مجالس العجمان الرسمي

العودة   مجالس العجمان الرسمي > ~*¤ô ws ô¤*~المجالس العامة~*¤ô ws ô¤*~ > مجلس الدراسات والبحوث العلمية

مجلس الدراسات والبحوث العلمية يعنى بالدراسات والبحوث العلمية وفي جميع التخصصات النظرية والتطبيقية.

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 22-05-2007, 10:56 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road
التحديث الاجتماعي للفرد




أ – عبدالسلام ادم الذرعاني

التحديث الاجتماعي للفرد
إن الفرد هو الذي يشكل النواة الأساسية للمجتمع ويمثل العضو الحيوي في بناء أساس وكيان الوجود الاجتماعي العام، وهو عبر حاجاته وتواصله واتصاله مع الآخرين تتولد الدوافع الرئيسية للتجمعات البشرية العامة. وهذا يقودنا إلى نتيجة أساسية وهي إن المجتمع لا يتكامل بشكل سوي ولا يتطور إلا مع الصحة الفردية ومع نمو الفرد وتطوره، ذلك إن الفرد هو الذي يصنع التموجات السلبية والإيجابية والتأثيرات المختلفة في جماعته التي تنعكس بشكل مباشر على المجتمع. فإذا ضعف الفرد وانهارت بنيته الفكرية والنفسية تآكلت الجماعة وتفكك المجتمع.
فالفرد يشكل البنية التحتية والعضوية للمجتمع والتغيير الاجتماعي العام يبدأ عبر إيجاد عناصر التغيير الفردي في المجتمع بمعادلة تتدرج من القاعدة إلى القمة حيث المجتمع.
يبدأ التغيير أولا من الأفراد عندما يدرك بعض أفراد المجتمع حقيقة الوضع وتتأصل فيهم روح ونزعة الإصلاح والتجديد ويمتلكون وعيا نوعيا يفتح لهم بصائرهم برؤى قادرة على رؤية الأحداث والوقائع والأشياء وتحليلها بصورة منطقية تؤسس لديهم قناعات وأفكار بضرورة إيجاد حركة تحول جديدة. لتبدأ بعد ذلك حركة تموجات مترابطة ترتد اتجاه الوعي الجماعي.
إن الفرد يمثل الطاقة الفردية للحركة التاريخية باعتباره صانعا للتاريخ وهو بتأثره وتأثيره بالآخرين يبدأ عملا جماعيا لتحقيق النمو والتطور والتكامل، لذلك فان الفاعلية الفردية لا تكون بشكل ذاتي إلا في بعض الأفراد الذي يحملون وعيا راسخا وقدرة على التأثير في الآخرين، إذ أن أغلب الناس قد تعودا على التأثر بالآخرين وبالتالي على التحرك في الإطار العملي والفكري للنخبة الواعية.
وفي ذلك يرى توينبي انه لابد لكل جماعة إنسانية من صفوة قائدة لكي تتقدم وتتحسن أحوالها وان مصير هذه الجماعة كلها مرتبط دائما بهذه الصفوة وأحوالها فإذا ظلت على هذا الحال من القلق والسعي والحرص على الفتح والكشف والتجديد والإحساس بمسئوليتها عن الجماعة تكونت حولهم جماعة من الناس يسيرون في الطريق بعدهم واطردت مسيرة الجماعة وطال عمر صلاحها.
إن التغيير الاجتماعي الذي يبدأ من الفرد لابد أن يتطور بشكل تموج على باقي الأفراد (1 ).
فالإنسان يسعى آلي التحديث لما ينطوي علية من تقدم وتطور يتيحان فرصة تحقيق مستوى أعلى من الحياة ولا يقتصر التطور على الجانب المادي بل يتضمن إلي جانب ذلك الارتفاع بمستوى العلم والمعرفة الإنسانيين ،وتوسيع دائرتهما لما فيهما من تحقيق ذاتية الإنسان وتفجير طاقاته الكامنة ،وينتج عن ذلك ازدياد فرص الإبداع وينعكس هذا كله على الفرد الإنساني وعلى المجتمع ككل متيحا المزيد من الفرص لمزيد من التقدم والتطور وبالتالي لمزيد من التحول في حياة الإنسان بل وفي الإنسان نفسه ويمكن النظر ألي هذا التحول على انه غاية في ذاته،باعتبار إن تقدم الإنسان هو غاية في ذاته وهو في الوقت عينه وسيله لمزيد من التقدم والتطور (2 ) فالإنسان لكي يعيش ويضمن لنفسه وكيانه الوجود والاستمرار يقوم دائما بتغيير محيطه المادي (3 ) .
حيث يرى البعض أن المجتمعات لكي تصبح حديثه لابد من تطوير اتجاه تحديثي وبتعبير أخر وجود الأفراد المؤمنين بالتحديث في المجتمع (4 )وهذا يقتضي وجود طريقه للتفكير تؤدي بالإنسان بان يكون لديه ما يسمى ( بالفيروس العقلي ) وهو ما يطلق عليه علماء النفس ( حاجة الإنجاز) ويؤكد ماكس فيبر على إن المجتمعات التقليدية تحوي في داخلها بذور العصرية وهو يرى أن النسق ألقيمي للكالفينية يحوي على الفيروس العقلي الذي جعل الالتزام العصري ممكنا.
وعموما فان القيم الشخصية في حالة التحديث تتغير بشكل واضح ،والناس أيضا يتغيرون فهم ينضرون إلي المستقبل أكثر مما ينضرون إلي الماضي ،ولديهم اعتقاد اكبر في القدرة الإنسانية من حيث إمكانية السيطرة على البيئة وتغييرها واهم من ذلك كله أنهم يطورون أحساسا قويا بالفرد وبقيمته في حد ذاته(5 ) .
وبذلك يرى بعض الدارسين إن نقطة البدء في أي تعريف للتحديث ليست في طابع المجتمع ولكن في طابع الأفراد ،حيث أكد انكلز إن التحديث الاجتماعي هو أساس التحديث على مستوى الفرد(6) .

نظريات تحديث الفرد
فيما يلي سوف نستعرض جملة من الإسهامات العلمية في هذا المجال التي تميزت بتركيزها على بعد الشخصية :

أولا: نظرية ليرنر:
تعد نظرية" ليرنر" من أكثر نظريات التحديث الاجتماعي شيوعا حيث اهتم في كتابه (( تحول المجتمع التقليدي )) بالطبيعة الأساسية التي انبثق منها التحديث في مجتمعات الشرق الأوسط ،وتوصل إلي أن هذه الطبيعة تتمثل في التغير الاجتماعي الذي طرا على القيم والتفضيلات نحو أنماط أخرى من الحياة تختلف عن الحياة التقليدية التي كانت سأئده في تلك المجتمعات ،وتتميز هذه القيم والاتجاهات بأنها تنطبق على جميع المجتمعات بغض النظر عن خلفيتها العرقية والدينية (7 ).
ويرى" ليرنر" إن التحول الذي حدث في مجتمعات الشرق الأوسط يتجسد في التحول من القيم والاتجاهات التي تؤكد القبول السلبي لمكانة الفرد في المجتمع ،إلي قيم واتجاهات أخرى تهدف إلي الطموح وتسعى إلي المشاركة الايجابية في العملية الاجتماعية وهذه العملية من التحول تتطلب تغير في السمات الشخصية للإفراد الذين
يتعرضون لهذا التحول.
واستعان "ليرنر"هنا بتاريخ المجتمعات الصناعية في تفسير هذا التحول وخاصة ميزة الحراك المكاني في المجتمع الصناعي ،ولكن حدوث مثل هذا
الحراك لا يكفي لتفسير التحول الذي يجري في المجتمعات النامية ،ولهذا يقرر "ليرنر" أن هناك نوع خاص من الحراك يحدث أثناء التحول من القيم التقليدية إلي القيم الحديثة ،وهذا الحراك يسميه الحراك النفسي أو السيكولوجي ،ويرى انه السمة الأساسية للتحديث في الشرق الأوسط.( 8 ) فالمجتمع الانتقالي عنده هو المجتمع الذي بدا عند أفراده الحراك النفسي ،مما ينعكس على تقديرهم لذ واتهم وللآخرين ، وهذا بدوره ينعكس ايجابيا على مقدار مشاركتهم في نشاطات الحياة العامة بالمجتمع وبذلك تزداد درجة مشاركتهم في استحداث المجتمع (9) فالحراك النفسي لدى "ليرنر"هو سرعة التوحد العاطفي مع المظاهر الجديدة في البيئة التي يعيش فيها الإنسان(10 ).
ويؤكد "ليرنر" إن هناك تكاملا بين التحديث والتحضر ،فالمدن هي التي توفر لنا مقومات التحديث مثل المهارات الفنية والموارد والتعليم (11 )
وكذلك يؤكد على آن انتشار التحضر يصحبه زيادة في نسبة التعليم ،وزيادة نسبة التعليم تؤدي ألي زيادة التعرض لوسائل الأعلام (12 )
فهو يرى أن السبب الرئيسي الذي عجل عملية التغير هو انتشار وسائل الاتصال الجماهيري التي غيرت من طموح كثير من أفراد المجتمعات التقليدية (13) وأدت إلي زيادة في النشاط الاقتصادي والنشاط السياسي(14 ) أن نموذج "ليرنر"في شكله
المبسط يرى بان القراءة والكتابة والتعرض لوسائل الأعلام والثقافة من شانه آن يحفز خيال التقمص العاطفي وبالتالي يحفز الحركة العقلية والقابلية للتغير وان الحركة السيكولوجية تمثل صفة اورمز التغيرالاساسي الذي يصاحب التعصر أو التجديد ،وان التقمص العاطفي ( أي القدرة على أن يرى المرء نفسه في وضع إنسان أخرى ) هو الوسيلة التي يحدث عن طريقها التغير(15 ) .
وقد توصل "ليرنر " ألي أن الحضريين والمتعلمين والمشاركين بفعالية في العملية الاجتماعية والذين لديهم شعور بالتعاطف مع الآخرين ،يختلفون تماما عن أولئك الذين لا تتوفر لديهم السمات الشخصية اللازمة لما يسمى بالأسلوب العصري (16) كذلك توصل ألي أن هناك ثلاث أنماط للشخصية وفق منظور التحديث الاجتماعي :
أولا : الشخصية العصرية (الحديثة ) :هي الشخصية الأكثر حركية وفعالية وانفتاحية اواقتدائية تجاه الآخرين وتعرف هذه الخاصية بأنها (( قابلية الإنسان لان يرى نفسه في وضع الآخرين ،فهذه القابلية ضرورية لجميع الذين يريدون أن يتحرروا من أحوالهم التقليدية )) (17) وتمتز أيضا باكتسابها خصائص معينة مثل التعليم ، والتفكير المتحرر ، وارتفاع المستوى الاقتصادي ،والتعامل مع وسائل الاتصال الجماهيري .
ثانيا : الشخصية الانتقالية :وهي تتميز باكتسابها شخصية حرا كية وهذه الشخصية طموحة وتسعى إلي تحسين وضعها ،ولكنها لا تمتلك الامكانات الكافية لتحقيق طموحاتها فهذه الجماعات تفقد احد مقومات التحديث مثل التعليم ،ولكنها تكون على دراية تامة بأسباب وعوامل التحديث عن طريق تعاملها مع وسائل الاتصال الجمعي المختلفة الداخلية ،وكذلك الاستماع إلي الإذاعات الخارجية (18) .
ثالثا : الشخصية التقليدية :وتضم في صفوفها أشخاص أميون يفكرون بأسلوب تقليدي وغير عابئون بالأمور الغير شخصية (19) .
فقد توصل "ليرنر " على هناك علاقة ارتباط عالية جدا بين عدة أبعاد ترتبط بشكل مباشر بالموقف ألتحديثي وهي البيئة الحضرية ،التعليم ،المشاركة في وسائل الاتصال ،المشاركة السياسية (20) .
إن هذه النظرية كانت القاعدة والركيزة التي انطلقت منها الكثير من الدراسات وخاصتا تلك التي أقيمت في الدول النامية ولعل دراسته"عبداللة الهمالي " تحت عنوان التحديث الاجتماعي معالمه ونماذج من تطبيقاته التي أجريت على المجتمع الليبي من بين الدراسات التي اعتمدت على هذه النظرية والمنطلقات الأساسية لها.


ثانيا: نظرية ماكليلاند:
يوضح" ماكليلاند" في دراسة له عن المجتمع المنجز إن الحاجة أو الدوافع للإنجاز تعد الأساس الأول للتنمية الاقتصادية فقد حاول في هذه الدراسة إثبات فرض محدد وهو أن الدافع إلى الإنجاز يعد جزئيا مسئولا عن النمو الاقتصادي داخل اى مجتمع ويوضح العمليات الدينامية الداخلية التي صاحبت النمو الاقتصادي في الغرب فقد حاول أن يفسر الارتباط بين حركة البروتستانت وبين ظهور الرأسمالية في ضوء الثورة التي حدثت في المجال الأسرى حيث صارت الأسر تنشئي الأبناء على أساس التمثيل الداخلي القوى لقيم الإنجاز والعمل والجهد الشخصي من اجل الإنتاج (21) كما واضح كيفية انتقال عدوة الحاجة إلى الإنجاز من خلال القصص الخيالية التي تستخدمها الدول في تعليم جيلها الثالث والرابع من الأطفال كيفية القراءة ومن هنا يبرز لنا" ماكيلاند" ارتباط الحاجة لأيتم الأبناء على أساليب تربوية محددة(22) وكما يؤكد على أن هناك ارتباط بين خصائص الوالدين وبين أسلوب التربية الذي يمكن أن يفسر ارتفاع درجة الحاجة إلى الإنجاز بطابع الحياة داخل الأسرة التي تقوم على أساس الدفء الأسرى وارتفاع مستويات تطلع الإباء بالنسبة للأبناء واختفاء طابع القسوة والتسلط في معاملة الأبناء(23) .
أن ما يميز هذه النظرية هو كونه تولى اهتمام كبير للأسرة والدور الرئيسي الذي تلعبة في تطور المجتمعات عن طريق تحديث أفرادها بالاظافة إلى المؤسسات التربوية داخل الدولة .

ثالثا: نظرية هاجن
تنطلق هذه النظرية من فكرة رئيسية يرى من خلالها" هاجن" بأنها السبب الرئيسي في إحداث التحديث وهي (سحب احترام الوضع اوالمركز )واحترام المركز يعني شعور الفرد بأنه في مكانه الملائم والمقبول في نظام اجتماعي مستقر ،ولا يتوقف هذا على المركز على الوضع الاقتصادي فقط بل يشمل كلما يفعل أو يعتقد من العلاقات بالا فرد الآخرين وبالقوى غير المنظورة التي يؤمن بوجودها وعلى ذلك فان مركز الفرد هو طابعه المميز ،وهو يتضمن أهدافه وقيمه في الحياة ،ففي المجتمعات التقليدية لكي يحقق الفرد مركز الإشباع والرضى لا يشترط أن يكون المركز رفيعا ،بل ملائم للفرد الذي يشغله ومجلبا احترام الآخرين وعلى ذلك فان عملية (سحب وضع الاحترام ) عند هاجن تعني :سحب الاحترام من فرد أو مجموعة أفراد كانوا يحتلون من قبل مراكز اجتماعية محترمه في المجتمع فهاجن يقرر منذ البداية أن ظهور عملية سحب الاحترام أو الاهتزاز في المنزلة الاجتماعية متى ظهرت في مجتمع تقليدي تراخت فيه عرى الروابط بين الافرد أو الجماعات التي تشكل البناء الاجتماعي للمجتمع وهذه الروابط هي التي كانت تشد المجتمع بعضه ببعض ،ويظهر ذلك في أن كثير من الأفراد أو الجماعات تشعر بان الطبقات الأعلى منها لم تعد تنظر نظرة الاحترام ألي أهدافها في الحياة ،وبالتالي فان هولا الافرد أو الجماعات لأتلبث أن تفقد رضاها عن المجتمع التقليدي فتزرع في نفوس أبنائها وأحفادها بذور التغيير وهي بذور يمكن أن تشق طريقها من خلال أقوى اغلقة الضوابط الاجتماعية وتدفع المجتمع إلي اتجاهات حديثة (24 ).
وهذا التأثير على الروابط الاجتماعية في ضوء العلاقات الاجتماعية الجديدة بعد حدوث عملية سحب الاحترام، ينعكس أثره داخليا في بيئة البيت أي في الأطفال الذين تعرض آباؤهم لهذه العملية ، ففي الجيل الأول لعملية الاهتزاز في المكانة يلمس الابن من أبيه اعتقادا واضحا في عدم جودة المركز الاجتماعي التقليدي ،ويدرك الم أبيه وتوتره، أما ابن الابن (الجيل الثاني )فيرى في شخصية أبيه جنبا لجنب مع توقعه الم أبيه شيئا مالم يكن موجودا في شخصية جده ،وذلك بان يصور له أبوه أن طريق السلامة هو كبت قيمه ،ويبدو هذا مقنعا له في النمط الذي يراه في أبيه ،وتدفعه رغبته في تجنب الألم ألي السير في هذه الطريق ابعد مما سار عليه أبوه ،ثم يأتي ابنه (الجيل الثالث ) فيسير ابعد من فقدان الأمل وفي هذا الجيل تظهر الشخصية الانهزامية الذي يشتد عندها صراع القيم والغضب والتوتر الشديد ويتجسد ذلك في شخصية الناسك التي ربما تؤدي إلي ظهور الشخصيات المبتكرة والإصلاحية التي تلعب الدور الفعال في إحداث التغيير الجذري في المجتمعات التقليدية فظهور الشخصيات الانهزامية بعد عملية اهتزاز المكانة الاجتماعية ليس بنهاية الطريق فهي بتغلغلها في الأجيال المتعاقبة ،فأنها تخلق من ظروف حياة البيت وبيئة الجماعة ما يشجع تنمية الشخصيات الابتكارية ،وذلك بظهور جماعات تدخل أفكار جديدة في بنائها الاجتماعي ، ويحد التحول من الانهزامية المتزايدة إلي الابتكارية الخلاقة نتيجة تغيرت تقدمية في شخصيات الآباء والأمهات في الأجيال التالية ، ويرى هاجن انه إذا كان من شان التغيير الاجتماعي الذي حدث أن يكون جسر انتقال إلي التقدم الاقتصادي ، فانه من الضروري أن تظهر في شخصيات الناس القيم التي تدفع بهم لان يدركوا الابتكار الاقتصادي والتكنولوجي .
هذه هي القوة الخفية التي انتهى "هاجن "لتأكيد مسؤوليتها عن نقل المجتمع من تقليدي ذا طابع محافظ ،يجابه التغير ويحذر البدعة ،ألي مجتمع حديث متطور اقتصاديا ،ونتاج هذه العملية التربوية الاجتماعية ،والنفسية الاجتماعية من جهة ثانية ،هو تبلور شخصية مبدعة تتسم بكونها غير راضية أو مقتنعة بالأنشطة التقليدية في تحقيق غايتها ومطامحها وبخاصة المادية ،أي أنها ثائرة بمعنى الكلمة.
فمن خلال هذه النظرية حول أن يوضح هاجن دور الشخصية التسلطية والخلاقة في أحدث التطور فالشخصية الأول تنظر ألي الطفل أولا كشيء ضعيف ومن الواجب حمايته ،وما أن يكبر حتى يتم تدريبه بالتوجيه التفصيلي على الطريق التي يجب أن يسلكها ،فالتنشئة الاجتماعية داخل هذا الجو تبدأ بالخوف على الطفل من أن يؤذي نفسه أو يتعرض للضرر وبالتالي يبالغ الآباء في حماية الطفل والتضييق عليه حتى ولو بإغراقه فبما يشغله ،ولكن مع نمو الطفل تتحول الحماية آلي هيمنة وتتمثل في أن يتعلم القواعد التقليدية للسلوك ،وأولها أن لا يضيق الكبار بل يعرب بالعكس عن احترامه لهم ،وان يعكس مركز العائلة في المجتمع ويلخص هاجن هذه التنشئة المتسلطة في العبارة التالية إن الآباء (يخضعون الأطفال ) لتعليمات متكررة يوميا ،وخلافا لذلك لا يعرف الأطفال أن لهم قدرات منظمة خاصة بهم ،ولايتاح لهم تعلم كيف يحلون المشاكل(25 ).
أما الشخصية الثانية فهي تتكون من خلال تجربة الطفل في تفهمه للعالم الخارجي تحت رعاية أبويه مراعية لدوافع الطفل واحتياجاته ،ويتجسد ذلك في مدى تعلم الطفل الشعور بان العالم شي قابل للفهم ،حتى ولو انه ليس بالمكان المفهوم تماما ويحقق هذا الفهم للطفل حاجته للرضى على اعتبار أن الطفل يرى في البداية أن العالم يبدو مركبا بالكامل ،ولكنه مع التركيز اهتمامه على أجزاء منه بفعل التجربة يجد أن احتياجاته ونشاطاته تلقى استجابات تبدو ملائمة ،فهو عندما يجوع يترتب على جوعه ظهور الطعام ،وبهذا يكتسب شعورا بان المبادرة تقابل الاستجابة المعتمد عليها ،وان في استطعه الفرد أن يعتمد على العالم لتحسين التصرف كل هذه العوامل تخلق في الفرد "التفتح للتجربة " .
ويرى" هاجن " إن هذا هو قلب الابتكار الخلاق الذي الفرد الحديث وان هذا الابتكار يقوم على العديد من المقومات منها قيم الفرد وقلق الفرد أو رضاه بالنسبة لعلاقاته مع الآخرين ومدى النشاط أو النفوذ الذي يشعر الفرد معه بالرضى والأمن
ويلخص "هاجن" خصائص هذه الشخصية بأنها تمتز بالتفتح للتجربة واكتساب الخبرة ،وتنزع إلي أدراك الظواهر كشيء قابل للتفسير ،ولهذه الشخصية ثقة كبيرة في حكمها على الأشياء وتشعر بالرضى في مواجهتها للمشاكل وحلها ،وتتصف كذلك بإحساسها بالواجب ومسئولية الإنجاز (26 ).
لعل ما جعل الكثير من الأفراد المصاعدين سابقا في المجتمع الليبي الاتجاه نحو التعليم هو سحب احترام المركز أو الوضع .

رابعا: نظرية راموس :
تنطلق هذه النظرية من منطلق إن تحديث القيم داخل المجتمع تنعكس على سلوك الأفراد داخل المجتمع ،وتقلل من أهمية المظاهر الخارجية التي تأتي من الخارج في شكل مظاهر مستوردة وجاهزة للاستخدام فقد حاول الباحث إعطاء تعريف عام لهذا المنظور راجعا الي تحديد ماهية التخلف السابقة للتحديث لكي ينطلق من أرضية واضحة ،فالتخلف حسب المنظور الجديد للتحديث هو عبارة عن حالة ذهنية خاصة تميز جماعات معينة دون غيرها ،فهو عبارة عن ((إخضاع الوعي الاجتماعي الي حلول معلبة أو معدة في طرود)) فالتخلف إذا ماهو إلا حالة انهزامية وفقدان القدرة على التفكير الإبداعي ،والتعفف عما تملك والافتخار بحيازة السلع التي ينتجها الغير ومن ثم فمن غير المنطقي أو الواقعي أن ننظر بإعجاب الي الصرف ألبذخي أو التفاخري بدعوى أن ذلك يمثل العصرية.
وبالتالي فان قيمة الإنسان في الدول النامية يجب أن لا تتحدد بنوع السيارة التي يقودها أو بحجم السلع المستوردة التي يحوزها وإنما ((باصالة الإنسان ))فاصالة الإنسان هي المحور التي يدور حوله المفهوم الجديد لتحديث فهذا المنظور يقوم على افتراض إن الإنسان هو وسيلة التحديث وهدفه(27 ).
على اعتبار إن الإنسان يمتلك طاقة هائلة وينبغي إن توجه هذه الطاقة في المسار الصحيح ،ويقوم أيضا على افتراض أن المهارات الضرورية لتفجير طاقة الإنسان هي مهارات يمكن أن تكتسب بالتدريب والتعليم .
والجدير بذكر أن "راموس"قد أكد بأنه لا توجد وسيلة خطية طبيعية وطريق واحد للمستقبل يمكن إتباعه ،حيث يمدنا التاريخ بأفق مفتوحة أمام مجموعة من الاحتمالات ،ففي أي لحضه قد يحدث ما ليس متوقعا من أحداث قد تقود المجتمع الي مرحلة جديدة بعيدا عن التصورات السابقة (كاكتشاف البترول ، وغيره).
كذلك يؤكد على أن الرؤيا الغير واضحة يمكن أن يأخذ الطريق اتجاهات متعددة اعتمادا على مقدرة الإنسان على السيطرة على المتغيرات والمؤثرات (يستطيع الإنسان بامكانة تغيير مسار الطريق )أن "راموس" يؤكد على وجود احتمالات كثيرة يمكن فحصها وتجريبها بطريقة علمية تجريبية وهذا يعني أن باب الاجتهاد مفتوح وان الإنسان يملك قدرات كثيرة للإبداع ويرى أن مهمة العلوم الاجتماعية متلخص في اكتشاف أفاق جديدة لمجموعة من الاحتمالات حتى يتمكن من المشاركة في صنع التاريخ، فالعلماء في المجال العلوم الاجتماعية صناع تاريخ المستقبل ،يصنعون تاريخ أممهم ويساهمون في أجزاء التحول الواعي في مسار مجتمعهم الحاضر، فعالم الاجتماع لا يكون عالما دون أن يشارك في المسيرة الاجتماعية(28).
إن هذه النظرية تمتاز عن غيرها بأنها تستبعد التشبه بالغرب في عملية التحديث وترفض فكرة أن هناك دول متقدمة ودول متخلفة وترى إن الفرد قادر على إن يغير مجتمعه أين كان وتشجع على احترام الفرد لنفسه ولما ينتجه داخل مجتمعه وعدم التركيز على منتجات المجتمعات الأخرى .

خامسا: نظرية كنيكل:
قد أودع نظريته في دراسة له بعنوان ((المجتمع والتنمية الاقتصادية ))ويقوم مدخل هذه النظرية على أساس علم النفس يرى انه يمكن تشكيل وتغيير السلوك الإنساني من الخارج عن طريق االمكافات أو العقوبات أو الدعم وإذا ما حاولنا إحداث تغيرت في السلوك فانه يجب البدء بأحداث تحولات في المثيرات التدعيمية للسلوك ،واستحداث مرغبات في السلوك الجديد ومن خلال هذه العملية يحدث انطفاء للسلوك القديم الغير مرغوب فيه ،مما يجعله يتجه نحو الاختفاء ،فيؤكد على ضرورة الاستعانة بنظرية التفريغ ألقيمي (تفريغ النماذج السلوكية غير المرغوب فيها من القيم المدعمة لها مع رابط هذه القيم بالنماذج السلوكية المطلوب استحداثها ) ويمكن بناء على هذا الأساس أعادة تقييم الأدوار والممارسات السلوكية داخل المجتمع على حسب علاقتها بعمليات التنمية الاقتصادية وأهدافها (29 ).
أن هذه النظرية تتجاهل الدور الذي تلعبة الاتجاهات السياسية والاقتصادية والدينية في إحداث التنمية من اجل التحديث.

سادسا: نظرية روجرز:
تقوم وجهة نظر "روجرز"على نشر وتبني الأفكار الحديثة فيرى أن الفكرة الجديدة ماهي إلا حالة يتصورها صاحبها أنها شي جديد لاشبيه له ثم تنتقل الفكرة من شخص الي أخر وهذه تمثل حالة الانتشار ,والانتشار عبارة عن العملية التي تذاع بواسطتها الفكرة الجديدة ,وهي تنطوي بطبية الحال على خروج الفكرة من مصدرها إلي الذين يستخدمونها أو يعتنقونها ,وأساس هذه العملية هو التفاعل الإنساني الذي ينقل من خلاله شخص من الأشخاص فكرة جديدة ألي شخص أخر ويؤكد "روجرز"على إن انتشار الفكرة الحديثة لأيتم في فراغ بل أن الناس في جميع البلدان يعيشون تحت بناء اجتماعي معين ,تجري في داخله علاقاتهم الاجتماعية والإنتاجية فالتنظيم الاجتماعي إذا يعبر عن المجموعة التي يختلف أفرادها من ناحية العمل الذي يقومون به ،وان كانوا يشتركون في إتباع سلوك اجتماعي واحد يستهدف حل ما يصادفهم من مشكلات .
وحول أهمية التنظيم الاجتماعي في انتشار الأفكار الحديثة ، استعان "روجرز" بقول (كاتز) يكاد يكون من غير المعقول دراسة عملية الانتشار دون وجود قدر من المعلومات المتعلقة بالتركيب الاجتماعي الذي يعيش في إطاره الأفراد المتوقع اعتناقهم الفكرة الجديدة(30 ).
فقد توصل "روجرز" إلي رسم نموذج عام يطبقه الفرد غالبا عند تبنيه الأفكار الحديثة ويتضمن هذا النموذج ثلاث أقسام رئيسية وهي :
1- المتعلقات :فيرى أنها تلك العوامل التي توجد في الموقف قبل ظهور الفكرة الحديثة ,وقد بين نوعين من المتعلقات الذاتية الكامنة في الفرد وتتمثل في قابلية الفرد أو الجماعة للتطابق مع الأشخاص والمواقف المختلفة ويكون تأثير هذه المتعلقات مباشرا في تبني الفرد الفكرة الحديثة لأنها تشمل إحساسه بالأمن ,وقيمه الغالبة, وقدراته العقلية ,ومهاراته في التصور والتفكير ,بالإضافة الي مركزه الاجتماعي ,وطبيعة انفتاحه على العالم الخارجي .
ومن هنا فان المتعلقات السابقة لصيقة بالفرد وتميز شخصية عن الآخرين .
أما المتعلقات الخاصة بادراك الموقف فتتمثل في العوامل المحيطة بالموقف خارج الفرد ، وإدراك الموقف هو الطريقة التي يستجيب بها الفرد لأي أحساس أو انطباع يكتشفه في نفسه ، وبالتالي فهو داله لاصقة بالموقف الميداني الذي يعمل ويتحرك فيه الفرد وأهمية الإدراك تأتي من انه قد يحدث أن تظهر فكرة جديدة ويعتبرها الخبراء في ميدان من الميادين بأنها مفيدة ، ولكن شخص أخر قد لا يدركها بأنها كذلك ، هذا بالإضافة الي المعايير السائدة في التنظيم الاجتماعي والخاصة بتبني الأفكار الحديثة قد تستخدم كحوافز للسلوك الحديث أو ضوابط تعوقه .
هذا ما يؤدي إلي إن الأفراد في التنظيم الاجتماعي الذي تسود فيه المعايير الحديثة يتصرفون بطريقة تختلف عن تلك التي يتصرفون بها عندما تكون المعايير السائدة تقليدية .
2- مصادر عملية الانتشار :ويذكر "روجرز"أن لمصادر المعلومات تأثيرات هامة في عملية تبني الفرد ، فهي في البداية يصبح على علم بالفكرة المستحدثة أساسا عن طريق المصادر غير الذاتية (هذه في حالة البيئة الحديثة والمنفتحة )مثل وسائل الأعلام العامة ،أما في المرحلة الثانية وهي مرحلة التقييم فان الفكرة تتضح لدى المتبني وذلك بمعرفته بصافتها المهمة، ويرى كذلك إن مصادر المعلومات الذاتية والضيقة والمحدودة (وغالبا ماياتي من الجار، آو الزائرة الصحية، آو الأخصائي الاجتماعي المحلي )هذه المصادر تعتبر لهم من غيرها في مرحلة التقييم .
3- النتائج : من خلال النمط الذي رسمه "روجرز" حول تبني الأفكار المستحدثة فان هذا النمط يختتم أما بتبني الفكرة ،وإما برفضها ، فالفكرة الجديدة قد يتم تبنيها في ختام عملية التبني ،ولكن من الجائز أيضا أن تستخدم باستمرار آو ترفض بعد فترة من الوقت وهذا ما يطلق عليه عملية التوقف ،وقد ترفض عملية التبني ثم يتم تبنيها في وقت لاحق ومن الممكن أيضا أن تظل الفكرة مرفوضة باستمرار.
فهذا النمط استنتجه "روجرز" من العديد من الدراسات الميدانية حول انتشار الأفكار الحديثة ، ويتميز هذا النموذج بخصائص من الممكن أن تساعد في عملية انتشار الأفكار الحديثة وتبنيها .
فهذا النموذج ساعد "روجرز"في تحديد خمسة نماذج لفئات المتبنين الأفكار الجديدة وتتمثل هذه الجماعات في المبتكرين ,المتبنين الأوائل ،الغالبية المتقدمة الغالبية المتأخرة ،المتلكئين(31 ).

سابعا:نظرية انكلز و سميث :
تنطلق هذه النظرية من أن الدولة الحديثة تحتاج إلي مواطنين يساهمون في المجتمع ، رجالا ونساء ، لهم اهتمامات نشطة في الشؤون العامة والذين يمارسون حقوقهم كأفراد في مجتمع يتخطى شبكة العلاقات القرابية والمنطقة الجغرافية المباشرة ،وتحتاج النظم الحديثة إلي أفراد يستطيعون الالتزام بجداول ثابتة ويبحثون في أحكام مجردة ويضعون أحكاما موضوعية ويتبعون سلطات تكنولوجية وليست تقليدية ودينية .
وبالإضافة ألي حاجة النظم السياسية والاقتصادية الحديثة ألي متطلبات معينة عامة في الأفراد الذين يعملون في داخلها ، فهي تحتاج ألي تقبل حراك شخصي ومهني وجغرافي واسع ، واستعداد كبير لتقبل التغيير في اتجاه المعيشة والعمل وميل الفرد لان يكون مجددا ومتسامحا في الأمور غير الشخصية ، والي الفروق بين الأفراد الذين يعملون في نفس المؤسسة وكل من النظامين لا يحتاج ألي الغيبية أو السلبية ولكن كلاهما يحبذ الجهد والثقة(32 ).
فقد ركزت هذه النظرية على اثر الصناعة والبيئة الصناعية في تكوين الشخصية العصرية فتؤكد على أن ارتفاع مستوى التعليم والتأثر بالبيئة الصناعية يؤديان إلي التغير الأدوار الوظيفية للفرد ، وهذا نتاج التغيرات البنائية المتمثلة في التميز البنائي المصاحب لدخول الصناعة على المجتمعات النامية فتؤدي بدورها ألي اكتساب الفرد خصائص تتمثل في اتجاهات وقيم وأفكار ومعتقدات تؤثر في سلوكه وتهيئة للانفتاح على ماهو خارج تنظيمه الاجتماعي أو المجتمع المحلي(33 ).
أن هذه النظرية ركزت على الدور الذي يلعبه التصنيع في تفسير عملية تحديث الفرد وأهملت دور النظم والمؤسسات الأخرى في تفسير هذه الظاهرة .

ثامنا نظرية جوزيف كاهل
لخص "كاهل" أهم أفكاره وأرائه عن التحديث الاجتماعي في كتابه (مقياس الحداثة ، دراسة القيم في البرازيل والمكسيك ) ولقد ركز في طرحه هذا على العملية التي يتم بمقتضاها تحول المجتمعات من تقليدية ألي صناعية ,فاخذ مدخل تحديث الشخصية سبيلا للدراسة فركز بحثه في الكيفية التي تتغير بها قيم الأفراد لاسيما في مجال المهنة ، فقد تساءل عن الكيفية التي تتغير وفقها الشخصية العاملة في مجال الزراعة وما يتصل بها من مهن لتصبح على استعداد او تتقبل العمل بالصناعة أو ما يتصل بها من خدمات ، فيتساءل مثلا ,كيف يتعلم الفلاح أن يفكر ويتصرف بالطريقة التي يفكر بها العامل في الصناعة ؟ وكيف يصبح صاحب متجر صغير في القرية محاسبا؟
بكلمات أخرى يبحث "كاهل "عن علاقة التغير في المهنة بالتغير في طريق التفكير والسلوك أو الفعل ، وهذا ما دعاه لتتبع بعض الإفراد (دراسة تتبعية )ممن تتوافر فيهم خاصية الحراك المهني حيال الصناعة ، بعد أن كانوا في مهن تقليدية (الزراعة) وهو يعتقد أن ارتفاع درجة انتشار التصنيع في المجتمع تبرز خصائص تتسم بكونها عامة بين المجتمعات لاسيما الصناعية ، هذا التقارب لا يكون في الهوية بقدر مايكون في خصائص مثل تقسيم العمل والعاملة الزراعية وزيادة معدلات التحضر والتغير في نسق القيم ونسق التدرج الاجتماعي وانتشار التعليم وزيادة الاستفادة من الخدمات الاجتماعية ، كل هذا في اعتقاده يقود ألي تغير في القيم والأفكار ون ثم ينعكس على السلوك.
الواضح أن هدف "كاهل" يتمثل في تطوير أداة لقياس التغير في القيم باتجاه الحداثة ، ولقد تمكن من تطوير أداة تحوي على عدد من الأبعاد تتمثل في مجموعتين من الخصائص إحداها تشير ألي النمط التقليدي ، والأخرى تشير إلي النمط الحديث من الشخصية ، وهذه الأبعاد هي نتاج تلك التغيرات البنائية وتتمثل في : (الفاعلية,ضعف الروابط الأسرية ، تفضيل الحياة الحضرية ، الفردية ، ضعف التدرج الطبقي ، ارتفاع المساهمة في وسائل الأعلام ، وضعف فرص الحراك ، الثقة في النفس ، تفضيل العمل اليدوي ، النفور من احتكار الشركات الكبرى القدرة على المخاطرة من اجل الصالح الفردي ، اتجاهات ايجابية نحو تكوين أسرة حديثة انخفاض مستوى التدين ،والارتقاء في السلم المهني (34 ) ولقد اعتبر كل خاصية تمثل قيمة وكون لهل مقياسا واستخدم التحليل العاملي ليتمكن من اختبار مدى اتساقه الداخلي.
وبالرغم من أن "كاهل" قد أكد امبريقيا قياس التحديث من خلال مدخله ألقيمي متعدد الأبعاد إلا انه انتهى لتأكيد النتيجة التي انتهى أليها "ليرنر" عن أمكانية وجود شخصية انتقالية حينما بين انه بالا مكان وجود بعض الأفراد حديثين في بعض القيم وتقليديون في البعض الأخر (35 ) هذا وقد انتهى للقول بان متغيرا التعليم والمهنة هما أكثر ارتباطا من مكان الإقامة بالتحديث الاجتماعي (36 ).

الشخصية

لعل الشخصية سوا كانت للفرد أو للجماعة أو حتى للثقافة أو المجتمع لعلها من هذا المفهوم ، موضوعا مستهدفا لدراسة ليس فقط من علم الاجتماع وإنما من جانب كثير من العلوم الإنسانية الأخرى .
ولذلك فليس غريبا أن يكون موضوع الشخصية قاسما مشتركا بين مختلف العلوم سواء في ذلك الإنسانية أو الطبيعية لكننا هنا سوف نتناول الشخصية بمفهومها الاجتماعي ،والذي نعنيه بالمفهوم الاجتماعي هنا ((الشخص)) أي الإنسان الذي يعيش في جماعة وضمن مجتمع يتفاعل من خلال سلوكيات معينة يؤثر خلالها ويتأثر بمختلف القيم والسمات والأنماط الثقافية والاجتماعية وفي إطار من الأنساق المجتمعية العامة .
تعريف الشخصية :
1-يعرف البعض الشخصية استنادا على ما تتسم به تلك الشخصية من سمات وعادات وسلوك ، حيث يرون الشخصية باعتبارها ((تنظيما يقوم على اتجاهات وعادات الشخص وسماته ، وينهض على العديد من العوامل الاجتماعية والثقافية والبيولوجية ))
2-ويرى البعض إن الشخصية تتكون نتيجة للعديد من المؤثرات الاجتماعية التي تتفاعل مع الكيان العضوي للشخص ، لذلك فالشخصية هي(( مجموعة قيم الشخص وسماته غير العضوية ))
3 – وقد تعني الشخصية ((ذلك التكامل الاجتماعي والنفسي لسلوك عند الإنسان )) وتعبر هذه الشخصية عن نفسها من خلال الادات والشعور والاتجاهات كما تتضح من خلال التفاعل مع الشخصيات الأخرى(37 ).
إن الشخصية سواء اعتبرت تعبير عن السمات أو أنها نتاج للمؤثرات الاجتماعية فسوف تبقى الشخصية تعبيرا عن ذلك الإنسان الذي يحيا في مجتمع له أنماطه وسماته الثقافية.

سمات الشخصية العصرية
إن المجتمع الحديث يتطلب أفراد أو شخصيات حديثة ولكن من هو الفرد الحديث وما الذي يجعله كذلك ؟
اختلفت الإجابات عن هذا السؤال وهذا أمر طبيعي لان مفهوم الحداثة هو أمر نسبي ومتجدد دائما ،لأنه يتناول الي جانب حياة الإنسان الخارجية أو الظاهرية القيم والسلوك والمشاعر الإنسانية ، ومع انه لا يوجد تعريف جامع مانع للإنسان العصري فان هناك بعض الخصائص التي يتصف بها هذا الإنسان فقد حاول الباحثون عدة محاولات لتحديد أهم خصائص الشخصية العصرية (38 ) ومن ابرز تلك المحاولات التي قام بها "محمد عاطف غيث _ومحمد علي" التي حددو من خلالها أهم خصائص الشخصية العصرية فيما يلي :
1 - حرية الرأي والتفكير :فالإنسان الحديث لا يحصر نفسه ضمن دائرة ذاتية فيخلد الي أفكاره الخاصة دون الإصغاء الي أفكار غيره .
2 - القدرة الذاتية :يؤمن الإنسان الحديث بإمكانية العلم والتطور لدرجة كبيرة حتى يستطيع أن يسيطر على عالمه ومشاكله ويتوصل الي أهدافه ومنطلقاته.
3 -الكرامة الفردية : أن من سمات الشخصية الحديثة هو أنها تهتم بحقوق وكرامة الغير ويظهر ذلك واضح من خلال المواقف التي يتخذها حيال المرآة والطفل
4 - الوقت : فمن مميزات الشخصية الحديثة كذلك التقيد بالوقت فهو يضع لبرامجه تنظيما محداد .
5 - الإصلاح: يؤمن الإنسان ذات الشخصية العصرية بان العالم قابل للإصلاح وانه بامكاننا التخفيف من اثر المشاكل الاجتماعية (39 ) .
ويرى سمير عبده في كتابه تحديث الوطن العربي أن من أهم سمات الإنسان الحديث هي العلمية والتجريبية (40) فالشخصية الحديثة كما يرها البعض هي شخصية فردية مبدعة متوجهة نحو الإنجاز وتحقيق ألذات وتتأثر بالحياة العامة وبوسائل الأعلام وقادرة على الاستجابة بسرعة والتكيف معهم(41 ) .
وهناك من يرى إن الشخصية الحديثة تتميز بأنها ذات أحساس مميز بفاعليتها وكفايتها،وهي واثقة من أنها قادرة على أحداث التغيير سواء على الصعيد الشخصي أو الاجتماعي ,سواء كان ذلك بالمجهود الفردي أو بالتعاون مع الآخرين ,إضافة الي كونها تتميز بتقبل التغيير وتتطلع إليه وتعمل من اجله ,وهي مرنة فكريا حيث تهتم بالتجديدات وخاصة الاختراعات التقنية والفنية ,وتقبل على استخدامها فهي شخصية تؤمن بالعلم والتقنية وتعمل جاهدة على دعمهما وتشجيعهما ماديا ومعنويا كما أنها شخصية تثق بالآخرين(42 ) .
كذلك يؤكد "لويس ورث" على إن أهم ما يميز الشخصية العصرية عقلانية التفكير أي يغلب عليها طابع التفكير العقلاني حيث تعتمد على المنهج العلمي للوصول الي الحقائق العلمية وتحترم المعرفة التي توصف بالعلمية ولديها استعداد لتقبل النقد وتوجيهه للآخرين ,كما لديها الاستعداد لتغيير الأهداف والوسائل بما يمكنها من سهولة التكيف مع الظروف المتغيرة .
كما أنها تتميز بالتأكيد على المصلحة الشخصية والمتمثلة في البحث عن النجاح المادي فيدخل الفرد مع الآخرين في علاقات من نوع تبادل المصالح ,كذلك تتميز بحب التنافس وتخصيص العمل ,أي أن الشخص العصري يتخصص في مجال عمل محدد وذلك بحكم التخصص في مجال التعليم كما تتسم علاقات الشخصية العصرية بالتأكيد على العلاقات الثانوية وهي علاقات في معظمها سطحية وغير شخصية أي يغلب عليها الطابع الرسمي(43) .
ويرى كل من "انكلز وسمث" لن من أهم سمات الشخصية العصرية هي الرغبة في المغامرة والتهيؤ للدخول في أنشطه جديدة والاتجاه نحو التحرر من القيود التقليدية كسلطة الأسرة , والأيمان بقدرة العلم على حل مشكلات الحياة كذلك ارتفاع درجة التطلعات والطموح ليصل الفرد وأبناؤه الي أعلى المستويات والميل الي الانظباط في العمل مع الاهتمام باكتساب المعارف العلمية والإطلاع على مجريات الامور (44)
خلاصة القول :- إن الشخصية العصرية هي شخصية طموحة وفاعلة ، وميالة نحو الاستقلالية ، وتتبنى اتجاهات حديثة حول حقوق المرآة ، وتنظيم الأسرة ، واكتساب أنماط استهلاكية حديثة .



الهوامش

1- مرتضى معاش ، تموجات الاصلاح والتجديد ،موقع مجلة النباء الاكتروني
www ,qnnqpqq,org

2- معن زيادة ، معالم على طريق تحديث الفكر العربي ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ،الكويت ،1987م ، ص67
3 – سناء الخولي ، التغير الاجتماعي والتحديث ،دار المعرفة الجامعية (أسكندرية)
1993م ، ص262
4 – لوجلي صالح الزوي ،المدينة المتغيرة ، مرجع سابق ، ص86
5 – سناء الخولي ، مرجع سابق ، ص ص 263- 265
6 – عبداللة الهمالي ، التحديث الاجتماعي ، ص19
7 – محمد صالح ،جماعات التحديث الاجتماعي في وسط أفريقيا ، المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر ،طرابلس، 1991 م ، ص103
8 – السيد محمد الحسيني وآخرون ، دراسات في التنمية الاجتماعية ،دار المعارف مصر، 1975م ،ص262
9 – اندرووستر ،مدخل ألي علم الاجتماع التنمية ،ترجمة:عبد الهادي والي, والسيد الزيات ، دار المعرفة الجامعية ،1992م ،ص 118
10- السيد محمد الحسيني ,مرجع سابق , ص 363
11– محمد توفيق السمالوطي , قضايا التنمية والتحديث في علم الاجتماع المعاصر ,دار المطبوعات الجديدة ,1990م ,ص 39
12 – عبد الله الهمالي ,مرجع سابق , ص17
13 – جهينة سلطان العيسى ,التحديث في المجتمع القطري ,شركة كاظمة للنشر والتوزيع ,1979م ,ص86
14 – الهمالي ,مرجع سابق , ص18
15 – ف ,ف, كوستيلو ,التحضر في الشرق الأوسط ,ترجمه: رمضان خلف ,وأمين ألطيبي ,ط1 ,المنشاة العامة للنشر (طرابلس) 1984م ص 134
16 – محمد صالح ,مرجع سابق ,ص106
17 – حسن صعب ,تحديث العقل العربي ,دار العلم للملاين ,ط2 , 1980م, ص186
18 – محمد صالح ,مرجع سابق ,ص ص 106- 107
19 - كوستيلو ,مرجع سابق ,ص136
20 – السمالوطي, مرجع سابق , ص39
21 – المرجع السابق ,ص 122
22 – الخولي , مرجع سابق ,ص283
23 – السمالوطي, مرجع سابق ,ص ص 123 – 124
24 – محمد صالح , مرجع سابق ,ص86
25 – أفريت هاجين : حول نظرية التغير الاجتماعي ,ترجمه : عبد المغني سعيد , مكتبة الانجلو المصرية ,1979م ,ص ص 10- 87
26 – محمد صالح ,مرجع سابق ,ص ص 91- 92
27 – المرجع السابق ,ص 108
28 – المرجع السابق , ص ص 109-112
29 – السمالوطي , مرجع سابق , ص 127
30 – محمد صالح , مرجع سابق , ص ص 94-96
31 – أفريت روجرز ,الأفكار المستحدثة وكيف تنتشر , ترجمه: سامي ناشد, عالم الكتب ,القاهرة , 1962م ,ص ص10-87
32 – جهينة العيسى ,مرجع سابق ,ص 99
33 – عبداللة احمد المصراتي ,التحديث الاجتماعي وعلاقته بالجريمة ,رسالة ماجستير غير منشورة ,جامعة قاريونس ,2002م ,ص 92
34 – المرجع السابق ,ص ص 89 – 90
35 – جهينة العيسى ,مرجع سابق , ص 92
36 – الهمالي ,التحديث الاجتماعي ,مرجع سابق , ص20
37- صلاح الفول ,علم الاجتماع بين النظرية والتطبيق ,الطبعة الأولى,دار الفكر العربي ,1996م ,ص ص 120- 121
38 – معن زيادة , مرجع سابق , ص69
39 – محمد عاطف غيث ,ومحمد علي محمد , دراسات في التنمية والتخطيط الاجتماعي , دار النهضة العربية ,1986م ,ص ص115- 116
40 – سمير عبده ,تحديث الوطن العربي "بين الميكانيكية العقلية والميكانيكية الخرافية " ,منشورات دار الأفاق الجديدة ,بيروت ,1981م ,ص56
41 – عبدالواهاب ألمسيري ,ندوة ,الحداثة ومابعد الحداثة ,جمعية الدعوة الإسلامية العالمية ,1998م ,ص 84
42 – عمر الشيخ ,جهاد حلمي ,دور الجامعة الأردنية في تنمية اتجاهات الحداثة عند طلبتها ,مجلة العلوم الاجتماعية ,العدد4, 1986م ,ص180
43 - مصطفى التير , اتجاهات التحضر في المجتمع الليبي , المؤسسة العربية للنشر والإبداع , ط1 , 1995م ,ص ص62-63
44 – مصطفى التير ,مسيرة تحديث المجتمع الليبي "مواءمة بين القديم والجديد, معهد الإنماء العربي ,ط1, 1992م, ص ص 31

 

التوقيع

 



من كتاباتي
صرخاااات قلم (( عندما تنزف ريشة القلم دما ))
قلم معطل وقلم مكسوووور
عندما ’تطرد من قلوب الناس !!!!!!(وتدفن في مقبرة ذاتك)
دعاة محترفون لا دعاة هواه ( 1)
الداعية المحترف واللاعب المحترف لا سواء(2)
نعم دعاة محترفين لا دعاة هواة!!!! (( 3 ))
خواطر وجها لوجه
همسة صاااااااااااارخه
خواطر غير مألوفه
اليوم يوم الملحمه ...
على جماجم الرجال ننال السؤدد والعزه
عالم ذره يعبد بقره !!!
معذرة يا رسول الله فقد تأخر قلمي
دمعة مجاهد ودم شهيد !!!!!!
انااااااااا سارق !!!!
انفلونزا العقووووووووول
مكيجة الذات
الجماهير الغبيه
شمووووخ إمرأه

 
 
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23-05-2007, 02:33 PM
الصورة الرمزية مسعطر
مسعطر مسعطر غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2007
الدولة: صـــــدور الــطـــيـــبـــيــن
المشاركات: 1,049
معدل تقييم المستوى: 19
مسعطر is on a distinguished road
رد: التحديث الاجتماعي للفرد

أشكرك على إجتهادك الدائم و مواضيعك
المفيدة دائم و الجميلة تقبل مروري.


أخيك

 

التوقيع

 






يكره الصيحات مربي النعم
 
 
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23-05-2007, 03:50 PM
الصورة الرمزية سعيّد ابوجعشه
سعيّد ابوجعشه سعيّد ابوجعشه غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Dec 2006
الدولة: K . S . A
المشاركات: 5,980
معدل تقييم المستوى: 23
سعيّد ابوجعشه is on a distinguished road
رد: التحديث الاجتماعي للفرد

بيض الله وجهك على هذا المجهود يـــ أبوبدر

ولا هنت طال عــمــرك

 

التوقيع

 





 
 
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23-05-2007, 08:12 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road
رد: التحديث الاجتماعي للفرد

مرحبا بك يا مسعطر ولا هنت على حضورك

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 23-05-2007, 08:12 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road
رد: التحديث الاجتماعي للفرد

مرحبا بك يابو محمد ولا هنت على الحضور

رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الدراسات والبحوث العلمية في مجال العمل الاجتماعي وسيع البنايد مجلس الدراسات والبحوث العلمية 7 24-05-2007 02:33 PM
علم نفس الاكلنيكي د.فالح العمره مجلس الدراسات والبحوث العلمية 5 05-05-2007 07:20 PM
المجتمع المدني والدولة السياسية في الوطن العربي - توفيق المديني خالد المحفوظي مجلس الدراسات والبحوث العلمية 5 10-05-2006 11:10 PM

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 01:45 AM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع