منذ أيام قليلة كان الكريسماس وقد قرأت في بعض الصحف أن تكاليف الاحتفالات في بلد عربي بلغت مليارات الجنيهات، ورأينا كيف كانت الفضائيات والقنوات الرسمية تحتفل بهذا العيد وكأنه صنو لعيدي الأضحى والفطر، بل ربما كانت مظاهر الاحتفال بالكريسماس النصراني أشد منها في هذين العيدين المباركين، وكأنه صار ثالث أعياد المسلمين .
ربما يتعجب البعض من هذا الذوبان الذي أصاب المسلمين ولذهاب الهوية الإيمانية التي كانت يوما تميزهم عن غيرهم، ولكن عندما يتصفح الإنسان واقع الأمة ـ وخاصة شبابها وفتياتها ـ يعلم تماما أن العولمة قد أتت بثمارها وأن طوفان التغريب قد أغرق الكثيرين حتى صاروا كالغربيين في ظاهرهم بل وباطنهم أيضا.. ولا يجد الإنسان تعليقا بعد أن يتصفح الواقع وينظر إلى ما يدور حوله بتأمل إلا أن يقول صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أخبرنا بهذا الذي نحياه الآن منذ أربعة عشر قرنا خلت حين قال: " لتتبعن سنن من كان قبلكم ، شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم. قلنا : يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال : فمن. (متفق عليه).
وقد ذكرني الحدث والحديث بمقال للدكتور أسامة الكرم كنت قرأته في بدايات الغزو الأمريكي الظالم والغاشم على العراق الشقيق، وهو يبين كيف وصل بنا الحال وبلغت بنا التبعية أن نلغي عقولنا ونرمي ديننا وتقاليدنا ونصبح مجرد قرود تحاكي ما ترى دون أن تفهم ما تفعل.. يقول الخبر أو المقال:
"خلعت ابنة الوزير العربي ملابسها تماما في ساحة واشنطن سكوير بارك ووقفت عارية كما ولدتها أمها ... وأمام وسائل الإعلام والسائحين كتبت على ظهرها باللون الأحمر عبارات تطالب بإيقاف الحرب في العراق وفلسطين..!!
وهكذا هانت عليها عورتها المكشوفة لعل بوش ينظر لمطالبها بعين الشفقة!! وبذلك أصبحنا كالقرود التي تقلد الغرب في كل شيء.. حتى في أسلوب الاحتجاج الذي أصبح على الطريقة الأمريكية وعلى حساب الحياء والعفة!!
بدات فكرة الاحتجاج بخلع الملابس تماما في الغرب تقليدا لساحرات القرون الوسطى المظلمة... حيث كانت الساحرة تخلع ملابسها للتقرب للشيطان لينفذ لها ما تريد.. وكانت الساحرات يكتبن مطالبهن بالحبر الأحمر على أجسادهن العارية.. وهذا ما أكدته عالمة الأنثربولوجيا "مارجريت موراي".
وقفت الفنانة التشكيلية "هالة فـ...."، وهي ابنة وزير اتصالات عربي سابق، عارية تماما غير مبتسمة وتضع يديها فوق رأسها قبل أن تأتي شرطة نيويورك وتعتقلها لأنها ظهرت بهذا الشكل في مكان عام لتطلق سراحها بعد ساعة فقط .
وقالت "هالة فـ...."، التي تنتمي لعائلة كبيرة ببلدتها العربية الأصيلة، آمل ألا يساء فهمي وبشكل خاص من قبل الناس المتدينين، فالله ضد الحرب، وأي شيء نقوم به للتعبير عن رأينا سيكون ضد الظلم، وما تفعله أمريكا لا يعبر عن الشعب وخاصة في نيويورك لأنهم ضد الحرب لذلك أيدني أهالي نيويورك ووقفوا معي!!.
ولا نعلم بالضبط من الذي وقف معها من الأمريكيين.. هل الرجال أم النساء أم راغبوا المتعة الحرام؟
وحسب منطق ابنة الوزير العارية علينا أن نشيد بها.. حيث ستصبح سببا لزوال الاحتلال من العراق (أو كما كانت تعتقد هي في ذلك الوقت).. كما أن جسدها العاري سيحل لنا مشكلة فلسطين!! كما أن بوش وقياداته سيتصارعان لإصدار أمر بالانسحاب من الخليج ليصبح البترول العربي حليبا عربيا خالصا ولو كانت مقاومة الظلم بالتعري لتحول كل الرجال إلى ظالمين يستمتعون بمفاتن النساء في الشوارع .
وعما دفعها للتعري في خطوة غير متوقعة قالت هالة: إن ما يحصل فوق المعقول والدم الذي يهدر كل يوم والتاريخ يدمر وهذا لا يعوض أبدا".
وأضافت وأما لماذا التعري؟ .. فلأني فنانة!!، وكل شخص له طريقته، وبقدر ما أعرف أن هذا ضد تقاليد مجتمعي بقدر ما أقف بقوة ضد الحرب.
وشددت "هالة فـ...." على أن ظهورها عارية هو إشارة إلى أن الشخص العاري هو الشخص الحقيقي ولا يمكن أن يقوم بالحرب وهو ضعيف لا يحمل أسلحة، والإنسان الآن صار متوحشا أكثر من الحيوانات لا مانع لديه من قتل إنسان آخر في سبيل مصالحه.
وبعد ظهور هالة عارية أمام الناس في مكان عام جاءت الشرطة واعتقلتها قرابة الساعة.. حيث أطلقت سراحها واعتذرت لها بشكل حضاري كما قالت ابنة الوزير العارية ووصفت معاملة الشرطة بـ "اللطيفة"، وأعلنت هالة لصحيفة نيويورك تايمز أن والدها كان وزير اتصالات سابق في ".....".
وعن شعور الناس الذين تجمعوا حولها ، قالت: "كانوا داعمين لي بشكل كبير وهذا أعطاني شعورا قويا وعندما جاءت الشرطة احتجوا عليها وطالبوا بإطلاق سراحي".
وأشارت هالة أيضا إلى أنها تزور بلدها بشكل دائم وتقيم معارض فيها وأنها أقامت معارض كثيرة منذ عام 1983 في عواصم عربية عديدة وأخر معرض لها في سوريا كان سنة 2002.
كانت هالة قد تخرجت من جامعة دمشق، وهي الآن أم لولد صغير، وتقوم بتدريس اللغة العربية في جامعة نيويورك التي تعيش فيها منذ سبعة أعوام فقط.. وهكذا خلال سبعة أعوام تشبعت بأفكار الخلاعة وتنازلت عن حياء المرأة العربية ..
ولا أعلم هل يسعدها أن يرى ابنها صورة أمه العارية في المستقبل.. وهل ستقول له أنها كشفت عورتها للمارة الأمريكيين لستر الأمة العربية أم من أجل تحرير العراق؟ وهل ستقول له أنها دافعت عن المسجد الأقصى بكشف عورتها وسوأتها؟ وماذا تفعل لو قرا ابنها الحكمة العربية "من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه"، وإذا لم يقرأ ابنها الحكمة فهل تمنعه من قراءة أحاديث الرسول "الحياء من الإيمان". و"إذا لم تستح فاصنع ما شئت" .. وقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله حيي ستير يحب الحياء والستر" وقال النبي: "الحياء خير كله"، وقال: "إن لكل دين خلقا وخلق الإسلام الحياء".
فالعجب كل العجب من أمة أشربت قلوبها ثقافات أعدائها، واستحسنت شذوذات خصومها، واستطابت خبيثهم واستمرأت فعالهم حتى رأت منكرهم معروفا، وتحللهم وشذوذهم حرية، وانحدارهم حضارة .
والعجب كل العجب من أمة رفضت دينها وحياءها وكرامتها وصيانتها حتى أصبحت نساؤها تدافع عن مقدساتها بكشف العورات؟!.
والعجب أيضا من سنن الله التي لا تتخلف، ووعد الصادق الذي لا يكذب: "ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك".(رواه الترمذي).
08-03-2008, 01:05 AM
العرض العادي
المواضيع المتشابهه
