مجالس العجمان الرسمي

العودة   مجالس العجمان الرسمي > ~*¤ô ws ô¤*~المجالس العامة~*¤ô ws ô¤*~ > المجلس العــــــام

المجلس العــــــام للمناقشات الجادة والهادفة والطروحـــات العامة والمتنوعة

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 22-12-2016, 11:50 AM
محمود المختار الشنقيطي محمود المختار الشنقيطي غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2012
المشاركات: 968
معدل تقييم المستوى: 12
محمود المختار الشنقيطي is on a distinguished road
كلام في الترجمة (2)

كلام في الترجمة (2)
في هذه الحلقة،أبدأ بالإشارة إلى زاوية أخرى،تتعلق بالمترجم نفسه،فلا يتعلق الأمر فقط بتمكنه من اللغتين،بل يتعلق الأمر أيضا،بسعة اطلاعه،وإحاطته بثقافة المؤلف الذي يترجم عنه،وذلك ما ينتج عنه مد يد العون للقارئ ليفهم الظلال التي تقف خلف "كلمات"المؤلف.
قبل أخذ أمثلة من تلك اليد الممدودة للقارئ .. أذكر باقتراحي في الحلقة السابقة،أن يترجم وصف"ليز"بأنها .. ( نوستراداموس.){ص 336 ( طعام صلاة حب)}،اقترحتُ أن توصف بأنها"منجمة"،الآن وقفت على هذا النص لمانغويل،وهو يتحدث عن الملك فريدريش الثاني،ملك بروسيا،والذي رفض توجهات والده،وحاول الفرار إلى فرنسا،مع أحد الضباط،فألقي القبض عليهما،سجن ابن الملك،وأعدم الضابط تحت نافذته ..( وآنذاك بدأ فريدريش يرى فضائل التقية.){ص 228 (فن القراءة) .. }.
أيا كانت العبارة التي استعملها "المؤلف"فإن "التقية"عبرت عنها بكل جلاء.
وكذلك،عبارة"السليط’" كما ترجمها الأستاذ "جولان" .. ثم كتب في الهامش : "حرفيا"تلك الفأس المسنة" :: تعبير استخدم ذما وقدحا في الإنكليزية القديمة،ويشير إلى فؤوس الفايكنج التي خلخلها طول القتال){ص 259 (فن القراءة) ..}
المؤلف،كل مؤلف،يترك فراغات في النص اعتمادا على "معرفة"القارئ .. ولكن حين تترجم الكتب،إلى ثقافة أخرى،يختلف الأمر .. فـ"مانغويل"دون شك يثق في معرفة قرائه بقصة "أليس في بلاد العجائب" .. لذلك اكتفى بالقول .. (ولكنّ فيه مزية عظيمة واحدة،وهي أن ذاكرة المرء تعمل بكلا الاتجاهين" : في الهامش : "الملكة الحمراء في هذا المقطع،تخبر أليس بأنها تتذكر المستقبل"){ ص 254 (فن القراءة}... وكتب كذلك .. (القديس أوغسطين كان جالسا إلى منضدته يكتب إلى القديس جيروم،سائلا إياه رأيه في سؤال التطويب الأبدي،وعندما امتلأت : في الهامش : "استنادا إلى "الموعظة على الجبل:"،ومستهلها في إنجيل متى : "طوبى للمساكين بالروح لأن لهم ملكوت السموات"){ ص 254 (فن القراءة)}،وكمثال أخير،ليد المساعدة التي يمدها المترجم للقارئ،كتب مانغويل،عن القراءة عبر الشاشات،وقدرتها على إسماع القارئ صوت "النص" – إن جاز التعبير - ..(عبر آليات ميكانيكية مثل غولم مسبق الصنع ) ما هاذا "الغولم"؟ هذه عبارة مغلقة دون إضاءة المترجم التي تقول .. ،في الهامش ..("Golem : مخلوق خيالي في ميثولوجيا يهود وسط أوربا،جُبل جسده من كلمات الكتاب المقدس التي عكف القبلانيون عل دراستها،ويتم تصويره أحيانا كنموذج بدائي للإنسان الآلي . أحد أشهر أمثلته في الأدب رواية غوستاف ميرنك الغولم"){ص 257 (فن القراءة) ..}،هكذا تفجرت مفردة"غوليم"لتلد عدة أسطر .. وأردت أن أزيد من امتدادها .. فبحثت عن "القبلانيين"،لكن محرك البحث "غوغل"أعطاني "العقلانيين" العرب!! ثم تبين،عبر ترجمة أحد اليهود أن "القبلانيين = المتصوفة"!!
