مجالس العجمان الرسمي


مجلس الدراسات والبحوث العلمية يعنى بالدراسات والبحوث العلمية وفي جميع التخصصات النظرية والتطبيقية.

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #11  
قديم 18-10-2007, 08:46 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road
رد: دراسات في القيم

الاستعمار الجديد قائم على اساس صراع القيم وليس المصالح



قال مفكر مغربي بارز يوم الخميس انه يعتبر ان الصراع الحقيقي بين الدول قائم اساسا على القيم وليس على الدفاع عن مصالح اقتصادية وهو ما اسماه "الاستعمار الحقيقي الجديد."

وقال العالم الاقتصادي والسياسي المغربي المهدي المنجرة في حوار مع رويترز "الناس لا تذهب الى الحروب من اجل مصالح اقتصادية وانما من اجل القيم التي يريدونها ان تهمين على العالم."

وفي هذا الصدد فان "الحرب التي خاضتها مثلا الولايات المتحدة الامريكية على العراق هي دفاع عن القيم الامريكية التي يريدونها ان تسيطر على العالم."

واضاف المنجرة "الجنوب له قيمه والشمال له قيمه ايضا وهذه الهيمنة على القيم هي الاستعمار الحقيقي الجديد."

وقال ان "الشعوب تعيش فجوة لما تشعر ان قيمها لم تحترم وان العلاقة العاطفية بين مجتمعاتها وحضاراتها تنفصل مما يضطرها الى ان ترتمي في احضان قيم اخرى .. هذا هو الاستيلاب."

واضاف في هذا الصدد "حوار شمال جنوب غير ممكن لان الشمال لا يمكن ان يقبل بقيم اخرى غير قيمه .. وجورج بوش الاب عندما اعلن الحرب على العراق سنة 1991 قال لا اقبل ان يكون هناك احد يغير حياتنا وقيمنا."

وشغل المنجرة (72 عاما) عدة مناصب مهمة داخل وخارج المغرب منها تعيينه مستشارا لاول بعثة مغربية لدى الامم المتحدة وتوليه عدة مهام في منظمة التربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) لمدة خمس سنوات اضافة الى شغل منصب مدير عام للاذاعة والتلفزة المغربية.

وقام المنجرة ايضا بتدريس العلوم الاقتصادية والسياسية في جامعة محمد الخامس بالرباط. وله اكثر من 80 اصدار كلها بحوث اكاديمة ومؤلفات في العلوم والاقتصاد والسياسة.

وعرف عن المنجرة رفضه لتولي المسؤوليات في المغرب.

وقال "رفضت المسؤولية لانني واع بمسؤوليتي ليس ضروري ان اكون وزيرا لكي اتحرك انا اتحرك وكتبي تقرأ."

وقال "هذه المسؤولية ممنوحة .. الناس تفسر المسؤولية بكرسي داخل ادارة .. لا .. كل مواطن له مسؤوليته الخاصة داخل نفسه يدافع عليها بطريقته انا طريقتي ميدانية واتحرك دوليا في ميدان الفكر."

ويلقي المنجرة العديد من المحاضرات سنويا في اليابان بصفة خاصة والولايات المتحدة وبعض الدول الاوربية. لكنه يتهم السلطات المغربية بمنع محاضراته داخل المغرب بينما تنفي السلطات ذلك.

وقال انه منع للمرة السادسة من القاء محاضراته داخل المغرب مشيرا الى ان اخرها كان في مدينة تطوان شمال المغرب في يونيو حزيران الماضي.

واستقطب المنجرة في موقعه على الانترنت تعاطف نخبة من المثقفين المغاربة والفنانين والحقوقيين كما تلقى رسائل من اكاديميين وباحثين من مختلف دول العالم يدعونه لالقاء محاضرته في دولهم وجهات عملهم.

وقال انه كان ينوي القاء محاضرة عن "الديمقراطية وحقوق الانسان في المغرب."

ويفاخر المغرب بانه فتح صفحة جديدة في ملف حقوق الانسان وبانه "طوى صفحة الماضي" التي شهدت انتهاكات جسيمة في هذا المجال واسس هيئة رسمية لهذ الغرض كما يعمل على نشر ثقافة حقوق الانسان.

وحصلت رويترز على نسخة من بيان اصدرته الجمعية المغربية لحقوق الانسان المستقلة تدين "فيه استمرار مضايقة الدكتور المهدي المنجرة."

وطالبت الجمعية "السلطات بالوقف العاجل لهذه التعسفات والمضايقات وفتح تحقيق عال عن هذه التجاوزات."

وقال المنجرة لرويترز "الذي حصل في المغرب هو تغيير سطحي ..مكياج.. لكن الوجه هو الوجه."

واضاف "هذه ليست ديمقراطية انها ..ذل قراطية.. يجب فسح المجال للشعب ليقول كلمته فالدستور ممنوح ولا يمكن ان اقبل بالاشياء الممنوحة."

وقال "اين الديمقراطية اذا لم تكن تاخذ بعين الاعتبار الفجوة بين الحكام والشعب المتضرر يوما بعد يوم .. هذا يهيئ لانفجار سلبي سنؤدي عليه الثمن وكلما تاخر الوعي بهذه القضية كلما سيرتفع الثمن هذا هو تاريخ الانسانية وتاريخ المجتمعات."

واضاف "عدم الوعي هو الخطر الاكبر."

وقال المنجرة انه قبل 45 عاما ابان عهد الملك الراحل محمد الخامس جد العاهل المغربي الحالي الملك محمد السادس استدعي ضمن خمسة اشخاص شغل ثلاثة منهم حقائب وزارية في تاريخ المغرب "وطلب منا الملك ان نحرر دستورا .. لكنني انسحبت من الاجتماع لانني لا اومن بالدستور الممنوح يجب ان يكون هناك مؤتمر تاسيسي منتخب من طرف الشعب."

"هذا الكلام الذي قلته منذ اكثر من اربعين سنة لم يتغير."

والمنجرة من ابرز المحللين في الاقتصادات المستقبلية في العالم العربي اذ شغل منصب رئيس الاتحاد العالمي للدراسات المستقبلية.

وتحقق كتب المنجرة اعلى المبيعات في المغرب اذ تصل الى اكثر من اربعة الاف نسخة للطبعة الواحدة بينما لا يتجاوز عدد المبيعات بالنسبة لبقية الكتب في المتوسط وفقا لرصد المتابعين هذا المجال 1500 نسخة او الفي نسخة باستثناء الكاتب المغربي الشهير محمد شكري الذي وصل عدد النسخ المباعة من روايته "الخبز الحافي" الى عشرة الاف نسخة.

شبكة النبأ المعلوماتية - الاحد 31/ تموز/2005 - 23/ جمادى الأولى/1426

 

التوقيع

 



من كتاباتي
صرخاااات قلم (( عندما تنزف ريشة القلم دما ))
قلم معطل وقلم مكسوووور
عندما ’تطرد من قلوب الناس !!!!!!(وتدفن في مقبرة ذاتك)
دعاة محترفون لا دعاة هواه ( 1)
الداعية المحترف واللاعب المحترف لا سواء(2)
نعم دعاة محترفين لا دعاة هواة!!!! (( 3 ))
خواطر وجها لوجه
همسة صاااااااااااارخه
خواطر غير مألوفه
اليوم يوم الملحمه ...
على جماجم الرجال ننال السؤدد والعزه
عالم ذره يعبد بقره !!!
معذرة يا رسول الله فقد تأخر قلمي
دمعة مجاهد ودم شهيد !!!!!!
انااااااااا سارق !!!!
انفلونزا العقووووووووول
مكيجة الذات
الجماهير الغبيه
شمووووخ إمرأه

 
 
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 18-10-2007, 08:50 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road
رد: دراسات في القيم

سلوكيات الطفل / المنظومة القيمية
الرجوع إلى: سلوكيات الطفل

إن التصرفات وردود الأفعال صادرة عن مجموعة من القيم متراكمة لدينا عبر مراحل العمر في صورة نسق قيمي أو منظومة قيمية، وكل مرحلة عمرية لها منظومة قيمية تختلف عن منظومة مرحلة أخرى .

وهذا الاختلاف لا يعني المغايرة التامة ولكنه يعني ظهور قيم وتنحي أخرى أو تقديم قيم عن قيم وهذا ما توصلت إليه الدراسة المسحية التي أجراها الدكتور ( عبد اللطيف خليفة – عالم المعرفة ) حيث أتضح أن البناء القيمي لدى الأطفال في مرحلة الطفولة المتأخرة اقل عددا ونوعا من البناء القيمي لدى أطفال مرحلة المراهقة المبكرة وذلك على النحو التالي :

أولا : البناء القيمي لدى أطفال مرحلة الطفولة المتأخرة يتضمن القيم الآتية :
1- الدين

2- الصدق

3- الأمانة

4- الإتقان

5- الحياة الأسرية وبر الوالدين .

ثانيا : البناء القيمي لدى أطفال مرحلة المراهقة المبكرة يتضمن القيم الآتية :
1- الدين

2- الصدق

3- الأمانة

4- الإتقان

5- الحياة الأسرية وبر الوالدين

6- الصداقة

7- المسئولية

8- المساواة

9- الاعتراف الاجتماعي

10- التعاون

11- الحياء

12- الاستقلال

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 18-10-2007, 08:53 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road
رد: دراسات في القيم


سلوكيات الطفل / غرس القيم
الرجوع إلى: سلوكيات الطفل

عنوان يبدو للمرة الأولى انه يشير إلى مهمة سهلة، ولكن الأمر ليس كذلك بل إن طبيعة عملية الغرس والإكساب وما تثمره من صفات ومظاهر تجعلنا ندقق النظر في أبعاد عملية غرس القيم أو عملية إكساب القيم، وبمراجعة دراسات التخصصين وأقوالهم ( المتاحة ) نجد أنها تصف عملية غرس القيم بأنها ( العملية التي يتبنى من خلالها الفرد مجموعة من القيم لم يكن يتبناها قبل ذلك ) على حد قول ( ريشر ) أو هي عملية إدماج نسق القيم في ذوات الأفراد .

خصائص عملية غرس القيم :
أنها عملية اجتماعية نفسية متداخلة .
أنها تعتمد على التفاعل بين الفرد والمجتمع .
أنها تعتمد على القصد بأكثر من اعتمادها على العفوية .
لا تتم إلا من خلال مربين .
خلاصة ذلك :

من عملية غرس القيم تعتمد على الفرد وقدراته وموروثاته الثقافية والعقائدية وتتأثر بظروف التنشئة الاجتماعية .

العوامل المؤثرة في عملية غرس القيم : !!
عملية غرس القيم تشبه عملية الزراعة تماما . فالزراعة المثمرة المباركة تتأثر بنوع البذرة ( نوع القيمة ) والأرض الخصبة العليبة ( الفرد حامل القيمة ) والموسم المناسب لنوع البذرة ( السن المناسب ) ومهارة الفلاح ( حصافة المربي ) وجودة الأساليب الزراعية ( مناسبة الأساليب التربوية للحال ) واستخدام آلات زراعية حديثة ( وسائل غرس القيم ) .

والأرض الخصبة إن لم تزرع وإن لم يتوفر لها ما ذكر أتتها الرياح اللوافح فتثمر نباتا مجهولا !!! متناثرا يظلل في الأرض يأكل خيرها ( خصوبتها ) أو تأكله البهائم أو ييبس فتذروه الرياح .

وكذلك الابن في مقتبل عمره أن لم يجد مربيا حصيفا وقيما سامية وأساليب تربوية ووسائل مناسبة في الوقت المناسب تنازعته الأهواء وقتله الفراغ .

ولكن ما العوامل التي تؤثر في عملية غرس القيم ؟

تتأثر عملية غرس القيم بعدة عوامل يمكننا تصنيفها على النحو التالي :

عوامل تتعلق بالقيم ذاتها .
عوامل تتعلق بالفرد وقدرته .
عوامل تتعلق بالمجتمع ومؤسساته .
عوامل تتعلق بأساليب غرس القيم .
عوامل تتعلق بوسائل غرس القيم .
أولا : العوامل التي تتعلق بالقيمة ذاتها :
فالقيم السامية الرفيعة تحتاج إلى مرب حصيف خبير، يعين القيمة ويعدها للبذر ويصفها ( يبذرها ) أي يغرسها غرسا وينميها ويزكيها ويورثها، فإذا مات بقيت القيمة وازدهرت أما القيمة الوضيعة المتناثرة والمتطايرة فلا تحتاج إلا لمذيع أو مروج أو ربح ينقلها أو ماء يذيبها فلا ينتفع بها أحد لوضاعتها وهوانها قال تعالى : " فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال " .

ثانيا : ما يتعلق بالفرد وقدراته ( محل القيم ) :
يتفاعل الفرد مع القيم إلى حد الاندماج معها حتى تعرف القيمة به ويعرف هو بهذه القيمة ولكن :

هل طبيعة الفرد وتكوينه وسنه تعتبر عوامل مؤثرة في عملية غرس القيم وإكسابها ؟

لقد ناقشت دراسات المتخصصين ( مثل شيفر وديوكس ) مثل هذا السؤال وانتهت إلى وجود علاقة بين القيم والقدرات وبين الفرد ودوافعه .

وإذا عدنا إلى المثال السابق الذي تخيلنا فيه الفرد أو النفس البشرية كأنها ارض خصبة تنبت فيها القيمة وتؤتي ثمارها .. وكما أن الأرض أنواع والخصوبة درجات فإن النفوس كذلك أنواع ويحسب قدرة النفس وإمكاناتها تنضج القيمة وتثمر وهكذا .

بل أن البعض ذهب إلى أن الخصائص الجسمية ( كالطول والوزن والحجم .. الخ ) لها علاقة بالتوجهات القيمية للأفراد وأكثر من ذلك .. فإن السلوك البشري، عامة يرتبط بالمخ ووظائفه وتحديدا يرتبط بمراكز تكوين المفاهيم ومراكز الذاكرة والتوجيه والكلام وكذلك العمليات المعرفية التي تعد أساس البناء القيمي للفرد، ومن ثم فإن مراحل ظهور القدرات ونضجها تؤثر في عملية غرس القيم أو إكسابها فالسن والقدرات والتعليم والوراثة وسلامة الحواس كلها عوامل تؤثر في غرس القيم .

بمعنى أن إصابة فصوص معينة في مخ الإنسان تؤدي إلى خلل في الانتباه أو في التفكير أو غيرها وتؤثر بالتالي على عملية غرس االقيم إن لم تعقها، وكذلك سن الفرد وارتباط هذا السن بالنضج وعلاقة النضج بعملية غرس القيم، وهذا ما أوضحته أبحاث ( جان بياجيه ) حيث قسم مراحل نمو الأطفال إلى أربع مراحل وأسماها أنظمة متناسقة للتفكير وتشمل :

المرحلة الحسية الحركية :

( 1 ) المرحلة الحسية الحركية ( من الميلاد إلى سنتين ) مرحلة الرضاعة .

( 2 ) مرحلة ما قبل العمليات الفكرية ( من سنتين إلى سبع سنوات ) مرحلة الطفولة المبكرة .

( 3 ) مرحلة مرحلة العمليات الفكرية الحسية ( من سبع سنوات إلى إحدى عشرة سنة ) مرحلة الطفولة المتأخرة .

( 4 ) مرحلة العمليات الفكرية الشكلية ( من إحدى عشرة سنة إلى ست عشرة سنة ) مرحلة المراهقة .

فكل مرحلة من المراحل السابقة تتكون فيها مجموعة من المفاهيم والاتجاهات تظل تنمو وتنضج في تناسب وتناسق وهذه الاتجاهات تتأثر بالقدرات والسن والدوافع والتفاعل مع البيئة وكل ذلك له دور في عملية غرس القيم .

وقفة :

من حكمة المولى ( عز وجل ) أن جعل محل وحيه ومبلغ كلامه وشرعه نموذجا بشريا كاملا سويا، خاليا من العيوب متصفا بالكمال البشري، مجسدا للنموذج القدوة كامل الأوصاف والقيم . قال تعالى ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) .

وعلى ذلك كان السلف الصالح نموذجا لنسق قيمي فريد كان ولا يزال مقياسا شرعيا بل من الفقهاء من جعل توفر هذا النموذج في الفرد شرطا من شروط الولاية التي تدور كلها حول السن والكفاية العلمية وسلامة الحواس والخلق وجميعها من المؤثرات في عملية غرس القيم .

ثالثا : ما يتعلق بالمجتمع ومؤسساته :
تتأثر عملية غرس القيم بالتنشئة الاجتماعية والتقاء الأجيال وتوريثهم لقيم المجتمع من خلال مؤسسات المجتمع أو البيئة الاجتماعية التي تضم : الأسرة، والمدرسة والمسجد والأقران ومؤسسات الإعلام ( تلفاز، سينما، فيديو، صحافة، إنترنت ) والمجتمع العام ولكن .. يبقى سؤال :

كيف تؤثر هذه المؤسسات في عملية غرس القيم ؟ ولعل الله يوفقنا في الإجابة عن هذا السؤال على النحو التالي :

( 1 ) أثر الأسرة في عملية غرس القيم :
الأسرة كيان إنساني يتأثر بالمجتمع لأنه جزء منه ويقوم بوظائفه في نطاق المجتمع ومرجعيته وهذا الكيان ما هو إلا أفراد لهم دور وتأثير في عملية غرس القيم ( كما سبق ) ولهم دور كأسرة . وهذه الوظيفة أو هذا الدور يرتبط بالبعد الديني والثقافي والاقتصادي والحضاري لأفراد الأسرة .

أثر البعد الديني والثقافي للأسرة في غرس القيم :
أخرج البخاري عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله : ( ما من مولود يولد إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) .

ويقول الشاعر :

وينشـأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه وما دان الفتى بحج ولكن يعوده التدين أقربوه أي أن الأسرة ترضع أبناءها التدين وتعودهم عليه، والأبناء يقلدون الآباء ويتبنون قيمهم ومبادئهم كما يقول ( رودمان ) إن الأسرة قد تعلى قيمة وتحط أخرى عند الأبناء بما للأسرة من تأثير قيمي ثقافي وبما عند الأبناء من تقليد للآباء .

الخلاصة : أن أثر الأسرة ( الثقافي والديني ) في غرس القيم يرتبط بمستوى ثقافة الوالدين ومفاهيمهم ومستوى تدينهم .

أثر البعد الاقتصادي والاجتماعي في غرس القيم :
أوضحت دراسة ( الدكتور عبد اللطيف خليفة – عالم المعرفة ) أن المستوى الاقتصادي والاجتماعي يلعب دورا كبيرا في ترتيب النسق القيمي لدى الأبناء فالطبقة المتوسطة تهتم بغرس قيم معينة في أبنائهم مثل قيم الإنجاز والإبداع .

والطبقة الأكثر ارتفاعا تهتم بغرس قيم أخرى مثل قيم اعتبار الآخرين وضبط النفس والمتعة، والطبقة الأقل مستوى تهتم بغرس قيم مثل الطاعة والمتعة على أن جميع المستويات تتفق على أهمية غرس قيم التدين وتتباين الأوساط الاجتماعية في ترتيب النسق القيمي وأولوياته .

الخلاصة : أن المستوى الاجتماعي والاقتصادي يؤثر في ترتيب النسق القيمي ولا يؤثر في أهمية قيمة التدين ومرتبتها .

2- أثر المدرسة في غرس القيم :
للمدرسة أثر واضح في عملية غرس القيم، لما للمدرسة بعناصرها ومفرداتها من تعامل مع جوانب نمو الأبناء الفكرية والوجدانية والبدنية والروحية والسلوكية وذلك من خلال النظام التعليمي والإداري وفريق العمل بالمدرسة ومحتوى المنهج الدراسي والأنشطة وما تهدف إليه من قيم .

ولكن هل نوع التعليم له أثر في غرس القيم ؟

نوع التعليم وغرس القيم :
أوضحت الدراسة الميدانية التي أجرها عبد اللطيف خليفة 1992 أن نوع التعليم يؤثر في نوع القيم ومرتبتها لدى الأبناء، حيث أتضح أن النسق القيمي للأبناء في التعليم العام يهتم أكثر بقيم الإنجاز والقيادة والجمال والابتكار، في حين أن النسق القيمي للأبناء في التعليم المهني ( تجاري، صناعي، زراعي ) يهتم بقيم الكسب والدخل والخدمة العامة والعلاقات العامة، وكذلك التعليم العام يختلف عن التعليم الخاص حيث يهتم التعليم العام بقيم الأمانة والمسئولية وسعة الأفق، في حين تأتي هذه القيم متأخرة في الترتيب بالنسبة للتعليم الخاص حيث تتقدمها قيم الطموح والبهجة وضبط النفس .

أثر المنهج الخفي في غرس القيم
بداية نجيب عن سؤال :

ما معنى المنهج الخفي ؟

المنهج الخفي ببساطة هو عبارة عن كل ما يمكن أن يتعلمه الابن بدون قصد وبدون منهج رسمي، وهو أيضا كل ما يمكن أن يستنبط من مفاهيم وسلوكيات من خلال التعامل مع عناصر المدرسة أو البيت أو النادي أو المسجد أو حتى الرفقاء، ولنضرب لذلك مثلا : قيمة التسويف أو التأجيل

( قيمة سلبية ) يكتسبها الابن من المدرسة أو من البيئة المحيطة، وذلك من انتظاره الطويل لدوره أو لقضاء مصلحته أو لتلقي رد أو مشورة، فالابن ينتظر طويلا أمام حجرة مدير المدرسة وأمام حجرة المعلمين، وينتظر لحين وصول قرار الإدارة التعليمية ولحين وصول ميزانية وحتى في الفصل فهو ينتظر وصول المعلم وينتظر دوره في المناقشة وهكذا ويحدث ذلك ومثله أو أكثر منه مع الابن في البيت أو النادي أو المسجد، ولكن مع الاختلاف النوعي وحسب الظروف . ومثلا آخر :

قيمة المقاطعة وإهمال الرأي الآخر :
( وهي قيمة سلبية ) يكتسبها الابن من مفاجأة المعلم أو المشرف أو الموجه أو المدير أو الأب أو الاخ الأكبر للابن في الفصل أو في الملعب أو المعمل أو الحجرة أو الحلقة ومن مقاطعتهم له أثناء المناقشة أو النشاط أو الاسترخاء ومن دق جرس الحصة في ذروة تفاعله مع الدرس أو مع التجربة المعملية أو النشاط وأيضا من دخول زائر أو متابع أو استدعاء الأب أو المعلم أثناء الدرس أو أثناء النشاط وغير ذلك كثير .

ومثلا آخر :

قيمة المواجهة والصراع :
( وهي قيم سلبية ) يكتسبها الابن من وضع المقاعد في الفصل والقاعة والحفلة حيث تصف مقاعد الأنباء في مواجهة مقعد ومنصة المعلم ويتلقى الابن الدرس أو المحاضرة أو الحفلة بطريقة سلطوية ( كما يرى الباحث ميجنان ) .

ولله در منهج الإسلام في التلقي والتعليم والتربية حيث كانت الحلقة المسجدية بآدابها وقيمها علامة على سمو المنهج فالحلقة لا يرى الابن فيها ظهر من أمامه من أمامه وقفاه ولكن يرى الوجوه وما على هذه الوجوه من بشر وحب وتألف، وهي مظهر رائع للتساوي بين أفراد بلا اختصاص ولا تمييز .

ومثلا آخر :

قيمة إهمال تنظيم الوقت :
( وهي قيمة سلبية ) يتشربها الابن حين يفاجأ بتوزيع الجدول الدراسي للمواد ويوزع وقت النشاط ويحدد وقت الرحلة وغير ذلك بعيدا عنه في حين أنها كلها تخصه، أي أن هذه الأمور تتم بطريقة سلطوية لا دور للابن فيها ويترتب على ذلك قلة إحساس الابن بأهمية تنظيم وقته .

مخاطر المنهج الخفي :
يوضح عبد الباسط عبد المعطي ( 1984 ) وبسامة خالد ( 1916 ) مخاطر المنهج الخفي في الآتي :

اكتساب الابن قيمة تزييف الوعي عن طريق ما يتم في العملية التدريسية والعلاقات المدرسية .
اكتساب الابن قيمة التناقض أو الصراع وما يؤدي إليه من ذبذبة في شخصية الابن، وذلك مما يجده من اختلاف بين واقعه وما يقال وما يتعلمه وما يشاهده من مواقف، وأكدت ذلك دراسات عبد السميع أحمد وديليس وبولنرو جنتس حيث يرون أن المنهج الخفي يفرز للمجتمع الشخصيات الآتية :
1- المشاغب

2- الفهلوي

3- المساير

يعمل المنهج الخفي على قتل الإبداع وذلك من خلال الالتزام المبالغ فيه بالكتب المدرسية واللوائح وضحالة الأنشطة كما ونوعا .
يعمل المنهج الخفي على إكساب الأبناء النزعة المظهرية والاستهلاكية من خلال نمط التعليم وطلبات المعلمين المبالغ فيها من أدوات ووسائل وتقليد الآخرين .
يعمل المنهج الخفي على قتل حرية الرأي والايجابية والقدرات القيادية لما يلاحظه الابن من مكافأة للمساير والسلبي والمداهن والخنوع .
3- أثر المسجد في غرس القيم :
يحتل المسجد مكانة بارزة في وجدان الأبناء وبنيانهم القيمي باعتباره من معالم الدين البارزة وشهادة إيمان لقول المولى عز وجل " إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة "

البيئة المسجدية
عناصر البيئة المسجدية عبارة عن :

مسجد طاهر نظيف .
ورواد متوضئون قدموا إلى المسجد لعبادة الله .
ورواد آخرون ملائكة نزلوا بالسكينة والرحمة .
حلقات عامرة بالذكر والآداب والعلم .
فماذا يكتسب الابن من هذه البيئة ؟

فالمشي إلى المسجد يكسب الابن قيما إيمانية جهادية .
وصلاة الجماعة تكسب الابن قيمة الترابط والطاعة .
والجلوس في حلقة يكسب الابن قيمة التعاون والإخوة والعلم .
وحفظ القرآن يكسب الابن قيما إيمانية إصلاحية علمية .
وسماع القصة ومشاهدة الموقف يكسب الابن قيما متعددة ومتنوعة بتنوع القصص والمواقف .
والعمل الجماعي يكسب الابن قيمة الترابط والتعاون والعمل والإصلاح والإنجاز .
وختام المجلس يكسب الابن قيمة إيمانية مع الحرص على إنجاز العمل وحسن ختامه .
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكسب الابن قيمة الإصلاح .
وتفاعل الوالدين مع المسجد يعزز عند الابن ما سبق من قيم .
فالبيئة المسجدية ( كمبنى ومحتوى وأفراد ) تؤثر في غرس القيم لدى الأبناء أيما تأثير، بل أصبحت اليوم المصدر الرئيسي لغرس القيم الايجابية .

4- أثر الأقران ( شلة الأصحاب ) في غرس القيم :
يتأثر الأمن بأصحابه أخلاقيا وقيميا، بل أنه يمكن أن يندمج مع صاحبه فيصبحا قالبا قيميا واحدا، وهذا ما علمنا إياه النبي " فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه . قال : قال رسول الله " المرء على دين خليلة، فلينظر أحدكم من يخالل " .

وأيضا قال " عن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسول الله " مثل الجليس الصالح كمثل صاحب المسك إن لم يصبك منه شيء أصابك من ريحه، ومثل الجليس السوء كمثل صاحب الكير إن لم يصبك سواده أصابك من دخانه .

أي أن جماعة الأصحاب تؤثر تأثيرا قويا في عملية غرس القيم لدى الأبناء، وهذا التأثير إما سلبي وإما ايجابي، وهذا الأثر لشلة الأصحاب ينمو ويتسع ويقوى في تأثيره على الابن كلما ضعفت علاقة الابن بوالديه أو اهتزت هذه العلاقة أي أن دور الأصحاب يرتبط عكسيا بالوفاق والترابط والانسجام بين الابن والأسرة ولكن هل تمثل مجموعة الأصحاب تحديا لقيم الأسرة ؟ أم تمثل مجموعة الأصحاب تعميقا لقيم الأسرة ؟

والواقع أن التحدي أو التعميق لقيم الأسرة مرتبط بمدى الاختلاف أو الاتفاق بين البناء القيمي والثقافي لكل من الأسرة وجماعة الأصحاب، وتحسبا لما قد يحدث من أزمات بسبب التباين القيمي والأخلاقي والثقافي لكل من الأسرة ( بأبنائها ) وجماعة الأصحاب بنوعياتها يقول النبي فيما رواه أبو سعيد الخدري . رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا نقي " .

وهذا بكل تأكيد يحدث دعما وتعميقا وتبادلا بين قيم الأسرة وقيم الأصحاب .

5- أثر الإعلام في غرس القيم :
تحتل المؤسسات الإعلامية مكان الصدارة في التأثير في الجماهير بصفة عامة وفي الأطفال بصفة خاصة، وهي تؤثر في المجتمعات المغلقة أكثر منها في المجتمعات المفتوحة، وهذه المؤسسات من تلفاز وإذاعة وسينما ومسرح وصحافة ودور نشر وشبكة عنكبوتية ( إنترنت ) وغيرها ثبت وتنشر مضامين أجنبية في الغالب تحمل قيما سلبية تتناقض مع قيمنا بل ربما تهدمها .

كيف يؤثر الإعلام في غرس القيم ؟
يختلف تأثير وسائل الإعلام حسب الحواس التي تخاطبها كل وسيلة منها، ويكون أشدها تأثيرا ما يخاطب البصر والسمع معا مثل التلفاز والفيديو والسينما والمسرح ويوضح البيان التالي سهم كل حاسة من حواس الإنسان في وصول المعلومات إليه :

يحصل الإنسان على 75% من المعلومات عن طريق البصر فقط .
يحصل الإنسان على 13% من المعلومات عن طريق السمع فقط .
يحصل الإنسان على 88% من المعلومات عن طريق السمع والبصر معا .
يحصل الإنسان على 6% من المعلومات عن طريق اللمس فقط .
يحصل الإنسان على 3% من المعلومات عن طريق الشم فقط .
يحصل الإنسان على 3% من المعلومات عن طريق التذوق فقط .
وقد ثبت أن 70% من الصور التي تتكون في أذهان ووجدان الأبناء مستمدة من وسائل الإعلام ( عدلي 1995 ) .

ويعبر هوفمان ( باحث نفسي ) عن أثر وسائل الإعلام في الأبناء بهذا التشبيه البليغ : ( الأبناء أمام أجهزة الإعلام كقطعة أسفنج تمتص كل ما تتعرض له ) .

وأكثر من ذلك ما أفصحت عنه ( انشراح الشال ) في دراستها التي أوضحت أن الطفل المصري يثيره المضمون الأجنبي أكثر من المضمون المصري .

ولكي نقف على مدى هذا الأثر وخطورته نتابع تحليل أحد المتخصصين ( شرام وزملائه ) لبث أربع محطات مختلفة في أسبوع واحد فقط نجده عبارة عن :

صور متحركة بنسبة 18% .* أفلام غربية بنسبة 13% .
أفلام ممتازة بنسبة 10.5% * أفلام جريمة بنسبة 11% .
أخبار بنسبة 7.7% * أفلام فكاهية مثيرة بنسبة 5%
مغامرات بنسبة 3%* أفلام سياحة بنسبة 3%
تمثيليات درامية بنسبة 1.5% * موسيقى بنسبة 1.25 %
ومجموع ساعات هذا البث بلغ مائة ساعة احتوت على الآتي :
12 جريمة قتل 16 معركة بالسلاح .
21 مصابا
21 عملية عنف
27 منظر صراع وتضارب
محاولات انتحار
4 حوادث سقوط
4 حوادث سيارات
وأحصى إبراهيم إمام ( عميد سابق لكلية الإعلام ) ما يقدم للأطفال فوجد 49.6% من مجموع ما يقدم يتناول موضوعات جنسية 27.4% من مجموع ما يقدم يتناول موضوعات عن الجريمة، و 15% من مجموع ما يقدم موضوعات عن الحب والجنس معا .

وبعد :

فمن المؤكد أن الإعلام يلعب دورا بارزا وخطيرا في عملية غرس القيم والتأثير في وجدان الأبناء، ومن ثم في سلوكهم حيث أوردت دراسة ( عدلي ) بعض نماذج لأطفال قاموا بارتكاب جرائم وأفعال على سبيل التقليد لما شاهدوه من أحداث عبر التلفاز ومن هذه النماذج :

قام بعض التلاميذ في القاهرة بإشعال النار في المدرسة بخطة مرسومة، وأوضحت التحقيقات أنهم قلدوا أحد الأفلام .
طاردت تلميذة في المنصورة مدرسها لتتزوجه وادعت أنه اغتصبها أسوة بما حدث في أحد الأفلام .
القي تلميذ في الإسكندرية بنفسه من الدور الثالث مقلدا بطل أحد الأفلام الهندية .
وغير ذلك كثير ......

أي أن عملية غرس القيم تقوم على :
استثارة ما وهبه الله للإنسان من قدرات وحواس كمستقبل ومستثمر لهذه القيم .
جعل هذه القيم ذات طبيعة عبادية يثاب الإنسان بإحيائها وتوريثها من خلال السلوك ( الإقتداء ) .
جعل هذه القيم تنمو عبر التقاء الأجيال والتعايش مع المربين .
وهذه القيم تنمو من خلال برامج مقصودة لمؤسسات المجتمع.
وهذه البرامج تنفذ وتطبق بأساليب متنوعة حديثة تناولها كثير من المتخصصين اليوم وهي عندنا لها جذور وأصول، بل هي سنة وتراث مارسها سيد الخلق في غرس القيم لدى السلف الصالح وما زال لها الأثر البالغ في غرس القيم إلى اليوم ونعرض بعضا منها على سبيل المثال لا الحصر على النحو التالي :

غرس القيم عن طريق استثارة القدرات والحواس :
استخدام أسلوب استثارة قدرة التخيل في غرس قيمة حب الإقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم :

قال الحسن بن علي رضي الله عنه : سألت خالي هند بن أبي هالة عن حلية رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان وصافا، وأنا أرجو أن يصف لي منها شيئا اتعلق به قال : ( كان فخما مفخما يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، أطول من المربوع وأقصر من المشذب، عظم الهامة رجل الشعر، ... إلى آخر الحديث ) .

فائدة :

يرشدنا الحديث إلى استثارة قدرة التخيل وأثر هذه القدرة في بث وغرس قيمة الحب للموصوف أو المتخيل .
استخدام أسلوب استثارة الفطنة في غرس قيمة الوفاء بالوعد :
روى أن المأمون كان يقرأ القرآن على أستاذة الكسائي، وكان من عادة الكسائي أن يطرق إذا قرأ المأمون فإذا أخطأ رفع رأسه ناظرا ليصحح خطأه فقرأ يوما المأمون سورة الصف . ولما وصل إلى قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ) فرفع الكسائي دخل المأمون على أبيه قائلا : هل وعدت الكسائي بشيء ؟ قال : فكيف علمت بذلك يا بني ؟ فأخبره بالأمر فسر الرشيد لفطنة المأمون وذكائه .

استخدام أسلوب استثارة القدرة على الحفظ في غرس قيمة التذوق اللغوي :
القرآن أكثر تأثيرا في الأطفال لصفاء قلوبهم ونقاء فطرتهم، فعندما يبدأ الأطفال حفظ القرآن، يحفظون السور القصار التي تخرج من الكلمات المعدودة إلى الايات القليلة ذوات الفواصل المؤثرة التي لا تضيق بها نفس الطفل وتسعها ذاكرته ويقوي بها نظم لسانه ويستقيم بها بيانه ويرقى ذوقه، وليتضح ذلك، فتأمل سورة الناس، وتأمل كيف جاء نظمها وتأمل وقفة الابن عند لفظة الناس وعند حرف السين ( أكثر الحروف سفيرا وأطربها لسمع الابن ... فهكذا يغرس الجمال اللغوي في الأبناء .

استخدام أسلوب استثارة قدرة التفكير في غرس قيمة نفع الناس :
أخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبروني بشجرة مثلها مثل المسلم تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ولا تحت ورقها، فوقع في نفسي النخلة فكرهت أن أتكلم وثم أبو بكر وعمر فلما لم يتكلما قال النبي صلى الله عليه وسلم هي النخلة فما إن خرجت مع أبي قلت : يا أبتاه وقع في نفسي النخلة قال ما منعك أن تقولها ؟ لو كنت قلتها كان أحب إلي من كذا وكذا ... إلى أخره .

استخدام أسلوب التقدير الأدبي والمادي في غرس قيمة العلم :
ومثال ذلك ما رواه ابن عباس إذ يقول : كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فقال له عبد الرحمن بن عوف : لما تدخل هذا الفتى معنا ؟ ولنا أبناء مثله ؟ ولنا أبناء مثله ؟ فقال : إنه ممن قد علمتم، فدعاهم ذات يوم ودعاني وما رأيته دعاني يومئذ إلا ليريهم مني، فقال : ما تقولون في قول الله تعالى : " إذا جاء نصر الله والفتح " حتى ختم السورة فقال بعضهم امرنا الله أن نحمده ونستغفره إذا جاء نصر الله وفتح علينا، وقال بعضهم لا ندري وبعضهم لم يقل شيئا، فقال لي يا ابن عباس أكذلك تقول ؟ قلت : لا، قال فما تقول : قلت : هو أجل رسول الله اعلمه الله إذا جاء نصر الله والفتح، والفتح فتح مكة فذلك علامة أجلك فسبح حمد ربك واستغفره، إنه كان توابا، فقال عمر : ما أعلم منها إلا ما تعلم .

استخدام أسلوب التشجيع والدعاء في غرس قيمة العمل :
روي أبو يعلي والطبراني عن عمرو بن حريث أن رسول الله مر بعبد الله بن جعفر ( ابن عمه ) وهو يبيع بيع الغلمان أو الصبيان قال : اللهم بارك له في بيعه أو قال : في صفقته .

استخدام أسلوب القدوة في غرس قيمة حب المسجد وقيمة النظافة :
روي مسلم وأبو داود واللفظ لمسلم عن جابر بن عبد الله . رضي الله عنه . قال : ( أتانا رسول الله ) في مسجدنا هذا وفي يده عرجون ابن طاب ( أي عرجون طري )، فرأى في قبلة المسجد نخامة، فحكها بالعرجون، ثم اقبل علينا فقال : أيكم يحب أن يعرض الله عنه قال فخشعنا، ثم قال أيكم يحب أن يعرض الله عنه ؟ قلنا لا أينا يا رسول الله قال : فإن أحدكم إذا قام يصلي، فإن الله تبارك وتعالي قبل وجهه، فلا يبصقن قبل وجهه ولا عن يمينه، وليبصق عن يساره تحت رجله اليسرى فإن عجلت به بادرة، فليقل بثوبه هكذا، ثم طوى ثوبه بعضه على بعضه، ثم قال اروني عبيرا، فقام فتى من الحي يشتد إلى أهله، فجاء بخلوق في راحته، فأخذه رسول الله فجعله على رأس العرجون، ثم لطخ به على اثر النخامة .

استخدام أسلوب التدرج في غرس قيمة الإتقان :
روى الإمام أحمد عن محمد بن السائب قال : ( حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – إنهم كانوا يقترئون من رسول الله عشر آيات فلا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعملوا ما في هذه من العلم والعمل ) وأخرج الطبري في تفسيره عن الحسين بن واقد قال : ( كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن ) .

استخدام أسلوب التيسير ( وتجنب التنفير ) في غرس قيمة الإصلاح :
روى البخاري في كتاب العلم، ( باب من كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة كي لا ينفروا )، وروى مسلم في كتاب الجهاد، عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يسروا، ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا ) .

استخدام أسلوب الاستفهام ( طرح الأسئلة ) فيغرس قيمة الطهر والصلاة :
روى البخاري ومسلم واللفظ له، عن أبي هريرة ( رضي الله عنه ) قال : قال رسول الله : ( أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء، قالوا : لا يبقى من درنه شيء قال : فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا ) .

استخدام أسلوب الحوار الهادئ والإقناع في غرس قيمة العفاف :
ما رواه أحمد، واللفظ له والطبراني عن أبي أمامه الباهلي – رضي الله تعالى عنه ( إن فتى شابا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ائذن لي بالزنى، فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا : مه مه فقال النبي ادنه، فدنا منه قريبا فجلس، فقال صلى الله عليه وسلم : أتحبه لأمك ؟ قال لا والله يا رسول الله جعلني الله فداك، قال صلى الله عليه وسلم ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال صلى الله عليه وسلم أفتحبه لأبنتك ؟ قال : لا والله يا رسول الله جعلني الله فداك، قال ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال رسول الله افتحبه لأختك ؟ قال : لا والله يا رسول الله جعلني الله فداك، قال ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال رسول الله : أتحبه لعمتك ؟ قال لا والله يا رسول الله جعلني الله فداك، قال ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال رسول الله اتحبه لخالتك ؟ قال لا والله يا رسول الله جعلني الله فداك . قال رسول الله ولا الناس يحبونه لخالاتهم، قال : فوضع رسول الله يده عليه، وقال رسول الله : اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه، قال فلم يكن الفتى بعد ذلك يلتفت إلى شيء .

استخدام أسلوب التشبيه وضرب الأمثلة في غرس قيمة حب القرآن :
ما رواه أبو داود عن أنس – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله ( مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القران كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها ) .

استخدام أسلوب التكرار في غرس قيمة الإتقان :
عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – قال : ( تخلف رسول اللع في سفر سافرناه فأدركنا وقد أرهقنا الصلاة – صلاة العصر – ونحن نتوضأ فجعلنا نمسح على أرجلنا، فنادى رسول الله بأعلى صوته ( ويل للأعقاب من النار ) مرتين أو ثلاثة .

استخدام أسلوب القصص في غرس قيمة الأخوة :
القصص أطيب الأثر في النفوس وأفضل الطرق في التوجيه فهو يقع في القلب والسمع ويستحوذ على الانتباه ويعين على تثبيت المعنى في العقل والقلب ومن أمثلة ذلك :

روى مسلم عن أبي هريرة ( رضي الله عنه )، عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى، فأرصد الله له على مدرجته ملكا، فلما أتى عليه قال : أين تريد ؟ قال : أريد أخا لي في هذه القرية، قال : هل لك عليه من نعمة تربها ؟ قال : لا غير إني أحببته في الله ( عز وجل )، قال : فإني رسول الله إليك، بإن الله قد أحبك كما أحببته فيه .

الخلاصة

تتنوع أساليب غرس القيم حسب قدرة المربى ومهارته ومناسبة الظروف وحال الابن وسنه . وكلما تعددت وتنوعت الأساليب للقيمة الواحدة كان ذلك أنفع في غرس القيمة، فالمربي الماهر الموفق يتحول بين الأساليب ويواظب على أهمها . مثل أسلوب القدوة والتكرار والاعتدال والقصص، ويتفاوت استعماله لباقي الأساليب حسب الظروف كأسلوب المناقشة والحوار والتشبيه والمداعبة والوعظ والترهيب والترغيب .

وهو مع كل ذلك يهتم بالوسائل وأعدادها والعناية بها والتدريب عليها ودراستها كما سنحاول توضيح ذلك . موقع كنانة اونلاين

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 18-10-2007, 08:54 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road
رد: دراسات في القيم

سلوكيات الطفل / البناء القيمي لمرحلة الطفولة المبكرة
الرجوع إلى: سلوكيات الطفل

قيم إيمانية أو قيم التدين :
قيمة حب الله ورسوله : ومن مظاهرها فعل الطاعات ( الصلاة والصيام والبعد عن الحرام ).

وهذه القيم ترسخ لدى الأبناء من خلال

محتوى نظري يتضمن الآتي :
حفظ أسماء الله الحسنى .
حفظ ما تيسر من القرآن .
قراءة شيء من سيرة النبي .
قراءة الأذكار .
ومحتوى عملي يتضمن الآتي :
الذهاب إلى المسجد .
زيارة الصالحين .
لزوم الحفظ على يد محفظ .
لزوم الصحبة الطيبة .
التدريب على التفكير في نعم الله .
قيم أخلاقية مثل :
قيمة الصدق ومن مظاهرها الصراحة والجراءة .
قيمة الأمانة ومن مظاهرها حفظ الأشياء على قدر الاستطاعة .
قيمة النظام ومن مظاهرها ترتيب الأدوات والملابس الخاصة .
قيمة التعاون ومن مظاهرها المشاركة في تنظيف وترتيب الغرفة والفصل .
قيمة البر ومن مظاهرها دفع الصدقة وزيارة الصديق وعيادة المريض .
قيمة الإحساس بالوقت ومن مظاهرها الحفاظ على الصلاة في وقتها .
قيمة احترام الكبير ومن مظاهرها خفض الصوت وأدب الحديث .
قيمة الاستئذان ومن مظاهرها طلب الإذن من الوالدين ومن المربي .
قيمة الحياء ومن مظاهرها عدم التلفظ بألفاظ غير لائقة .
وهذه القيم ترسخ لدى الأبناء من خلال :

محتوى نظري يتضمن الآتي :
قراءة شيء من سيرة النبي .
قراءة قصص وسير الصحابة .
محتوى عملي يتضمن الآتي :
مداومة الذهاب إلى المسجد .
ملازمة الصحبة الطيبة .
الاشتراك في الأنشطة .
قيم ثقافية مثل :
القراءة ومن مظاهرها الإقبال على قراءة الدوريات والقصص وما يناسب من إصدارات .

وترسخ لدى الابن من خلال :

محتوى نظري يتضمن الآتي :
قراءة شيء عن أجهزة الجسم ووظائفه .
قراءة شيء عن البيئة المحيطة .
قراءة شيء عن العبادات .
محتوى عملي يتضمن الآتي :
الاشتراك في رحلات علمية وسياحية .
مشاهدة أفلام وبرامج علمية .
قيم طبيعية مثل :
النظافة ومن مظاهرها غسل اليدين قبل الأكل وبعده ومداومة الوضوء وغسل الأسنان .
الصحة ومن مظاهرها قوة البدن وسلامته .
وترسخ هذه القيم لدى الأبناء من خلال :

محتوى نظري يتضمن الآتي :
التعرف على السنن .
التعرف على القواعد الصحية في الغذاء والمشي والجلوس .
محتوى عملي يتضمن الآتي :
تطبيق السنن وخاصة المتعلقة بالطعام والنظافة والبدن عموما ممارسة رياضة معينة .
قيم مهنية مثل :
تقدير المهارة أو الحرفة ومن مظاهرها الإقبال على فن من الفنون أو حرفة من الحرف.

وترسخ لدى الأبناء من خلال :

محتوى نظري يتضمن الآتي :
قراءة سير الأنبياء .
قراءة قصص عن الحرف وأصحابها .
محتوى عملي يتضمن الآتي :
تعلم فنون الأركت مثلا والخط والجرافيك ورعاية النباتات .
زيارة المعامل والورش والمراسم .

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 18-10-2007, 08:55 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road
رد: دراسات في القيم

سلوكيات الطفل / البناء القيمي لمرحلة الطفولة المتأخرة
الرجوع إلى: سلوكيات الطفل

قيم إيمانية مثل :
قيمة حب الله ورسوله ومن مظاهرها ( بالإضافة إلى ما سبق من مظاهر ) تجنب النواهي وسرعة الاستجابة للطاعات والمواظبة على السنن .
قيمة حب المؤمنين ومظهرها زيارتهم وتقبل النصح منهم .
ترسخ هذه القيم لدى الأبناء من خلال

محتوى نظري يتضمن الآتي :
إتقان ما سبق مع زيادة كمية حفظ القرآن .
حفظ الأذكار .
قراءة السيرة النبوية .
محتوى عملي يتضمن الآتي :
إتقان ما سبق من أعمال والمواظبة عليها .
المواظبة على قراءة الأذكار يوميا .
تكوين علاقة مع صحبة طيبة .
قيم أخلاقية مثل :
قيمة الصدق ومن مظاهرها ( بالإضافة إلى ما سبق من مظاهر ) الوضوح وعدم المداراه وقول الحق وعدم المغالاة في الوصف .
قيمة الأمانة ومن مظاهرها ( بالإضافة لما سبق من مظاهر ) صيانة النعمة وأداء الشهادة وضبط النقل .
قيمة النظام ومن مظاهرها ( بالإضافة لما سبق من مظاهر ) عمل جدول للمذاكرة وتنظيم المكتبة الخاصة وترتيب الأفكار .
قيمة التعاون ومن مظاهرها ( بالإضافة لما سبق من مظاهر ) شراء مستلزمات البيت ومشاركة أقرانه وجيرانه .
قيمة البر ومن مظاهرها ( بالإضافة لما سبق من مظاهر ) عيادة المريض والمشاركة في جمع الصدقات وصلة الرحم .
قيمة الإحساس بالوقت ومن مظاهرها ( بالإضافة لما سبق من مظاهر ) المحافظة على الأذكار في وقتها وفي لزوم الدعاء عند كل حال وتنظيم المواعيد وترشيد الترفيه .
قيمة احترام الكبير ومن مظاهرها ( بالإضافة لما سبق من مظاهر ) عدم مقاطعته أثناء الحديث عدم التطاول في القول أو الفعل .
قيمة الاستئذان ومن مظاهرها ( بالإضافة لما سبق من مظاهر ) طلب الإذن في كل حال .
قيمة الحياء ومن مظاهرها ( بالإضافة لما سبق من مظاهر ) خشية الله في أغلب الأحوال .
بالإضافة إلى :

( قيمة التواضع ومن مظاهرها) : اللين مع الرفقاء وخفض الجناح لهم .
وترسخ هذه القيم لدى الأبناء من خلال :

محتوى نظري ويتضمن الآتي :
قراءة صور من حياة الصحابة .
قراءة قصص الأنبياء للفتيان .
محتوى عملي ويتضمن الآتي :
المداومة على صلاة الجماعة في المسجد .
مصاحبة مجموعة متميزة من الرفقاء .
الاشتراك في إعداد الأنشطة .
الاشتراك في مسابقات رياضية .
متابعة حفظ القرآن على يد محفظ .
قيم ثقافية مثل :
قيمة المعرفة أو القراءة ومن مظاهرها سعة الإطلاع والمواظبة على الدوريات والإصدارات.

وترسخ هذه القيمة لدى الابن من خلال :

محتوى نظري يتضمن الآتي :
الدقة والتوسع فيما سبق من محتوى نظري .
بالإضافة إلى التعرف على البيئة المحيطة .
التعرف على الوطن .
التعرف على طرق القراءة الحرة وثمارها .
تعلم لغة أجنبية .
ومحتوى عملي ويتضمن الآتي :
زيادة الزيارات وخاصة للمتاحف والشركات وللعلماء .
إتقان ما سبق من محتوى والتوسع فيه .
استخدام الحاسوب .
قيم طبيعية مثل :
قيمة النظافة ومن مظاهرها ( بالإضافة لما سبق ) نظافة الجسم والثياب والمكان .
قيمة الصحة ومن مظاهرها ( بالإضافة لما سبق ) سلامة البدن وانسجام المزاج.
وترسخ هذه القيم لدى الأبناء من خلال :

محتوى نظري ويتضمن الآتي :
قراءة هدى النبي في طعامه وشرابه وثيابه وغيره .
ومحتوى عملي ويتضمن الآتي :
تطبيق القواعد العامة في الغذاء والوقاية من الأمراض .
تطبيق سنن الفطرة .
ممارسة رياضة معينة .
قيم مهنية مثل :
قيمة الاحتراف وتعلم حرفة أو مهارة ومن مظاهرها إقبال الابن على حرفة أو مهارة معينة.

وترسخ لدى الأبناء من خلال :

محتوى نظري ويتضمن الآتي :
قراءة شيء عن الحرفة التي يرغب فيها الابن .
قراءة شيء عن حرف الأنبياء والصالحين .
ومحتوى عملي ويتضمن الآتي :
ملازمة الابن لصاحب حرفة .
تعلم الابن هذه الحرفة وإتقانها .
قيم ثقافية مثل :
قيمة المعرفة والفكر والقراءة ومن مظاهرها سعة الأفق والحوار والمشاركة الثقافية.

وترسخ لدى الأمن من خلال :

محتوى نظري يتضمن الآتي :
التوسع فيما سبق .
التعرف على أساليب مقاومة الغزو الثقافي .
التعرف على المخاطر التي يتعرض لها الشباب ووسائل التغلب عليها .
محتوى عملي يتضمن الآتي :
مراسلة الدوريات والاشتراك في دورية مناسبة .
التدريب على التحليل والنقد لهذه الدوريات .
إتقان استخدام الحاسوب .
قيم طبيعية مثل :
قيمة الصحة ومن مظاهرها سلامة أجهزة الجسم وقيامه بوظائفه الحيوية واعتدال المزاج.

وترسخ لدى الأبناء من خلال :

محتوى نظري يتضمن الآتي :
إتقان ما سبق .
قراءة إصدارات عن الصحة والغذاء .
قراءة إصدارات عن أمراض العصر وما يصيب الأطفال منها وكيفية الوقاية منها .
ومحتوى عملي يتضمن الآتي :
إتقان ما سبق .
تطبيق نظم الوقاية ومقاومة التلوث .
الاشتراك في مجلة صحية .
ممارسة رياضة معينة .
الاشتراك في الأعمال التطوعية الصحية .
قيم مهنية مثل :
قيمة الاحتراف ومن مظاهرها ( بالإضافة لما سبق ) ارتقاء الابن في الحرفة واقتناء أدواتها.

وترسخ لدى الأبناء من خلال :

محتوى نظري يتضمن الآتي :
إتقان ما سبق والتوسع فيه .
تعلم فنيات الحرفة .
قراءة شيء عن المهارات والمهن الأخرى .
ومحتوى عملي يتضمن الآتي :
اقتناء إصدارات تتعلق بالحرفة .
الاشتراك في دورات أو مراكز أو معامل تتعلق بالحرفة .
تكوين علاقات مع حرفة الصالحين مع أصحاب الحق والمهتمين به .
تعلم حرفة أخرى .

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 18-10-2007, 08:56 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road
رد: دراسات في القيم

سلوكيات الطفل / قيم المبدعين
الرجوع إلى: سلوكيات الطفل

أوضحت الدراسات أن المبدعين لهم قيم خاصة ( يتميزون عن غيرها بها ) غرست ودعمت من خلال ممارسات واتجاهات تربوية من أهمها .

التشجيع والحفز
التوجيه لا الضغط
الترشيد لا السيطرة .
تشجيع التجديد لا التقليد
تخفيف الضغط
المناقشة لا المسايرة .
المبادرة قبل المتابعة .
(ومن أبرز هذه القيم ): الإصلاح، الاستقلال، الصدق، الإنجاز، الاعتراف .

قيمة الايجابية :
هي قيمة غائية نهائية ومن مظاهرها .

إحساس الابن بالمشكلات
حاجة الابن للنظام
ثقة الابن بقدراته
إحساس الابن بالمسئولية
ايجابية الابن
مستوى مقبول لالتزام الابن تجاه القضايا العامة
التوجيه نحو الإصلاح .
قيمة الاستقلال :
وهي قيمة وسيطة ( أن تسهم في تحقيق القيم الغائبة ) وهي تجنح بصاحبها إلى الاستقلال عن الآخرين ورفض التبعية لهم وللأعراف والتقاليد أحيانا.

ومن أهم مظاهرها :

الميل إلى الاحتكام لوجهة النظر الخاصة .
الميل إلى التقدير الذاتي .
القدرة على التفرد والمخالفة
نعدد الاهتمامات .
عدم الانصياع إلى بعض الاجتماعيات .
التعبير الحاسم عن الرغبة في الاستقلال وحرية الإرادة .
قيمة الصدق :
وهي قيمة وسيطة كذلك ( بالنسبة للقيم الإيمانية ووسيطة لقيمة الإصلاح أيضا ) وتعد مطابقة الواقع وقول للحق ورفض المواراة والسعي في التعبير عن ذلك وهي تؤدي أحيانا إلى رفض الواقع ومحاولة تغييره.

ومن أبرز مظاهر هذه القيمة :

الصراحة والمواجهة
الصرامة والحسم .
قيمة الإنجاز :
وهي قيمة وسيطة كذلك لقيمة الإصلاح وتظهر في الحاجة القوية للإنجاز والاهتمام العميق بالأعمال وقد يصل إلى حد الاستغراق .

ونلخص مظاهر هذه القيمة في :

حب العمل حتى الاستغراق
الدافعية للتطوير
المبادرة وسرعة التنفيذ .
قيمة التقدير ( الاعتراف الجماعي ) :
وهي قيمة وسيطة وتعتبر بالنسبة للمبدع دالة أو مؤشر لقيمة وقدر ما أنتج وقد أثبتت بحوث ( كول ) على 120 عالم طبيعة أنهم تقدموا في عطائهم العلمي والانساني مع الاعتراف بهم وتقديرهم وقد أوضحت الدراسات أن الإحساس بالنجاح والاعتراف به وتقديره يدفع إلى مواصلة العمل وتحقيق مزيد ومن النجاح والعكس فالإهمال يضيق الأفق ويدفع إلى الفشل ويسبب الإحباط وقد يؤدي إلى العقود .

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 18-10-2007, 08:58 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road
رد: دراسات في القيم

القيم والمبادئ

القدرة علي التعامل وغرس القيم أمر ليس سهلاً وكل مربَ يراوده تساؤلات عن كيفية زرع المبادئ السليمة عند ابنه ونحن في هذه الزاوية سنقدم أول خطوة في هذه التساؤلات .

لماذا نعلم القيم والمبادئ ؟
ج : لأن الإسلام سلوك إرادي توجيه فضائل الأخلاق التي تدفع بالمتحلي بها إلي طاعة الله والتخلي عن الرذائل والتمسك بالمكارم ، وقد جاء في حديث الرسول صلي الله عليه وسلم : أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم .
متي نعلم أبناءنا القيم والمبادئ ؟
ج : الآن ودائماً ، وسنساعدكم خلال هذه السلسلة من المقالات علي تعلم الأساليب المناسبة لغرس القيم والمبادئ في الأبناء بطريقة شهرية علي مدار عام فيتم تناول قيمة واحدة كل شهر .
أين علّم أبناءنا القيم والمبادئ في المنزل أم في المدرسة ؟
ج : إن التساؤل الدائم حول دور المدرسة ودور المنزل في التعليم هو مثار جدل مستمر ولكن الشيء المؤكد هو أن ما يتعلمه الطفل في المنزل سواء كان سلبياً أو إيجابياً يكون له التأثير الأكبر عليه وذلك مقارنة بما يتعلمه في المدرسة أو أي مؤسسة أخري ، فالمنزل هو المؤسسة الأولي ذات التأثير الكبير
من يعلم أبناءنا القيم والمبادئ ؟
ج : الوالدان هما المسئولان عن ذلك ، ويكون دور المؤسسات مساعداً فقط وهذا هو ما يخطئ فهمه كثير من أولياء الأمور فيعتمدون علي المدرسة في ذلك .
ما القيم التي نعلّمها لأبنائنا ؟
ج : هي كل ما كان من شأنه تزكية للنفس وتهذيبها وتطهيرها من نزعات الشر والإثم ووسوسة الشيطان وتنمية فطرة الخير فيها فيستقيم السلوك الداخلي والخارجي ، فتندرج القيم وفقاً لذلك تحت صفين :
1- قيم ذاتية داخلية نتحلى بها مثل الصدق والأمانة والشجاعة والانضباط .
2- قيم عطائية خارجية تمنح لغيرنا مثل الولاء والاحترام والصداقة وغيرها ولذلك كان نظر الله تبارك وتعالي في مراقبته لأعمال عباده موجها لما في نفوسهم بالإضافة إلي ظواهر أعمالهم ، قال تعالي في سورة الشمس ( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ) صدق الله العظيم .
كيف نعلم أبناءنا القيم والمبادئ ؟
ج : * إن إتباع القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام هو المنهاج الأساسي في كيفية غرس القيم والمبادئ القويمة . قال تعالي في سورة البقرة ( كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون ) صدق الله العظيم .
• إن القدوة الحسنة من أهم الأساليب الفعالة في غرس القيم .
• الألعاب الحوارية المبنية علي السيناريو : تسمح للطفل بوضع نفسه في موقف معين والنظر للعواقب المترتبة علي اختياره تصرفا معينا .
• المناقشة : السماح للابن بمناقشة والديه حول قيمة مبدأ معين وآثاره ، له من النتائج ما أثبتتها التجارب بوجود علاقة قوية بين التصرف الأخلاقي للابن والوقت الذي يمضيه في التحدث عنه مع والديه .
• المدح والتشجيع : وهو ما من شأنه تشجيع الابن علي استمرارية التصرف الأخلاقي الحسن وتحويله إلي عادة حسنة .
• المكافأة : وتصاحب المديح لتؤكد علي اختياره تصرفا صحيحا يستحق التقدير .

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 18-10-2007, 09:01 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road
رد: دراسات في القيم

القيم والتعبير:
بلورة قيم من خلال التجربة والحوار



توضيح القناعات الأساسية ومعاني بعض الكلمات

لا بد في البداية من توضيح القناعات والمعاني التي أرتكز عليها في المقال.

هناك نوعان من القيم، قيم ندّعيها وقيم نعيشها. في حال توافقت المجموعتان (أي القيم التي ندّعيها والقيم التي نعيشها)، عندها لا توجد مشكلة. أما في حال عدم توافقهما، فعندها ندخل عالم الزيف والرياء والتزوير – سواء أكان ذلك عن وعي منا أم عن غير وعي.

في هذا المقال، عندما أستعمل كلمة "قيم" فإني أعني بها القيم التي نعيشها، أي التي لا نخالفها في أفعالنا وفي علاقاتنا وتعاملنا مع الآخرين وفي علاقتنا مع الطبيعة وفي مواقفنا العملية (أي التي نكون على استعداد لدفع ثمن من أجلها) ؛ هي المبادئ التي تحكم ما نفعله، وليس ما نقوله أو نفكر فيه (إلا إذا كان ذلك متوافقاً مع ما نفعله). فأفعالنا هي المقرر الحقيقي للقيم التي نحملها ونعيش بموجبها.

هذا لا يعني أن جميع القيم داعمة للحياة، إذ يمكن التمييز بين نوعين من القيم المعاشة. فهناك قيم نعيشها ولكنها تمزق الإنسان من الداخل وتمزق النسيج الاجتماعي الروحي في المجتمعات وتلوّث الطبيعة. وهناك قيم نعيشها وتبني "العالم الداخلي" للإنسان، وفي نفس الوقت تجدل النسيج الاجتماعي الروحي في المجتمع – باختصار، قيم تتمحور حول علاقات جميلة بين الناس وحول احترام الطبيعة بمعنى أنها لا تمسّها بأي طريقة تضرّ بالأجيال القادمة. (من الجدير ذكره هنا أن أحد قيم الهنود الأميركيين الذين أبادهم الأوربيون هي الاهتمام بالجيل السابع، أي التساؤل دائما حول كيف يؤثر ما نفعله ونقوله ونفكر فيه على الجيل السابع من الآن – ما أروعها من قيمة!)

هناك توضيح آخر هام. إذا قلت مثلا أني لا أعتبر الربح قيمة، فإن ذلك لا يعني أنه غير هام أو يجب محاربته؛ وإنما أعني أنه يجب أن لا يكون المقرر النهائي بالنسبة لما أقوم به فعلاً. فالذي يحدد مثلا فيما إذا كان الربح قيمة أم العلاقات الجميلة قيمة هو ما يحكم أفعالي في الحالات التي عليّ أن أختار فيها بين الاثنين. فإذا اخترت أن "أدعس" على الناس ولا أكترث بما يحدث للطبيعة وأختار الربح، يكون عندها الربح هو القيمة التي تسيّرني. أما إذا اخترت المحافظة على علاقات جميلة بين الناس والمحافظة على الطبيعة، مهما كان الثمن على المستويات الأخرى، عندها تكون العلاقات الجميلة بين الناس والمحافظة على الطبيعة هي القيم التي تحكم حياتي. من هنا، ليست المشكلة فيما إذا كنا نحترم قوانين السوق في الاقتصاد أو لا نحترمها، وإنما في أن نسمح لقوانين السوق أن تكون المقرّر النهائي فيما نفعله.

هناك أمر آخر بحاجة إلى توضيح. عندما أتكلم عن علاقة الإنسان بالآخرين فإن ذلك يشمل العلاقة مع الذين ماتوا والذين لم يولدوا بعد، أي تشمل ما ندعوه بالتقاليد بمعنى عدم إهمال "التربة الحضارية الثقافية" التي يتغذى منها الناس، وعدم إهمال التاريخ الذي صنعوه والحكمة التي تراكمت عبر العصور؛ كما يشمل الأجيال القادمة بمعنى عدم القيام بأعمال تمسّ ما يدعم الحياة في المستقبل سواء أكان ذلك عن طريق تلويث الطبيعة أو الاستغلال غير المعقول لمواردها أو عن طريق تلويث العلاقات بين الناس.

يمكن أن نستنتج مما سبق أنه يمكن الحديث عن قيم حياتية، ولكن لا معنى للحديث أو الكتابة عن القيم بمعزل عن الممارسة والسياق المجتمعي بمختلف أبعاده. كما أنه لا معنى للحديث عن قيم في السياسة وأخرى في التعليم وثالثة في الدين وأخرى في الاقتصاد أو في العلوم أو في المجتمع أو في الفنون … وكأن هناك مجموعات مختلفة من القيم في المجالات المختلفة، فذلك يؤدي إلى بلبلة فكرية تضيّع جوهر الأمور وتزجّ بنا في متاهات مثل المتاهات التي نجد أنفسنا فيها نتيجة تجزئة المعرفة إلى ما لا نهاية في الأنظمة التعليمية السائدة. إن تجزئة القيم حسب المجالات المختلفة في الحياة هو مظهر آخر من مظاهر مدى استبطاننا ل"فيروس" التجزئة الذي يعشّش في ثنايا تفكيرنا.

إذا كانت، مثلا، قيمة المسؤولية إحدى القيم التي تحكم حياة شخص، فإن ذلك يعني أن الشخص يعيش تلك القيمة في مختلف نواحي ومجالات الحياة. كذلك، إذا كانت قيمتا السيطرة والربح قيماً تحكم حياة شخص، فإن ذلك يعني أن الشخص يعيش هاتين القيمتين في مختلف نواحي ومجالات الحياة. من الممكن بالطبع أن نسأل هذا الشخص أو ذاك أن يوضّح كيف يترجم هذه القيمة أو تلك في هذا المجال أو ذاك؛ في التعليم مثلا أو في السياسة أو الدين أو العلوم أو الاقتصاد.

سأختار قيمة الكرم كمثال لتوضيح ما أقوله. والكرم قيمة عُرف بها العرب على مرّ العصور. والكرم يعني إعطاء الآخرين ما لدينا دون مقابل، إذ أن كل ما نطمع فيه هو الإسهام في جدل النسيج الاجتماعي الروحي بين الناس. وتظهر قيمة الكرم في أروع أشكالها في العلاقة مع الغريب، وليس فقط مع الصديق أو القريب. يمكن أن نسأل: كيف نترجم قيمة الكرم في مجال التعليم، مثلاً؟ لعل أهم مظاهر الكرم في التعليم يكمن في الإصغاء، في إصغاء المعلم للطالب، أي في إعطاء وقته وأذنيه وقلبه للطالب. معظم الذين سألتهم، وهم كثر، عن المعلمين الذين ما يزالون يتذكرونهم بودّ منذ أيام الدراسة، كان ما ذكرته الأغلبية قريبا مما يمكن تسميته بالكرم في علاقة ذلك المعلم بطلبته.

بناء على ما سبق، سوف لا أتحدث في هذه الورقة عن القيم بمعزل عن الأفعال والخبرات والمجموعات التي عشت وتعاملت معها أو بمعزل عن السياق الحياتي الذي عشناه معاً كمجموعات وعملنا فيه. وبناء على ما سبق أيضاً، فإن القيم، مثلها مثل أي ناحية جوهرية أخرى في حياة الإنسان، لا يمكن تدريسها بالوسائل والمفاهيم والبنى السائدة في مجال التعليم، مثلا عن طريق مساقات وبرامج وامتحانات إلخ، إذ لا يمكن تحويلها إلى مهارات آلية، ولا يمكن تجريدها عن سياق حقيقي وعن علاقات الناس بعضهم ببعض، وعلاقتهم مع الطبيعة. فتحويلها إلى مهارات وتجريدها عن التعامل والسياق يمسخها، ويسلبها روحها وجوهرها وتصبح بالتالي متناقضة مع ذاتها. فالقيم ليست شعارات تُرفع أو أفكار تناقش وإنما قناعات تُترجَم من خلال تصرفاتنا وسلوكنا وتعاملنا مع الآخرين. هي مبادئ متضمنة في أفعالنا وعلاقاتنا.

جاء في الإسلام "الدين هو المعاملة" وجاء على لسان المسيح عليه السلام: إذا قال أحدكم أنه يحب الله ولكنه يكره جاره فهو كاذب. بعبارة أخرى، تؤكد العبارتان على أن المعيار هو علاقتنا مع الآخرين، كيف نعاملهم ومدى صدقنا معهم ومحبتنا لهم، أي أن الفاصل بين الواقع والادعاء بالنسبة للقيم يكمن في الأفعال وليس في الأقوال. بالنسبة للنبي محمد وللمسيح، عليهما السلام، كان تركيزهما على الإنسان الصالح، الإنسان التقي، وليس على المواطن الصالح – كما تركز على ذلك الأيديولوجيات السائدة حالياً، بما في ذلك المناهج المدرسية والجامعية. فولاء الإنسان الصالح هو للإنسان والطبيعة بمعنى أنه لا يفعل ما يمكن أن يضرّ بهما. أما ولاء المواطن الصالح فهو لدولة حيث يمكن أن يقوم، بناء على أوامر من تلك الدولة، بما يتناقض مع مصلحة الإنسان والطبيعة معاً. بعبارة أخرى، القيمة الأكثر جوهرية هي الأنسنة الصالحة وليس المواطنة الصالحة، إلا إذا كانت الأخيرة أصلا غير متناقضة مع الأولى.

القيم والتعليم

هناك مدخلان رئيسيان للتعلم. المدخل الأول يبدأ بمنهاج، أهم ميّزاته أنه مجزّأ إلى مواضيع مشرذمة، وأنه يوضع في غياب المعلم والطالب (أهم طرفين في العملية)، وأنه ينتهي بامتحانات وعلامات، تعتمد على عملية غريبة ومريبة، ألا وهي وضع الطلبة على خط رأسي بحيث يحدد موقع الشخص، على ذلك الخط، قيمته. [ربما يكون استعمال التفكير الكمي في هذا المجال هو أكبر إساءة عرفتها الرياضيات في تاريخها.] وقد بلغ الوضع درجة عالية من اللامعقولية في السنوات الأخيرة، حيث يمكن أن تقبل جامعة طالباً حصل على معدل 89 مثلا بينما لا تقبل طالبا آخر حصل على 88,5 بحجة أنه غير مؤهل! والمشكلة هنا أن معظم الناس يقبلون بذلك وكأنه يعكس حقيقة ما في الواقع. أما المدخل الرئيسي الثاني للتعلم فهو الذي يعتبر التعلم جزءا لا يتجزأ من الحياة – بل أكثر من ذلك إذ يعتبر التعلّم مرادفاً للحياة.

إن الاختلاف الرئيسي بين المدخلين يكمن في القيم التي تحكم كلاً منهما. فالقيم التي تحكم المدخل الأول يمكن تلخيصها بالفردية والمنافسة حول مكاسب شكلية ورموز لا قيمة حقيقية فيها، وبالسيطرة والتغلُّب على الآخرين. أي أن قيمة الشخص ترتبط بما يكتسبه من رموز وبمقارنته مع الآخرين حسب مقياس خطي عشوائي إلى حدّ بعيد. وبسبب هذه القيم ينمو ويترعرع زيف فكري وعملي في مجال التعليم والمعرفة. إن غياب الأمانة الفكرية مرتبط عضوياً بالقيم التي تحكم حاليا التعليم والتنمية وإنتاج المعرفة ونشرها، بأشكالها السائدة. فربط قيمة الإنسان برموز مرتبطة بفلك السيطرة وليس بما يحسنه فعلا (بالمعاني المتعددة لكلمة "يُحسن")، يؤدي إلى أن يحاول الشخص أو المؤسسة القيام بأي عمل يُكسبهم بعض الرموز.

أما القيم التي تحكم المدخل الثاني فيمكن تلخيصها بما يلي: الحياة هي البداية والموضوع والمرجع والمعيار. أي عدم التناقض مع ما يدعم الحياة أو ما يحافظ على الطبيعة أو مع العلاقات الجميلة بين الناس. وهذا يعني أن الكرم والشعور بالمسؤولية والعمل بموجبها، وأن ما يحدث لعالم الإنسان الداخلي أو للنسيج الروحي الاجتماعي الثقافي مع الآخرين، هي قيم أساسية ضمن هذا المدخل. من هنا فإن العمل الذي يقوم به الشخص، والخبرة التي يكتسبها، يشكلان المادة الأساسية في عملية التعلم. أي أن قيمة الشخص لا يعطيها "مسؤول أو خبير" ولا يقررها امتحان عشوائي وإنما من خلال ما يُحسن عمله في الحياة. وهذه أمور لا وجود لها حاليا في العملية التربوية التعليمية بشكلها السائد.

هناك سؤال من الضروري أن نجيب عليه في وقت ما، ألا وهو: كيف ومتى تحوّل قياس قيمة الإنسان إلى رقم عشوائي والذي كثيراً ما يؤثر على حياة الشخص في المستقبل رغم أنه خالٍ من أي معنى، وكيف قبل الناس بعملية المسخ هذه؟! ويكتسب السؤال أهمية أكبر في مجتمعات، مثل مجتمعنا الذي جاء على لسان أحد رواده في التعلّم، علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قبل 1400 سنة: "قيمة كل امرئ ما يُحسن." فحسب هذه العبارة، لا يتنافس الإنسان مع غيره بقدر ما يتنافس مع نفسه – إذا جاز التعبير. فالتحسن نابع من داخل الشخص، وأساسه العمل الحسن في المجتمع، وروح العطاء، والجمالية والإتقان في العمل – وهي المعاني المتعددة لكلمة "يُحسن" في اللغة العربية.

القيم التي نمت وتبلورت لديّ عبر الثلاثين سنة الماضية

كان لحرب ال 1967 وقعٌ كبير عليّ وخاصة بالنسبة لإدراكي وعملي فيما يتعلق بالتعليم والتعلم والمعرفة. كانت تلك الحرب أول مرة أعي فيها مدى الهوّة بين التعليم والواقع، ومدى بُعد المتعلم عما يجري حوله، وفوقه وتحته. كان أول رد فعل لدي هو أن أقرأ ما كان مهملا ومطموساً في المدرسة والجامعة. وقد كانت أول خبرة لي، أستطيع أن أقول أنها بدأت في خلق وعي لديّ حول مركزية القيم في الحياة، في مجالين: نشوء العمل التطوعي وتطوير تدريس الرياضيات، وكلاهما حدث في الضفة الغربية بفلسطين خلال عقد السبعينات.

بدأ العمل في المجالين بمجموعة صغيرة من الأشخاص. وكان تركيزنا على ربط أقوالنا وأفكارنا بأفعالنا والسياق الذي نعيشه، أي بالحياة. كان التركيز على استعادة قيمة الخبرة والسياق في التعلم، وعلى التعبير عن الخبرة والسياق. كان التركيز على أهمية بناء "العالم الداخلي" للأشخاص وبناء النسيج الاجتماعي الفكري الروحي في المجتمع. كذلك، بدأت المسؤولية تبرز كقيمة أساسية بمعنى أن يسأل الشخص أو المجموعة ماذا يمكن أن يفعلوه ومن ثم يقوموا بفعله. هذه هي القيم التي بدأت بالتبلور من خلال العمل والحوار. سأسهب بعض الشيء فيما يلي بالنسبة لعملي في تطوير تدريس الرياضيات في الضفة الغربية لتوضيح هذه الأبعاد والقيم.

بدأت الفكرة عندما كنت أعلّم في جامعة بيرزيت. فكرنا عندها بإقامة دورات لمعلمي الرياضيات في المرحلة الثانوية في مدارس الضفة الغربية. تقدمنا باقتراح إلى مدير التربية والتعليم في منطقة رام الله، وبدأ التدريب فعلا في صيف 1972. في العام التالي أخذت إجازة من جامعة بيرزيت وعملت مدة خمس سنوات في سلك التعليم كموجه مركزي للرياضيات ومدير لجميع دورات وورش العمل للمعلمين في الضفة الغربية.

كانت أول خطوة هي قيام 14 شخصاً من المهتمين بتدريس الرياضيات بتكوين مجموعة أسميناها "لجنة تطوير تدريس الرياضيات المدرسية". وبدأنا بالاجتماع أسبوعياً من أجل وضع تصور للعمل وكيفية البدء فيه. كانت مدة أول ورشة عمل ثلاثة أسابيع وضمت 214 معلما ومعلمة، كانوا يدرسون وينامون ويأكلون في الموقع. كان أروع ما حدث في تلك الورشة وأكثره قيمة في رأيي هو ليس المحاضرات التي كنا نعطيها ولا المادة أو المناهج الجديدة التي ندرّسها وإنما النقاشات التي كانت تدور في كل مساء بين المشاركين حتى الساعات الأولى من الصباح. كانت تلك أول مرة أعي فيها بشكل صارخ قيمة الحوارات الحرة التي يكون الدافع لها نابعاً من الذات، وليس امتحانا هزيلا أو جوا مبرمجا مثل ما يحدث غالباً داخل الصفوف.

أما بالنسبة للتطبيق في المدارس خلال السنة الدراسية التالية فقد كان أهم ما ميزها هو نشوء مجموعات محلية على مستوى كل لواء وعلى مستوى بعض المدارس. وقد كانت تلك المجموعات تعمل على تنشيط وتفعيل العمل والقيام بنشاطات منوعة مثل لقاءات حوارية ومثل إصدار نشرات ومثل إنشاء نوادٍ للعلوم والرياضيات. وعيت من خلال تلك التجربة قيمة المجموعات الصغيرة التي تتكون بمبادرات ذاتية، في أية عملية تطوير أو بناء.

بعد البدء بتطبيق المناهج الجديدة، بدأت أشعر بأن لذلك لمعانه ولكنه يفتقر كلياً، مثله مثل المناهج السابقة، إلى أي ارتباط بحياة الطلبة وخبراتهم وتساؤلاتهم وتجاربهم. كان جزء من عملي كموجه مركزي للرياضيات زيارة المدارس في جميع أنحاء الضفة الغربية و"توجيه" المعلمين والطلبة. بدأت أطرح فكرة إنشاء نوادٍ للعلوم والرياضيات في المدارس. كان الحماس عاليا بين الطلبة وبعض المعلمين والمعلمات، وكان هناك سؤال يُطرح دوما عند عرض الفكرة: "كيف يمكن أن نبدأ وما هو موضوع النوادي؟" كنت أجيب: "نبدأ بأسئلتكم، فهي الموضوع الرئيسي للنوادي. تعالوا الأسبوع القادم، كلٌّ مع سؤال واحد على الأقل، سؤال حول الحياة وليس منقولا من كتاب. فالعلم يبدأ بأسئلة وليس بإجابات جاهزة." ما تبع ذلك كان من أجمل ما عشته وخبرته في حياتي في مجال التعليم. بدأت النوادي بالنشوء في مدارس عدة ومواقع مختلفة. وبدأ الطلبة في هذه المدارس بالعمل ضمن مجموعات صغيرة، تتكون بمبادرات ذاتية يجمعها اهتمام أو سؤال مشترك. وبالرغم من أن العديد من المعلمين ذكروا أنه بدون علامات أو مكافآت من نوع ما فإن الحماس لن يستمر وأن الطلبة لن يصمدوا في العمل، إلا أن ذلك لم يكن صحيحا. واستمرت النوادي وانتعشت أكثر حتى أغلقتها السلطات الإسرائيلية. هنا كان المعلمون يفكرون من خلال القيم السائدة، والتي تمثلت في هذه الحالة بإعطاء رمز لا علاقة له بالعمل نفسه. كنت أقول للمعلمين: "إذا كان السبب في اهتمام الطلبة هو مثل هذا الرمز، فلا معنى لوجود النوادي." كان التحدي هو في تغيير القيم التي نعمل بها في المدارس. لقد أبرزت تلك التجربة قيمة الخبرات الحياتية والأسئلة الشخصية في التعليم والتعلم.

في نفس الوقت، بدأتُ بنشر مجلة حول تدريس الرياضيات، تلاها مجلة حول تعليم العلوم. كان أحد أهم أدوار المجلة هو التواصل بين المجموعات المختلفة وإبقاء الصورة "الكلية" حياً رغم أنها تتعدّل باستمرار. كانت المجلة تجسيداً لقيمة التواصل والتكامل وعدم الشرذمة والانعزال.

كانت تلك الفترة هي الفترة التي "اكتشفتُ" فيها رياضيات أمي الأمية. علّمتني قيمة الإنسان الحقيقية عن طريق ما يُحسنه وليس عن طريق شهادات ومؤهلات أو وظائف رسمية. كذلك، فقد كانت تجارب تلك الفترة الأساس الذي ألهمني في كثير مما قمت بعمله فيما بعد، سواء أكان ذلك بالنسبة لقيامي بتعليم الرياضيات للعمال الأميين في الجامعة أو لطلبة السنة الأولى فيها، عن طريق مساق تبلور لذلك الغرض، نتج عنه كتاب أسميته "الرياضيات في الاتجاه الآخر".

ثم كانت تجربتي كعميد للطلبة في جامعة بيرزيت مدة ثلاث سنوات، والتي عمّقت فيّ (من بين ما عمّقته) قيمة حركة الجسم والقيمة الجمالية في التعابير الفنية، وذلك عن طريق خلق نشاطات عديدة ومتعددة في الجامعة.

ثم جاءت الانتفاضة بعفويتها وحيويتها ومنطقها الذي كان مغايراً للمنطق السائد، مثلا عن طريق استعادة قيم نسيها الناس نتيجة القيم التي تبثها أجواء التعليم والإعلام وأيديولوجية الاستهلاك السائدة (لنتذكر أصل معنى كلمة "استهلاك" في اللغة العربية: طلب الهلاك)، ، مثل الصداقة والمحبة والتكافل والتحادث واللعب في الحارات والمشي في الجبال والسهول والوديان وشرب الماء والكرم والتنوع. ولعل أهمّ بُعد للانتفاضة كان في استعادة الأمل والمسؤولية كقيمتين يعيشهما الناس في مختلف نواحي الحياة، والتي كان أحد مظاهرهما قيام كل شخص تقريبا بسؤال نفسه: "ماذا يمكنني أن أفعل؟" وقد سألت نفسي هذا السؤال وقتئذ، كما سأله آخرون. كنت في الجامعة وكانت مغلقة (كبقية الجامعات والمدارس بقرار من السلطات الاسرائيلية) وحاولت أن أفعل شيئاً ذا معنى ولكني وجدت الجامعة (مثلها مثل الجامعات عادة) غير قادرة على التأقلم مع ما يستجد حولها. عندها قررت أن أترك الجامعة وأنشأت "مؤسسة تامر" والتي كان محورها كما جاء في بعض أدبياتها "استعادة التعلّم بعد أن صادره التعليم"؛ أو بعبارة أخرى، "تكوين أجواء تعلّمية". وقد تمّ نشر كتيب عام 1995 بعنوان "التحدي الرئيسي: إنهاء احتلال العقول؛ الوسيلة الرئيسية: خلق أجواء تعلمية". وقد كان (وما زال) من بين أهم وأشمل مشاريع المؤسسة حملة القراءة كمثال على خلق أجواء تسير وفق قيم مغايرة للقيم السائدة، مثل القراءة، والتأمل في الخبرات والتعبير عنها، وتشكيل مجموعات صغيرة تعمل على مشاريع وقضايا حياتية (والتي كانت قيمة الحوار إحدى المميزات الأساسية لهذه المجموعات)، والتواصل بين المجموعات المختلفة. كانت هذه القيم وما زالت هي القيم الرئيسية التي تحكم الفكر والعمل في نشاطات الحملة. كذلك، استعنا بشخصية مسرحية للأطفال، هي شخصية "نخلة الشبر"، كان قد أنشأها فنانان قبل الانتفاضة بقليل ولكنها توقفت بسبب الظروف. وقد كان جزء أساسي من العروض في حملة القراءة هو قيام الأطفال بعرض ما يودون عرضه بعد عرض "نخلة الشبر"، وكانت عروض الأطفال تأخذ شكل حركة أو أغنية أو رقصة أو قصة أو شعر. وجدنا أن التعبير المسرحي ربما يكون أقرب التعابير إلى قلوب الأطفال وأسهلها عليهم، حيث كانوا يقومون بها دون تدريب سابق؛ إذ أن كل ما كان ضروريا كما وجدنا هو فسحة خالية من أي حكم على الطفل، وجوّ تسوده روح العشرة. كذلك، فقد استعملنا "جوازات سفر" للقراءة كوسيلة لتعميق بعض القيم مثل القراءة ذاتها ومثل الحفاظ على سجل لما يقرأه الشخص … …

في جميع هذه الحالات والمواقع، كان العمل تجسيداً لقيمٍ تبلورت مع الوقت، من خلال العمل والحوار. ويمكن تلخيص هذه القيم فيما يلي:

العمل ضمن مجموعات صغيرة

مجموعات تتكون في مواقع مختلفة بمبادرات ذاتية، تختار ما تود القيام به، وذلك ضمن رؤيا مشتركة وقيم مشتركة وضمن شبكة من المجموعات التي تعمل ضمن تلك الرؤيا والقيم. كان هناك إلى جانب المجموعات، مجموعة من الأشخاص، ذو بنية مرنة جداً، دورها الرئيسي ليس السيطرة على العملية بل إبقاء الحوار حول العلاقة الديالكتيكية بين العمل والرؤيا قائماً وحياً، وإبقاء التواصل بين الأطراف المختلفة وبين المجموعات المحلية قائماً، والنظر إلى مختلف الأجزاء بكونها تشكل معاً كلاً متكاملاً، وضمان إبقاء الجو والعلاقات منعشة وملهمة. كانت هناك فسحة واسعة لقيام الأشخاص في المواقع المختلفة بتشكيل مجموعات واختيار نشاطات. لم يكن هناك دستور أو قوانين صارمة وإنما نوع من التفاهم المشترك، بما في ذلك الاتفاق على قيم ومبادئ، تحكم العمل. أما ذلك الفهم المشترك والقيم المشتركة فقد كانت تنمو وتتبلور عبر العمل نفسه وعبر الحوارات. لم تكن قيمة المشاركة شكلية ولم تكن شعاراً يُرفع في المناسبات ويمارس في أوقات متباعدة، مثل التصويت في اختيار لجنة أو في اتخاذ قرار، وإنما قيمة حقيقية بمعنى المشاركة الفعلية في عملية البناء على المستويات المختلفة بشكل يومي تقريباً.

ربط المعرفة بالحياة

ربط الأفكار ومعاني الكلمات بالأفعال والسياق الحقيقي الحياتي الذي يعيشه الناس، ليس كما تفعل الكتب المدرسية والجامعية تحت عنوان مزيف مثل "تطبيقات عملية"، وإنما عن طريق التأمل فيما نعمله والتعبير عنه وإعطاء معان للكلمات التي نستعملها من خلال ربطها بخبراتنا وحياتنا، وعن طريق البناء على مستوى العالم الداخلي للشخص والنسيج الاجتماعي أو الروحي أو الفكري أو الفني أو الثقافي. بعبارة أخرى، استعادة قيمة الحواس في التعليم والتعلم، واستعادة قيم أخرى أهملتها أو طمستها الأيديولوجية الاستهلاكية السائدة (والتي ذكرتها سابقا).

الأمل والمسؤولية الشخصية

تمثلت هذه القيمة بأن يسأل كل شخص (أو مجموعة) نفسه: " ماذا يمكن أن أفعل؟" وعدم الاكتفاء بذلك بل يقوم بفعله. أي أهمية أن يكون الدافع داخلياً لا يقرره أحد من خارج الشخص (أو المجموعة).



"الملتقى التربوي العربي" و"قلب الأمور"

وأخيراً كان "الملتقى التربوي العربي" ومشروع "قلب الأمور" واللذان يعكسان مجموعة من القيم. فيما يلي سأتكلم عن مشروع "قلب الأمور" كمثال للعمل ضمن قيم مشتركة … …

ملاحظة أخيرة – حول عنوان المقال:

شمل العنوان "بلورة قيم من خلال التجربة والحوار". وهذا يعني بالضرورة أن ما جاء في المقال هو نتيجة خبرة معينة في موقع معين ونتيجة حوارات معينة. وبالتالي من الضروري أن يقوم أشخاص آخرون بصياغة القيم كما تبلورت من خلال أعمالهم ومناقشاتهم وخبراتهم بحيث ينتج حوار حقيقي بين الصياغات المختلفة لينتج عنها وعي أشمل ورؤيا أوضح. ومن الواضح أن هذه العملية لن تنتهي.

إذا سلخنا القيم عن الحياة والممارسة تصبح قامعة وتساعد في تعميق عملية الزيف القائمة، بل والمتزايدة في عصرنا الحاضر. كذلك، إذا أخذ اهتمامنا بها شكل مساقات في المدارس والجامعات، فإننا نساعد أيضاً في عملية التزييف والدخول مرة أخرى في فصل القول عن العمل والاكتفاء بالادعاء أنك تقوم بفعل شيء.

عندما نتكلم عن قيم، فإننا في الحقيقة نتكلم عن بيئة متكاملة وليس عن أمور تُسقَط إسقاطاً على الناس، أي عن عناصر ونواح وأبعاد تتكامل ويدعم بعضها بعضاً. والقيم عندها يكون آخر ما يمكن أن يتناقض معه الإنسان أو المجتمع في سلوكه. من هنا، مثلاً، يشكل الكرم قيمة جوهرية في المجتمعات العربية. كان خليل السكاكيني مثلا مميزاً كمعلم في كرمه وليس فقط في معرفته. والتميز في المعرفة ليس تميزاً بالمعنى الحقيقي لأن من السهل نسبياً أن يتميز شخص بمعرفته أما التميز بالكرم فهو أعمق وأعرق وأفعل في نفوس الناس، وبوجه خاص الأطفال والطلبة.

والأمانة الفكرية لا تُعالج عن طريق التحليل والنقد والوعظ إلخ وإنما عن طريق …. ولعل أفضل الطرق لمعالجتها هو ربط الكلمات بالحياة قدر الإمكان. هذا ما فعلته منذ بداية عقد السبعينات بدءاً بالعمل الجماعي التطوعي، ثم العمل كموجه مركزي للرياضيات في مدارس الضفة الغربية (سواء في العمل مع لجنة تطوير تدريس الرياضيات أو في العمل مع المعلمين أو مع الطلبة من خلال نوادي العلوم والرياضيات واللقاءات العامة)، ثم كعميد للطلبة في جامعة بيرزيت، ثم كمدير لمؤسسة تامر وحملة القراءة بوجه خاص، وأخيراً في عملي كمدير للملتقى التربوي العربي (ومن ضمنه قلب الأمور).

(لا أعرف كلية تربية أو جهاز تربية عربي يعتبر الكرم قيمة جوهرية في التعليم ويبني عليها.)

* * * *

مشروع ومجلة "قلب الأمور"

شعار المجلة: حياتي موضوع تعبيري… وتعبيري أساس تعلمي



جوهر المشروع: بناء "العالم الداخلي" للإنسان، والنسيج الاجتماعي الفكري الثقافي الروحي للمجتمع. المادة الخام في عملية البناء هذه: حياة الناس وتجاربهم وخبراتهم.

الوسائل والنهج المتبعين في عملية البناء:

وسائل بناء العالم الداخلي للإنسان: التأمل والتفكر بما يمر به الشخص وما يعمله، والتعبير عن ذلك وبناء معان ومفاهيم، واستعادة استعمال الحواس في التعلم.

وسائل بناء النسيج الاجتماعي الفكري الثقافي: مجموعات صغيرة تعمل ضمن سياق حقيقي، والتواصل والتحادث والحوار عبر هذه المجموعات وعبر الفئات والمناطق والأجيال، والقراءة والكتابة، وبناء فكر ومعرفة.

جوهر بناء النسيج الروحي: قيم ومبادئ مشتركة.

» الصدق في الفكر والتعبير والتعامل.
» المسؤولية نحو الذات والآخرين والطبيعة.
» روح الكرم والمحبة والعشرة.
» وحدة الحياة وترابطها وتنوعها.
» السعي نحو معنى وحكمة في الحياة.


المبادئ التي تحكم فكرنا وعملنا في "قلب الأمور":

1. ننظر إلى الإنسان كبان لمعان وتعابير ومعارف ومجموعات بشرية.
2. البناء الذي نطمح له يحدث على صعيدين متداخلين ومتكاملين: العالم الداخلي للإنسان، والنسيج الاجتماعي الفكري الثقافي للمجتمع.
3. البدء في عملية البناء هذه بما هو موجود وإيجابي وملهم (وليس بالاحتياجات والسلبيات والنواقص).
4. كل شخص يملك خبرة، ولا توجد خبرة لا قيمة لها فالحياة منسوجة من قصص الناس وليس من ذرات.
5. تحويل الحياة إلى "قصص" عن طريق التأمل والتفكر والتعبير عنها، وهذا بالضرورة يربط الفكر بالعمل والسياق.
6. الحياة وحدة متكاملة، والمجتمع وحدة متكاملة، والمعرفة وحدة متكاملة. وتنوع الناس في خبراتهم وتعابيرهم ومعارفهم هو مظهر أساسي لهذه الوحدة. لذا لا تقبل المجلة مساهمات تمزق الإنسان من الداخل أو النسيج الاجتماعي من الخارج.
7. المسؤولية نحو الذات والآخرين والطبيعة بمعنى حمايتها، قدر الإمكان، من الأضرار التي يمكن تجنبها.
8. المعرفة تبنى جماعيا، من خلال التفاعل مع المحيط الاجتماعي والطبيعي ومن خلال التحادث والتحاور.
9. التعلم السليم، مثل التنفس السليم، لا يتم إلا إذا حدث بشكل متكامل داخل الإنسان وخارجه.
10. الحضارة العربية معروفة بالكرم، والقراءة مظهر من مظاهر الضيافة، حيث نستقبل عن طريقها الأفكار، بما في ذلك الغريب منها، لتدخل في أعماق بيوتنا البشرية: أنفسنا. كذلك، فإن الكتابة النابعة من تأمل هي مظهر من مظاهر الكرم، حيث نشارك الآخرين بأعز ما نملك: أنفسنا. من هنا، فإننا نعتبر القراءة والكتابة التأملية عادتين وقدرتين أساسيتين في "قلب الأمور."
11. اللغة الأساسية في المجلة هي العربية الفصيحة، وتقبل مساهمات بلغات أخرى يتواجد في بلدانها أعداد كبيرة من العرب.

تصدر المجلة على مستويين:

مجلة "قلب الأمور" العربية، ومجلات "قلب الأمور" المحلية.

تتكون الهيئة المسؤولة عن المجلة العربية من أعضاء يعملون لفترة متواصلة من الزمن (سنتين أو ثلاثة) ومن أشخاص من هيئات مجلات محلية ينضمون إلى هيئة التحرير حال قيامهم بإنتاج المجلة المحلية.

تكون الهيئة العربية مسؤولة بشكل رئيسي عن مضمون وروح ونهج المجلة، ويكون العضو فيها حلقة وصل مع مجموعات ومؤسسات محلية (حيث يكون متواجدا). ومن خصائص هذا العضو أن يغني المجلة ويغنى بها، أي أن يكون على درجة عالية من الخبرة والاندماج. كما يفضل أن يكون لدى الشخص بريد الكتروني ومعرفة جيدة باللغة العربية، كما يتوقع منه/ها المساهمة بمقال واحد على الأقل في كل عدد.

أما المجموعات والمجلات المحلية، فيمكن أن تنشأ وتتكون بمبادرات محلية في أي موقع فيه عدد من الأشخاص الراغبين في ذلك، طالما انهم يلتزمون بجوهر المشروع ونهجه والقيم التي تحكم فكره وعمله.

لماذا حرف الواو شعارا لقلب الأمور؟

الواو حرف عطف، والعطف كلمة تتضمن المحبة.

بل هو كلمة مكونة من حرف واحد.

الواو كلمة جامعة ومجمعة دون حدود.

تفتح الفسحة للجميع ليدخل بما عنده وحسب رغبته.

ولكنها فسحة محكومة بقيم ومبادئ وليس بأهداف.

كلمة مجمعة في عالم يشرذم الانسان من الداخل ويمزق النسيج الاجتماعي من الخارج، يعيد القيمة للعشرة والألفة بين الناس في عالم عطش للتواصل واستعادة الروح.

الواو حرف عطف مكون من حلقة بمثابة مركز ومن خط ملتو "يسافر في كل الدنيا".

"قلب الأمور" مركزها الوطن العربي، وشعرها المجدول يسافر في كل الدنيا، يسافر إلى طل موقع فيه عربي يرغب في إضافة خبرته وتعابيره إلى الآخرين.

منير فاشة
مدير الملتقى التربوي العربي

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 22-10-2007, 12:40 AM
الصورة الرمزية عـسـاه خـيـر
عـسـاه خـيـر عـسـاه خـيـر غير متصل
ناصر آل رشيد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2007
الدولة: Mubarak Al-Kabeer
المشاركات: 5,519
معدل تقييم المستوى: 23
عـسـاه خـيـر is on a distinguished road
رد: دراسات في القيم

الاخ فالح العمره جزاك الله خير ولاهنت يا السنافي

 

التوقيع

 

 
 
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 30-10-2007, 06:55 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road
رد: دراسات في القيم

يا مرحبا بك اخي الكريم عساه خير

رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فطريات القدم ياميـه والكـبرللـه مجلس الطب والصحـــــة والغذاء 13 23-07-2007 12:09 PM
التحديث الاجتماعي للفرد د.فالح العمره مجلس الدراسات والبحوث العلمية 4 23-05-2007 08:12 PM
مشروع المدرسة السلوكية د.فالح العمره مجلس الدراسات والبحوث العلمية 4 22-11-2006 07:37 PM
اول من لعب كورة القدم ..؟؟..؟؟ راكان بن فيصل الحثلين مجلس الرياضة والسيارات 3 20-05-2006 05:08 AM
صفحة ... لـ السب الذي تعرض له المصطفى صلى الله عليه وسلم... ابوانس المجلس العــــــام 60 07-03-2006 03:22 PM

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 01:56 PM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع