مجالس العجمان الرسمي

العودة   مجالس العجمان الرسمي > ~*¤ô ws ô¤*~المجالس العامة~*¤ô ws ô¤*~ > المجلس العــــــام

المجلس العــــــام للمناقشات الجادة والهادفة والطروحـــات العامة والمتنوعة

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 27-11-2012, 11:54 AM
محمود المختار الشنقيطي محمود المختار الشنقيطي غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2012
المشاركات: 968
معدل تقييم المستوى: 12
محمود المختار الشنقيطي is on a distinguished road
طعام صلاة حب :امرأة تبحث عن كل شيء "خلطة كتب"(9)

طعام ... صلاة ... حُب : امرأة تبحث عن كل شيء"9"
{"خلطة" كتب}
أهلا بكم في إندونيسيا ... وأهلا بكم – أيضا – مع الحكاية الثالثة والسبعين :
(73)
(لم يسبق لي أبدا أن قمت بشيء لم أخطط له جيدا كما حدث عند وصولي إلى بالي. فعبر تاريخي الحافل بالأسفار الطائشة،كانت تلك الرحلة الأكثر طيشا التي قمت بها في حياتي.لم أكن أعرف أين سأسكن أو ماذا سأفعل،كما كنت أجهل قيمة صرف العملة أو كيفية إيجاد سيارة أجرة في المطار،أو حتى إلى أين أطلب من السائق إيصالي. ما من أحد يتوقع وصولي أساسا. (..) وتبين لي أنني أستطيع البقاء لشهر واحد بالتأشيرة السياحية. لم يخطر في بالي أن الحكومة الإندونيسية ستكون أقل من مسرورة باستضافتي ما طاب لي البقاء.){ص 261}.
بغض النظر عن عدم ترحيب الحكومية الإندونيسية بالمؤلفة!! إلا أنها وجدت الأمور الأخرى – من السكن وتبديل العملة – في غاية السهولة .. ومع كثير من الترحيب .. كان ذلك في (أبود) والتي تصفها (ليز) بقولها:
(74)
(كانت البلدة عبارة عن نسخة مصغرة لسانتافي،تتجول في أرجائها القرود والعائلات البالينية بأزيائها التقليدية. وكان ثمة مطعم جيد ومكتبات صغيرة جذابة. يمكنني قضاء كل وقتي هنا في أبود أقوم بما اعتادت المطلقات الأمريكيات اللطيفات على فعله منذ عقود،الانتساب إلى صف تلو الآخر ..){ص 264}.
بما أنني لا أعرف (سانتافي) فإن تصوري لـ(أبود) لم يكن بالوضوح الذي رغبت فيه الكاتبة .. في نفس الحكاية نجد حديثا عن الأسماء في .. (.. بالي أربعة أسماء يطلقها أغلب السكان على أطفالهم،بغض النظر عمّا إذا كانوا إناثا أم ذكورا. والأسماء هي واي – آن،مادي،نيومان،وكيتوت. ومعناها بكل بساطة الأول،الثاني،الثالث،الرابع،وتشير إلى ترتيب الطفل في العائلة. وفي حالة ولادة طفل خامس،يبدأون بدورة الأسماء من جديد،بحيث يعرف الطفل الخامس بشيء من هذا القبيل : "واي – آن الثاني" وهكذا دواليك.(..) من الممكن جدا،بل من الشائع،أن يتزوج شخصان يدعيان واي – آن بعضهما،ثم يطلقان على مولودهما الأول،بالطبع، اسم واي – آن.
وهذا ما يعطي إشارة بسيطة إلى مدى أهمية العائلة في بالي،ومدى أهمية مرتبتك فيها. وقد يبدو لك أن هذا النظام يصبح معقدا أحيانا،ولكن البالينيين يتدبرون أمرهم معه. ومن الطبيعي في هذه الحالة،لا بل من الضروري،أن تشيع الألقاب. على سبيل المثال،إحدى أبرز سيدات الأعمال في أبود هي امرأة تدعى واي _ آن وتملك مطعما هاما يدعى كافيه واي – آن،لذا فإنها معروفة باسم وي – آن كافيه،أي : واي – آن التي تملك كافيه واي – آن. وقد يطلق على شخص آخر لقب مادي السمين،أو نيومان لتأجير السيارات أو كيتوت الأحمق الذي أحرق منزل عمّه،أما صديقي الباليني الجديد ماريو فعالج المشكلة بتسمية نفسه ماريو وحسب.){ص 265}.
تكرار الأسماء لاشك أنه يذكرني بما يدانيه لدى بعض إخواننا الأفارقة - وتحديدا من جيراننا في (الحرة الشرقية) – والذي سمى أولاده – الذكور بطبيعة الحال – باسم واحد هو (محمد) ... ولكن : محمد الأول ... ومحمد الثاني ... وعولج الأمر بنفس الطريقة البالينية ... اختفى اسم (محمد) وبقي (أولّ) و(رابعُ) .. وهكذا.
هذا التشابه بين البشر .. يعيدنا إلى تشابه آخر .. فيبدو أن البشر هم البشر – طبعا المقصود "المرأة" هي "المرأة" – فمن بلاد غزاة القمر .. – نقلا عن "ماريو" - :
(أخذت مرة فتاة أمريكية مثلك إلى منزل كيتوت. أرادت الفتاة سحرا يجعلها أجمل في عيون الرجال. فرسم لها كيتوت رسما سحريا،لمساعدتها على أن تكون أكثر جمالا. وكنت أضايقها بعد ذلك وأقول لها كل يوم : "الرسم يعطي مفعوله! انظري كم أصبحت جميلة! الرسم يعطي مفعوله!"){ص 266}.
كان (ماريو) يؤكد لـ (بُقول) معرفته بعراف باليني،سبق لها أن قابلته في زيارة عمل قامت بها من قبل،وقد تنبأ لها ببعض الأمور،ومنها أنها سوف تعود إلى (بالي) .. وحين عثرت عليه :
(75)
(قلت : "لقد عدت! لقد عدت!"
"أنت،أنت،أنت!"
"أنا،أنا،أنا!"
كانت الدموع تملأ عينيّ ولكنني حاولت عدم إظهارها. كانت راحتي لا توصف.فقد فاجأني. وكأنني تعرضت لحادث سيارة،وانحرفت السيارة عن جسر وسقطت في قعر نهر وتمكنت بطريقة ما من الخروج من السيارة الغارقة بالسباحة عبر نافذة مفتوحة،ثم رحت أجاهد لبلوغ السطح عبر المياه الخضراء الباردة،وكنت على وشك الاختناق،شراييني تكاد تنفجر وخدايّ منتفخان بآخر نفس لي ثمّ – أخيرا! – شققت سطح الماء،ورحت أتنفس الهواء.ونجوت.ذلك النفس هو ما شعرت به حين سمعت العراف الإندونيسي يقول : "لقد عدتِ!" كانت راحتي بهذا القدر.){ص 270 - 271}.
أعتقد أن من يقرأ هذا التشبيه (الممتد) سيحتاج هو أيضا إلى أن يأخذ نفسا عميقا!!! ثم تحدثكم (ليز) عن الطريقة التي يعبر بها البالينيون عن اهتمام بعضهم ببعض :
(76)
(إن التقيت بغريب في الطريق وأنت تسير في بالي،فإن أول سؤال يطرحه عليك هو :"إلى أين أنت ذاهب؟" أما الثاني فسيكون : "من أين أنت آت؟" بالنسبة إلى الغربي،يبدو هذا استجوابا في غير محله من شخص غريب،ولكنه يحاول في الواقع تحديد اتجاهك،يحاول إدخالك في الشبكة لتشعر بالأمان والراحة. ولو أجبت بأنك لا تعلم إلى أين تذهب أو بأنك تتجول بلا هدف،قد تولد لدى صديقك الباليني الجديد شيئا من الأسى. ومن الأفضل بكثير اختيار اتجاه محدد – أيّ مكان – ليشعر الجميع بالاطمئنان.
السؤال الثالث : الذي سيطرحه عليك الباليني هو بالتأكيد : "هل أنت متزوج؟" والهدف من هذا السؤال هو أيضا تحديد الموقع والاتجاه. فمن الضروري بالنسبة إليه معرفة ذلك،للتأكد من أن حياتك منظمة تماما.وهو يود حقا أن تقول أجل. عندها،سيشعر براحة كبيرة لو قلت أجل.أما إن كنت عازبا،فمن الأفضل ألا تخبره بذلك على نحو مباشر. وأنصحك حقا ألا تذكر له أنك مطلق،إن كنت كذلك،وإلا سببت له القلق. فوحدتك تثبت له انفصالك الخطير عن الشبكة. فإن كنت امرأة عازبة مسافرة إلى بالي وسألك أحدهم : "هل أنت متزوجة؟" فإن أفضل إجابة هي : "ليس بعد". إنها طريقة مهذبة لقول كلا،مع الإشارة إلى نواياك التفاؤلية بشأن تصحيح هذا الوضع في أقرب فرصة.
حتى إن كنت بسن الثمانين أو كنت (..) أو مناصرة شديدة الحماسة للمساواة بين الجنسين أو راهبة،ولم يسبق لك الزواج قبلا ولا تنوين الزواج إطلاقا،يبقى الجواب الأكثر تهذيبا هو : "ليس بعدا".){ص 278 - 279}.
وتأكيدا لفكرة سابقة .. تقول المؤلفة في الحكاية التاسعة والسبعين :
(79)
(كلما غادرت الفندق،سألني ماريو والموظفون الآخرون على مكتب الاستقبال إلى أين أذهب،وكلما عدت،سألوني أين كنت. أتخيلهم يحتفظون بخرائط صغيرة في درج مكتبهم لجميع أحبائهم،مع علامات تشير إلى أين يذهب الجميع في كل وقت.){ص 286}.
في نفس الحكاية،تحدثنا الكاتبة عن جدولها اليومي ...
(أما بقية اليوم فأقضيه بأشكال متنوعة وغير مبالية.أتأمل لمدة ساعة كل صباح بتقنيات اليوغا التي علمتني إياها مرشدتي،ثم أتأمل لمدة ساعة كل مساء على طريقة كيتوت ("اجلسي ساكنة وابتسمي"). وبين هاتين الجلستين أتنزه سيرا على الأقدام،وأركب دراجتي،وأتحدث أحيانا مع الناس،وأتناول طعام الغداء. عثرت على مكتبة صغيرة تعير الكتب في تلك البلدة،فحصلت على بطاقة،وأصبحت أمضي الآن أجزاء كبيرة وممتعة من حياتي وأنا أقرأ في الحديقة. فبعد حدة الحياة في المعتزل،وحتى بعد فترة الانحطاط التي أمضيتها وأنا أجوب إيطاليا وآكل كل ما يقع عليه نظري،كانت هذه الفترة من حياتي جديدة وهادئة على نحو جذري. كان لديّ من الفراغ ما يمكن قياسه بالأطنان.){ص 286}.
لعلي لم أنقل هذا الجزء إلا لسبب واحد .. ووحيد .. هو (المكتبة)!!!!!!! وليتها (مكتبة) فقط !!! بل تعير (السائح)!!!!!!!!!! لا أدري هل تحالفت (إليزابث) مع (قوى الشر) – الصهيونية العالمية – لإغاظتي؟!!!!!!!!!!! هكذا ببساطة تحصل على بطاقة إعارة،وهي مجرد سائحة!!!!!!!
أعادتني هذه الحكاية إلى موقف قديم ... ربما أكثر من خمسة عشر عاما ... كنت حينها مدمنا على زيارة مكتبة الجامعة ... ولا أكتفي بالزيارة بل أستعير الكتب!! في إحدى تلك الزيارات،شاهدت رجلا (مسنا) يحاول أن يستعير كتبا .. وهو أكاديمي .. ولكن في جامعة أخرى – مجاورة،وليست في المريخ - ... فاعتذر له الموظف لأن (النظام) لا يسمح.
في الحكاية التالية،تتبين لنا (مضار) القراءة!!! فقد أسهمت الكتب التي استعارتها (ليز) من المكتبة إلى تغيير رأيها،أو على توسيع نظرتها إلى (بالي) .. أو معرفة تأريخها الدامي ...
(80)
(ينبغي عليّ الآن أن أكون صادقة وأقول أن الأمر استغرق مني ثلاثة أيام فقط من البحث في المكتبة المحلية لأدرك أن أفكاري الأساسية عن الفردوس البالينية كانت مضللة بعض الشيء. فقد كنت أخبر الناس منذ أن زرت بالي منذ عامين أن هذه الجزيرة الصغيرة هي المدنية الفاضلة الوحيدة في العالم،مكان لم يعرف سوى السلام والتناغم والتوازن باستمرار. إنه فردوس حقيقية لم يعرف تاريخها العنف أو الدماء أطلاقا. لا أعرف من أين أتيت بهذه الفكرة،ولكنني كنت أبرهنها{هكذا} بثقة تامة.
كنت أقول : "حتى ضباط الشرطة يضعون زهرة في شعرهم". وكاّن هذا الأمر يؤكد كلامي.
غير أنه تبين لي أن لبالي تاريخيا حافلة بالعنف والقمع شأنها شأن أيّ مكان عاش فيه الإنسان على هذا الكوكب. فحين هاجر ملوك جافا إليها في القرن السادس عشر،أسسوا فيها مستوطنة إقطاعية قامت على نظام طبقي صارم لم يقل في قلة اكتراثه بالسواد الأعظم من الناس عن غيره من الأنظمة الطبقية التي تحترم نفسها. وكان اقتصاد بالي في البداية قائما على تجارة الرقيق المربحة ( التي لم تسبق وحسب المشاركة الأوربية في تجارة الرقيق العالمية بعدة قرون،بل استمرت بعدها بفترة طويلة). في الداخل عرفت الجزيرة حروبا مستمرة بين الملوك المتنافسين الذين كانوا يقومون بهجمات متقطعة على جيرانهم مع خطف وقتل جماعي.وحتى القرن التاسع،كان البالينيون معروفين بين التجار والبحارة بأنهم مقاتلون وحشيّون.(..) فقد تمكن البالينيون بجيش منظم بلغ عدده 30 ألفا من هزيمة الغزاة الألمان عام 1848،ومرة ثانية عام 1849،وثالثة عام 1950. ولم يسقطوا تحت السيطرة الألمانية إلا حين انشق صف ملوك بالي وخانوا بعضهم تنافسا على السلطة،ووقفوا في صف العدو مقابل وعود بصفقات مربحة لاحقا. وبالتالي فإن تحويل تاريخ الجزيرة إلى فردوس هو أمر مهين للحقيقة،فهؤلاء الأشخاص لم يقضوا الألفية الماضية وهم يجلسون مبتسمين وينشدون أغنيات سعيدة.
لكن في عشرينات وثلاثينات القرن الماضي،حين اكتشفت بالي مجموعة من المسافرين،ينتمون إلى صفوة المجتمع الغربي،تمّ تجاهل كل هذا التاريخ الدموي حين اتفق القادمون على أن هذا المكان هو فعلا جزيرة جميع من فيها فنانون وتعيش فيها الإنسانية في نعيم مقيم. وعاش هذا الحلم طويلا،وظل يؤيده معظم زوار بالي (بما فيهم أنا في زيارتي الأولى). فقد قال المصور الألماني جورج كراوز بعد زيارته بالي في الثلاثينات: "أنا غاضب لأنني لم أولد بالينيا". وسقط بعض مشاهير السياح تحت إغراء ما قيل عن الجمال الخلاب والهدوء اللذين تتمتع بهما بالي،فبدأوا يقصدون الجزيرة (..) انتهت تلك المرحلة في الأربعينات حين خاض العالم الحرب. فاجتاح اليابانيون إندونيسيا واضطر المغتربون إلى مغادرة نعيم الجنة البالينية. وخلال النضال في سبيل الاستقلال الإندونيسي الذي أعقب الحرب،عرفت بالي الانقسام والعنف شأنها شأن بقية أنحاء الأرخبيل،وبحلول الخمسينات ( بحسب دراسة بعنوان : بالي : فردوس مبتكرة) لو تجرأ أحد الغربيين على زيارة بالي،فإنه لا ينام من دون مسدس تحت وسادته. وفي الستينات حول الصراع على السلطة إندونيسيا بأكملها إلى ساحة حرب بين القوميين والشيوعيين. وبعد محاولة انقلاب جاكرتا عام 1956،تم إرسال جنود قوميين إلى بالي مع لائحة بأسماء جميع الشيوعيين المشتبه بهم على الجزيرة.(..) وبانتهاء مهمتها،غصت أنهار بالي الجميلة بما يقارب 100 ألف جثة.
في أواخر الستينات،عاد حلم الفردوس إلى الحياة،حين قررت الحكومة الإندونيسية إعادة ابتكار بالي في سوق السياحة الدولية وأطلقت حملة تسويق ضخمة وناجحة. والسياح الذين أغرتهم بالي مجددا كانوا من المثقفين الذين جذبهم الجمال الفني المتأصل في الثقافة البالينية. أما صفحات التاريخ السوداء فتم إغفالها،وظلت مهملة منذ ذلك الحين.
هذه الحقائق التي اكتشفتها خلال الساعات التي كنت أمضيها أقرأ في المكتبة المحلية سببت لي الإرباك. ما الذي أتى بي إلى بالي؟ سعيي إلى التوازن بين اللذة الدنيوية والتعبد الروحاني،صحيح؟ هل أنا في المكان المناسب لهذا البحث؟ هل يعيش البالينيون فعلا هذا التوازن،والسكينة أكثر من بقية أهل الأرض؟ أعني أنهم يبدون متوازنين مع كل الرقص والاحتفالات والجمال والابتسام،ولكنني لا أعرف ما الذي يجري فعلا خلف كل هذا. رجال الشرطة يضعون فعلا أزهارا خلف آذانهم،ولكن الفساد يعم أرجاء بالي،كما هو الحال في مختلف أنحاء إندونيسيا (كما تبين لي شخصيا في اليوم الفائت حيت دسست لرجل يرتدي بزة رسمية بضع مئات من الدولارات ليمدد لي تأشيرتي وأتمكن من البقاء في بالي أربعة أشهر). الباليون أوفياء للصورة التي تجعل منهم شعبا مسالما ومتعبدا وبارعا في التعبير الفني أكثر من أيّ شعوب العالم،ولكن كم من هذه الصفات حقيقي وكم منها محسوب اقتصاديا؟(..) ما أنا أكيدة منه الآن هو أنني أحب المنزل الذي استأجرته وأن الناس في بالي كانوا لطفاء معي من دون استثناء. أجد فنهم وطقوسهم جميلة مجدّدة،وهذا ما يظنونه هم أيضا على ما يبدو. هذه هي تجربتي في مكان أكثر تعقيدا مما ظننت. ولكن مهما احتاج البالينيون إلى فعله ليحافظوا على توازنهم ويكسبوا قوتهم،فإن الأمر من شانهم وحدهم. أنا هنا للعمل على توازني وحسب،ولا يزال هذا المكان يبدو لي،حتى الآن على الأقل،مناخا مناسبا لذلك.){ص 288 - 292}.
نحن أيضا لا يعنينا تأريخ الباليين. لذلك سوف نتقل إلى الحكاية الحادية والثمانيين،لنرى صبر (البالينيين)،وصبر (عراف ليز) على علاج مرضاه .. وأطفال (بالي) .. وعلاقة الأسنان بالسفر بالطائرة!! :
(81)
(.. كان الصبر هو المزاج السائد في باحة كيتوت دوما. إذ ينبغي على البعض الانتظار لثلاث ساعات قبل أن يجد كيتوت الوقت لهم،ولكنّ أحدا منهم لا ينقر الأرض بقدمه أو ينظر إلى الأعلى تذمرا. والأعجب من ذلك أيضا،الطريقة التي ينتظر بها الأطفال،متكئين على صدور أمهاتهن{هكذا} الجميلات،يلعبون بأصابعهم لتمضية الوقت. وقد فوجئت لاحقا حين اكتشفت بأنه تم إحضار هؤلاء الأطفال الهادئين لأنهم برأي أهلهم سيئو السلوك ويحتاجون إلى علاج. تلك الفتاة الصغيرة؟ تلك الطفلة ذات الأعوام الثلاثة التي كانت جالسة بصمت في الشمس لأربع ساعات متواصلة،من دون تذمر أو طعام أو لعبة؟ هي سيئة السلوك؟ تمنيت لو أمكنني أن أقول لهم : "أيها الناس،تعالوا إلى أمريكا لتروا سوء السلوك على حقيقته. تعالوا لأريكم بعض الأطفال الذين سيدفعونكم للجنون". ولكن مقاييس السلوك الحسن مختلفة هنا بالنسبة إلى الأطفال.
عالج كيتوت جميع المرضى بلطف،من دون الاهتمام بمرور الوقت،وأعطى لكل فرد الاهتمام الذي يحتاج إليه بغض النظر عمن يكون المريض التالي. وكثرة انشغاله حالت دون تناول حتى وجبته الوحيدة في وقت الغداء،بل ظل مستمّرا على شرفته،ملتزما باحترامه لأسلافه،وجلس هناك لساعات متواصلة لمعالجة الجميع. بحلول المساء،بدت عيناه كعيني جرّاح في ساحة حرب أهلية.(..) قلت له : "ربما أمكنك المجيء لزيارتي في أمريكا يوما ما،كيتوت".
هزّ رأسه نافيا ومستسلما بمرح لقدره : "لا يمكنني يا ليز. لا أملك ما يكفي من الأسنان للسفر بالطائرة".){ص 297 - 298}.
يبدو أن (بُقول) تدور،وتدور،لتعود إلى الحديث عن الطلاق ... ومعاناة النساء معه ... فهاهي المؤلفة تتعرف على سيدة بالينية .. مطلقة .. بعد أن عالجتها من آثر حادث سير حصل لها وهي تقود دراجتها النارية ... ثم بدأت (وايان نور ياسي) – وهذا اسم الطبيبة – تحكي قصتها مع زوجها،وهي تضمد الجرح :
(86)
(ضربني بقوة إلى أن فقدت وعيي وشعرت بالدوار لم أعد أرى. أعتقد أنني محظوظة لأنني معالجة،ورثتها عن عائلتي،لأنني أعرف كيف أعالج نفسي بعد أن يضربني. لو لم أكن معالجة لخسرت أذني،أعني أن أتمكن من سماع الأصوات. أو ربما خسرت عيني،توقفت عن الرؤية". أخبرتني أنها تركته بعد أن ضربها بعنف شديد إلى أن خسرت طفلي،أبني الثاني الذي كان في بطني. بعد تلك الحادثة قالت لها ابنتها الأولى،وهي فتاة صغيرة ذكية يلقّبونها توتّي : "أعتقد أنه عليك الحصول على الطلاق،ماما. فكلما ذهبت إلى المستشفى تتركين كثيرا من العمل في البيت لتوتّي".
كانت توتّي في الرابعة من عمرها حين قالت ذلك.
الخروج من الزواج في بالي يترك المرء وحيدا ومفتقدا للحماية بوسائل يستحيل على الإنسان الغربي تخيلها. فالعائلة البالينية،المطوقة ضمن أسوار مجمع العائلة،هي كل شيء. (..) كان خيارها إما البقاء في أمان مجمع العائلة،مع زوجها الذي يرسلها باستمرار إلى المستشفى،أو إنقاذ حياتها و الرحيل،ما يعني خسارة كل شيء.
لم تخسر وايان كل شيء بالضبط. فقد أخذت معها موسوعة علاجية،طيبتها،أخلاق عملها وابنتها توتّي،التي حاربت ببسالة للاحتفاظ بها. فمجتمع بالي أبوي حتى العظم. وفي حالات الطلاق النادرة،يبقى الأبناء مع أبيهم دائما. وللحصول على حضانة توتّي،اضطرت وايان إلى توكيل محامي دفعت له كل ما لديها. أعني كل شيء. لم تبع أثاثها ومجوهراتها وحسب،بل ملاعقها وسكاكينها،جواربها وأحذيتها،مناشفها القديمة وشموعها نصف المحترقة،كل شيء ذهب لتسديد أجر ذلك المحامي. ولكنها استعادت ابنتها. ووايان محظوظة لأن توتّي فتاة. ولو كانت صبيا،ما كان لها لتراها مجددا. فالذكور أكثر أهمية بكثير في بالي.){ص314 - 316}.
دون أن نجرح أخواتنا اللائي عانين من الحصول على الطلاق ... لابد أن نتذكر بساطة الأمور في الإسلام. وأتذكر أن مصر كانت تسعى لسن قوانين تجعل الطلاق لا يقع إلا أمام القاضي .. أي استنساخ التجربة الغربية،حتى في الطلاق!!! كل الذي أذكره (شريطا)،حول الموضوع للشيخ عبد الحميد كشك،رحم الله والديّ ورحمه.
إلى اللقاء في الحلقة القادمة ... إذا أذن الله.
س/ محمود المختار الشنقيطي – المدينة المنورة
س : سفير في بلاط سيدي الكتاب.

 

التوقيع

 

أقول دائما : ((إنما تقوم الحضارات على تدافع الأفكار - مع حفظ مقام"ثوابت الدين" - ففكرة تبين صحة أختها،أو تبين خللا بها .. لا يلغيها ... أو تبين "الفكرة "عوار"الفكرة"))

 
 
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27-11-2012, 03:01 PM
سمو الرووح سمو الرووح غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 31,712
معدل تقييم المستوى: 49
سمو الرووح is on a distinguished road
رد: طعام صلاة حب :امرأة تبحث عن كل شيء "خلطة كتب"(9)

هــل مره حابه اقراء بجد بس توي الحين جايه من الدواااااام شوف الواحد 120 مبالغ فيه صح

دايخه بس ان شاء الله لي رجعه للقراء كل الشكر والتقدير والاحترام لشخصك الكريم
أخي القدير / محمود المختاار الشنقيطي .

 

التوقيع

 


تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها
كلنا تميم المجد
 
 
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27-11-2012, 08:28 PM
محمود المختار الشنقيطي محمود المختار الشنقيطي غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2012
المشاركات: 968
معدل تقييم المستوى: 12
محمود المختار الشنقيطي is on a distinguished road
رد: طعام صلاة حب :امرأة تبحث عن كل شيء "خلطة كتب"(9)

السلام عليكم أختي (سمو الروح) .. 120؟!! قد يكون مبالغ فيه .. قليلا!!
حفظك الله .. دمت بخير.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28-11-2012, 02:28 AM
غصون غصون غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 2,151
معدل تقييم المستوى: 17
غصون is on a distinguished road
رد: طعام صلاة حب :امرأة تبحث عن كل شيء "خلطة كتب"(9)

شكرررا لك




ابدعت في ماطرحت

 

التوقيع

 




ما اعرف اواقع
بس اعرف ابصم
فاتمنى ان تكون
بصماتي واضحه
 
 
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 28-11-2012, 11:15 AM
محمود المختار الشنقيطي محمود المختار الشنقيطي غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2012
المشاركات: 968
معدل تقييم المستوى: 12
محمود المختار الشنقيطي is on a distinguished road
رد: طعام صلاة حب :امرأة تبحث عن كل شيء "خلطة كتب"(9)

السلام عليكم .. أختي الكريمة (غصون) .. ألف شكر ..تقبلي خالص تحياتي.
دمت بخير.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 29-11-2012, 12:07 AM
سمو الرووح سمو الرووح غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 31,712
معدل تقييم المستوى: 49
سمو الرووح is on a distinguished road
رد: طعام صلاة حب :امرأة تبحث عن كل شيء "خلطة كتب"(9)

موضوع في غاية الررروعة صراحة استمتعت بقراءته

كل الشكر والتقدير والاحترام لشخصك الكريم / محمود المختاار الشنقيطي ولاهنت.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 29-11-2012, 04:08 PM
محمود المختار الشنقيطي محمود المختار الشنقيطي غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2012
المشاركات: 968
معدل تقييم المستوى: 12
محمود المختار الشنقيطي is on a distinguished road
رد: طعام صلاة حب :امرأة تبحث عن كل شيء "خلطة كتب"(9)

السلام عليكم .. أختي الفاضلة (سمو الروح) .. تقبلي خالص تحياتي واحترامي.
دمت بخير.

رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
طعام صلاة حب : امرأة تبحث عن كل شيء (8) محمود المختار الشنقيطي المجلس العــــــام 6 28-11-2012 11:14 AM
طعام ... صلاة ... حُب : امرأة تبحث عن كل شيء"7" محمود المختار الشنقيطي المجلس العــــــام 2 26-11-2012 09:28 AM
طعام ... صلاة ... حُب : امرأة تبحث عن كل شيء"4" محمود المختار الشنقيطي المجلس العــــــام 4 24-11-2012 08:37 AM
طعام ... صلاة ... حُب : امرأة تبحث عن كل شيء"5" محمود المختار الشنقيطي المجلس العــــــام 2 24-11-2012 08:30 AM
طعام صلاة حب .. امرأة تبحث عن كل شيء (3) محمود المختار الشنقيطي المجلس العــــــام 2 15-11-2012 11:05 AM

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 01:31 AM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع