لم نكن نحسبها ..
نعدها ..
لم نكن نعترف بالأبتسامة .
فقد وضعنا الضحكة من القلب حدا أدنى .
كل الطرق الشقية حفظتنا عن ظهر قلب
حفظ الجميع أسمه و أسمي مقترنين لا يتفرقا .
انه صاحب و صديق الجامعة عماد ..
لن أنسى قصصنا ما حييت .
هي قصص تكاد في معظمها أن تنسج مسلسلا كوميديا تراجيديا لا مثيل له
تذكرته اليوم ..
تذكرت موقف الكلية التي ألتحقنا بها سويا ..
الكلية التي وضعت كل القواعد الصارمة و أجادت في تطويرها لخدمة القوات المسلحة .
ضحكنا سويا عندما علمنا أن تاريخ تكليفنا بالخدمة الألزامية تاريخا واحدا .
ركبنا باص الكلية مع باقي الزملاء أخذنا نصفق ونغني و لا نحسب الوقت ..
كنا نتصور أننا سنعود في نفس اليوم .
وصل الباص الى داخل الكلية التي تقع على أطراف مدينة ساحلية .
ما زلنا نصفق و نغني,, ووصل بنا الأمر الى الرقص أيضا .
توقف الباص و لم نستمع الى تعليمات المشرف بألتزام الصمت تأدبا .
أنفعلت في الغناء موجها وجهي الى كل الزملاء و ظهري الى باب النزول .
لحظة و صمت الجميع رغم غنائي و رقص عماد المستمر .
ظننت أن الجميع أصابهم الأستحسان لدرجة الصمت .
بدأت أنا أيضا بأخفاض صوتي تدريجيا ..
فقد شعرت بخطرا ما يأتي من خلفي
.. ألتفت لأجد عملاق من عمالقة الأساطير ..
سألني : أنت فرحان ؟؟؟؟
قلت له: أضحك للدنيا تضحكلك ..
ضحك و ضحك حتى أرتعدت مفاصلي من حدة ضحكته ..
قال للسائق: أطلع على زيرو نكمل فرحتهم ..
وفعلا صدق عقيد الصاعقة .. فقد أصابتني أنا و عماد بعدها بساعة هستيرية
الضحك . كنت انظر لحال رأسه التي أصبحت زيرو فيصيبني شيطان الضحك .
و هو كان حاله نفس الشئ .
مرت الأيام بنا في هذه الكلية و بعد أن كنا نظن أننا عائدان في نفس اليوم لجلب متعلقاتنا .
مرت عشرون ليلة من التدريبات الشاقة التي غيرت أشكالنا و لكنها لم تغير طباعنا المرحة .
أكتشف عماد نبات جبلي عشوائي مخدر قويا جدا ..
لم أكن و لم يكن يتعاطى أي شي .. و لكننا جربناه مع زميلين آخرين
ووجدناه يذهب بنا الى عالم آخر لا نحسب له وقتا .
أجتمعنا في ساعة الراحة بعد العصر نحن الأربعة ..
تنفسنا من هذا النبات الشيطاني .. أخذنا نضحك على كل شئ و أي شئ .
فاتنا طابور التمام .. قررنا التوجه مباشرة الى القاعات الدراسية ..
كانت الأرض تتأرجح تحتنا ..
وفي آخر منعطف بأتجاة القاعات الدراسية فوجئنا بما لم يكن متوقع .
رأينا من الرتب العسكرية ما يكفي لشيب شعر الرأس لو كان يومها موجودا .
أستفقت للحظة كانت كافية للنجاة من الهلاك المبين .
صحت برفقاء النبات الشيطاني .
شكلوا طابور ..
تشكل الطابور الكوميدي من أربعتنا .
سرنا مرورا بهذا الجيش من الرتب الذي كان من المستحيل تلاشيه .
صاح عماد لليمين أنظر . أدى التحية العسكرية سائرا و كأنه مولودا على الأنضباط العسكري .
سمعنا صوتا ينادي :.. فصيلة قف .
وقفنا فورا و كأننا رجلا واحد .
أتى لنا أحد صف الضباط مهرولا .
أخذ أسماءنا سريعا و أمرنا بالأستمرار في السير .
سرنا حتى أختفينا من مستوى النظر .. أنهرنا أربعتنا على الأرض من شدة
الأعياء و التركيز, الذي أتى في غير وقته .
سألني عماد : يا ترى ها يسجنونا و ألا ها نتعدم؟ ..
أصابتني هيسترية الضحك مرة أخرى .
في اليوم التالي سمعنا أسماءنا في الأذاعة ..
لقد تم منح أربعتنا أجازة مستثناة و على غير العادة .
و هذا لألتزامنا العسكري القوي الرائع .
لم أعرف كم تغير شكلي الا عندما سألني أبي ساخرا
أنت مين ؟؟؟؟؟؟؟
اليوم تذكرت هذه الأيام ..
تذكرت صديقي عماد ..
فاليوم يوم الذكرى السنوية الخامسة لوفاته .
--
أكمل محمد صبري