقوبة، و ذلك من خلال التعليق على موت أحد الناس:\" و الله إنه لا يستاهل هذا الموت\" كما تقول بعضهن في لحظة انفعال، نسأل الله المغفرة و الهداية. و كذا إن هددت الأم طفلها بالضرب و التمويت، فيزرع في ذهنه أن الموت عقوبة، و ليس نهاية طبيعية و منتظره للجميع مما يجعلهم يجزعون منه مستقبلاً.
و نعود الأطفال البذل و العطاء و الرحمة بالفقراء، و ذلك لتتهيأ نفوسهم لدفع الزكاة، و العطف على المساكين و كلمات بسيطة ترثي فيها الأم أو الأب أو المربي، لحال المساكين مع إثارة الشفقة عليهم تجعل أنفس الأطفال تسخو بالعطاء، و تجود به، و لو بمصروفهم اليومي.

{ تعليم القرآن و اعتياد توقيره}

لقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على حفظ كتاب الله و تفهمه و أخذ بذلك علماء هذه الأمة.
يقول الإمام الشافعي رحمه الله حفظت القرآن و أنا ابن سبع سنين و حفظت الموطأ و أنا ابن عشر) (10) .
و لتعليم الأطفال القرآن الكريم أو حفظه، لا بد من تشجيعهم على ذلك بذكر فضل تلاوة القرآن و حفظه، من مثل، إن الماهر في تعلم القرآن و حفظه، سيكون مع السفرة الكرام البررة، و الذي يقرأ القرآن و يتلعثم فيه و هو عليه شاق، فله أجران، و أنه لكل من يتلو حرفاً من القرآن له حسنة، و ( الم ) ثلاثة حروف، و من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها.
و يعلم الاطفال شيئاٍ من آداب التلاوة: ترتيل القرآن الكريم و المداومة على هذه التلاوة، ثم أن يبدأ بالاستعاذه من الشيطان الرجيم ثم يأتي بالبسملة. و أن يوقر الطفل المصحف ففيه كلام الله، لا يبحث يعبث أو يرميه الى صاحبه إذا أراد أن يناوله إياه، لأنه كلام الله تعالى الذي يجب أن نوقره و نجله.
و على المربي أن يحاول قدر الإمكان أن يعلم الاطفال الآية القرآنية و( إذا قرىء القرآن فأنصتوا لعلكم ترحمون ) (11) و مع تكرارها أمام الطفل يحفظها ويفهم المقصود منها .
و هنالك سور قصيرة، من المناسب أن يحفظها الطفل مثل، سورة الفاتحة، لإخلاص ، الكوثر ، العصر، الفيل ، النصر، المسد، سورة القدر و النصر، و ذلك حسب طاقة الطفل و سنه في هذه المرحلة ، مع التفسير المبسط و سبب النزول على شكل قصة مبسطة كذلك.
و علينا ألا ننسى أثر القدوة الطيبة في استجابة الطفل، فالمربي الذي يوقر القرآن و يجله و يحسن الاستماع اليه سيكون له أكبر الاثر في نفس الطفل و عظيم تقديره لكلام الله.
و كذا بالنسبة للرزق: جميل بالمربية أن تتعمد أمام طفلها حمد الله تعالى على ما أعطى من الرزق، فذلك يرسخ في ذهنه أن المال مال الله و الخير كله منه. و إن قال لها مستنكراً، لا إن المال من مكان كذا، كمكان عمل والده فهي الفرصة لأن تغرس في نفسه أنه لا بد من اتخاذ الأسباب المؤدية إلى النتائج بحسب السَّنة الجارية… و من ثم يحس بوجوده الذاتي و يعمل دون أن يفتن بنفسه ولا بعمله، و دون أن يفتن بالاسباب.
إن اتخاذ الاسباب مع الإيمان بالقدر، يجعل من المسلم إنساناً مقداماً لا يخش إلا الله، كريماً لا يخاف على نفسه الفقر، صبوراً لا يهلع أمام كل مصيبة ما دامت مقررة.

{ تهيئة الطفل المسلم لاجواء العبادة}

يبدأ تعليم الأطفال العبادات ، من سن التمييز، عندما يصبح باستطاعة الطفل أن يأكل و يشرب وحده، أن يخلع و يلبس ثيابه لوحده. فبالإمكان أن يعلم آداب قضاء الحاجة، و الوضوء حسب قدرته، و يحسن أن نعلمه فضل الوضوء، و أنه يمحو الآثام عند غسل كل عضو من الأعضاء فإذا توضأ و أحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده و أن المسلم طاهر نظيف.
قد يتعلم الطفل الجريء الآذان و إذا اراد أن يتوجه نحو القبلة ، نعلمه الإتجاه الصحيح في الصلاة و السبب في ذلك.
و يتبع المربي افضل السبل و أرقها لتحبيب الصغار في الصلاة . و من وسائل الترغيب، أن نفهم الأطفال بأننا نصلي ليحنا الله و أن المصلين لهم الجنة، و أن نحاول جاهدين أن يكون العمل ذاتياً و العبادة نابعة من نفس الطفل.
و في الصيام: نلجأ إلى التدرج في تعويده الصيام مع إعلام الطفل أن هذا ليس هو الصيام المكلف به، و إنما هو لأجل التدريب، و ذلك حتى لا يحجم الأطفال في الأسر المسلمة عن الطعام و الشراب في شهر رمضان كله فتتضرر أجسامهم إذا كانوا ضعاف البنية صغار السن لا يطيقون الصيام . أما إذا كانوا يطيقونه فلا بأس من تدريبه عليه.
و للحج موسم سنوي يحسن بالمربية انتهاز هذا الموسم و الحديث عن هذه الفريضة، عن قصة يناء البيت العريق من أجل توحيد الله بالعبادة. و إذا حج أحج الأقارب أو الجيران نصحبه لزيارته

1- أبو الأعلى المودودي(المصطلحات الأربعة في القرآن ص26)
2 - منهج التربية الإسلامية محمد قطب 2/164
3 - الفتاوى لابن تيمية 14/283-294
4 - رواه الترمزي و قال حديث حسن صحيح.
5 - تطور الشعور الديني عند الطفل و المراهق. د/عبد المنعم المليجي 4/61
6- سورة الطارق آية 4
7- سورة ق آية 18
8- أخرجه الحاكم و البيهقي
9- سورة التوبة آية 51
10- طبقات الحفاظ للسيوطي ص 154
11- الأعراف آية 204

إعداد / روضة الهدى

رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 01:16 PM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع