مجالس العجمان الرسمي


مجلس الدراسات والبحوث العلمية يعنى بالدراسات والبحوث العلمية وفي جميع التخصصات النظرية والتطبيقية.

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #32  
قديم 18-09-2006, 02:27 PM
أغراب أغراب غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Sep 2006
الدولة: الرياض
المشاركات: 1,839
معدل تقييم المستوى: 19
أغراب is on a distinguished road

درست الحروب الصليبيه أثناء المرحله الثانويه..
لكن لم أتعمق فيها والسبب في ذلك معلمتي للماده ..
ولعل موضوعك هذا قد يعطيني خلفيه جيده جدا عن الحروب الصليبيه..
ولي عوده عليه ان شاء الله ..
يعطيك العافيه أخي فالح..

 

التوقيع

 


كل الشكر والتقدير للأخت يوران على التوقيع

 
 
رد مع اقتباس
  #33  
قديم 18-09-2006, 04:32 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

يا مرحبا بك يا اغراب والله ينفع بها الجميع

رد مع اقتباس
  #34  
قديم 22-09-2006, 06:36 PM
فزاع فزاع غير متصل
إداري سابق
 
تاريخ التسجيل: Mar 2005
الدولة: الحفيره !!
العمر: 48
المشاركات: 4,400
معدل تقييم المستوى: 24
فزاع is on a distinguished road

لا هنت يا الدكتور
على هذه البحوث الرائعة الله يجزاك الف خير.

 

التوقيع

 


ان جيت أرض المسيله= يجيك روضٍ فيه الحيا سال
مابين ذيك الغصون الجميلة=ربعٍ لهم في جملة الصيد منهال
عندهم شواهين صايدات الفصيلة=اقنص معهم وخص لي يشرح البال
هِضْت بعَرْمك وربوع المسيله=وبسيوحهن يا ما حلى شرب فنجال
 
 
رد مع اقتباس
  #35  
قديم 26-09-2006, 10:14 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

يا مرحبا بك يا فزاع ولا هنت على حضورك

رد مع اقتباس
  #36  
قديم 26-09-2006, 10:14 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

طرد المسلمين من إسبانيا
بقلم: روجر بواس[1]

Roger Boase

يلقي روجر بوس في مقاله هذا نظرة على النموذج الإسباني للتطهير العرقي والديني.


--------------------------------------------------------------------------------

لكل شيء إذا ما تم نقصان * فلا يغر بطيب العيش إنسان

وهذه الدار لا تبقي على أحد * ولا يدوم على حال لها شانُ

تبكي الحنيفيةَ البيضاءَ من أسفٍ * كما بكى لفراق الإلف هيمانُ

حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ * حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ

حتى المساجدُ قد اضحتْ كنائسَ ما * فيهنَّ إلا نواقيسٌ وصلبانُ

يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهُمُ * أحال حالهمْ جورُ وطغيانُ

بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم *واليومَ هم في بلاد الضدِّ عبدانُ

ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ * لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ

يا ربَّ أمٍّ وطفلٍ حيلَ بينهما * كما تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ

وطفلةٍ مثل حسنِ الشمسِ * إذ طلعت كأنما ياقوتٌ ومرجانُ

يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً * والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ

لمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ * إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ


--------------------------------------------------------------------------------

هذه كانت الكلمات التي كتبها الشاعر " أبو البقاء الرندي" بعد وقوع إشبيلية في يد ملك كاستيل "فردناند الثالث"، وذلك في ديسمبر عام 1248.

فقد تم في ذلك الوقت الاستيلاء على العديد من المدن الأخرى ومن ضمنها بلنسية، مرسية،جيان، وقرطبة.وقد بدا أن نهاية إسبانيا المسلمة على وشك الحدوث.

ومع ذلك، فلم تقع مملكة غرناطة التي كان يحكمها المغاربة في يد "فردناند" و "إيزابيلا" إلا في عام 1492، ولم يتم طرد المسلمين الأخير إلا في القرن التالي ما بين عامي 1609 و 1610 .وهذا يعني أنه كان هناك عدد كبير من المغاربة المسلمين يقطنون في إسبانيا بعد بلوغ الثقافة الأندلسية أوجها والتي استمرت خمسمائة عام وذلك في القرن الحادي عشر.

وقد يكون الشاعر أبو البقاء قد تأثر كثيراً لمعاناة إخوانه في الدين، وذلك بعد سقوط غرناطة ، أو خلال فترة طرد المسلمين حيث ارتكب بحقهم كثير من الأعمال الوحشية: دمرت المنازل وهُجرت، وتحولت المساجد إلى كنائس، وأبعدت الأمهات عن أطفالهن، وسلبت ثروات الناس وتم إذلالهم، وتحول الثائرون المسلحون إلى عبيد.

وبحلول القرن السادس عشر أصبح المغاربة مواطنين إسبانيين، وكان بعضهم مسيحيين بالأصل، وكان العديد منهم مثل شخصية "ريكوت" وهو جار "سانشو بازا" في رواية "الدونكيشوت" (1605-1615) وطنيون لدرجة كبيرة، وكانوا يعتبرون أنفسهم مثل ذلك المغربي في تلك الرواية. إلا أنهم كانوا جميعاً ضحايا سياسة الدولة التي كانت مبنية على النزاعات العنصرية الدينية، والتي كانت يدعمها المجلس الملكي، والكنيسة، حيث كان طرد اليهود عام 1492 يمثل حادثة مماثلة شرعية في ذلك الوقت.

وحسب بنود المعاهدة التي أبرمت عام 1492، والتي نصت على السماح لرعايا الملك على الاحتفاظ بمساجدهم ومعاهدهم الدينية، ولهم حق استخدام لغتهم والاستمرار بالالتزام بقوانينهم وعاداتهم، إلا أن بنود تلك المعاهدة قد نقضت خلال السنوات السبع التالية. وقد حدث ذلك عندما جرى استبدال النهج التبشيري المعتدل لرئيس أساقفة غرناطة "هيرناندو دو تالفيرا" (1428-1507)، بالنهج التعصبي للكاردينال "سيزيزوس" (1518-1436) الذي قام بتنظيم اعتناقات جماعية للدين المسيحي، وقام بحرق جميع الكتب الدينية باللغة العربية، وجرى ذلك أثناء التمرد الأول للبوجراسيين[2] (1500-1499) وعقب اغتيال أحد نواب الكاردينال.

وهذا بالتالي منح العذر للملوك الكاثوليك لأن ينكثوا بوعودهم. وفي عام 1499 أجبر قادة الدين الإسلاميين في غرناطة على تسليم أكثر من 5000 كتاب تتميز بتجليدات زخرفية لا تقدر بثمن، فقد تمّ حرقها وبقي منها بعض الكتب الطبية فقط.

وبعد عام 1502 تم تخيير المغاربة في جنوب الأندلس، وبلنسية، وكاتالونيا، وأراغون بعد عام 1526 بين التعميد أو النفي. فكان التعميد بالنسبة للأغلبية هو الخيار الشكلي. وأصبح المسلمون الإسبان فيما بعد المسيحيين الجدد (نظريا) وهم بذلك أضحوا خاضعين للسلطة القضائية للمحكمة الكاثوليكية التي يترأسها البابا "سكستوس" السادس في عام 1478.

إلا أن معظم هذا الاعتناق الديني كان بالاسم فقط: إذ كان المسلمون يمارسون الطقوس الدينية المسيحية التي لا وزن لها، إلا أنهم استمروا في تطبيق الدين الإسلامي سراً. فمثلاً، بعد أن يتم تعميد الطفل، كان يؤخذ إلى البيت ويتم تغسيله بالماء الحار لإبطال قدسية التعميد.

كان المسلمون الأوائل قادرين على أن يحيوا حياة مزدوجة بضمير حي، نظرا لوجود بعض الأحكام الدينية الإسلامية التي تجيز للمسلمين الرازخين تحت وطأة الإكراه أو من كانت حياتهم في خطر، التظاهر بالتقية حفاظاً على حياتهم.

واستجابة لطلب من المسلمين الإسبان، أصدر المفتي الأكبر لمدينة وهران[3] أحمد بن أبو جمعة حكما بجواز احتساء المسلمين الخمر، وتناول لحم الخنزير، أو القيام بأي فعل محرم إذا أجبروا على القيام بذلك ولم يكن في نيتهم فعل هذا العمل الآثم. كما أفتى أيضا بجواز إنكار الرسول محمد بألسنتهم شريطة أن يكنوا له في الوقت نفسه المحبة في قلوبهم، إلا أنه لم يوافق جميع العلماء المسلمين على هذا الإفتاء.

وبذلك، فإن سقوط غرناطة كان بمثابة المرحلة الجديدة في العلاقات بين المسلمين والمسيحيين .

لقد كان حال المسلمين تحت الحكم المسيحي وخلال فترة القرون الوسطى، يشابه حال المسيحيين الذين كانوا تحت حكم المسلمين[4]: حيث كانوا ينتمون إلى أغلبية محمية تحافظ على قوانينها، وعاداتها مقابل دفع الجزية. وبالنسبة للوضع القانوني لليهود والمسلمين تحت الحكم المسيحي، فلم يكن على أساس كتبهم المقدسة بل كانوا يخضعون إلى نزوات الحكام، وإلى تحيزات عامة الناس ومعارضة الرهبان.

وقبل اكتمال فترة إعادة الاستيلاء، كان من مصلحة ملكي "أراغون" و "كاستيل" احترام تلك القوانين والاتفاقيات.

ومع ذلك ، نرى الآن أن إسبانيا لم تصبح نظريا على الأقل أمة مسيحية بصورة كاملة، وإنما هناك تماثل أيضا من حيث نقاء الإيمان مع صفاء الدماء ، بحيث صنف جميع المسيحيين الجدد أو المتحولين عن دينهم ، سواء أكانوا من أصل إسلامي أم يهودي، صنف هؤلاء بالمارقين المتسترين.

وبما أن المغربي عضو في الأقلية المقهورة ذات البيئة الثقافية الأجنبية، فقد أصبح هذا المغربي "مغربيا ضعيفا"، وأضحى كل مظهر من مظاهر حياته : لغته، ملبسه، وعاداته الاجتماعية يحكم عليها بأنها غير حضارية و وثنية. فالفرد الذي يرفض احتساء الخمر ، أو تناول لحم الخنزير قد تتهمه المحكمة الكاثوليكية بأنه مسلم، وتعتبر المحكمة الكاثوليكية والرأي العام أن تصرفات مثل تناول "الكوسكس"، واستخدام الحناء ، و رمي الحلوى خلال حفلات الزفاف، والرقص على إبقاع الموسيقى البربرية، كل ذلك يعتبر حسب نظرهم عادات غير مسيحية، وعلى الفرد أن يعاقب نفسه تكفيراً عن خطيئته.

وبالنسبة للمغاربة الذين كانوا مسيحيين أصليين، فقد كانوا يعتبرون كمواطنين من الدرجة الثانية، وكانوا يتعرضون للنقد من قبل المسلمين والمسيحيين على حد سواء. وعلى الرغم من أن إطلاق اسم Morisco على المغربي يعتبر لفظا ينتقص من قدره، إلا أن المؤرخين يرون أن هذا الاسم مناسباً لتمييز العرب أو المغاربة الذين بقوا في إسبانيا بعد سقوط غرناطة.

قام "فيليب الثاني" في عام 1567 بتجديد مرسوم لم يتم تنفيذه بإحكام من قبل. وهو ينص على عدم شرعية استخدام اللغة العربية، وحظر الدين الإسلامي واللباس والعادات الإسلامية. وقد صدر هذا المرسوم في فترة التمرد الثانية للبوجراسيين (1568-1570) والذي بدا أنه قام بمؤامرة سرية مع الأتراك. وتم القضاء على الانتفاضة بوحشية من قبل نبيل النمسا "الدون جوان".

وكان من أكثر الأعمال الوحشية التي ارتكبها هو تدمير مدينة "غاليرا" وحتى شرق غرناطة ومحوها تماماً، حيث قام بمذبحة راح ضحيتها 2500 امرأة وطفل، وإلى تشتيت شمل حوالي 80000 مغربي متواجدين في غرناطة والذين ذهبوا فيما بعد إلى المناطق الأخرى من إسبانيا، واستقر المسيحيون القدامى، وهم من شمال إسبانيا، في مدنهم.

وبحلول عام 1582، اقترح مجلس دولة الملك فيليب الثاني فكرة طرد المسلمين، ورأى المجلس أن ذلك هو الحل الوحيد للصراع القائم بين الجاليات، على الرغم من وجود بعض المخاوف من حدوث حالة تردي اقتصادي مؤذ حيث سيفتقَد إلى المهارة الحرفية، وسيكون هناك نقص في الخبرة والقوة البشرية العاملة في الزراعة.

وبما أن هناك معارضة من قبل بعض النبلاء، ونظرا لأن الملك كان مشغولاً بالأحداث العالمية، فإنه لم يتم اتخاذ قرار بهذا الشأن حتى عام (1609-1610) حيث أصدر فيليب الثالث (1626-1598) مرسوم الطرد.

وقد قامت الكنيسة بسنّ القوانين الملكية الخاصة بالمسلمين بكل مراحلها. فقد أصبح "جوان دوربيرا" (1611-1542) وهو كبير رئيس الأساقفة والذي كان في البداية يؤمن إيماناً راسخاً في فعالية العمل التبشيري، أصبح في أيامه الأخيرة المؤيد الرئيسي للطرد. وقد قال في خطبة دينية في 27 سبتمبر عام 1609 أن "الأرض لن تزدهر ثانية مالم يتم طرد هؤلاء الزنادقة".

وتغير أيضا موقف دوق "ليرما"، وهو الوزير الأول للملك فيليب الثالث (1618-1598)، عندما تمت الموافقة بمنح لوردات بلنسية أراضي المسلمين المطرودين، وذلك تعويضاً عن خسارتهم لسفنهم.

وتم بالإجماع المباشرة بتطبيق قرار الطرد من قبل مجلس الدولة، وذلك في 30 يناير عام 1608، على الرغم من أنه لم يتم التوقيع الفعلي على المرسوم من قبل الملك إلا في الرابع من إبريل عام 1609. وتم إعداد أسطول السفن الشراعية الإسبانية سراً، وانضم إليه فيما بعد العديد من السفن التجارية الأجنبية وقد جاء البعض منها من إنجلترا.

وفي الحادي عشر من سبتمبر، أعلِن في بلدة بلنسية عن قرار الطرد، و غادرت أول قافلة من دانية عند حلول الظلام ، وذلك في الثاني من أكتوبر ووصلت إلى وهران في أقل من 3 أيام.

وتسلم مسلموا أراغون وقشتالة وجنوب الأندلس، و "اكستير مادورا" أوامر الطرد خلال فترة السنة التالية. واستقرت أغلبية المهاجرين المطرودين في المغرب، أو على الساحل البربري وخاصة في وهران، تونس، تلمسان، تطوان، الرباط، وسَلا.

وقد سافر العديد منهم براً إلى فرنسا، إلا أنهم أجبروا على الهجرة إلى إيطاليا، وصقلية، أو اسطنبول إثر اغتيال "هنري" ملك "نافار" على يد "رافيلاك" وذلك في مايو عام 1610.

هناك تضارب شديد حول عدد سكان المغاربة. فقد قدر عالم الديموغرافيا الفرنسي "هنري لابيري"، وذلك من خلال تقارير الإحصاء الرسمية للسكان، ومن خلال قوائم المسافرين على متن السفن، أن هناك حوالي 275000 مسلم إسباني قد هاجروا خلال السنوات 1614-1609 من مجموع 300000 مسلم إسباني.

ولا يتساوى هذا التقدير المعتدل مع الروايات المعاصرة العديدة التي تقدر عدد المسلمين بحوالي 600000 مسلم، وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن العدد الكامل لسكان إسبانيا في ذلك الوقت كان بحدود سبعة ملايين ونصف المليون نسمة فقط، فهذا يشكل بحد ذاته نقصاً حاداً في القوة البشرية المنتجة، وفي ريع الضرائب.

وفي مملكة بلنسية التي فقدت حوالي الثلث من سكانها ، فقد هُجرت نصف قراها في عام 1638.

وهناك تضارب مماثل حول عدد المسلمين الذين قتلوا خلال التمرد المسلح، أو أثناء رحلتهم إلى المنفى. وأفاد السيد "بيدرو أزنار كاردونا" الذي برّر في بحثه مسألة الطرد والذي نشر في عام 1612، أنه توفي أكثر من 50000 مسلم، وذلك بين شهري تشرين الأول/أكتوبر 1609 وتموز/يوليو 1611 أثناء محاولتهم مقاومة طردهم، في حين أنه توفي أكثر من 60000 مسلم أثناء رحيلهم خارج البلاد سواء براً، أم بحراً ، أو على أيدي إخوانهم في الدين بعد أن تم إنزالهم على الساحل الشمالي الإفريقي

وإذا ما كانت هذه الأرقام صحيحة، نجد أن أكثر من سدس المسلمين قد أبيدوا خلال فترة السنتين. وقد أشار "هنري تشارلز لي" بعد دراسة المصادر المعاصرة أن نسبة وفاة المسلمين تقع ما بين ثلثي و ثلاثة أرباع مجموع عددهم.

استغل "جوان دو ريبيرا" العامل الديموغرافي كأحد الحجج المؤكدة في تأييد مسألة الطرد. و حذر "فيليب الثالث" أنه مالم يتخِذ إجراءً سريعاً، فقد يجد المسيحيون الإسبان أنفسهم عاجلاً أنهم أقل عدداً من المسلمين، حيث أن المغاربة يتزوجون ولديهم أسر كبيرة، في حين أن ثلث أو ربع المسيحيين غير متزوجين، وذلك بعد دخولهم في خدمة الكنيسة الكاثوليكية، أو بسبب انخراطهم في الخدمة العسكرية.

وأفاد "ريبيرا" أن كل ما يفكر به المسلمون هو الزيادة والحفاظ على نسلهم، في حين أن اعتدالهم في المأكل والمشرب يطيل من أعمارهم. ومما زاد من مخاوف "ريبيرا" هو الإحصاء السكاني الذي أجري لسكان بلنسية والذي أشرف عليه هو شخصياً في العام نفسه، والذي أظهر أن عدد المغاربة قد ازداد بنسبة الثلث.

وخلال اجتماع عقد لمجلس الدولة في كانون الأول/يناير 1608، عزا الكوماندور "دوليون" انخفاض عدد السكان المسيحيين الأصليين إلى كرههم لتحمل الأعباء الاقتصادية للزواج في وقت ترتفع فيه تكاليف الحياة. كما حذر أيضا من أن المسلمين سيتمكنون عاجلاً من تحقيق أهدافهم بكل سهولة بسبب ازدياد عددهم وذلك دون اللجوء إلى استخدام السلاح أو تلقي مساعدة من الخارج.

وحانت اللحظة المناسبة لاتخاذ عمل صارم إزاء هذا الموضوع، بسبب انشغال تركيا بالحرب، وضعف كل من فارس ( إيران أو شمال إفريقيا) من جراء تفشي مرض الطاعون والجفاف والحرب الأهلية.

ففي ذلك الحين أفاد كونت "ألبا دوليستَ"، من خلال مزيد من التحريف لمسألة الديموغرافية، لو يرسل الملك، برحمته، المسملين إلى شمال إفريقيا فإن ذلك يكون بمثابة ضرب من أنواع الحكم عليهم بالموت، لأنهم إنْ لم يموتوا بسبب الجفاف أو الجوع فإنهم سيصبحون عقماء.

نجد في مخيلة العديد من الناس أن مسألة خصوبة المسلمين لها علاقة بالتعاليم الدينية الإسلامية بالنسبة للانغماس في الشهوات واستباحة المحرمات. و يعزى فشل الكنيسة في جهودها التبشيرية – كما يقولون- إلى موقف الإسلام من المتعة الدنيوية، والحساب في دار الآخرة. وجسّد المسلمون إثم الطبيعة البشرية فيما بعد بطريقة رومانسية في تخيلاتهم للمرأة الشرقية. إلا أنهم كانوا عرضة لخطيئة "الأنا العليا" مثل الغرور، النفاق، المكر، الجشع، و اغتنام الفرص، وتعزى كل هذه الصفات إلى اليهود.

