﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ﴾
_ _ _ _ _ _ _
يا إنسانُ بعد الجوعشبعٌ ، وبعْدَ الظَّمأ ريٌّ ، وبعْدَ السَّهرِ نوْمٌ ، وبعْدَ المرض عافيةٌ ،
سوف يصلُ الغائبُ ، ويهتدي الضالُّ ، ويُفكُّ العاني ، وينقشعُ الظلامُ
﴿فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْعِندِهِ﴾ .
بشَّر الليل بصبح صادق يطاردُهُ على رؤِوسِ الجبال ، ومساربالأوديةِ ، بشِّر المهمومَ بِفرجٍ مفاجئ يصِلُ في سرعةِ الضَّوْءِ ، ولمُحِ البصرِ، بشِّرِ المنكوب بلطف خفيٍّ ، وكفٍ حانيةٍ وادعةٍ .
إذا رأيت الصحراء تمتدُّوتمتدُّ ، فاعلم أنَّ وراءها رياضاً خضراء وارفةّ الظِّلالِ.
إذا رأيت الحِبْليشتدُّ ويشتدُّ ، فاعلمْ أنه سوف يَنْقطُعِ .
مع الدمعةِ بسمةٌ ، ومع الخوفِأمْنٌ ، ومع الفَزَعِ سكينةٌ .
النارُ لا تحرقُ إبراهيم الخليلِ ، لأنَّالرعايةَ الربانيَّة فَتَحتْ نَافِذَةَ
﴿بَرْداًوَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ .
بحرُ لا يُغْرِقُ كَلِيمَالرَّحْمَنِ ، لأنَّ الصَّوْتَ القويَّ الصادق نَطَقَ بـ
﴿كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ .
المعصومُ فيالغارِ بشَّرَ صاحِبهُ بأنه وحْدَهْ جلَّ في عُلاهُ معنا ؛ فنزل الأمْنُ والفتُحوالسكينة .
إن عبيد ساعاتِهم الراهنةِ ، وأرِقّاءَ ظروفِهِمُ القاتمةِ لايرَوْنَ إلاَّ النَّكَدَ والضِّيقَ والتَّعاسةَ ، لأنهم لا ينظرون إلاَّ إلى جدارالغرفةِ وباب الدَّارِ فَحَسْبُ.
ألا فلْيَمُدُّوا أبصارَهُمْ وراء الحُجُبِوليُطْلِقُوا أعنة أفكارِهِمْ إلى ما وراء الأسوارِ.
إذاً فلا تضِقْ ذرعاً فمنالمُحالِ دوامُ الحالِ ، وأفضلُ العبادِة انتظارُ الفرجِ ،
الأيامُ دُولٌ ،والدهرُ قُلّبٌ ، والليالي حُبَالى ، والغيبُ مستورٌ ،
والحكيمُ كلَّ يوم هو فيشأنٍ ، ولعلَّ الله يُحْدِثُ بعد ذلك أمراً ،
وإن مع العُسْرِ يُسْراً ، إن معالعُسْرِ يُسْراً .
_ _ _ _ _ _ _
المصدر : كتاب لا تحزن