مناهج الدين مستهدفة في مدارس الكويت
الكويت– عبد الرحمن سعد– إسلام أون لاين.نت/15-1-2002م
من المفارقات الغريبة في الكويت أن المدارس الأجنبية الخاصة "تتمادى" في وضع مناهج خاصة بها دون رقيب أو حسيب، حتى لو تعارض ذلك مع التوجهات العامة للتعليم في البلاد، أو أساء إلى عقيدتها وتقاليدها، بينما يتعرض التعليم الديني المحدود والآخذ في التنامي -في الوقت نفسه- لرقابة من ألف عين، وتدقيق من ألف ميكروسكوب، سواء داخل الحكومة، أو خارجها!
ويؤكد خبراء التربية والتعليم الذين التقاهم مراسل "إسلام أون لاين.نت" في الكويت أنهم لم يتعرضوا لأي ضغوط -حتى الآن– فيما يتعلق بالمقررات الدينية في مدارس التعليم العام أو الخاص، لكنهم يحذّرون في الوقت نفسه من تنامي الضغوط على المقررات الدينية، والمدارس الإسلامية المتخصصة؛ إذا ما ظل منحنى الإقبال على هذه المدارس في خطه التصاعدي الحالي، خاصة أن ذلك يأتي على حساب المدارس الخاصة والأجنبية وحتى الحكومية.
وتنقسم المدارس في الكويت إلى نوعين: مدارس حكومية، وأخرى خاصة. وحسب إحصائية صادرة عن إدارة التخطيط لعام 2000م، فإن عدد المدارس التابعة للتعليم الحكومي العام بلغ 613 مدرسة، منها 149 لرياض أطفال، و91 مدرسة ابتدائية للبنين والبنات، مقابل 78 مدرسة متوسطة للبنين و86 للبنات، و60 مدرسة ثانوية للبنين مقابل 58 للبنات.
أما عدد المدارس التابعة للتعليم الخاص والأهلي فيبلغ 336، مقابل ثماني مدارس فقط تابعة للتعليم الديني، و32 مدرسة تابعة للتربية الخاصة، و67 مدرسة لتعليم الكبار، ويشكل العدد الكلي 1065 مدرسة.
وتنقسم المدارس الخاصة إلى قسمين: المدارس العربية الأهلية، والمدارس الأجنبية للجاليات المختلفة كالأمريكية، والبريطانية، والهندية، والباكستانية... إلخ.
وبالنسبة للتعليم الحكومي العام فإن المقررات الدينية تقتصر على كتاب التربية الإسلامية، إلا أن التلميذ لا يتأثر مجموعه سواء نجح في هذا المادة أو رسب، بجانب بعض الموضوعات في مناهج اللغة العربية. وهناك إجماع بين الكثيرين من خبراء التربية على أن الجرعة الدينية الموجودة في هذه المقررات، في مراحل التعليم الثلاثة: الابتدائية، والمتوسطة (الإعدادية)، والثانوية؛ تمثل الحد الأدنى الذي لا ينبغي الانتقاص منه!
مناهج هشة
تقول الدكتورة "عالية شعيب" أستاذة مادة فلسفة الأخلاق بجامعة الكويت: "إن المناهج الحالية ساذجة وهشة وسطحية، والجانب الديني فيها لا يؤدي الغرض المنشود منه"، مشددة على ضرورة الاهتمام بالجانب التربوي الديني في تلك المناهج.
وبرغم ذلك تبدي "خولة العتيقي" الخبيرة التربوية، العضوة بلجنة وضع المناهج الدينية بمدارس الكويت، رئيسة قسم المعلمات بجمعية المعلمين الكويتية، تخوفاتها من إمكان ممارسة ضغوط من أجل تخفيف هذه الجرعة الدينية (المخففة أصلاً)، وتقول: "إن الضغوط في الوقت الحاضر تأخذ شكل مقترحات بتقليص المناهج الدينية، وتغييرها، وطلب إرسال توصيات بذلك"، مشيرة إلى أن الأمر قد يجري بشكل سري، وبدعاوى مختلفة؛ من ضمنها التطوير والتجديد ومواكبة العصر!
وفيما تؤكد خولة العتيقي أنه لم يحدث حتى الآن أي تعديل أو حذف لبعض المواد في المناهج الدينية، أو إلغاء تدريس سور أو آيات قرآنية معينة أو أحاديث نبوية؛ مشددة على أن ذلك لم يحدث للآن – حسبما تعلم – "على الأقل في دول الخليج العربية وليس في الكويت فقط"؛ إلا أنها تبدي تخوفاتها الشديدة من أن هناك مصادر تتحدث عن وفود من الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية الأوروبية خاصة يتسترون تحت شعارات مختلفة، مثل: كونهم أعضاء من الكونجرس الأمريكي، أو مسئولين في الجامعات المختلفة؛ بينما هم في الحقيقة عملاء للمخابرات المركزية أو مكتب التحقيقات الفيدرالية (إف. بي. آي)، جاءوا ليقترحون أحيانًا، وأحيانًا يهددون، وغالبًا يطلبون تغيير بعض المناهج أو إغلاق بعض الجامعات المتخصصة، أو الكليات الشرعية!
ولا تستبعد العتيقي أن يكون التدخل سافرًا إلى درجة أن توفد الولايات المتحدة خبراء لتغيير مناهج الدول الإسلامية؛ إذا استمر ما تصفه بـ "الضعف العربي والتخاذل الإسلامي" في بلاد المسلمين تجاه الهجمة الشرسة حاليًا على الإسلام.
في السياق نفسه، يتواجد التعليم الديني في الكويت بشكل محدود ممثلاً في المعاهد الدينية ذات التعليم الديني الموازي للتعليم الحكومي، وهو مختص بالتعليم الشرعي، وشبيه بالمعاهد الأزهرية في مصر، والإقبال عليه محدود في الكويت؛ نظرًا لقلة عدد سكان الكويت أصلاً (نحو 850 ألف مواطن من أصل 2,3 مليون نسمة هم تعداد سكان البلاد). وقد حاولت الحكومة الكويتية في العام الماضي 2001 نقل المعهد الديني (الرئيسي في الكويت) من منطقة العاصمة إلى منطقة نائية؛ لكن الدكتور وليد الطبطبائي قاد حملة عنيفة ضد هذا التوجه، الذي اعتبره محاولة لتدمير التعليم الديني في البلاد، وذلك في عهد الدكتور يوسف الإبراهيم وزير التربية والتعليم السابق، وهو ما حدا بالحكومة إلى التراجع عن قرارها.
مدارس إسلامية خالصة
وبالتوازي مع المعهد الديني، هناك المدارس الإسلامية الخاصة الآخذة في الانتشار، وتقوم هذه المدارس -وأقدمها مدرسة "التوحيد" التي بدأت في استقبال طلابها منذ عام 1975م- على تطبيق منهج وزارة التربية والتعليم مع إعفائها من تدريس مادة الموسيقى، واستبدالها بمادة تلاوة القرآن الكريم، وكذلك منع اختلاط التلاميذ حتى في الابتدائي، ورياض الأطفال، مع إلزام الطالبة منذ الصف الأول الابتدائي بارتداء الحجاب.
وتفسر "هدى الصالح" مسؤولة لجنة الإشراف العليا بمدرسة الرؤية (ثنائية اللغة إسلامية المنهج) ظاهرة انتشار المدارس الخاصة ذات النهج الإسلامي في الآونة الأخيرة في الكويت بأنه ردة فعل طبيعية على انتشار المدارس الأجنبية عقب أزمة الاحتلال العراقي للكويت. وتضيف: إنه نتيجة لإدراك المواطن الكويتي لأهمية تعلم اللغة الإنجليزية بعد أن اضطر إلى الإقامة في دول أجنبية خلال فترة الاحتلال، فما إن تحررت الكويت حتى أقدم غالبية الكويتيين على نقل أبنائهم من المدارس الحكومية العربية إلى أخرى أجنبية؛ إلا أنهم اكتشفوا بعد فترة أن الأمر لم يسلم من الخطورة، فهذه المدارس تكسب الأبناء بعض السلوكيات التي لا تتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا، ومن هنا جاء إنشاء المدارس الإسلامية التي تحاول أن تكون ثنائية اللغة، أي تجمع بين لغتنا العربية لغة القرآن الكريم واللغة الإنجليزية لغة العلوم.
ليست بعيدة
وردا على سؤال: هل هذه المدارس الإسلامية في الكويت بعيدة عن الضغوط الخارجية التي تهدف لإضعافها؟ تقول خولة العتيقي: "لا ليست بعيدة، فالضغوط الخارجية في الوقت الحالي تأتي من أمريكا، ولكن الدول الغربية كلها تؤيد هذه الضغوط، بل وكثير من الدول الإسلامية التي تتطوع من غير أن يطلب منها ذلك؛ للمشاركة في القضاء على ما يسمى بـ"الإرهاب" عن طريق المناداة بتغيير المناهج الإسلامية، وتعريتها من كل ما يدعو إلى نشر الدعوة، والجهاد في سبيل الله، وحتى الجهاد السلمي المتمثل في مساعدة المسلمين أينما كانوا
10-03-2005, 11:12 PM
العرض العادي
المواضيع المتشابهه