إن المتعصبين لن يترددوا في استخدام الأنماط المماثلة لتبرير كرههم للمسلمين، وهذا أمر لا ريب فيه بالنسبة للعديد من الكتّاب الإسبان في القرن السابع عشر الذين يصفون المغاربة بأنهم كسولين، إلا أنهم كادحون، وغير مسرفين ولكنهم فاسقون ، وبخلاء وفي الوقت نفسه مبذرون، وخونة ، إلا أنهم محاربون أشداء، وجاهلون وحريصون على التعلم كي يتفوقوا.

وكما رأينا أن هناك أسبابا حقيقية للخوف والغيرة من المغاربة: فعدد سكانهم يتزايد بسرعة، فأصبح البعض منهم تجاراً وأصحاب محال ناجحين، على الرغم من محاولات إقصائهم عن هذه المهن، وهم يضربون مثلاً رائعاً في سلوكهم في التجارة والاقتصاد في الإنفاق والعمل المضنين، وتعمل الأغلبية منهم ظاهرياً وفقاً للمتطلبات الدينية المفروضة عليهم، إلا أنهم استمروا –عن طرق الحيلة- بالاحتفال بأعيادهم وبتطبيق الشعائر الدينية الأساسية الإسلام.

وقد أدى رفضهم للتعاليم الداعية للتخلي عن طابعهم الديني والثقافي إلى أن يكرههم العديد من المسيحيين القدامى. فلم تكن هناك محاولة جادة لفهم ثقافة و دين المسلمين.

إن أية روايات يشوبها تشويه سمعة الإسلام، وأي تلميحات بإهانته، و أي تحريف لإحدى حقائقه، كان يعتبر مقبولاً، إذ كان يخدم ما يعتبره هؤلاء المسيحيون هدفاً جديراً بالثناء عليه لتشويه صورة الإسلام. كان مفهوم التنوع الثقافي يعتبر غريباً، واستيعاب هذا التنوع غير مقبول على نحو متساو.

تتباين معاناة المغاربة بشكل كبير من منطقة إلى أخرى. فقد سادت في بعض أرجاء إسبانيا علاقات مميزة بين المسيحيين القدامى والجدد. وقد أظهرت دراسة مفصلة أجراها "فيلاروبيا" في "لامانشا" –والتي يشكل فيها المسلمون نسبة 20% من السكان، ويمتلكون أفضل المزارع وقد اندمجوا ضمن المجتمع هناك- أظهرت أن جيران المسلمين من المسيحيين القدامى كانوا يقومون بحمايتهم من الزيارات غير المرغوب بها من قبل مفتشي الحكومة. و قد استطاع العديد من أؤلئك الذين تم طردهم من العودة ثانية إلى إسبانيا وقطع مئات الأميال للوصول إلى وطنهم.

ولم يتم سرد القصة الكاملة للمعاناة التي تحمّلها المغاربة: كيف وصل أولئك الذين نجوا بحياتهم إلى بلادهم، وهم يعانون من الجوع والحرمان لأن اللصوص والمحتالين سلبوا منهم المال وضرورات الحياة التي سمح لهم بأخذها معهم، وكيف أن الذين سافروا براً إلى فرنسا قد أرغموا من قبل المزارعين أن يدفعوا مالاً إذا شربوا من نهر، أو جلسوا تحت ظل شجرة، وكيف حاول الآلاف منهم المقاومة، وأن الذين نجوا بحياتهم كانت خاتمتهم أنهم أصبحوا عبيداً في السفن، وكيف كان أؤلئك الذين ينتظرون الصعود إلى السفينة جوعى بحيث أنهم وافقوا على بيع أطفالهم مقابل الحصول على الخبز، وكيف كانت السياسة الرسمية للكنيسة هي فصل الأطفال المسلمين عن والديهم.

وكان هدف "جوان دو ريبيرا" منذ البداية والذي صادق عليه مجلس الدولة في الأول من كانون الثاني/ديسمبر عام 1609، أن يبقى الأطفال الذين كانت أعمارهم بين العاشرة أو أقل في إسبانيا ليقوم الرهبان أو أي أشخاص آخرين موثوق بهم بتعليمهم، حيث يقومون بالإشراف عليهم حتى بلوغهم سن الخامسة والعشرين، أو الثلاثين مقابل تأمين المسكن والطعام والملبس لهم، وأن يسلم الأطفال الرضع إلى المرضعات المسيحيات القدامى حسب الشروط السابقة الذكر.

وفي الشهر التالي تم تخفيض سن الأطفال من عشر سنوات إلى خمس سنوات أو أقل من ذلك. وجرى تنفيذ هذه السياسة بشكل جزئي، إلا أنه ثبت أنه من المستحيل تنفيذها بشكل كامل. وبدا أنه فقِد حوالي 14000 طفل مسلم - إذا افترض أنه كان لكل أسرة طفلان – من مجموع المسلمين الذين ركبوا سفينة "اليكانت" في الأندلس وذلك في فترة ما بين السادس من تشرين الأول/أكتوبر ، والسابع من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1609.

وحسبما جاء في الويثقة المؤرخة في 17 إبريل عام 1610، فقد أرسل من مملكة بلنسية حوالي 1832 من الصبية والفتيات المسلمين وأعمارهم ما بين السابعة أو أدنى- وكان ذلك ضد رغبة أوصيائهم- إلى قشتالة لخدمة الأساقفة و كبار قوم المملكة.

وفي تموز/يوليو عام 1610، أوصت الكنيسة بأن يتم بيع جميع الأطفال المسلمين من هم فوق سن السابعة الموجودين في مملكة بلنسية إلى المسيحيين القدامى بشكل دائم، وهم: أيتام المتمردين، والأطفال الذين استحوذ عليهم الجنود وآخرين لم يفصح عن هويتهم، كانوا يظنون أنهم بذلك يفعلون الخير.

وأقر العلماء اللاهوتيون الذين وقعّوا على هذه الوثيقة بأن الرق لم يبرر أخلاقياً فحسب، بل هو مجدٍ من الناحية الروحية، أي أن هؤلاء الأطفال من غير المحتمل أن يصبحوا مرتدين عن دينهم، بما أن أسيادهم ضمنوا بقاءهم كرومان كاثوليك، وأن العبيد نادراً ما يتزوجون، فهذا منهج آخر للتخلص من "العرق الشرير" في إسبانيا.

فما هي أهمية تحديد مسألة السن؟ كان يعتقد أن الطفل إذا تجاوز سن السادسة أو السابعة فإنه يبدأ في فَقْد براءته، ويصبح من الصعوبة تلقينه تعاليم مذهب ما، في حين أن الطفل الأصغر سناً لا يدري شيئاً عن أصوله. و جرى تبرير هذه السياسة بأن الأطفال الأبرياء الذين تم تعميدهم كمسيحيين ينبغي عدم معاقبتهم بسبب آثام آبائهم، مع أنه ذلك يعتبر تناقضاً، لأن مبدأ توارث الخطيئة مقبول كمبرر لطرد جميع البالغين سواء أكانوا مسيحيين أم لا.

بالإضافة إلى ذلك، قيل أن طرد الأطفال مع والديهم غير النصرانيين هو بمثابة التأكيد على أنهم مسلمون، وكان لزاماً على الأطفال المسلمين ألا يتلقوا تعليماً يفوق طبقتهم الاعتيادية، وبذلك يتم عزلهم عن الطلاب الذين يتهيئون لمنصب الكهانة، ونجد أن هؤلاء الأطفال المسلمين تتم تربيتهم من قبل الحرفيين، وعمال المزارع، وبالتأكيد كان لا يسمح لهم بدراسة الأدب. وبهذه الطريقة كان يؤمل أن تمحى ذكريات الإسلام في إسبانيا للأبد. وقد أعجب "فيليب الثالث" إعجابا شديداً بهذه النقطة.

لقد كتِب الكثير عن هجرة اليهود الإسبان الجماعية في عام 1492، أو عن المعاناة التي لاقاها العديد من اليهود المتحولين الذين لاقوا معاناة من قبل المحكمة الكاثوليكية، إلا أنه لم يلق المسلمون الإسبان المعاملة نفسها.

ترتبط في أذهان معظم الناس أن المحكمة الكاثوليكية الإسبانية تقوم باضطهاد اليهود، فلم يعرف كثير عن تعذيب المسلمين من قبل المحكمة، وأنهم كانوا ضحية للمفهوم المعادي للسامية.

واتهمت المحكمة الكاثوليكية حوالي 12000 مسلم بتهمة الارتداد عن المسيحية أي بنسبة قدرها 50%، قبل أن يتم طردهم بحوالي 30 سنة.

ولم يتجل التعصب الديني والعنصري في أي مكان كما تجلى في تقارير اجتماعات مجلس دولة الملك "فيليب"، وكذلك في الكتب التي ألفت وذلك من أجل تبرير الحاجة إلى سياسة الطرد. و يلمس المرء في تلك المؤلفات التي كتب معظمها رهبان محبطون تبشيريون من الدومنيك، تعصباً لاهوتياً غير أصلي مدعوماً بحوادث سابقة من الإنجيل وهي محاولة "تهويد" الإسلام، ووصف المسيحيين الإسبان القدامى أنهم "العرق المختار" المنشغلون في حرب صليبية لاستعادة "الأرض الموعودة" من محمد.

فقد ادعى أحد المؤلفين بأن النبي ما هو إلا ثمرة علاقة زنى بين والدته وعمه، وكلاهما –كما ادعى- يهوديان، وذلك تحقيقاً للنبوءة القائلة بأن المسيح الدجال سوف يولد لأم غير طاهرة.[5]

من السخرية أنه لم يستشهد فقط المدافعون عن سياسة الطرد الجماعي للمغاربة بنصوص العهد القديم التي استخدمت لدعم نظرية أن فلسطين هي الأرض اليهودية الموعودة، وإنما أيضا استشهد بتلك النصوص اللاهوتيون المعادون لليهودية وذلك تأييداً للحاجة إلى قوانين لتنقية الدماء.

وقد اعتبر هؤلاء المؤلفون الإسبان المسيحيين القدامى كوريث روحي لأطفال إسرائيل، وشبهوا الملك فيليب الثالث بإبراهيم، و موسى و الملك داود، وأطلقوا عليه اسم "إبراهيم الثاني" وأفادوا أنه [يعني النبي إبراهيم][6] كان ملزماً بطرد ابنه غير الشرعي، أي العرب المسلمين، أحفاد "هاجر" الأمَة المصرية.

وكانت أفضل النصوص الواردة من الإنجيل التي يفضلونها هي رسالة الله إلى موسى التي سلمها للإسرائيليين، عندما كانوا على وشك الدخول إلى الأرض الموعودة والتي كانت كما يلي: "إنكم لن تدعوا أحداً على قيد الحياة في مدن تلك الأمم التي منحها الله هذه الأرض، إنكم سوف تبيدون الحثيين، والعموريين، والكنعانيين، وأهالي بير زيت، وحيفا و... كما أمركم الله ، بحيث لا يعلمونكم أن تقلدوا الأفعال البغيضة التي قاموا بها إزاء آلهتكم وبذلك يجعلونكم ترتكبون الآثام ضد إلهكم .."

وقد استشهد اليهود بهذا النص الذين كانوا يقودون حملة لتوسع إسرائيل الكبرى الممتدة من الفرات وحتى البحر الأحمر، وقد استخدم هذا النص أيضا من قبل المتطهرون The Puritans في شمال أمريكا في القرن السابع عشر، وذلك لتبرير المجزرة التي جرت ضد سكان أمريكا الأصليين.

وعقب هذا التشابه اليهودي-المغربي، أوضح أحد الشعراء المعاصرين حول مسألة الطرد الجماعي للمغاربة فأفاد بما يلي: سوف يغادر المغاربة أرض إسبانيا المقدسة مغادرة لا عودة بعدها، وسيعودون إلى مصر أرض جهنم.

وقد اقترح الراهب البرتغالي الدومنيكي "داميان فونسيكا" بأن الله كان يتوقع من جلالة الملك الكاثوليكي أن يبذل سعيا حثيثاً في تهدئة العقاب الإلهي. وقد استخدمت هذه الجملة في عام 1611 وهي ( المحرقة المقبولة).

ويعتبر هؤلاء المعاديون للسامية أن اليهود ينحدرون من يهوذا الذي خان المسيح وليس من يهوذا ابن يعقوب. ولم يعترفوا بأن عيسى يهودي أرسله الله ليعظ نعاج بيت إسرائيل التائهة. ونتيجة للقدر الذي كتبه الله لهم، لم يعد اليهود شعب الله المختار، وورثوا خطيئة قتل الإله فحكم عليهم أن يتيهوا في الأرض.

إن أبسط طريقة للحط من قدر ما تبقى من أثر للعرب الإسبان هو تصوير الإسلام على شكل بدعة يهودية مزيفة. فاقترح القسيس الملكي" جيم بليدا" ، وهو من المجادلين المعاديين للمسلمين ـ اقترح أن الغزو الإسلامي لإسبانيا ما كان إلا بمثابة العقاب الإلهي لسياسة الملك" ويتزا" (698-710) المؤيدة لليهود، حيث أنه أبطل المراسيم التي أصدرها والده عن طريق إعتاق اليهود من الرق، و رد أراضيهم وامتيازا تهم إليهم.

وقد استشهد بذلك كحادثة سابقة شرعية جرى تطبيقها على المسلمين، وذلك في الاجتماع الذي عقده مجلس الدولة في 30 كانون الأول/يناير 1608. وعلى أية حال، كان الحدث التاريخي المباشر هو طرد اليهود في عام 1492.

وفي شهر إبريل من عام 1605، حث "بليدا" فيليب الثالث إلى أن يحذو حذو سلفه الملك "فرديناند"، والملكة " إيزابيلا" الذين أقنعهما "فيراي دو تركومات" بطرد اليهود من مملكتهما، وأن يقوما بالفعل نفسه إزاء المغاربة إذا رفضوا عملية التعميد، وأضاف بأن الله قد كافأ أسلافهم الكاثوليك نظراً لحماسهم للدين المسيحي فمنحهم العالم الجديد.

إن الكثير من التوبيخات القاسية التي وجهها "بيلدا" و مجادلون آخرون إلى المسلمين قد وجهت سابقاً إلى اليهود. وقيل عن المسلمين واليهود أنهم يتوارثون ارتكاب الآثام، وأنهم دخلاء على المجتمع، ولا يمكن إصلاح إلحادهم المتأصل، وأن فسقهم الراديكالي هو بمثابة العدوى السريعة الانتشار، والتي يجب القضاء عليها.

لقد وُصِفَ "فيليب" الثالث بأنه "جالينوس"[7] كاثوليكي، وعهد إليه مهمة تطهير إسبانيا من الداخل من السموم والفساد.

وقد دفعت إسبانيا الثمن غاليا لحرمان المسلمين واليهود ولفترة طويلة من هويتهم الثقافية، إلا أنه منذ وفاة "فرانكو" عام 1975 تم إرساء حرية العبادة بالتدريج.

وهناك اليوم حاجة لكتابة نسخة جديدة من التاريخ الأوروبي، حيث هناك تعدد عرقي و ديني في أوروبا (هناك حوالي 30 مليون مسلم، ومليون و نصف مليون يهودي في أوروبا) كما أن هناك حاجة لبيان إنجازات ومحن المسلمين واليهود الأوروبيين.

وبإمكان الفاتيكان أن يفعل الكثير وهو الاعتراف بالوحشية المرتكبة باسم الكنيسة. ومن الصعب أن نصدق أنه تقرر في نهاية عام 1960 وجوب إضافة اسم "جوان دو ريبيرا" إلى قائمة القديسيين. فقد تم على الأقل مؤخراً إسقاط تقديس الملكة "إيزابيلا". فالقديسيون الحقيقيون هم أؤلئك الذين عرّضوا حياتهم للخطر من أجل حماية أناس اضطهدوا من أجل معتقداتهم، أو بسبب معتقدات أسلافهم، أو ماتوا لأنهم رفضوا خيانة آخرين من أجل المحكمة الكاثوليكية، والذين لم يرتدوا عن إيمانهم وماتوا أثناء المقاومة المسلحة.

فقد كان هؤلاء القديسيون منشغلين بما يطلق عليه المسلمون "الجهاد"، والذي يعني النضال الداخلي، والواجب في مقاومة الشر، والمضي قدماً في النضال في الطريق الديني، كما يقصد به النضال الخارجي أي أن هناك واجب نصرة المظلومين والذين أخرجوا من ديارهم بغير حق، لأنهم رفضوا الارتداد عن دينهم، والدفاع سواء عن النفس أو عن الآخرين.

ويمكن التعبير عن ذلك من القرآن بقوله تعالى: "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً ..". [الحج:40][8]



إحراق الكتب العربية العلمية: من هواة الدومينيكان النصارى في الأندلس



دخول إيزابيلا وفرديناند إلى غرناطة عشية سقوطها



المرسوم الذي أصدره فرديناند وإيزابيلا عام 1497 والذي يقضي بطرد المسلمين من البرتغال ونقلهم إلى إسبانيا



تعميد نساء المسلمين جبراً بعد سقوط غرناطة


--------------------------------------------------------------------------------

Baose, Roger, “The Muslim Expulsion from Spain,” History Today, Vol.52, no.4

خدمة الفسطاط للترجمة


--------------------------------------------------------------------------------

[1] روجر بوس حاصل على الزمالة الفخرية في البحوث في كلية الملكة "ماري" في جامعة لندن، وهو مؤلف كتاب" معنى وأصل الهوى في البلاط الملكي" (مانشستر 1977).



[2] البوجراسيون alpujrras هم المقاتلون المسلمون الذي حاربوا الإسبان وكانت جبال البوجراس في جنوب الأندلس معقلهم فنسبوا إليها، وتدعى بجبال البشرات بالعربية.

[3] وهي في الجزائر.

[4] لا يوافَق الكاتب على رأيه هذا، فليس هناك وجه للمقارنة بين وضع أهل الكتاب تحت حكم المسلمين، وبين وضع المسلمين تحت حكم الكاثوليك الذين تفننوا في تعذيب المسلمين وإجبارهم إما على اعتناق النصرانية أو الهجرة أو القتل. فأي تشابه هناك بين الوضعين؟ [ف]

[5] خسئوا والله، فهو النبي محمد الذي حفظ الله نسبه، فكان من أشرف بيوت قريش، وأفضلهم نسباً، صلى الله عليه وسلم. رفع الله ذكره في الأرض، وجعل أمته خير الأمم، وجعله خاتم النبيين، لا يقبل الله من أحد أتى بعده ديناً إلا دينه الذي ارتضاه للناس، فكل يهودي ونصراني سمع به ولم يؤمن به إلا أدخله الله النار، كما صح عنه صلى الله عليه وسلم. [ف]

[6] هكذا يحترم أهل الكتاب أنبياء الله عز وجل. قاتلهم الله أنى يؤفكون! [ف]

[7] جالينوس: حكيم وطبيب ومشرح يوناني قديم، بقيت كتبه أساساً للطب الأوروبي حتى عصور التنوير. [ف]

[8] والآية بتمامها: )الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله، ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز(.
__________________
رد مع اقتباس
  #37  
قديم 26-09-2006, 10:21 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

الجدول الزمني للحروب الصليبية في المشرق

الجزء الأول

الحدث السنة

o مدة الدولة العباسية في بغداد 132-656 هـ

مدة دولة الأدراسة في المغرب
172-364 هـ

مدة الدولة الطولونية في مصر
254-293 هـ

توسع الطولونيين في بلاد الشام
264 هـ

قيام الدولة العبيدية في شمال إفريقية[1]
297-358 هـ

الدولة الإخشيدية في مصر
323-358 هـ

سيطرة البويهيين على الدولة العباسية
334-447 هـ

اندفاع السلاجقة من سهول تركستان
345 هـ

الدولة العبيدية في مصر
362-567 هـ

عهد ملوك الطوائف في الأندلس
422-484 هـ

دخول السلاجقة مرو ونيسابور
429 هـ

دخول طغرلبك السلجوقي بغداد ونهاية حكم البويهيين
447 هـ

مدة الدولة السلجوقية
447-656 هـ

احتلال الوزير البساسيري لبغداد بدعم من المستنصر بالله العبيدي أثناء غياب طغرلبك في إحدى حملاته الجهادية
450 هـ

