مجالس العجمان الرسمي

العودة   مجالس العجمان الرسمي > ~*¤ô ws ô¤*~ المجالس الـخـاصـة ~*¤ô ws ô¤*~ > المجلس السياسي

المجلس السياسي لمناقشة القضايا السياسية حول القضايا المعاصرة

 
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 08-09-2009, 10:41 AM
ليــه يازمـــن ليــه يازمـــن غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: <<المـــريـــــخ>>
العمر: 39
المشاركات: 7,820
معدل تقييم المستوى: 23
ليــه يازمـــن is on a distinguished road
Exclamation حكايات الغدر والموت والدم (3)





قضى حياته يحثّ على الحب ونبذ العنف فمات مقتولاً
غاندي... اغتيال الروح المقدَّسة




ولد موهنداس كارامشند غاندي في 2 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1869، في مدينة بوربندر وعاش فيها حتى السابعة من عمره، وهو الابن الأصغر لوالده من زوجته الرابعة، وينتمي إلى طائفة بانيا.

التحق غاندي بجامعة «سامالداس» في بهافناجار، لكنه عجز عن مجاراة أسلوب الحياة فيها فعاد إلى بيته، فأشار عليه أصدقاء العائلة أن يسافر إلى لندن لدراسة القانون، وبعد تردد طويل أبحر في سبتمبر (أيلول) عام 1887 من مدينة بومباي قاصداً لندن، ثم عاد إلى الهند بعد أربع سنوات بعدما أتم دراسته القانونية، وافتتح مكتباً للمحاماة، لكنه لم يوفَّق فيه.






تلقى غاندي دعوة من شركة تجارية في مسقط رأسه لكي يسافر إلى جنوب إفريقيا ليتولى الدفاع عن الشركة في قضية لفرعها هناك، فسافر في أبريل (نيسان) عام 1893 ليقضي بها قرابة سنة حتى تنتهي القضية، لكن السنة امتدت إلى عشرين سنة.

في جنوب إفريقيا لمس غاندي التمييز العنصري بشكل بشع، ومعامَلة غير البيض، بمن فيهم الهنود، بأنواع الازدراء والإهانة كلها. وعندما توجّه الى المحكمة لحضور جلسة لقضيته كان يضع فوق رأسه عمامته، فأمره القاضي بنزعها فترك المحكمة فوراً، وبعد بضعة أيام كان يستقل القطار إلى بريتوريا ومعه تذكرة في الدرجة الأولى، فحضر المشرف على القطار وطلب منه المغادرة فوراً والذهاب الى حيث يوجد الملوَّنون. كذلك اعتدى عليه الكمساري الأبيض وأهانه، وكان موظفو القطار البيض ينادونه بلقب «ساتي» وهو لفظ ازدراء ينادي البيض في جنوب إفريقيا الجالية الهندية به، وكانوا يطلقون على الهنود لفظ «كولي» ومعناها في الهند الشيال الأجير، لذا أطلقوا على غاندي المحامي الكولي. فلمس غاندي عن قرب ما كان يتعرض له الهنود من إهانات في مجتمع جنوب إفريقيا العنصري.

بعد انتهاء حرب البوير عام 1901، عاد غاندي إلى بومباي ليعمل في المحاماة، لكنه لم يستمر فيها سوى بضعة أشهر فعاد إلى جنوب إفريقيا في أواخر سنة 1902 بناء على إلحاح الجالية الهندية.

وجد غاندي أن أحوال الهنود في مقاطعة الترنسفال، التي أصبحت مستعمرة بريطانية بعد هزيمة البوير، ساءت كثيراً، فقد زادت القيود المفروضة على الملوَّنين، واشتدت الرقابة على الهجرة، فأصدر غاندي صحيفة أسبوعية عام 1903 لتكون صوت الهنود وتعبِّر عن مشاكلهم، اسمها «الرأي الهندي»، ثم انتقل إلى جوهانسبرج للإقامة فيها.

كانت حكومة الترنسفال عام 1906 تعتزم إصدار تشريع لفرض رقابة على تنقلات الهنود في أراضيها، ومن بين ما تضمَّنه إلزام كل هندي بلغ ثماني سنوات بأن يسجل بصمات أصابعه ومعاقبة من يتخلف، وأصبح لرجال الأمن الحق في دخول مساكنهم للبحث عن المتخلفين، فتجمع آلاف الهنود للاحتجاج على هذا المشروع وأطلقوا عليه «التشريع الأسود»، وأقسموا على مقاومة تنفيذه حتى النهاية، ومن خلال الصحيفة التي كان يصدرها غاندي «الرأي الهندي» زادت مقاومة الهنود لهذه التشريعات، وأُعلن عن تأسيس حركة «ساتيا جراها»، التي تعني التمسّك بقوة بالحقيقة.

استمرت المعارضة للتشريع الأسود، وفي أكتوبر 1906 ترأس غاندي وفداً لمقابلة وزير المستعمرات البريطاني ووزير الهند، ولما كان الوفد في طريق عودته فوق السفينة، أُبلغ بأن الحكومة البريطانية رفضت التشريع ولن تسمح به، لكن عند وصول الوفد إلى كيب تاون أعلنت حكومة الترنسفال أنها تتمتع بحرية إصدار التشريع الذي تراه، فصدر القانون فعلاً في مايو (أيار) 1907، ثم أصدرت حكومة الترنسفال تشريعاً آخر يحرِّم على الآسيويين دخول أراضيها، بعدها أصدرت المحكمة العليا في جنوب إفريقيا حكماً مفاده أن الزواج المعترف به في جنوب إفريقيا هو ذلك الذي يتم بين مسيحيين مسجلين أمام موثق العقود، فاجتاحت الجالية الهندية موجة من الغضب العارم.

آنذاك فرضت السلطات أيضاً على كل هندي انتهى عقد عمله في المناجم ويريد البقاء، ضريبة سنوية قدرها ثلاثة جنيهات استرلينية، وكان مبلغاً ضخماً بالنسبة الى مستوى دخل العمال الهنود، وكان هدف ذلك تجديد عقود عمال المناجم إجبارياً على رغم أجرهم الزهيد وقسوة ما يقومون به من عمل وما يحمله من مخاطر. وعلى رغم غضب الآلاف من الهنود واحتجاجهم، إلا أن السلطات استخدمت القوة المسلحة في إجبارهم على الاستمرار في عملهم في المناجم، فكان البوليس يسوق طوابير العمال الهنود أمامه بالسياط والبنادق مثل العبيد، وفي تلك الظروف تعرَّض غاندي للسجن لمدة شهرين.

ظل غاندي يطالب بإلغاء هذه الضريبة وإجراءات التمييز ضد الهنود كلها، حتى توصل إلى اتفاق مع السلطات في يناير (كانون الثاني) 1914، ألغيت بمقتضاه تلك الضريبة، واعتُرف بحق الهنود في الزواج طبقاً لطقوسهم، وكان هذا أول نصر يحققه غاندي من خلال حركته.

مستعمرة صغيرة

خلال الحرب العالمية الأولى، كان غاندي يجوب الهند ليرى بنفسه ويستمع، فاعتصر قلبه ألماً لما رآه من مظاهر الفقر وأنواع التخلف كلها، وفي أواخر عام 1915 اختار مقراً له في بلدة أحمد أباد، فأقام فيها مستعمرة صغيرة أسماها «ساتيا جراها اشرام»، ومعناها مستعمرة عدم الالتجاء إلى العنف والتمسك بالحقيقة، وكان عدد أفرادها خمسة وعشرين فرداً من الذكور والإناث ومن أعمار مختلفة، تعاهدوا على أن يلتزموا بالحقيقة، ويتمسكوا بعدم الزواج واللجوء الى العنف، وعدم السرقة وتملك أي شيء، وعدم الإسراف في الطعام، والانقطاع التام لخدمة الناس.

عام 1916 تزعم غاندي معارضة شديدة للحكومة لكي تلغي نظام تصدير العمالة الهندية إلى أنحاء الإمبراطورية البريطانية، ونجح في حملته وألغت الحكومة هذا النظام.

وفي عام 1917 انتقل غاندي إلى شامباران في ولاية بيهار بناء على طلب الفلاحين الهنود الذين يعملون بنظام السخرة في مزارع الأوروبيين بقوة القانون والعنف، وهناك قوبل بعداء شديد من ملاك المزارع والسلطات، ولكنه قاد معركته معهم بوسائله السلمية، ونجح فيها.

من شامباران انتقل غاندي إلى خيدا في ولاية جوجارت لمعاونة الفلاحين في نزاعهم مع الحكومة على تقدير الضرائب، فطلب من الجميع عدم دفع الضرائب حتى تخفِّضها الحكومة، وبالفعل رضخت الأخيرة لمطالبهم.

دعوة الى التطوّع

آنذاك كان غاندي تحوَّل الى قوة يُحسب حسابها، فدعاه نائب الملك ليحضر مؤتمر الحرب الذي انعقد في دلهي عام 1918، ولكي يحصل على تأييده في موضوع تجنيد المتطوعين الهنود للخدمة العسكرية خارج الهند، فوافق غاندي وتوجه بنفسه إلى مواطنيه لدعوتهم إلى التطوع لكن دعوته قوبلت بكثير من الرفض.

كان غاندي وجموع الأحرار في الهند يأملون بعد انتصار بريطانيا في الحرب بأن تعيد للشعب الهندي حريته، لكن الحكومة البريطانية قدمت إلى المجلس التشريعي الهندي مشروع قانون عُرف باسم «قانون رولات»، ينصّ على فرض قيود شديدة على الحريات العامة، ويعطي السلطة التنفيذية صلاحيات مطلقة في القبض والسجن من دون محاكمة مضمونة، وكانت المرة الأولى التي يحضر فيها غاندي مناقشات المجلس التشريعي بحضور نائب الملك، فخرج من الجلسة عاقداً العزم على بدء المقاومة الشديدة للحكم البريطاني، تلك المقاومة التي بدأت عام 1919 وانتهت باستقلال الهند عام 1948.

أخذ غاندي يطوف أرجاء الهند وهو يفكر في وسيلة لمقاومة هذا الحكم من دون أن يلجأ إلى العنف، فتوصّل الى فكرة إعلان الإضراب الشامل عن كل شيء، واستجاب له الجميع، ونفِّذ ذلك في 30 مارس (آذار) وفي 6 أبريل (نيسان)، وكان العمل يتوقف تماماً في ربوع الهند كلها، لدرجة أدهشت الحكومة البريطانية، فكيف يستجيب الملايين من الشعب الهندي بهذه الصورة لنداءات شخص كان حتى وقت قريب مجرد جاويش في خدمة الإمبراطورية البريطانية وتحول إلى ثائر ضدها؟ فاضطرت الحكومة إلى إعلان الأحكام العرفية في ولاية البنجاب، وعدم السماح لغاندي بدخول الولاية مرة أخرى.

مذبحة أمريتسار

في 13 أبريل سنة 1919 أمر الجنرال داير، قائد الحامية البريطانية في أمريتسار، بإطلاق النار من دون تمييز، على جمهور كبير من الناس، رجالاً ونساءً وأطفالاً، كانوا مجتمعين في حديقة مسورة للاحتفال برأس السنة الهندية. فوُضعت المدافع على مدخل الحديقة وأُطلِقت النار على من في داخلها، وكانت أسوارها أعلى من أن يتسلّقها أحد ويهرب، فحصلت مذبحة شبِّهت بأنها كمن يطلق النار على فئران بمصيدة، وقتل أربعمائة شخص وجُرح الآلاف.

كانت تلك المذبحة نقطة التحول في نظرة غاندي الى الإمبراطورية البريطانية، ووصف ساسة بريطانيون يوم حدوثها بأنه اليوم الأسود في تاريخ الهند، وأول تصدّع خطير في بناء الإمبراطورية البريطانية في الهند، فقد كان غاندي حتى تاريخ هذه المذبحة يتخذ موقفاً مهادناً لبريطانيا، ولكنه أصبح يرى أن الأخيرة تجلب الشر للهند التي يجب أن تحصل على الحكم الذاتي داخل نطاق الإمبراطورية أو خارجها، وكان يرى أن الهند لا يمكن أن تحقق هدفها في الاستقلال إذا استمر العداء بين المسلمين والهندوس، لذلك كرّس نفسه للتقريب بينهما.

بدأ غاندي حملته ضد الحكومة بأن وضع مشروعاً يقضي بمقاطعة كل المؤسسات الحكومية، واستقالة جميع موظفي الحكومة ومستخدميها من مناصبهم، وبغياب المحامين عن جلسات المحاكم، وترك الطلبة معاهدهم، ومقاطعة كل البضائع الأجنبية خصوصاً المنسوجات، وأن يتحول الجميع إلى خدمة الشعب.

اتسع نطاق الحركة في مناطق كثيرة، وأحرقت الملابس الأجنبية في الميادين والشوارع، ونصبت المغازل اليدوية في المنازل لنسج القماش الهندي، وشاركت النساء للمرة الأولى جنباً إلى جنب مع الرجال في مسيرات لتحقيق أهداف الحركة، في الوقت الذي كان غاندي يجوب فيه المدن والقرى يلقي الخطب ويستنهض الهمم، ويداوم على الكتابة في الصحف، فكان رد فعل الحكومة أن ألقت القبض على الآلاف وإيداعهم السجون.

في فبراير (شباط) 1922، وعندما كانت حركة عدم التعاون تأخذ شكلاً واسعاً، انفجرت الجماهير فأحدثت أعمال عنف في بلدة شورى شورا بشمال الهند، وهاجمت مركزاً للبوليس وقتلت بعض أفراد الشرطة، وأشعلت النار في المكان، الأمر الذي أثار استياء غاندي بشدة، وقرر أن يوقف جملة المقاطعة وعدم التعاون، فكانت فرصة لأن تقبض عليه الحكومة. قدِّم للمحاكمة، وحكم عليه قاضٍ إنكليزي بالسجن لمدة ست سنوات، لكن أُفرج عنه في يناير 1924، وعاد لتفعيل دوره في تحقيق الوحدة بين المسلمين والهندوس، لأن هذه النقطة كانت حجر الزاوية في استقلال الهند.

آنذاك كانت أحوال الهند تطورت، وازداد الوعي بين الطبقات، فظهرت حركات شبابية، وازداد تذمر الفلاحين، واشتدت أعمال العنف في بعض الولايات، وظهرت طبقة من الماركسيين، وفي هذا المناخ الجديد، اتفقت الجموع كلها في حزب المؤتمر عام 1929 على أن يتولى غاندي زعامة الحزب.

في 27 يناير 1930 أعلن غاندي من خلال موقعه كزعيم لحزب سياسي، أن استقلال الهند التام هو هدف السياسة الوطنية الهندية، وكان ذلك إيذاناً من غاندي بتولي زعامة الشعب وتحدي الحاكم البريطاني، فاعتُبر ذلك التاريخ تاريخ استقلال الهند.

مسيرة الملح

في 12 مارس 1930، بدأ غاندي مسيرة على الأقدام مع ثمانية وسبعين من أتباعه نحو ساحل البحر في داندي، استمرت 24 يوماً، وكان الهدف منها تحدي قانون الملح، الذي يحرّم على الهندي استخراج الملح لاستعماله الخاص.

وفي صباح 6 أبريل وصل غاندي ورفاقه إلى داندي، وتوجه إلى ساحل البحر، والتقط بيده قطعة من الملح، وكان هذا العمل كافياً لأن تتحدى جماهير الشعب قانون الملح في كل مكان، فبدأت السلطات تتحرك، واعتُقل ما يزيد على مائة ألف شخص بعد تلك المسيرة.

مفاوضات

في نوفمبر عام 1930، دعت حكومة حزب العمال في بريطانيا برئاسة رامسي ماكدونالدز إلى مؤتمر مائدة مستديرة، لبحث مستقبل الهند الدستوري، وكان غاندي وقتها في السجن، فلم يحضر أحد من حزب المؤتمر احتجاجاً على سجنه، وأعرب رئيس الحكومة عن أمله في أن يرى حضوراً لحزب المؤتمر في مؤتمر المائدة المستديرة الثاني.

وفي 29 أغسطس (آب) 1931 أبحر غاندي إلى لندن لحضور المؤتمر الثاني للمائدة المستديرة، وكان الممثل الوحيد لحزب المؤتمر الهندي، وعاد بعد ثلاثة شهور الى الهند من دون تحقيق مكاسب ملموسة. وبعد أسبوع من عودته ألقي القبض عليه وأودع السجن من دون محاكمة، وبقي مسجوناً حتى أغسطس 1933 .

انتقل غاندي بعد ذلك من أحمد أباد للإقامة في بلدة واردا بأواسط الهند، متخذاً لنفسه منزلاً عبارة عن كوخ مبني من الطين أصبح في ما بعد مقصداً لكل السياسيين الهنود الذين تمسكوا به كزعيم لهم.

في عام 1939 اشتعلت الحرب العالمية الثانية وكانت بريطانيا طرفاً فيها، وكان بعض أعضاء المؤتمر الهندي يرى أن الوقت حان، وأنه يجب انتهاز الفرصة والقيام بضربة ضد بريطانيا، ولكن غاندي عارض هذا الرأي واعتبر ذلك عملاً غير أخلاقي ولا يتفق مع مبادئ حزب المؤتمر.

لم تكن الحكومة البريطانية توصلت إلى قرار معين بشأن مستقبل الهند، وكان ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا لا يخفي ازدراءه وكراهيته الشديدة لغاندي، فأرسل لجنة تتفاوض مع الزعماء السياسيين في الهند ومنهم نهرو، لكن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود.

«اتركوا الهنـد»

في ذلك الحين كانت الجيوش اليابانية وصلت الى حدود الإمبراطورية في الهند واستعدت للهجوم، وكانت الرابطة الإسلامية تطالب بدولة إسلامية منفصلة لها سيادة، ووسط هذا الخطر القادم من الداخل والخارج، أصبح غاندي يرى بأنه من الضروري أن ترفع بريطانيا قبضتها عن الهند وتتركها في حالها.

في 7 أغسطس 1947 اتخذ حزب المؤتمر قراره التاريخي المعروف بـ «اتركوا الهند»، وقال غاندي في مبررات قراره إن «الشعب الهندي لا يفرق بين الاستعمار البريطاني والشعب البريطاني، فقد أصبح الاتفاق واحداً بالنسبة له، وأن الكراهية التي يحملها الشعب الهندي بالنسبة للشعب البريطاني سوف تدفعه لأن يرحب باليابانيين، رغم خطورة هذا، لأن معناه استبدال عبودية بعبودية أخرى...».

في فجر 9 أغسطس 1942 قُبض على غاندي، ومعه أعضاء حزب المؤتمر، وأودعوا فرادى بالسجون في أماكن نائية تحت حراسة مشددة، وما كاد نبأ القبض على غاندي وسجنه يصل الى الجماهير حتى انفجرت غاضبة، فانتشرت أعمال العنف والشغب في ربوع الهند كلها، ودخل غاندي في إضراب عن الطعام حتى ساءت حالته الصحية، لكن الحكومة لم تتحرك.

في فبراير 1944 توفيت كاستوربا زوجة غاندي بعد 62 عاماً من الزواج، ثم أصيب غاندي بالملاريا وتدهورت حالته الصحية خصوصاً أنه كان يبلغ آنذاك 75 سنة، فأُفرِج عنه في 6 مايو 1944.

في سبتمبر 1944 اجتمع غاندي مرات عدة مع محمد علي جناح ليقنعه بعدم تقسيم الهند، ولكن هذا لم يتحقق، إذ انفصلت مقاطعة باكستان عن الهند وأصبحت دولة مستقلة عام 1947، وكان جناح هو أول رئيس لها.

بحلول سنة 1945، دخلت الحرب العالمية طورها الأخير، وأصبح انتصار الحلفاء أمراً مؤكداً، وأصيبت قيادات حزب المؤتمر بالملل في السجن، وبدا الشعب الهندي كما لو كان فقد روحه المعنوية، وتركت سنوات الحرب أثرها على اقتصاد الهند، وأصيبت ولاية البنجاب بمجاعة رهيبة، وهدد شبح الجوع باقي الولايات، فأصبحت الهند عبئاً ثقيلاً على الإمبراطورية البريطانية، وانقلبت الجوهرة النادرة في التاج البريطاني إلى شوكة مسمومة فيه.

في مارس 1946 وصلت إلى الهند بعثة بريطانية من ثلاثة وزراء، تملك صلاحيات واسعة لمناقشة الشروط والخطوات لنقل السلطة إلى أيدي الهنود في سهولة وهدوء، والاتفاق على الترتيبات اللازمة لوضع دستور لمستقبل الهند بواسطة الهنود أنفسهم.

بذلت البعثة البريطانية جهوداً ضخمة في التوفيق بين الهندوس والمسلمين، فقد كان رئيس حزب المؤتمر، على رغم أنه مسلم، يرفض تقسيم الهند، لكن محمد علي جناح صمّم على طلبه بأن يكون للمسلمين دولة منفصلة.

في 12 أغسطس 1946 كلِّف جواهر لال نهرو بتشكيل الوزارة، لكن محمد علي جناح دعا في 16 أغسطس المسلمين للعمل المباشر من أجل استقلالهم، فحدثت مصادمات وحروب دامية في الهند بين المسلمين والهندوس، وكان غاندي آنذاك بلغ الـ 77 وأصبح هزيل الجسم، وعلى رغم ذلك سار حافي القدمين متنقلاً من قرية الى أخرى، يدعو للبعد عن العنف، لكن حملته هذه لم تلق أي نجاح وتدهورت حالته الصحية كثيراً.

في 20 فبراير 1947 أعلنت الحكومة البريطانية قرارها بترك الهند، وعرضت أن تسلم الحكم إلى السلطات في الولايات الهندية أو إلى أي سلطات أخرى، فأُعلن استقلال الهند في 3 يونيو 1947، وقيام دولة باكستان الإسلامية. لكن أعمال العنف انفجرت مجدداً، وبدأ المهاجرون الذين قدِّر عددهم بعشرة ملايين يتنقلون من مكان إلى آخر، فالهندوس يعبرون الحدود إلى دولة الهند، والمسلمون يعبرون الحدود إلى دولة باكستان الجديدة.

في 12 يناير 1948 قرر غاندي أن يبدأ صياماً حتى الموت أو تنتهي المذابح بين الطوائف المختلفة، وقد نجح في تهديده، فهدأت أعمال العنف، وأخذت دولة باكستان الجديدة نصيبها من ميزانية دولة الهند.

الاغتيال

في 20 يناير 1949 وبينما كان غاندي يتحدث إلى الجماهير، انفجرت على بعد أمتار من مكان جلوسه قنبلة، وقُبض على من ألقاها واعترف أنه كان يريد قتل غاندي.

وفي 30 يناير 1949، كان غاندي يتوجه إلى الجماهير وهو يتكئ على كتف حفيدته وفي يده عكاز، وبينما هو منشغل بتحية الجماهير، اندفع شاب قوي البنية (كان هندوسياً متعصباً) نحوه وألقى حفيدته جانباً، ثم ركع أمامه كما لو كان يحييه، لكنه كان يصوب مسدسه نحو صدر غاندي، فأطلق عليه ثلاث رصاصات، اخترقت رصاصتان صدر غاندي، واستقرت الثالثة في رئته اليمنى، ما أدى الى مقتله على الفور.

في اليوم التالي أُحرِقت جثة غاندي خارج نيودلهي بحضور فيضان من البشر، ثم أعلن الحداد لمدة 13 يوماً طبقا للطقوس الهندوسية. وفي 12 فبراير 1948 نُثر رماد جثته في السبعة أنهار المقدسة بالهند.

• معلومة:

كلمة «المهاتما»
تعني {الروح المقدسة}.








منقول

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حكايات الغدر والموت والدم (2) ليــه يازمـــن المجلس السياسي 7 13-10-2009 02:40 PM
حكايات الغدر والموت والدم (1 - 2) ليــه يازمـــن المجلس السياسي 2 08-09-2009 02:08 AM
حكايات الغدر والموت والدم (2 - 2) ليــه يازمـــن المجلس السياسي 2 08-09-2009 02:06 AM
حكايات الغدر والموت والدم(1) ليــه يازمـــن المجلس السياسي 5 06-09-2009 03:07 AM
السمنه والحل ليس ف الرجيم!!! سمو الرووح مجلس الطب والصحـــــة والغذاء 12 26-02-2009 04:03 PM

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 02:14 PM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع