عذراً عائشة... فالسفاهة كاسمها!

[عذاااب]

فرق بين الوقاحة التي تحركها السفاهة والجهالة، وبين النقد.

فالنقد عمل رفيع وأمر مطلوب، لأنه تقييم وتقويم لحالة معينة، ولكن الحماقة والسفاهة والجهالة تفصلها عنها أميال طويلة.

ثم النقد ليس محرماً على أحد، ولا يمكن منعه، لان العمل الانساني معرض للصواب والخطأ، فهو عرضة للنقد، ولهذا كان الصحابة - رضوان الله عليهم-، ينقد بعضهم بعضاً، ويستدرك بعضهم على بعض، وكان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم-، ينقد بعضهم، ويصوب مسيرتهم، بل قد نزل القرآن يعدل مسيرة الأنبياء فضلاً عمن دونهم، ذلك ان العمل الانساني يبقى عملاً انسانياً غير معصوم، ولا غضاضة في ذلك ولا عيب، ولا تجريح، ولا خدش لأمهات الأصول!

فلو جاء من ينقد تاريخ الصحابة، ويضع يده على بعض الأخطاء، كي تستفيد الأمة، وان الناقد يملك أدوات النقد من العلم والموضوعية وغيرها، فلا شك ان القضية لا ضير فيها ولا مجاوزة للحد، وينفتح حوار علمي رصين تتبين منه الحقائق، وهذا ما نصبو اليه، ونتطلع!

ولكن ان يأتي سفيه مأفون في عقله، يدعي التشيع، وحب آل البيت، وكل هذا منه براء، فيمسك باحدى يديه سكيناً يمزق فيها جسد الطاهرة العفيفة السيدة أم المؤمنين عائشة، وفي الأخرى القدوم يكسر فيه تاريخ الأمة، ويطعن في عرض النبي - صلى الله عليه وسلم-، متوشحاً بوشاح من العلم يدعي، ومتزراً بازار التشيع، ولم يعرف من التشيع الا اسمه، فليس التشيع وحب الآل بالطعن في عرض النبي - صلى الله عليه وآله وسلم-، وليس حب آل البيت يعني التنقيص من الآخرين، وانما الحب يشمل الجميع ممن عاصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وجاهد معه، ودافع عن الدين واستقام على الطريقة!

وهب ان عائشة - رضي الله عنها-، قد أخطأت، وهي ليست معصومة، أفتستحق كل هذا! وهي من؟ أيرضى أحدنا ان تسب أمه أو أخته؟

أو ليست التي قال الله تعالى فيها (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وأزواجه أمهاتهم...) وهذه الآيات من أواخر مانزل في حق آل البيت {لا يحل لك النساء من بعد ولا ان تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن الا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيبا}، فعائشة من ضمن هؤلاء النسوة اللائي ذكرن في الأحزاب، الا ان يكون من يسب ليس من المؤمنين، فتكون ليست أمه، فيستبيح سبها.

ثم كيف تكون زوجة نبي - وهو أفضل الخلق والخاتم - بهذه الصورة القبيحة التي صورها هذا المأفون في عقله وغيره، من وقاحة وسلاطة لسان وزنا، وأنها في النار بل في قعر جهنم! من أطلع هذا المسكين على الغيب فقام يوزع صكوك الغفران والعقاب على أفضل الناس بعد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم-!

وقد قال تعالى في سورة الأحزاب: (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء... واذكرن ما يتلى... انما يريد الله ليذهب عنكم الرجز أهل البيت)، فأخص المرء بأهل البيت ومن يسمى الأهل هم الزوجات، بل ان (انما يريد الله ..) انما هي عجز الآية، وليست آية مستقلة بنفسها، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم-، حتى لا يتوهم متوهم ويتطاول سفيه، فيدعي ان فاطمة - عليها السلام- وعليا بن أبي طالب - عليه السلام-، والحسنين - عليهما السلام - ليسوا من أهل البيت، جللهم بكساء والحديث معروف، والعجب أنه حديث من رواية عائشة، التي لو كانت كما وصف المأفون لما روت من فضائل هؤلاء الشيء الكثير!

فوالله لم نقرأ لأحد من أهل بيت النبوة مثل هذا السفه -والعياذ بالله- ولم نقرأ رواية صحيحة من أحدهم فيها الطعن باحدى زوجات النبي - صلى الله عليه وآله وسلم-، ولا يمكن ان يصدر مثل هذا الكلام منهم، لأنهم أعف وأعمق ايماناً، وأكثر حباً للنبي ممن يدعي هذا الحب كهذا المأفون وأمثاله!

أقول اننا لسنا بحاجة الى هذه الأعمال، فان الأمة ليست في حاجة الى من يزيد في تفرقتها، ويزرع الشقاق بين أبنائها، فليس من المصلحة الطعن بالصحابة ولا غمز أحدهم، وزوجات نبينا العظيم، الذي لو طعن في عرضه، فهذا مايتمناه أهل الكفر والنفاق، فماذا بقي ان كان عرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم متهماً، وأصحابه منافقون، فهل ستبقى مصداقية لمثل هذا النبي.

ان سباب الصحابة جريمة لا يمكن ان يسكت عنها، ولا تظن أنها مقصورة على أهل السنة، بل والله كثر من الشيعة محبي أهل البيت يرفضون رفضاً قاطعاً هذا السب والشتم والوقاحة، وأنا على يقين أنهم غير راضين عن هذا الفعل، أقول تارة أخرى لنعط صورة صادقة عن التشيع وأهله، لا يحملها ذاك الفتى المسكين، بل يحملها العلماء الصادقون الذين يخافون على عرض نبيهم، ويريدون ان يجمعوا الأمة، لا ان يفرقوها، فهل سنسمع لهم صوتاً!