مجالس العجمان الرسمي

العودة   مجالس العجمان الرسمي > ~*¤ô ws ô¤*~ المجالس الـخـاصـة ~*¤ô ws ô¤*~ > المجلس السياسي

المجلس السياسي لمناقشة القضايا السياسية حول القضايا المعاصرة

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 26-02-2012, 08:28 AM
حسين علي احمد ال جمعة حسين علي احمد ال جمعة غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
الدولة: السعودية
المشاركات: 608
معدل تقييم المستوى: 13
حسين علي احمد ال جمعة is on a distinguished road
البدون وصمة عار للأنظمة والمجتمعات .

البدون وصمة عار للأنظمة والمجتمعات

تمثل الهجرات البشرية ظاهرة عالمية ظلت مستمرة منذ فجر التاريخ وحتى يوم الناس هذا. ومع أن الأصل في بني البشر هي النزعة إلى التشبث بأوطانهم التي ولدوا بها، إلا انهم يجدون أنفسهم في بعض الأحيان مجبرين على الهجرة تحت ضغط البحث عن الرزق أحيانا أو الهرب من القمع أو الفرار من الحروب والكوارث. لكل هذه الأسباب تهاجر مجاميع من الناس من بلدانها وأوطانها إلى بلدان وأوطان أخرى.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو؛ كيف تتعامل مختلف المجتمعات مع هذه المجاميع المهاجرة الوافدة؟ وللإجابة على هذا السؤال يجدر بنا العودة إلى فجر الإسلام، فقد امتدح الله تعالى الأنصار وهم أهل المدينة المنورة لاستقبالهم المهاجرين الذين جاءوهم من مكة المكرمة ، حيث قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾، فالأنصار وفقا للآية الكريمة هم هؤلاء الذين تبوؤا الدار والإيمان وهم أهل المدينة الذين كانوا مستقرين فيها، كما كانوا كذلك مستقرين في إيمانهم ﴿تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ﴾، ويخلد القرآن الكريم لهؤلاء صفة مهمة وهي أنهم يحبون من هاجر إليهم.

لقد أحب الأنصار المهاجرين الذين وفدوا إليهم من مكة، ليس هذا فحسب، بل أضافت الآية بأنهم كانوا ﴿وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا﴾، فقد شارك هؤلاء المهاجرون اخوانهم الأنصار في ثروات بلادهم والامتيازات والغنائم، لكن مع ذلك فالأنصار لم يتحسسوا من مشاركة المهاجرين لهم فيها، بل أكثر من ذلك كانوا يؤثرون المهاجرين على أنفسهم حتى من كان يعيش منهم في ضيق أو حاجة وبحسب التوصيف القرآني ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾، ولقد تحدث التاريخ وكتب السير عن الكثير من مشاهد الإيثار والمواساة التي قام بها الأنصار تجاه المهاجرين، فقد فتحوا لهم بيوتهم، وتنافسوا عليهم، حتى كانت تقرع القرعة لهم، فحين يأتي مهاجر يعرض الأنصاري له منزله، ويأتي آخر وكلاهما يصر عليه، فيذهبون لرسول الله يحتكمون وكل يقول: يا رسول الله أنا أولى به منه، فيقترع لهم رسول الله أيهما يأخذ المهاجر إلى بيته. وقد قاسم بعض الأنصار المهاجرين أموالهم وبيوتهم، حتى خلد القرآن الكريم هذا الايثار للأنصار فكانوا مضرب المثل دائما وأبدا.

أما في الوقت الراهن، فتختلف المجتمعات البشرية في تعاملها مع مسألة الهجرة بين التعامل الإنساني وما هو خلاف ذلك. فهناك مجتمعات تتعامل مع المهاجرين تعاملا إنسانيا أخلاقيا، فتستقبلهم وتتفهم ظروفهم وتدمجهم في مجتمعاتها، فيما بعض المجتمعات الأخرى لا تتحلى بهذه الصفة.

فالبلدان الغربية مثل الولايات المتحدة واستراليا ونيوزلندا عرفت بأنها الأكثر استقطابا واستقبالا للمهاجرين، بل إن بعض هذه البلدان يشجع الهجرة إليها، فأمريكا تعتبر أمة المهاجرين باعتبار أن أغلب الشعب الأمريكي قادمون من بلاد أخرى، جاءوا واستقروا فيها خاصة من أوروبا خلال القرن الثامن عشر والتاسع عشر والعشرين، فقد هاجر ملايين من البشر من أوروبا وأفريقيا صوب الولايات المتحدة. لقد شجعت هذه البلدان الهجرة إليها، وسهلت أمور المهاجرين الوافدين، لما تملك من مساحة واسعة من الأرض، واحتياجها للأيدي العاملة، والكفاءات والأدمغة، حتى أن بلدا مثل أمريكا جعلت لها برنامجا سنويا تعلن عنه عبر شبكة الانترنت وتستقبل من خلاله آلاف المهاجرين الجدد ضمن مواصفات معينة، وهي بذلك تستقطب أصحاب العقول والأموال والكفاءات، كما ان هناك من يدخل إلى أمريكا وبلدان أوروبا بطرق غير مشروعة ، لكن هذه الدول تعلن بين فترة وأخرى عن برامج لاستيعاب هؤلاء وتسوية أمورهم القانونية، حتى لا يعيشوا خارج القانون، فيندمجون في المجتمع، وتستفيد البلاد منهم، ويصبحون جزء من ذلك المجتمع، له نفس الحقوق، وعليه نفس الواجبات.

هذا القدر من التعاطي الانساني للدول الغربية مع المهاجرين أمر يستحق الإكبار، ويحسب لهذه المجتمعات. فكم من اللبنانيين خرجوا من لبنان اثناء الحرب الأهلية فيها، وكم من الفلسطينيين اضطروا للهجرة من فلسطين، وكذلك الأفغان والعراقيين وغيرهم، فأصبحوا اليوم جزءً من مجتمعات تلك البلاد التي هاجروا إليها، حتى أنك لا تكاد تجد الآن ولاية أو مدينة أمريكية تخلو من جاليات مهاجرة من بلاد أخرى، وخاصة من البلدان الإسلامية، مع ضمان حرياتهم الكاملة فهم مندمجون تماما مع مجتمعاتهم الجديدة.

في مقابل ذلك تتعامل البلاد العربية والإسلامية مع مسألة الهجرة على نحو سلبي، وغير مرحب بأمثال هؤلاء الناس. وإذا ما اضطرت بعض بلداننا لاستقبال بعض اللاجئين أو المهاجرين فغالبا ما يلقون تعاملا سلبيا وسيئا، ولذلك نجد من يضطر للهجرة إلى البلاد العربية والإسلامية فهو يعيش معاناة وأوضاعا مأساوية، وينتظر أي فرصة لكي ينتقل إلى أوروبا وأمريكا.

ولعل المشكلة الأبرز على هذا الصعيد في منطقتنا الخليجية هي مشكلة غير محددي الجنسية المعروفون بـ(البدون). هذه المجاميع البشرية التي تقدر بمئات الآلاف في بلدان خليجية مختلفة لا يحملون جنسية محددة، فقد وفد أجداهم على هذه المنطقة، وقد ولد بينهم في هذه المنطقة الآن الجيل الثالث، ومع ان هؤلاء ولدوا في هذه البلدان ونشأوا فيها، لكن مع ذلك لا يعترف لهم بأدنى حقوقهم الإنسانية.

زرت الكويت الأسبوع الماضي وشهدت كيف كانت مشكلة (البدون) هي الشغل الشاغل في المجالس،كانت هناك اعتصامات من قبل هذه الفئة التي قدر عددهم بأكثر من 120 ألف شخص. الواحد من هؤلاء يرى نفسه ولد في الكويت، وعاش فيها، وأصبح رجلًا، وقد لا يعرف كيف جاء جده من قبل إلى هذه البلاد، وكيف عاش فيها أبوه، لا يعرف كل هذه التفاصيل ولا يهمه ذلك، ان كل ما يهمه هو أنه يرى نفسه شخصا كويتيًا، ولكنهم مع ذلك محرومون من أبسط الحقوق الاساسية ، هذا الإنسان الذي يطلق عليه (بدون) محروم من الحصول على شهادة ميلاد، وإذا مات لا يمنح شهادة وفاة، ولا يسمح له بالتعليم، ولا الوظيفة، ولا التملك، ولا امتلاك وثيقة سفر، فهو محروم من كل حقوقه الإنسانية، مع أنه عربي قح ومسلم، وقد جاء بالتأكيد من بلد مجاور إما من إيران أو السعودية أو العراق أو غيرها، فهو يرى من يعيش معه يتمتع بكامل حقوقه بينما هو محروم من أدناها وأبسطها.

ان ذات مشكلة البدون يرزح تحت وطأتها أكثر من نصف مليون انسان يعيشون هنا على تراب المملكة. فهناك عدد كبير من الناس خاصة في الحجاز، ومناطق مختلفة يطلق عليهم عديمي الجنسية، يعيش هؤلاء حياة تفتقد أدنى مقومات الحياة الإنسانية.

أجرى أحد الباحثين (إبراهيم خليف مرضي المشيطي العنزي) وهو طالب في جامعة الملك سعود بحثا نشر قبل سنتين 1431هـ عن هذه المشكلة تحت عنوان (عشنا بمذلة في بلدنا.. البدون (عديمي الجنسية) الواقع والآثار الناتجة عنه) وقد سجل الباحث شهادات بعض الناس، فينقل عن إحدى الموظفات السعوديات في إدارة مستشفى قولها " لا يمر يوم دون أن نشهد حالات إنسانية لعديمي الجنسية لا نستطيع مواجهتها وتكون محل حيرة وتشدد البعض وتعاطف البعض الآخر، بسبب التكلفة الكبيرة لرسوم العلاج التي لا يستطيعون سدادها وبسبب أيضاً الإجراءات الصارمة بخصوص الشروط والوثائق المطلوبة لتلقي حق الرعاية الصحية فعلى سبيل المثال نعاني من إشكالات يومية من رجال البدون الذين يريدون إنهاء إجراءات زوجاتهم بعد الولادة فالمطلوب عقد الزواج الموثق من وزارة العدل من اجل الخروج من المستشفى، وبما أن أعداد هائلة من عديمي الجنسية لا يحملون عقود رسمية، فغننا نرفض إدارياً العقود (الدينية المدنية) للزواج كما لا نعترف بكل البطاقات والوثائق الأخرى وهنا يتوسل الكثير منهم ويردون علينا ألا تعرفون بأن السلطات الرسمية لا تعطينا عقود زواج رسمية فلماذا إذاً تحرجونا بطلب هذا النوع؟".

وتزيد أعداد هؤلاء في المملكة على نصف مليون شخص وفيهم مجموعة كبيرة من أهالي (بورما) الذين استضافتهم المملكة بعد الانقلاب الشيوعي في تلك البلاد عام 1962، ومنذ ذلك الوقت لم تسوّى أوضاع أغلبهم، ولا يزال أبناؤهم وأحفادهم يدفعون الثمن.

إن مشكلة (البدون) تكاد تتكرر وفق ذات التفاصيل في دولة الإمارات حيث يعيش نحو عشرين ألف محرومين من الجنسية، والأمر ذاته في دولة قطر حيث يحرم حوالي ألفين من حمل الجنسية.

من المعيب جدا أن تحرم هذه المجاميع من الناس من حق الجنسية في بلداننا التي تتمتع بمساحات ، وفي ظل حاجتها إلى الأيدي العاملة. ان أشد ما يؤسف له أن العمالة الأجنبية تحظى بأوضاع قانونية مرتبة في بلداننا، في حين يبقى (البدون) وهم الأبناء الذين ولدوا في هذه البلاد، يعانون أوضاعا سيئة تحرمهم أبسط سبل العيش الآمن الكريم. فلماذا تعيش بلادنا مثل هذه الحالة، أليس من المعيب أن يعيش بيننا أناس من قوميتنا ومن ديننا ونحن نتفرج على معاناتهم ومأساتهم؟ لماذا يعيش المهاجر في الغرب أوضاعا مرتبة لا يحظى بها من يهاجر إلى بلادنا؟. التقيت في الولايات المتحدة ببعض المهاجرين العراقيين وكانوا من قبل يعيشون في بلاد عربية بعد الانتفاضة التي حصلت في العراق سنة 91 وخرج الناس من العراق إلى مختلف المناطق المجاورة، وعاشوا في كثير من هذه الدول في مخيمات في الصحاري، وتعاملوا معهم كسجناء، وتعرض قسم كبير منهم للمشاكل والإهانة، في مقابل ذلك استقبلتهم الدول الغربية -الذين نعتبرهم كفارا ولا نصيب لهم في الجنة فهي لنا وحدنا- استقبلت هؤلاء الناس ورتبوا أوضاعهم، حتى قال بعضهم كأني انتقلت من النار إلى الجنة.

ينبغي أن تكون مشكلة المهاجرين وغير محددي الجنسية محل اهتمام أكبر، ولا يجوز أن نقبل مثل هذه الحالة. ذلك لأن الأوضاع التي تعيشها هذه الفئة تعد انتهاكا للحقوق الإنسانية، ومهددا للأمن الاجتماعي، أناس يعيشون مثل هذه الأوضاع ماذا تتوقع منهم، فهم قنابل موقوتة، من الممكن أن يتحول بعضهم إلى بؤر للفساد والانحراف، مما يؤثر سلباً على الأمن الاجتماعي والوطني.

والأنكى من ذلك أن بعض الفئات في مجتمعاتنا الخليجية تعارض استيعاب هؤلاء الناس، وكأن هؤلاء سينافسونهم في الثروات ومنح الأراضي والتعليم والقروض والصحة، وكأن هذه الثروات خاصة بنا، والله تعالى يقول: ﴿وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ﴾ وهؤلاء بشر.

يمنح المواليد الجدد حتى الأجانب منهم الجنسية في الكثير من البلدان الأخرى في أوروبا وأمريكا، فلماذا نحن نمانع قيام مثل هذه الحالة؟. ينبغي أن يكون هناك جهد أهلي للاهتمام بهؤلاء البشر.

ان من المشاكل السيئة في بيئتنا هي النظرة الدونية للآخر. فهناك الكثيرون ممن يعيشون بيننا من مختلف البلدان، لكن تبقى في بعض أوساطنا النظرة الدونية لهؤلاء، لا لشيء سوى لأنهم قادمون من بلاد فقيرة، هذه النظرة الدونية أمر منكر وقبيح، لا ينبغي أن يكون في مجتمع إنساني، فضلاً عن مجتمع مسلم. هذا نقص وخلل كبير في ثقافتنا وسلوكنا الاجتماعي، إننا مطالبون بأن نصحح هذه الأمور. وعلينا أن نتذكر ما مدح الله تعالى به أهل المدينة ﴿يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ﴾.

نسأل الله تعالى أن يوفقنا للتحلي بمكارم الأخلاق .


التعديل الأخير تم بواسطة : حسين علي احمد ال جمعة بتاريخ 26-02-2012 الساعة 08:54 AM.
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
احترام الوقت مقياس لتقدم الأفراد والمجتمعات حسين علي احمد ال جمعة المجلس الإســــلامي 0 22-09-2011 10:41 AM
صور تظاهرات البدون في الجهراء والصليبية والاحمدي Al-Ajmi المجلس الانتخابي والسياسة المحلية 4 13-03-2011 02:14 AM
جلسة البدون.. طــــارت !! حــســن الــعــذاب المجلس الانتخابي والسياسة المحلية 6 15-12-2009 12:49 AM
«البدون» ... لا تجنيس ولا جوازات سفر حــســن الــعــذاب المجلس الانتخابي والسياسة المحلية 15 10-10-2009 03:17 AM
مشكلة البدون بن عقيل المجلس الانتخابي والسياسة المحلية 2 10-07-2008 10:24 PM

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 10:58 PM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع