كان الخليفة ابو جعفر المنصور الذي يعتبر هو المؤسس الفعلي لدولة العباسية حيث أعتلى كرسي الخلافة بعد أخيه السفاح سنة 136هـ اي بعد 4 سنوات من سقوط الدولة الاموية سنة 132هـ وكان الخليفة ابو جعفر المنصور حريصا على خزانة الدولة ومن المعروف أن الشعراء يمدحون الخلفاء مقابل المال الذي يعطونه لشعراء فكان ابو جعفر بخيلا وكان يتصف بالدهاء وسرعة الحفظ فكان يحفظ القصيدة عند سماعها من أول مره وكان عنده غلام يحفظ القصيدة من مرتين أي المرة الاولى قول القصيدة من الشاعر والثانية من الخليفة ابو جعفر وعنده جارية تحفظ القصيدة من ثلاث مرات.
أتى شاعر كان من أصدقاء الاصمعي الى مجلس الخليفة أبو جعفر المنصور فقال ابو جعفر لشاعر ان كانت القصيدة من قولك أعطيتك وزن الذي كتبت عليها القصيدة ذهبا وان كانت من منقولك أي محفوظة من قبل لا أعطيك شيئا عليها فقال الشاعر إنها من قولي فقال ابو جعفر إذا قل.
فألقى الشاعر القصيدة يمدح فيها الخليفة فقال له الخليفة إن أحفظ هذه القصيدة منذ زمن فقال الشاعر متعجبا كيف هذا !!! لقد نظمت القصيدة البارحه فكيف
عرفتها ؟ فقال الخليفة لا وهناك غيري احضروا الغلام فقال القصيدة فصعق الشاعر فقال له الخليفة لا وهناك غيري أحضروا الجارية فقالت القصيدة فصعق الشاعر مرةأخرى. فكان الغلام والجارية يجلسون خلف ستاره في مجلس الخليفة أبو جعفر المنصور يستمعون لشاعر.
خرج الشاعر من مجلس الخليفة حزينا يضرب كفا على كف غير مصدق لما حدث له ويقول لا انا لست بشاعر فاخبر أصحابه فأصبحوا مهمومين.
ثم دخل عليهم الاصمعي فقال لهم ما بالكم يا قوم فقال له الشاعر أما ترى ما نحن فيه نكتب القصيدة من بنيات أفكارنا ثم نكتشف أن هناك ثلاثة يحفظونها قبلنا قال الاصمعي أحدث هذا قال الشاعر نعم قال أين قال في مجلس أمير المؤمنين أبو جعفر المنصور فقال الاصمعي إن في الامر مكر وحيله وكان الاصمعي معروف لدى الخليفه ابو جعفر المنصور.
فتنكر الاصمعي بزي أعرابي فلبس جلد شاه وغير من هيئة شعره ودخل مجلس الخليفة أبو جعفر المنصور حافيا متلثما يسحب ناقته فقال الاصمعي السلام عليك يا امير المؤمنين فرد الخليفة السلام وهو لا يعرف انه الاصمعي فقال الاصمعي أنا من أعراب الموصل نظمت قصيدة فقال الخليفة تعرف الشروط فقال الاصمعي نعم إن كانت من قولي أعطيتني وزن الذي كتبت عليها ذهبا وإن كانت من منقولي أي محفوظه من قبل لا تعطيني شيئا عليها فقال الخليفة صدقت قل فقال الاصمعي قصيدة صعبة الالفاظ والكلمات.
القاء القصيدة بصوت الشيخ احمد القطان :
صوت صفير البلبل القاء الشيخ احمد القطان
لقراءة القصيدة :
صَـوْتُ صَفِيْـرِ البُلْبُــلِ=هَـيَّـجَ قَلْبِـيَ الثَمِــلِ
الـمَاءُ وَالـزَّهْـرُ مَعَــاً=مَعَ زَهـرِ لَحْظِ الـمُقَـلِ
وَأَنْـتَ يَـاسَيِّــدَ لِـي=وَسَيِّـدِي وَمَـوْلَـى لِـي
فَكَـمْ فَكَـمْ تَـيَّمَنِــي=غُـزَيِّـلٌ عَـقَـيْـقَـلي
قَطَّفْـتُ مِـنْ وَجْـنَـتِـهِ=مِـنْ لَثْـمِ وَرْدِ الـخَجَـلِ
فَقَـالَ بَـسْ بَسْـبَسْتَنِـي=فَـلَـمْ يَجّـدُ بـالـقُبَـلِ
فَـقَـــالَ لاَ لاَ لاَ لاَ لاَ=وَقَـدْ غَـدَا مُـهَــرْولِ
وَالـخُـودُ مَالَـتْ طَرَبَـاً=مِـنْ فِعْـلِ هَـذَا الرَّجُـلِ
فَـوَلْـوَلَـتْ وَوَلْـوَلَـتُ=وَلـي وَلـي يَاوَيْـلَ لِـي
فَقُـلْـتُ لا تُـوَلْـوِلِـي=وَبَـيِّـنِـي اللُـؤْلُـؤَلَـي
لَـمَّـا رَأَتْـهُ أَشْـمَـطَـا=يُـرِيـدُ غَـيْـرَ القُـبَـلِ
وَبَـعْـدَهُ لاَيَـكْـتَـفِـي=إلاَّ بِطِيْـبِ الوَصْـلَ لِـي
قَالَـتْ لَـهُ حِيْـنَ كَـذَا=انْهَـضْ وَجِـدْ بِـالنَّـقَلِ
وَفِـتْيَـةٍ سَـقَـوْنَـنِـي=قَـهْـوَةً كَالـعَـسَلَ لِـي
شَمَـمْـتُـهَا بِـأَنْـفِـي=أَزْكَـى مِـنَ القَـرَنْـفُـلِ
فِي وَسْـطِ بُسْتَـانٍ حُلِـي=بالـزَّهْـرِ وَالسُـرُورُ لِـي
وَالـعُـودُ دَنْ دَنْـدَنَ لِـي=وَالطَّبْـلُ طَـبْ طَبَّـلَ لِـي
وَالسَّقْـفُ قَدْ سَقْسَـقَ لِـي=وَالرَّقْـصُ قَدْ طَبْطَـبَ لِـي
شَـوَى شَـوَى وَشَاهِـشُ=عَلَـى وَرَقْ سِـفَـرجَـلِ
وَغَـرَّدَ القِمْــرِ يَصِيـحُ=مِـنْ مَـلَـلٍ فِـي مَلَـلِ
فَـلَـوْ تَـرَانِـي رَاكِـبـاً=عَـلَـى حِـمَـارٍ أَهْـزَلِ
يَـمْـشِـي عَلَـى ثَلاثَـةٍ=كَـمَشْيَـةِ الـعَـرَنْجِـلِ
وَالـنَّـاسُ تَرْجِـمْ جَمَلِـي=فِـي السُـوقِ بالـقُلْقُلَـلِ
وَالكُـلُّ كَعْكَـعْ كَعِكَـعْ=خَلْـفِـي وَمِـنْ حُوَيْلَلِـي
لكِـنْ مَـشَـيـتُ هَارِبـا=مِـنْ خَشْيَـةِ العَقَنْقِــلِي
إِلَـى لِـقَــاءِ مَـلِـكٍ=مُـعَـظَّـمٍ مُـبَـجَّــلِ
يَأْمُـرُلِـي بِـخَـلْـعَـةٍ=حَـمْـرَاءْ كَالـدَّمْ دَمَلِـي
أَجُـرُّ فِيـهَـا مَـاشِـيـاً=مُـبَـغْـدِدَاً لـلـذِّيَّــلِ
أَنَا الأَدِيْـبُ الأَلْـمَـعِـي=مِنْ حَـيِّ أَرْضِ المُـوْصِـلِ
نَظِمْتُ قِطُعـاً زُخْـرِفَـتْ=يَعْجِـزُ عَنْـهَا الأَدْبُ لِـي
أَقُــوْلُ فِـي مَطْلَعِهَــا=صَـوْتُ صَفيـرِ البُلْبُــلِ
فرجع الخليفة الى ذاكرته فلم تسعفه على حفظ شيء من أبيات القصيدة وطلب الغلام والجارية فقالوا والله ما سمعنا هذه القصيدة من قبل فقال ابو جعفر يا اعرابي أعطينا ما كتبت عليه القصيدة نزنه في الميزان لتأخذ عليها ذهبا فقال الاصمعي وهم لا يعرفونه ورثت عمود رخامٍ من ابي وهو في خرج الناقه لا يحمله الا أربعة من الجنود فجاء الجنود بعمود الرخام فأخذ كل ما في خزينة الدولة وخرج والخليفة مصدوم فقال الوزير للخليفة أوقفه يا امير المؤمنين والله ما أظنه الا الاصمعي فإستدعاه الخليفة فقال امط اللثام عن وجه عربي فأماط اللثام فإذا هو الاصمعي فقال له ابو جعفر تفعل هذا بامير المؤمنين يا أصمعي فقال نعم إنك بذاكرتك قطعت أرزاق الشعراء يا امير المؤمنين فقال له الخليفه أعد ما في الخزنه فقال لا أعيدها الا ان تعطي الشعراء على قولهم أو منقولهم فوافق الخليفه ابو جعفر ففرج الاصمعي على الشعراء بسبب هذه القصيدة.
ابوحمد الشامري
23-01-2005, 12:32 PM
العرض العادي
المواضيع المتشابهه
