مجالس العجمان الرسمي

العودة   مجالس العجمان الرسمي > ~*¤ô ws ô¤*~المجالس العامة~*¤ô ws ô¤*~ > المجلس العــــــام

المجلس العــــــام للمناقشات الجادة والهادفة والطروحـــات العامة والمتنوعة

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 23-03-2017, 01:25 PM
محمود المختار الشنقيطي محمود المختار الشنقيطي غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2012
المشاركات: 968
معدل تقييم المستوى: 12
محمود المختار الشنقيطي is on a distinguished road
التصوف .. وتشعب السبل ! 1 – 2

التصوف .. وتشعب السبل ! 1 – 2

أهداني أختي الدكتور عبد الله مختار،كتاب "الرحلة الحجازية" للحافظ محمد يحيى بن محمد المختار الولاتي.
كنتُ قد كتبت من قبل تحت عنوان"التصوف بين"أسد"و"بيجوفيتش"،وظننت أنني قلتُ ما في نفسي حول موضوع التصوف .. ولكن.
الكتاب الذي تفضلّ عليّ به أخي الدكتور عبد الله،فتح نوافذ أخرى للقول،وأساس ذلك شخصية مؤلف"الرحلة الحجازية" .. فهو،حسب ما ذكر محقق الكتاب،في مقدمته ..(ومما ذُكر في ترجمته أنه كان عالما مشاركا،محدثا حافظا،فقيها أصوليا ،أديبا شاعرا ناثرا. مالكي المذهب،أشعري الاعتقاد،تجاني الطريقة،منفتح العقل حاد الذكاء،طويل النفس في الحوار والمناظرة،واسع الاطلاع،قوي الذاكرة يستحضر مقاطع طويلة من كتب التفسير والحديث والفقه والأصول،كروح المعاني للآلوسي،وتفسير أبي السعود،وفتح الباري للحافظ ابن حجر،والإحياء للغزالي،وعوارف المعارف للسهروردي،و قواعد الشاطبي،ومعيار الونشريسي،وجمع الجوامع للسبكي،ومرتقى الوصول لابن عاصم،ومراقي السعودي لابن الحاج العلوي الشنقيطي،ومختصر خليل،وربما كان يحفظ هذه المتون الأخيرة عن ظهر قلب،إلى جانب كتب الصحاح والسنن){ ص 8 (الرحلة الحجازية ) / محمد يحيى الولاتي / تحقيق : الدكتور محمد حجي / دار الغرب الإسلامي / الطبعة الثانية 2009 }.
أستطيع أن أضيف أيضا أن "الولاتي" "سلف" قح .. فهو متمسك بـ"الدليل"في كل صغيرة وكبيرة.
رجل بهذه القامة،حقيق أن نقف مع كتابه لنرى الظلال التي تمددت على تاريخ الأمة منذ أن دخلت إلى باحته هذه الأحرف" ت ص و ف" رغم ما شاب مصدرها من غموض .. من"الصوف"والبعض ذكر أنها "مترجمة" .. إلخ.
إذا .. نحن لا نتحدث عن التصوف بحد ذاته،وسبق أن قلتُ في كُليمة سابقة،أن الخلاف مع ما طرأ على "التصوف" حتى انحرف به إلى أودية سحيقة .. فتاوى الحافظ "الولاتي"تقودنا لتبين تلك الأودية .. والمزالق.
ما دفعني للكتابة،أو ما يميز "الولاتي"أنه يحمل كل الصفات التي ذُكرت سابقا،وأمهما – فيما أرى – أنه "تيجاني" قح أيضا .. ولا يذكر "شيخه" – على امتداد الكتاب- إلى بهذه الصيغة،أو ما يقرب منها :
( زاوية شيخنا أحمد التيجاني رضي الله عنه وأرضاه وعنّا به ){ ص 156}.
