:3rbe26: أصبحت المقابلة الشخصية في يومنا الحاضر ضرورة لا بد منها للقبول في كثير من المعاهد والكليات والجامعات، بل وحتى المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية!! فضلاً عن التقدم لشغل وظيفة أو مهنة أكاديمية أو إدارية أو عسكرية أو فنية، بل وصل الحال بأهمية المقابلة أن نتيجتها تعتبر حاسمة في تحديد القبول في كثير من المجالات، بغض النظر عن المعدل الذي حصل عليه الشخص في المرحلة التي تخرج منها.
ومعنى هذا أن النجاح أو الفشل في إجراء المقابلة الشخصية؛ هو الذي يحدد اتجاه الشخص ومستقبله.
ولهذا يتساءل كثير من الناس عن الطريقة التي تدار بها المقابلة، وكيف يُحضّر الإنسان نفسه للتصدي لها واجتيازها.
وفي الحقيقة فإن المقابلة الشخصية لا يمكن التنبؤ بنوعيتها أو موضوعيتها، ولكن في الغالب فإنها لا تخرج عن الأسئلة التقليدية التي لها علاقة بالمؤسسة المتقدم لها الشخص، فإذا كان المجال تعليمياً فإن المقابلة عادة لا تخرج عن إطار المواد التي قام الطالب بدراستها سابقاً، وفي الوقت نفسه لابد أن تكون لها علاقة بما سيتم تدريسه لاحقاً، ليتم تحديد مدى قدرة الشخص على التحصيل في هذه المواد.
أما إذا كان المجال مهنياً فإن المقابلة يتم فيها غالباً التعرف على القدرات المختلفة للشخص المتقدم، ومدى توفر مهارات التعامل لديه، بما في ذلك القدرة على الحوار والتفاهم والتواضع والأخذ والعطاء وحسن الاستماع للآخرين والصبر والتحمل، بالإضافة إلى قياس مدى اطلاعه ومعرفة ردود أفعاله لقياس شخصيته ومدى مناسبته للمجال الذي تقدم له..، إلى غير ذلك من المهارات التي يتطلبها العمل المتقدم له الشخص. إلا أنه لا يعوّل على ذلك كثيراً، فالمقابلة الشخصية غالباً مـا تخضع -بالدرجة الأولى- إلى نوعية المقابلين وما يحمله كل منهم من أفكار وآراء متباينة، ولهذا فلا غرابة أن يتقدم عشرات الأشخاص لمؤسسة ما، فتختلف تقديرات المقابلين، لدرجة أن الأول عند أحدهم قد يصنف في الدرجات الأخيرة عند الآخر.
ولهذا فإن المقابلة الشخصية تتطلب من المتقدم لها، أن يكون أولاً معتمداً على الله –تعالى- متوكلاً عليه، وأن لا يُهوّل الأمر وينظر إليها على أنها قضية مصيرية لا تحتمل الفشل أو الخطأ، أو أنه إذا لم يجتزها فستوصـد جميع الأبواب الأخرى أمامه؛ فإن هذا من شأنه أن يولد المزيد من القلق والرعب الذي سيؤثر حتماً على أدائه في المقابلة.
وللتغلب على هذا القلق السلبي المصاحب عادة لإجراء المقابلة، إليك بعض التوجيهات المساعدة:
* تذّكر أن كثيراً من الناس يمكن أن يكوّن عن الشخص فكرة عامة من خلال انطباعاته الأولى عنه، وقد أكدت كثير من الدراسات أن المُقابلين يتخذون قرارهم بالنسبة للمرشحين في الدقائق الأولى من المقابلة، ولهذا عندما تواجه المقابلين، ينبغي أولاً أن يكون مظهرك الشخصي حسناً ولباسك مقبولاً لا شذوذ فيه، وعندما تدخل إلى الغـرفة المعدة للمقابلة لا تنس أن تغلق الباب خلفك بهدوء، ثم تبدأ -الشخص أو الأشخاص المُقابلين- بالتحية والسلام مطعّماً ذلك بابتسامة هادئة، ولا تجلس حتى تُدعى إلى ذلك، فإذا جلست يجب أن تكون مرتاحاً في جلوسك فالراحة مهمة لاسترخائك، ومن الأفضل أن لا يكون في ذلك شيء من التهدل أو الانحناء المبالغ فيه، وتجنب حينئذ تكرار النظر في الساعة، أو الحركة الكثيرة أو العبث بالأصابع أو اللحية أو كثرة تعديل الغترة أو العقال..، لئلا يُفهم من ذلك شيء من عدم الانضباط أو التململ الذي قد يثير بعض المقابلين.
* أظهرت كثير من الأبحاث أن للاتصال بواسطة العين (وهو ما يسمى لغة العيون) أثر كبير في التجاوب بين أي اثنين يتحادثان معاً، ذلك أن اتصال العين بين الشخصين حينما يتحادثان يدل على مقدار محبة بعضهم لبعض، وهذا لا يعني أنه يجب عليك أن تُحدق بالمقابل ولا تُزيح النظر عنه، ولكن انظر إليه معظم الوقت حينما يتحدث، وانظر إليه بعض الوقت حينما تتحدث إليه، ففي ذلك دلالة على قوة الشخصية والثقة بالنفس.
* إذا صادفك سؤال غير متوقع -وهو كثير- يجـب ألا تتعجل الإجابة المباشرة، بل أعط لنفسك لحظات من التفكير، وإن كانت هذه اللحظات قد تبدو وكأنها ساعات، إلا أن الشيء المهم هو ألا تكون مذعوراً بسببها، فمن الأفضـل أن تتريث بضع ثوان، خير من أن تتورط في جواب متسرع غير ناضج.
* حاول تجنب الإجابات القصيرة المختصرة وأجب بالتفصيل، مثلاً إذا سئلت: هل لديك خبرة في... لا تجب بـ: (نعم) فقط؛ بل (نعم، فعندما كنت في كذا.. كنت أعمل كذا وكذا.. أو كنت أساعد في عمل كذا وكذا..).
* عندما تتحدث لا تتحدث بصوت خافت كئيب؛ بل تحدث بصوت مسموع ليس بالسريع ولا بالبطيء، فإن ذلك يدل على ثقة المتحدث بنفسه ورباطة جـأشه وعدم ارتباكه.
* في بعض الأحيان يعمد المُقابلون إلى إثارة المرشح لمعرفة ردود أفعاله ومدى اتزانه وضبط انفعالاته.. فاحرص ألا يكون حوارك معهم قائماً على الجدل، وبطريقة حامية، وليس معنى هذا أن تتنازل عن شيء من مبادئك -إذا كانت حقاً لله- بل دافع عن وجهة نظرك بطريقة ودية لبقة واستعن بالله –تعالى- على ذلك.
* وأخيراً عندما لا يحالفك التوفيق في اجتياز المقابلة، فلا ينبغي أن تتخذ ذلك ذريعةً للندم والسخط، بل حاول أن تتعرف على نواحي القصور عندك، لتتلافاها في مقابلة أخرى، واعلم أنه ليس شرطاً أن يكون عدم توفيقك بسبب قصور فيك، بل ربما يكون السبب أن عدد المتقدمين الذين أجريت لهم المقابلات يفوق عدد المراكز الشاغرة في المؤسسة أو لجامعة التي تقدمت لها، واعـلم أن الله –تعالى- ربما أراد لك الخير في عدم القبول في هذا المجال الذي قد يكون مصدر سـوء و بلاء لك في مستـقبل حياتك (فالخير دائماً فيما اختاره الله). (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) [ البقرة : 216] .
بقلم:عبد العزيز بن عبد الله الحسيني
3/6/1428هـ
27-06-2007, 02:54 AM
العرض العادي
المواضيع المتشابهه
