س : ما حكم الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج ؟
ج : الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج الذي يفعله بعض الناس في السابع والعشرين من رجب ليس له أصل ، ولم تُحفظ هذه الليلة بل أُنسيها الناس ، ولا يُعلم أنها في رجب ، ثم لو علم ذلك وأنها في رجب أو شعبان أو شوال أو غير ذلك لم يجز للناس أن يحتفلوا بها ، لأنهم بذلك يستدركون على الرسول صلى الله عليه وسلم ، والرسول لم يفعل ذلك ولا أصحابه ، فوجب التأسّي بهم , والسير على مناهجهم وعدم الإحداث لما لم يحدثوه ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " من أحدث في أمرنا – أي ديننا – ما ليس منه فهو رد " . وقال أيضًا : " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " . أخرجه الشيخان في الصحيحين ، وأخرج الثاني مسلم في صحيحه وعلقه البخاري جازمًا به من حديث عائشة رضي الله عنها .
وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته يوم الجمعة : " أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هَدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة " . ويقول في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه : " إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة " .
هذه الأحاديث الصحيحة تبيّن لنا تحريم البدع وخطرها ، وأن عواقبها وخيمة ، وما ذلك إلا لأنها تُعتبر زيادة في الدين ، هذا يُحدث وهذا يُحدث حتى يكون ديننا مجموعة مما ابتدعه الناس وأدخله الناس فيه . وقد بُليت اليهود والنصارى بالبدع حتى أدخلوا في دينهم ما لم يأذن به الله ، وحتى التبس عليهم دينهم فالتبس حقه بباطله بسبب ما أدخلوا فيه من البدع والمحدثات . فوجب على هذه الأمة أن تحذر ما فعله اليهود والنصارى ، وأن تبتعد عن التشبه بهم في أعيادهم وفي كل شيء . والله ولي التوفيق .
الشيخ ابن باز - رحمه الله ، من كتاب : فتاوى إسلامية " 1ج/116 ص " .
وهذا سؤال آخر .. أجاب عنه الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - بجواب شافٍ ماتع .. فيقول السائل :
س : هناك بعض الناس يقيمون الولائم في يوم مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويستقبلون زوراهم الذين دَعَوهم ، وفي هذا اليوم يقرءون القرآن ، ويقرءون سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويدعون أدعية دينية ، ويفعلون مثله في يوم الإسراء والمعراج ، ويتصدقون بالمال والطعام ، فهل هذا الفعل جائز أم حرام ؟
ج : لا شك أن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم ، من الأمور الواجبة على كل مسلم ، بل إنه لا يتم إيمان عبد حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحب إليه من ولده ووالده ونفسه والناس أجمعين . ولا شك أيضا أن محبته وتعظيمه : اتباع شريعته . والتقيد بهديه . وألا يتقدم أحد بين يديه ، وألا يدخل في شَرعه ما ليس منه ، لأن مَن تعبّد الله بما لم يَشرعه الله لعباده وعلى لسان رسوله ، فقد اتهم الرسول صلى الله عليه وسلم ، بالقصور أو التقصير وهذا أمر لا يمكن أن يُقرّه مسلم ، ولذلك حذّر صلى الله عليه وسلم ، من البدع وقال : " إياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة " . وأمر باتباع سنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده . ولا ريب أن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم من العبادات ، فإذا شرع تعظيمه على طريق لم تَرد به السنة فإن هذا التعظيم على هذا الوجه يكون بدعة منكرة ، فاتخاذ عيد لمولد النبي صلى الله عليه وسلم ، بحيث يحتفل به ويتصدق في ذلك اليوم ، وتصنع الولائم وما أشبه ذلك فهذا من البدع بلا ريب . والإنسان المؤمن عليه أن يتمسك بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ففيه الكفاية .أما هذا الشيء المبتدع فقد حذّر منه صلى الله عليه وسلم ، وما حذّر منه فلا خير فيه ، ولو كان فيه خير لكان أولى الناس به صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولم تحدث بدعة المولد إلا في القرن الرابع الهجري وذلك بعد مُضي القرون الثلاثة المفضلة . ولو كان حقا لسبقونا إليه . وإذا كنت صادقا فعليك بمتابعة النبي صلى الله عليه وسلم ، ففيها الخير والفلاح ودع عنك يا أخي المسلم مثل هذه الأمور .
ومن العجب !! أن بعض الناس يتمسكون بهذه البدعة تمسكا شديدًا حتى كأنها عندهم من أفرض الفروض وأوجب الواجبات . وتجدهم يتهاونون بأمور كثيرة من السنة التي صحّت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فعلى المرء أن يتوب إلى الله ويرجع وأن يقول : ( سمعنا وأطعْنا ) .
وهكذا نقول عن الإسراء والمعراج فإنه لم يثبت عن الصحابة ولا عن القرون المفضلة أنهم يحتفلون بها ، ولو كان الاحتفال بها من شريعة الله لبيّنه لنا الرسول صلى الله عليه وسلم ، ودعا إليه أصحابه وأمته . ثم إنني أقول لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ، وُلد في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول أو ليلته ، ولا أن معراجه كان في ليلة سبع وعشرين من رجب ، وإنما ذكر البعض أن مولده كان في اليوم التاسع من ربيع الأول لا في الثاني عشر ، وكذلك المعراج فإن المعروف أنه كان في ربيع الأول ، وهذا أقرب ما يكون فيه ، على أن في ذلك نظرا أيضًا ، ولم يثبت المعراج أنه في رجب ولا رمضان ولا ربيع . فتكون بدعة المعراج والميلاد مبنية على غير أساس .. لا شرعي ولا تاريخي وحينئذ فإن العقل والسمع كلاهما يقتضي عدم إقامة هذه الأعياد .
من كتاب : فتاوى إسلامية " 1ج/93 ص " .
منقول
اللهم أرحمهما واجزهما عنا خير الجزاء واجعل قبريهما روضة من رياض الجنة ولا تجعلها حفرة من حفر النار