بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
::: البصيرة الإيمانية وإيجابية السلوك الشخصي :::
يستشعر مسلم هذا العصر في لحظات متتابعة تمر به بنوع طمس لنورانية قلبه
التي بها يرى الأشياء على حقيقتها ، ويظل ذاك المسلم يشكو مما يشعر باحثاً
عن رؤية صحيحة لما حوله .. أن يرى الهدف .. ويستبصر الطريق .. ويعرف
الحقائق الغائبة التي بها يتوقى الزلل والإرتكاس ..
وهو في بحثه هذا قد لا يدرك ماهية ما يفقد في الحقيقة .. ولا أهمية ما يرتجي
العثور عليه الذي هو مفتاح الصواب ومقوم النجاح ومميز الطريق ..
إنها البصيرة الإيمانية التي تضيء الطريق وتبصر إلى الاستقامة ..
فالبصيرة التي نتحدث عنها هي نور في القلب يقذفه الله للمؤمنين
المخلصين له _سبحانه_، المتجردين عن التشبث بمتاع الدنيا الزائل...
كيف تعمل البصيرة في قلب المؤمن ؟
إن عمل البصيرة الإيمانية في قلب المؤمن كعمل كشاف ضوء منير في وسط ظلمة حالكة ،
فهي التي تكشف الأشياء على حقيقتها فيراها المؤمن كما هي ، ولا يراها كما زينت في الدنيا
ولا كما زينها الشيطان للغاوين ولا كما زينها هوى النفس في الأنفس الضعيفة ..
- يقول الله _سبحانه_:
" أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم
من ذكر الله.." (الزمر: 22)
- ويقول _سبحانه_:
" أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات
ليس بخارج منها.." ( الأنعام: 122).
يقول الإمام ابن القيم:
" أصل كــــل خـيــر للعبد – بل لكل حي ناطق – كمال حياته ونوره ، فالحياة والنور
مادة كل خير .. فبالحياة تكون قوته وسمعه وبصره وحياؤه وعفته .. كذلك إذا قوي
نوره وإشراقه انكشفت له صور المعلومات وحقائقها على ماهي عليه فاستبان
حسن الحسن بنوره وآثره بحياته وكذلك قبح القبيح " (إغاثة اللهفان 1/24).
فما يكاد نور القرآن ونور الإيمان يجتمعان حتى لكأن النور الهادئ الوضيء
يفيض فيغمر حياة المرء كلها ويفيض على المشاعر والجوارح ، وينسكب
في الحنايا والجوانح، تعانق النور ، وتشرفه العيون والبصائر ، فيشف القلب
الطيب الرقراق ، ويتجرد من كثافته ويتحرر من قيد العبودية غير عبودية الله
الكبير المتعال ، فإذا القلب المؤمن المبصر غاية في القوة والثبات وغايــة
في الطاعة والإخبات وغاية في التضحية والبذل بكل المتاع الزائل ......
نسأل الله ان نكون واياكم من المبصرة قلوبهم بالايمان..