الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
العلماءُ هم أئمةُ الأنامِ ، وزواملُ الإسلامِ ، الذين حفظوا على الأمةِ معاقدَ الدينِ ومعاقلهُ ، وحموا من التغييرِ والتكديرِ مواردهُ ومناهلهُ الذين قال فيهم الإمامُ أحمدُ : " يدعون من ضل إلى الهدى ، ويصبرون منهم على الأذى ، يُحيون بكتابِ اللهِ تعالى الموتى ، ويُبَصرون بنورِ اللهِ أهل العمى ، فكم من قتيلِ لأبليس قد أحيوه ، وكم من ضال تائهِ قد هدوه " .
كتب في جريدةِ " الوطن " - التي لها سوابق معروفة عند الجميع - نكرةٌ قزمٌ رداً - كما يزعمُ - على العلامةِ الشيخِ صالحٍ الفوزان - حفظهُ اللهُ - لمقالٍ نشرتهُ اضغط هنا ، وقد جمع صاحبُ الردِّ : " حَشفاً وَسُوءَ كَيَلةٍ " ، أو في المثلِ الأخرِ : " ضِغْثاً عَلَى إِبَّالةٍ " ومعناهما أنه جمع بليةَ على أخرى .
البليةُ الأولى : اتهامُ الشيخِ بأنه يكفرُ ضمنياً كما جاء في عنوانِ الردِّ ، ولا أدري كيف فهم هذا الفهم السقيم المتهافت ؟ .
البليةُ الثانيةُ : قلةُ الأدبِ التي خاطب بها الشيخُ في ردّهِ عليه فتجدهُ يردد كلمة " الكاتب " ، واستخسر في التأدبِ مع الشيخِ أن يقولَ له : " الشيخِ " ولو على سبيلِ أنه أكبرُ منهُ سناً على أقلِ تقديرٍ .
ولنا مع الجريدةِ والكاتبِ وقفاتٌ :
الوقفةُ الأولى :
أن جريدةَ " الوطن " بنشرها لهذا النكرةِ القزمِ تفتحُ باب شرٍ لأمثالِ هؤلاءِ في التطاولِ على حملةِ الشريعةِ وعلماءِ الأمةِ ، فإذا كان مثلُ كلامه لا يجوزُ في حقِّ طالبِ علمٍ صغيرٍ فكيف بعالمٍ من علماءِ الأمةِ المعروفين بالعلمِ والفتيا وعضو ؟!
كيف تنشرُ الجريدةُ الردَّ لهذا القزمِ من غيرِ اطلاعٍ قبل نشرهِ ؟
والعجيبُ أنه يرمي الشيخَ بأنه لا يؤمن بالرأي والرأي الآخر !
إذا لم تتأدب أنت مع الرأي الآخر فكيف يُقبلُ رأيك أيها الواعظُ لغيرهِ كما تزعم ؟
الوقفةُ الثانيةُ "
يعلمُ اللهُ أنني لم أرد نشر مقالِ هذا النكرةِ ولكني أخشى أن يفتحَ البابُ لهذا وأمثالهِ من بابِ الرأي والرأي الآخر في الجرائدِ والمجلاتِ ثم يتدرج بنا الأمرُ إلى إسقاطِ هيبةِ العلماءِ والنيلِ منهم ، وإذا بلغ الأمر أن لا تقدر الأمةُ العلماءَ فاضرب كفاً على كفٍ ، نسألُ اللهَ السلامةَ والعافيةَ .
قال ميمونُ بنُ مهرانِ : " العلماءُ هم ضالتي في كلِّ بلدٍ ، وهم بغيتي إذا لم أجدهم ، وجدتُ صلاحَ قلبي في مجالسةِ العلماءِ " .
وقال أيضاً : " إن مثلَ العالمِ في البلدِ كمثلِ عينٍ عذبةٍ في البلدِ " .
وقال ابنُ حزمٍ : " اتفقوا على توقيرٍ أهلِ القرآنِ والإسلامِ والنبي صلى اللهُ عليه وسلم ، وكذلك الخليفةُ والفاضلُ والعالمُ " .
وقال ابنُ أبي العزِ في " شرح الطحاويةِ " : " فيجبُ على كلِّ مسلمٍ - بعد موالاةِ اللهِ ورسولهِ - موالاةُ المؤمنين ، كما نطق به القرآنُ ، خصوصاً الذين هم ورثةُ الأنبياءِ ، الذين جعلهم اللهُ بمنزلةِ النجومِ ، يُهتدى بهم في ظلماتِ البرِ ، وقد أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم ، إذ كلُّ أمةٍ قبل مبعثِ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم علماؤها شرارها إلا المسلمين ، فإن علماءهم خيارهم ، فإنهم خلفاءُ الرسولِ من أمتهِ والمحيون لما مات من سنتهِ ، فبهم قام الكتابُ ، وبه قاموا ، وبهم نطق الكتابُ وبه نطقوا " .اهـ.