لا يمد لنا المترجم يد العون فقط،بل قد يمنحنا ومضة عن حالة اجتماعية ما .. فحين نقل"مانغويل"وصية الكاتب هيلير بيلوك :"عندما أموت،رجائي أن يقال عني / كانت خطاياه قرمزية ولكن كتبه مقروءة){ص 297 (فن القراءة) ..}.
ما دلالة اللون القرمزي ؟ هنا يتدخل المترجم ليقول لنا،في الهامش : (اللون الصارخ إشارة إلى عار أو فضيحة.) كان لهذا التوضيح أن يكون كافيا،ولكن المترجم وسع دائرة النظر .. (الطهرانيون الأمريكيون قلّدوا الزانيات حرف A قرمزيا،إشارة إلى الحرف الأول من كلمة زانية Adulteress كما كتب ناثانييل هوثرون في رواية الحرف القرمزي. ){ هامش ص 297 (فن القراءة) ..}.
قد يساعد المترجم القارئ،ولكن اللغة قد تقف عاجزة عن ترجمة "مفردة"لأكثر من سباب،فلا تمد يد المساعدة للمترجم، يبين أحد المترجمين ذلك .. عن رواية ..( .. زولا L'assommoir : في الهامش " يصعب إيجاد معنى دقيق بالعربية , أو حتى بالانكليزية , لعنوان الرواية . فقد كان اصطلاحاً تركيبياً في باريس القرن التاسع عشر , يشير إلى متجر لبيع الخمور الرخيصة المقطرة في المكان ذاته .( م) " ) {ص 186 ( المكتبة في الليل ) / ألبرتو مانغويل / ترجمة : أحمد م.أحمد / دار الساقي / الطبعة الأولى 2015}.
سأترك بقية البياض،لـ"اعتراف" مؤلف"فن القراءة"،حين لعب دور "المترجم"،وذلك في مقالة"قراءة مقلوبة الأسود فيها أبيض"تتمدد على الصفحات 275 – 283،يقول عن ترجمته لرواية الكاتبة مارغريت يوسنار"حكاية زرقاء"،من الفرنسية إلى الإنجليزية،وقد كتبتها في شبابها،وقبل أن تنضج فنيا .. (خلتُ أن إبقاء النص الشاب ليورسنار،بكل ما فيه من بهارج ولفّ ودوران،لن يكون إلا حذلقة من جانبي،فذلك شأن علماء حفريات الأدب ولا يعني بالقدر نفسه عشاق الأدب، لا بل أكثر،فاللغة الإنكليزية أقل صبرا مع الطيش من اللغة الفرنسية. وهكذا،في بضع مرات – هذا ،هذا ذنبي الجسيم : في الهامش : "ترد باللاتينية،كما في الصلوات الكاثوليكية" } قصصتُ في صمتٍ نعتا أو شذبتُ تشبيها.){ ص 275 – 276 (فن القراءة) ..}.
مباشرة يخبرنا المؤلف بوجهة نظر مخالفة .. ( أجاب فلاديمير نابوكوف،عندما انتقده صديقه إدموند ويلسون على ترجمة لرواية يوجين أونغين { يفغيني أونغين – المترجم } "مع ثآليل وكل ما هنالك"،بأن عمل المترجم لا يقتضي تجميل الأصل أو شرحه وإنما التقدم إلى قارئ يجهل إحدى اللغتين بنص أعيد تأليفه بكافة الكلمات المكافئة في اللغة الأخرى. ){ص 276}.
يجادل "مانغويل" ..(واضح اعتقاد نابوكوف (وإن صعب عليّ تخيل المعلم القدير يعني ما يقوله) أن اللغات"متكافئة"معنى وصوتا،وأن المتخيل في هذه اللغة من الممكن إعادة تخيله في لغة أخرى.- من دون حدوث أي خلق جديد تمام الجدة. ولكن الحقيقة(كما يكتشف كل مترجم عند البدء بالصفحة الأولى) هي أن الفينيق المتخيل في هذه اللغة لا يعدو دجاجة في لغة أخرى،ولتزيين ذلك الطير الداجن الوحيد بجلال الطائر المنبعث من رماده فقد تتطلب تلك اللغة الأخرى حضور مخلوق مغاير يُقتطف من كتب الحيوان التي لها مفاهيمها الخاصة بالغرائب.