نبدأ بـ"الطامة الكبرى" .. "وحدة الوجود" قبل نقل كلام الشيخ،نشير إلى أنه على مدار الكتاب لا يسمي "ابن عربي" إلا بالشيخ الأكبر ابن العربي .. وهو "محي الدين بن عربي"،المولود في"مرسية"بالأندلس سنة 558هـ = 1165 م،والمتوفى بدمشق سنة 638هـ = 1240م. أما "ابن العربي" فهو حافظ الأندلس ، القاضي أبو بكر بن العربي – محمد بن عبد الله بن محمد المعافري – المولود سنة في"إشبيلية" بالأندلس أيضا،سنة 467 هـ = 1076م،والمتوفى بفاس سنة 543هـ = 1148م.وهو صاحب كتاب"أحكام القرآن".
كتب الحافظ الولاتي :
(ثم أني سئلت وأنا بالإسكندرية – عمرها الله بالإسلام – عن وحدة الوجد التي يقولها بعض المتصوفة،ما صورة ألفاظهم المنقولة عنهم فيها؟ وما دليلهم على إثباتها؟ وهل تحتمل ألفاظهم فيها التأويل أو لا؟ (..) فقلت ،وبالله استعنت،وإليه من الحول تبرأت :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله.
اعلم أيها الناظر المنصف وفقنا الله وإياك لملازمة الأدب مع مقام الربوبية ومقام النبوءة،أن صورة ما اطلعنا عليه من الألفاظ المنسوبة إليهم ها هي ذي :
أولها أنه نقل عن الشيخ الأكبر ابن العربي في الفتوحات أنه قال:"سبحان من أظهر الأشياء وهو عينها" (..) ثالثها ما نقل عن الحلاج أنه قال:"أنا الحق وما في الجنة إلا الله".
رابعها قول بعضهم إن الله تعالى سبق قضاؤه أن لا يُعبد سواه فكل عابد إنما يعبد الله تعالى من حث يدري ومن حيث لا يدري فإنه جلّ شأنه الأول والآخر والظاهر والباطن،والأعيان الثابتة ما شمت رائحة الوجود ولا تشمه أبدا" انتهى من روح المعاني.
وأما دليلهم على إثبات الوحدة المذكورة في زعمهم فهو قوله تعالى :"سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق" { الآية 53 من سورة فصلت} فقالوا إن الضمير في أنه الحق راجع إلى المَرْئِيّ الذي هو المخلوق. وفي ظاهر هذه العبارة من الشناعة ما لا يخفى على ذي بصيرة،ولكن الذي يعطيه حسن الظن بهم أنهم لا يريدون ظاهرها،بل مرادهم أن المرئي يتبين للناظر فيه بالنظر الصحيح المصيب إذا تأمل ما فيه من آيات الله أنه أي المرئي مجلي الحق تعالى،فيستدل به على أنه تعالى هو الواحد الحقيقي الذي ليس في الوجود على الحقيقة سواه. فتأويل الآية عندهم سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أن المرئي الذي فيه الآيات مجلّي الحق أي دال على أنه هو الواحد الحق الذي ليس في الوجود سواه على الحقيقة. فيُنتج ذلك أن الوجود الحقيقي واحد،وهو وجود الله تعالى ولا يريدون أن المرئي الذي فيه الآيات هو عين الحق تعالى،ولا أن الحق تعالى حالٌ فيه،تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. بل مرادهم أن المرئي مجلي الحق تعلى. وعلى كل حال فإن تفسيرهم للضمير المذكور بأنه راجع إلى المرئي مع ما فيه من سوء الأدب مع مقام الربوبية مخالف لظاهر الآية،فإن ظاهرها أنه راجع إلى القرآن،والحق فيها بمعنى الصواب الموافق لما في نفس الأمر ضد الباطل،لا بمعنى الذات المقدسة. ويدل على ذلك كون الآية من أولها مسوقة لبيان حقيقة القرآن وإثبات كونه من عند الله لا لبيان أن المرئي الذي فيه الآيات يدل على وحدانية الله تعالى،لأن أولها "قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به من أضل ممن هو في شقاق بعيد سنريهم آياتنا " الآية { الآية 52 من سورة فصلت} .
واستدلوا على الوحدة المذكورة أيضا بقوله تعالى "وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا" { الآية 23 من سورة الإسراء} وفسروا القضاء في الآية بالحكم النفسي الأزلي وتوصلوا بذلك إلى وحدة الوجود،وأن الكافر في حال عبادته للصنم إنما يعبد الله تعالى لكن من حيث لا يدري. وظاهر هذه العبارة الكُفر – أعاذنا الله منه – ولكن يمكن تأوليها بأن مرادهم أن الصنم مخلوق لله تعالى وعبد له،فعابدُه جعل نفسه عبدا لعبد الله تعالى،وعبد العبد عبد لربه،لكن الكافر لا يدري ذلك،لا أنهم يعنون أن عبادة الكافر لصنمه تعدُ عبادة لله تعالى شرعا وأن الله تعالى هو عين الصنم أو حالٌ فيه،تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. بل هو الواحد الأحد القائم بنفسه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. مع أن تفسيرهم للقضاء في الآية بالحكم النفسي الأزلي مخالف لظاهرها ولما عليه أئمة التفسير كلهم،فإنهم فسروا القضاء فيها بالأمر أو بالتوصية،أي أمر ربك أن لا تعبدوا إلا إياه،أو أوصى ربك أن لا تعبدوا إياه. وجاء في قراءة ووصى ربك ،فهي مفسرة لقراءة وقضى ربك. ومما يمنع حمل القضاء في الآية على الحكم النفسي الأزلي عطف وبالوالدين إحسانا على قوله أن لا تعبدوا إلا إياه،إذا لا يسع عاقلا أن يقول إن الله تعالى قضى أي حكم في الأزل بأن كل ولد يُحسن إلى والديه،فتعين أن معنى قوله تعالى وقضى ربك أمر أو وصى والله أعلم. واستدلوا لقولهم المذكور أيضا بالحديث الرباني المعروف عندهم وهو كنت كنزا مخفيا إلخ .. وهو حديث موضوع (..) قال في روح المعاني : ومَن يرويه من المتصوفة معترف بعدم ثبوته نقلا لكن يقول إنه ثابت بطريق الكشف،وقد نص على ذلك الشيخ الأكبر قدس الله سره والتصحيح الكشفي شنشنة لهم. انتهى.
قلتُ : وطريق الكشف لا عبرة بها عند الفقهاء أهل السنة في إثبات الأحكام الشرعية ولا الأحاديث النبوية،فأحرى أن تثبت بها أحاديث الصفات المتشابهة والله أعلم){ ص 217 - 220}.
لا أقول إلا رحم الله والديّ،,رحم الشيخ"الولاتي"وجزاه خيرا على حسن ظنه بإخوانه،وسعيه لتخريج كلامهم على غير ظاهره ... ومع ذلك فقد كرر مرارا الإشارة إلى"أدلتهم على وحدة الوجود"ورد عليها .. ولو لم يثبت عنده قولهم بالوحدة المذكورة .. وتقصيهم الاستدلال لها،لما كانت ثمة مشكلة أصلا .. خصوصا أنهم اضطروا لـ"وضع" حديث" كنت كنزا" لإثبات الوحدة المزعومة ..وقد وصف ألفاظهم بأنها "كفر "والعياذ بالله .. وأنها"سوء أدب مع مقام الربوبية".
ثم انتقل من"ابن عربي" إلى قائل آخر :
(وكذا قول الحلاج : "ما في الجنة إلا الله" فإنه يُؤول بمثل هذا التأويل،أي ما في الجنة إلا مخلوق من آيات الله يُستدل بالنظر فيه على معرفة الله،أو ما في الجنة إلا عبدا لله أو خلق الله فيؤول كلامه على أنه على حذف مضاف لأجل حسن الظن به والله أعلم بمراده.
وأما قول بعضهم "سبحاني سبحاني"فإنه يُؤول بأنه على حذف مضاف،أي سبحان خالقي أو سبحان ربي){ ص 225 - 226}.
مرة أخرى،جزى الله الشيخ خير الجزاء على حسن الظن .. ولكن قوله أن "الحلاج"يقصد " ما في الجنة إلا عبدا لله"فإن يوم القيامة ..لا يبقى شاك في الله .. فقد مضى عهد "الغيب" الذي يبنى عليه الإيمان بالله أو الكفر به،والعياذ بالله .. ثم لو كان هذا هو المقصود لما حُوكم"الحلاج"وحُوكم هذه .. ترد أيضا على قول الشيخ "والله أعلمُ بمراده" فصحيح،الله أعلم بمراده .. ولكن الرجل وقف أمام "قضاة"وعبر عما يقصد بكلامه ..
وقد أشار "المعري" إلى قضية "الحلاج" – والمعري نفسه رمي بالزندقة .. وهو رجل منصف،وليس ممن قد يحملون غلا لـ"الحلاج" – يقول "المعري"عن ( “الحسين بن منصور الحلاج”من”نيسابور”وقيل،من”مرو”يدعي كل علم. وكان متهورا جسورا يرومُ إقلاب الدول ويدعي فيه أصحابه الإلهية،ويقول بالحلول،ويُظهر مذاهب الشيعة للملوك،ومذاهب الصوفية للعامة،وفي تضاعيف ذلك يدعي أن الإلهية قد حلت فيه. وناظره”علي بن عيسى الوزير”فوجده صفرا من العلوم.وقال :”تعلمك لطهورك وفرضك،أجدى عليك من رسائل أنت لا تدري ما تقول فيها،كم تَكتب إلى الناس : تبارك النور الشعشعاني الذي يلمع بعد الشعشعة ! ما أحوجك إلى أدب”.){ ص 36 ) رسالة الغفران) / أبو العلاء المعري : تحقيق : الدكتورة عائشة عبد الرحمن”بنت الشاطئ” / القاهرة : دار المعارف / الطبعة السادسة / 1397هـ = 1977م}.
رغم قول الشيخ الأكبر"ابن عربي" : "سبحان من أظهر الأشياء وهو عينها"،وكل ما ينسب إليه من قول بوحدة الوجود .. إلا أننا نجده،على عكس "الحلاج"يقول باستحالة تلك الوحدة !! يقول "الولاتي":
(ثم قال في روح المعاني : وقال الشيخ الأكبر في كتاب الياء،الاتحاد محال وساق الكلام إلى أنى قال : فلا اتحاد البتة،أي بين الخالق والمخلوق لا من طريق المعنى ولا من طريق الصورة . انتهى){ ص 227}
نحن،إذا،أمام اضطراب وتضارب .. وذلك كله بسبب ماذا؟ نترك الإجابة إلى نهاية هذه الأسطر.
ثم يكمل الحافظ"الولاتي" الإجابة على السؤال الذي طُرح عليه في "الإسكندرية" :
(وأما هل لأهل التصوف في ألفاظهم المذكورة أصل من السنة يأتسون به،أي هل ورد مثلها عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أو عن أحد من أصحابه – رضي الله عنهم – فجوابه والله أعلم أنهم لا أصل لهم في ذلك من السنة،فلم يُرو عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ولا أحد من أصحابه – رضي الله عنهم – لفظ يقتضي وحدة الوجود أو يُوهم الحلول أو التجسم أو الاتحاد،بل ولا أصل لهم في ذلك من سلف الأمة من التابعين ولا من تابعيهم ولا من سلف المتصوفة كالقشيري والسهروردي ،وإنما حدث لقول بالوحدة من متأخري المتصوفة كالهروي وابن العربي وابن سبعين وابن الفارض وابن عفيف والنجم الإسرائيلي وأضرابهم){ ص 234 }
هذه إجابة واضحة،وضوح الشمس،من هذا"الحافظ : التيجاني" .
ثم قال الشيخ،وذلك سنة 1314هـ ..(وسُئلتُ أيضا وأنا بتونس – عمرها الله بالإسلام – عن الحكم الشرعي في قيام جماعة الذكر في تلاوة الورد عند لفظ معين مِن أذكار الورد،والقيام عند قراءة المولد الشريف وعند مدح النبي صلى الله عليه وسلم،عند لفظ معين أيضا،هل هذا القيام سنة أو بدعة؟ (..) فقلت وبالله استعنت وإليه من الحول والقوة تبرأت. أما القيام في حالة تلاوة الوِرد عند لفظ معين فإنه بدعة أدنى مراتبها الكراهة،وكذا القيام في حال قراءة المولد الشريف،وفي حال مدح النبي – صلى الله عليه وسلم – عند اللفظ المُعين إذا كان عن قصد واعتياد ويرونه من سنة الورد أو من سنة المولد الشريف أو من سنة مدح النبي – صلى الله عليه وسلم – وذلك من ثلاثة أوجه.
أحدها أنه لم يرد عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ولا عن الصحابة – رضوان الله عليهم – القيام في حالة تلاوة القرآن أو في حال إنشاد حسان أو كعب بن مالك لمدح رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فلم يُروَ عن أحد من الصحابة أيضا القيامُ عند ذلك لا في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم – ولا بعد وفاته – صلى الله عليه وسلم – فتعين أنه بدعة محدثة. والأصل في البدعة الكراهة. قال القاضي أبو عبد الله المقري : الأصل في البدعة الكراهة إلا إذا تناولتها قاعدةٌ غيرها من الأحكام من غير معارض يردُّ إلى لأصل فتلحق بالمتناول إن اتَّحدَ،وبأقوى المتناولين إن تعدد. انتهى.
وإنما كانت البدعة مذمومة بالأصالة كراهة أو تحريما للحديث الصحيح (..) عليكم بسنتي (..) وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار (..) ففي هذا الحدث دلالة واضحة على أن القيام المذكور منهي عنه إما كراهة وإما تحريما لأنه بدعة قطعا والقاعدة الشرعية أن البدعة مذمومة إلا إذا تناولها دليل ندب أو إباحة فحينئذ تكون بدعة حسنة – يتناولها قوله – صلى الله عليه وسلم – مَنْ سن سنة حسنة (..) ففي هذا الحديث أن من البدع ما هو حسن ،وهو حديث خاص،والحديث الأول عام. والقاعدة الشرعية القضاء بالحديث الخاص على الحديث العام،فتخرج البدعة التي تناولها دليل وجوب أو دليل ندب أو دليل إباحة من عموم الحديث الأول فتكون حسنة. فالتي تناولها دليل وجوب ككتابة الحديث وتدوين الفقه،والتي تناولها دليل ندب كصلاة التراويح،والتي تناولها دليل إباحة كاتخاذ المناخل لتليين العيش. قال المنجور في شرح المنهج : قال البرزلي الإجماع على أن البدع منها ما هو حسن مثل قول عمر في التراويح نِعِمَّتِ البدعة هذه،أي ومنها ما هو قبيح أيضا ){ ص 300 - 302 .}.
هنا تذكرتُ دعاء خطيب مسجدنا السابق،فقد كان مصرا على قول : وكل بدعة في الدين،ضلالة .. إلخ. فهنا يبدو "المنخل"،وما ليس "عبادة"لا يدخل،بالضرورة،في ما يرمي إليه الحديث ..والله أعلمُ .
وإلى "طامة"أخرى .. ونلاحظ أن"الولاتي"دائما يستعمل عبارة"المتصوفة" .. كأنه يقصد من يدعون التصوف !! فإذا أشار إلى "جهلة المتصوفة" فتوقع "طامة"دون شك!! وهذه المرة يتحدث "الأقطاب" :
(بخلاف ما يدعيه جهلة المتصوفة في القطب فإنهم يدعون أنه هو المدبر لأمر السماء والأرض ومن فيهما وما فيهما،وأنه لولاه لسقطت السماء على الأرض. ومعلوم ضرورة أن الله عز وجل لم يكلفه بذلك قطعا. بل لم يرد في الكتاب ولا في السنة أنه تعالى كلف مرسلا أو نبيا أو ملكا مقربا بأمر السماء والأرض ومن فيهما بدليل قوله تعلى حكاية عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم سيد الأولين والآخرين "وما أدري ما يُفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إليَّ" { الآية 9 من سورة الأحقاف} (..) فمن ادعى أن القطب هو المدبر لأمر السماء والأرض وما فيهما فقد افترى على الله فِرية عظيمة يُخاف عليه من الكفر – أعاذنا الله منه – بسببها){ ص 320}.
ويُكمل ..(وقد حمل بعض الجهلة من المتصوفة المدبرات في قوله تعالى"والمدبرات أمرا"على النفوس الفاضلة بعد مفارقتها لأبدانها بالموت،أي نفوس الأولياء فقالوا هي المدبرة لما يكون غي عالم الكون،وهذا أيضا كالقول في القطب فهو أيضا ضلال مبين){ص 322 - 323}.
ثم ينقل عن "ابن خلدون"بداية،وسبب دخول"الأقطاب"إلى علم التصوف،فيقول :
(قال بذلك ابن خلدون في مقدمة تاريخه فقال في مبحث علم التصوف ما نصه : ثم إن هؤلاء المتأخرين من المتصوفة المتكلمين في الكشف وفيما وراء الحس توغلوا في ذلك ،فذهب الكثير منهم إلى الحلول والوحدة،كما أشرنا إليه،وملؤوا الصحف منه مثل الهروي في كتاب المقامات له وغيره،وتبعهم ابن العربي وابن سبعين وتلميذهما ابن العفيف وابن الفارض. وكان سلفهم مخالطين للإسماعيلية من الرافضة الدائنين بالحلول وإلهية الأئمة مذهبا لم يعرف لأولهم وأُشرب كل واحد من الفريقين مذهب الآخر واختلط كلامهم وتشابهت عقائدهم،وظهر في كلام المتصوفة القول بالقطب..){ ص 323 - 324}
في الحلقة القادمة .. نُكمل مع"طامة أخرى" .. إن شاء الله.

أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني

 

التوقيع

 

أقول دائما : ((إنما تقوم الحضارات على تدافع الأفكار - مع حفظ مقام"ثوابت الدين" - ففكرة تبين صحة أختها،أو تبين خللا بها .. لا يلغيها ... أو تبين "الفكرة "عوار"الفكرة"))

 
 
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شاعر الشرق يلقب الشبل المبدع عوض المكاييل بـ (صقر يام) أبن مرزوق مجلس اخبار الشعراء و مسابقات الشعر 2 29-12-2012 10:09 AM
معركة بين اربعين فارس من ال حبيش وتسعة مائة من قبيلة مطير بروايةالشيخ عبد الله الدامر راكان اليامي مجلس معــــــارك وبطولات قبيلة العجمـــــان 92 12-12-2012 04:33 PM
مناظرة حول التصوف على قناة الصفوة ( يوم الجمعة 22 /6 / 2007 ) ابومحمد الشامري المجلس الإســــلامي 6 18-06-2007 10:00 PM
بعــــض السبل والطرق الصحيحه لتربيه الطفل!! العنيد مجلس الأســــرة والمجتمع 6 25-02-2005 01:43 PM

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 07:26 AM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع