تلك السواعد البيضاء التي بنت وعمرت وأخرجت لنا أجيال منهم الدكتور والمهندس
والمدرس والعالم و شيخ الدين ...
تلك السواعد التي بنت كانت طموحها الحياة والأستقرار
تلك السواعد التي بنت لم تتوقع في يوم من الأيام أن ينهد عليها سقفها التي شيدته
تلك السواعد التي بنت ... لا يخفاكم لكم تعبت وسهرت ؟؟
تلك السواعد التي بنت ها هي ترى بنيانها يتهاوى ويتساوى مع الأرض
تلك السواعد التي بنت .... هي الوالدين ....
بالأمس القريب كنت هناك في دار المسنين
لكي أرى عن قرب تلك (( السواعد التي بنت ثم غُبنت ))
رأيت آباء وأمهات سلواهم دمعه حارقه .. وأنين صمت يقتلع القلب من مكانه ..
ورأيت من بينهم رجل قد ابتسم ابتسامة عريضه .. راودني الفضول لكي اعرف ما سبب هذه الأبتسامه فاقتربت منه وقلت له ضاحكا ممازحاً ...
(( ماشاء الله يبا صحتك زينه وابتسامتك حلوه على وجهك ))
قال يا ولدي :
أنا اضحك من الغرابه اللي قاعده تصير
قلت وش الغريب ؟؟
قال :
أنا كنت رجل فقير وماكان عندي شي أوكل عيالي فقررت أني اسافر السعوديه عشان ادور شغل
ولقيت شغل ... والشغل أني حارس لمسجد ومعاشي 20 ريال ذلك الوقت
وكنت انطر يوم الجمعه عشان ارجع الكويت اوصل لهم المعاش وارجع للمسجد مره ثانيه
وكبروا العيال وماتت أمهم ... وما تزوجت عشان ما ابي اجيب لهم زوجة ابو ... !!!
واشتغلوا وزوجتهم وقعدت في بيتي لحالي ما عندي أحد
وبعد فتره جاتني سياره وخذتني بتوصيه من عيالي إلى دار المسنين
وهذه السنه العاشره اللي ما شفت فيها عيالي ...
وش رايك مو اللي صار يضحك ...
فأخذ يبتسم ابتسامه عقبها شهق شهقه وبكى وأغمى عليه وعقبها تطمنت عليه قبل المغادره
وبعد هذه الزياره القصيره
إلى تلك السواعد البيضاء التي بنت ثم غُبنت
نقول لكل شخص قد غبن أباه أو أمه .. اعلم أن ما وصل إليهم آبائكم وأمهاتكم بسببكم
لهو حاصل لكم ما لكم من مفر ...
إذا بروا آبائكم تبركم أبنائكم
أخيكم / صدى الحزن |