الوقفةُ الثالثةُ :
من هذا المنبرِ أوجهُ رسالةً إلى ولاةِ الأمرِ والعلماءِ أن يأخذوا على يدِ هذا القزمِ ، وأن لا يتهم العلماءَ جزافاً ، وأن يفهم كلامهم قبل أن يحكمَ عليهم بمثل ما حكم به هذا القزم ، ولا أدري كيف فهم أن الشيخ يُكفرُ ضمناً ؟! ربما قرأ مقالَ الشيخَ بالمقلوبِ فخرج كلامهُ مقلوباً كفكرهِ !
وعلى الجريدةِ أن تقدم اعتذاراً رسمياً إلى الشيخِ على صفحاتِ جريدتها كما نشرت لهذا النكرةِ ، وأن لا تفتحَ البابَ لمثل هذه المقالاتِ ، وأن تراجع المقالاتِ التي تردُّ على العلماءِ فإن كان رداً علمياً مؤدباً فلتنشرهُ ، وإما إن كان على شاكلةِ صاحب الردِّ على الشيخِ فلا وألفُ لا .
ردا على صالح الفوزان
نزع صبغة الإسلام عن كل المجتمعات التي تعمل المرأة فيها يعد تكفيرا ضمنيا
ردّا على ما ورد في صحيفة"الوطن" في صفحة نقاشات من العدد رقم (1821) تحت عنوان (لا بأس من عمل المرأة وفق الضوابط الشرعية) لعضو هيئة كبار العلماء صالح فوزان الفوزان.
يقول الكاتب ( كثر الضجيج حول عمل المرأة... إلى قوله : اللهم إلا إن كان يريد العمل الذي تقوم به المرأة في غير المجتمع المسلم ) .
هنا نرى أن الكاتب من خلال استخدامه لعبارة ( كثر الضجيج ) أوحى إلى قارئه أنه لا يؤمن بالرأي والرأي الآخر معتبراً أن ما صدر من أصحاب الرأي الآخر يعد( ضجيجاً ) فلو كانت عبارة ( كثر الضجيج ) غير مقصودة لقال (كثر الكلام) .
ولم يكتف الكاتب بذلك بل تعداه إلى ما هو أكبر وأخطر فقد نزع صبغة الإسلام ضمنيا عن المجتمعات التي تختلف مع فكره ورأيه بعمل المرأة من خلال عبارة ( غير المجتمع المسلم ) .
وهذا يعد من التهجم على المجتمعات الأخرى أي بمعنى الدول الأخرى.
فما الذي كان يقصده ؟ خصوصا وأنه لدينا دول عربية وإسلامية حصلت المرأة فيها على حقوقها. ثم يقول : (وأول أعمالها القيام بحقوق زوجها الذي هو جنتها أو نارها كما في الحديث) .
وهنا تكلم الكاتب عن المرأة المتزوجة وكأن المرأة في مجتمعنا تولد متزوجه وليس لدينا عوانس أو أرامل، ومع ذلك ألا ترون معي أن أول أعمال المسلم إن كان رجلا أو امرأة هو ما كلفه الله به من العبادة وبر الوالدين ثم في كلامه عن الزوج (الذي هو جنتها أو نارها) ما يناقض الدين فالحياة الزوجية في الإسلام ليست حياة زوجية إلى الممات كما في الديانة المسيحية فإن كان جنة عاشت بنعيمها وإن كان نارا احترقت بها. ألا يوجد لدينا الخلع والطلاق؟
ويقول الكاتب : ( فقد دعا بدعوتكم أناس قبلكم فخاب ظنهم وفشل مسعاهم لأنهم يريدون أن يعاكسوا الفطرة التي فطر الله الناس عليها"لا تبديل لخلق الله"...إلى قوله: والفطرة والشرع يقضيان...إلخ) .
وهنا لعلكم تلاحظون أن الكاتب لم يفرق بين الفطرة والخلق كما أنه أورد عبارة ( لاتبديل لخلق الله ) .
فما علاقة عمل الإنسان رجلا كان أو امرأة في تبديل خلق الله؟أهو العمل المخلوق ؟ أم الإنسان ؟
06-10-2005, 01:07 PM
العرض العادي
