مجالس العجمان الرسمي


مجلس الدراسات والبحوث العلمية يعنى بالدراسات والبحوث العلمية وفي جميع التخصصات النظرية والتطبيقية.

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 22-05-2007, 10:50 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road
نجاح الحياة الزوجية في أداء حقوقها





نجاح الحياة الزوجية في أداء حقوقها
د. صغير أحمد بن محمد الأنصاري
أستاذ مساعد بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا
مركز العين – الإمارات العربية المتحدة



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، أما بعد :
إن من أبرز الموضوعات الأسرية التي حظيت باهتمام القرآن الكريم والسنة المطهرة موضوع الزواج، وهو التقاء ذكر وأنثى ليكونا أسرة، وهو ارتباط قيمي ليتبادلا السكون، والمودة، والرحمة بينهما، والإسلام حين حدد شروطاً للزواج إنما جعلها ليقيم معيار الحياة الأسرية على أسس من القوة القيمية التي تحاط بالصدق مع الله، والنفس، والناس، فبين الشرع الحقوق الزوجية بين الرجل والمرأة، وأمر بالتزامها، وبهذا تتحقق السكينة الأسرية التي ينشدها الشرع الحنيف، وتدوم الألفة، والحنان، وهو المطلب المنشود للكل.
ورابطة الزوجية من أعظم الروابط، وأحقها بالحفظ، وميثاقها من أغلظ المواثيق، وأجدرها بالوفاء.
وعروض الخلاف، والكراهة، وما يترتب عليها من النشوز والإعراض، وسوء المعاشرة، من الأمور الطبيعية التي لا يمكن زوالها من بين البشر، والشريعة العادلة الرحيمة هي التي تراعى فيها السنن الطبيعية، والوقائع الفعلية بين الناس، فأوجب الإسلام على كل منهما تحري العدل والمعروف، وإقامة حدود الله، فإذا ما روعيت هذه الأمور بالصورة التي أرادها الإسلام ضَمنا – بإذن الله تعالى – إقامة العلاقة الزوجية على أسس وطيدة تكفل لها الدوام والاستقرار، والنجاح والسعادة.
ولأهمية هذا الموضوع – كما أشرت – فقد كان الاختيار ليكون موضوع البحث الذي سأقرر فيه وأبين أن نجاح الحياة الزوجية ودوامها مرتبطٌ بأداء الحقوق والتزامها، وسأتناول هذا البحث في مقدمة، وثلاثة مباحث وخاتمة.
أما المقدمة ففيها أبين : مشروعية الزواج، والحكمة منها، وأهمية إقامة الأسرة، والوصف الشرعي للزواج.
والمبحث الأول سيكون : في اختيار الزوج والزوجة، وفيه مطلبان.
المطلب الأول : موقف الشرع في اختيار الزوج.
المطلب الثاني : موقف الشرع في اختيار الزوجة.
والمبحث الثاني سيكون : في الحقوق والواجبات الزوجية، وفيه ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : حقوق خاصة بالزوج على زوجته.
المطلب الثاني : حقوق خاصة بالزوجة على زوجها.
المطلب الثالث : الحقوق والواجبات المشتركة بين الزوجين.
والمبحث الثالث سيكون : في نشوز الزوج والزوجة، وفيه مطلبان :
المطلب الأول : موقف الإسلام من نشوز الزوجة.
المطلب الثاني : موقف الإسلام من نشوز الزوج.
والخاتمة : أذكر فيها ما توصلت إليه من النتائج خلال عرض الحقوق والواجبات، والمبادئ الإسلامية في نطاق الأسرة، والنصائح والوصايا التي تقدم إلى الفتاة، وهي قد تكون كافية وافية في تذكير مسؤولية المرأة في استقرار الحياة الزوجية واستمرارها.

المقدمة :
أ– مشروعية الزواج :
إن نظام الزواج من النظم المعروفة المقررة عند جميع الأمم، والإسلام اعتنى بهذا النظام عناية فائقة، وفصل أحكامه تفصيلاً لم يسبق له مثيل، ومما يدل على ذلك مشروعيته الثابتة في الكتاب، والسنة، والإجماع، وقد وردت في الشريعة الإسلامية نصوص كثيرة ترغب في الزواج، وتهيب بالشباب أن يتزوجوا، وتنهى عن الرهبانية، والعزوبية، فمن ذلك قوله تعالى : (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثُلاث ورُباع ... الآية) ( )، وقال تعالى : (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم ... الآية) ( ).
ومن السنة :
• قول النبي صلى الله عليه وسلم : يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء ( ).
• وقوله صلى الله عليه وسلم : تناكحوا تكثروا، فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة ( ).
• وجلس نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال أحدهم : لا أتزوج، وقال بعضهم : أصلي ولا أنام، وقال بعضهم : أصوم ولا أفطر، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال : ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني ( ).
كل هذه الآيات والأحاديث، وكثير أمثالها في الكتاب والسنة تدل على مشروعية الزواج والترغيب فيه.
وقد أجمع المسلمون من لدن عصر النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا على مشروعية الزواج وإباحته.
ب– الحكمة من مشروعية الزواج :
يراد بالحكمة ما يقصد إليه الشارع في تشريع الحكم من تحقيق المصالح بجلب المنافع أو تكميلها، ودفع المفاسد والأضرار أو تقليلها، والزواج نظام شرعه الله تعالى لعباده، فيه من الحكم الجليلة، ما يشهد به العقل، ويقرره الواقع الملموس، حتى لا يكاد يخفى على أحد ما يحققه من مصالح للفرد، والأسرة، والأمة، ثم للنوع الإنساني بأكمله.
ومن الحكم :
1- الغرض الأسمى والحكمة العالية من مشروعية الزواج، التناسل والتكاثر، وبقاء النوع الإنساني، في بناء سليم منظم يقوم على الأسرة وحفظ الأنساب، علماً بأن الأمم إنما تعلو كلمتها، وتشق لنفسها الطريق إلى المجد والعزة بين أمم الأرض بكثرة تعدادها، ذلك بأن كثرة العدد تمكنها من القيام بمرافق الحياة كلها، يدل عليه :
• قوله صلى الله عليه وسلم : \" تناكحوا تكثروا، فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة \" ( ).
• وقوله عليه الصلاة والسلام \" تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم \" ( ).
2- والغرض الآخر الثانوي المعين للغرض الأول، هو تحصين النفس الإنسانية، والبعد بها عن انتهاك المحرمات، وذلك بإباحة أن يقضى كل واحد حاجته الجنسية من طريق مباح حلال، ويدل عليه قوله تعالى : (وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم مُحصِنين غير مسافِحين) ( ).
وقوله صلى الله عليه وسلم : فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج ( ).
والمصالح الأخرى التي تتحقق، والآثار الإيجابية التي تحصل، بسبب هذا الرباط المقدس كثيرة، لا تقع تحت حصر، لكن يمكن تلخيص أهمها :
‌أ- السكن والطمأنينة النفسية لكل من الزوجين، والأُلفة، والمودة والرحمة بينهما، قال تعالى : (ومن ءاياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) ( ).
وانظر إلى التعبير القرآني ما أروعه في إبراز معنى الحاجة للزواج، وهو حصول السكن والسعادة والاستقرار فيه.
قال تعالى : (هنّ لباس لكم وأنتم لباسٌ لهن ... الآية) ( ).
فالآية شبهت كلاً من الزوجين باللباس للآخر، لأن كلاً منهما يستر الآخر.
فحاجة كل من الزوجين للآخر كحاجته إلى اللباس، فإذا كان اللباس يستر معايب الجسد، ويقيه عاديات الأذى، فإن كلاً من الزوجين يحفظ على صاحبه شرفه، ويصون عرضه، ويوفر له راحته وأنسه.
‌ب- تنظيم العلاقة بين الجنسين بما يتفق، وكرامة الإنسان، مع التمسك بالفضيلة والعفاف، والفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها.
‌ج- حماية الأنساب والمحافظة عليها، والاعتناء بتربية الأولاد، والاحتفال بشؤونهم.
‌د- زيادة الترابط بين أفراد المجتمع، بعلاقة جديدة بين عائلتين، وانتشار علاقات قرابة المصاهرة والنسب بين ذوي الأرحام والمحارم، قال تعالى : (وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً وكان ربك قديراً) ( ).

ج– أهمية الأسرة في الإسلام :
تعريف الأسرة :
الأسرة لغة : الرّهْط – أي الأشخاص – أسرة الرجل : عشيرته وأهل بيته، ورهطه الأدنَون، لأنه يتقوى بهم.
ويقصد بالأسرة اصطلاحاً في نظام الإسلام : تلك الخلية التي تضم الآباء والأمهات، والأجداد والجدّات، والبنات والأبناء، وأبناء الأبناء.
الأسرة دعامة أساسية في المجتمع :
إذا كان الفرد هو اللبنة الأساسية في بناء المجتمع، فإن الأسرة هي الخلية الحية في كيانه.
والفرد جزء من الأسرة يأخذ خصائصه الأولى منها، قال تعالى : (ذرية بعضها من بعض ... الآية) ( )، وينطبع بطابعها، ويتأثر بتربيتها.
– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \" ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، وينصرانه، ويمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تُحسون فيها من جدعاء ؟ \" ( ).
إن الفرد جزء من الأسرة، والأسرة جزء من المجتمع، ودعامة أساسية فيه، فإذا صلُحت الأسرة صلُح الفرد، وإذا صلُح الفرد صلُحت الأسرة، وصلُح المجتمع.
ولذلك أولى الإسلام الأسرة رعاية بالغة، وعناية فائقة، وشغلت الأسرة حيزاً كبيراًَ من أحكام القرآن الكريم والسنة المطهرة.

مظاهر عناية الإسلام بالأسرة :
وتتبدى مظاهر عناية الإسلام بالأسرة من تلك التشريعات والأحكام التي صاغها لتنظيم الأسرة، وترتيب شؤونها، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر :
أ– الأمر بالزواج :
أمر الإسلام بالزواج، فقال تعالى : (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم ... الآية) ( )، لتشييد دعائم الأسرة، لأنه لا أسرة بغير زواج، وكل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تقوم على أساس الزواج، فهي زناً وسفاح. والله تعالى يقول : (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا) ( ). ويقول عز وجل : (محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ... الآية) ( ).
ولقد حث الإسلام على الزواج، ورغب أبناءه القادرين عليه، المالكين لأسبابه في المبادرة إليه، إحياءً لسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم في الزواج، وتلبية لنداء الفطرة، وإعفافا لأنفسهم.
ب– تشريع حقوق الزوجين وواجباتهما :
فقد أوجب الإسلام على الزوج لزوجته :
1- المهر : قال تعالى : (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ... الآية) ( ).
2- النفقة : قال تعالى : (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ... الآية) ( ). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \" ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف \" ( ).
3- المعاشرة بالمعروف : قال الله تعالى : (وعاشروهن بالمعروف ... الآية) ( ).
كما أوجب الإسلام على الزوجة لزوجها :
1- الطاعة في غير معصية : قال تعالى : (الرجال قوامون على النساء ... الآية) ( ). والقوامة إنما هي : القيادة، وحق الطاعة.
2- أن لا تُدخل بيته أحداً بغير إذنه ورضاه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \" ولكم عليهن أن لا يُوطئن فُرُشكم أحداً تكرهونه \" ( ). قال الإمام النووي – رحمه الله تعالى – : لا يأذنَّ لأحد تكرهونه في دخول بيوتكم، والجلوس في منازلكم، سواء أكان المأذون له رجلا أجنبيا، أو امرأة، أو أحدا من محارم الزوجة، فالنهى يتناول جميع ذلك ( ).
3- أن تحفظ شرفه، وتصون عرضه، وتحافظ على ماله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \" ألا أدلكم على خير ما يكنز الرجل ؟ المرأة الصالحة، التي إذا نظر إليها سرَّته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله \" ( ).
وسيأتي التفصيل أكثر من ذلك في المبحث الثاني : في الحقوق والواجبات الزوجية.

ج– تشريع حقوق الأولاد والوالدين :
فقد أوجب الإسلام على الآباء لأولادهم :
1- النفقة : قال الله تعالى : (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) ( )، فقد أوجب الله عز وجل أجرة المرضع لنفقة الوليد.
2- حسن التربية والتأديب على العبادات والأخلاق : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \" أدبوا أولادكم على ثلاث خصال : حب نبيكم، وآل بيته، وقراءة القرآن \" ( ). وقال عليه الصلاة والسلام : \" ألا كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته \" ( ). وقال صلى الله عليه وسلم : مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم على تركها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع ( ).
كما أوجب الإسلام على الأولاد :
1- طاعة الوالدين في غير معصية الله تعالى، والإحسان إليهما : قال الله تعالى : (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) ( ). وقال تعالى : (وصاحبهما في الدنيا معروفا) ( ).
2- النفقة للوالدين إن كانا فقيرين، والولد موسراً : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \" إن من أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وولده من كسبه \" ( )، وقال صلى الله عليه وسلم : \" أنت ومالك لوالدك، إن أولادكم من أطيب كسبكم، فكلوا من كسب أولادكم \" ( ).
وهناك أحكام أخرى كثيرة تتعلق بتنظيم حياة الأسرة، وترتيب أمورها، ومن هذه الأحكام والتشريعات يتبين مدى اهتمام الإسلام بالأسرة، ورعايته لها.
د– الوصف الشرعي للزواج :
الوصف الشرعي : هو معرفة حكم الزواج التكليفي الذي يوصف به، بحيث يقال : إنه مباح أو مندوب، أو واجب، أو مكروه، أو حرام، والوصف الشرعي للزواج يختلف باختلاف حال المكلَّف من جهة كونه راغباً في الزواج أو لا ؟ قادراً على مؤنه وتكاليفه أو غير قادر ؟ يخشى على نفسه ارتكاب المحظور إن لم يتزوج، أو لديه القدرة على ضبط نفسه وكبح جماحها ؟.
ولهذا قال الفقهاء : إن الزواج تعتريه الأحكام الخمسة التالية :
الحكم الأول : النكاح يكون فرضاً :
إذا كان الشخص متحققاً متيقناً من أنه سيقع في الزنا لو لم يتزوج، وكان قادراً على مؤن الزواج من مهر ونفقة وقيام بالحقوق الزوجية الواجبة عليه، ويأمن على نفسه من ظلم الزوجة، وإنما كان حكمه في هذه الحالة الفرضية، لأنه متأكد من الوقوع في الزنى إن لم يتزوج، والزنى حرام، وتركه فرض، لا يتوصل إليه إلا بالزواج، فيكون حكم الزواج الفرضية، لأن ما لا يتم الفرض إلا به فهو فرض ( ).
فإن تاقت نفسه إليه وعجز عن الإنفاق على الزوجة، فإنه يسعه قول الله تعالى: (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يُغنيهم الله من فضله) ( ).
وليكثر من الصيام، لما رواه الجماعة عن ابن مسعود – رضي الله عنه – : \" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : \" يا معشر ( ) الشباب، من استطاع منكم الباءة ( ) فليتزوج، فإنه ( ) أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء ( ) \".
الحكم الثاني : النكاح يكون واجباً :
إذا كان الشخص يخشى على نفسه من الوقوع في الزنى إن لم يتزوج، وكان قادراً على مؤن الزواج من مهر، ونفقة، وقيام بالحقوق الزوجية، ويأمن على نفسه من ظلم الزوجة إذا تزوج، فيكون الزواج في حقه واجباً، لأن ما لا يتم الواجب إلا به، يكون واجباً.
والفرق بين الحُكمين السابقين يقوم على التفرقة بين الفرض والواجب، عند من يقول بأن الفرض دليله قطعي، والواجب دليله ظني، وواضح أنه الشخص في الحكم الأول يقطع بوقوع الزنى منه إن لم يتزوج، وفي الحكم الثاني يظن الوقوع في الزنى ويخشاه، فيكون الحكم في كل حالة بحسبها. ( )
الحكم الثالث : النكاح يكون حراماً :
ويحرم في حق من يخل بحقوق الزوجة في الوطء والإنفاق، مع عدم قدرته على الوطء وانتفاء توقانه إليه، أو كان قادراً على تكاليف الزواج، وواجباته، ولكنه يتيقن أنه سيقع في ظلم الزوجة والإضرار بها إن هو تزوج، والظلم والضرر كلاهما حرام، وما أدى إليه وهو الزواج يكون حراماً في حقه، لأن ما أدى إلى الحرام فهو حرام.
الحكم الرابع : النكاح يكون مكروهاً :
ويكون النكاح مكروهاً إذا خاف الشخص من نفسه الإضرار بالزوجة أو ظلمها إن هو تزوج، بحيث لا يقطع أنه سيقع منه الإضرار أو الظلم، ولكنه يخشى ذلك فقط، ولا يخشى على نفسه الوقوع في معصية الزنى. ( )
الحكم الخامس : النكاح يكون مندوباً :
يكون الزواج مندوباً إذا كان الشخص معتدل الطبيعة، بحيث لا يخشى الوقوع في الزنى إن لم يتزوج، ولا يخشى أن يظلم زوجته إن هو تزوج. ( )
وحالة الاعتدال هذه، هي الحالة الغالبة على أكثر الناس، فيكون حكمها هو الأصل في حكم الزواج، أما ما عداها فهي حالات عارضة يختلف حكمها في كل حالة بحسبها.
ولهذا فإن جمهور الفقهاء قالوا : إن الأصل في الزواج أنه سنة، أو مندوب، أو مستحب، على اختلاف العبارات الواردة في كتبهم، وكلها بمعنى واحد تقريباً، واستدلوا على ذلك بما ورد من الأدلة الكثيرة على مشروعية الزواج.
وإذا تعارض في حق الشخص ما يجعل الزواج فرضاً، وما يجعله حراماً، كأن يتيقن أنه سيقع في الزنى إن لم يتزوج، ويتيقن أنه سيقع في ظلم المرأة إن هو تزوج، فهنا تعارضت مفسدتان، مفسدة الوقوع في الزنى، ومفسدة ظلم المرأة، فأي المفسدتين يترجح درؤه؟.
ذهب بعض العلماء المعاصرين إلى أن من الواجب أن لا يقع في واحدة منهما، وإن وقع فقد تردى في مهاوي الإثم، والمحرم لا يبيح المحرم، أي الزنى لا يبيح الظلم، والظلم لا يبيح الزنى، فلا يقدم على الزواج ( ).
وذهب البعض الآخر إلى أن الشخص في هذه الحالة ملزم بأن لا يرتكب أيا من المحظورين، فلا يزني إذا لم يتزوج، ولا يظلم إذا تزوج، وعليه أن يجاهد نفسه على ذلك، فإن لم يقدر عليه فيقدم على الزواج، وقد رجحنا ذلك بدليل :
أن ظلم المرأة محصور بالمرأة نفسها، فهو مفسدة قاصرة، وغالباً ما يكون الرجل بعد الزواج أحسن أخلاقاً وألين طباعاً منه قبل الزواج، إذ يشعر حينئذ‎ٍ بالعاطفة الزوجية والأبوية التي تربطه بالمرأة وأولادها منه، فتمنعه من ظلمها، أو تقلل من ذلك على الأقل، أما الزنى فهو مفسدة اجتماعية عامة متعدية، ومن تردى فيه مرة واحدة صعب عليه الخلاص منه، ولو بعد الزواج ( ).
المبحث الأول
في اختيار الزوج والزوجة، وفيه مطلبان
المطلب الأول : موقف الشرع في اختيار الزوج :
نظراً لأهمية عقد الزواج، وللمعاني الجليلة التي شُرع لأجلها، فقد خُصّ الزواج من بين سائر العقود بأمور تؤكد على تلك الأهمية، فمن تلك الأمور التي خُصّ بها : وجود مقدمات شرعها الإسلام له، تسبق العقد، والغرض منها أن يتم الإقدام على الزواج بروية وبصيرة، بعيداً عن الانفعال العاطفي، أو الارتجال غير الواعي، فإذا ما روعيت هذه المقدمات بالصورة التي أرادها الإسلام ضَمِنا – بإذن الله – إقامة العلاقة الزوجية على أسس وطيدة تكفل لها الدوام والاستقرار، ومن هذه الأمور حسن الاختيار للزوج والزوجة.
إن الاختيار الناجح للزوج سبب في العشرة الصالحة التي يقطع بها الزوجان رحلة الحياة بهدوء واطمئنان، فمتى كان الاختيار سليماً أقمنا البيت على أساس وطيد، تملؤه السعادة، وتغمره المودة، وبعكس ذلك إذا أسأنا الاختيار فالغالب يكون الفشل والشقاء.
يقول الدكتور محمد البهي في اختيار الزوج للزوجة، واختيار الزوجة للزوج : \" يجب أن يكون الاتجاه الإنساني – أي ما يمثل الطبيعة البشرية ككل – هو الفاصل الأساسي في الاختيار، ومنطق هذا الاتجاه يتمثل في الصلاحية \" الذاتية \" للرجل، وكذا في الصلاحية \" الذاتية \" للمرأة، وصلاحيتهما الذاتية هي : بقدر ما تحمل هذه الذات أو تلك من قيم إنسانية \". ( )
ولما لاختيار الزوج من الآثار في نجاح الحياة الزوجية، فقد أولته الشريعة الإسلامية عناية فائقة، وتتبدى هذه العناية في الحث على حسن اختيار الأزواج، كما تشهد لذلك الأحاديث النبوية والآثار :
- فعن عائشة – رضي الله عنها – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : \" تخيروا لنطفكم، وانكحوا الأكفاء، وانكحوا إليهم \" ( ).
- وعن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تزوجوا في الحجز الصالح ( )، فإن العرق دساس ( )، وروى أبو حاتم المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا أتاكم من ترضون دينه وخُلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير، قالوا : يا رسول الله فإن كان فيه ؟ قال : إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ثلاث مرات \" ( ).
- وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : \" يا بني بياضة، أنكحوا أبا هند، وانكحوا إليه وكان حجاماً \" ( ).
المطلب الثاني : موقف الشرع في اختيار الزوجة.
إن حاضر الأمة ومستقبلها يعتمد على نوعية أجيالها وناشئتها، والأسرة هي المسؤول الأول عن تحديد نوعية أولئك الناشئة قوة وضعفاً، ولما كانت المرأة هي نصف المجتمع، وأحد عمودي الحياة الإنسانية، فإن إحسان اختيارها يضمن تربية جيل صالح يبني الحياة الفاضلة، بما تزرعه من حميد الأخلاق وكريم الخلال، وإلا بذرت فيهم بذور الفساد، مما يفضي إلى انحلال الأمة وسقوطها.
وليس اختيار الزوجة اختياراً لسلعة، بل اختيار لحياة مشتركة لها آثارها الممتدة من الإفضاء، وتقاسم المشاعر، وعلاقة المصاهرة، وإنجاب الأولاد، فالاختيار الحسن يضمن للبيت الاستمرار، ويكفل للحياة الزوجية الاستقرار.
من أجل هذا عُني الإسلام باختيار الزوجة الصالحة، وجعلها خير متاع ينبغي التطلع إليه والحرص عليه.
وليس الصلاح إلا المحافظة على الدين، والتمسك بالفضائل، ورعاية حق الزوج، وحماية الأبناء، فهذا هو الذي ينبغي مراعاته.
وأما ما عدا ذلك من مظاهر الدنيا، فهو مما حظره الإسلام ونهى عنه إذا كان مجرداً من معاني الخير والفضيلة والصلاح.
وغالباً ما يتطلع الناس إلى المال الكثير، أو الجمال الفاتن، أو الجاه العريض، أو النسب العريق، أو إلى ما يُعد من شرف الآباء، غير ملاحظين كمال الدين وحسن التربية، فتكون ثمرة الزواج مُرة، وتنتهي بنتائج ضارة.
لهذا يحذر الرسول صلى الله عليه وسلم من سوء الاختيار للزوجة على هذا النحو ، فيقول : \" لا تزوجوا النساء لحسنهن، فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن، فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين ولأَمَة خَرماء ( ) ذات دين أفضل \" ( ).
والقصد من هذا الحظر ألا يكون القصد الأول من الزواج هو الاتجاه نحو هذه الغايات الدنيا، فإنها لا ترفع من شأن صاحبها ولا تسمو به، بل الواجب أن يكون الدين متوفراً أولاً، فإن الدين هداية العقل والضمير.
ثم تأتي بعد ذلك الصفات التي يرغب فيها الإنسان بطبعه، وتميل إليها نفسه.
يقول صلى الله عليه وسلم : إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى زواجها فليفعل. ( )
ويقول صلى الله عليه وسلم : \" تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم \" ( ).
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : \" تُنكح المرأة لأربع : لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك ( ) \" ( ).
ويضع صلى الله عليه وسلم تحديداً للمرأة الصالحة، وأنها الجميلة المطيعة البارة الأمينة، فيقول : \" خير النساء من إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا أقسمت عليها أبرتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك \" ( ).
المبحث الثاني
في الحقوق والواجبات الزوجية، وفيه ثلاثة مطالب
إذا تم عقد الزواج صحيحاً مستوفياً لأركانه وشروطه ترتب لكل واحد من الزوجين حقوق على الآخر، ويأتي ذلك انطلاقاً من قوله سبحانه وتعالى : (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ... الآية) ( ).
وتنقسم الحقوق الزوجية إلى ثلاثة أقسام :
1- حقوق خاصة بالزوج على زوجته.
2- حقوق خاصة بالزوجة على زوجها.
3- حقوق مشتركة بين الزوجين.
فلو التزمها المتزوجان التزاماً صحيحاً صادقاً في سرهما وعلانيتهما، لنعمت حياتهما، وسعدا في معيشتهما.

المطلب الأول : حقوق خاصة بالزوج على زوجته.
1– طاعة الزوجة لزوجها في غير معصية :
للزوج على زوجته حق الطاعة، في كل أمر ليس فيه معصية لله عز وجل، وأما إذا أمرها زوجها بأمر فيه معصية فانه يجب عليها الامتناع ولا تطيعه، فإذا أطاعته أثمت هي الأخرى، كما هو آثم في أمرها بالمعصية، وذلك لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، والدليل عليه، قوله تعالى : (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً ... الآية) ( )، ففي هذا دليل على أن التأديب مطلوب لعدم وجود الطاعة، وتدل الآية أيضاً على أن الطاعة واجبة للزوج ( ).
ويقول سبحانه : (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله به بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ... الآية) ( )، وهذه الآية تدل على وجوب طاعة الزوج، لأنه سبحانه وتعالى جعل الرجال قوامين على النساء، ولا معنى للقوامة إلا إذا أطيع القيم، ونُفذت أوامره مِن قِبل مَن جُعل قيماً عليه ( ).
كما وردت أحاديث كثيرة تدل على وجوب طاعة الزوجة لزوجها، وبينت أنها من أفضل القربات إلى الله تعالى، ومن موجبات رضاه، وأن الإخلال بها من موجبات سخطه.
– كقوله صلى الله عليه وسلم : \"إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت بعلها، قيل لها : ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت\" ( ).
ومن الطاعة الواجبة للزوج أن تجيبه إذا دعاها إلى فراشه، وإذا امتنعت منه كانت آثمة.
– \" كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : \" إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح \" ( ).
2– عدم الخروج من البيت إلا بإذنه :
ومن حقوق الزوج على زوجته : القَرار في البيت وألا تخرج منه إلا بإذن منه، والدليل عليه : ما رُوي عن ابن عمر – رضي الله عنه – أنه قال : رأيت امرأة أتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقالت : يا رسول الله، ما حق الزوج على زوجته ؟ قال : حقه عليها ألا تخرج من بيتها إلا بإذنه، فإن فعلت : لعنها الله وملائكة الرحمة، وملائكة الغضب حتى تتوب أو ترجع، قالت : يا رسول الله، وإن كان لها ظالماً ؟ قال : وإن كان لها ظالماً \" ( ).
وقَرار المرأة في بيتها مرتبط بشروط، منها :
أن لا يترتب على إلزامها بملازمة بيتها قطيعة رحم، كأن يمنعها من الخروج لزيارة والديها، حيث أن الشرع قد أعطاها الحق في ذلك في كل مدة تتناسب مع إقامة زوجها وسكنى أهلها ( ).
3– انتقالها مع الزوج إذا انتقل من بلده :
إذا انتقل الزوج من بلده إلى بلد آخر، فإن الزوجة ملزمة بالانتقال معه إلى حيث ينتقل، وإلى حيث تقتضيه ظروفه وطبيعة عمله، قال الله تعالى : (أسكنوهن من حيث سكنتم من وُجدكم ... الآية) ( ).
– وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسافر وتسافر معه من أراد من نسائه، وكان يُقرع بينهن ( ).
بشرط أن يكون مأمونا عليها في نفسها وعرضها، وأن لا يكون بها مانع من الانتقال كمرض أو ما إلى ذلك.
4– المحافظة على مال الزوج :
ومن حقوق الزوج على زوجته أن تحافظ على أمواله انطلاقاً من : قوله صلى الله عليه وسلم في صفات الزوجة الصالحة : \" وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله ( ).
وتتجلى محافظة الزوجة في المحافظة على أموال الزوج من خلال الصور التالية:
1– القناعة وترك المطالبة بما هو زائد عن الحاجة، وذلك بأن تقتصر على الحاجات الضرورية في طلبها، ولا يستبد بها عامل المباهاة والمشابهة للجوار والأهل والأصدقاء في الأثاث والثياب والطعام فتبدد أموال الزوج، مما يكون سبباً في إحداث النفرة والشقاق بينهما.
2– أن لا تفرط في شيء من أمواله، بأن تعطي شيئاً منها أحداً من قريب أو فقير بغير إذنه، فإن فعلت ذلك باءت بالإثم والمعصية، فعن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال : قال صلى الله عليه وسلم : \" لا يحل لها أن تطعم من بيته إلا بإذنه إلا الرَّطْب من الطعام الذي يُخاف فساده، فإن أطعمت عن رضاه كان لها مثل أجره، وإن أطعمت بغير إذنه كان له الأجر وعليها الوزر \" ( ).
3– أن لا توقع الزوج في الحرج، وترهقه من أمره عسراً بكثرة الطلبات، فقد يكون لذلك الأثر السيء على الزوج مما يحمله على الكسب غير المشروع حين تضيق قدراته المالية بها.
4– خدمة البيت : وذلك بأن تقوم بالخدمات التي يحتاجها البيت، والزوج، والأولاد، من طبخ وغسيل وتنظيف وما شابه ذلك، ويرى جمهور العلماء أن المرأة متطوعة بهذه الخدمة، وأنها لا تقوم بها على سبيل الواجب القضائي، بل الدياني، بمعنى أن القاضي لا يجبرها على ذلك إذا هي امتنعت عن القيام بهذه الأعمال ( ).
5– للزوج أن يمنع زوجته من الطاعات غير الواجبة لله : كصيام التطوع، وحج التطوع، ففي حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \" لا تصوم المرأة، وبعلها شاهد إلا بإذنه، غير رمضان، ولا تأذن في بيته، وهو شاهد إلا بإذنه \" ( ).
6– العفة والابتعاد عن كل ما يدعو إلى الشك : واجب الزوجة أن تحافظ على عفتها وشرفها، وتصون عرضها وعرض زوجها وبيتها مما يُلحق به العار، فلا تفعل شيئاً من شأنه أن يبعث الريبة في قلب زوجها من جهتها، فإنها إن فعلت ذلك هدمت دعائم الزوجية، فألهبت نيران الحقد في نفسه، فتسوء عشرتهما، والنبي صلى الله عليه وسلم يشير إلى ذلك في خطبة الوداع، إشارة رفيقة، ولكنها تشمل كل شيء قال : فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فُرُشكم من تكرهون، ولا يأذنَّ في بيوتكم لمن تكرهون \" ( ).
وفي هذا الباب سدت الشريعة الإسلامية أمام المرأة أبواب الفساد التي قد تؤدي إلى الانحراف، فمنعت الزوجة التزين للأجانب من الرجال بالتبرج والتعطر والتكسر أمامهم في المشية أو في الكلام، قال الله تعالى : (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن ... الآية) ( )، وقال تعالى : (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ... الآية) ( ). وفي الصحيح عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر، يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البُخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ( ).
7– الإرضاع : من حق الزوج على زوجته أن ترضع أولاده منها، من غير أجرة لقول الله عز وجل : (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين ... الآية) ( )، فالآية لفظها لفظ الخبر، ولكن مقتضاها الأمر.
8– تربية الأولاد : من المهام الجليلة التي تقع على عاتق الزوجة تعهد الأولاد بالرعاية والتربية، فتتحلى بالصبر والرحمة في معاملتهم، فلا تكثر من زجرهم أو ضربهم أو الدعاء عليهم بحضرة الزوج أو بغيابه.
إن للزوجة دوراً بارزاً في هذه التربية، فالطفل يقتبس طباعها وأخلاقها وسلوكها ونمط حياتها بما فيه من خير أو شر، لذا كان حرياً بها أن تربي أبناءها على الطُهر والعِفة والشجاعة والصدق وغيرها من الخلال الحميدة، وأن تحاذر من صغائر الأعمال والخلال، لذا عد النبي صلى الله عليه وسلم الأكذوبة في حق الطفل خطيئة تستوجب المؤاخذة، عن عبد الله بن عامر قال : دعتني أمي يوماً ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا، فقالت : ها، تعال أعطيك، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أردت أن تعطيه ؟ قالت : أردت أن أعطيه تمراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما إنك لو لم تعطيه شيئاً كُتبت عليك كذبة ( )، وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من قال لصبي : تعال هاك، ثم لم يعطه، فهي كذبة ( ) ، والحديث ركن هام في تعليم الأولاد وتربيتهم على الصدق، وإننا نجد اهتمام الإسلام واعترافه بفضل المرأة في تربية الأولاد، فقد جعل الجنة تحت أقدام الأمهات، كما رخّص للمرأة أن تترك العبادة كالصيام حفاظاً على صحة طفلها، وتوفيراً للرضا ع له.
9– الإحسان إلى أهل الزوج : بأن تبر والديه، وتظهر لهم التودد والاحترام، ولا سيما إن كانوا يقيمون معها في بيت الزوجية، وكذلك أن تكرم سائر أهله من أخوة وأخوات، ولا شك أن إكرام المرأة أهل زوجها ضرب من احترامه وإكرامه.
وعند الحديث عن هذا الحق نشير إلى ظاهرة تسود علاقات الزوجين مع الأهل وهي : أن بعض الأزواج يقعون تحت تأثير الزوجات فيؤثرونهن على الأمهات، وهذا أمر مرفوض شرعاً، فبر الوالدين مقدم على إرضاء الزوج، لذا كان من حق المرأة أن تخرج لزيارة والديها إذا اقتضى الأمر.
10– ولاية التأديب : إذا خالفت الزوجة بعض ما وجب عليها من طاعة زوجها، بعد تحقق الشروط التي يلزم تحققها لوجوب الطاعة، فله أن يتولى تأديبها بنفسه، قال تعالى : (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً ... الآية) ( )، وقد جعلت الشريعة ولاية التأديب على ثلاث مراتب سأتناولها بالتفصيل في المبحث الثالث : موقف الإسلام من نشوز الزوجة.
المطلب الثاني : حقوق خاصة بالزوجة على زوجها.
وللزوجة على زوجها حقوق كثيرة، ومن أهم هذه الحقوق :
1– أن يوفيها عاجل مهرها قبل أن يدخل بها، فإن كان قد شرط لها في وقت تسمية المهر تعجيل جزء معين فهذا الجزء المعين هو القدر الواجب تعجيله لها، وإن لم يكن قد شرط لها في وقت تسمية المهر تعجيل شيء منه، فإن الواجب حينئذ تعجيل الجزء الذي جرت العادة بتعجيله لمثلها، ولها أن تمنع نفسها منه إن امتنع من تقديم التعجيل، استناداً في ذلك إلى ما رواه ابن عباس قال : إن علي بن أبي طالب لما تزوج فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم، أراد أن يدخل بها، فمنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يعطيها شيئاً، فقال علي : يا رسول الله ! ما عندي شيء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعطها درعك، فأعطاها درعه، ثم دخل بها \" ( ).
2– أن ينفق عليها ويكسوها ويسكنها في الدار التي تليق بها، وقد وردت أحاديث كثيرة في ذلك. قال معاوية القشيري : إن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم : ما حق المرأة على الزوج ؟ فقال : تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبِّح، ولا تهجر إلا في البيت \" ( )، وروى معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أنفق على عيالك من طولك \"، وفيه : أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر كلمات قال : لا تشرك بالله شيئا وإن قتلت وحرقت، ولا تعقن والديك وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك، ولا تتركن صلاة متعمداً، فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله، ولا تشربن خمرا فإنه رأس كل فاحشة، وإياك والمعصية فإن بالمعصية حل سخط الله عز وجل، وإياك والفرار من الزحف وإن هلك الناس، وإذا أصاب الناس موتان وأنت فيهم فاثبت وأنفق على عيالك من طولك، ولا ترفع عنهم عصاك أدباً وأخفهم في الله ( )، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع : ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن \" ( ).
3– أن يعلمها أمور دينها : وعلى الزوج أن يتولى زوجته بالرعاية الدينية الكاملة، فيعلمها أمور دينها، ويبصرها بحقوق خالقها، ويأمرها بتقوى الله في سائر شأنها، فيكون بذلك سبباً في نجاتها في الآخرة، وفي حسن قيامها بواجباتها نحو زوجها وأولادها ومجتمعها. يقول سبحانه : (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً ... الآية) ( )، وقد سأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقاية الأهل من النار فقال : \" تنهوهم عما نهاكم الله، وتأمروهم بما أمركم الله \" ( )، ويقول سبحانه : (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها) ( )، ويقول صلى الله عليه وسلم : \" رحم الله امرءاً قال : يا أهلاه ! صلاتكم، صيامكم، زكاتكم، مسكينكم، يتيمكم، جيرانكم، لعل الله يجمعكم معه في الجنة \" ( ).
فعلى الرجل أن يعلم زوجته أصول العقيدة والإيمان، وأحكام العبادات والأخلاق محاسنها ومساوئها، والحلال والحرام، والسيرة النبوية، وتراجم حياة أمهات المؤمنين والصالحات من النساء ( ).
ويتم هذا التعليم بأن يتذاكر معها فيما يعلم، ويعقد الحلقات المستمرة لأفراد الأسرة لتدارس الإسلام فكراً وعقيدة وفقهاً، وبتوفير الكتاب والمجلة الإسلامية، والأشرطة التي تحمل تسجيلات القرآن الكريم والدروس الدينية، وبتشجيعها على حضور الندوات والمحاضرات والجُمَع في الحدود الشرعية، وباختلاطها بالصالحات الواعيات من نساء المجتمع.
4– العدل بين الزوجات : إذا كان الرجل متزوجاً بأكثر من امرأة وجب عليه أن يعدل بينهن، وأن يسوي بينهن في الأمور المادية الظاهرية ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، ومما يشمله العدل المطلوب أن يوفر للزوجات الطعام واللباس والمسكن المتماثل، كما عليه أن يسوي بينهن في القسمة والمبيت، وأن يقرع بينهن إذا أراد السفر، ويصطحب من خرجت عليها القرعة، إلا إذا تنازلت الأخريات عن حقهن عن طيب خاطر ( ). وقد صحت أحاديث كثيرة في ذلك.
5– أن يعطيها حق الولاية على مالها، إن كانت مكلفة رشيدة، وهو شيء انفردت به الشريعة الإسلامية السمحة عما سواها من الشرائع والأديان، فإن كانت قاصرة الأهلية أو فاقدتها، فالولاية على مالها لأبيها، وليس للزوج ولاية على مال الزوجة مطلقاً، إلا بتوكيل منها.
6– ألا يكلفها الزوج بالإنفاق على شيء من شؤون البيت، وإنما يجب على الزوج أن ينفق على جميع ما يحتاجه البيت من مال نفسه، فإن تطوعت وتبرعت هي من تلقاء نفسها بالإنفاق على شيء من ذلك، أو فعلت بيدها شيئا منه، صح تطوعها وتبرعها.
المطلب الثالث : الحقوق والواجبات المشتركة بين الزوجين.
1– حق الاستمتاع :
العلاقة الجنسية أمر عظيم الأثر على العلاقة الزوجية، والغريزة الجنسية هي الدافع القوي المباشر للزواج لدى أكثر الناس، وربما كان إهمال الزوجين لها، وعدم إيلائها الاهتمام الكافي من قبلهما سبباً في تكدر الحياة وافتقارها إلى عنصر السعادة والسكن.
وبناءً على ذلك قرر الإسلام أن المعاشرة الزوجية حق لكل من الزوجين، ولا يجوز لأحدهما أن يقصِّر في حق صاحبه في هذه الناحية، كما أكد حق كل من الزوجين في الاستجابة لهذا الدافع، ورغب في المعاشرة الزوجية إلى حد اعتبارها قربة وعبادة تستحق الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى ( )، فعن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \" وفي مباضعتك أهلك صدقة \" فقال أبو ذر : أيؤجر أحدنا في شهوته ؟ قال : \" أرأيت لو وضعته في غير حل أكان عليك وزر \" ؟ قال : نعم، قال : \" أفتحتسبون بالشر ولا تحتسبون بالخير \" ( ).
والرجل كما تشهد الفطرة، وكما قرر علم الطب، أكثر توقاً وأشد رغبة في العلاقة الجنسية من المرأة – وذلك بخلاف ما ذهبت إليه بعض النظريات القائلة بأن المرأة أقوى غريزة من الرجل – مما اقتضى أن يكون هو الطالب للمعاشرة وبناء على ذلك :
– أوجب الإسلام على الزوجة أن تستجيب لدعوة الزوج إذا دعاها إلى فراشه محتاجاً إليها، راغباً في الاستمتاع بها، حيث يقول صلى الله عليه سلم : \"إذا دعا الرجل زوجته فلتأته ولو كانت على التنور\" ( ).
– حذر الزوجة من رفض طلب الزوج، لأن من شأن ذلك إسخاط زوجها عليها، لا سيما إذا كان من النوع المفرط في هذه الغريزة بحيث يسبب له المنع منها إرهاقاً نفسياً، وانشغالاً عن التفرغ لمواجهة مشكلات الحياة بروح مطمئنة، وبيَّن أن لهذا الرفض مغبة كبرى وعواقب وخيمة في الآخرة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \"إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح \" ( ).

2– حُسن المعاشرة :
هذا أيضاً من الحقوق المشتركة بينهما، فوجب على الزوج أن يحسن عشرة زوجته، كما يجب على الزوجة أن تحسن عشرة زوجها، قال الله تعالى : (وعاشروهن بالمعروف ... الآية) ( )، وقال تعالى : (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ... الآية) ( )، فالتماثل هنا كما صرح بعض أهل العلم هو تأدية كل واحد منهما ما عليه من الحق لصاحبه بالمعروف، ولا يمطله به، ولا يظهر الكراهة، بل ببشر وطلاقة، ولا يُتبعه منًّا ولا أذىً، فالحياة الزوجية لا تكون مصدر خير وسعادة إلا إذا تفانى كل من الزوجين في إرضاء الآخر، والصبر على ما يطرأ بين الزوجين من احتكاك، أو خطأ في الفهم، ومعالجته بالحكمة وبالطرق الحسنة.
ويشمل حسن المعاشرة صوراً أخرى منها :
‌أ- أن يتجاوز كل من الزوجين عن هفوات الآخر وأخطائه، ولا سيما ما يقع منها عفو الخاطر، وأن يلتمس لتلك الأخطاء العذر والتبرير، وأن يبادر الطرف المسيء إلى الاعتذار للآخر، وهذا لا يتأتى إلا مع المحبة والتعقل وحسن النية.
‌ب- أن لا يُظهر أي من الزوجين اهتمامه بشخص آخر أكثر من زوجه، كأن يكثر الرجل من الإطراء على امرأة، وأنها تفضل زوجته في خلقها أو جمالها. . وكذلك الزوجة، فإن من شأن ذلك إحداث الجفوة والوحشة بينهما.
‌ج- أن يكرم ويحترم كل من الزوجين أهل الآخر، وأن يحسن وفادتهم إذا قدموا عليهما.
‌د- أن يشكر كل منهما صنع الآخر، فإذا أتقن أحد منهما عملاً، أو أحسن إلى الآخر في شأن، أو قدم له هدية، شكره على ذلك وبارك جهده.
‌ه- كما أن على كل من الزوجين أن يذكر صاحبه بخير في غيبته، وأن يذب عنه إذا ما انتقص منه منتقص.
‌و- ألا يذم أي منهما أمام الآخر أحداً بعيب يكون في صاحبه، سواء كان عيباً خَلْقياً من عور أو عرج وغيره، أو نقيصة اجتماعية كفقر أو عدم نيل شهادة.
‌ز- أن يشاطر كل منهما الآخر أفراحه وأحزانه، فلا يُظهر الفرح حال حزن الآخر، ولا يظهر الحزن حالة فرحه. . ومجمل القول أن على كل منهما أن يخلص للآخر، وأن يسعى لإدخال السرور عليه، وأن يزيل ما به من حزن وكدر.
3– أن يتعاون الزوجان على طاعة الله :
فيقوم كل منهما بإسداء النصح للآخر، وتذكيره بالله إذا أخطأ أو نسي، وأن يكون كل منهما عوناً للآخر على أداء العبادات، وفعل الخيرات والقربات، يقول سبحانه : (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر). ويقول صلى الله عليه وسلم : \" رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء \" ( ).
4– الشعور بالمسؤولية المشتركة إزاء واجبات البيت :
من توفير احتياجاته، ومتطلبات الأبناء، وتربيتهم وإسعادهم، فينبغي أن لا تستبد الأنانية بأحدهما فينصرف إلى توفير الدعة لنفسه، تاركاً الآخر يواجه وحده الأعباء والمتاعب، فالزوجان شريكان في التخطيط للأسرة، والإحساس باهتماماتها، والقيام بالأعمال التي تكفل بقاءها سعيدة قوية.
5– ثبوت نسب الأولاد إليهما :
من الحقوق التي يشترك فيها الزوجان انتساب الأولاد إليهما معاً، فالولد كما هو ولد الأب فهو أيضاً ولد الأم، ويثبت لكل من الأب والأم ما يترتب على ثبوت الأبوة أو الأمومة من حقوق، كالنفقة إذا كان الأب أو الأم مستحقاً لهما من مال ولدهما.
6– التوارث بسبب الزواج :
من حق كل من الزوجين أن يرث الآخر إذا مات قبله، فالزوجية أحد الأسباب التي تثبت حق الإرث، وما دامت الزوجية قائمة إلى حين وفاة أحد الزوجين فللآخر حق في ميراثه سواء كانت الزوجية قائمة حقيقة أو حكماً، كما إذا كانت المرأة معتدة من طلاق رجعي، ومات زوجها وهي في العدة فإن من حقها أن ترثه، والشرط يبقى إلا إذا كانت موانع تمنع من الميراث كالقتل، واختلاف الدين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : \"القاتل لا يرث \" ( ). وقال : \" لا يرث المسلمُ الكافرَ ولا الكافرُ المسلمَ \" ( ).

7– حرمة المصاهرة :
من الحقوق الشرعية بين الزوجين، أن يحرم على الرجل أن الزواج بأم امرأته، ولو لم يكن قد دخل بامرأته، ويحرم عليه أن يتزوج بنتها إن كان قد دخل بها، ويحرم عليه أن يجمع بينها وبين أختها، أو بينها وبين خالتها، أو عمتها، أو بينها وبين بنت أخيها، أو بينها وبين بنت أختها، كما يحرم على الزوجة أن تتزوج – بعد طلاقها من زوجها وانقضاء عدتها منه – بأبيه أو بابنه.
المبحث الثالث
موقف الإسلام من نشوز الزوجة والزوج. وفيه مطلبان :
المطلب الأول : موقف الإسلام من نشوز الزوجة :
النشوز : أصله في اللغة الارتفاع والعلو، ويراد به هنا : ترفُّع المرأة وعصيانها، وسوء عشرتها للزوج، والخروج عن الطاعة الواجبة، بالتفريط في حقوقه، كمنع الزوج من الاستمتاع، أو الخروج من البيت من غير إذنه إلى مكان تعلم أنه لا يأذن فيه، وبالتفريط في حقوق الله تعالى، كالغسل أو الصلاة أو غير ذلك ( ).
فإذا ظهرت بوادر النشوز والخلاف، فالمنهج الإسلامي في حل الخلاف، وإرجاع الأمور إلى نصابها، هي الطرق والوسائل التي أوردها النص القرآني للاختيار من بينها، وهي ثلاثة :
1– الوعظ والإرشاد والتوجيه :
يقول الحق سبحانه وتعالى : (فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً) ( ).
فقد صدَّرت الآية الكريمة بذكر النوع المتوافق مع المنهج الرباني من الزوجات، وهن الصالحات، المطيعات لله، والمعاملات لأزواجهن بالمعروف، الكاتمات لكل ما بينهن وبين أزواجهن من أمور الزوجية، وهؤلاء لسن في حاجة إلى إصلاح وتأديب، لاستقامة أحوالهن.
وثنَّت بذكر النوع الثاني، وهن اللاتي يحاولن الخروج عن طاعة أزواجهن في المعروف، وهؤلاء في حاجة إلى تهذيب وإصلاح وتأديب، وقد أوكل هذا الإصلاح والتأديب للأزواج دون غيرهم، حفظا لما بين الزوجين من الذيوع والانتشار، ولأنهم أقدر على معرفة حال زوجاتهم، وأدرى بما يناسبهن من أساليب التهذيب. ( )
فالزوج العاقل الحكيم يعظ زوجته بالرفق واللين، ويبين لها الخطأ من الصواب، والحق من الباطل، ويبصرها بواجباتها، وما يلزمها القيام به، ويخوفها عقاب الله في عصيانه، فإن الله قد أوجب حق الزوج عليها وطاعته، وحرم عليها معصيته، لما له من الفضل والإفضال، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \" لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، من عظم حقه عليها \" ( ).
لذلك فإذا ما شعر الرجل أن الزوجة أرادت أن تتعالى عليه، فليبادر ويسارع بالتزام قول الله تعالى : (فعظوهن)، فالبداية هي الموعظة، والموعظة هي : النصح بالرقة، بأن ينتهز الرجل الفرصة المناسبة لكي يكون الوعظ والإرشاد مقبولاً.

2– الهجر :
ولنفترض أن هذه العظة لم تفلح، والرجل يرى أن الأمر داخل إلى منعطف صعب، فماذا يفعل الرجل ؟ إن المرأة عادة تتدلل على الرجل بما تعرف فيه من إقباله عليها، وقد تصبر المرأة على لقاء الرجل أكثر من صبر الرجل على لقائها. ولذلك فالرجل حين يرى امرأته تقترب من النشوز وهي تعلم أنه رجل يحب المباشرة الزوجية ونتائج العواطف والاسترسال، هنا يمكن للرجل أن يعطي المرأة درسا ويطبق الأمر الثاني : (واهجروهن في المضاجع)، قال العلامة ابن كثير : في قوله تعالى (واهجروهن في المضاجع) قال ابن عباس : الهجر أن لا يجامعها ويضاجعها على فراشها ويوليها ظهره، وكذا قال غير واحد، وزاد آخرون، منهم السدي والضحاك وعكرمة : ولا يكلمها مع ذلك ولا يحدثها. وفي السنن عن معاوية بن حيدة القشيري : أنه قال : يا رسول الله، ما حق امرأة أحدنا عليه ؟ قال : \" أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا كسوت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبّح ولا تهجر إلا في البيت \" ( ).
ولنر دقة القرآن الكريم، إنه أمر بالهجر في المضجع فقط، وليس أمراً بالهجر في الحجرة، أي : لا ينام الرجل في حجرة وتنام المرأة في حجرة أخرى، إنه أمر بعدم فضح المسألة، وأمر بأن يظل الزوجان معا في غرفة واحدة، إنه هجر في المضجع، فلو هجرها الرجل ونام في غرفة أخرى، أو ترك البيت إلى مكان آخر فهذا يورث في المرأة غريزة العناد، ولكن أن يظل الأمر بين الرجل والمرأة، فهذا معناه أن هناك ظرفاً عاطفياً قد يجيء، فتتغاضى هي عن العلو ويأتي للرجل ظرف عاطفي فيتغاضى عن الهجر، ويتمنى كل من الطرفين أن يصالحه الآخر.
إن أي خلاف بين الرجل والمرأة إن ظل بينهما فهو ينتهي إلى أقرب وقت، فساعة أن يخرج الرجل إلى خارج منزله قليلاً، تهدأ شدة غضبه ثم تلتهب عواطفه، فيعود إلى زوجته راغباً في عودة الهدوء، وهي أيضاً تقابله شعوراً بشعور.
إذن الذي يفسد المسألة بين الرجل وزوجته أن تتدخل عناصر أخرى تورث الرجل عناداً، وتورث المرأة عناداً، كالأقارب وأصدقاء السوء،
ولكن إن ظل الخلاف منحصراً بين الرجل والمرأة فهو ينتهي بسرعة، لماذا ؟
لأن هناك أموراً بين الرجل والمرأة ستلجئهما إلى أن يتسامحا فيها :
الإفضاء إلى بعضهما البعض، والميثاق الغليظ بينهما، والسكن والمودة والرحمة ... إلخ. ( )
3– التأديب المطلوب :
ويأتي بعد الهجر في المضاجع قوله سبحانه وتعالى : (واضربوهن)، وهذا الضرب مشروط بألا يسيل الرجل دماً، أو يكسر لها عظماً وهذا لون من الضرب الخفيف، وهو فقط دليل على عدم الرضا، ولذلك قال بعض العلماء : لتضربها بالسواك، والسواك كما نعلم لا يؤذي ولا يؤلم، بل هو ضرب فيه دلال يعطي صلحاً، وقد علمنا الحق هذه المسألة عندما أقسم نبي الله أيوب أن يضرب زوجته مائة ضربة فقال الحق : (وخذ بيدك ضغثاً فاضرب به ولا تحنث إنا وجدناه صابراً نعم العبد إنه أواب) ( ).
وبعد ذلك يقول الحق : (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً)، معنى ذلك أنه إن كان هذا الاستعلاء قد انتهى، وأطاعت زوجها وعادت لسيرتها الحميدة فلا يجوز أن يأخذ الرجل من ذلك الموقف ذلة ويعيّرها به، ولكن على الرجل أن ينهي الموقف وكأن شيئًا لم يكن، ويعود هو الآخر لسيرته الصالحة معها ليتبادلا الإحساس وتتلاقى العواطف ( ).
المطلب الثاني : موقف الإسلام من نشوز الزوج :
النشوز والتقصير في الواجبات الزوجية قد يكون من الرجل كما يحصل من المرأة، فإذا اعتبرنا خروج الزوجة من بيت زوجها بغير إذنه نشوزا، فإن امتناع الزوج عن الإنفاق على زوجته بغير عذر نشوز من جانبه، وهذا ما أشار إليه قوله تعالى : (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير) ( ).
لقد رتب الحق تعالى الحكم على مجرد الخوف من النشوز، لا بحدوث النشوز بالفعل، وهذه لفتة لكل منا ألا يترك المسائل حتى تقع، بل عليه أن يتلافى أسبابها قبل وقوعها، لأنها إن وقعت ربما استعصى على الإنسان أن يتداركها.
فإذا خافت المرأة نشوز زوجها وإعراضه عنها، إما لمرضها أو لكبر سنها، أو لدمامة وجهها، فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما، ولو كان في الصلح تنازل الزوجة عن بعض حقوقها ترضية لزوجها، ولهذا لما كبرت سودة بنت زمعة عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على فراقها، فصالحته على أن يمسكها وتترك يومها لعائشة، فقبل ذلك منها وأبقاها على ذلك.
قال ابن عباس : خشيت سودة أن يطلقها الرسول صلى الله عليه وسلم، فقالت : يا رسول الله لا تطلقني، واجعل يومي لعائشة، ففعل، ونزلت هذه الآية، قال ابن عباس : فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز. ( )
وقالت عائشة : هي المرأة تكون عند الرجل، لا يستكثر منها، فيريد طلاقها ويتزوج عليها، تقول : امسكني ولا تطلقني، وتزوج غيري، فأنت في حل من النفقة علي، والقسمة لي ( ).
وقالت : إن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة بيومها ويوم سودة. ( )
إن الصلح هنا مهمة الرجل والمرأة معاً، أي أن يحل الاثنان المشكلة معاً، لذلك فكل مشكلة لا تتعدى الرجل والمرأة حلها يسير.
إن الصلح في أول درجاته مسألة بين الرجل والمرأة، وليتذكر الاثنان قول الحق سبحانه : (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم) ( )، وكذلك قول الحق سبحانه وتعالى : (فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيرا) ( ).
ويقول الحق من بعد ذلك : (وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيراً).
كأن الحق يقول : إنني أعلم عندما يُطلب من المرأة أن تتنازل عن شيء من نفقتها أو أن تتنازل له عن ليلتها لينام عند الزوجة الأخرى، أعلم أن هذا طلب قد يصعب على النفس، وكذلك تنازل الرجل عن مقاييسه وبعض حقوقه تألفاً لزوجته، والحق يحذرنا : إياكم أن يستولي الشح على تصرفاتكم بالنسبة لبعضكم البعض ( ).
وإذا عجز الزوجان عن علاج ما جد بينهما من مظاهر النفور والإعراض، وبوادر الفرقة والطلاق، فإن عليهما عندئذ أن يبتعدا عن كل ما يزيد الخلاف حدة، والنفور شدة، فلا يصدر من أحدهما نحو الآخر ما يؤذيه أو يخدش كرامته، وعليهما أن يلوذا بالصبر والحِلم، وأن يتذكرا حرمة الميثاق الغليظ بينهما، وما تفرضه من المعاشرة بالحسنى في الرضى والغضب، والحب والكره، والعسر واليسر. ( )
وإذا وقع الشقاق بين الزوجين، واستحكم العداء، وخيف من الفرقة، وتعرضت الحياة الزوجية للانهيار، فيُعيَّن حَكمان من أقارب الزوجين، لينظرا في أمرهما، ويفعلا ما فيه المصلحة.
يقول الله تعالى : (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا) ( ).
إن الجزء الأخير من الآية يحض الحكمين على الإخلاص في المهمة وصدق الإرادة، وتحري العدل، والعمل جهدهما على إنقاذ الأسرة من الشقاق الذي وقعت أو يُخشى أن تقع فيه.
ويتضمن هذا الجزء أيضا تطمين نفوس الحكمين على الوصول إلى الغاية المنشودة، وأن توفيق الله رائدهما وسائقهما، ومصاحبهما فيه، فلا يتسرعان ولا يسأمان، ولا يضيق صدرهما بما يسمعانه، بل يتحملان كل ما يعترضهما في سبيل إرادة الإصلاح، ولا بد بوعد الله أن يصلا إلى ما يحبه ويرضاه. ( )
الخاتمة :
توصل الباحث من خلال هذا العرض من البحث إلى أن أداء الحقوق الزوجية، وإقامة حدود الله تعالى هي التي تعزز الرابطة الزوجية بينهما، وتزيد في قوة الاستمرارية والديمومة، إذا التزم كل منهما ما يجب عليه تجاه الآخر، ويرى الباحث أن السبب الوحيد الذي يفوق الأسباب الأخرى التي تقرب الزوجين إلى الطلاق، هو عدم المعرفة بالواجبات، والقيم، والمبادئ الإسلامية، وعدم الالتزام بها، والسبب الوحيد الذي يتغلب على الأسباب الأخرى التي تبعد الزوجين من اللجوء إلى الطلاق، هو التعرف على الواجبات، والالتزام بالقيم، والمبادئ الإسلامية تجاه الأسرة، وأداء حق كل واحد منهما.
فإذا التزم المتزوجون بهذه الحقوق، واتبعوها اتباعاً صحيحاً صادقاً في سرهم وعلانيتهم، نعمت حياتهم وسعدوا في معيشتهم.
ومما يلفت النظر في تراثنا الأدبي الإسلامي اشتماله على عدد غير قليل من النصائح والوصايا التي وُجهت إلى الفتاة وخاصة في ليلة زفافها من أبيها وأمها، وهي كافية وافية في تذكير مسؤولية المرأة في استقرار الحياة الزوجية واستمرارها.
وتكاد كل الوصايا والنصائح التي قدمت للفتاة، تدعو إلى طاعة الزوج، وأن تراعي راحته ومنامه وطعامه، وأن تقتصد في النفقات، وتربي أولادها، وتصون أسرار زوجها، وتشاركه مشاركة وجدانية في أفراحه وأتراحه. ( )
قال أنس بن مالك : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زفوا امرأة على زوجها، يأمرونها بخدمة الزوج، ورعاية حقه. ( )
دخل عمر بن الخطاب على حفصة أم المؤمنين، يعظها، ويبصرها بحقوق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان مما قاله كما جاء في الصحيح : لا تستكثري النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تراجعيه في شيء، ولا تهجريه، وسليني ما بدا لك، ولا يغرنك إن كانت جارتك أوضأ منك، وأحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم– يريد عائشة. ( )
وأوصى عبدالله بن جعفر بن أبي طالب ابنته فقال : \" إياك والغيرة، فإنها مفتاح الطلاق \"، \"وإياك وكثرة العتب، فإنه يورث البغضاء \"، \" وعليك بالكحل فإنه أزين الزينة \"، \" وأطيب الطيب الماء \". ( )
وقال أبو الدرداء لامرأته : \" إذا رأيتني غضبت فرضني، وإذا رأيتك غضبى رضيتك، وإلا لم نصطحب \". ( )
- ومن أهم الوصايا ما أوصى به أسماء بن خارجة الفزاري ابنته وقد زفها إلى الحجاج قال : \" يا بنية. . إن الأمهات يؤدبن البنات، وإن أمك هلكت وأنت صغيرة، فعليك بأطيب الطيب الماء، وأحسن الحُسن الكحل، وإياك وكثرة المعاتبة فإنها قطيعة للود، وإياك والغيرة فإنها مفتاح الطلاق، وكوني لزوجك أمة يكن لك عبداً، واعلمي أني القائل لأمك :
خذي العفو مني تستديمي مودتي
ولا تنقريني نقرة الدف مرة
ولا تكثري الشكوى فتذهب بالقوى
فإني رأيت الحب في القلب والأذى
ولا تنطقي في سورتي حين أغضب
فإنك لا تدرين كيف المغيّب
ويأباك قلبي والقلوب تقلب
إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهب ( )

- وأوصت أمامة بنت الحارث ابنتها أم إياس بنت عوف بن محلم الشيباني، ليلة زفافها إلى الحارث بن عمرو ملك كندة، فقالت : أي بنية : إن الوصية لو تركت لفضل أدب لتركت ذلك لك، ولكنها تذكرة للغافل، ومعونة للعاقل، ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها، وشدة حاجتهما إليه – كنت أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرجال خلقن، ولهن خلق الرجال، أي بنية : إنك فارقت الجو الذي منه خرجت، وخلفت العش الذي فيه درجت، إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك رقيبا ومليكا، فكوني له أمة يكن لك عبدا وشيكا، واحفظي له خصالا عشرا، يكن لك ذخرا.
يا بنية : احملي عني عشر خصال، تكن لك ذخرا وذكرا، الصحبة بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة، والتعهد لموقع عينه، والتفقد لموضع أنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا طيب ريح، والكحل أحسن الحسن، والماء أطيب الطيب المفقود، والتعهد لوقت طعامه، والهدوء عنه عند منامه، فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مبغضة، والاحتفاظ ببيته وماله، والإرعاء على نفسه وحشمه وعياله، فإن الاحتفاظ بالمال حسن التقدير، والإرعاء على العيال والحشم حصن التدبير، ولا تفشي له سراً، ولا تعصي له أمرا، فإنك إن أفشيت له سره، لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره أوغرت صدره، ثم اتقي مع ذلك الفرح إن كان ترحا، والاكتئاب عنه إن كان فرحا، فإن الخصلة الأولى من التقصير، والثانية من التكدير، وكوني أشد ما تكونين له إعظاما، يكن اشد ما يكون لك إكراما، وأشد ما تكونين له موافقة، يكن أطول ما تكونين له مرافقة، واعلمي أنك لا تصلين إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك في ما أحببت وكرهت، والله يخير لك. فحملت وسلمت إليه، فعظم موقعها منه، وولدت له الملوك السبعة الذين ملكوا بعده اليمن. ( )
وأخيراً فإنني أسأل الله، وهو خير مسؤول أن يوفقني لما يحب ويرضاه، وينفعني وغيري، بهذا وبغيره، ويسدد خطانا، والله المستعان، وهو نعم المولى ونعم النصير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

قائمة أهم المصادر والمراجع :
– الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان لابن بلبان، على بن بلبان بن عبدالله، المتوفى 739هـ، دار الكتب العلمية – بيروت ط / 1 1407 هـ – 1987 م
– أحكام الأسرة في الزواج والطلاق للدكتور سعيد محمد الجليدي منشورات الجامعة المفتوحة – ليبيا – ط/1 – 1986م
– أحكام الزواج والطلاق والخلع لمحمد متولي الشعراوي، مكتبة التراث الإسلامي – القاهرة – 2000م
– الأحوال الشخصية لمحمد أبي زهرة دار الفكر العربي – القاهرة – 1377هـ – 1957 م
– الأحوال الشخصية لمحمد محيي الدين عبد الحميد، دار الكتاب العربي ط/2 – 1419 هـ – 1999م
– الأحوال الشخصية للدكتور زكريا البرديسي، معهد الدراسات الإسلامية
– آداب الزفاف في السنة المطهرة للشيخ محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي – بيروت – لبنان
– إرواء الغليل للشيخ محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي – بيروت – لبنان – ط/1 1399 – 1979م
– الأسرة أحكام وأدلة للدكتور الصادق عبد الرحمن الغرياني، جامعة الفاتح – ليبيا، 1992م
– الأسرة في التشريع الإسلامي للدكتور الأستاذ محمد الدسوقي دار الثقافة، الدوحة 1995م
– الإشراف على مذاهب العلماء لابن المنذر، محمد بن إبراهيم، المتوفى 318 هـ، تحقيق د. أبو حماد الأنصاري، مكتبة مكة الثقافية – الإمارات 2004م
– بدائع الصنائع للكاساني، علاء الدين أبو بكر بن مسعود بن أحمد، الناشر : زكريا علي يوسف – مصر
– تفسير المنار لمحمد رشيد رضا، دار المعرفة – بيروت – لبنان ط/2
– الجامع الصحيح للبخاري، محمد بن إسماعيل المتوفى 256هـ مع الفتح، دار أبي حيان ط/1 1416هـ – 1996م
– الجامع الصحيح لمسلم بن الحجاج القشيري المتوفى 261هـ مع شرح النووي، دار أبي حيان ط/1 1415هـ – 1995م
– الجامع الصغير لجلال الدين عبدا لرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى 911هـ، دار المعرفة للطباعة والنشر – بيروت – لبنان
– الحاوي الكبير لأبي الحسن على بن محمد بن حبيب الماوردي المتوفى 450هـ، دار الكتب العلمية – لبنان 1994م
– حاشية ابن عابدين لمحمد أمين الشهير بابن عابدين، مصطفى البابي الحلبي – مصر ط/2 – 1386هـ – 1966م
– الذخيرة لأحمد بن إدريس القرافي المتوفى 684 هـ، دار الغرب الإسلامي – بيروت 1994م
– السنن الكبرى لأبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي المتوفى 458هـ، دار الفكر – بيروت ط/1 1416هـ – 1996م
– السنن لمحمد بن عيسى الترمذي المتوفى279 هـ، دار الفكر – بيروت – لبنان 1414هـ – 1994م
– السنن لابن ماجه محمد بن يزيد القزويني المتوفى 275هـ، دار إحياء التراث العربي – بيروت 1395هـ – 1975م
– السنن لأبي داود سليمان بن الأشعث المتوفى 275هـ، دار الحديث – دمشق ط/1 1389هـ – 1970م
– السنن للدار قطني أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد، المتوفى306 هـ، الناشر سيد عبد الله هاشم المدني – المدينة 1386هـ 1966م
– شرح قانون الأحوال الشخصية للدكتور مصطفى السباعي، المكتب الإسلامي ط/7 – 1997م
– صحيح سنن الترمذي للألباني، محمد ناصر الدين، مكتبة المعارف – الرياض – السعودية 2000م
– فتح الباري لابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي المتوفى 852هـ، دار أبي حيان – القاهرة 1996م
– فقه السنة للسيد سابق، دار الكتاب العربي – بيروت 1985م
– الفكر الإسلامي والمجتمع المعاصر للدكتور محمد البهي، مكتبة وهبة – مصر 1982م
– كنز العمال للمتقي الهندي علاء الدين علي المتوفى 979 هـ، مؤسسة الرسالة – بيروت 1981م
– مختصر سنن أبي داود للمنذري، الحافظ عبد العظيم بن عبد القوي، المتوفى 656هـ، دار المعرفة – بيروت 1400 هـ
– المستدرك لأبي عبدالله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري المتوفى 405هـ، دار المعارف العثمانية – حيدر آباد، الهند
– المسند لأحمد بن حنبل 241 هـ، المكتب الإسلامي – بيروت
– مشكاة المصابيح لمحمد بن عبدالله الخطيب التبريزي، المكتب الإسلامي – بيروت 1979م
– المصنف لعبد الرزاق بن همام الصنعاني المتوفى 211هـ، منشورات المجلس العلمي – الهند – ط/1 1392هـ 1972م
– المغني لابن قدامة عبد الله بن محمد المقدسي المتوفى 630 هـ، مكتبة الرياض الحديثة – الرياض – السعودية
– منحة المعبود لأحمد بن عبدالرحمن البنا الساعاتي، المكتبة الإسلامية – ط /2 – 1400هـ
– مواهب الجليل للحطاب، محمد بن عبدالرحمن، مكتبة النجاح – طرابلس – ليبيا
– النجوم الزاهرة للأتابكي، جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تعزى، المتوفى 874هـ، مؤسسة المصرية العامة – القاهرة، مصر
– نظام الأسرة في ضوء الكتاب والسنة، مكتبة مكة الثقافية – رأس الخيمة – الإمارات العربية المتحدة، للدكتور أبو حماد صغير أحمد الأنصاري، ط/1 1424 هـ – 2003م
– نظام الأسرة في الإسلام للدكتور محمد عقلة، مكتبة الرسالة الحديثة – عمان – 1403هـ 1983م
– نهاية المحتاج للرملي، شمس الدين محمد بن أحمد بن حمزة، المتوفى 1004هـ، مصطفى البابي الحلبي بمصر – الطبعة الأخيرة 1967 م
– الهداية في تخريج أحاديث البداية للغماري، أبو الفيض أحمد بن محمد صديق، المتوفى 1380هـ، عالم الكتب – بيروت ط/1 1987م – 1407هـ

 

التوقيع

 



من كتاباتي
صرخاااات قلم (( عندما تنزف ريشة القلم دما ))
قلم معطل وقلم مكسوووور
عندما ’تطرد من قلوب الناس !!!!!!(وتدفن في مقبرة ذاتك)
دعاة محترفون لا دعاة هواه ( 1)
الداعية المحترف واللاعب المحترف لا سواء(2)
نعم دعاة محترفين لا دعاة هواة!!!! (( 3 ))
خواطر وجها لوجه
همسة صاااااااااااارخه
خواطر غير مألوفه
اليوم يوم الملحمه ...
على جماجم الرجال ننال السؤدد والعزه
عالم ذره يعبد بقره !!!
معذرة يا رسول الله فقد تأخر قلمي
دمعة مجاهد ودم شهيد !!!!!!
انااااااااا سارق !!!!
انفلونزا العقووووووووول
مكيجة الذات
الجماهير الغبيه
شمووووخ إمرأه

 
 
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23-05-2007, 02:30 PM
الصورة الرمزية مسعطر
مسعطر مسعطر غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2007
الدولة: صـــــدور الــطـــيـــبـــيــن
المشاركات: 1,049
معدل تقييم المستوى: 18
مسعطر is on a distinguished road
رد: نجاح الحياة الزوجية في أداء حقوقها

أشكرك على إجتهادك الدائم و مواضيعك
المفيدة دائم و الجميلة تقبل مروري.


أخيك

 

التوقيع

 






يكره الصيحات مربي النعم
 
 
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23-05-2007, 03:35 PM
الصورة الرمزية سعيّد ابوجعشه
سعيّد ابوجعشه سعيّد ابوجعشه غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Dec 2006
الدولة: K . S . A
المشاركات: 5,980
معدل تقييم المستوى: 23
سعيّد ابوجعشه is on a distinguished road
رد: نجاح الحياة الزوجية في أداء حقوقها

بيض الله وجهك على هذا المجهود يـــ أبوبدر

ولا هنت طال عــمــرك

 

التوقيع

 





 
 
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23-05-2007, 08:14 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road
رد: نجاح الحياة الزوجية في أداء حقوقها

مرحبا بك اخي الكريم مسعطر

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 23-05-2007, 08:14 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road
رد: نجاح الحياة الزوجية في أداء حقوقها

مرحبا بك يابو محمد ولا هنت على الحضور

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 24-05-2007, 12:15 AM
قلب الشوق قلب الشوق غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
الدولة: قلب الشمس
المشاركات: 514
معدل تقييم المستوى: 18
قلب الشوق is on a distinguished road
رد: نجاح الحياة الزوجية في أداء حقوقها

من اروع الدراسات التي قرأتها

استفدت من كل مقطع ومن كل جملة

بارك الله فيك ياخوي بوبدر ولا حرمنا جديدك

 

التوقيع

 

 
 
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 24-05-2007, 12:19 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road
رد: نجاح الحياة الزوجية في أداء حقوقها

مرحبا بش اختي الكريمه قلب الشوق ولا هنتي على الحضور


والله ينفع الجميع

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 24-05-2007, 02:30 PM
جابر البطان جابر البطان غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Dec 2004
المشاركات: 1,467
معدل تقييم المستوى: 10
جابر البطان is on a distinguished road
رد: نجاح الحياة الزوجية في أداء حقوقها

أبوبدر يعطيك العافية على الموضوع

الهام جداً فكثيرا ما نسمع ونطلع على المشاكل الزوجية بين الشباب وذلك لعدم الإكتراث والاهتمام بالحقوق الزوجية ما لنا وما علينا

وفقك الله في حياة الزوجية والعملية والاخروية


.

 

التوقيع

 





 
 
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 24-05-2007, 07:07 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road
رد: نجاح الحياة الزوجية في أداء حقوقها

مرحبا بك يا بو عمير ولا هنت على الحضور يا الغالي

رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
طرق مشاهدة الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عرض كامل لكتاب المسلمون في الولايات المتحدة الأمريكية / الدكتور عبد الرزاق الزهراني سهيل الجنوب مجلس الدراسات والبحوث العلمية 10 16-09-2010 05:55 PM
اسعد إمراة في العالم د.فالح العمره مجلس الدراسات والبحوث العلمية 36 12-09-2009 10:24 PM
الحجاب ... إيمان .. طهارة .. تقوى .. حياء .. عفة بنت ابيها المجلس الإســــلامي 8 12-09-2006 03:25 PM

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 05:22 PM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع