الحمدلله .. والصلاة والسلام على رسول الله .. اما بعد ..
فان النصوص التي جاءت في فضل يوم الجمعة وصلاة الجمعة كثيرة .. ولكني هنا اذكر حديثا" واحدا" قال عنه اهل العلم انه من اعظم ماجاء به الخبر من ذكر ثواب عمل ما .. ولا أحد يعلم مقدار عظم فضل الله جل وعلا .. وهو سبحانه وتعالى يعطي الكثير على القليل .. وهو أكرم الأكرمين سبحانه وتعالى .
ففي الحديث الذي رواه اهل السنن الأربعة واحمد وابن حبان والحاكم وصححه العلامة الألباني .. عن أوس بن أوس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(من غسل يوم الجمعة واغتسل , ثم بكر وابتكر , ومشى ولم يركب , ودنا من الامام , واستمع , وأنصت , ولم يلغ , كان له بكل خطوة يخطوها من بيته الى المسجد , عمل سنة , أجر صيامها وقيامها)
الله اكبر .. تأمل !! كل خطوة تخطوها الى صلاة الجمعة تعدل صيام سنة وقيامها !! ان غسلت واغتسلت .. وبكرت .. ومشيت ولم تركب .. ودنوت من الامام وأنصت ولم تلغ .. كان لك ذلك كله ياعبدالله .. فلا اله الا الله .. ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) .
أين المتنافسون في الخيرات ؟؟
أين المتعرضون لتلك النفحات ؟؟
أين المحافظون المبكرون الى الصلوات ؟؟
ما الذي يؤخرهم ؟؟
أزهدوا فيما عند الله ؟؟!!
ام انه الكسل والدعة والتفريط .. والتمني من غير عمل ؟؟ فتعسوا وخابوا اذا" .
ثبت عن بعض الصحابة رضي الله عنهم انه كان يقصر خطواته وهو يمشي الى المسجد لصلاة الجمعة حتى تكثر وينال مزيدا" من الأجر !!
اخواني .. هذه تذكرة اردت ان انبه فيها على عظم فضل صلاة الجمعة من خلال هذا الحديث الشريف .. لأننا نرى كثيرا" من الناس اليوم شباب وكبار سن لا يأتون لصلاة الجمعة الا متأخرين .. وربما لم يغتسلوا غسل الجمعة او يلبسوا ثياب نظيفة لها .. مضيعين على أنفسهم أجور عظيمة فيما لو بكروا بالحضور قليلا" الى الصلاة بعد ان يغتسلوا ويلبسوا من الثياب النظيفة ويتطيبوا .. ويأتون مشيا" ان تيسر لهم .. فيدنون من الامام وينصتون ولا يلغون بكثرة الحركة او بالكلام .. هداهم الله .
قال صلى الله عليه وسلم : (ان يوم الجمعة سيد الأيام , وأعظمها عند الله , وهو أعظم عند الله من يوم الأضحى ويوم الفطر)|رواه احمد وبن ماجة وهو في صحيح الترغيب| .
وللأسف هناك من المسلمين من يتعمد في هذا اليوم العظيم ارتكاب بعض المعاصي .. كمن اعتادوا حلق لحاهم يوم او ليلة الجمعة ظنا" منهم ان هذا من تمام الزينة والكمال .. بل ربما ظنوا انهم بهذا العمل يتقربون الى الله .. وكذلك ما اعتاده كثير من المسلمين من تخصيص ليلة الجمعة لأقامة افراحهم وحفلاتهم وما يحدث فيها من منكرات من غناء ومزامير وتبرج نساء وسهر على لهو محرم .. حتى ربما ناموا متأخرين بسبب هذا السهر فتفوتهم صلاة الفجر .. فيكونون قد بدأوا هذا اليوم العظيم بكبيرة من الكبائر .. ومضيعين على انفسهم فضل صلاة فجر يوم الجمعة في جماعة .. يقول صلى الله عليه وسلم : (أفضل الصلاة عند الله , صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة)|رواه البيهقي وهو في السلسلة الصحيحة| .. ناهيك عمن اعتادوا ترك صلاة الجمعة نفسها .. يقول صلى الله عليه وسلم : (من ترك ثلاث جمع , تهاونا" بها , طبع على قلبه)|رواه الأربعة واحمد والحاكم وصححه الألباني| .. ويقول ايضا" : (من ترك ثلاث جمعات , من غير عذر , كتب من المنافقين)|رواه الطبراني وصححه الألباني| .
والكلام يطول في فضائل هذا اليوم العظيم .. كما يطول أيضا في الحديث عن المخالفات التي يقع فيها كثير من المسلمين .. سواء في هذا اليوم أو في غيره والله المستعان .
واخيرا" أود أن أذكر الأخوة بأمرين أثنين متعلقين بيوم الجمعة .. الأول .. اذكرهم بسنة مستحبة مهجورة تتعلق بيوم وليلة الجمعة.. وما أكثر السنن المهجورة في هذه الأزمان .. بل ان شئت قلت : ما أكثر الواجبات والفرائض المهجورة في هذه الأزمان !! اما هذه السنة فهي الأكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة ويوم الجمعة .. والصلاة على النبي مستحبة في كل وقت .. وهي من الأذكار التي يتقرب بها العبد لله عز وجل .. لكن يستحب الأكثار منها يوم وليلة الجمعة لقوله صلى الله عليه وسلم : (أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة )|رواه البيهقي وهو في صحيح الجامع| .. الثاني .. أذكر بأن في يوم الجمعة ساعة يستجاب فيها الدعاء .. والله يستجيب الدعاء في كل وقت .. لكن هناك أوقات وردت بخصوصها بأنها أوقات أجابة .. كالساعة التي في يوم الجمعة .. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (ان في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئا" الا أعطاه اياه , وقال بيده يقللها)|متفق عليه| .. قال الامام أبن القيم في الزاد : وفي تعيين هذه الساعة قولان تضمنتها الأحاديث الثابتة .. الأول : أنها من جلوس الامام الى انقضاء الصلاة لحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (هي مابين أن يجلس الامام الى أن تقضى الصلاة)|رواه مسلم| .. والقول الثاني : أنها بعد صلاة العصر وهذا أرجح القولين .. انتهى كلام أبن القيم رحمه الله .
ومع هذا فان لقبول الدعاء موانع ينبغي للمسلم ان يجتنبها حتى يكون مستجاب الدعاء باذن الله جل وعلا .. كفساد المعتقد والابتداع وأكل الحرام والاصرار على الذنوب والمعاصي واللهو والغفلة .
اسأل الله ان يصلح أحوال المسلمين .. وان يجعلنا هداة مهتدين .. غير ضالين ولا مضلين ..
وآخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين ..
والسلام .