![](http://alqwasim.com/upload/upload/wh_72789560.jpg)
الكابتن وليم هنري أورفاين شكسبير أحد المغامرين واصحاب الهمم العالية الذين تحلوا بالبراعة والدهاء وحب العمل والاستكشاف.كان رجلا يتميز بالنشاط والطموح منذ وجوده في الخدمة العسكرية في الهند حتى عين في الخدمة الإستشارية القانونية في كل من بندر عباس ومسقط . ومن إيران قام بأول رحلة على ظهر سيارة إلى مسقط رأسه في انجلترا مجتازا كل تلك المسافات قبل وجود الطرق ومارا بتركيا عدوة بلاده في ذلك الوقت .
وفي عام 1909 تم تعيين شكسبير ممثلا سياسيا في الكويت وفي أثناء شغله لمنصبه وكذلك في السنوات التالية لهذا التعيين قام شكسبير برحلات سنوية قصيرة في مناطق نائية وغير معروفة نسبياً في صحراء الجزيرة العربية .وقد جمعت جميع مذكراته في الجمعية الملكية الجغرافية في لندن قبل أن يطأ (فلبي) أرض الجزيرة العربية . وكان الكولونيل (نوكس) قد سبق الكابتن شكسبير في الوصول إلى حفرالباطن حيث قام برحلتين قصيرتين من الكويت إلى
( الحفر) 1906 وجنوبا إلى (نطاع) سنة 1908م.
و في سنة (1910) قام شكسبير برحلة عبر الدبدبة إلى آبار (اللصافة) وهي إحدى قرى الصمان اليوم (وقد زرتها شخصياً عدة مرات )..وتعتبر في منتصف الطريق قديما للمتجهين من الكويت إلى الزلفي ثم اتجه شمالا عبر شعيب فيصل إلى آبار الحفر وهي واحدة من موارد الماء في الباطن .. قام شكسبير بتحديد االمكان وأعماق المياه ثم اتجه إلى الزبير مارا بقصر بلال في شعيب الباطن ...حتى وصل إلى النقطة التي يصب فيها الوادي في سهل الزبير..ثم توجه بعد ذلك إلى الكويت...امتدت هذه الرحلة لأكثر من ثلاثين يوما وهي فترة اتسمت بالحذر المستمر أثناء اجتياز الطريق حيث غطت الرحلة حوالي 450 ميل ...
سأتوقف هنا عن الدخول في تفاصيل رحلة شكسبير الأخيرة عبر الجزيرة العربية والتي قطع فيها أكثر من 1810 أميال وصولا إلى سيناء... والتي قام فيها شكسبير باستكشاف خطوط العرض على شكل فواصل .. كما قام بقراءة الارتفاع عن مستوى سطح البحر بكل أراضي الجزيرة العربية التي اجتازها
وكان لوادي الباطن نصيب وافر من هذه الرحلة فمن أراد معرفة تفاصيل رحلة شكسبير الأخيرة وما حدث له في وادي الباطن
![](http://alqwasim.com/upload/upload/wh_13587509.jpg)
قطع شكسبير في رحلته عبر الجزيرة العربية حوالي 1200 ميل من المنطقة الغير معروفة للأوربيين سابقاً. حيث لم يقطع سابقوه من الرحالة الأوربيين إلا ثلث المسافة التي قطعها ما بين الكويت على الخليج العربي و(كونتيلا) التي تعتبر نقطة الحدود الأمامية في سيناء
استمر شكسبير في كل هذه المسافة والتي مقدارها 1810 أميال في اجتياز الطريق وهو يقوم عن طريق الملاحظة باستكشاف خطوط العرض على شكل فواصل. كما قام (مثلما فعل في رحلته السابقة) بقراءة الارتفاع عن سطح البحر لكل خط عرض حيث زودنا بأكثر الخيوط فائدة في معرفة المرتفعات ما بين الخليج العربي وطريق الحجاز للسكة الحديدية
والإنجاز الذي يتعلق بوادي الباطن في هذه الرحلة هو تحقيق الاجتياز الكامل للمرة الأولى لوادي الرمة في مجراه السفلي (الباطن) ما بين (الحفر) و (جبة) حيث يسد المجرى العظيم بطبقة النفود الرملية
قلت سند الحشار( وقد رافقت الأستاذ عوض سرور مدير إدارة التربية والتعليم أثناء تصويره لهذا الحزام الرملي الكبير الذي يسد وادي الباطن كالجدار وسوف يظهر في مؤلفه عن حفرالباطن قريبا
استغرقت رحلة شكسبير الأخيرة ثلاث أشهر ونصف . عاد بعدها شكسبير إلى انجلترا في صيف عام 1914 وعندما نشبت الحرب العالمية الأولى أُرسل مرة أخرى إلى الكويت حيث عهد إليه ببعثة دبلوماسية إلى الأمير عبدالعزيز آل سعود . وفي يناير 1915 قتل بالقرب من الأرطاوية في موقعة جراب بين الأمير عبدالعزيز وابن رشيد أمير حائل.
بدأ شكسبير رحلته الأخيرة بعزم كامل على جمع أكبر قدر ممكن من المعرفة الجغرافية .كان مجهزاً بأفضل مما كان عليه الحال في رحلاته السابقة . وفي الثالث من فبراير عام 1914 غادر الوكالة السياسية في الكويت بقافلة مكونة من عشر رجال , وسبعة جمال من إبل الركوب وأحد عشر جملا من ابل الأمتعة(رحايل) و أربع أغنام
ضمت الجماعة اثنين من الخدم أحدهما بنجابي والآخر صبي عربي وكان ملازم الهجانة التابع للوكالة قائداً للقافلة مع أثنين من الرجال النجديين تحت إمرته ورفقاء ( صديق ودليل) من رعاة الصهبا من مطير وعجميان من بني هادي وسليمان. وكذلك مرافق من رعاة الصهبا من مطير
ساروا ولم يحدث ما يعكر الرحلة على الطريق المسمى بـ(جادة الباطن) والذي يتجه من الكويت إلى بريدة عن طريق (الرقعي) , (الحفر) ثم ( جبة) .
وصل شكسبير في اليوم السادس إلى الرقعي في الباطن. وقد سلك نفس الطريق الذي سلكه (نوكس) في عام 1906 باستثناء منخفض (الشق).
بدت هذه المرحلة من الرحلة مستقرة هادئة وخالية من الماء وكذلك خالية من أي شيء ملفت للنظر . يقول شكسبير:
" وجدنا آبار الرقعي وقد احتلها (آل ماجد) من مطير والذين هددونا بالبنادق خصوصا وأنه قد نفد الماء منا ".
في تلك الأيام تعرضت القافلة إلى أمطار غزيرة عطلت الرحلة وجعلت تقدم القافلة بطيئاً. وقد كانت إحدى القوافل الكبيرة تسير بجانب قافلة شكسبير متجهة إلى بريدة
.
بعد التوقف لمدة يومين في الرقعي , سار شكسبير إلى جهة الجزء الجنوبي الغربي لوادي(الباطن) حيث نقطة البداية للوادي . وفي الأيام القليلة التالية أصبح في منطقة أثرية كان يبدو أنها كانت مأهولة سابقاً . وكان (نوكس) قد اجتازها سابقاً في عام 1906م وكذلك شكسبير نفسه سنة 1910 . وهنا يصبح منخفض الباطن باتساع 2ميل عرضاً و200 قدم انخفاضاً تحت مستوى سطح الأرض المجاورة للوادي. كان هناك أرض ذات شجر في المجرى الجاف وبالمناسبة فبعد عشرين دقيقة هطل مطر غزير وتشكل سيل مندفع بعمق 3 أقدام وعرض 50 قدم
في قصر بلال وجد شكسبير آثار لحضيرة قديمة مربعة الشكل بحوالي 90 قدما في كل ضلع من اضلاعها , بجانبها بقايا لبئر قديم أو لخزان ماء . ومن المعتقد أن بلال هو عبد (المولى) المفضل لأحد شيوخ بني هلال . وكل من (نوكس) وشكسبير يرددان قصصاً عن أصل هذا البناء الذي يفتح التساؤل التالي : من أين يأتي الماء الذي يمكَن أي شخص من بناء جدران من الطين ؟
قلت :سند الحشار " هذا البناء نسبة إلى بلال بن أبي موسى الأشعري وقد زرته عدة مرات وأثناء إعدادي لهذا المقال ذهبت بسيارتي لألتقط صورة لهذا المكان فغاصت سيارتي في الرمال وخرجت بمساعدة أحد الرعاة قبل الغروب فلم استطع تصويره .
هذا الموضوع من كتابات الباحث سند الحشار القاسمي
الكاتب سند الحشار
منقول من الأيميل وفيه خطأعنده الي هو (عجيمان )