قوة التحكم في العواطف
بقلم د. إبراهيم الفقي
تتغير الأحاسيس كما يتقلب الجو, وتختلف الأحاسيس كألوان قوس قزح . فأنت من الممكن أن يبدأ يومك بالسعادة وأنت تستعد للخروج وتتأنق في ملابسك .
وأثناء ذهابك لعملك لو ضايقك أي شخص بسيارته أثناء قيادتك فأنت تتركه يمر ببساطة وبدون أي انفعال وتذهب إلى عملك وتبدأ بتحية الجميع وتتمنى لهم يوما سعيدا, ولم كل هذا؟... فقط لأنك تشعر بالسعادة .
وفي اليوم التالي تستيقظ متأخرا في الصباح حيث إنك قد نسيت ضبط ساعة التنبيه للاستيقاظ , ويختلظ كل شيءأمامك كما لو كان هناك حريق بالمنزل , واذا ضايقك أحد في الطريق تكون في منتهى العصبية , وتصل إلى عملك وأنت في حالة غليان, واذا بادر أحد بتحيتك متمنيآ لك يوما سعيدا فسيكون ردك : "أرجوك اتركي وشأني فمن أين ستأتي السعادة ؟"
دعني أسألك هذا السؤال ... عندما يقوم رثيسك في العمل بتحيتك صباحا بابتسامة لطيفة فهل يؤثرذلك على إحساسك ؟. ولو حدث العكس ولم ينظر حتى إليك فهل لهذا تأثيرعلى إحساسك؟
اؤكد لك أن الإجابة ستكون "نعم ".
في كتابه "غير فكرك لمجرد التغيير "قال ريتشارد باندلر" يظن بعض الناس أن الشعور بالسعادة هو نتيجة النجاح , ولكن العكس هوالصحيح حيث ان النجاح هو نتيجة الشعور بالسعادة ".
فهل أنت أحد هؤلاء الذين ينتظرون شيثآ بعينه أو شخصآ محددآ يجعلك تشعر بالارتياح والسعادة ؟... هل حدث أنك كنت متلهفآ للحصول على شيء معين , وبعد حصولك عليه قلت في نفسك "هل هذا هو كل ما كنت أنتظره ؟".
في الحقيقة كل منا كان ضحية للشعور بالضيق في وقت ما في حياتنا, وكنا أيضا سجناء العواطف السلبية التي قد تكون في صورة خوف أو حزن أو ألم ... وهناك بعض الناس الذين يحاولون الهرب من مشاكلهم بتعاطي المخدرات أو شرب الخمور أو التدخين أو الشراهة في الأكل أو لعب القمار أو حتى مشاهدة التلفاز لفترات طويلة . وللأسف فإن هذه العادات السلبية تتسبب في أضرار أكثر تسلب الانسان مقدرته على الشعور وتعطيه مهربا مؤقتا, وتكون أثارها السيثة أكبر بكثير علي المدى الطويل .
والان ... ألم يحن الوقت لنحرر أنفسنا من العواطف السلبيةوالعادات السلبية ؟
ألم يحن الوقت لنسيطر على عواطفنا ولا نسمح لأي إنسان أو أي شيء أن يملي علينا ويختار لنا أحاسيسنا.
فلنبدأ بفهم السببين الرثيسين للعواطف ... فبناء على رأي سيجموند فرويد فإن أول سبب
للعواطف هو "لحب والرغبة ". أماالسبب الثاني فهو "الخوف والفقدان ". والسبب الأول يرتبط بالمتعة والسرور, ويدفع الإنسان للتحول تجاه رغباته ... أما السبب الثاني فيرتبط بالألم ويدفع الإنسان للابتعاد عن مصدر الألم . وتختلف مصادر العواطف من شخص إلى اخر وتتحدد طبقا لطريقة تفكيرنا وتفسيرنا للأشياء ومفهومنا ورؤيتنا للمواقف . فمثلا إذا كان لاى شخص ما رغبة شديدة للتدخين فإنه سيربط المتعة بتناوله للسيجارةويتجه للتدخين ... وربما يربط شخص آخر الألم بعلاقة معينة فيميل لإنهاء تلك العلاقة ويبتعد عنها... وفي كلتا الحالتين فقد بنيت العواطف على أساس كيفية رؤية الشخص للمواقف والأفكار التي يضعها في ذهنه ، وبالتالي فرؤيتك لأي موقف هي التي تحدد نوعية حياتك , وفي ذلك يقول أبراهام لينكولن : "يكون المرء سعيدا بمقدار الدرجة التي يقرر أن يكون عليها من السعادة "
ففي أي مرة ينتابك الشعور بعواطف سلبية عليك أن تسأل نفسك هل هذه العاطفة مفيدة أم ضارة؟ . . . هل ستساعدني على التقدم وتحقيق أهدافي؟
والآن اليك المبادئ الأربعة للسعادة:
1. الهدوء النفسي الداخلي:
عندما يكون كيانك الداخلي في سلام و تسمح لقوة الحب بأن تملأ قلبك وروحك فإن كيانك الداخلي سيجعل مقاومتك شديدة ضد أي من تأثيرات وأحداث العالم الخارجي , وستتمتع ليلا بالنوم العميق الهادى بصرف النظر عن الأحداث التي مررت بها خلال اليوم .
2. الصحة السليمة و الطاقة:
إن كثيرآ من الناس يضعون الصحة والطاقة في آخر قائمة اهتماماتهم ويبداون في فهم قيم الصحة فقط اذا انتابتهم المصائب الصحية. ولك أن تعلم أن الطريقة التي تبرمج بها عقلك و مدى مداومتك على الالعاب الرياضية كل ذلك يؤثر على مستوى صحتك و طاقتك.
3. الحب و العلاقات:
عندما تكون علاقاتك بالأخرين طيبة , وعندما تكون على علاقة يسودها الحب مع من حولك ,وتشعر فعلا أنهم يهتمون بك ويحتاجون إليك ستكون أكثر سعادة .
4. تحقيق الذات:
عندما يكون عندك أهداف ذات قيمة وتشعر بالحماس لتحقيقهاستجد أنك تعمل في هذا الاتجاه وسيكون شعورك تجاه ذاتك وتجاه مقدرتك على النجاح إيجابيا .
وفيما يلي نوضح كيف يمكنك تحويل الأحاسيس السلبية إلى أحاسيس إيجابية في الحال . هناك ثلاث قواعد رئيسية يمكنك عن طريقها أن تتحكم في الأحاسيس السلبية وتغييرها:
1- تحركات الجسد :
ان الطريقة التي تحرك بها جسمك تؤثو على ذهنك وعلى أحاسيسك ولنوضح ذلك عليك باتباع الخطوات التالية :
* أرخ أكتافك وأخفض رأسك وتنفس ببطء وفكر في شيء يسبب لك الضيق بدرجة كبيرة وردد قاثلأ "أنا مسرور وفي غاية السعادة "... هل هذه الطريقة صحيحة ؟... هل تعكس شعورك الحقيقي؟ . . . بالطبح لا.
* والآن اتبع الخطوات العكسية التالية :
ارفع أكتافك ورأسك إلى الأعلى وتنفس بقوة وردد "أنا ضعيف "... هل هذه الطريقة تعكس
شعورك الحقيقي ؟... بالطبح لا.
في كلتا الحالتين السابقتين حركات الجسم لا تعكس الرسالة التي ترسلها أنت إلى ذهنك
نخلص من ذلك أن الطريقة التي تحرك بها جسمك تؤثر قطعاعلى إحساسك .
2- تعييرات الوجه:
هل تعرف عدد العضلات في وجه الإنسان ؟... 80عضلة وكل عضلة متصلة بجزء معين في المخ لذلك فإذا كنت سعيداستبتسم واذا كنت مسرورا ستضحك واذا كنت في حالة من الضيق فستعبر عن ذلك بعبوس الوجه . وبتغيير تعبيرات الوجه يمكنك تغيير احاسيسك
عندما تبتسم ينحفض مستوى الأدرينالين في الجسم ويرتفع مستوى الأندورفين ويسبب شعورك بسعادة أكثر وتوتر أقل . فعليك أن تلاحظ في أول مرة قادمة تواجهك فيها أية مشكلة أن ترسم ابتسامة على وجهك , وربما لا يكون ذلك بالشيء الهين والممكن في كل مرة . ولكن قم بعمل ذلك على أي حال حتى لو تطلبه ذلك منك أن ترسم ابتسامة مزيفة إلى أن تتقن القيام بذلك بدون مجهود.
3. التمثيل الداخلي :
عند قيامك بعمل أي شيء فإنك تستخدم حواسك الخمس, فالطريقة التي ترى بها وتسمع بها وتتذوق بها وتشم وتحس بها ,والطريقة التي تعيش بها أي تجربة لها تركيبها الخاص , فإذا قمت بتغيير هذه التركيبة فيمكنك بالتالي تغيير التجربة ذاتها.
إذا قمت بتغيير شكل تركيبة أي هوقف فيمكنك تغيير الموقف كله أو التجربة كلها... فعندما يكون عندك إحساس بالضيق فانك تستخدم حواسك الخمس بتركيبة معينة , أما إذا كنت تشعر بالسعادة فإنك تستخدم نفس الحواس ولكن بتركيبة مختلفة تمامآ.
__________________