عاش المعاناة ورصد الانطباعات..المحرر سائق التاكسي :
«وعوده» «وتوتو» أربكتاني والأم اتهمتني بالوقاحة والشباب هربوا
سيف الحارثي – الخبر
أحد الافراد يوقف تاكسي
في ظل حملة وزارة العمل الهادفة إلى سعودة وظائف القطاع الخاص , لا يزال بعض أفراد المجتمع يواجهون ذلك بنوع من السلبية و الرفض التام لسعوده بعض القطاعات الخاصة ومنها ما يخص سيارات الأجرة ( الليموزين ) , حيث ترفض بعض الأسر الركوب في سيارة أجرة يقودها شخص سعودي سواء كان شابا في مقتبل العمر يسعى لتأمين مستقبله أو رجلا كبيرا في السن يسعى لضمان حاضره مبررين ذلك بأسباب رفض غير منطقية وغير محكمة فليس من المعقول أن نحكم على جميع سائقي سيارات الأجرة السعوديين بأنهم غير أسوياء لمجرد أن قلة منهم قامت بمعاكسة بعض النساء أو حاولت ابتزاز البعض أو قادت المركبة بطريقة طائشة.. فنحن بذلك نساهم في ظلم سائقي أجرة سعوديين يفرضون على الجميع احترامهم بحسن تعاملهم وطيب أخلاقهم وان كان في الجهة المقابلة نجد البعض من أفراد وأسر المجتمع تشجع على سعودة سائقي الأجرة , فتشاهدهم لا يستقلون إلا سيارات أجرة يقودها سعوديون من أبناء البلد . إزاء هذا الأمر حاولنا عبر هذا الاستطلاع رصد آراء بعض سائقي الأجرة السعوديين من خلال كيفية تعامل فئات المجتمع المختلفة معهم. وان كان حب المغامرة والفضول دفعاني إلى أن اصبح سائق أجرة سعوديا وأعايش التجربة بنفسي على أرض الواقع .
تجربة جديدة
عقبة البداية تمثلت في الحصول على سيارة أجرة أقوم بقيادتها , وبعد التفكير لم اجد أمامي سوى سيارة أحد الأصدقاء اشترط مقابل إعارتها لي أن نتقاسم حصيلة اليوم .. ركبت السيارة وتوجهت بها الى أحد المجمعات التجارية الكبرى بمدينة الظهران. وأمام كل بوابة مررت بجوارها انهالت عروض التوصيل إلا أنني كنت أتجاهلها.
قمت بأخذ ثلاث دورات كاملة على المجمع دون توقف وذلك بسبب شعوري بالإحراج من هذا الموقف حيث تبين لي فيما بعد أن هذا الشعور يراود سائقي الأجرة في بداية الأمر .
المشوار الأول
مع بداية الدورة الرابعة بدأت قصة المشوار الأول بعد أن اعترضت أربع فتيات الطريق وقمن بفتح أبواب السيارة ( دون احم ولا دستور) وطلبن مني التوجه لمخطط 71 بالدمام فأنكرت عمداً معرفتي بالمكان إلا أن إحداهن قالت ( امش وحنا اندلك – يعني تورطت مافيه فكه ) وبناء عليه توكلت على الله , وبدأت الضحكات والهمس واللمز من خلفي بين»وعوده» «وتوتو» وهي أسماء الدلع لفتاتين من الأربع حتى قلن ( هذا انت تدل الطريق ليش التصريف طيب ) فلم استطع الإجابة لأنني أحسست أن الأوراق انكشفت , لذلك قمت بسؤال الفتيات عن مدى انطباعهن عن سائق الأجرة السعودي فكانت الإجابة بأنهن يفضلن السائق الأجنبي لأنه لا يسرع ويمكننا مخاطبته دون أن يرفع صوته ضجراً من تصرفاتنا , كما نستطيع إعطاءه أي مبلغ مقابل توصيلنا فهو يرضى بالمقسوم ( قلبه طيب وش حليله ) وقد قيلت هذه الجملة وسط ضحكات ماكرة من الفتيات الأربع .
معاناة حقيقية
لحظتها أحسست فعلاً بمدى معاناة سائق سيارة الأجرة من خلال هذا المشوار, حيث كادت طبلة أذني تنفجر من إزعاج الفتيات وأصواتهن المرتفعة , (فوعوده تقول لتوتو شفتي البلوتوث اللي وصلني في المطعم , وتوتو تقول لا جاني بلوتوث أحلى منه في الكوفي شوب , أما الفتاة الثالثة فكانت تجلس خلفي , الصراحة رفعت ضغطي من ترفيسها للمقعد اللي جالس عليه , فعلى طول الطريق لم اسمعها تقول إلا أوووف طفشانه أوووف قرفانه والله مليت مدري وين أروح , أما الفتاة الربعة فكانت عايشه جو ثاني مع مكالمتها الهاتفية ) , وفي نهاية المشوار وبعد أن توقفت أمام منزلهن ( وبعد كل مطبات وحفريات البلدية التي مرت اكلتها السيارة تركن أبوابها مفتوحة بعد مانزلن) وحصلت منهن على عشرين ريالا فقط!!
المشوار الثاني
أمام أحد المجمعات التجارية بدأ المشوار الثاني من خلال توصيل سيدة وبناتها الثلاث إلى مخطط 71 , حيث كان هذا المشوار على عكس الذي قبله بسبب الهدوء والمعاملة الطيبة التي لقيتها من هذه الأسرة , فكان سؤالي في البداية عن انطباعاتهن ناحية سائق الأجرة السعودي , أجبن بأنهن لا يشعرن بالأمان والطمأنينة إلا عندما يقوم بتوصيلهن سائق سعودي لما يمتلكه من أخلاق طيبة وقيادة آمنة للسيارة دون استخدام السرعة والسقوط على السيارات مثلما يفعل السائق الأجنبي , كما أن ابن البلد أحق بخيرها من الغريب , ولكن عندما اقتربنا من منزلهن قامت الام بالاستفسار عن مبلغ التوصيل , فأجبت بحسن نية إنني حصلت على مقابل التوصيل من خلال أحاديثكن الجميلة التي استفدت منها , فما كان من السيدة الكبيرة إلا أن قالت ( بدينا بالوقاحة من شوي نقول السعوديين محترمين وقطعناكم من كثر المدح ) وفي حقيقة الأمر شعرت بإحراج لا يوصف لذلك اضطررت مجبراً أن أبرر لهم أسباب ما تفوهت به وطبيعة الموقف الذي أرغمني على ذلك , وفي نهاية المشوار ( حصلت دعوة بالتوفيق و أربعين ريالا).
المشوار الثالث
أما المشوار الثالث والأخير فكان لثلاثة من الشباب تتراوح أعمارهم بين 15 و20 عاما و كانت وجهتهم إلى إسكان الخبر فقلت في نفسي ( يالله على طريقي ولو أن اشكالهم ماتطمن ) , وقبل أن تتحرك السيارة طلبوا مني تشغيل كاسيت أغاني , ومن سوء الحظ قام أحدهم بتشغيل المسجل ليبدأ سحر أغنية البرتقالة ( طبعاً السيارة لصاحبي عشان ماحد ينتقدني ) بدأ الشباب يتمايلون ويتراقصون على نغمات الأغنية , مما أجبرني على إغلاق المسجل مما جعل احدهم يقول ( شغله ونعطيك خمسة ريالات بخشيش ) إلا أنني لم استجب لهم وهذا ما جعلهم يحقدون علي بفعلتهم السخيفة نهاية المشوار , لذلك لم أجد فرصة لسؤالهم عن الموضوع الذي جئت من أجله , فبعد أن توقفت في إسكان الخبر وقبل أن اطلب حساب التوصيل أطلق الشباب العنان لأقدامهم بالهرب من السيارة ( ماشفت إلا اغبرتهم رغم ان ماعندي نية اطلب شيئا ) .
ربما توضح هذه المشاوير الثلاثة انطباعات بعض فئات المجتمع عن سائق سيارة الأجرة السعودي و مدى معاناة هؤلاء السائقين مع بعض هذه الفئات من المجتمع .
17-02-2007, 07:45 AM
العرض العادي