ففي اللغة الإنكليزية،على سبيل المثال،لا يزال لكلمة phoenix رنين وحشي يستفز الذاكرة،لكنها في اللغة الإسبانية ave fenix جزء من البلاغة الزخرفية المنحدرة من إرث القرن السابع عشر){ص 276 ( فن القراءة}.
ينقلنا"مانغويل"مباشرة إلى العهد الوسيط .. (في مطلع العصر الوسيط كانت الترجمة translatiom(وهي مشتقة من صيغة الزمن الماضي للكلمة اللاتينية transferre"ينقل")تعني نقل رفات قديس من مكان إلى مكان آخر. كانت هذه النقلات{الترجمات} غير قانونية أحيانا،كما هي الحال عند سرقة بقايا جسد قديس من إحدى المدن والذهاب بها نحو مدينة أخرى تصبو إلى المزيد من المجد،إذ بتلك الطريقة نُقل جثمان القديس مرقس من القسطنطينية إلى فينيسيا / البندقية،مخبأ في عربة تحت قنطار من لحوم الخنازير امتنع عن لمسها الحرَسُ التركي عند بوابات القسطنطينية . نقل شيء ثمين وجعله لك بكل الوسائل المتاحة : لعل هذا التعريف يفيد الترجمة الأدبية على نحو أفضل من تعريف نابوكوف.){ص 276 – 277 (فن القراءة) ..}
ويضيف أيضا .. (فلا بد من الاعتراف أيضا بأن كل ترجمة – كتابة ألفاظ النص بحروف لغة أخرى،إعادة السرد،إعادة ترتيب العبارات – تضيف إلى النص الأصلي قراءة أشبه بالألبسة الجاهزة أو تفسيرا ضمنيا. وعند هذه النقطة يتدخل الرقيب.
إن إخفاء الترجمة للنص،أو تحريفها له أو إخضاعه أو حتى قمعه،حقيقة يعرفها ضمنا القارئ الذي يقبلها بوصفها نسخة"عن النص الأصلي،وقد وصف جواكيم دو بيلاي تلك العملية في كتابه{ دفاعا عن اللغة الفرنسية ومثالها } : "وما عساي أقول في هؤلاء الذين يليق بهم لقب الخونة أكثر من لقب المترجمين،لأنهم يخدعون أولئك {المؤلفين } الذين يرمون {المترجمين } إلى إلقاء الضوء عليهم،فينتقصون من مجدهم ويُغرون القراء الجهلة بقراءة مقلوبة الأسود فيها أبيض"){ص 277 – 278 (فن القراءة}.
قد لا تكون هناك مشكلة كبيرة،في تلك التغييرات التي قام بها "مانغويل" في كتاب " يورسنار "طالما أن الأمر كله ضمن متعة الأدب .. بل هو،بفعلته،يقدم حجة قوية،لحذف"التجديف"ولكن تلك قضية أخرى،قد نتعرض لها في حلقة أخرى،إن شاء الله .. إذا .. المشكلة تكمن فيما يتعلق بالتاريخ،وتحويل الأسود إلى أبيض،يحدثنا "مانغويل"نفسه،عن احتلال اليسوعيين للبارجواي في نهاية القرن السادس عشر .. (عند ترجمة اللغة الغورانية { لغة السكان الأصليين للبارغوي - محمود} إلى الأسبانية عزا اليسوعيون بعض الأعراف،التي كانت تدل على سلوك مقبول أو حتى يحتذى به بين السكان الأصليين،إلى مرجعية ذلك السلوك في الكنسية الكاثوليكية أو البلاط الملكي الأسباني،المفاهيم الغوارانية للشرف الشخصي،والامتنان الصامت عند قبول الهدية،والمعرفة الخاصة بالمقارنة مع المعرفة المعممة،والاستجابة الاجتماعية إلى تقلب الفصول والأعمار،تُرجمت جميعها باستسهال وفظاظة
إلى"الكبرياء،،و"الجحود"،و"الجهل"،و"التلون"،بالترتي ب. لقد أتاحت مثل هذه المفردات للرحالة مارتن دوبريتسهوفر من فينا،بعد ستة عشر عاما من طرد اليسوعيين سنة 1783،أن يتأمل في كتابه{ تاريخ شعب آبيبونر}،الفطرة الخبيثة للغوارنيين :"إن مناقبهم العديدة التي تعود بالتأكيد إلى كائنات عاقلة مؤهلة للتعلم والثقافة تقوم مقام الواجهة لتراكيب شاذة إلى أبعد الحدود توارى داخل تلك الأعمال نفسها،إنهم أشبه برجال آليين جُمعت في صناعتهم عناصر من الكبرياء والجحود والجهل والتلون. من تلك الينابيع الأساسية تتدفق جداول الكسل والسُّكر والوقاحة والريبة،مع اضطرابات كثيرة أخرى تسفه طباعهم الأخلاقية"){ص 281 (فن القراءة) ..}
لاشك أن هذا "الظلم"الذي وقع على الغورانيين،نتيجة سوء"الترجمة"لا يقارن مع تلك"التعديلات"التي قام بها "مانغويل" .. والذي "يطمئننا"على أنه ..(عبر التاريخ،جرت الرقابة في الترجمة وراء أقنعة أدهى،والترجمة في عصرنا،في بلدان معينة،هي إحدى الوسائل التي يتم بواسطتها إخضاع الكتّاب"الخطرين"للتطهير والتصفية. (البرازيلي نيليدا بينيون في كوبا،الساقط أوسكار وايلد في روسيا،المؤرخون الأمريكيون الأصليون في الولايات المتحدة وكندا،الطفل الخارق { في الهامش : Enfant terrible :تعبير فرنسي دارج يترجم أحيانا إلى"الطفل الرهيب"الذي يربك والديه أو الآخرين بأسئلة غير متوقعة،وقد تطلق هذه التسمية على فنانين تحسبهم مؤسسات المجتمع خارقين للمألوف والعادات } الفرنسي جورج باتاي في أسبانيا خلال حقبة فرانكو،هؤلاء جميعا نُشرت أعمالهم في ترجمات مبتورة. وعلى الرغم من حسن نواياي كلها،ألا يمكن اعتبار ترجمتي ليورسنار قد خضعت للرقابة؟).
ببساطة،إن المؤلفين الذين لا تبعث قراءة آرائهم السياسية على الارتياح لا يُترجمون غالبا،ومثلهم المؤلفون أصحاب الأسلوب الصعب،فإما التغاضي عنهم،إذ يُفضل عليهم مؤلفون آخرون أسهل على الترجمة،أو أنهم محكومون بترجمات اعتباطية أو ركيكة لأعمالهم.){ص 282}.
ويخلص "مانغويل"إلى هذه النتيجة .. (على أية حال،ليست كل ترجمة غشا وفسادا. من الممكن إنقاذ الثقافات عبر الترجمة أحيانا،فتتبرر للمترجمين مطارداتهم اللغوية الصاغرة والمضنية. في كانون الثاني / يناير 1976،ركع الأمريكي المختص في المعاجم روبرت لافلين أمام كبير الحكام في بلدة ثيناكنتان جنوب المكسيك وهو يرفع كتابا استغرقه إعداده أربعة عشر عاما : معجم التزوتزيل الكير الذي نقل إلى اللغة الإنكليزية إحدى لغات المايا،تلك التي ينطق بها 120 ألف من أهالي تشياباس الأصليين،والمعروفين أيضا باسم"شعب "الوطواط". بتقديمه المعجم إلى كبير التزوتزيل قال لافلين،باللغة التي انكب متفانيا على تسجيلها :"إذا أتاكم أجنبي وقال إنكم هنود بُلهاء حمقى،فأرجوكم أروه هذا الكتاب،أروه ثلاثين ألف كلمة من معرفتكم وعلمكم".
من غير بد سيفي ذلك بالغرض.){ص 282 – 283 ( فن القراءة}.
يفي بالغرض؟ .. إذا من المؤكد أن هذا القدر من سكب الحبر على بياض الورق،يفي بالغرض،في هذه الحلقة .. بل يزيد!

أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي

 

التوقيع

 

أقول دائما : ((إنما تقوم الحضارات على تدافع الأفكار - مع حفظ مقام"ثوابت الدين" - ففكرة تبين صحة أختها،أو تبين خللا بها .. لا يلغيها ... أو تبين "الفكرة "عوار"الفكرة"))

 
 
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كلام في الترجمة (1) محمود المختار الشنقيطي المجلس العــــــام 0 15-12-2016 01:36 PM
ممثلي هوليود ممايحدث بغـرة مع الترجمة vip-534 المجلس السياسي 9 15-01-2009 02:58 AM

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 12:34 AM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع