مجلة الفرقان ..وتصريحات المهري...
هوامش على دفتر الأزمة
من الذي يثير النعرة الطائفية في الكويت ؟؟ من الذي أشعل الفتيل ثم راح يصرخ بأعلى صوته لاعبًا دور الضحية المسفوك كرامتها ؟؟ مجلة الفرقان الإسلامية بغلافها الذي أحالها إلى النيابة لمجرد تعبير البعض عما ارتآه حقيقة واقعة تهدد أمن المجتمع الكويتي ؟؟ أم تلك التصريحات التي أطلقها السيد ( محمد باقر المهري ) في حق رمز من رموز أهل السنة العظام ، وقامة من قامات الإسلام الشامخة ، شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية ، ووصف منهجه ومنهج المقتفين أثره بأبشع الأوصاف ، ورماهم ـ كذبًا وزورًا _ بأنهم تكفيريون ، ودعا إلى إخراجهم من البلاد ؟؟
على السيد ( المهري ) أن يطالع جيدًا الدستور الكويتي _ إن كان ولاؤه الحقيقي للكويت _ في مادته الثامنة والعشرين (لا يجوز إبعاد كويتي عن الكويت أو منعه من العودة إليها( ، مما يعني أن تصريحاته هي المستحقة أن تحال إلى النيابة لا غلاف مجلة الفرقان .
وليس هذا بغريب على السيد ( المهري ) الذي دأب على إثارة الفتنة الطائفية لا في الكويت وحدها ، بل في أرجاء العالم الإسلامي ، فهل ننسى تكفيره الضمني لفضيلة الدكتور يوسف القرضاوي في 10 أكتوبر2008م ، ووصفه له بأنه ناصبي معادٍ لأهل البيت ، والناصبي في الاصطلاح الشيعي مساوٍ للكافر ، كما طالب الحكومة القطرية بطرده من البلاد وسحب الجنسية القطرية منه ، والحكم بتكفير شخص أشد من سفك دمه ، لأنه طعن في أقدس ما يملك الإنسان( دينه ) الذي يفوق حبه له وانتماؤه إليه حبه لآله وذوويه ، كما أن التحريض على رمز من رموز السنة بتلك الأدبيات الطائشة لا أظنه من شيم الرجال ، وكأن ( المهري ) بذلك يحقق صدق المثل القائل ( رمتني بدائها وانسلت ) .
ولئن تطاول ( المهري ) على ابن تيمية وأتباعه بالتكفير ، فقد تطاول مراجعه وعلماؤه الذين أُشرِبوا بغض أهل السنة على من هو خير منا جميعًا ، لقد كفّروا سيدتين جليلتين من أمهات المؤمنين _ عليهن السلام _ ( عائشة وحفصة ) ، وحسبك بهذا التكفير من قاصمة ظهر ووصمة عار ، فقد نقل المجلسي في بحار أنواره( في قوله تعالى :{ ضرب الله مثلاً للذين كفروا }: لا يخفى على الناقد البصير والفطن الخبير ما في تلك الآيات من التعريض بل التصريح بنفاق عائشة وحفصة وكفرهما ). بحار الأنوار ..جـ 22 ص 233 ط طهران. لقد بات جليًا مَنْ هم التكفيريون الذين لا يقبلون الآخر.
إن مجلة الفرقان بشهادة الجميع كانت _ وما زالت _ منبرًا ( لا كمنبر ياسر الحبيب ) للوسطية والاعتدال واحترام الوحدة الوطنية ، وتقديم الإسلام في أنصع صوره بعيدًا عن غلو الغالين وانتحال المبطلين ، لا ينتاب تاريخها ما انتاب تاريخ غيرها من العمل المشبوه لصالح أنظمة خارجية لا تتورع من التصريح بتهديد الأمن القومي لا للكويت _ وحدها _ بل للدول العربية الخليجية بأسرها ، ولم يتورط القائمون عليها فيما تورط فيه غيرهم من تدبير تفجيرات إرهابية في بلد الله الحرام للعام ( 1409 هـ ) ، وأي محاولة للنيل من تلك المجلة الغراء نابعٌ من نوايا غير سليمة ، تريد تعطيل المسيرة المباركة لهذا الصرح الثقافي المشيد.
وعلى المنصف ألا ينتظر من مجلة الفرقان صمتًا على التطاول والافتراء الذي زفّ به السيد ( المهري ) عروس الفتنة الطائفية إلى المجتمع الكويتي ، خاصة وأن تصريحاته انطوت على مغالطات تاريخية ، وتزييف متعمد لا يجوز السكوت عنه بحال من الأحوال ؛ إذ لا بد لها من الذود عن منهجها ورموزها ، الحال نفسه بل وأشد منه كان سيتخذه ( المهري ) لو كانت المعادلة معكوسة ، إلا أنهم يحتكرون لأنفسهم القول والافتراء ، ويصادرون من الآخر حق الرد والتصحيح.
وعن قضية المناهج الدراسية التي أثارها السيد ( المهري ) ضمن تطاوله على شيخ الإسلام ابن تيمية ، بوصفها من وضع التكفيريين أتباع ابن تيمية ، فإن مناهج الكويت _ منذ وضعها _ مناهج تربوية معتدلة تغرس الفكر الوسطي الذي لا يعرف الإفراط ولا التفريط ، تحافظ على قيم الإسلام وثوابته ، ولا سيما( قضية التوحيد ) التي انبنى عليها هذا الدين ، فتصفية هذا التوحيد من كل شائبة تشوبه أمر بدهي لا يمكن رده أو الاعتراض عليه ، فإن لم ترسخ مناهجنا الدراسية في دولة سنية غالبيتها العظمى على مذهب أهل السنة والجماعة منذ قيامها _ أدام الله قيامها _ فأين ومتى تترسخ في نفوس الشبيبة المسلمة ؟؟
ولن نجيب اعتراض السيد ( المهري ) على المناهج الذي يرى هو _ وغيره من بني مذهبه _ أنها تكفيرية إلا من مراجعه التي يدين لها ، فعن الرضا عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (التوحيد ثمن الجنة) بحار الأنوار: (3/3) الأمالي للطوسي: (569) ؛ وقال تعالى: ((وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً)) [النساء:36]. قال الشيخ محمد السبزواري النجفي في تفسير هذه الآية: " أمر سبحانه بعبادته؛ لأن العبادة منحصرة بذاته عز وجل، لا بشيء غيره من الأشياء في السموات ولا في الأرض، إذ ليس فيها كائن قابل لأن يشاركه في الألوهية، بل كل شيء مخلوق له، مفتقر إليه ". الجديد: (2/288). وقال أمين الدين الطبرسي فيها أيضاً: " أي: وحدوه وعظموه ولا تشركوا في عبادته غيره ، فإن العبادة لا تجوز لغيره؛ لأنها لا تُستحق إلا بفعل أصول النعم ، ولا يقدر عليها سواه _ تعالى_ " تفسير مجمع البيان: (2/45) وكذلك قال ناصر مكارم الشيرازي: " لا تجعل معبوداً آخر مع الله: لا في العقيدة ولا في العمل ولا في الدعاء ولا في العبودية ". تفسير الأمثل: (8/394).
بل يقر مفكرو الشيعة أن رسالة الإسلام قامت منذ لحظتها الأولى لتخليص النفوس من شوائب الشرك والتعلق العقدي بغير الله " وهذا خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الذي كان معروفاً عند العرب قبل البعثة بالصادق الأمين، مكث في مكة ثلاثة عشر عاماً يدعوهم إلى عبادة الله وحده بقوله: (لا إله إلا الله) وترك ما كان يعبد آباؤهم، ففهموا معنى هذه الشهادة التي يدعو إليها، واعتذروا له قائلين: إنا لا نعبد هذه الأصنام لاعتقاد أنها آلهة مستقلة، وإنما نعبدها لأجل أنها تماثيل لأشخاص كانوا عند الله من المقربين فنحن نعبدها لأجل الشفاعة " راجع : مقتنيات الدرر: (9/217)، وانظر: تفسير الجديد: (6/171).
والسؤال المطروح الآن : هل يمكن للسيد ( المهري ) أن يعتبر هذه الأفكار الثابتة في مراجعه الشيعية أفكارًا تكفيرية كما اعتبر بعض العبارات المرسخة للتوحيد في مناهجنا الكويتية ؟
إن الأزمة ليست مجرد غلاف مجلة أثار _ ما يزعمونه _ فتنة طائفية ، بل الأزمة في أناس من أبناء وطننا يتعاطون مع أجندات خارجية لا يهمهما مصلحة الكويت ولا أمنها القومي ، ويكفي أن تطالع جريدة ( الدار ) لتعلم من يشعل فتيل الفتنة وينتهك ثوابت الآخر ، رغم أن شيعة الكويت يتمتعون بأقصى درجات الحرية وحقوق الإنسان ، من حقوق شعائرية وسياسية ومدنية وإعلامية ، لم تعلّق لهم المشانق كما علقها النظام الإيراني لعلماء أهل السنة ، ولم تهدم حسينياتهم كما أزيلت مساجد أهل السنة من طهران ، في حين تحتضن معابد اليهود وكنائس النصارى .
أظن أن تصريحات السيد ( المهري )السابقة بأن تفجيرات الماضي كانت عملاً وطنيًا ، أظنها أولى بالنظر والمساءلة من غلاف مجلة الفرقان ، هل تفجير موكب صاحب السمو أمير البلاد الراحل عمل وطني ؟؟ أو هل التفجيرات التي هزت المقاهي الشعبية عمل وطني كذلك ؟؟ من الذي يريد زعزعة أمن الكويت إذًا ؟؟ أم أن السيد ( المهري ) يتبع سياسة إخوة يوسف ، يبقى السؤال الأخطر بعد هذا كله : الانتماء لمن ؟؟ والولاء لمن ؟؟.
م / حمد العصيدان
09-08-2009, 03:35 PM
ــــــي لكــــــــ
العرض العادي
المواضيع المتشابهه
