مجالس العجمان الرسمي


مجلس الدراسات والبحوث العلمية يعنى بالدراسات والبحوث العلمية وفي جميع التخصصات النظرية والتطبيقية.

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #21  
قديم 03-04-2005, 08:06 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

بسم الله الرحمن الرحيم

دور المرأة المسلمة في تنشئة الجيل الصالح
خولة درويش


الأمة بأبنائها وبناتها، بأجيالها البناءة المهيأة لنشر راية الإسلام خفاقة ودحر عدوان ملل الكفر والطغيان...
إن بناء الأجيال هو الذخر الباقي لما بعد الـمـوت... وهو لذلك يستحق التشجيع والاهتمام أكثر من بناء القصور والمنازل من الحجارة والطين.
وحيث إن التربية ليست مسؤولية البيت وحــــده؛ إذ هناك عوامل أخرى تساهم في تربية الأجيال، فسوف نتناول الدور التربوي للمرأة المسلمة في تنشئة الجيل الصالح.
إنه لحلمٌ يراود كل أم مسلمة تملّك الإيمان شـغـاف قلبها، وتربع حب الله ـ تعالى ـ وحب رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم على حنايا نـفـسـهـــا، أن تــــرى ابنها وقد سلك سبل الرشاد، بعيداً عن متاهات الانحراف، يراقب الله في حـركـاتــــه وسكناته، أن تجد فلذة كبدها بطلاً يعيد أمجاد أمته، عالماً متبحراً في أمور الدين، ومبتكراً كـــل مباح يسهّل شأن الدنيا.
إنـهـا أمنية كل أم مسلمة، أن يكون ابنها علماً من أعلام الإسلام، يتمثل أمر الله ـ تعالى ـ في أمـــور حياته كلها، يتطلع إلى ما عنده ـ عز وجل ـ من الأجر الجزيل، يعيش بالإسلام وللإسلام.
وسيـبـقـى ذلك مجرد حلم للأم التي تظن أن الأمومة تتمثل في الإنجاب، فتجعل دورها لا يتعدى دور آلـــة التفريخ...! أو سيبقى رغبات وأماني لأم تجعل همها إشباع معدة ابنها؛ فكأنها قد رضـيـت أن تجعل مهمتها أشبه بمهمة من يقوم بتسمين العجول...! وتلك الأم التي تحيط أبناءها بالحب والحنان والتدليل وتلبية كل ما يريدون من مطالب سواء الصالح منها أو الطالح، فـهـي أول مــن يكتوي بنار الأهواء التي قد تلتهم ما في جعبتها من مال، وما في قلبها من قيم، ومـــا في ضميرها من أواصر؛ فإذا بابنها يبعثر ثروتها، ويهزأ بالمثل العليا والأخلاق النبيلة، ويقطع ما أمر الله به أن يوصل.
والأم المدلّلة أول من يتلقى طعنات الانحراف؛ وأقسى الطعنات تتمثل في عقوق ابنها.
ولنا أن نتساءل عن أهم ما يمكن للأم أن تقدمه لأبنائها.
أولاً: الإخلاص لله وحده:
إن عليها ـ قبل كل شيء ـ الإخلاص لله وحده؛ فقد قال ـ تعالى ـ: ((وَمَا أُمِرُوا إلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُـقِـيـمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ)) [البينة: 5]، فاحتسبي أختي المؤمنة كل جهد تكدحينه لتربية الأولاد، من سهر مضنٍ، أو معاناة في التوجيه المستمر، أو متابعة الدراسة، أو قيام بأعمال منزلية... احتسبي ذلك كله عند الله وحده؛ فهو وحده لا يضيع مثقال ذرة، فقد قال ـ جل شأنه ـ: ((وَإن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِـيـنَ)) [ الأنبياء: 47] فــلا تجعلي للشيطان سلطاناً إن قال: أما آن لك أن ترتاحي..؟!
فـالرفاهية والراحة الموقوتة ليست هدفاً لمن تجعل هدفها الجنة ونعيمها المقيم.
والـمـسـلمة ذات رسالة تُؤجَر عليها إن أحسنت أداءها، وقد مدح الرسول صلى الله عليه وسلم الـمـرأة بخـصـلـتـيـن بقوله: (خير نساء ركبن الإبل نساء قريش: أحناه على ولد في صغره، وأدعاه على زوج في ذات يده)(1).
ثانياً: العلم:
والأم المسلمة بعد أن تحيط بالحلال والحرام تتعرف على أصول التربية، وتنمي معلوماتها باستمرار.
قال ـ تعالى ـ: ((وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً)) [طه: 114] فهذا ديننا دين يدعو إلى العلم، فلماذا نحمّل الإسلام قصور تفكيرنا وتخلفنا عن التعلم، ليقال: إن الإسلام لا يريد تعليم المرأة... وإن الإسلام يكرس جهل المرأة؟!
لا... إن تـاريـخـنــا الإسلامي يزخر بالعالمات من مفسرات ومحدثات وفقيهات وشاعرات وأديبات. كل ذلك حسب هدي الإسلام؛ فلا اختلاط ولا تبجح باسم العلم والتحصيل!
فالعلم حصانة عن الـتـردي والانحراف وراء تيارات قد تبهر أضواؤها من لا تعرف السبيل الحق، فتنجرف إلى الهاوية باسم التجديد والتحضر الزائف، والتعليم اللازم للمرأة، تفقهاً وأساليب دعوية، مـبـثـوث في الكتاب والسنة. ومما تحتاج إليه المرأة في أمور حياتها ليس مجاله التعلم في المدارس فـحـسـب، وإنما يمكن تحصيله بكل الطرق المشروعة في المساجد، وفي البيوت، وعن طريق الجيران، وفي الزيارات المختلفة... وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما بال أقوام لا يفقّهون جيرانهم ولا يعلّمونهم ولا يعظونهم ولا يفهمونهم؟! ما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم ولا يـتـفـقـهــون ولا يـتـعـظـــون؟ والله لَيُعلّمن قوم جيرانهم ويفقهونهم ويعظونهم ويأمرونهم وينهونهم، وَلَيتَعلّمنّ أقوام مـــن جـيـرانـهـم ويتعظون أو لأعاجلنهم بالعقوبة)(2). فهيا ننهل من كل علم نافع حسب ما نستطيع، ولنجعل لنا في مكتبة البيت نصيباً؛ ولنا بذلك الأجر ـ إن شاء الله ـ.
ثالثاً: الشعور بالمسؤولية:
لا بد للمرأة من الشعور بالمسؤولية في تربية أولادها وعدم الغفلة والتساهــل فـي توجيههم كسلاً أو تسويفاً أو لا مبالاة.
قــال ـ تعالى ـ: ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)) [التحريم: 6] فلنجنب أنفسنا وأهلينا ما يستوجب النار.
فالمحــاسبة عسيرة، والهول جسيم، وجهنم تقول: هل من مزيد؟! وما علينا إلا كما قال عمر ـ رضي الله عنه ـ: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا، وتجهزوا للعرض الأكبر).
ولن ينجي المرأة أنها ربت ابنها لكونها طاهية طعامه وغاسلة ثيابه؛ إذ لا بد من إحسان الـتـنـشـئـة، ولا بــد من تربية أبنائها على عقيدة سليمة وتوحيد صافٍ وعبادة مستقيمة وأخلاق سوية وعلم نافع.
ولتسأل الأم نفسها: كم مــــن الـوقــــت خصّصتْ لمتابعة أولادها؟ وكم حَبَتهم من جميل رعايتها، ورحابة صدرها، وحسن توجيهاتها؟!
علماً بأن النصائح لن تجدي إن لم تكن الأم قدوة حسنة!
فيجب أن لا يُدْعـى الابن لمكرمة، والأم تعمل بخلافها. وإلا فكيـف تطلب منه لساناً عفيفاً وهـو لا يسمع إلا الشتائم والكلمات الـنـابـيـــة تـنـهـال عليه؟! وكيف تطلب منه احترام الوقت، وهي ـ أي أمه ـ تمضي معظم وقتها في ارتياد الأسواق والثرثرة في الهاتف أو خلال الزيارات؟! كيف.. وكيف؟
أختي المؤمنة: إن ابنك وديعة في يديك، فعليك رعايتها، وتقدير المسؤولية؛ فأنت صاحبة رسالة ستُسألين عنها، قال ـ تعالى ـ: ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَـــا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)) [التحريم: 6].
أما متى نبدأ بتوجيه الصغير؟! فذلك إذا أحس الطفل بالقبيح وتجنبه، وخاف أن يظهر منه أو فيه، فهذا يعني أن نفسه أصبحت مستعدة للتأديب صالحة للعناية؛ ولهذا يجب أن لا تُـهـمـل أو تُترك؛ بل يكون التوجيه المناسب للحدث بلا مبالغة، وإلا فقدَ التوجيهُ قيمته. وفي كـــل تصرف من تصرفات المربية وكل كلمة من كلماتها عليها أن تراقب ربها وتحاسب نفـسـهــا لئلا تفوتها الحكمة والموعظة الحسنة، وأن تراعي خصائص النمو في الفترة التي يمر فيها ابنها، فلا تعامله وهو شاب كما كان يعامل في الطفولة لئلا يتعرض للانحراف، وحتى لا تُـوقِـــع أخـطــاءُ التربية أبناءنا في متاهات المبادئ ـ في المستقبل ـ يتخبطون بين اللهو والتفاهة، أو الشـطــط والغلو؛ وما ذاك إلا للبعد عن التربية الرشيدة التي تسير على هدي تعاليم الإسلام الحنيف؛ لذلك كان تأكيدنا على تنمية معلومات المرأة التربوية لتتمكن من معرفة: لماذا توجه ابنها؟ ومتى توجهه؟ وما الطريقة المثلى لذلك؟
رابعاً: لا بد من التفاهم بين الأبوين:
فإن أخطأ أحدهما فليغضّ الآخر الطرف عــن هذا الخطأ، وليتعاونا على الخير بعيداً عن الخصام والشجار، خاصة أمام الأبناء؛ لئلا يــؤدي ذلـك إلـى قـلـق الأبناء، ومن ثم عدم استجابتهم لنصح الأبوين.
خامساً: إفشاء روح التدين داخل البيت:
إن الطفل الذي ينشأ في أسرة متدينة سيتفاعل مع الجو الروحي الذي يشيع في أرجائها.. والسلوك النظيف بين أفرادها.
والنزعات الدينية والخلقية إن أُرسيت قواعدها في الطفولة فسوف تستمر في فترة المراهقة ثم مرحلة الرشد عند أكثر الشباب، وإذا قصّر البيت في التربية الإيمانية، فسوف يتوجه الأبناء نحو فلسفات ترضي عواطفهم وتشبع نزواتهم ليس إلا.
فالواجب زرع الوازع الديني في نفوس الأبناء، ومن ثَمّ مساعدتهم عـلـى حـســــن اختيار الأصدقاء؛ وذلك بتهيئة الأجواء المناسبة لاختيار الصحبة الصالحة من الجوار الـصـالح والمدرسة الصالحة، وإعطائهم مناعة تقيهم من مصاحبة الأشرار.
سادساً: الدعاء للولد بالهداية وعدم الدعاء عليه بالسوء:
عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تدعوا عـلــى أنـفــسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم؛ لا توافقوا من الله ساعة يُسأل فيها عطاء فيستجاب لكم)(3).
وأولاً وأخـيـراً: يـنـبـغـي ربط قلب الولد بالله ـ عز وجل ـ لتكون غايته مرضاة الله والفوز بثوابه ((فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ)) [الأنبياء: 94]. وهذا الربط يمكن أن تبثه الأمهات بـالـقـــدوة الطيبة، والكلمة المسؤولة، والمتابعة الحكيمة، والتوجيه الحسن، وتهيئة البيئة المعينة على الخير، حتى إذا كبر الشاب المؤمن تعهد نفسه: فيتوب عن خطئه إن أخطأ ويلتزم جادة الصواب، ويبتعد عن الدنايا، فتزكو نفسه ويرقى بها إلى مصافِّ نفوس المهتدين بعقـيـدة صلبة وعبادة خاشعة ونفسية مستقرة وعقل متفتح واعٍ وجسم قوي البنية، فيحيا بالإســــلام وللإسلام، يستسهل الصعاب، ويستعذب المر، ويتفلت من جواذب الدنيا متطلعاً إلى ما أعده الله للمؤمنين المستقيمين على شريعته: ((إنَّ الَذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَـلَـيْـهِــمُ المَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)) [ فصلت: 30].

كانت ابنة هادئة مهذبة يجللها الحياء.
وبعدما دخلت المرحلة المتوسطة بدا التغير عليها...
رآها والدها وقد لوّنت إحدى خصال شعرها باللون الأخضر، فلما سأل والدتها عــــن ذلك مستغرباً قالت: ما العمل؟! هكذا تفعل معلمتها في المدرسة؛ إذ تلوّن خصلة شعرها حـسـب لون فستانها! ثارت ثائرة الرجل، وما كان منه إلا أن أقسم أن لا يعلّم بنتاً له بعد اليوم!!
رويـدك أيـهـا الأب الغيور! فبالعلم حياة القلوب ولذة الأرواح، وبه يُعرف الدين ويكشف عن الشبهات.
إن ديننا الإســلامي دين علم، وأم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ كانت عَلَماً في ذلك؛ حيث حفظت وروت كـثـيـراً مـــن الأحاديث النبوية داخل المنزل الشريف. ومثلها كانت أمهات المؤمنين ـ رضوان الله عليهن ـ وذلك استجابة لهدي هذا الدين:
- عن الشفاء ـ رضي الله عنها ـ قـالــــت: دخل علينا النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا عند حفصة رضي الله عنها فقال لي: ألا تعلّمين هذه رقية النحلة كما علمتِها الكتابة؟(4).
فالعلم مطلب شرعي للرجل والمرأة علـى السواء. فلماذا نضيّق واسعاً، ونحمّل الأجيال وزر معلمات كن قدوة سوء؟!
نحن بحاجة إلى القدوة الحسنة، وغرس التعاليم الشرعية الصحيحة.
- يجب أن لا يُهمل تعليم البنات؛ فقد قيل: تعليم رجل واحد هو تعليم لشخص واحد، بينما تعليم امرأة واحدة يعني تعليم أسرة بكاملها. وبتعليم بناتنا وتنشئتهن النشأة الصالحة نردم الهوة الكبيرة التي تفصل أمتنا عن التقدم في كثير من ديار المسلمين.
بـــل إن ديننا الإسلامي بلغ فيه حب العلم والترغيب في طلبه أن دعا إلى تعليم الإماء من نســاء الأمة؛ كي تزول غشاوة الجهل، وتسود المعرفة الواعية، وقبل ذلك ليُعبد الله على بصيرة وتستقيم الأجيال على أمر الله.
وفيمــا رواه الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: أيما رجل كانت عنده وليدة فعلمها فأحسن تعليمها، وأدبها فأحسن تأديبها، ثم أعتقها فتزوجها فله أجران(5).
هذا إذا روعي في التعليم المنطلقات الشرعية.
وقد عــرف أعــداؤنــــا أهمية العلم؛ فأسرعوا إليه؛ ولكن على أسس علمانية، وعرفوا أثر المعلمة؛ فعملوا على إفسادها، وبإفسادها أضلوا الأجيال منذ مطلع هذا القرن. ومما يؤسف له أن العلمانيين والملاحـــــــدة قد سبقوا أصحاب العقيدة السليمة إلى تعليم المرأة، فعاثت نساؤهم في العالم الإسلامي تخريباً وإفساداً نتيجة لما يربين عليه الأجيال من مبادئ ضالة ومضلة، وكان لتأسيسهن الجمعيات النسائية الدور الكبير في صرف بناتنا عن طريق الهدى والرشاد.
فلا بد من بديل إسلامي لنحصن بناتنا بالتربية الرشيدة، حتى لا يكون موقفنا مجرد النقد واللوم، وذلك بالتعليم النافع، وأساليب الدعوة الجادة بين بنات جنسهن.
- لا بد من إعداد المرأة إعداداً مناسباً لرسالتها باعتبارها أنثى؛ إضافة إلى العلوم الشرعية الواجب عليها تعلمها، فإذا أتـقـنـت ذلــك وكانت ممن أوتي موهبة غنية، وعقلاً خصباً، وفكراً نيراً، وتعلمت غير ذلك من العلوم والفـنــون فإن هذا حسن؛ لأن الإسلام لا يعترض سبيلها ما دامت لا تتعدى حدود الشرع الحنيف.
وقد كانت نساء السلف خير قدوة في التأدب والحياء خلال خروجهن وتعلمهن؛ إذ كانت المرأة المسلمة تتعلم ومعها دينها يصونها، وحياؤهــا يـكـسـوهــا مـهـابــة ووقاراً بعيداً عن الاختلاط والتبذل.
أَمَــــــا وقد تمثل التعليم في عصرنا في المدارس الرسمية، فلا بد أن تتولى المرأة تعليم بنات جنسهـا، لا أن تعلم المرأة في مدارس الذكور أو في مدارس مختلطة، ولا أن يعلم الرجل في مدارس الإناث؛ فذلك من أعمال الشياطين.
وحتى فـي ديـــــــار الغرب المتحلل بدأت صرخات مخلصة تدعو إلى التراجع عن التعليم المختلط بين الجنسين وتنادي بالعودة إلى الفطرة السليمة التي تنبذ الاختلاط. لقد تبين بعد دراسات عديدة أن الـبـنـيـن والـبـنــات يحتاجون إلى معاملة مختلفة؛ نظراً للاختلاف في تطورهم الجسمي والذهني، كما أن الاخـتـلاط يجرّ إلى ما لا تحمد عقباه من مفاسد يندى لها الجبين؛ هذا فضلاً عن اختلاف المادة الدراسية التي يحتاجها كل من البنين والبنات.
- فالمنهج المدرسي للفتاة ينبغي أن يتناســـــب مع سنها مما يعدّها لوظائفها الأصلية: ربة بيت، أمّاً، وزوجة؛ لتضطلع بمهمتها التي تنتـظــرها، وتقوم بأدائها بطريقة سليمة؛ مما يهيئ الحياة الناجحة لها ولأسرتها المقبلة، ويجنـبـهــــا العثرات، ويجعلها داعية خير تتفرغ وأخواتها المؤمنات لوظيفة إعداد النشء الصالح، وأنْـعـِــمْ بـهــــا من وظيفة لإعداد الأجيال، لا لجمع الأموال وتتبع مزاجيات الفراغ!
- الـواجـــــب أن تكون معلمات الأجيال المسلمة نخبة صالحة تحمل همّ الإسلام، وتسير بخطوات إيجـابـيـــة في تعليـم الأجيال المسلمة وتثقيفهـا، وتزويد بناتنا بأساليب التربية التي تفيدهن مستقبلاً، لا بحشو الأذهان بقضايا لا تفيد ولا تغني في الحياة العملية شيئاً.
إنها خير منقذ لطالباتها من الوقوع في أحضان الانحراف والإلحاد؛ فهي تعلمهن الفضيلة بسلوكها وأقوالها: تنمي شخصيتهن، وتشحذ عقولهن، وتنقل إليهن الحقائق العلمية مع حقيقة ثابتة وهي: أن نـجــاح الجيل وتفوّقه لا يتمثل إطلاقاً في مدى ما يحفظ، بل فيما يعي ويُطبّق، ثم إن التفوق في الدراسة ليس غاية وهدفاً... بل الفائز حقاً هو من فاز بالدار الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن.
هذا؛ ومع أننا نرفض أن تـكــون أجيالنا ضحايا الإهمال واللامبالاة، فإننا نؤكد على الأم المعلمة؛ إذ عليها أن تقوم أولاً بواجبهـا الأساس كزوجة صالحة، وأم مربية تحسن تربية أولادها، ومن ثم تربي أولاد الآخرين، ولا تنسى أن فرض العين أوْلى من فرض الكفاية.
- وقد حدد علماؤنا القدماء صفات الـمـعـلــــم المسلم في التعامل مع طلابه، وذكروا أفضل الآداب لاتباعها، وعلى ضوء تلك الآداب؛ فعلى المعلم أو المعلمة:
ـ إخلاص النية لله ـ تعالى ـ: وأن تقصد بتعليمها وجه الله وتحتسب الثواب منه وحده، وتتطلع إلى الأجر الجزيل الذي ذكره الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقوله: من دل على خير فله مثل أجر فاعله(6).
فلا تعمل لأجل المكانة ولا لمدح الناس ولا للــراتـب وحـــــده، وإنما عملها في سبيل الله، وتكون قدوة للناشئات في ذلك، وإلا... فإن فاقد الشيء لا يعطـيـه، وأنّى للأعمى أن يقود غيره ويرشده للطريق السليم؟!
ـ أن تقوم بعملها وتربي الأجيال على أدب الإسلام: فيتعلمن العلم ويتعلمن الأدب في آن واحد؛ وقد قال ـ تعالى ـ: ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ)) [الصف:2].
أمّـا أن تأتـي الطالبة كل يـوم بقـصة جديـدة حدثتها بهـا معلمتها مما ينبو عن الذوق السليم، أو بتقليعة جديدة جاءت بها إحدى المدرّسات مما تتنافى مـع ديننا، فهـذا أسلوب مـن أساليب الهدم لا البناء!
على معلمتنا المسلمة أن تنضبط بتعاليم الشرع، ولا تستهين بمخالفته مهما بدت المخالفة بسيطة؛ فإن ذلك السوء ينطبع في نفس الجيل ويصعب بعد ذلك إزالته.
ـ أن تكون حسنة المظهر تهتم بحسن هندامها باعتدال؛ فالمظهر الأنيق يعطي نتائج إيجابية في نفس الطالبة فتحترم معلمتها، ويعين ذلك على العمل بنصائحها، والعكس صحيح... وأن تركز على أن يعتاد الجيل الاهتمام بالجوهر لا المظهر، مع الابتعاد عن توافه الموضات المتجددة.
وليس من الإسلام أن تكون أحاديث طالبات المدارس مقتصرة على زي المعلمة وتسريحة شعرها، وجمال فستانها، وهاتفها الجوال الظاهر للعيان. وللأسف؛ فإن بعض المدرسات يتبادلن أشرطة الأفلام والمجلات الإباحية مع بعض الطالبات؟! فيا لخيبة مسعاهن!
ـ أن تتحلى بمكارم الأخلاق التي يدعو لها الديـن ـ ولا سيما الصـبر ـ فتحـسن التلطف فـي تعليم الطالبات مما يجعلهن بعيدات عن التجريح والتشهير؛ فتكون بحق داعية بالحكمة والموعظة الحسنة عملاً بقـوله ـ تعالى ـ: ((ادْعُ إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)) [النحل: 125].
والمدرّسة الحكيمة تنوّع في الطريقة التي تخاطب بها طالباتها حسب مقتضى الحال، وحسب سن الطالبات، ولا يفوتها أن التعامل الطيب الحنون يجذب الطالبات إليها وإلى المبادئ التي تنادي بها... وليس من الدين الجفاف في المعاملة أبداً! فالمعلمة كالأم الرؤوم تتعاطف مع تلميذاتها وتشفق عليهن وتشجع المجيدة منهن، ولتذكر أن نتائج التشجيع والمدح أفضل من التوبيخ والتقريع؛ فتشحذ همة طالباتها نحو الخير ببث الثقة في أنفسهن، وتحبيبهن بالفضائل دون أن تثبط عزيمتهن.
وإن احتاجت إلى عقوبتهن أو تنبيههن يوماً مّا فلتجعل الطالبات يشعرن أن العقوبة إنما هي لأجل مصلحتهن، ولو كانت بشكل غير مباشر؛ فإن ذلك أشد تأثيراً، ولتشعرهن أنها حريصة عليهن وعلى سمعتهن ومستقبلهن، ولتربط توجيهاتها بالدين وسلوك السلف الصالح؛ ليصبح الدافع الأساس في أعمالهن هو الدين لا المصلحة ولا المجتمع... وكل ذلك باعتدال من غير مبالغة لئلا يؤدي إلى نتائج عكسية.
ولتكثر المعلمة من ذكر نماذج نساء السلف الصالح في الأجيال الخيّرة حتى تبتعد الأجيال الجديدة عن الانبهار بنساء الغرب المنحلّ.
ـ ومن صفات المعلمة المسلمة التواضع: فذلك من خلق الإسلام وقد قال ـ تعالى ـ لنبيه الكريم: ((وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ)) [الشعراء: 215]. فتبتعد عن المفاخرة والمباهاة، وإلا أصبحت أضحوكة حتى أمام طالباتها اللاتي يزهدن فيها وفيما تدعو إليه. والمعلمة التي تعامل طالباتها بصلف وكبرياء لن تجني غير كرههن لها، والمعلمة التي تسخر من طالباتها ولو بالهمز واللمز تترك جرحاً غائراً في نفس أولئك الطالبات. فأين هي من أدب الإسلام الذي حذر من تلك المثالب بقوله ـ تعالى ـ: ((وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ)) [الهمزة: 1]. وأين القدوة الواجبة عليها والمنتظرة منها؟!
ـ وأن تكون المعلمة يقظة في رسالتها: فهي يقظة لجزئيات المنهج المدرسي لتستفيد منها كما يجب، وتوظفها لخدمة عقيدتها؛ فلا يُدرس العلم بمعزل عن العقيدة.
ـ وينبغي أن تكون المعلمة يقظة لما يتجدد من أحداث يومية: فلا تدعها تمر دون استفادة منها، بل بالطرْق والحديدُ ساخن ـ كما يقال ـ فتعلق على الحادثة التعليق المناسب في حينه.
وعليها أن تلاحظ تصرفات طالباتها، فتزجرهن عن سيّئ الأخلاق، وترغّبهن في حسنها بطريقة سليمة ولا تلجأ للتصريح إذا نفع التلميح.
ـ تستفيد من النظريات التربوية: شريطة أن تتناسب مع قيمنا، فتستثير أذهان طالباتها بالأسئلة الموجهة والمفيدة، مما ينمي شخصياتهن وينقل الحقائق العلمية لعقولهن.
وعليها أن تشجع ذوات المواهب والكفاءات بالثناء على أعمالهن وتصرفاتهن، ولتذكر أن بدايات الابتكار على مقاعد الدراسة.
ـ تتعاون مع زميلاتها المدرسات: فالتفاهم والوئام بين أعضاء الأسرة المدرسية يفسح للمديرة القيام بعملها ومتابعة العملية التعليمية، والارتفاع بمستوى الأداء الوظيفي... بدلاً من أن يكون عملها حل المشكلات التي تعملها المدرسات الفارغات...
ـ تتعاون مع أسر الطالبات: فهن شريكات في عمل واحد، وعلاقتها مع الأم علاقة محبة وتقدير وتعاون لما فيه خير الطالبات، فتساعد على تثقيفهن؛ ويتم ذلك من خلال حلقات إرشادية للأمهات؛ فتعقد المدرسة الندوات وتقيم المحاضرات التي تُدعى لها الأمهات، سعياً لتضافر الجهود، لوضع الأجيال أمام رؤية واضحة للحياة ألا وهي: العمل لمرضاة الله ـ تعالى ـ، وإلا فما تبنيه المدرسة يمكن أن تهدمه الأسرة والعكس صحيح.
أخواتي المعلمات: إن رسالتكن جليلة وهي أمانة في أعناقكن وسيسألكن عنها رب العباد. إنها رسالة إعداد الأجيال المؤمنة بربها وصد كل هجوم فكري يحاول التسلل إلى حصوننا، وغرس الفضائل السامية في النفوس، والعلوم النيرة في العقول.
والمعلمة الصالحة لن تنساها طالباتها، بل تبقى في ذاكرتهن يشدن بأمجادها وفضائلها، ويأتسين بجميل خصالها ((وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ)) [الأنعام: 32].

المرأة والمجتمع:
إن كثيراً من الفتيات، ما إن تنتهي إحداهن من الدراسة النظامية حتى تهجر الكتب، بل والمطالعة عموماً، وتنتكس إلى الأمية لارتباطها المعدوم بالكتاب، وتصبح اهتماماتها المحدودة لا تتعدى لباسها وزينتها والتفنن في ألوان الطعام والشراب، وهي هموم دنيوية قريبة التناول، لا غير...
- المرأة المسلمة عضو في مجتمع الإسلام، فهي مؤثرة ومتأثرة به، لا شك في ذلك؛ فهي ليست هامشية فيه أو مهملة، ولا يصح بحال أن تكون سلبية أو اتكالية، وإن كان الأمر كذلك فهو الجحود عينه، والنكران للجميل، والابتعاد عن الإيثار والتضحية.
أمتنا الإسلامية تنتظر من يعيد لها أمجادها من أبنائها البررة وبناتها الوفيات.
- وللمسلمة حضور اجتماعي واضح في كل ما هو نافع، وهكذا ينبغي أن يكون.
ـ فعليها أن تضع نصب عينيها حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: لا تكونوا إمعة تقولون: إن أحسن الناس أحسنّا، وإن ظلموا؛ ظلمنا ولكن وطّنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا(7).
- للمرأة رسالة تربوية هادفة للرقي بمجتمعها...
ـ وتبدأ هذه الرسالة بإيفاء حق جيرانها، فتعلّم الجاهلة ما تحتاجه لدينها ودنياها، وفي ذلك خدمة تؤديها للأجيال الناهضة؛ فتصبح اجتماعات الجارات ليست للقيل والقال، بل للارتفاع بأسرنا المسلمة من الاهتمامات السطحية الساذجة إلى آفاق سامية؛ فكل حديث يمكن أن تحوّله المسلمة الصالحة إلى حديث هادف، حتى الحديث التافه لن تعدم المسلمة اللمّاحة أن تحوله للعبرة والتأمل، والجارات الصالحات يتدارسن أفضل السبل لتربية أولادهن وحل مشاكلهن.
ومن الصور المشرقة في التعاون بين الجارات:
أن أحد الأبناء كان يسرق المال من جيب أبيه وينفقه على ثلة من أصحابه الذين كانوا يشجعونه على ذلك العمل المشين.
عرفت الأم ذلك عن طريق جارتها الناصحة التي ساعدتها في اجتياز الأزمة، بمدارسة المشكلة والنظر في جذورها، ومن ثم احتواؤها وإيجاد الحل المناسب.
ومن ذلك أن امرأة كانت تكمل دراستها العليا، وحيث إن لها أطفالاً بحاجة إلى رعاية، فقد تكفلت جارتها بالعناية بأطفالها تحتسب الأجر: أجر الإحسان إلى الجار، وأجر تخفيف الكربة عن جارتها التي من الممكن أن تتعرض لضغوط نفسية عصيبة لو لم تجد الصدر الحنون من جارتها المسلمة.
وبالمقابل يجب أن لا ننسى الفضل لأهله، فكلتاهما تشارك في الأجر. وهذه إحدى صور التضامن بين الجيران بدلاً من الجفاء الذي عم وطم.
- ومن مهام المرأة المسلمة أن توطد العلاقات الحميمة بين الأقارب: من صلة للأرحام، وزيارة للمرضى، ومشاركة في الأفراح... وغير ذلك من أعمال الخير مما يشيع روح التعاون والمحبة، فتنشأ الأجيال على مُثُل الإسلام، وقيمه السامية، بالتعامل الطيب وبالمحاكاة الودودة. وعلى المرأة المسلمة أن تشجع كل بادرة خيرة تبدو من أجيالنا الناشئة، فتهنئ بنجاحهم، وتفرح لتفوقهم.
أمّا ما نسمعه عن خروج التافهات إلى الساحات العامة ليشجعن المباريات؛ فذلك ليس من التشجيع المشروع؛ فضلاً عن أنه لا يدل بحال على وعي المرأة لما يناسبها من مهام.
- وبالمقابل أن تتيح الفرصة لمناقشة الصغار وسماع آرائهم وتقدير أعمالهم الناجحة دون ضجر، ولنذكر أن من يعتبره بعض الناس طفلاً كثير الثرثرة قد يكون ممن له شأن في المستقبل، وكثرة أسئلته ما هي إلا دليل على قوة ملاحظته، وتعبير عما يجيش في نفسه التواقة للمعرفة والاطلاع. ولا ننسى الأثر الطيب في توجيه الصغار وتشجيعهم.
سمعنا أن محاضِرة كانت تتحدث بطلاقة تبهر كل من تسمعها من بنات جنسها، وكان من أكثر ما أثر فيها أن جاراتها ومعارف أبيها كانوا يستمعون لخطبها ويشجعونها وهي لا تتعدى السادسة من عمرها.
فعلينا ألا نبخل بكلمة طيبة نشجع بها صغارنا؛ فالكلمة الطيبة صدقة، والتوجيه الهادف لن يعدم له أثر، والكلمة المخلصة تصل إلى القلوب بلا حواجز.
ـ من المهام الأساسية للمرأة المسلمة أن تساهم في تحصين الأجيال بالثقافة الأصيلة والعقيدة الصحيحة، ولا تترك قيادة الأجيال بيد العابثات اللاتي يركبن كل موجة من أجل الوصول إلى أهدافهن في تخريب النشء.
فمن خلال مشاركتها في المراكز الثقافية وعدم ترك هذا المجال الهام لغيرها من صاحبات المذاهب الهدامة. ممن جعلن همهن أن تكون هذه المراكز بؤرة للإفساد ووسيلة للتخريب.
ومن الصور المشرفة مساهمة المسلمة في الجمعيات النسائية الخيرية لتحافظ على وجهتها السليمة من خلال مشاركتها بما تقدر عليه، بالمحاضرات والندوات والنشاطات الاجتماعية الطيبة والمتنوعة؛ فتصبح تلك فرصة طيبة لها للتعلم والتعليم وتوجيه الأجيال، فتستفيد وتفيد في آن واحد، ورب كلمة طيبة ونصيحة مخلصة تأخذ بيد الأمهات والمعلمات والمربيات نحـو الخير، وتبعدهـن عن الأخطار التربوية، وتصل بالنشء إلى التقـدم والفـلاح.
إننا إذ نطلب مساهمات المرأة والاستفادة من عمرها الذي ستسأل عنه وعن علمها الذي تعلمته، لا نعني بذلك التزامها بعمل رسمي مهني تداوم فيه ـ ولو أدى ذلك إلى إهمال حق زوجها ورعاية أبنائها ـ ولا نعني المرأة العاملة التي تعود إلى بيتها مكدودة الجسم مثقلة النفس بهموم العمل؛ فأنّى لأمثال هذه المكدودة المتعبة أن تفيد الأجيال التي تنتظر اللمسة الحنون منها، فلا يجدون لديها إلا الزجر والتأنيب؛ لأن أمهم متعبة وتريد أن ترتاح من عناء العمل طوال يومها!... وبنفس الوقت لا يعني هذا أن تترك الأعمال الممكنة التي تتناسب مع فطرتها ولا تشق عليها ـ كتطبيب النساء، وتعليمهن الخياطة ونحوها؛ ولا تترفع عن أعمال يمكن أن تسد بها ثغرة طيبة في مجتمعها.
ـ إنها ـ وهي المسلمة التي تريد أن تربي الأجيال على تعاليم الدين ـ يجب أن تبذل جهدها في تنقية الوسائل الإعلامية من كل ما يهدم الأخلاق ويسيء للمثل العليا. ولا يخفى أن الإعلام يؤدي وظيفة من أخطر وسائل الغزو الفكري الحديث. وقد اهتم به المروجون لأفكارهم وتنوعت أدواته من إذاعة وتلفزيون وصحافة ومجلات وسينما ومسرح وكتب وفيديو و.... وأكثرها يعتمد على الإثارة ويتفنن في طرق مخاطبة الغرائز وعداوة الدين وتعاليمه، وتدعو بمجملها ـ وفي غالب أحوالها ـ إلى التحلل والسفور والتمرد على الفطرة، والتطبيل والتهليل لكل خبث وخبيث، مما يشيع الخنا والفجور، ويشكك بالشخصية المسلمة وقدرتها على الإبداع، حين يصفونها دائماً بالمتخلفة، فتنشأ الأجيال وقد فقدت ثقتها بنفسها؛ وكأن الإبداع والتفوق مقصوران على الكفار وحدهم؛ وأما المتدينون فهم المتخلفون مما يُشعِر الأجيال بالدونية والصّغار، وهذه توجيهات خبيثة تنفث سمومها في مجتمعاتنا، فلا بد من تحصين الأجيال ضد هذا الغزو الفكري المركّز.
- والمسلمة الواعية تتعامل مع الإعلام بفطنة وحذر، ولا يفوتها أن من مقاصد التشريع الإسلامي حفظ الكليات الخمس وهي: الدين، والعقل، والنسب، والنفس، والمال، فإذا وجدت المسلمة ما يعمل على إضاعة هذه الكليات أو بعضها فيجب أن تسعى ما أمكنها لتكون حائلاً دونه. إننا نناشد الأقلام النسائية لنصر الفضيلة، وتسفيه رأي شياطين الإنس وبيان زيفهم وضلالهم.
لا بد من مواجهة العدو الماكر بتخطيط سليم وعمل مضاد، وإذا لم نبذل الجهد لتدعيم الأخلاق الفاضلة وترسيخ العقيدة السليمة، ندمنا حيث لا ينفع الندم؛ فقد تُكَرّس الخرافة والمثل الهابطة، وتعيش الأجيال وهي تستنشق ذلك العبق القاتم.
ومن المزايا التي اختصت بها نساؤنا في الماضي كثرة القصص يسلين بها الأطفال، ويجذبنهم للأسرة ولمعتقداتها.
فلماذا تترك نساؤنا المثقفات أبناءهن هدفاً لقصص جرجي زيدان (وأمثاله) يشوهون تاريخنا ويسيئون إلى مُثُلنا؟
فلنساهم في الإعلام المقروء والإعلام المسموع كل واحدة بقدر طاقتها، حتى الأناشيد ينبغي أن تنظمها المسلمة ليترنم بها أبناؤنا، ولتحل محل الأغاني الهابطة، ولتغرد الأجيال بكلمات عذبة تظهر الصورة الوضيئة للإسلام ومثله السامية، وتستميل قلوب الناشئة للخير.
وكذلك الحال في المجالات والقصص والروايات التي تعلم في كثير من حالاتها خداع الآخرين في سبيل المال وتكرس القيم والأفكار الخاطئة، من العنف أو اللامبالاة، أو العقوق وغير ذلك من سيئ الأخلاق؛ فإن واجب المسلمة أن تستفيد من وسائل المعرفة السريعة هذه، حتى تصبح منبراً يعلم الخير ويدعم العقيدة، ويثقف العقل، وفي الوقت ذاته يروّح عن النفس.
- إن أخطر أنواع الإعلام الحديث هو التلفزيون؛ إذ زاحم الأسرة في توجيه أبنائها وبناتها وذلك بجاذبية مدروسة، وغزو مستور، وشياطين الإنس تؤزّه لهدم كل فضيلة. وقد قال الرئيس الفرنسي السابق ديغول ـ متحدثاً عن أثر التلفاز: أعطني هذه الشاشة أغير لك الشعب الفرنسي.
ولو علمنا أن كثيراً من الأسر قد تخلت عن دورها نهائياً في مهمة التربية العقدية والفكرية، وأسلمت أبناءها للتلفزيون يصنع بهم ما يحلو له من التوجيه وغرس المفاهيم والعقائد المغايرة في كثير من الحالات لعقائدنا وحضارتنا؛ لقدّرنا أي واجب يحتم على المثقفة المسلمة أن تستفيد من إمكاناتها إن كانت تحسن كتابة القصة أو الأنشودة أو الحوار أو المقالة.
يجب أن لا تتردد المسلمة في النزول إلى ميدان الإعلام، لمواجهة الفتح الإعلامي الذي يصب في آذان الناشئة صباح مساء.
فمن أجل أبنائنا ومن أجل مستقبل أفضل، ولكي يبقى صوت الحق عالياً؛ فإن على المسلمة أن تساهم في وضع المادة الصالحة البديلة عما يسيء لدينها وعقيدتها، وتنشط فلعلّ كتابتها تكون سداً حائلاً دون تسرب الخبث؛ لأن من يُقدّم له الطعام فيشبع لن يشتهي الفضلات ولن يُقْدِمَ على تناولها.
أختي المسلمة:
لا تتعللي بالأسباب فتقولي: أنا متعبة الصحة، كثيرة الالتزامات، ضيقة الأوقات؛ فاغتنام الـوقـت والـصـحـة والغنى من تعاليم شرعنا الحنيف؛ فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسـول الله -صـلـى الله عليه وسلم-: اغـتـنـم خمـســاً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شـغـلـك، وحـيـاتـك قـبـل موتك(8).
- فإذا نظمت المرأة حياتها واستفادت مـن جــزئـيــات وقـتـها، وضنت به أن يستهلك في الطهي وفضـول الكلام... فإننا عند ذلك لن نسمع لها شكـوى من ضيق الوقت؛ فتلتفت إلى واجبها داعية للخير وقدوة لغيرها، تثري الفكر في المجالات التربوية والصحية التي تعود بالفائدة على الأجيال المؤمنة والمجتمع الإسلامي بأسره، وتـبـذل جـهـدهــا لإيجاد بديل إسـلامـي لمواجهة هذا الزخم الهائل من الهجمة الفكرية، وتدافـع عن حـوزة الـديـن فـي مجتمع الذئاب الذين يدأبون على التخطيط والعمل لصـرف الناس عـن دينهم.
إن على المــرأة المـسـلــــمة أن تنبذ الراحة الموهومة، والنوم والكسل الذي ران على نفوس الكثيرات، وتجتهد لتـقـــوم بواجبها نحو أمتها المسلمة، ونحو أجيالها الرشيدة بما تقدر عليه، وتستثمر وقتها بما يـفـيـد؛ مـــع انتهاز الفرص المناسبة؛ علّنا نزيل الظلمة الحالكة التي ألمت بأمتنا... ونورث الخير للأجـيـــال القادمة... وإلا بقيت آمالنا حبيسة لا تتعدى صدورنا، وبقيت أجيالنا في مؤخرة الركب بدلاً من قيادته.

========
الهوامش :
(1) متفق عليه: البخاري، ح./ 5082، ومسلم ح./2527.
(2) رواه الطبراني في الكبير.
(3) رواه مسلم، ك./الزهد والرقائق، ح./3014.
(4) أخرجه أبو داود، ح./ 3887، وأحمد، ح./ 26555 وصححه الحاكم.
(5) رواه البخاري، ح./97، ك. العلم.
(6) رواه مسلم، ح./ 1893، ك. الإمارة.
(7) أخرجه الترمذي، ح./ 2007، ك. البر والصلة عن حذيفة ـ رضي الله عنه ـ.
(8) أخرجه الحاكم وإسناده صحيح.

 

التوقيع

 



من كتاباتي
صرخاااات قلم (( عندما تنزف ريشة القلم دما ))
قلم معطل وقلم مكسوووور
عندما ’تطرد من قلوب الناس !!!!!!(وتدفن في مقبرة ذاتك)
دعاة محترفون لا دعاة هواه ( 1)
الداعية المحترف واللاعب المحترف لا سواء(2)
نعم دعاة محترفين لا دعاة هواة!!!! (( 3 ))
خواطر وجها لوجه
همسة صاااااااااااارخه
خواطر غير مألوفه
اليوم يوم الملحمه ...
على جماجم الرجال ننال السؤدد والعزه
عالم ذره يعبد بقره !!!
معذرة يا رسول الله فقد تأخر قلمي
دمعة مجاهد ودم شهيد !!!!!!
انااااااااا سارق !!!!
انفلونزا العقووووووووول
مكيجة الذات
الجماهير الغبيه
شمووووخ إمرأه

 
 
رد مع اقتباس
  #22  
قديم 03-04-2005, 08:06 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

بسم الله الرحمن الرحيم

دور المرأة التربوي ... المأمول والمعوقات
د. أفراح بنت علي الحميضي


من الأمور التي اجتمع عليها المربون إقرارهم بأهمية التربية بوصفها عاملاً رئيساً في توجيه الأفراد نحو أهداف المجتمعات، ولمدى أهميتها فقد لفتت انتباه العلماء المسلمين الذين دوَّنوا في موضوعات التربية الإسلامية مؤصلين لها، ومبرزين عناصرها وأهدافها وسبلها، والمؤثرات التي تؤثر في نتائجها، والتأثيرات التي تشعها التربية الإسلامية في المجتمع، بل كان من اهتمام علماء التربية الإسلامية التركيز على التربية البيتية أو المنزلية باعتبارها قاعدة أساسية في إعداد الأفراد موضحين بشكل بارز أهمية دور الوالدين في تلك المهمة.
وتبعاً لهذا فإن إبراز دور المرأة(1) التربوي والعوامل التي تساعد على إظهار ذلك الدور بوصفها وظيفة من أهم الوظائف بل هي أهم ما يجب أن تتقنه المرأة، والأمور التي تعيقها عن أداء وظيفتها تلك يعد موضوعاً جديراً بأن يهتم به كل من يعنيه أمر التربية والنشء ومستقبل الأمة.

توطئة:

دور المنزل في تنشئة الفرد:
تعد السنوات الأولى التي يقضيها الطفل في منزله من أكبر المؤثرات المسؤولة عن تشكيله في المستقبل؛ ذلك أن المجتمع المنزلي يعد أول مجتمع ينمو فيه الطفل ويتصل به ويستنشق الجو الخلقي منه، بل إنه ومن خلال الجو العاطفي الموجود في البيت فإن الطفل يعتمد على والديه في أحكامه الأخلاقية وفي مَدِّه بتقاليد وعادات وأعراف مجتمعه(2).
ولأجل ذلك فقد أرجع المربون أن إحساس الطفل بحب الأبوين ناشئ من ممارسة الأسرة لوظيفتها في التنشئة الاجتماعية(3)، بل إن تفعيل كل الوظائف التربوية لن يتحقق إلا بتكاتف جهود وأهداف الوالدين.
فمن الأدوار التي يجب أن تمارسها الأسرة ويضطلع بها المنزل قبل وبعد سن دخول المدرسة العنايةُ بالنمو الجسمي من خلال رعاية الطفل صحياً؛ وذلك باستكمال أسباب الصحة في الغذاء، والراحة الكافية، والمسكن الملائم، والرعاية الصحية الوقائية.
ومن الأدوار كذلك العناية بالنمو العقلي للطفل الذي يتأتى من خلال اكتسابه للغة الأم في المنزل، وما يتبع ذلك من توسيع لمداركه وزيادة لمعارفه، كذلك فإن من أهم الأدوار الوظيفية التي تمارسها الأسرة هي إشباع حاجات الطفل النفسية، ومن خلال الأسرة يتحقق للطفل النضج الانفعالي؛ وخاصة إذا توفرت في المنزل أسباب ذلك النضج؛ فمن خلال الأسرة يتعوَّد الطفل القدرة على التعامل مع الآخرين، ومن خلالها أيضاً تساهم الأسرة في الارتقاء الأخلاقي لدى الطفل؛ إذ تنمو شخصيته الأخلاقية؛ ويُعزز ذلك كله حين تقوم الأسرة بدورها في إكساب الطفل الدين الذي تعتنقه(4).
ومن أجل ذلك نستطيع أن نقرر حقيقة أن للوالدين دوراً هاماً في تربية الطفل لا يستطيع المعلم أو أي شخص آخر أن يحل محلهما؛ فقد يستطيع المعلم أن يزوِّد الطفل بحصيلة من المعلومات قد تجعل منه دائرة معارف، لكنه يفتقد ما للوالدين من تأثير على اتجاهات الطفل نحو الحياة(5).
ولهذا فقد حرص علماء التربية الإسلامية على تأكيد ضرورة إعداد المرأة لممارسة دورها بل وانتقائها قبل إنجاب الأولاد مؤكدين على حقيقة أن تربية النشء تحدث قبل ولادتهم باختيار الأمهات.
يقول أكثم بن صيفي لأولاده: "يا بَنيَّ! لا يحملنكم جمال النساء عن صراحة النسب؛ فإن المناكح الكريمة مَدْرَجةٌ للشرف".
وقال أبو الأسود الدؤلي لبنيه: "لقد أحسنت إليكم صغاراً وكباراً وقبل أن تولدوا. قالوا: وكيف أحسنت إلينا قبل أن نولد؟ قال: اخترت لكم من الأمهات من لا تُسَبُّون بها".
ولهذا فإن من أول حقوق الوالد على والده أن يختار له الأم المؤمنة الكريمة ذات الهدف من الحياة التي تحسن تربيته، وتقوم على شؤونه، وتتعاهد دينه وعقيدته؛ لأن الطفل والطفلة ينتقل إليهما كثير من صفات أمهما النفسية والخلقية، بل يمتد هذا التأثير مدى الحياة(6).

الأدوار التربوية المناطة بالمرأة الأم:
مما هو معروف بالبديهة أن الأدوار التربوية المناطة بالمرأة الأم تتخذ أهميتها من كونها هي لب العمل الوظيفي الفطري الذي يجب أن تتصدى له المرأة، وهذا يعني ضرورة أن تسعى الأم إلى ممارسة دورها بشكل يحقق نتائجه التي يأملها المجتمع، وهذا يعني أيضاً ضرورة إعداد المرأة الأم لأداء ذلك الدور قبل مطالبتها بنتائج فعالة، وأعتقد أن ذلك الإعداد لا بد أن يشمل:
1 - غربلة المناهج الدراسية: بحيث يكون الغرض الأساسي من تلك الغربلة وإعادة الصياغة إعانة (المرأة الأم) في وظيفتها داخل منزلها الذي يُعد المقر الوظيفي الرئيسي لها؛ لا أن يكون دور المناهج الدراسية تهيئة المرأة لتمارس وظيفة خارج المنزل، وفي حالة إعادة التكوين والصياغة هذه؛ فإن المناهج ستساهم في دعم دور الأبوين في إعداد الفتيات للاقتناع أولاً بمهمتهن الأولى، ثم في التعرف على صور وأنماط عديدة لأصول التربية السليمة وطرقها، والتي من الممكن الانتقاء منها حسب عدد من المعطيات ووفقاً للظروف المواتية، وبهذا ستؤدي المناهج الدراسية دورين أساسين:
أ - دوراً إعدادياً للمرأة للقيام بوظيفتها التربوية.
ب - دوراً مسانداً ؛ حيث ستشكل المناهج معيناً نافعاً تستمد منه المرأة سبلاً وطرقاً تربوية ناجحة ونافعة.
2 - الإعلام: نظراً لأن إعداد المرأة لممارسة وظيفتها التربوية يشكل ثقلاً عظيماً في النظرة الشاملة لمصلحة الأمة عموماً؛ فإن إعادة اهتمامات الإعلام بتلك المسألة من الأهمية بمكان؛ وهو أمر يستلزم قيام جميع القنوات الإعلامية بإبراز ذلك الدور والتركيز على ممارسة المرأة دورها بنفسها؛ فهي وظيفة لا يجوز فيها التوكيل، بل إن تصدي المرأة لدورها بنفسها بوصفها أيضاً مربية يعد مسلكاً عظيماً في رقي الأمة، بل هو الطريق الأساسي لتحقيق آمال الأمة ثم إعادة صياغتها فعلياً عبر التربية إلى نواتج قيِّمة تضاف إلى رصيد الأمة الحضاري، ولأجل ذلك فإن من الضروري أن تضع وسائل الإعلام ضمن أهدافها تبني المفهوم القائم على أن رقي الأمة مطلب إسلامي حضاري لن يتأتى إلا من خلال إعادة تكوين النظريات التربوية وتأسيسها بما يتفق مع الأصول والمصادر السليمة التربوية المعتمدة على المصادر الإسلامية، وأيضاً من خلال إعداد الكوادر التي تستطيع ترجمة تلك النظريات إلى واقع؛ أي العناية والتشجيع لإعداد المرأة الأم المربية التي تمتص ما يجب أن تفعله لتعيد تكوينه رحيقاً تربوياً يداوي جراح الأمة.
3 - تبني مسؤولية التربية: لا تستطيع المرأة أن تؤدي دورها التربوي ما لم تتبنَّ تلك القضية وجدانياً من خلال حملها لهمّ التربية، ويقينها التام بدورها في إعداد الفرد، وانعكاس ذلك على صلاحه وصلاح الأمة، ثم سعيها الدؤوب نحو تزويد من تعول تربوياً بما صح وتأكد من مغانم تربوية كسبتها من خلال ما نالته في رقيها التربوي الإسلامي، ويتأتى ذلك عن طريق دعم حصيلتها العلمية الشرعية؛ إذ إن جزءاً من مهامها التربوية يعنى بتشكيل عقيدة الأبناء ومراقبتها، وتعديل أي خلل يطرأ عليها.

ولهذا، ولأهميته فإن أول دور يُناط بالأم هو:

1 التربية العقائدية:
لا تتمكن الأم من القيام بتلك المهمة ما لم تكن معدة لهذا الأمر من خلال علم شرعي يعينها على أداء هذه المهمة، ولا يعني هذا أن تتوقف المرأة عن ممارسة ذلك حتى تكون طالبة علم. إن على الأم معرفة الأساسيات التي لا يقوم دين العبد إلا بها كأصول المعتقد وما تشمله من أصول الإيمان، وأقسام التوحيد وشروط لا إله إلا الله ونواقض الإسلام، وأقسام الشرك والكفر وأنواع النفاق، كما أن عليها معرفة الحلال والحرام خاصة ما استجد في هذه الأزمنة من مستجدات أوضح العلماء حكمها.
إن دور المرأة الأم هو قيادة قاطرة التربية في أرض مليئة بشوك الشبهات المضلة، والشهوات المغرية، والفتن السوداء.
على المرأة الأم أن تدرك أن منهج تربية النشء في الإسلام يقوم في أصوله وأساساته على مرتكز الإيمان بالله وحده، وهو منهج متوافق مع نظرة الله التي فطر الناس عليها. قال صلى الله عليه وسلم : "كل مولود يولد على الفطرة؛ فأبواه يهوِّدانه، أو ينصِّرانه، أو يمجِّسانه"(7).
إن التطبيقات الضرورية لهذا الدور التربوي الهام تتضح من خلال عدد من الإجراءات منها:
تربية الأبناء على حب الله ورسوله، ربط قلوبهم بالله ومراقبته في كل تصرفاتهم، ويكون ذلك منذ طفولتهم المبكرة؛ إذ يُعلَّمون النطق بالشهادتين، ويُوجَّهون إلى إرجاع كل نعمة إلى الله وحده، وحينما تشب أعوادهم يُعوَّدون على قراءة كتب العقيدة المناسبة لأعمارهم(8).
- ربط أصول العقيدة وفروعها بمناحي الحياة؛ مما ينتج عن ذلك حماسهم لها ودفاعهم عنها؛ فيتأكد لدى الطفل أنه لأجل الإيمان بالله وعبادته خُلق؛ فيعيش تأكيداً لمعاني ذلك الإيمان محققاً العبودية لله وحده ويموت دفاعاً عنها.
ومهمة المرأة الأم في هذه الأمور واضحة؛ فهي من يُشربه عند نُطق الحروف الأولى كلمة التوحيد (لا إله إلا الله)، ثم هو يراها نموذجاً قائماً أمامه يحاكيه ويقلده حين تكون كل حركاتها وسكناتها تهدف إلى تأكيد معنى كلمة الإخلاص؛ فهي حريصة على ألا يُعبَد في المنزل إلا الله وحده؛ فلا يدعى إلا هو، ولا يسأل إلا إياه، ولا يستعان أو يستغاث إلا به، ولا يُخاف إلا منه، ولا يُتوكل إلا عليه، ولا يُذبح إلا له، ولا يُصرف أي شيء من أمور العبادة إلا لله وحده، فيشب الناشئ وينشأ الطفل وهو يرى العقيدة الصافية تشع في كل أنحاء البيت.
ويندرج ضمن هذه التربية تعويد الطفل منذ مرحلة تمييزه على الأداء الصحيح للعبادات؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم : "مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعاً، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشراً، وفرِّقوا بينهم في المضاجع"(9)؛ إذ على الأم أن تُعوِّد مَنْ تعول على البعد عن الأمور المستنكرة شرعاً وعُرفاً، وتعرفهم على أحكام الحلال والحرام حتى يعتادوا ذلك ولا يأنفون منه، وعلى الأم أن تُعوِّد الأطفال على الطاعات كالصلاة والصيام وقراءة القرآن، وتحذرهم من ارتكاب المعاصي كالكذب والسرقة والخيانة والغش(10).

التربية السلوكية:
بتأكيد أهمية البيت في تبني السلوكيات الطيبة تتضح مسؤولية ما تقوم به المرأة في تفعيل دورها العظيم في زرع هذه السلوكيات، وقلع أي سلوك سيئ ينشأ في حديقتها التربوية حيث رعيتها الصغيرة، وتهذيب أي سلوك ينشأ منحرفاً عن مساره.
إن مهام المرأة في ذلك الدور كما هو في جميع مهامها التربوية لا بد أن يسير بمشاركة الوالد تدعيماً وعوناً، وفيما يخص مهمته التربوية؛ فإن تعاضد المرأة والرجل في بذر السلوك الحسن وتكوين القدوة الصالحة له أنجع الأمور للوصول إلى نتائج سريعة ومثمرة، ولأن المربين قد أدركوا أن من ضمن الأسس التي ترتكز عليها المنهجية التربوية الإسلامية في التربية هو إيجاد القدوة الحسنة؛ فقد حرصوا على ذلك الأمر من منطلق أن الطفل يبدأ إدراكه بمحاكاة ذويه ومن حوله حتى يتطبع بطبائعهم وسلوكياتهم وأخلاقهم(11).
وفي مقابل غرس السلوكيات الحسنة كان إهمال أي سلوك يأخذه الطفل من البيئة المحيطة يعني تشرُّبه السلوكيات الخاطئة واستنكاره أي نصيحة مقومة له. وغالباً ما يأتي الإهمال من قِبَل الوالدين جميعاً أو باتكال أحدهما على الآخر، أو كما قال ابن القيم: "وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله، وترك تأديبه، وإعانته على شهواته، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظلمه، ففاته انتفاعه بولده، وفوَّت عليه حظه في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قِبَل الآباء"(12).
ولهذا أيضاً كانت المنهجية التربوية الإسلامية تعتمد على مراقبة سلوك الطفل وتصرفاته وتوجيهه في حينه إلى التعديل المناسب لذلك السلوك مهما كان ذلك السلوك حقيراً أو عظيماً(13).

وتبعاً لذلك فإن من تطبيقات تلك المهمة التربوية:
1 - حفظ الطفل من قرناء السوء.
2 - أن تمارس المرأة مهمتها بإخلاص في غرس الفضائل والعناية بالواجبات، وتعويد الصغار على معالي الأمور.
3 - ربط النشء بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة، وتعليقهم بما تشمله سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وتراجم الصحابة من علو ورفعة وعزة.
4 - أن تضع المرأة شعاراً تطبقه في تربية من تعول تعتمد على تفعيل حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالِقِ الناس بخُلق حسن"(14).

التربية النفسية:
تعتمد تلك المهمة على إقرار حقيقة في الصحة النفسية هي أن العطف والحنان بلا إفراط ولا تفريط هما أساس الصحة النفسية لدى الأفراد؛ فينشأ الأطفال ويشب النشء وهم مترفلون بهذه الصحة؛ ولهذا فقد مدح الرسول صلى الله عليه وسلم صفة الحنان في نساء قريش بقوله: "صالح نساء قريش، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده"(15).
وهذه التربية النفسية لا تتأتى فقط بما تمنحه الأم من رعاية وحنان وعطف جُبلت النساء عليه، وإنما لا بد من تعاضد الوالدين جميعاً في تهيئة البيئة المنزلية لتكون بيئة صالحة هادئة ينشأ فيها الطفل متزناً واثقاً من نفسه؛ إذ ثبت أن الحياة العائلية المضطربة والمشاحنات بين أفراد الأسرة وبخاصة قطبيها الأب والأم يؤثران بشكل ملحوظ على تكوين شخصية مضطربة تنفر من الحياة وتكرهها، وثبت أيضاً أن أغلب الأمراض الخُلُقية مثل الأنانية والفوضى وفقدان الثقة بالنفس وعدم الإحساس بالمسؤولية والنفاق إنما تبذر بذرتها الأولى في المنازل، وأن من الصعوبة على المدرسة والمجتمع استئصال تلك الأمراض إذا تزمَّنت وتمكنت في نفس النشء أو الأطفال(16).

التربية الجسمية:
تبدأ تلك التربية منذ وقت مبكر حين تركز المرأة عنايتها بما خُلق في رحمها من خلال اهتمامها بالتغذية والراحة، ثم تستمر تلك التربية بعد الولادة حين يضع المنهج الإسلامي مسألة الرضاعة وتغذية الرضيع من المسائل الأساسية التي تُكلَّف بها المرأة. قال الله تعالى : والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة {البقرة: 233}.
ولكي تمارس الأم ذلك الدور لا بد أن يكون لديها وعي تام بأهمية هذا الجانب التربوي المعتمد على الثقافة الصحية المتوازية مع التطبيق العملي لهذه الثقافة.

معوقات في أداء الأدوار التربوية:
إذا كانت تلك بعض الأدوار التربوية المناطة بالمرأة بوصفها أُمّاً فإن مما يُعطل تلك الأدوار عن أداء مهمتها بفعالية، ومما يعيق المجتمع عن الحصول على ثمار يانعة معوقات من الممكن حصرها في:
1 - معوقات ذاتية تتمثل في:
- قصور في الإعداد النظري للمرأة لممارسة دورها التربوي.
- قلة وعي المرأة بأهمية دورها التربوي وأهمية ناتجها على المجتمع.
- إشغال الأم أو انشغالها بممارسات ثانوية تعطل وظيفتها الأساسية كانشغالها بوظيفة خارج المنزل.
2 - معوقات خارجية تتمثل في:
- الاعتماد على شخصيات بديلة تمارس دور الأم كالمربية الخارجية والخادمة، ويتأتى ذلك الاعتماد السلبي حين تعتقد الأم أن التربية عبء لا ناتج له معطل لقدراتها.
- تشجيع وسائل الإعلام المرأة للخروج من المنزل وممارسة أدوار بديلة لدورها الأصلي الأساسي، بل الدعاية لتلك الأدوار والوظائف واعتبارها خدمات أولية تقدمها المرأة للمجتمع تفوق في ناتجها دورها التربوي، وهذه الدعاية ساهمت في صرف المجتمع عن تأكيد دور الأم المربية إلى تشجيع دور الأم العاملة أو المرأة العاملة؛ وذلك بتشجيع تأخير الإنجاب.
- عدم قيام المؤسسات التعليمية بأدوارها في إعداد المرأة الأم وتشجيعها لممارسة دورها التربوي إضافة إلى ازدحام قائمة المناهج الدراسية بمواد بعيدة الصلة عن الحاجات الفعلية للمرأة مما يترتب على ذلك عدد من النتائج أبرزها طول فترة اليوم الدراسي باعتبارها أول تلك النتائج، وثانيها طول فترة المرحلة الدراسية، ثم ثالثها ضعف إعداد المرأة تربوياً، وتبعاً لذلك فقد تتأخر المرأة أو تتعطل في أداء دورها التربوي.

توصيات:
أَخلُص من ذلك كله إلى عدد من التوصيات تتعلق بالمرأة المربية والنشء والطفولة بل والأسرة مما يعزز فعالية المرأة:
أولاً: تكثيف البرامج التعليمية في مدارس تعليم البنات فيما يخص إعداد المرأة إعداداً فعلياً لأداء دورها الوظيفي.
ثانياً: إنشاء مراكز لأبحاث الطفولة والناشئة تكون غايتها بحث أفضل السبل لوضع منهجية تربوية قائمة على أصول شرعية قادرة على مواجهة المتطلبات المتصاعدة للحياة العصرية؛ بحيث تمد تلك المراكز الأمهات ودور الحضانة ومدارس المرحلة الابتدائية بالأبحاث والدراسات فيما يخص الطفولة والناشئة وكيفية تواؤمها مع المجتمع بما يحافظ على أصالة التربية.
ثالثاً: إنشاء مراكز لسلامة الطفولة ودعمها، غايتها بث وعي إعلامي وقائي للأمهات والآباء فيما يخص سلامة أطفالهن من كافة أنواع المخاطر كحالات الحرق، والغرق، والخنق، والسقوط، ... إلخ.
رابعاً: تكثيف المواد الإسلامية وخاصة مسائل التوحيد في مناهج ما قبل المدرسة، وعرضها بطريقة تناسب عقول الصغار؛ ففي هذه المرحلة تغرس مبادئ التوحيد بأنواعها الثلاث في عقولهم الغضَّة، مما يشكل دعماً لجهود الوالدين في تلك القضية.
خامساً: إنشاء هيئة عليا للدراسات الأسرية التربوية تختص بتذليل كافة السبل لدعم البرامج التربوية في مناهج التعليم، وتهيئة الظروف لتحقيق توافق أسري داخل البيوت من خلال البرامج والدورات التدريبية التي تشمل فيما تشمل دورات أسرية لمرحلة ما قبل الزواج ثم مرحلة ما بعد الزواج، كما يكون من ضمن اختصاصها فتح قنوات اتصالية مع الأمهات لبحث ما يعتريهن من مشاكل تربوية تعيقهن عن أداء دورهن.

بقلم الدكتورة : أفراح بنت علي الحميضي

===========
(@) وكيلة الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد بالرئاسة العامة لتعليم البنات في السعودية.
(1) سيُركز هنا على دور المرأة الأم فقط التربوي، وإلا فإن استعراض الدور التربوي الذي تقوم به المرأة معلمة أو مربية... إلخ يحتاج إلى وريقات أخرى.
(2) التربية الحديثة، مادتها، مبادئها، وتطبيقاتها العملية، صالح عبد العزيز، دار المعارف، ص 53.
(3) أصول التربية الإسلامية، الأستاذ الدكتور- محمد شحات الخطيب، الطبعة الأولى، دار الخريجي، 1415ه، ص 23.
(4) المرجع السابق، ص 236، 237.
(5) التربية الحديثة، مادتها، مبادئها، وتطبيقاتها العملية، صالح عبد العزيز، دار المعارف، ص 54.
(6) نظام الأسرة بين المسيحية والإسلام (دراسة مقارنة) دار العلوم، الرياض، الدكتور محمود عبد السميع الشعلان، ج 2، ص 603.
(7) رواه البخاري، ح- 1385، ومسلم، ح- 2658.
(8) التقصير في تربية الأولاد (المظاهر، سبل الوقاية والعلاج)، محمد بن إبراهيم الحمد، دار ابن خزيمة، الرياض 1416ه، ص 60.
(9) المسند، لأحمد، 2-180، سنن أبي داود، رقم 495، سنن الترمذي، رقم 407 وقال: حسن صحيح.
(10) الزواج: فوائده وآثاره النافعة، عبد الله جار الله بن إبراهيم الجار الله، الرياض 1409ه، ص 239.
(11) نظام الأسرة بين المسيحية والإسلام (دراسة مقارنة) دار العلوم، الرياض، الدكتور محمود عبد السميع الشعلان، ص 642، 643.
(12) تحفة الودود بأحكام المولود، الإمام ابن قيم الجوزية، المكتبة القيمة، ص 143، 144.
(13) نظام الأسرة بين المسيحية والإسلام (دراسة مقارنة) دار العلوم، الرياض، الدكتور محمود عبد السميع الشعلان، ص 644.
(14) رواه أحمد في المسند، (5-153)، والترمذي، ح- 1987، وقال: حديث حسن، والحاكم في المستدرك، كتاب الإيمان، (1-54).
(15) رواه البخاري، ح- 5365، مسلم، ح- 2527.
(16) التربية الحديثة، مادتها، مبادئها، وتطبيقاتها العملية، صالح عبد العزيز، دار المعارف، ص 54، 56.

المصدر: http://albayan-mag.com/


رد مع اقتباس
  #23  
قديم 03-04-2005, 08:09 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

بسم الله الرحمن الرحيم

تربية الأطفال في رحاب الإسلام
الثواب والعقاب
محمد الناصر


إن إثـابــة المـحـسـن عـلى إحـسـانه،وعقاب المسيء على إساءته مبدأ إسلامي أصيل لقوله تعالى: ((هـَـلْ جَـزَاءُ الإحْسَانِ إلاَّ الإحْسَانُ)) [ الرحمن:60] ، وقوله جل من قائل : ((وجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا)) [ الشورى:40].

أنواع الثواب :
عندما نحاول أن نغرس العادات الطيبة لابد من مكافأة الطفل على إحسانه للقيام بعمل بما يثبت في نفسه جانباً من الارتياح الوجداني.
وقد قدر السـلـف أهـمـيـة ترغيب الأبناء وثوابهم عند حسن استجابتهم ومن ذلك ما رواه النضر بن الحارث قال:سمعت إبراهيم بن أدهم يقول،قال لي أبي:»يا بني اطلب الحديث، فـكـلـمـا سـمـعـت حـديـثـاً وحفـظـتـه فلك درهم . فطلبت الحديث على هذا« والـثـواب قـد يكـون مـاديـاً ملموساً كإعطاء الطفل لعبة ، أو حلوى أو نقوداً أو ... وقد يكـون معنوياً يفرح له كالمدح والابتسام ، والاعتزاز بالطفل لعمله الطيب أمام الناس . إلا أن عـدم الغلو في المدح أدب إسلامي ، فلا يكثر المربي من عبارات الاستحسان حتى لا يدخـل الغرور في نفس الطفل . كما أنه لا يجعل الثواب المادي هو الأساس، لـمـا لـذلك مـن أثـر سيئ على نفسية الطفل مستقبلاً ، وإنما يوازي بين الثواب المادي والثواب المعنوي.

العقاب وأنواعه :
إن التربية لا تعني الشدة والضرب والتحقير ، كما يظن الكثير ، وإنما هي مساعدة الناشئ للوصول إلى أقصى كمال ممكن ... هذا وإن ديننا الحنيف رفع التكليف عن الصغار، ووجه إلى العقاب كوسيلة مساعدة للمربي ليعالج حالة معينة قد لا تصلح إلا بالعقاب الـمـنـاسـب الـرادع، وذلـك بـعـد سـن التمييز كما يبدو من الحديث النبوي الشريف: مــروا أولادكـم بالصلاة ، وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر« ونستشف من هذا الحديث الشريف أن الضرب من أجــل تعويد الطفل الصلاة لا يصح قبل سن العاشرة ، ويحسن أن يكون التأديب بغير الضرب قـبـل هـذه الـسـن . وأمـا نـوعـيـة العقاب فليس من الضروري إحداث الألم فيه ، فالتوبيخ العادي الخفيف ، ولهجة الصوت القاسية مثلاً يحدثان عند الطفل حسن التربية نفس التأثير الذي يحدثه العقاب الجسمـي الشديد عند من عود على ذلك . وكلما ازداد العقاب قل تأثيره على الطفل ، بل ربما يـؤدي إلـى الـعـصـيـان وعدم الاستقـرار . فالعقـاب يجب أن يتناسب مع العمر ، إذ ليس من العدل عقاب الطـفـل فـي السنة الأولـى أو الـثانية من عمره ، فتقطيب الوجه يكفي مع هذه السن ، إذ أن الطفل لا يدرك معنى العـقـاب بعد . وفي السنة الثالثة قد تؤخذ بعض ألعاب الطفل لقاء ما أتى من عمل شاذ.
ولا يصح بحال أن يكـون العقـاب سخرية وتشهيراً أو تنابزاً بالألـقـاب ، كما قال تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خـَيْراً مِّنْهُمْ ولا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ ولا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ ولا تَنَابَزُوا بِالأَلْـقَـابِ)) [ الحجرات:11] أين هذا التأديب الرباني ممن ينادون أبناءهم : يا أعور ، يا أعرج ، فيمتهنون كرامتهم .. أو يعيرونهم فيجرئونهم على الباطل بندائهم : يا كذاب ... يا لص .
وفي ضرب المربين للصبيان : حدد فقهاؤنا حدوداً لا يجوز للمربي تـجـاوزهـا إذ يلـزمه أن يتقـي في ضربه الوجه ومكان المقاتل لما ورد في صحيح مسلم أن الرسول -صلى الله عـلـيـه وسلـم- قال : »إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه« . وينبغي أن يكون الضرب مفرقاً لا مجموعاً فـي محـل واحـد ، والمهم أن يكون ثباتاً في المبدأ ومساواة بين الأولاد وعدلاً بينهم ، لأن العقوبة الظالمة لا تـجـلـب إلا الضرر . كما وأن الخطأ الذي يحدث للمرة الأولى يحسن أن يخفف فيه العقاب ، إلا إن كــان الخطأ فادحاً فلا مانع من استخدام العقاب الأشد حتى لا يستهين الطفل بالذنب.
وإذا وقع العقاب من أحد الأبوين ، فالواجب أن يوافقه الآخر ، وإلا فلا فائدة من العقاب ، مع إشعار الطفل بأن العقاب ليس للتشفي وإنما لمصلحته ، وإن شعور الطفل بخلاف ذلك قد يحدث انحرافاً معيناً في نفسه ، وهو أن يتعمد إثارة والديه ، ليستمتع بمنظر هياجهما وثورتهما عليه.
ويحس بالارتياح الداخلي ، لأنه وهو الصغير استطاع أن يثير أولئك الكبار ويزعجهم .. وعندئذ تكون الخسارة مزدوجة العقوبة أدت غرضها في الإصلاح ، وزاد في نفس الطفل انحراف جديد هو تحقيق الذات عن طريق غير سوي . ونود أن نؤكد على أن العقاب يجب أن يتلو الذنب مباشرة وألا يكون من الخفة بحيث لا يجدي ، أو من الشدة بحيث يشعر بالظلم أو يجرح الكبرياء. ويتضح أن الأطفال المنبسطين يضاعفون جهودهم عقب اللوم في حين أن المنطوين يضطرب إنتاجهم عقب اللوم . ومطرد التعلم (أي النبيه المجتهد) يحفزه الثناء أكثر من النقد والمربي بحسن حكمته يضع الأمر في نصابه عادة.

أيهما أفضل الثواب أم العقاب ؟
إن نتائج التجريب على الحيوان توضح أن كلاً من الثواب والعقاب يؤدي إلى زيادة في التعليم .. ولكن الدراسات الإنسانية توصي بضرورة الاهتمام بقضية الثواب والاستحسان، وتركز على الثواب لعدة أسباب منها :
الأثر الانفعالي السيئ الذي يصاحب العقاب ، أما الاستحسان ففيه توجيه بناء لطبيعة السلوك المرغوب فيه أكثر من مجرد معلومات سلبية عن الأشياء التي يجب أن يتجنبها.
وقد ندد ابن خلدون في استعمال الشدة في التربية فقال : »من كان مَرباه بالعسف والقهر من المتعلمين أو المماليك أو الخدم ، سطا به إلى القهر ، وضيق كل النفس في انبساطها وذهب بنشاطها ودعا إلى الكسل ، وحمله إلى الكذب خوفاً من انبساط الأيدي بالقهر عليه، وعلمه المكر والخديعة.
ومن كلام سحنون الفقيه في وصية لمعلم ابنه : »لا تؤدبه إلا بالمدح ولطيف الكلام ، وليس هو ممن يؤدب بالضرب أو التعنيف«
ولعل أجدى الطرق التي ينبغي اتباعها مع الصغار هي ما ذهب إليه بن مسكويه في الموازنة بين الثواب والعقاب يقول في ذلك :
»ليمدح الطفل بكل ما يظهر من خلق جميل وفعل حسن ويكرم عليه ، وإن خالف في بعض الأوقات لا يوبخ ولا يكاشف بل يتغافل عنه المربي ... ولا سيما إن ستر الصبي مخالفته ... فإن عاد فليوبخ سراً ، ويعظم عنده ما أتاه ويحذر من معاودته .. فإنك إن عودته التوبيخ والمكاشفة حملته على الوقاحة....« فالعقاب ليس الوسيلة المجدية ، إنه قد يؤدي إلى كف الطفل عن العمل المعيب ، لكن لن يؤدي إلى حبه للخير المطلوب . ومن ثم سيعاود الطفل ما منعه عن إثبات ذاته ، وإغضاب الآخرين، فضلاً عن أنه يعوده البلادة والوقاحة . فالترغيب عموماً أفضل من الترهيب ، والاعتدال هو الميزان.

مجلة البيان

رد مع اقتباس
  #24  
قديم 03-04-2005, 08:10 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

بسم الله الرحمن الرحيم

الكذب لدى الأطفال
محمد بن عبدالله الدويش


الكذب شؤمه معروف ومستقر لدى أصحاب العقول السليمة قبل أن يأتي الشرع بذمه، وليس أدل على ذم الكذب من أن أكذب الناس لا يرضى أن ينسب إليه.
ويتضايق كثير من الآباء والأمهات من كذب أطفالهم لكنهم غالبا ما يصنفون الكذب لدى الطفل في دائرة واحدة، ويتعاملون معه تعاملا واحداً.

أنواع الكذب لدى الأطفال

الكذب الذي يصدر من الطفل ليس واحدا، وله تصنيفات عدة، ومن أشهرها تصنيفه على أساس الغرض الذي يدفع الطفل لممارسته.

1- الكذب الخيالي:
غالباً ما يكون لدى المبدعين أو أصحاب الخيال الواسع. فالطفل قد يتخيل شيئا ويحوله إلى حقيقة.
ومن أمثلة ذلك: أن طفلا عمره ثلاث سنوات أحضر أهله خروفا للعيد له قرنان، فبعد ذلك صار يبكي ويقول إنه رأى كلباً له قرنان.
وهذا اللون لا يعتبر كذبا حقيقاً، ودور الوالدين هنا التوجيه للتفريق بين الخيال والحقيقة بما يتناسب مع نمو الطفل، ومن الخطأ اتهامه هنا بالكذب أو معاقبته عليه.

2- الكذب الالتباسي:
يختلط الخيال بالحقيقة لدى الطفل فلا يستطيع التفريق بينهما لضعف قدراته العقلية، فقد يسمع قصة خرافية فيحكيها على أنها حقيقة ويعدل في أشخاصها وأحداثها حذفا وإضافة وفق نموه العقلي .
وقد يرى رؤيا فيرويها على أنها حقيقة، فأحد الأطفال رأى في المنام أن الخادمة تضربه وتكسر لعبته فأصر على الأمر وقع منها.

3- الكذب الادعائي:
يلجأ إليه للشعور بالنقص أو الحرمان، وفيه يبالغ بالأشياء الكثيرة التي يملكها، فيحدث الأطفال أن يملك ألعابا كثيرة وثمينة، أو يحدثهم عن والده وثروته، أو عن مسكنهم ويبالغ في وصفه.
ومن صور الكذب الادعائي التي تحصل لدى الأطفال كثيراً التظاهر بالمرض عند الذهاب إلى المدرسة.
والذي يدفع الطفل لممارسة الكذب الادعائي أمران:
الأول: المفاخرة والمسايرة لزملائه الذين يحدثونه عن آبائهم أو مساكنهم أو لعبهم.
والثاني: استدرار العطف من الوالدين، ويكثر هذا اللون عند من يشعرون بالتفرقة بينهم وبين إخوانهم أو أخواتهم.
وينبغي للوالدين هنا تفهم الأسباب المؤدية إليه وعلاجها، والتركيز على تلبية الحاجات التي فقدها الطفل فألجأته إلى ممارسة هذا النوع من الكذب، دون التركيز على الكذب نفسه.

4- الكذب الغرضي:
يلجأ إليه الطفل حين يشعر بوقوف الأبوين حائلاً دون تحقيق أهدافه، فقد يطلب نقوداً لغرض غير الغرض الذي يريد.
ومن أمثلة ذلك أن يرغب الطفل بشراء لعبة من اللعب ويرى أن والده لن يوافق على ذلك، فيدعي أن المدرسة طلبت منهم مبلغا من المال فيأخذه من والديه لشراء هذه اللعبة.

5- الكذب الانتقامي:
غالباً ينشأ عند التفريق وعدم العدل بين الأولاد، سواء في المنزل أو في المدرسة، فقد يعمد الطفل إلى تخريب أو إتلاف ثم يتهم أخاه أو زميله، والغالب أن الاتهام هنا يوجه لأولئك الذين يحضون بتقدير واهتمام زائد أكثر من غيرهم.

6- الكذب الوقائي:
يلجأ إليه الطفل نتيجة الخوف من عقاب يخشى أن يقع عليه، سواء أكان العقاب من الوالدين أو من المعلم، وهذا النوع يحدث في مدارس البنين أكثر منه في مدارس البنات.
وهو يحصل غالبا في البيئات التي تتسم بالقسوة في التربية وتكثر من العقوبة.

7- كذب التقليد:
قد يرى الابن أو البنت أحد الوالدين يمارس الكذب على الآخرين فيقلدهم في ذلك، ويصل الأمر في مثل هذه الأحوال إلى أن يمارس الطفل الكذب لغير حاجة بل تقليداً للوالدين.

8- الكذب المرضي أو المزمن:
وهو الكذب الذي يتأصل لدى الطفل، ويصبح عادة مزمنة عنده، ويتسم هؤلاء بالمهارة غالبا في ممارسة الكذب حتى يصعب أنه اكتشاف صدقهم من كذبهم.

أي هذه الأنواع أكثر رواجا؟

دلت أغلب الدراسات التي أجريت على كذب الأطفال أن أكثر هذه الأسباب شيوعا الكذب الوقائي ويمثل 70%. و10% كذب التباسي و20% يعود إلى الغش والخداع والكراهية.

العلاج

الكذب سلوك مكتسب فهو لا ينشأ مع الإنسان إنما يتعلمه ويكتسبه، ومن هنا كان لابد للوالدين من الاعتناء بتربية أولادهم على الصدق، والجد في علاج حالت الكذب التي تنشأ لدى أطفالهم حتى لا تكبر معهم فتصبح جزءاً من سلوكهم يصعب عليهم التخلي عنه أو تركه.
ومن الوسائل المهمة في علاج الكذب لدى الأطفال:
أولاً:
تفهم الأسباب المؤدية للكذب لدى الطفل، وتصنيف الكذب الذي يمارسه، فالتعامل مع الكذب الخيالي والالتباسي يختلف عن التعامل مع الكذب الانتقامي والغرضي أو المرضي المزمن.
ثانياً:
مراعاة سن الطفل، ويتأكد هذا في الكذب التخيلي والالتباسي ، فالطفل في السن المبكرة لا يفرق بين الحقيقة والخيال كما سبق.
ثالثاً:
تلبية حاجات الطفل سواء أكانت جسدية أم نفسية أم اجتماعية، فكثير من مواقف الكذب تنشأ نتيجة فقده لهذه الحاجات وعدم تلبيتها له.
رابعاً:
المرونة والتسامح مع الأطفال، وبناء العلاقة الودية معهم، فإنها تهيء لهم الاطمئنان النفسي، بينما تولد لديهم الأساليب القاسية الاضطراب والخوف، فيسعون للتخلص من العقوبة أو للانتقام أو استدرار العطف الذي يفتقدونه.
خامساً:
البعد عن عقوبة الطفل حين يصدق، والحرص على العفو عن عقوبته أو تخفيفها حتى يعتاد الصدق، وحين يعاقب إذا قال الحقيقة فهذا سيدعوه إلى ممارسة الكذب مستقبلا للتخلص من العقوبة.
سادساً:
البعد عن استحسان الكذب لدى الطفل أو الضحك من ذلك، فقد يبدو في أحد مواقف الطفل التي يكذب فيها ما يثير إعجاب الوالدين أو ضحكهما، فيعزز هذا الاستحسان لدى الطفل الاتجاه نحو الكذب ليحظى بإعجاب الآخرين.
سابعا:
تنفير الطفل من الكذب وتعريفه بشؤمه ومساويه، ومن ذلك ما جاء في كتاب الله من لعن الكذابين، وما ثبت في السنة أنه من صفات المنافقين، وأنه يدعو إلى الفجور...إلخ.
ثامنا:
تنبيه الكفل حينما يكذب، والحزم معه حين يقتضي الموقف الحزم –مع مراعاة دافع الكذب ونوعه- وقد يصل الأمر إلى العقوبة؛ فإنه إذا استحكم الكذب لديه صعب تخليصه منه مستقبلا، وصار ملازما له.
تاسعاً:
القدوة الصالحة؛ بأن يتجنب الوالدان الكذب أمام الطفل أو أمره بذلك، كما يحصل من بعض الوالدين حين يأمره بالاعتذار بأعذار غير صادقة لمن يطرق الباب أو يتصل بالهاتف.
ومما يتأكد في ذلك تجنب الكذب على الطفل نفسه، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ فعن عبد الله بن عامر رضي الله عنه أنه قال: دعتني أمي يوما ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا، فقالت: ها تعال أعطيك، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:" وما أردت أن تعطيه؟" قالت: أعطيه تمرا، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أما إنك لو لم تعطه شيئا كتبت عليك كذبة" رواه أحمد وأبو داوود.
عاشرا:
الالتزام بالوفاء لما يوعد به الطفل، فالطفل لا يفرق بين الخبر والإنشاء، وقد لا يقدر عذر الوالدين في عدم وفائهما بما وعداه به ويعد ذلك كذبا منهما.
عن أبي الأحوص عن عبد الله رضي الله عنه قال:"إياكم والروايا روايا الكذب فإن الكذب لا يصلح بالجد والهزل. ولا يعد أحدكم صبيه ثم لا ينجز له".

المراجع:
أسس الصحة النفسية. عبدالعزيز القوصي.
الكذب في سلوك الأطفال. محمد علي قطب وآخرون. مكتبة العبيكان
لماذا يكذب الأطفال. ملاك جرجس. دار اللواء.

المصدر موقع المربي

رد مع اقتباس
  #25  
قديم 03-04-2005, 08:11 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

بسم الله الرحمن الرحيم

ساعدي زوجك على ممارسة أبوته


عشرون فكرة للأم الذكية ساعدي زوجك على ممارسة أبوته ..

1. قبل ولادة طفل تحدثي مع زوجك عن الدور الذي تتوقعينه منه في حياة والده .
2. مع ميلاد أول طفل يصاب الأب برهبة من المسؤولية الجديدة شجعيه باسلوب ناعم و ساعديه في معرفة دورة فهو لم يكن أباً من قبل .
3. ربما يمارس الأب دوره بشكل مختلف حسبما يراه هو تقبلي طريقته الخاصة دون تذمر فمثلاً إذا أحسست أنه يحمل الطفل بشيء من العنف لا تنتقديه طالما أنه لا يؤلم الطفل و لن يؤدي إلى الإضرار به .
4. لا تكرري عبارات مثل (( أنت لا فائدة منك )) أو (( إنك دائماً تكرر هذا الخطأ )) فهذه العبارات تستفزه و تجعله ييأس من ممارسة دورة و تصيبه بالإحباط .
5. عند دخوله إلى المنزل لا تبادريه بمشاكل الطفل ، بل اختاري الوقت المناسب ليكون على استعداد لمشاركتك الحديث و المناقشة .
6. اسألي نفسك و أجيبي بصراحة : هل تشعرين أن الطفل ابنكما معاً ؟ أم أنك أكثر ملكية له ؟!
7. يجب أن تكوني مقتنعة داخلياً أن أبنك هو ابنه أيضاً ، و له الحق نفسه في تربيته بأسلوبه الخاص .
8. الخروج من المنزل فترة و ترك الطفل مع الأب وحدهما ، يكسب الأب الثقة في قدرته على تحمل مسؤولية تربية ولده .
9. ممارسة بعض الألعاب مع زوجك و طفلك و اللهو سوياً يضفي جواً من الألفة و المتعة بالإضافة إلى أهميته لإزالة توتر الأب من مسؤولياته الجديدة .
10. تنمية صداقتك و حبك لزوجك و إعطائة فرصة للشعور بذلك له أكبر الأثر في اندماجه في دوره الأبوي .
11. حذار من أن يشعر زوجك بعصبيتك أو تعبك و إرهاقك من ممارسة دورك كأم بل يمكنك الإعلان عن ذلك بكلمات رقيقة ليقدم لك بعض العون .
12. استمرار الحديث بين الأب و الأم عن تربية الطفل يكوّن محيطاً عائلياً سعيداً و آمناً للطفل فحافظي عليه .
13. عندما يذكرك زوجك بأمر ما يجب أن تقومي به لاتقولي : حسناً سوف افعله ، بل اطلبي منه العون ، حتى يشعر باحتياجك الدائم له في كل ما يخص الطفل .
14. كوني صبورة مع زوجك ، فمسؤولية الأبناء ليست بالأمر الهين على الأب فلا تسخري منه إذا أخطأ، بل اجعلي الأمر يبدو كمزحة لتضحكا عليها سوياً .
15. إن المستوى العاطفي للطفل يرتفع عندما يشترك الأب و الأم في الاهتمام به .
16. لا تدعي اهتمامك بطفلك ينسيك اهتمامك بوالده حتى لا تتحول علاقتهما إلى نوع من الغيرة .
17. بعض الرجال يشتكون من المرأة التي مع محاولتهم لكسب الرزق تشعرهم أنه دور طبيعي لا يستحقون الشكر عليه ، لا تكوني تلك المرأة.
18. ( الزوج أول من يعلم ) التزمي بهذه المقولة ليكن على علم بكل ما يخص الطفل و ما يجري في المنزل .
19. اتركي لزوجك فرصة ليقضي وقتاً خاصاً به خارج المنزل مع أصدقائه أو في ممارسة بعض هواياته حتى يستطيع الاستمرار في إداء دورة بكفاءة .
20. أخيراً عزيزتي الأم .. عزيزي الأب .. لا تنسيا أن تعيشا بعض الوقت بعيداً عن شخصية الأب و الأم بل عيشا نفسيكما .

مجلة ولدي – العدد 10

رد مع اقتباس
  #26  
قديم 03-04-2005, 08:11 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

بسم الله الرحمن الرحيم

شروط ضرب الطفل في السنة و السلف


* ابتداء الضرب من سن العاشرة
قال صلى الله عليه وسلم: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر) رواه أبو داود الحسن
وقد تمتد الفترة إلى 13 سنة
عن انس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مروهم بالصلاة لسبع سنين ، واضربوهم عليها لثلاث عشرة) رواه الدارقطني (1/231)

* أقصى الضرب للتأديب ثلاثة وللقصاص عشرة
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يجلد فوق عشر جلدات الا في حد من حدود) أخرجه بخاري
كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يكتب الى الامصار : لايقرن المعلم فوق ثلاث ، فإنها مخافة للغلام
وعن الضحاك قال : ما ضرب المعلم غلاما فوق ثلاث فهو قصاص
كما غط جبريل عليه السلام محمداً صلى الله عليه وسلم ثلاثاً -الروض الأنف(1/272) والغط بمعنى الخنق والضم

* مواصفات أداة الضرب
1- ان يكون معتدل الحجم فيكون بين القضيب والعصا
2- أن يكون معتدل الرطوبة فلا يكون رطباً يشق الجلد لثقله ، ولاشديد اليبوسة ، فلا يؤلم لخفته
3- ولا يتعين لذلك نوع بل يجوز بسوط زبعود وخشبة وطرف ثوب بعد فتله حتى يشتد .
عن زيد بن أسلم : أن رجلا أعترف بنفسه بالزنى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوط فأتي بسوط مكسور فقال : (فوق ذلك) فأتي بسوط جديد لم تقطع ثمرته فقال : (بين هذين) فأتي بسوط قد لان وركب به فأمر به فجلد. رواه ملك في الموطأ

* طريقة الضرب
قال الشيخ الفقيه شمس الدين الانباني كيفية ضرب الصبي:
1- أن يكون مفرقا لا مجموعا في محل واحد
2- أن يكون بين الضربتين زمن يخف به ألم الأول
3- ألا يرفع الضارب ذراعه لينقل السوط لأعضده حتى يرى بياض إبطه فلا يرفعه لئلا يعظم ألمه
وقد كان عمر يقول للضارب: لا ترفع إبطك. أي لاتضرب بكل قوة يدك

* مكان الضرب
أن لا يضرب الوجه أو الفرج-والرأس عند الحنفية-
عن على رضي الله عنه أنه أتي برجل سكران أو في حد فقال : اضرب وأعط كل عضو حقه واتق الوجه والمذاكير.
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه) رواه أبوداود.
وعند بعض السلف فأن أفضل مكان للضرب والتأثير اليدين والرجلين

* لا ضرب مع الغضب
(لا يقضين بين اثنين وهو غضبان) رواه الجماعة عن أبي بكر رضي الله عنه

* ويقف عن الضرب أذا ذكر الطفل الله
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم (إذا ضرب أحدكم خادمه فذكر الله فارفعوا أيديكم) رواه الترميذي
وفي هذا تعظيم لله تعالى في نفس الطفل

رد مع اقتباس
  #27  
قديم 03-04-2005, 08:12 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

بسم الله الرحمن الرحيم

الأنماط السلبية في تربية الطفل


تتبع الأسرة عدة أنماط في تربية الطفل والتي تؤثر على تكوين شخصيته وهى :

النمط الأول : الإسراف في تدليل الطفل والإذعان لمطالبة مهما كانت .
أضرار هذا النمط :
1-عدم تحمل الطفل المسئولية
2- الاعتماد على الغير
3- عدم تحمل الطفل مواقف الفشل والإحباط في الحياة الخارجية حيث تعود على أن تلبى كافة مطالبه
4- توقع هذا الإشباع المطلق من المجتمع فيما بعد
5- نمو نزعات الأنانية وحب التملك للطفل

النمط الثاني : الإسراف في القسوة والصرامة والشدة مع الطفل وإنزال العقاب فيه بصورة مستمرة وصده وزجره كلما أراد أن يعبر عن نفسه
أضرار هذا النمط :
1- قد يؤدى بالطفل إلى الانطواء أو الانزواء أو انسحاب فى معترك الحياة الاجتماعية
2- يؤدى لشعور الطفل بالنقص وعدم الثقة في نفسه
3- صعوبة تكوين شخصية مستقلة نتيجة منعه من التعبير عن نفسه
4- شعوره الحاد بالذنب
5- كره السلطة الوالية وقد يمتد هذا الشعور إلى معارضة السلطة الخارجية في المجتمع
6- قد ينتهج هو نفسه منهج الصرامة والشدة في حياته المستقبلية عن طريق عمليتي التقليد أو التقمص لشخصية أحد الوالدين أو كلاهما

النمط الثالث : النمط المتذبذب بين الشدة واللين ، حيث يعاقب الطفل مرة في موقف ويثاب مرة أخرى من نفس الموقف مثلا

أضرار هذا النمط :
1- يجد صعوبة في معرفة الصواب والخطاء
2- ينشأ على التردد وعدم الحسم في الأمور
3- ممكن أن يكف عن التعبير الصريح عن التعبير عن أرائه ومشاعره

النمط الرابع : الإعجاب الزائد بالطفل حيث يعبر الآباء والأمهات بصورة مبالغ فيها عن إعجابهم بالطفل وحبة ومدحه والمباهاه به
أضرار هذا النمط :
1- شعور الطفل بالغرور الزائد والثقة الزائدة بالنفس
2- كثرة مطالب الطفل
3- تضخيم من صورة الفرد عن ذاته ويؤدى هذا إلى إصابته بعد ذلك بالإحباط والفشل عندما يصطدم مع غيرة من الناس الذين لا يمنحونه نفس القدر من الإعجاب

النمط الخامس :
فرض الحماية الزائدة على الطفل وإخضاعه لكثير من القيود ومن أساليب الرعاية الزائدة الخوف الزائد على الطفل وتوقع تعرضه للأخطار من أي نشاط .
أضرار هذا النمط :
1- يخلق مثل هذا النمط من التربية شخصا هيابا يخشى اقتحام المواقف الجديدة
2- عدم الاعتماد على الذات

النمط السادس : اختلاف وجهات النظر في تربية الطفل بين الأم والأب كأن يؤمن الأب بالصرامة والشدة بينما تؤمن الأم باللين وتدليل الطفل أو يؤمن أحدهما بالطريقة الحديثة والأخر بالطريقة التقليدية
أضرار هذا النمط :
1- قد يكره الطفل والده ويميل إلى الأم وقد يحدث العكس بأن يتقمص صفات الخشونة من والدة
2- ويجد مثل هذا الطفل صعوبة في التميز بين الصح والخطاء أو الحلال والحرام كما يعانى من ضعف الولاء لأحدهما أو كلاهما .
3- وقد يؤدى ميله وارتباطه بأمه إلى تقمص صفات الأنثوية

من كتاب ( مشكلات الطفولة والمراهقة )
تأليف .الدكتور عبدالرحمن العيسوى

رد مع اقتباس
  #28  
قديم 03-04-2005, 08:12 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

بسم الله الرحمن الرحيم

طريقنا نحو طفل قلبه معلق بالمسجد


السلام عليكم :
لا يزال المسجد أهم جامعة عرفتها البشرية ، منذ قباء ، الذي بناه الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ومروراً بالمساجد التاريخية ، أثبت المسجد أنه المكان الطبيعي القادر علي صناعة مخرجات إسلامية ساهمت في حمل لواء الدعوة عبر كل هذه القرون .

وحتى نعيد للمسجد رسالته ودوره ليعود لنا بأمثال أطفال الصحابة لابد وأن نمهد الطريق للأبناء للوصول إليه والتعلق به وأن نغرس في نفوسهم معني الشاب ذي القلب المعلق بالمسجد ليكون أبناؤنا ممن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله .

وهذا جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : صليت مع رسول الله صلي الله عليه وسلم – الصلاة الأولي – يعني صلاة الظهر ثم خرج إلي أهله فخرجت معه فاستقبله ولدان – فجعل صلي الله عليه وسلم يمسح خدي أحدهم واحداً واحداً قال جابر : وأما أنا فمسح خدي فوجدت يده برداً وريحاً كأنما أخرجها من جونة عطار .

ولما كان للمسجد من آثار كبيرة في تربية النفس لندخل مع الأبناء دورة تدريبية من أجل شاب قلبه معلق بالمساجد .

رحلة خيالية
كثيرة هي تلك الوسائل التي يمكننا أن نسلكها من أجل أبناء قلبهم معلق بالمساجد ضمن هذه الوسائل رحلة لكنها رحلة من نوع خاص فهي رحلة خيالية ومن هذه الرحلة سنوضح للأبناء أهم المساجد عبر التاريخ الإسلامي منذ بناء المسجد الأول في الإسلام وهو قباء ونحاول أن نسرد لهم أهم الأحداث التي شهدتها هذه المساجد في فترات مختلفة إلي جانب أن نجمع بعض الصور لمساجد قديمة ولنفرض أننا سافرنا إلي بلاد إسلامية أن نقوم بزيارة إلي المساجد التاريخية .

رحلة حقيقية
إلي جانب الرحلة الخيالية التي قمنا بها سابقاً يمكننا القيام برحلة حقيقية مع الأبناء فنأخذهم في جولة بالسيارة إلي المساجد القديمة والحديثة في المدينة للتعرف عليها وحبذا لو اصطحبناهم إلي المسجد الذي كان يصلي فيه الأب في صغره مع والده فهذا الشيء سيقدرونه ويحرصون علي تقليده .

صلاة الجمعة نكهة خاصة
إن اصطحاب الأبناء لصلاة الجمعة وخاصة الفتي الذي بلغ موضع الأب فلا يعبث أو يركض أو يزاحم الكبار لهو من الأمور التي يجب الحرص عليها لأنها تعد الدرس الأول لتعلق في بحب المسجد ، وحتى نجعل لصلاة الجمعة لزيارة جدهم أو عمهم أو بعض الأصدقاء أو أخذهم إلي الأسواق القديمة وهذا من شأنه أن يغرس حباً وترابطاً بين الابن والوالد .

حسن الاستماع والإنصات
تدريب الابن علي حسن الاستماع والإنصات وفهم الخطبة في صلاة الجمعة أو العيدين وسؤاله عن مفهومها وماذا استفاد منها ثم نطلب منه أنه نقل أهم مفاهيم الخطبة لإقرانه وأقربائه .

صداقة في المسجد
نشجعه علي التعرف علي أصدقاء في المسجد وذلك من شأنه أن يؤلف بين قلوب المسلمين ويشعر الابن بالود والمحبة مع من حوله فتنشأ صداقة بينه وبين المسجد ورواده .

من رمضان إلي رمضان
إن لصلاة التراويح في رمضان أثر كبير في النفوس المؤمنة فإذا اصطحبنا الأبناء لصلاة التراويح وأعتادوا علي سماع القرآن وأداء الصلاة فذلك تغذية نفسية لهم ينتظرونها من رمضان إلي رمضان .

آداب المسجد
نعلم أبنائنا آداب المسجد بدءاً من الدخول بهدوء ووضع الحذاء في المكان المخصص له وعدم الركض والابتعاد عن مزاحمة الكبار والانتباه واليقضة للخطبة وعدم العبث بالأشياء داخل المسجد .

الصحبة الصالحة
إذا كان الفتي أكبر سناً فلابد من مصاحبته وتكوين صحبة صالحة تشجعه علي إرتياد المساجد .

الدرس الأسبوعي
سيتعود الفتي علي ارتياد المساجد ليتابع الدرس الأسبوعي لحفظ القرآن أو مراجعة الأحاديث أو شرح صفحات من أحد كتب الفقه وفي هذه الحالة ستعلق قلبه بالمسجد .

المصدر : مجلة ولدي

رد مع اقتباس
  #29  
قديم 03-04-2005, 08:13 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

بسم الله الرحمن الرحيم

أطفالنا بين غياب القدوة.. وتفريط الراعي (وإهمال الأمانة)


تأسرني رؤية طفل بكامل براءته التي فطره الله عليها.. ولكن هيهات أصبحت رؤية هؤلاء نادرة أو قليلة .. فقد اغتلنا تلك البراءة وشوهنا معالمها بأمور كثيرة .. قد يكون أقلها الهيئة واللباس والتقليعات ، .. لذا نعرض هنا بعض النماذج لإهمالنا وتفريطنا في تربية أطفالنا وفهم عالمهم والتعامل معه علَّنَا نعالج السبب والمسبب للاغتيالات المتكررة للراحلة براءة ..

نماذج ...

* أطفالنا جُلهم إن لم نقل كلهم يكذبون .. كيف تعلموا الكذب وكيف عرفوا تزييف الحقائق وقد وُلِدُوا على الفطرة !! بكل بساطة يا سادة إنهم يستمعون للتناقض والتزييف من والديهم أو أحدهما فيثمر التعليم والغرس ينتج ..

* من الأطفال من يتلفظ كثيراً بألفاظ نابية أو قذرة .. ولا يجدون من يمنعهم أو يوجههم بل يقابلون بالابتسامة والإعجاب على الفصاحة وطلاقة اللسان ولو بسيئ الألفاظ ..

* البعض الآخر من أطفالنا تعلقت نفوسهم بسماع الغناء ومتابعة المسلسلات .. من السبب ؟؟ وكيف تعودوا عليها !! كان عندي طفلة تتأخر في الحضور للحلقة سألت أختها يوما لم تتأخر أختك ولا تحضر معك !! قالت أتيت وهي تشاهد المسلسل وستأتي بعد أن ينتهي !!!

من علمها ؟؟ من عودها !! من وجهها ؟؟ من رباها ؟؟ من أدبها وحفظها عما يخدش براءتها !!

* يترك الأطفال بل قد يرغمون على البقاء أمام جهاز الرائي أو الفيديو لمشاهدة الرسوم المتحركة .. بما في بعضها من اغتيال لبراءتهم .. ولما في بعضها الآخر من إعاقتهم عن مزاولة نشاطهم الطبيعي وحركتهم ولهوهم البرئ الذي يكون أحياناً كثيرة من أسباب قتل الإبداع والنبوغ والتفكير ..

* بعض الأطفال قد ينعم الله عليهم في مقابل فساد أهليهم أو إهمالهم بمعلمين ومعلمات صالحين وصالحات ويؤدون أدوارهم التربوية والتعليمية على أكمل وجه وبطبيعة الأطفال وفطرتهم يتقبلون ويتحمسون لما يغرس في نفوسهم وعقولهم الغضة .. ولكن المشكلة تكمن في عودتهم لمنازلهم ورؤيتهم المتناقضات بين ما تعلموه من خلق ودين وعلم وبين ما يرونه من أهليهم من تجاوز وتعدٍ لكل ما غرس معلميهم في أنفسهم الوقوف عنده وعدم تجاوزه .. وطبعا هم يرون والديهم قدوتهم ومثلهم الأعلى .. فبهذه التناقضات يعيش الطفل في دوامة ومتاهة لا أول لها ولا آخر .. متذبذب حائر ..لا استقرار لتفكيره ولا ثقة ولا اطمئنان لمن حوله .. وقد واجهنا تساؤلات الأطفال البريئة عن التناقضات التي يعيشونها ما بين (المنزل) الأسرة والتي تناقض تصرفاتها المدرسة وما يتلقون فيها من أخلاق وآداب ..فما ذنب هؤلاء الأطفال ليعيشوا الازدواجية ويعانوا منها منذ صغرهم !! ولم لا نمثل لأبنائنا قدوة صالحة ومثالا يحتذى به أو على الأقل نتجنب فعل السوء ولو أمامهم فقط ..

تقول إحدى الأخوات : كانت تأتيهم ابنة جارتهم الصغيرة وتمكث عندهم وقتاً من كل يوم ولمّا لاحظت هذه الصغيرة أن هذه الأخت لا تشاهد الرائي سألتها مستنكرة عن السبب فأخبرتها أنها لا تشاهده لأن الله لا يريد أن نشاهده ونسمع ما يكون فيه من موسيقى وغناء وقد أعدّ لنا في الجنة أفضل منها إذا تركناها .. المهم أن الطفلة علقت بمخيلتها الكلمات وتذكرت منزلها والتناقض بين من كانت تراهم قدوتها وبين ما سمعت من هذه الأخت !! عادت الطفلة لمنزلها وفي المساء كان أقاربها الشباب مجتمعين أمام الرائي ويقلبون في القنوات الفضائية بصخبها وضجيجها ومنكراتها فدخلت عليهم الطفلة تصرخ فيهم وتنادي بإغلاق الجهاز .. حاولوا ثنيها ولكنها ألحت وكانت تقول لهم حرام والله سيغضب منا ولن ندخل الجنة .. وهم يهدئونها ويحاولون إسكاتها ودون فائدة استمرت في إزعاجها لهم وتساءلوا عن المصدر الذي علمت منه أن الرائي والموسيقى لا يحبها الله فأخبرتهم بخبر جارتهم فما كان من والدتها إلا أن اتصلت بوالدة هذه الأخت وطلبت منها أن تُسكت ابنتها وتطلب منها أن تكف عن إخبار الطفلة بما يحبه الله وما يبغضه وأنها أزعجتهم بإنكارها تصرفاتهم !!! تقول محدثتي وبعد ذلك لم أرها إطلاقاً .. وسمعت عنها فيما بعد عندما كبرت مالا يسر مسلم غيور ..

* طفلة لم تبلغ السادسة كل حديثها عن الزواج والعريس والعروسة بغض النظر عن كونها تردد ما لا تدرك ماهيته ولكن لم تشغل طفلة بهذه الأمور الكبيرة والتي تغتال براءتها !.. وتسمع التعليقات عليها يمينا وشمالا من أقاربها بأحد الشباب المراهقين .. وكانت تستنكر .. وعندما سافر الشاب .. تأسفت عليه وقالت سافر قبل أن أتزوجه ..!!!

هذا أنموذج آخر لاغتيال براءة أطفالنا .. بل لانتهاكها..

* العام الماضي قرأت في منتدى الحصن النفسي موضوعا لمعلمة تطلب فيه الحل والطريقة الصحيحة للتعامل وإنقاذ طفلة في الصف الخامس الابتدائي تتعرض لتصرفات لا أخلاقية من ابن عمها الصغير .. والذي أظنها قالت تعلّم هذه التصرفات من الخادمة ..وهي ـ الطفلة ـ بدورها تنقلها لصديقاتها !!

أرأيتم أن براءة أطفالنا تغتال وتسلب منهم بسبب أقرب الناس لهم ..!!

فأين الوالدين ؟؟ كيف يغفل ويترك الأبناء لتغتال براءتهم بهذا الشكل المقزز !!!

* يحدث كثيراً شجار وخصام بين الوالدين على مرأى ومسمع من الأطفال .. والذين بدورهم تهتز ثقتهم بمصدر الأمان والثقة بالنسبة لهم ويصبح الأمر صعب على أذهانهم كثيرا أن تستوعبه فمن المخطئ والدهم الذي يسعى لأجلهم ويوفر لهم كل شئ أم والدتهم التي تحنو عليهم وتطعمهم وتلبسهم !!!

بل لا نبالغ إذا قلنا أن أكثر المشاكل النفسية للطفل سببها الوالدين .. وخاصة الخوف والقلق الذي يكون مصدره فقدان الطفل للشعور بالأمن بين أبويه.

* عند لحظة غضب من أحد الوالدين وغالبا الأم يسمع الأبناء تفريغ شحنات هائلة من الشتائم وإنكار فضل الأب وجميله طوال العمر ووصفه بكل قبيح وسيئ .. وذلك أحيانا كثيرة لحظة تهورٍ وغضب تزول سريعا عن الأم ولكن آثارها لا تزول في نفوس الأطفال الذين تغيرت نظرتهم المثالية لوالدهم ..!!

* تطالعنا بين فينة وأخرى ملابس وتقليعات غريبة صارخة لا تناسب إطلاقا براءة أطفالنا وتعاليم ديننا الفطرية ومع ذلك نصر على اغتيال براءتهم وجمالهم بتكفينهم بهذه الملابس.. وهنا أتساءل ما لجمال الذي يشاهده أولياء هؤلاء الأطفال بهذه التقليعات والموضات التي تغتال جمال الأطفال الحقيقي الذي يتجسد ببراءتهم ولو كان لباسهم يخلو من الغرابة والتقليعات!!!

* اصطحاب كثير من الأسر لأطفالها في أماكن الفساد واللهو وإطلاعهم على الفساد وتعويدهم عليه منذ الصغر .. كما أننا نخطئ كثيرا باصطحاب الأطفال للمناسبات أو الحفلات الاجتماعية التي تخالف تربيتنا لأطفالنا والتي تولد بعقولهم تناقضات بين ما يرون وما يغرس في نفوسهم .. فحفلات غناء ورقص وعري وضياع وقت ماذا ستكون نتائجها وآثارها على الأطفال ؟؟

رد مع اقتباس
  #30  
قديم 03-04-2005, 08:14 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

بسم الله الرحمن الرحيم

تربية امرأة ..!


كلمة يتداولها العامة اليوم يقولون عن بعض ضعاف التربية وضعاف العزم والهمة ، يقولون عنه :
تربية امرأة !!

وهذه الكلمة ليس على إطلاقها
فكم من الأئمة الأعلام ربتهم أمهاتهم وكانوا هداة مهتدين
يأتي على رأسهم إمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد - رحمه الله –
فكم قدمت له أمه من عناية ورعاية حتى أصبح إماما للدنيا ولها – إن شاء الله – مثل أجره .
كذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله فقد ربّته أخته سِتّ الرَّكب بنت علي بن محمد بن محمد بن حجر .
قال ابن حجر : وُلِدتْ في رجب سنة سبعين في طريق الحج ، وكانت قارئة كاتبة أعجوبة في الذكاء وهي أمي بعد أمي .
وغيرهم كثير هذا في الماضي
أليست الخنساء من شواهد التاريخ على صدق التربية ؟؟
وعلى شدتها ؟؟
وعلى علو همتها ؟؟
وقبلها أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها
وخبرها مع ابنها هنا :
http://www.saaid.net/Doat/assuhaim/83.htm

وقد يُقال :
هذا كان في الزمن الماضي يوم لم تكن هناك مغريات وفتن ونحو ذلك
فأقول :
بل حتى في هذا الزمن نساء صادقات وفي التربية جادّات
نساء ممن عاصرناهم وعاصرونا
امرأة أعرفها شخصياً
زوجة أحد الأقارب توفي زوجها وترك لها ستة أبناء
فلما عُرِض عليها الزواج بعد انقضاء عدتها بَكَت
فقيل : ما يُبكيك ؟
قالت : أخشى أن أترك تربية أبنائي لغيري فيضيعوا .
فلم تتزوج بعد زوجها ، بل أوقفت حياتها على أبنائها .
فَسَعَتْ في تربيتهم وتعليمهم وتحفيظهم القرآن .

فحفظ بعضهم القرآن كاملا
واليوم
أكبر أولادها نال الشهادة العالية ( الدكتوراه )
وأصغرهم يدرس في كلية الطب
والبقية بين معلّم وموظف وطبيب
وهم من خيار أهل البلد إذا عُـد الأخيار

هذه نتيجة جهد امرأة صادقة لا تركض ولا تلهث خلف ( الموضة ) ولا تجري وراء كل جديد

وحدثني أحد المشايخ عن امرأة عندهم في الحي
لها ثلاثة أولاد
كأنهم أيتام وما هم بأيتام !!
تخلّى عنهم أبوهم فشمّرت الأم عن ساعد الجد ، وسعت في تربيتهم تربية جادة
يقومون الليل
بعضهم يحضر للمسجد قبل الأذان ، بل أحدهم يؤذن أحيانا لصلاة الفجر ، عندما يتأخر المؤذن .
ألحقَتْهُم بحلقات تحفيظ القرآن الكريم

يقول محدثي : أرى فيهم الجدية وعلو الهمة وصدق التآخي

وما هذه النسوة – حفظهن الله – إلا خير شاهد على صدق التربية ، وجدية النشأة ، وقوّة العزيمة .

إذاً لماذا يقول بعض الناس عن الخامل : تربية امرأة ؟!

لأن بعض الأمهات العصريات ممن همهن الجري وراء كل جديد ، واللهث خلف سراب الموضة ، والركض إثر شهوات النفس ومتعها وملذاتها
آثرن ذلك على حساب أولادهن
فيومٌ للسوق
وآخر للحديقة
وثالث للملاهي
ورابع للتمشية

وضاع الابن بين أوقات الأم وتمشياتها وزياراتها

وآخر ما تسأل عنه الأم أولادها من بنين وبنات !!

ولا يهمها سوى أن يُوفـَّـر للابن سيارة
لماذا ؟
لتذهب وتعود وتغدو وتروح حسب مزاجها

وليَضِعْ الابن بعد ذلك !!!
وبعض الأمهات الجادات لا تُريد أن يُوفر لأولادها سيارات حفاظاً على أولادهن ، وحرصاً على مضيِّهم في تعليمهم ودراستهم ، بعيداً عن الفوضى والعبث .

هذا هو السبب – في نظري – في رخاوة تربية بعض الأمهات في هذه الأزمنة .
إذا ليس العيب أن يتربى الرجل على يد امرأة ، فكم من عظماء الرجال تربوا على أيدي أمهاتهم فأفادوا أممـاً لا أمَّـة واحدة !
ولكن العيب في بعض النساء واهتماماتهن

كذلك يُقال عن بعض الرجال
فأعرف رجلا من الأقارب لا يهش ولا ينشّ !! في تربية أولاده

وأولاده أحق بوصف الرخاوة والضياع
وليس هذا من باب الشماتة . بل من باب الذِّكر والتذكير
ومن باب الإنصاف
أن يُذكر ما للرجل وما عليه ، وما للمرأة وما عليها .

فبارك الله في نساء مؤمنات تفوق إحداهن عشرات الرجال .

كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
assuhaim@al-islam.com

رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
طرق مشاهدة الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 12:24 PM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع