مجالس العجمان الرسمي


مجلس الدراسات والبحوث العلمية يعنى بالدراسات والبحوث العلمية وفي جميع التخصصات النظرية والتطبيقية.

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 11-04-2005, 11:52 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road
كيف بدأ الربا.. وكيف انتشر؟



قبل أن نطلع على حقيقة الربا وآثاره في الناس. لننظر أولا في حكم الربا في الشرائع السابقة كاليهودية والنصرانية، وكيف بدأ وانتشر؟
لقد حرم الله الربا على اليهود، وهم يعلمون ذلك، وينهون عنه فيما بينهم، لكنهم يبيحونه مع غيرهم، جاء في سفر التثنية: الإصحاح الثالث والعشرين: " للأجنبي تقرض بربا، ولكن لأخيك لا تقرض بالربا". ومنشأ هذا أنهم ينظرون إلى غيرهم نظرة استعلاء واحتقار، والتوراة وإن كانت قد حرفت إلا أن شيئا منها بقي كما هو لم يحرف، منها تحريم الربا، لكنهم حرفوا النص حينما أباحوه مع غير اليهودي.
والدين النصراني كذلك يحرمه، ففي إنجيل لوقا: " إذا أقرضتم الذين ترجون منهم المكافأة فأي فضل يعرف لكم؟… ولكن افعلوا الخيرات وأقرضوا غير منتظرين عائدتها… وإذاً يكون ثوابكم جزيلا" . وقد أجمع رجال الكنيسة ورؤساؤها كما اتفقت مجامعها على تحريم الربا تحريما قاطعا، حتى إن الآباء اليسوعيين وردت عنهم عبارات صارخة في حق المرابين، يقول الأب بوني: " إن المرابين يفقدون شرفهم في الحياة، إنهم ليسوا أهلا للتكفين بعد موتهم".
ولم يكن تحريم الربا قاصرا على أرباب الديانتين، بل كذلك حرمه من اشتهر في التاريخ بالعلم والفهم والحكمة كبعض الفلاسفة، منهم أرسطو، وأفلاطون الفيلسوف اليوناني الذي قال في كتابه القانون: " لا يحل لشخص أن يقرض بربا".
وأما العرب في جاهليتهم على الرغم من تعاملهم به إلا أنهم كانوا ينظرون إليه نظرة ازدراء، وليس أدل على ذلك أنه عندما تهدم سور الكعبة وأرادت قريش إعادة بنائه حرصت على أن تجمع الأموال اللازمة لذلك من البيوت التي لا تتعامل بالربا، حتى لا يدخل في بناء البيت مال حرام، فقد قال أبو وهب بن عابد بن عمران بن مخزوم: " يا معشر قريش لا تدخلوا في بنيانها من كسبكم إلا طيبا، لا يدخل فيها مهر بغي، ولا بيع ربا، ولا مظلمة أحد من الناس".
وإذا كان الأمر على هذا النحو، وأصحاب الديانات كلهم يحرمون الربا، كيف إذن بدأ وانتشر في العالم؟..
لقد كانت الجاهلية تتعامل بالربا مع قبل الإسلام، فجاء الإسلام وحرمه كما هو معلوم بالنصوص، وسد كل أبوابه ووسائله وذرائعه ومنافذه، حتى ما كان فيه شبهة من ربا منعه وحرمه، كمنعه عليه الصلاة والسلام من بيع صاعين من تمر رديء بصاع من تمر جيد. فامتثل الناس لذلك، وتلاشى الربا، وحل محله البيع والقرض الحسن والصدقة والزكاة. وكما قلنا كانت أوربا التي تدين بالنصرانية تحرم الربا وتنهى عن التعامل به، أما اليهود ـ والذين كانوا يمتنعون من التعامل بالربا فيما بينهم ـ كانوا ممنوعين من التعامل به مع غيرهم تحت وطأة الكراهية والذل الذي كانوا فيه.
لكن ومنذ أواخر القرن السادس عشر ميلادي بدأت أوربا بالتمرد على هذا الحكم الإلهي. ففي عام 1593م وضع استثناء لهذا الحظر في أموال القاصرين، فصار يباح تثميرها بالربا، بإذن من القاضي، فكان هذا خرقا للتحريم. ثم تبع ذلك استغلال الكبار لنفوذهم، فقد كان بعض الملوك والرؤساء يأخذون بالربا علنا، فهذا لويس الرابع عشر اقترض بالربا في 1692م، والبابا التاسع تعامل كذلك بالربا في سنة 1860م. كانت تلك محاولات وخروقات فردية.
لكن الربا لم ينتشر ولم يقر كقانون معترف به إلا بعد الثورة الفرنسية، فالثورة كانت ثورة على الدين والحكم الإقطاعي والملكي..
وكان من جملة الأحكام الدينية في أوربا كما علمنا تحريم الربا، فنبذ هذا الحكم ضمن ما نبذ من أحكام أخر، وكان لا بد أن يحصل ذلك، إذ إن اليهود كانت لهم اليد الطولى في تحريك الثورة الفرنسية واستغلال نتائجها لتحقيق طموحاتهم، من ذلك إنشاء مصارف ربوية، لتحقيق أحلامهم بالاستحواذ على أموال العالم، وجاءت الفرصة في تلك الثورة، وأحل الربا وأقر: فقد قررت الجمعية العمومية في فرنسا في الأمر الصادر بتاريخ 12 أكتوبر سنة 1789م أنه يجوز لكل أحد أن يتعامل بالربا في حدود خاصة يعينها القانون. صدرت فرنسا التمرد على الدين وعزله عن الحياة إلى كل أوربا، ومن ذلك التمرد على تحريم الربا، وقد كان اليهود في ذلك الحين من أصحاب المال، وبدأت الثورة الصناعية، واحتاج أصحاب الصناعات إلى المال لتمويل مشاريعهم، فأحجم أصحاب المال من غير اليهود عن تمويل تلك المشاريع الحديثة خشية الخسارة.
أما اليهود فبادروا بإقراضهم بالربا، ففي قروض الربا الربح مضمون، ولو خسر المقترض، وقد كانت أوربا في ذلك الحين مستحوذة على بلدان العالم بقوة السلاح، فارضة عليها إرادتها، فلما تملك اليهود أمرها وتحكموا في إرادتها كان معنى ذلك السيطرة والتحكم في العالم أجمع، ومن ثم فرضوا التعامل الربا على جميع البلاد التي تقع تحت سيطرة الغرب، فانتشر الربا وشاع في كل المبادلات التجارية والبنوك، فاليهود كانوا ولا زالوا إلى اليوم يملكون اقتصاد العالم وبنوكه.
إذن.. اليهود هم وراء نشر النظام الربوي في العالم، وكل المتعاملين بالربا هم من خدمة اليهود والعاملين على زيادة أرصدة اليهود ليسخروها في ضرب الإسلام والمسلمين وكافة الشعوب.
انتشر الربا وانتشر معه كافة الأمراض الاقتصادية والسياسية والأخلاقية الاجتماعية..

الفصل الأول :تعريف الربا
وسنذكر التعريف اللغوي ثم التعريف الاصطلاحي عند الفقهاء وما يلاحظ على هذه التعريفات الاصطلاحية:-
المبحث الأول:-
التعريف اللغوي:-
الراء والباء والحرف المعتل وكذلك المهموز منه يدل على أصل واحد، وهو الزيادة والنمو والعلو…والرِّبا تثنية رِبوان و رِبَيَان
فالربا هو الفضل والزيادة. وتقول: ربا الشيء يربوا رُبُوَّاً ورِباءاً أي: زاد ونما، وأربيته: نميته ، وفي التنزيل العزيز:
"ويربي الصدقات" [ البقرة : 265 ] .
ومنه أخذ الرِّبا المحرم
المبحث الثاني:-
التعريف الاصطلاحي للربا
بااختلفت تعريفات المذاهب للربا وسنذكر تعريف كل مذهب على حده ثم نبين-إن شاء الله- وجه اختلاف تعريفات العلماء للربا:-
تعريف الربا في المذهب الحنفي:-
هو عندهم :- (فضلُ مالٍ بلا عوض في معاوضة مال بمال
وقيل هو:- (الفضل الخالي عن العوض المشروط في البيع
تعريفه في المذهب المالكي:-
هو:- (كل زيادة لم يقابلها عوض
تعريفه في المذهب الشافعي:-
هو:- (عقد على عوض مخصوص غير معلوم التماثل في معيار الشرع حالة العقد أو مع تأخير في البدلين أو أحدهما)
تعريفه في المذهب الحنبلي:-
هو:- (الزيادة في أشياء مخصوصة
ــ والمتأمل في هذه التعريفات وغيرها من تعريفات العلماء للربا يجد أنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام وهي كما يلي:-
1) تعريفات مقصورة على ربا القروض:-
فمن العلماء من حصر تعريفه للربا في نطاق ربا القروض ومنهم الإمام ابن الأثير حيث يقول:-
" وهو في الشرع : الزيادة على أصل المال من غير عقد تبايع "
ـ ومنهم الإمام الواحدي فقد عرفه بقوله:-
" الربا اسم للزيادة على أصل المال من غير بيع
ومما هو واضح في تعريف هذين الإمامين أنهما عرفا ربا القروض فقط، وأما ربا البيوع فأخرجاه من نطاق التعريف بقولهما: (من غير عقد تبايع) و: (من غير بيع) ولعلهما اقتصرا على تعريف ربا القروض مراعين أنه هو الربا الجلي المتفق عليه
2) تعريفات مقصورة على ربا البيوع:-
فمن العلماء من اقتصر على تعريف ربا البيوع أثناء تعريفه للربا وهذه هي تعريفات الحنفية والشافعية السابقة.
ويلاحظ أن تلك التعريفات تتحدث عن الربا في نطاق البيوع، ولعل سبب الاقتصار على تعريف ربا البيوع يرجع إلى أنهم أرادوا معالجة ربا البيوع فحسب
3) تعريفات للربا باعتبار مفهومه الشامل:-
ومن العلماء من عرف الربا باعتبار مفهومه الشامل كالإمام ابن العربي في قوله:- (كل زيادة لم يقابلها عوض
وكذلك تعريف الحنابلة السابق إنما هو باعتبار مفهومه الشامل.
ويظهر من هذه التعريفات شمولها ربا القروض وربا البيوع، حيث توجد الزيادة فيهما، إلا أن تعريف الإمام ابن العربي غير مانع، حيث تدخل زيادات ليست من الربا

الفصل الثاني : أدلة تحريم الربا
لقد حرم الله الربا وقرر أنه من أكبر الكبائر كما بَيَّن أنه سبب لعقوبات عديدة في الدنيا والآخرة.
ولم يقف عند هذا الحد ، بل منع الاسلام من تقديم أي مساعدة للتعامل الربوي وتنوعت أدلة تحريمه فقد جاء ذلك في الكتاب والسنة وأجمع المسلمون على ذلك وسنذكر –إن شاء الله تعالى- الأدلة من الكتاب ثم من السنة ثم الإجماع على ذلك:-
المبحث الأول:- أدلة تحريم الربا في القرآن الكريم:-
لا شك أن القرآن قد نهى عن كثير من المنكرات وشدد الوعيد في بعضها، ولكن الكلمات التي جاء بها لإعلان حرمة الربا أشدُّ وآكد من الكلمات التي أوردها للنهي عن سائر المنكرات والمعاصي
وذكر الله -عز وجل- تحريم الربا في آيات من كتابه الكريم منها:-
1. قوله تعالى:-" الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المسِّ ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" [ البقرة : 275 ] .
ويستدل بهذه الآية على تحريم الربا من عدة وجوه هي:-
الوجه الأول : ذكر حال المرابي في قوله "الذين يأكلن الربا " وحتى قوله "ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا":-
روى الإمام الطبري -رحمه الله- عن سعيد بن جبير –رحمه الله- في تفسير هذه الآية قوله:- (يبعث آكل الربا يوم القيامة مجنوناً يخنق)
ونقل عن قتادة قوله:- (وتلك علامة أهل الربا يوم القيامة، بعثوا وبهم خبل من الشيطان)
ومعنى الآية:-
أن الذين يربون الربا لا يقومون في الآخرة من قبورهم إلا كما يقوم الذي يخنقه الشيطان فيصرعه من الجنون
والله سبحانه وتعالى إنما يرتب هذه العقوبات على المعاصي والموبقات لا على القربات والمباحات.
وذكره سبحانه لحالهم هذا وأنهم كما كانوا في الدنيا في طلب المكاسب الخبيثة كالمجانين، عوقبوا في البرزخ والقيامة ، بأنهم لا يقومون من قبورهم، أو يوم بعثهم ونشورهم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من الجنون والصرع يدل على الترهيب من هذا العمل الذي يكون مصير فاعله في الآخرة هذا الحال.
ــ تنبيه:-هذا الوعيد ليس خاصاً بالأكل فليس المقصود من الربا في هذه الآية الأكل إلا أن الذين نزلت فيهم هذه الآيات كانت طعمتهم ومأكلهم من الربا فذكرهم بصفتهم معظماً بذلك عليهم أمر الربا ومقبحاً إليهم الحال التي هم عليها في مطاعمهم ويدل لهذا القول قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين" الآية [ البقرة : 278 ] فالتحريم من الله في ذلك لكل معاني الربا وهي تدل على أن العمل به وأكله وأخذه وعطاؤه سواء
الوجه الثاني:- في قوله تعالى :- (وأحل الله البيع وحرم الربا)
وهذا تحريم صريح جازم في كتاب الله
ومعنى الآية:-
أن الله تعالى أحل البيع وحرم نوعاً من أنواعه وهو البيع المشتمل على الربا.
الوجه الثالث:- في قوله تعالى:- (ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون).
ففي هذا أن الربا موجب لدخول النار والخلود فيها، وذلك لشناعته ما لم يمنع من الخلود مانع الإيمان(
2. الدليل الثاني من القرآن:- قوله تعالى:- (يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفّار أثيم) [ البقرة : 286 ] .
وهذه الآية أيضاً تدل على تحريم الربا ويستدل بها على ذلك من أربعة وجوه هي:-
الوجه الأول:- أنَّ الله تعالى يذهب الربا إما بأن يذهبه بالكلية من يد صاحبه أو يحرمه بركة ماله فلا ينتفع به بل يعدمه به في الدنيا ويعاقبه عليه يوم القيامة.
وهذا يدل على تحريمه لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً كما ورد ذلك في عدة أحاديث.
الوجه الثاني:- في قوله تعالى:- "والله لا يحب كل كفار أثيم"
فحرمانه من محبة الله يستلزم بغضه ومقته له، وهو يدل على تحريم عمل المرابي الذي بسببه استحق غضب الله ومقته.
الوجه الثالث:- تسميته كفاراً، أي مبالغاً في كفر النعمة بقسوته على العاجز عن القضاء، واستغلاله لما يعرض له من الضرورة بدلاً من إنظاره وتأخير دينه إلى الميسرة وإسعافه بالصدقة ، أو كفاراً الكفر المخرج من الملَّة إن استحلَّه.
الوجه الرابع:- تسميته أثيماً وهي صيغة مبالغة من الإثم ، وهو كل ما فيه ضرر في النفس أو المال أو غيرهما
3. الدليل الثالث من القرآن الكريم:- قوله تعالى:- "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظْلمون ولا تُظْلمون" [ البقرة : 278 – 279 ]. وهاتان الآيتان تدلان على تحريم الربا من عدة وجوه هي:-
الوجه الأول:- من قوله:- "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا" :-
حيث أمر الله تعالى عباده المؤمنين بتقواه نهياً لهم عمَّا يقربهم إلى سخطه ويبعدهم عن رضاه، أي خافوه وراقبوه فيما تفعلون "وذروا ما بقي من الربا" أي اتركوا ما لكم على الناس من الزيادة على رؤوس الأموال بعد هذا الإنذار.
وهذا يدل على أن الربا من أسباب سخط الله تعالى لأن الله نهى المؤمنين عنه وأمرهم بالتخلص مما بقي منه ومن خالف أمر الله تعالى فقد عرَّض نفسه للهلاك والعقاب إن لم يتب إلى الله تعالى فيتوب الله عليه.
الوجه الثاني:- من قوله تعالى:- "إن كنتم مؤمنين" :- أي بما شرع الله لكم من تحليل البيع وتحريم الربا وغير ذلك
ومما يفهم من الآية الكريمة أن من مقتضيات الإيمان ترك الربا ، وهذا يدل على تحريمه.
الوجه الثالث:- من قوله تعالى:- "فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله" :-
وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لمن استمر على تعاطي الربا بعد الإنذار، وأذان الحرب من الله ورسوله بسبب هذه الجريمة يدل على أنها من الكبائر.
يقول الإمام القرطبي- رحمه الله - دلت هذه الآية على أن أكل الربا والعمل به من الكبائر).
الوجه الرابع:- من قوله تعالى:- "وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تُظلمون".
فوصَفَه بالظلم وهو ظلم محقق لأن فيه تسلط الغني على الفقير ومعلوم أن ظلم المحتاج أعظم من ظلم غير المحتاج ، وقد قال تعالى في الحديث القدسي – محرماً الظلم- :"يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا" رواه مسلم
4. الدليل الرابع من القرآن الكريم:- قوله تعالى:- "وما ءاتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وما ءاتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون".
ومعنى (لا يربوا عند الله): أي لا يحكم به بل هو للمأخوذ منه، وهذه الآية تدل على تحريم الربا على القول بأنها في الربا المحرم وهو أحد الأقوال في تفسير هذه الآية
*هذا ما تيسر من ذكر الأدلة من كتاب الله تعالى على تحريم الربا، ومَنْ تأمّل بعض ما تقدم حصل له العلم اليقيني بأنه من المحرمات التي نهى الله تعالى عنها نهياً أكيداً ورتب عليها العقوبة في الدار الآخرة، وننتقل الآن لذكر الأدلة على ذلك من سنة المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

المبحث الثاني:- أدلة تحريم الربا في السنة المطهرة:-
إنَّ الأحاديث في تحريم الربا كثيرة ومشهورة، وقد توعَّد الله آكل الربا بضروب من الوعيد مما يدل على عظم إثمه وفحش ضرره فقد تنوع الوعيد عليه في النصوص القرآنية – كما سبق بيانه- والأحاديث النبوية، فعدَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم المرابي من أهل الموبقات وهي أكبر الكبائر ووردت عدة أحاديث صحيحة في لعن آكل الرِّبا وموكله وكاتبه وشاهديه، ووردت عدة أحاديث في الوعيد الشديد عليه وسنذكر فيما يلي بعض هذه الأحاديث ونجملها في العناوين التالية:-
1) ما ورد من لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لآكل الربا ومن عاونه على هذا الباطل:-
; عن جابر رضي الله عنه قال:" لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله، وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء" رواه مسلم
; وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله" رواه مسلم
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة: آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه والحالّ والمحلَّل له ومانع الصدقة، والواشحة والموستوشحة " رواه الإمام أحمد( [26]).
2. ما ورد من نهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن آكل الربا وعدِّه من الموبقات:-
; عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: " نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب وثمن الدم ، ونهى عن الواشمة والموشومة، وآكل الربا وموكله، ولعن المصور" رواه البخاري.
; وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: وما هي يا رسول الله، قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات" متفق عليه.
3. ما ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم من تقريره – في خطبته في حجة الوداع – لتحريم الربا ووضعه:-
عن سليمان بن عمرو عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول:-
" ألا إنَّ كل ربا من ربا الجاهلية موضوع، لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ، ألا وإن كل دم من دم الجاهلية موضوع، وأول دم أضع منها دم الحارث بن عبد المطلب كان مسترضعاً في بني ليث فقتلته هذيل، قال: اللهم هل بلغت؟ قالوا: نعم. ثلاث مرات.قال:- " اللهم اشهد" . ثلاث مرات. رواه أبو داود ومسلم نحوه
4. ذكره صلى الله عليه وسلم لعقوبة من يظهر فيهم الربا:-
; عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال:- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من قوم يظهر فيهم الربا إلا أخذوا بالسنة، وما من قوم يظهر فيهم الرشا إلا أخذوا بالرعب" رواه الإمام أحمد
; وعن أبي أمامة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:- " يبيت قوم من هذه الأمة على طعم وشرب ولهو ولعب فيصبحوا قد مسخوا قردة وخنازير ، وليصبنهم خسف وقذف حتى يصبح الناس فيقولون خسف الليلة بدار فلان ، ولترسلن عليهم حجارة من السماء كما أرسلت على قوم لوط على قبائل فيها، وعلى دور بشربهم ، ولترسلن عليهم الريح العقيم التي أهلكت عاداً على قبائل ، وعلى دور شربهم الخمر ولبسهم الحرير واتخاذهم القينات وأكلهم الربا، وقطيعة الرحم.." رواه الإمام أحمد مختصرً

5. ما ورد في حديث الإسراء وغيره من ذكر عقوبة المرابي يوم القيامة:-
; عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة، فانطلقا حتى أتينا على نهر من دم، فيه رجل قائم، وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة، فأقبل الرَّجل الذي في النهر ، فإذا أراد الرجل أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فردَّه حيث كان، فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع حيث كان ، فقلت: ما هذا؟ فقال: الذي رأيته في النهر : آكل الربا ". رواه الإمام أحمد مختصراً والبخاري بهذا اللفظ
; وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:- " أتيت ليلة أسري بي على قوم بطونهم كالبيوت فيها الحيات ترى من خارج بطونهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء أكلة الربا" . رواه الإمام أحمد
6. ما ورد من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أنه أشد من الزنا والعياذ بالله:-
; عن عبد الله بن حنظلة الراهب "مرفوعاً" : " درهم ربا يأكله الرجل – وهو يعلم – أشد عند الله من ست وثلاثين زنية " رواه الإمام أحمد والدارقطني .
; وعن البراء بن عازب رضي الله عنه مرفوعاً : " الربا اثنان وسبعون باباً ، أدناها مثل إتيان الرجل أمه، وإن أدنى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه " رواه الطبراني .
; وعن وهب بن الأسود خال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " دخلت على رسول الله فقال لي: ألا أنبئك بشيء من الربا؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: " الربا سبعون باباً ، أدنى فجرة منها كاضطجاع الرجل أمه".
7. ما ورد من الأحاديث الدالة على محق البركة من المال الذي رابى فيه صاحبه ، وأن عاقبته إلى زوال:-
; عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الربا وإن كَثُر فإن عاقبته إلى قل" رواه الإمام أحمد
قال ابن كثير – رحمه الله - : (وهذا من باب المعاملة بنقيض المقصود
وقال معمر: (سمعت أنه لا يأتي على صاحب الربا أربعون سنة حتى يمحق)، وقاله الثوري ، وقال عبد الرزاق : قد رأيته. رواه عبد الرزاق
8. ما ورد من إنكار الصحابة رضي الله عنهم على من تعامل بالربا أو أذن في ذلك:-
; عن سليمان بن يسار : " أن صكاك التجار خرجت فاستأذن التجارُ مروانَ في بيعها فأذن لهم، فدخل أبو هريرة – رضي الله عنه- عليه فقال له: " أذنت في بيع الربا وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشتري الطعام ثم يباع حتى يُستوفى " .
قال سليمان : فرأيت مروان بعث الحرس فجعلوا ينتزعون الصكاك من أيدي من لا يتحرج منهم" رواه الإمام أحمد
والأحاديث في هذا الباب كثيرة ، وكتب الفقه والحديث والتفسير وغيرها مليئة بالنقول عن كبار العلماء من الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب وغيرهم…
وفي هذا القدر من أدلة السنة على تحريم الربا كفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد
المبحث الثالث:- دليل الإجماع على تحريم الربا :- لقد نقل غير واحد من أهل العلم إجماع الأمة على تحريم الربا في الجملة وإن اختلفوا في بعض صوره، وممن نقل ذلك :-
1. الإمام النووي :- حيث يقول رحمه الله- : ( أجمع المسلمون على تحريم الربا وأنه من الكبائر وقيل إنه كان محرماً في جميع الشرائع وممن حكاه الماوردي
2. شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:- يقول رحمه الله:- ( المراباة حرام بالكتاب والسنة والإجماع)
3. الإمام الصنعاني:- حيث قال:- (وقد أجمعت الأمة على تحريم الربا في الجملة وإن اختلفوا في التفاصيل
; ومن راجع أقوال العلماء في الربا علم يقيناً أن الربا محرم مجمع عليه، فهو من المحرمات التي لا يسع جهلها…. ولا تجد أحداً من أهل العلم إلا قال لك: الربا حرام، ولا تجد باحثاً مسلماً يخشى الله إلا وهو يحكي التحريم عمن قبله.
 هذا ما تيسر جمعه من أدلة تحريم الربا، وهي كما سبق تدل دلالة قطعية على ذلك لمن تأملها.

الفصل الثالث : التدرج في تحريم الربا
ذكر بعض الباحثين أن الربا في القرآن الكريم تدرجت الآيات في تحريمه كما تدرجت في تحريم الخمر . ويمكن ترتيب هذه التدرج كما يلي:-
1. المرحلة الأولى:- ما جاء في سورة الروم وهي مكية نزلت قبل الهجرة ببضع سنين مقروناً بذم الربا ومدح الزكاة وذلك قبل فرض الزكاة كما في قوله تعالى:- " وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وما آتيتم من الزكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون"[ الروم: 39 ] .
وقد جاء في السور المكية أصول الواجبات والمحرمات بوجه إجمالي كما في هذه الآية( [2]).
2. المرحلة الثانية:- وهي في قوله تعالى في سورة النساء:- " فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيراً، وأخذهم الربا وقد نُهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذاباً أليماً". [ النساء : 160 –161 ] .
أي أن الله قد نهاهم عن الربا فتناولوه وأخذوه واحتالوا عليه بأنواع من الحيل وصنوف من الشبه
وهذا تلميح بالتحريم لأنه جاء على سبيل الحكاية عن بني إسرائيل وأن الربا كان محرماً عليهم، فاحتالوا على أكله، فهو بذلك تمهيد ، وإيماء إلى إمكان تحريم الربا على المسلمين كما هو محرم على بني إسرائيل…
وفيه إيماء آخر ، وهو أنه إذا حرم عليكم الربا فلا تفعلوا مثل فعلهم، فتلقوا من العذاب الأليم مثل ما لقوا لأن هذا السلوك ليس إلا سلوك الكافرين والعياذ بالله
3. المرحلة الثالثة:- في سورة آل عمران حيث يقول تعالى:- " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون، واتقوا النار التي أعدت للكافرين ، وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون"[ آل عمران : 130 –132 ] .
أي: يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا في إسلامكم بعد إذ هداكم له، كما كنتم تأكلونه في جاهليتكم
وهذا مفيد لتحريم الربا- كما سبق بيانه – إلا أنه لم يكن فيه من التهديد والوعيد ما كان في آخر مراحل التحريم.
4. المرحلة والأخيرة :- وفي هذه المرحلة جاءت الآيات الكريمة بالحكم الشرعي:- " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون، يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم" إلى قوله:- " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون" [ البقرة : 275 – 279 ].
وهذه الآيات من آخر ما نزل من القرآن الكريم، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى:- " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين" إلى قوله " وهم لا يظلمون" [ البقرة : 278 – 279 ] قال:- (هذه آخر آية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم) رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم
ويستمر تحريمه إلى يوم القيامة ، هذا تاريخ الربا عبر التاريخ، وكابوسه الثقيل على الأمم وموقف الشرائع السماوية منه ومحاربته لإنقاذ البشرية من ويلاته ولكنْ يأبى الذين استحوذ عليهم الشيطان واستولى عليهم الشحُّ إلا عتواً ونفوراً ليستمروا على التحكم بأموال الناس بغير حق

المراجع
شرح كتاب البيوع من بلوغ المرام فضيلة الشيخ محمد العثيمين - شرائط
فقه وفتاوى البيوع: 152
جامع البيان: 3 / 103
أحكام القرآن: 1 / 242


ولا تنسونى من الدعاء بالتوفيق ايها القراء الاعزاء

البعض منقول من مواقع مختلفة -للأمانه العلميه

تحياتى

 

التوقيع

 



من كتاباتي
صرخاااات قلم (( عندما تنزف ريشة القلم دما ))
قلم معطل وقلم مكسوووور
عندما ’تطرد من قلوب الناس !!!!!!(وتدفن في مقبرة ذاتك)
دعاة محترفون لا دعاة هواه ( 1)
الداعية المحترف واللاعب المحترف لا سواء(2)
نعم دعاة محترفين لا دعاة هواة!!!! (( 3 ))
خواطر وجها لوجه
همسة صاااااااااااارخه
خواطر غير مألوفه
اليوم يوم الملحمه ...
على جماجم الرجال ننال السؤدد والعزه
عالم ذره يعبد بقره !!!
معذرة يا رسول الله فقد تأخر قلمي
دمعة مجاهد ودم شهيد !!!!!!
انااااااااا سارق !!!!
انفلونزا العقووووووووول
مكيجة الذات
الجماهير الغبيه
شمووووخ إمرأه

 
 
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
طرق مشاهدة الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 05:40 PM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع