السلام عليكم ورحمه الله تعالى وبركاته...اخواني واخواتي الكرام....اسعد الله أوقاتكم بكل خير وعافيه ان شاء الله ....
حبيت اني احط لكم الرابط هذا لهذه السورة التي تعجبني كثيرا اياتها...وتعجبني كثيرا بصوت القارئ الشيخ أحمد بن علي العجمي....قلت احطها لكم وتسمعونها....اضافة الى ذلك اضع لكم بعد المعلومات ..في ظلال هذه السورة وهي سورة الانفـــــــــــــــال.....
في ظلال سورة الأنفال
بقلم الشيخ: أبي بكر جابر الجزائري
المدرس في الجامعة
قال الله تعالى:
{كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ, يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ, وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ, لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}
بسم الله والحمد لله. وبعد:
فهذه أربع آيات أخرى من سورة الأنفال نتفيأ ظلالها مع السادة القراء الكرام، وقبل الشروع في ذلك تحسن الإشارة إلى مضمون الآيات الأربع قبلها تذكيرا وتعليما فنشير إليها ونقول: إن مضمون الآيات الأربع السابقة يتلخص فيما يلي فتأملها أيها القارئ الكريم:
1- خلاف الشبان مع الشيوخ في الأحق بالغنائم، ذاك الخلاف الذي أدى إلى حالة خطرة جدا كادت تقضي بجماعة الإيمان إلى أسوأ العواقب وأوخمها.
2- إنهاء الخلاف والقضاء على أسبابه برد الله تعالى أمر الغنائم إليه وإلى رسوله ليحكم الله فيها بما يشاء، ويقسمها الرسول صلى الله عليه وسلم بما يأمره الله تبارك وتعالى.
-3 أمر الجماعة المؤمنة بتقوى الله عز وجل وإصلاح ذات بينها، وبطاعة الله ورسوله فيما يأمران به، وينهيان عنه، ككفارة لما بدر منها من رغبة في المادة وميل إليها. (وحب العاجلة رأس الخطايا كما قيل).
4- تذكير الجماعة المؤمنة بإيمانها الذي هو مصدر قوتها وخيريتها وكمالها وسعادتها وذلك لترقية شعورها، ودفعها إلى طاعة الله والرسول، تلك الطاعة التي لا يستقيم أمرها، ولا يصلح شأنها إلاّ عليها {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً}.
5- ذكر صفات المؤمنين الصادقين في إيمانهم لتكون مرآة للجماعة ترى فيها صورتها الحقة، وتعرف بها مدى كمالها في إيمانها، ودعواها فيه، وتلك الصفات هي:
1- وجل القلب عند ذكر الرَّب.
2- زيادة الإيمان عند سماع القرآن.
3- التوكل الكامل على الله وحده دون سواه.
4- إقام الصلاة.
5- الإنفاق مما رزق الله.
6- بيان منازل أولئك المؤمنين الصادقين، وما أعد الله لهم من النعيم المقيم.
والآن، وبعد هذا العرض السريع لمضمون الآيات السابقة نعود إلى تفيؤ ظلال الآيات الأربع التي أردنا تفيؤها في هذه الحلقة من الدراسة القرآنية المفيدة النافعة إن شاء الله تعالى. فنذكر أولا: أن المناسبة بين هذه الآيات وسابقتها هي مناسبة قوية كمناسبة الشبيه بشبيهه، والمشبه بالمشبه به، إذ الكاف في قوله: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ}. الآية.
هي لتشبيه حال الكارهين لخروج الأنفال من أيديهم، وعدم ارتياحهم لذلك، في حين أن العاقبة كانت خيرا من ذلك، وإن كراهتهم لم تكن إلا من باب المثل القرآني: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}. أقول: إن الكاف في قوله: {كَمَا أَخْرَجَكَ} هي لتشبيه حال هؤلاء في كراهيتهم لما آلت الغنائم بخروجها من أيديهم، وردها إلى الله والرسول ابتدءا، بحال الفريق الذين كرهوا الاصطدام بقريش وقتالها على قلَّتهم وكثرتها، وخوفهم وقوَّتها في حين أن تلك الكراهية لم تكن لتخرج أيضا من مثل (عسى وعسى) لما كان في ذلك الاصطدام والقتال على كراهية بعض القوم له ومحاولة الفرار منه من الخير العظيم الذي لا يقدر قدره، والإنعام الكبير الذي لا يوفى شكره. وما هذه الغنائم التي تنازعوا اليوم إلا من خير ذلك القتال الذي كرهوه وبركته لو كانوا يذكرون.
هذا وجه المناسبة بين هذه الآيات وسابقتها وقفنا القارئ الكريم عليه.
أما معاني هذه الآيات فإلي القارئ الكريم ذلك بشيء من التفصيل أحيانا وبدونه أخرى:
قوله تعالى: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ}.
هذه الآية معناها الذي دل عليه لفظها هو تشبيه حال المتنازعين في غنائم بدر وكراهيتهم لخروجها من أيديهم - ابتداءا - بعد أن ظنُّوا كلَّ الظنِّ أنها لهم وحدهم، وأنهم أحق بها من غيرهم مع ما كان في ذلك التدبير الإلهي من خير، بحال الكارهين لقتال قريش يوم خروج الرسول صلى الله عليه وسلم بهم من بيته من المدينة يقودهم إلى المعركة بعد ما تعيَّنت، وإلى القتال بعد ما وجب، مع ما كان في ذلك أيضا من الخير لهم وحسن العاقبة.
وقوله تعالى: {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ}.
في هذه الآية تصوير بديع لحال المتنازعين في الغنائم يوم تقدم بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو قتال قريش بعد ما تعين عليهم ووجب، وهم يجادلونه - فداه أبي وأمي - ويحاولون التفصي من القتال والهروب من المواجهة، بحجة أنهم لم يخرجوا لقتال قريش ولم يستعدُّوا لذلك، وإنما خرجوا لعير أبي سفيان وتجارة قريش فقط. والمخاوف تنتابهم، وتصوُّر كرب المعركة يغشاهم، حتى لكأنهم يساقون إلى الموت الحتم، وهم ينظرون إلى أسبابه قائمة بين أيدهم، ماثلة أمام أعينهم: وضعت هذه الصورة الحية لهم ليشاهدوا بأعينهم حالهم قبل الظفر بالغنائم وكيف كانوا على وضعية يستحي معها صاحبها اليوم أن يطالب بالغنائم فضلا أن يحاول الاستئثار بها دون إخوانه المجاهدين معه. كل هذا من تأديب الله تعالى لأصحاب رسوله وتربيته لهم حتى كانوا مَثَل الكمال البشري، ولم تعرف الحياة لهم نظيرا على طولها.
وقوله تعالى: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ}.
تضمنت هذه الآية جانبا من الصورة التي رسمتها الآية قبلها، فهي تقول لهم: أيها المتنازعون في الغنائم اذكروا اليوم الذي وعدكم الله على لسان نبيه اغتنام إحدى الطائفتين: عير قريش التجارية، أو قريش بسلاحها وكراعها، وأكد لكم ذلك بحيث لم يبقى للشك مجال في صدق هذا الوعد وأحقيته. غير أنه لم يعين لكم الطائفة الموعودة بها لحكمة الدفع بكم إلى مواصلة الطلب، والسير حتى ساحة المعركة. وأنتم في هذه الأثناء، وقبل أن يتبين لكم أن العير نجت حيث أخذ بها أبو سفيان قائدها سيف البحر ونجا بها، وإن الطائفة الموعود بها أصبحت قريشا ذات القوة والسلاح، ولم يبقى شك في قتال قريش والاصطدام بها، كنتم في هذه الأثناء تحبون متمنين أن غير ذات الشوكة تكون لكم، لأنها في نظركم من الغنائم الباردة التي لا تكلف دما ولا جهدا كبيرا.
ولكن الله أراد غير ذلك أراد النفير أراد قريشا الباغية العاتية ليكسر شوكتها، ويحطم كبرياءها فيحق بذلك الحق وينصره ويقطع دابر الكافرين ويهزمهم. وشتان بين ما أراد الله، وبين ما أردتم، فهلا تتعظون بهذه الصورة أيها القوم، وقد انتزعت من ماضيكم القريب، فتتقوا الله وتصلحوا ذات بينكم.. وقد فعلتم وهذا من فضل الله عليكم حيث أدبكم فأحسن، ورباكم فأجمل وأكمل، فله الحمد وله المنة.
قوله تعالى: {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}.
في معنى هذه الآية التعليل لإرادة الله تعالى بأن تكون إحدى الطائفتين هي ذات الشوكة التي لم يردها المؤمنون، ولم يحبوها ويتمنوها كما تمنوا غيرها وأحبوها، وأراد الله النفير (قريشا) لا العير، لأن في انهزام قريش وانتصار المؤمنين من الخير ما لا يوجد ولا معشاره في الاستيلاء على تجارة قريش والتمتع بها أياما ثم تنقضي، كما ودَّ المؤمنون الغافلون.
إن بانهزام قريش انتصر الإيمان على الكفر، والحق على الباطل، وإلى الأبد، ولو كره المجرمون من اليهود والمنافقين المتربصين بالرسول والمؤمنين في المدينة.. والحمد لله على تدبيره لأوليائه، وحسن بلائه لهم. وأخيرا ما في هذه الآيات من الهداية القرآنية.
إن بهذه الآيات من الهداية القرآنية ما لا مطمع لأحد في حصره، ولا استقصائه، ولا حتى في الكشف عن جله وإظهاره، لأن هذا من سر الله في كتابه وهو بحر علوم ومحيط أنوار، يفتح الله من أبواب رحمته ما يشاء على من يشاء، ومن لم يجعل الله نورا فما له من نور، فليأخذ العبد بقدر ما أعطاه مولاه، فمن أعطي الكثير فهو المكثر ومن أعطي القليل فهو المقل، وليس تمَّ إلا الله. قل هو الله أحد.
وبعد، فمن هداية هذه الآيات ما يلي:
1- تحقيق وشرح معنى قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}.
فقد كره من كره من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم الاصطدام بقريش وحاول الفرار من مواجهتها بكل جهد، ويأبى الله إلا ذاك، فكان، وكان فيه من حسن العاقبة والخير الكثير.
كما تنازع الشبان مع الشيوخ الغنائم، وأرادها كل له دون سواه بحسب بلائه في القتال وتأثيره في المعركة، وانتزعها الله من أيديهم وجعلها له ولرسوله فتململ من تململ وكره من كره، ثم قسمها الله عليهم قسمة عادلة بقيت مثلا يحتذى في قسمة كل الغنائم إلى يوم القيامة، فكان من ذلك التدبير من البركة والخير ما لم يَقِل عن سابقه في إرادة الله تعالى النفير لا العير.
هذا ووجه العبرة لنا نحن اليوم وفي ظروفنا الراهنة هذه: أن المسلمين اليوم يكرهون شيئين عظيمين معا أحب الله تعالى لهم وأراد، ويُصِرُّون على ذلك إلى حد العناد والمكابرة. وهذان الشيئان هما: وحدة المسلمين في عقيدتهم وعباداتهم وشرعهم وقانونهم وحكومتهم وقيادتهم، مع أن تحقيق هذا الأمر وطاعة الله فيه من أيسر الأمور وأسهلها في هذه الظروف الحاضرة لوجود الأسباب وتوفر القدرات، فلم يكلف الأمر أكثر من التفويض لله والانقياد له، واجتماع حكام المسلمين وعلمائهم في مكة أو المدينة والخروج بوحدة كاملة، لا يكون من نتائجه سعادة المسلمين في حياتهم فحسب، بل وسعادة العالم أجمع.
والشيء الثاني: تخاذل المسلمين في قتال اليهود والسكوت عن احتلال اليهود لأُوْلى قِبْلَتَيْهِم ومسرى ومعراج نبيهم المسجد الأقصى وما حوله من الأرض المباركة.
في حين أن هذا القتال لو أرادوه وخاضوه لم يزد على أن يطهر قلوبهم من الجبن، وجيوبهم من المال الحرام، ومسجدهم من رجس اليهود. وقد يكون سببا في عزة دائمة للمسلمين. وقد يكون بداية وحدة بهم تشمل كل بلادهم، وتوجد منهم المنقذ المنتظر لعالم البشر.
وأيسر الطرق لذلك تكوين جيش إسلامي نظامي يسهم فيه جميع المسلمين بخير ما عندهم من صالح الرجال والسلاح، كل أمة بقدرها وطاقتها، ويوضع تحت قيادة إسلامية مشتركة، ويدرب ذاك الجيش أياما على الرغبة فيما عند الله، وحب لقائه، والرضا بحسن بلائه، بعد أن كان قد تدرب على استعمال السلاح وخوض معارك الكفاح، ثم يرمى به في أرض المعركة فلا يخرج منها حتى يطهر أرضها، ويعلن عن دولة للإسلام جديدة تحكِّم كتاب الله وتدعو كافة البشرية إلى الله، فيولد بها المولود المنتظر، وتقر بحكمها عيون البشر، لأنها دولة الله والحاكم فيها الله.
وختاما، آمل من كل قارئ كريــــــــــم أن يفكر جديا في تحقيق هذه الفكرة وأن يبذل لها ما يمكنه بذله، والله يحسن الجزاء لمن أحسن عملا.
فضل الذكر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه ربه عز وجل: "قال الله تبارك وتعالى: "أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم".
.
ولكم خالص ودي....