مقتل البساسيري على يد السلاجقة
451 هـ

وفاة طغرلبك وتولية ابنه ألب أرسلان
455 هـ

دخول السلاجقة مدينة حلب
463 هـ

هزيمة الروم أمام السلاجقة قرب مدينة سيواس (في الأناضول) وأسر قائدهم مانويل كومنين
463 هـ

قتل رومانوس بعد إطلاق سراحه على يد ميخائيل السابع (463-471 هـ) الذي وثب على العرش عندما أسر رومانوس
463 هـ

بداية النزاع بين السلاجقة والعبيديين على بلاد الشام
463 هـ

تأسيس جماعة الاسبتارية Hospitallers في أوروبا للإشراف على المرضى، ثم تحولت إلى منظمة عسكرية حربية
463 هـ

معركة »ملاذكرت« بين السلاجقة والروم البيزنطيين، حيث أسِر رومانوس إمبراطور بيزنطة، ثم أطلق سراحه. كان عدد المسلمين لا يتجاوز 20 ألف جندي، بينما كان الروم زهاء 200 ألف.
464 هـ

فلسطين تدخل تحت حكم السلاجقة بما في ذلك بيت المقدس
464-472 هـ

وفاة ألب أرسلان وتولية ابنه ملكشاه. خلال فترة حكمه ضم الأراضي العربية الواقعة تحت العبيديين في المشرق (الشام والحجاز)، وبلغت دولة السلاجقة أوجها حيث امتدت من حدود الصين شرقاً إلى جورجيا والأراضي المجاورة للقسطنطينية غرباً.
465 هـ

انقطاع الخطبة للعباسيين في مكة
467 هـ

استرداد المسلمين لـ »منبج«
468 هـ

دخول السلاجقة دمشق وعودة الخطبة للعباسيين فيها بعد أن كانت للعبيديين
468 هـ

أرتق بن أكسب (مؤسس بيت الأراتقة) يصبح حاكماً على بيت المقدس

دخول تتش بن ملكشاه دمشق، ومقتل حاكمها أقسيس
472

ألكسيوس كومنين يصبح إمبراطوراً للدولة البيزنطية

عودة الخطبة للعباسيين في مكة
474 هـ

استراجاع السلاجقة لأنطاكية من الروم، وللقدس من العبيديين
477 هـ

سقوط مدينة طليلطة في الأندلس بيد النصارى الصليبيين
478 هـ

معركة الزلاقة في الأندلس بين المرابطين والصليبيين الإسبان وغلبة المسلمين فيها[2]
479 هـ

ضعف الدولة السلجوقية في بلاد الأناضول وتفرق أمرائها
479-485 هـ

مقتل نظام الملك أبي علي الحسن بن إسحاق الطوسي وزير ملكشاه على يد أحد الباطنيين الحشاشين

وفاة ملكشاه
485 هـ

وفاة الخليفة المقتدي
487 هـ

بابا روما أوربان الثاني يبدأ رحلته في فرنسا داعياً إلى الحروب الصليبية

إعلان الحرب على المشرق الإسلامي في كليرمونت

بداية قتل اليهود في أوروبا
488-489 هـ

دولة السلاجقة تنقسم إلى خمس ممالك متنافسة.

تعبئة الغرب لشن الحملات الصليبية على المشرق الإسلامي

بداية الحروب الصليبية وانهزام الموجات الثلاثة الأولى منها في هنغاريا

وصول الصليبيين إلى الشرق واستيلاؤهم على مدينة نيقية عاصمة سلاجقة الروم، وسقوط ضورليوم، وقونية وقيصرية ومرعش وغيرها من مدن الأناضول، مع ترحيب من الأقليات النصرانية (الأرمن وغيرهم) لهم وتقديم المعونات والدلاّل. ودخل الصليبيون مدينة أنطاكية في نفس السنة وقتلوا وسبوا ما لا يحصى عدده، وتسلم الأرمن أمورها. (اضغط هنا لتقرأ عن الحملة الصليبية الأولى.)

مهادنة حكام بعض المدن للصليبيين ودفعهم الجزية وتقديم العون لهم شريطة ألا يغيروا عليهم، مثل: حاكم شيزر سلطان بن منقذ؛ وكذلك مصياف
490 هـ

البندقية تعدّ 300 سفينة لمساندة الصليبين في حربهم ضد المسلمين
490-499 هـ

زحف العبيديين على مدينة صور
491 هـ

استيلاء الصليبيين على المعرة والبارة بمشاركة النصارى من الأرمن والسريان وقتلوا من أهلها أكثر من مائة ألف وسبوا وجعلوا جامع البارة كنيسة لهم. وقد استنجد أهلها برضوان أمير حلب وجناح الدولة أمير حمص ولكن لم يفعلا شيئاً
491-492 هـ

سقوط حصن الأكراد وطرطوس بيد الصليبيين؛ رفعهم الحصار عن عرقة؛ استسلام جبلة وطرابلس وإعطاء الجزية للصليبيين

أخذ العبيديين بيت المقدس من السلاجقة
492 هـ

احتلال الصليبيين لبيت المقدس وقتلهم مائة ألف من سكانها، وسبي مثلهم؛ ووقوف النصارى العرب إلى جانب الصليبيين. اختيار »جودفري دي بوايون« حاكماً للمدينة المنكوبة و»أرنولف مالكورن« بطريقاً عليها
492 هـ/

1099 م

دخول أهل أرسوف تحت حكم الصليبيين بعد عجز العبيديين عن الدفاع عنها ودفعهم الجزية لهم.

تحصين الصليبيين ليافا

وفاة جودفري ورفع الحصار عن عكا

سقوط حيفا بيد الصليبيين

بلدوين الأول يصبح ملكاً على مملكة القدس
493 هـ

هجوم الصليبيين على أرسوف براً وبحراً بمساعدة الأسطول البندقي وأخذها بالقوة.

احتلال الصليبيين لقيسارية وذبح أهلها من المسلمين
494 هـ

هزيمة العبيديين أمام الصليبيين في الرملة

هزيمة الصليبيين أمام العبيديين قرب الرملة واسترجاع المدينة من الصليبيين

حصار العبيديين للصليبيين في يافا، ومجيء المدد للصلبيبيين من البحر وانهزام العبيديين عن المدينة

سقوط أنطرطوس (طرطوس) بيد الصليبيين بعد أن استردها بنو عمار منهم

مقتل صاحب حمص جناح الدولة على يد الباطنيين وحصار ريموند لحمص ثم ارتداده عنها بعد أخذ الجزية من أهلها
495 هـ

حصار الصليبيين لمدينة عكا وصمودها ثم انهزامهم عنها
496 هـ

أتابك الموصل »جكرمش« والأمير »سقمان بن أرتق« صاحب ماردين، يسيران لقتال الصليبيين في الرها ويتمكنا في إبادة الجيش الصليبي ويأسران »بلدوين« و»جوسلين«

مهاجمة الصليبيين عكا وأخْذ أهلها بالسيف بعد علمهم أن العبيديين لن يأتوا لنجدة أهلها
497 هـ

مهاجمة الصليبيين لطرابلس دون أخذها، واعتداؤهم على أهل جبيل

الصليبيون يهاجمون جبيل بمعاونة الجنوية مستخدمين أبشع الأساليب في قتل المسلمين وإهانتهم وأخذ أموالهم

هلاك ريموند الصنجيلي
498 هـ

القتال بين الصليبيين وجيش العبيديين بين عسقلان ويافا دون انتصار طرف على طرف، ولم يكن للأسطول العبيدي أي دور في المعركة، ثم أنه تعرض لعاصفة قذفت بنحو عشرين سفينة إلى الصليبيين فأخذوها غنيمة باردة
499 هـ

مهاجمة العبيديين لقافلة حجاج صليبيين بين يافا وأرسوف
500 هـ

مهاجمة العبيديين لمدينة الخليل
501 هـ

مهاجمة الصليبيين لمدينة صيدا بمعونة الأساطيل الإيطالية، ولكن وصول الأسطول العبيدي من مصر غير الموقف وكذلك نجدة طغتكين صاحب دمشق
502 هـ

انسحاب الصليبيين من صيدا وأخذهم لطرابلس بمساعدة الأساطيل الإيطالية وتكوين إمارة طرابلس الصليبية وحكمها »برترام بن ريموند الصنجيلي«

حصار بلدوين لبيروت براً وبحراً، وهروب حاكمها ليلاً إلى قبرص فسلم أهلها المدينة بالأمان، ولكن الصيليبيون خانوا العهد كعادتهم وذبحوا أهلها ببشاعة

مساعدة أسطول الجنويين والبيازنة للصليبيين في احتلال طرابلس ومدن أخرى
503 هـ

وصول العبيديين إلى أسوار القدس في إحدى غاراتهم

عودة الصليبيين لمحاصرة صيدا وتسليم المدينة لهم بالأمان
504 هـ

مقتل والي عسقلان للعبيديين »شمس الخلافة« الذي تقرب من الصليبيين واتهِمه المسلمون بالخيانة

مهاجمة الصليبيين لمدينة صور وارتدادهم عنها بعد قتال ضار ودعم »طغتكين« حاكم دمشق لأهلها بالسلاح والرجال

اجتماع مودود حاكم الموصل مع أتراك وأكراد ووفتحوا حصوناً عدة للفرنجة في سنجار، وحاصروا الرها ثم رحلوا عنها
505 هـ

مودود يعبر الفرات من الموصل إلى الشام بطلب من طغتكين حاكم دمشق لدعمه ضد الصليبيين وقد كثرت غاراتهم على دمشق

اجتماع القوات الإسلامية من الموصل ودمشق وغيرها عند السلمية

التقاء المسلمين مع الصليبيين عند طبرية وانهزام الصليبيين وأسر ملكهم بلدوين

مقتل الأمير مودود على يد أحد الباطنيين في مسجد دمشق بعد صلاة الجمعة وكان صائماً رحمه الله
507 هـ

الممتلكات الصليبية في الرها وأنطاكية إلى المصيصة تتعرض لزلازل مدمّرة

»آقسنقر البرسقي« (أبو عماد الدين زنكي) يصبح والياً على الموصل من قبل السلاجقة بعد مقتل الأمير مودود

أقسنقر ينازل الصليبيين في الرها

وفاة رضوان ملك حلب
508 هـ

»بدر الدين لؤلؤ« يحكم حلب بعد قتله لألب أرسلان بن رضوان
508-511 هـ

هزيمة الصليبيين للمسلمين في دانيث
510 هـ

مقتل بدر الدين لؤلؤ على يد أحد أعوانه

حاكم حلب يستنجد بالصليبيين ضد طغتكين (أمير دمشق) وإيلغازي بن أرتق (أمير ماردين) عندما تقدموا تجاه حلب

إيلغازي بن أرتق يتسلم حلب بدعوة من أهلها
511 هـ

تأسيس جماعة فرسان المعبد (الداوية) في بيت المقدس على يد »هيودي باينز« الفرنسي واتخاذهم جزءاً من الأقصى مقراً لهم

هلاك بلدوين (بغدوين) الأول، واستخلاف بلدوين الثاني بعده

اتحاد طغتكين والعبيديين على محاربة الصليبيين لكن هزموا أمامهم

سقوط »حصن الأتارب« و»زردنا« بأيدي المسلمين بعد أن اتحد طغتكين وإيلغازي لمقاتلة الصليبيين

حصول القتال بين إيلغازي والصليبيين في »ذات البقل« من أعمال حلب، وكان الظفر فيها للمسلمين
512 هـ

معركة »البلاط« بين المسلمين والصليبيين بموضع يدعى »تل عفرين« فحصدهم المسلمون فلم يسلم منهم إلا القليل وقتل أمير أنطاكية »روجر الأنطاكي«، وفتحت حصون
513 هـ

مقتل الأفضل وزير العبيديين

استمرار إيلغازي في جهاد الصليبيين
514 هـ

جوسلين دي كورتناي صاحب الرها يقع أسيراً بيد غازي بن بهرام الأرتقي صاحب »خربوط«، وبلدوين الثاني يصبح وصياً على الرها
515 هـ

وفاة إيلغازي بن أرتق، وامتلاك ابنه حسام الدين تمرتاش قلعة ماردين

بلدوين الثاني يهاجم مناطق شمال الشام ويضيق الحصار على حلب مستفيداً من تفكك دولة الأراتقة بعد وفاة الأمير إيلغازي
516 هـ

بلدوين الثاني حاكم القدس يقع أسيراً في أيدي المسلمين ثم يَسلم

أمير حلب سليمان بن عبد الجبار بن أرتق يهادن بلدوين الثاني مقابل ردّ حصن »الأتارب« إلى الصليبيين

المسلمون يأسرون بلدوين الثاني ملك القدس عندما حاول فك أسر جوسلين وسجن معه

تعاوُن الأرمن والمسحيين في تهريب جوسلين من أسره دون غيره، وبداية انتقام جوسلين من المسلمين
517 هـ

الصليبيون يحاصرون صور ويتسلمون المدينة بعد خروج أهلها منها

تحالف أمير حلب »بلك الأرتقي« مع طغتكين لقتال الصليبيين

مقتل بلك الأرتقي بسهم طائش في حصاره لـ»منبج«، وخلفه على حلب ابن عمه حسام الدين تمرتاش وانتقاله إلى ماردين

إطلاق سراح بلدوين لقاء فدية يدفعها وقلاع يسلمها للمسلمين
518 هـ

البرسقي صاحب الموصل يستلم حلب ويوحد القوى الإسلامية بين المدينتين ويهدد القوى الصليبية في شمال بلاد الشام

الصليبيون يتحالفون مع دبيس بن صدقة (أمير شيعي) وبني مزيد وسلطان شاه بن الملك رضوان السلجوقي، وحصارهم حلب ثم انهزامهم عنها لما علموا بقدوم البرسقي إليها

البرسقي يأخذ »كفر طاب«

وقوع القتال بين البرسقي والصليبيين وانهزام المسلمين، وتسليم رهائن الصليبين إلى ذويهم (كان منهم ولد لبلدوين الثاني وجوسلين الصغير وغيرهما..) وإقرار الهدنة بين الطرفين

المسلمون يستردون حصن »رفينة« من الصليبيين وهو واقع على أطراف العاصي بين حمص وحماة
519 هـ

الصليبيون يملكون مدينة صور
519 هـ

بلدوين الثاني يهاجم إمارة دمشق بجمع من الصليبيين عند مرج الصفّر (شقحب) ولكن ينهزمون أمام المسلمين

حصار الصليبيين لـ»رفينة« واستسلامها قبل مجيء نجدة المسلمين إليها

مهاجمة أسطول العبيديين موانئ الصليبيين في فلسطين وإتمام الصلح بين بلدوين والبرسقي

اغتيال البرسقي على يد الباطنية في الموصل بعد إتمام الهدنة بينه وبين الصليبيين

طمع الصليبيين وبعض أمراء المسلمين في أخذ حلب بعض اغتيال البرسقي
520 هـ

عماد الدين زنكي يصبح حاكماً على الموصل
521 هـ

عماد الدين زنكي يبدأ في توحيد الجبهة الإسلامية تحت راية واحدة

مدينة أربيل تدخل تحت حكم عماد زنكي
522 هـ

قوات عماد الدين تأخذ مدينة الرحبة ونصيبين

حلب تنضم إلى الجبهة الإسلامية ضد الصليبيين تحت راية زنكي

تآمر الباطنية [إسماعيلية، ودرزية، ونصيرية] على المسلمين في دمشق، وقتل رئيسهم »المزدقاني«

المسلمون في دمشق يقتلون 6 آلاف باطني متآمر

تأسّف الصليبيين على قتل الباطنية في دمشق

والي قلعة بانياس (في الجولان) يسلم البلد للصليبيين وينتقل هو وأصحابه إلى بلادهم

الصليبيون يسيرون نحو دمشق ويحاصرونها

المسلمون يهزمون الصليبيين حول دمشق ويظفرون بهم ويقلتون منهم مقتلة عظيمة ويغنمون، ولم يفلت من الصليبيين غير مقدم الجيش وأربعون نفر

استيلاء جيش زنكي على مدينة حماة

عماد الدين يحصل على »التواقيع السلطانية« من محمود سلطان السلاجقة في بغداد بامتلاك الجزيرة والشام وما اتصل بهما

عماد الدين يقتل الصليبيين مقتلة عظيمة عند حصن »الأتارب«، ثم يمتلك الحصن ويدكه بالأرض، ويهادن من بقي من الصليبيين بعد أن سألوه الصلح

محاربة بعض أمراء المسلمين لزنكي خوفاً على ممتلكاتهم من أن تدخل تحت حكم زنكي، وانتصار زنكي عليهم
523 هـ

إيلغازي بن الدانشمند (التركماني) صاحب ملطية يواجه بوهيمند الثاني صاحب أنطاكية ويهزمه في سهل »عين زربه« ويقتل بوهيمند ويرسل رأسه إلى الخليفة في بغداد

أنطاكية تدخل تحت وصاية بلدوين الثاني ملك القدس بعد قتل بوهيمند
524 هـ

وفاة السلطان محمود السلجوقي وصراع البيت السلجوقي على السلطنة وانشغال عماد الدين زنكي به عن الصليبيين لفترة من الزمن
525 هـ

استياء الأحوال على عماد الدين في العراق والشام من قبل أمراء المسلمين
526-527 هـ

مسير عماد الدين إلى دمشق ومحاصرتها لأخْذها، ثم رجوعها عنها بعد مصالحة ملكها
529 هـ

مهاجمة جيش عماد الدين زنكي لمدينة اللاذقية بقيادة »أسوار« أمير حلب، وأسرهم سبعة آلاف من الصليبيين وقتل كثير منهم واستيلاؤه على كثير من الغنائم، وعجز الصليبيين عن الرد
530 هـ

قتل الخليفة الراشد على يد الباطنية ومبايعة المقتفي من بعده

تحسين العلاقات بين الخلافة العباسية وعماد الدين

حصار جيش زنكي لمدينة حمص ثم انصرافه عنها

مسير زنكي إلى حصن »بعرين« (بارين) وقتاله للصليبيين وانهزامهم هزيمة منكرة

تسليم الصليبيين حصن »بعرين« لزنكي بعد حصارهم فيه حصاراً شديداً منع عنهم كل شيء حتى الأخبار أن تصلهم

ولادة صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شادي بقلعة تكريت
531 هـ

اغتيال الخليفة المقتفي على يد الباطنية وهو متوجه إلى همذان

الإمبراطور البيزنطي حنا كومين يهاجم بلاد المسلمين ويتحالف مع الصليبيين ضدهم

تسلّم حنا كومنين مدينة »بزاعة« بالأمان وغدره بأهلها، وقتله لأهلها وتعذيبهم حتى الشيوخ والأطفال والنساء

توجه حنا كومنين إلى حلب وحصارها وتركهم المدينة بعد أن قاتلهم المسلمون قتالاً شديداً وقتلوا منهم خلقاً كثيراً

انصراف الصليبيين عن حلب وحصارهم لحصن »الأتارب« في حين أخلاه المسلمون وأخذه الصليبيون حيث جعلوا فيه سبي »بزاعة« والأسرى المسلمين ثم رحلوا عنه

ابن سوار، نائب حلب، يتوجه إلى الأتارب ويوقع بالروم ويخلص الأسرى والسبي ويعود إلى حلب منتصراً

توجه التحالف البيزنطي-الصليبي إلى »شيزر« ومحاصرتها بالمنجنيقات واستنجاد صاحبها بعماد الدين زنكي

مسير عماد الدين إلى شيزر وتوقيعه بين حنا كومنين والصليبيين بالخديعة حتى رحل عنها كومنين وترك المناجيق وآلات الحصار على حالها، ومهاجمة عساكر زنكي لمؤخرة الجيش البيزنطي وأخذه ما تركه البيزنطيون خلفهم
532 هـ

وصول عماد الدين زنكي إلى حلب راجعاً من شيزر، ثم فتحه لحصن »بزاعة« بالسيف وقتل كل من فيه من الروم
533 هـ

استيلاء عماد الدين على بعلبك وشهرزور ومحاولته دخول دمشق

استمرار القتال بين زنكي والدمشقيين على دمشق وطلب حاكم دمشق العون من الصليبيين ضد عماد الدين

توجه عماد الدين لملاقاة الصليبيين في حوران قبل وصولهم إلى دمشق، وتخلف الصليبيين عن الخروج إليه لما سمعوا بمسيره خوفاً منه

اتفاق معين الدين أنر (مدبر أمور مجير الدين ملك دمشق) مع الصليبيين بتسليمهم قلعة بانياس (وكانت من أملاك زنكي) ويتفق معهم على حرب زنكي

حصار عماد الدين لدمشق مرة أخرى ثم رجوعه عنها دون قتال
534 هـ

عماد الدين زنكي يملك »الحديثة« ويخطب له في آمد

قوات زنكي تهاجم الصليبيين وتقتل منهم
536 هـ

عماد الدين يفتح مدينة »الرها« وانهيار أول إمارة صليبية في الشرق وهي إمارة الرها، وارتفاع معنويات المسلمين

عفو عماد الدين عن أهل الرها من النصارى السريان والأرمن لمواقفهم المخزية ضد المسلمين

حصار زنكي لمدينة »البيرة« ورجوعه عنها

تسليم الصليبيين قلعة »البيرة« لأمير ماردين خوفاً من استيلاء زنكي عليها ليتقوى بها عليهم

عماد الدين يعدم المتآمرين عليه من الأرمن ويطرد جزءاً منهم من الرها بعد مراسلتهم لجوسلين الثاني ليأتي ويوقع بالحامية المسلمة التي تركها زنكي في المدينة بعد فتحها
540 هـ

مقتل عماد الدين زنكي، رحمه الله، وهو محاصر لقلعة جعبر على الفرات. دخل عليه صبي إفرنجي من غلمانه مع جماعة وهو نائم فقتلوه وهربوا إلى القلعة وأخبروا أهلها ففرحوا بقتله

نور الدين محمود يخلف أباه عماد الدين

استغلال الصليبيين وبعض أمراء المسلمين موت عماد الدين ومهاجمتهم لبعض المدن

خروج أسد الدين شيركوه (عم صلاح الدين الأيوبي) لتأديب الصليبيين واستنقاذه لأسرى المسلمين

عصيان أهل الرها على المسلمين ودعوتهم للصليبيين لأخذ البلد

جوسلين الثاني وبلدوين (حاكم مرعش) يهاجمون الرها على غفلة من أهلها ويقتلون من فيها من المسلمين عدا من كان في قلعتها

محاصرة نور الدين للرها وهرب جوسلين بمن معه، لكن يلحقه المسلمون ويقتلون ثلاثة أرباعهم بما فيهم بلدوين، ومعاقبة المتآمرين وأخذ أسرى من أهلها

نور الدين يصالح حاكم دمشق الفعلي »معين الدين أنر« ويتزوج بابنته

نقض الصليبيين الصلح مع »معين الدين أنر« بعد أن وعدوا »التونتاش« حاكم بصرى وصرخد بمساعدته للاستقلال عن دمشق

توجه معين الدين ونور الدين إلى بصرى وصرخد واستيلاؤهم على المنطقة قبل وصول الصليبيين إليها

رجوع معين الدين ونور الدين إلى دمشق ومحاكمة الخائن »التونتاش« وعقابه
541 هـ

وصول الحملة الصليبية الثانية أراضي السلاجقة في آسيا الصغرى واصطدامهم بهم، وكانت مؤلفة من جيش الإمبراطور الألماني كونراد وجيش الملك الفرنسي لويس السابع (كل جيش مؤلف من سبعين ألف)

مسير الجيش الألماني من جهة البر ومهاجمة السلاجقة له وقتلهم كثيراً من رجاله

مسير الجيش الفرنسي جانب البحر لتجنّب غارات السلاجقة في الداخل
542 هـ

استيلاء نور الدين محمود على كثير من قلاع الصليبيين، وخيبة أمل الصليبيين وتجهيز الغرب للحملة الصليبية الثانية
542-543 هـ

مؤتمر كبير للصليبيين في القدس يقرر الهجوم على دمشق

محاصرة الصليبيين لدمشق وفشلهم في أخذها وانهزامهم عنها
543 هـ

نور الدين يتسلم حمص ويزداد نفوذه في الشام

نور الدين يهاجم إمارة أنطاكية ويصطدم مع الصليبيين، ويقتل صاحب أنطاكية ريموند دي بواتيه، و»رينو« صاحب مرعش وكيسوم و »علي بن وفا« زعيم الباطنية الذي كان مرافقاً للصليبيين

نور الدين يتجه بجيشه إلى أنطاكية ويهادن أهلها ويملك كل ما حولها من القلاع والحصون وغيرها من الأماكن المهمة

حضور بلدوين الثالث ملك بيت المقدس إلى أنطاكية وتهدئته لروع أهلها مما أصابهم من الفزع بسبب نور الدين
544 هـ

نور الدين يستولي على حصن أفامية القريب من شيزر وحماة وهادنه الصليبيون مما رأوا من قوته
545 هـ

هزيمة نور الدين أمام جوسلين الثاني وأخذ جوسلين سلاح نور الدين

أسر نور الدين لجوسلين الثاني، واستيلاؤه على أملاكه: تل باشر، عين تاب، عزاز، ومرعش وغيرها وحصون كثيرة
546 هـ

عسقلان تسقط في يد الصليبيين بعد اختلاف أهلها فيما بينهم، وكانت آخر معاقل العبيديين المصريين في فلسطين وتقوى الصليبيون بفتحها وفتح لهم باب مصر

ضعف مملكة دمشق أمام الصليبيين حتى دفعوا لهم الجزية، وثورة أهل دمشق على حاكمهم »مجير الدين!« لتخاذله عن الجهاد وموالاته للصليبيين

نور الدين يهمه أمر دمشق، ويأخذ »مجير الدين« بالحيلة حتى جاء دمشق وفتح له بعض الأحداث باباً من أبوابها فدخلها وحاصر »مجير الدين« في قلعتها إلى أن استسلم قبل أن ينجده أحد من الصليبيين
547 هـ

نور الدين يحاصر حارم التابعة لإمارة أنطاكية، ثم ينصرف عنها بعد أن صالح الصليبيين على أن يعطوه نصف أعمال حارم

نور الدين يتسلم بعلبك
551 هـ

انهزام قوات نور الدين في البقيعة قرب حصن الأكراد بين حمص وطرابلس، وكان عازماً على دخول إمارة طرابلس الصليبية

»شاور« يصبح وزيراً للخليفة العبيدي العاضد وصراعه مع »ضرغام« على الوزارة
558 هـ

مسير »شاور« إلى نور الدين مستغيثاً به على »ضرغام« الذي انتزع الوزارة منه

القوات النورية تتجه إلى مصر لمواجهة »ضرغام« بقيادة أسد الدين شيركوه ومعه صلاح الدين[3]

نور الدين وقواته تلتقي بالصليبيين ويأسرون ملوكهم: بوهيمند أمير أنطاكية، وريموند الثالث أمير طرابلس، وجوسلين الثالث دي كورتناي، وهيو الثامن لوزجنان، وحاكم قيلقيه البيزنطي. وقتلوا ما يزيد على عشرة آلاف صليبي

نور الدين يأخذ حارم ويزحف إلى أنطاكية

الاتفاق على إطلاق سراح بوهيمند الثالث بعد دفع فدية كبيرة وإطلاق الأسرى المسلمين عنده

نور الدين يفتح بانياس (وفي في الجولان)
559 هـ

المسلمون (قوات نور الدين) يفتحون حصن المنيطرة (بين جبيل وبعلبك)
561 هـ

مسير قوات نور الدين ثانية إلى مصر

المسلمون (قوات نور الدين وقطب الدين مودود) يغزون بلاد الصليبيين ويفتحون العزيمة وصافيتا ثم يعودون سالمين
562 هـ

مسير قوات نور الدين إلى مصر للمرة الثالثة

وفاة أسد الدين شيركوه في مصر
564 هـ


1 2 3 4


--------------------------------------------------------------------------------

[1] انظر »لمحة تاريخية عن الدولة العبيدية« في الفسطاط.

[2] انظر » الزلاقة: معركة كسبها الإيمان وضيع ثمارها الخلاف« في الفسطاط

[3] ستأتي تفاصيل الوقائع بين أسد الدين شيركوه وشاور والصليبيين في الجزء الثاني من الجداول الزمنية للحروب الصليبية.
__________________
رد مع اقتباس
  #38  
قديم 26-09-2006, 10:22 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

الجدول الزمني للحروب الصليبية في المشرق

2

صلاح الدين الأيوبي

الحدث
السنة

مولد صلاح الدين يوسف بن نجم الدين أيوب في قلعة تكريت

نجم الدين أيوب وأخوه أسد الدين شيركوه وأهلهم ينتقلون إلى قلعة بعلبك بعد أن استولى عليها عماد الدين زنكي
532 هجرية

صلاح الدين يرافق عمه شيركوه في حملة إلى مصر لأول مرة لإغاثة شاور وزير الفاطميين (العبيديين) ضد ضرغام الذي غلب على الوزارة

شاور يخاف من شيركوه من الإستيلاء على مصر ويهدده باستقدام الصليبيين إن لم يرحل

شيركوه يرحل عن مصر وبرحيله منع دخول الصليبيين مصر

تزايد خوف شاور من استيلاء نور الدين على مصر ومراسلته الصليبيين للقدوم لأخذ مصر

مسير أسد الدين شيركوه ومعه صلاح الدين بقواته إلى مصر وقتاله لشاور والصليبيين في معركة (البابين) وانتصاره عليهم

اتفاق الطرفين برجوع شيركوه إلى الشام والصليبيين إلى بلادهم، وموافقة شيركوه على مضض وذلك لضعف عسكره
558

الصليبيون ينكثون عهدهم مع شيركوه بشأن مصر ويسيرون لأخذها من شاور

الخليفة العبيدي العاضد وشاور يستغيثان بنور الدين

مسير شيركوه بالقوات النورية إلى مصر وأخذها، ورحيل الصليبيين عنها عندما علموا بمسير شيركوه إليها

مقتل شاور بطلب من العاضد والانتهاء من شره وسوء فعله

شيركوه يصبح وزيراً للعاضد

وفاة الوزير شيركوه –رحمه الله- بعد شهرين من ولايته، وتولي صلاح الدين للوزراة بعهد من العاضد

انزعاج الصليبيين من تولي صلاح الدين الوزارة في مصر وتحضيرهم لغزو مصر

الصليبيون ينزلون دمياط ورجوع صلاح الدين من محاصرة الكرك لجهادهم

اشتداد القتال بين المسلمين والصليبيين وانتصار المسلمين عليهم، وانهزام الصليبيين عن دمياط بعد أن قتل منهم الكثير وحرقت مناجيقهم

صلاح الدين يبدأ خطة التغيير في مصر: بالجهاد ضد الصليبيين في شرق الأردن، تقويته لمذهب أهل السنة، تشجيعه على العلم والفقه والدين..

تآمر (مؤتمن الخلافة) المتحكم في قصر العاضد مع الصليبيين للتخلص من صلاح الدين لشعورهم أن دولة بني العبيديين الباطنية آيلة إلى الزوال

اكتشاف صلاح الدين التآمر ضده، ومقتل الخصي (مؤتمن الخلافة)

ثورة السودان في القاهرة لمقتل (مؤتمن الخلافة) وقتال أبي الهيجاء –من قواد صلاح الدين- لهم وتغلبهم عليه

ضعف أمر العاضد ونية صلاح في قطع دابر الخلافة العبيدية
564

إعادة الخطبة للعباسيين في مصر وعودة مصر إلى حظيرة أهل السنة

وفاة العاضد آخر حكام بني عبيد ونهاية الدولة العبيدية الباطنية الإسماعيلية

توزيع الزكوات على الفقراء والمساكين وأبناء السبيل والغارمين من بيت المال، وأخذها من الأغنياء، ونشر العدل بين الناس الذي هو أساس إقامة الدول ومصدر قوتها


567

خروج صلاح الدين في أول غزوة من مصر بعد تسلمها إلى الكرك وعودته إليها

ابتداء الوحشة بين صلاح الدين ونور الدين..

وفاة نجم الدين أيوب أبي صلاح الدين في مصر

قتال صلاح الدين للصليبيين في الكرك والشوبك
568

وفاة نور الدين محمود بن زنكي بدمشق رحمه الله تعالى، وكان مولده سنة 511 هـ، وظهور ضعف ورثته وتعدي ابن أخيه سيف الدين على أملاكه التي تركتها وظلمه للرعية

صلاح الدين يرسل أخاه تورانشاه إلى اليمن وعدن فيفتحها ويخطب فيها للعباسيين بعد انقطاع

مؤامرة كبرى ضد صلاح الدين والإسلام يحيكها بقايا الباطنيين من العبيديين ويراسلون الصليبيين في الشام وصقلية للتوجه إلى مصر لأخذها من صلاح الدين

صلاح الدين يكتشف المؤامرة ويتخلص من رؤسائها ويرد الله كيد الخائنين

انتهاز الصليبيين موت نور الدين وحصارهم لقلعة بانياس وإقرار الصلح بينهم وبين دمشق، واستعظام صلاح الدين لما حدث
569

الصليبيون من صقلية يهجمون على الإسكندرية على حين غفلة من أهلها بقيادة ابن عم ملك صقلية وليم الثاني

أهل الإسكندرية يقاتلون الصليبيين ويرسلون إلى صلاح الدين للدعم والامدادات

مجيء عساكر المسلمين قريباً من الإسكندرية وعساكر صلاح الدين واستمرار القتال بين الطريفين حتى أنزل الله نصره على المؤمنين

اندحار الصليبيين عن الإسكندرية بعد تحري القتل فيهم وأخذ الأسرى منهم وغنيمة المسلمين لأسلتحتهم وما تركوه ورائهم

صلاح الدين يخمد ثورة أحد قادة الفاطميين، ويدعى كنز الدولة، في صعيد مصر

ملك الصليبيين في القدس (عموري الأول) يتحالف مع الباطنية (الحشاشية والإسماعيلية) في الشام للانتقام من المسلمين مقابل تنازل الصليبيين عن الضرائب التي تؤديها الباطنية لهم

صلاح الدين يدخل دمشق ويتسلم قلعتها ويبطل المكوس والمظالم التي أحدثت بعد وفاة نور الدين محمود

صلاح الدين يسير إلى حمص ويترك فيها حامية لمحاصرة قلعتها

صلاح الدين يملك حماة

مسير صلاح الدين نحو حلب وامتناع أهلها لتسليمها تعصباً لابن نور الدين، الملك الصالح، الذي كان عمره 12 سنة

تحالف أهل حلب مع الملاحدة الحشاشين لقتل صلاح الدين حيث بذل سعد الدين كمشتكين الأموال للتخلص منه، وقد حاول الحشاشون الملاحدة قتل صلاح الدين ولكن سلمه الله منهم، ولكن قتلوا أميراً له يدعى ناصح الدين خمارتكين وجرحوا غيره

أهل حلب يطلبون العون من صاحب طرابلس الصليبي للتخلص من صلاح الدين

صاحب طرابلس يسير نحو حمص، وصلاح الدين يترك حصار حلب ويعود إلى حماة

رحيل الصليبيين عن حمص ودخول صلاح الدين إليها وتملكه لقلعتها

صلاح الدين يطلب تفويضاً بالحكم من الخليفة العباسي ببغداد

صلاح الدين يحاصر بعلبك وأهلها يطلبون الأمان فيجيبهم صلاح الدين

تآمر أهل الموصل مع الحلبيين ضد صلاح الدين

اشتباك قوات صلاح الدين مع عسكر الموصل وانهزامهم أمامه

مسير صلاح الدين إلى حلب مباشرة بعد هزيمة عسكر الموصل

أهل حلب يطلبون الصلح مع صلاح الدين ويعترفون به سلطاناً على الشام

وصول رسل الخليفة العباسي المستضيء بنور الله إلى صلاح الدين بالتشريفات السلطانية، وتقليده بما أراد صلاح الدين من سلطات شرعية في كل الولايات التي كانت تابعة لنور الدين

صلاح الدين يستولي على قلعة بقرين قرب حماة من الأمير فخر الدين مسعود بن علي الزعفراني
570

خروج صلاح الدين إلى (مرج الصفّر) وإرسال الصليبيين إليه بطلب الهدنة فيهادنهم بشروط

حلب والموصل تتحالفان ضد صلاح الدين ونقض أهل حلب للمواثيق بتشجيع من أمير الموصل غازي بن مودود بن زنكي

أمير الموصل غازي بن مودود يتجه بقواته إلى حلب ويعسكر خارجها ويستنجد ببعض الأمراء المسلمين، ويحالف الصليبيين ضد صلاح الدين

صلاح الدين يطلب من عسكر مصر التوجه إلى الشام، وعند وصولهم إليه يتجه بهم صلاح الدين إلى حلب

تنفيذ المؤامرة على صلاح الدين بين الزنكيين والصليبيين وانتهاز الصليبيين الفرصة ومهاجمة المناطق التابعة لدمشق

صلاح الدين يجدد الهدنة مع مملكة القدس لئلا يضطر إلى القتال على جبهتين

قوات صلاح الدين تشتبك مع عساكر الموصل وحلب في تل السلطان وانكسار عساكر التحالف وانهزامهم شر هزيمة

انتزاع صلاح الدين لبعض القلاع الهامة بعد ذلك مثل بزاغة؛ وملك مدينة منبج

محاولة الباطنية الإسماعيليين اغتيال صلاح الدين وهو يحاصر قلعة »إعزاز« المنيعة، لكن نجاه الله منهم، واستمر حصار القلعة حتى استسلمت في 11 من ذي الحجة

إتمام الصلح بين صلاح الدين والملك الصالح صاحب حلب حيث دخل في الصلح أيضاً المواصلة وأهل ديار بكر


571

مسير صلاح الدين (في المحرم) إلى مصياف، مقر الباطنية، وقتاله لهم، فقتل وأسر منهم وخرب ديارهم حتى شفع فيهم خالُه صاحب حماة

إغارة الصليبيين على إقليم البقاع لصرف صلاح الدين عن أخذ حلب ومساعدة منهم لأعدائه، لكن الله هزمهم على يد ابن المقدم أمير بعلبك

عودة صلاح الدين إلى مصر لتفقد أحوالها وذلك بعد زواجه من أرملة نور الدين محمود

مهاجمة الصليبيين لأعمال دمشق في غياب صلاح الدين وهزيمة تورانشاه الذي خرج للقائهم

بناء سور القاهرة بأمر صلاح الدين لحمايتها من أي هجوم صليبي، وتعمير أسطول في الإسكندرية، وتحصين ثغرها وثغر دمياط
572

وصول حملة صليبية إلى الشام بقيادة فيليب الإلزاسي دعماً للقوات الصليبية ضد صلاح الدين

مهاجمة الصليبيين لإقليم حمص ومحاصرتهم لمدينة حماة ثم انسحابهم عنها

فشل محاولة إمبراطور بيزنطة التحالف مع الصليبيين لغزو مصر

محاصرة الصليبيين لـقلعة حارم مدة 4 شهور دون جدوى -مع هجوم أهل حلب عليهم- فتركوها بعد أن سمعوا أن صلاح الدين يريد مهاجمة بيت المقدس، فلما تركوها هاجمها جيش الملك الصالح (صاحب حلب) وضمها إليه.

موقعة الرملة بين قوات صلاح الدين والصليبيين (في جمادى الأولى) وانتصار المسلمين فيها، ثم انهزامهم أثناء عودتهم إلى مصر، حيث فاجأهم الصليبيون

مهاجمة الصليبيين لحماة وحصارهم لها، واستبسال أهلها في الدفاع عنها وانتصارهم على الصليبيين الذين ارتدوا عن البلد وحاصروا حارم
573

مسير صلاح الدين إلى الديار الشامية بعد وصول الأخبار إليه أن الصليبيين يحاصرون حارم

بناء الصليبيين لحصن بيت الأحزان (حصن جسر بنات يعقوب) قرب بانياس بين طبرية وصفد

انهزام الصليبيين بقيادة بلدوين في قتالهم مع قوات فرخ شاه ابن أخ صلاح الدين قريباً من بانياس وانضمام صلاح الدين إليهم بعد وصول أخبار القتال إليه

هجوم الصليبيين على حماة واندحارهم أمام القوات الإسلامية
574

الصليبيون يقيمون حصناً آخر إلى الشمال الغربي من بحيرة الحولة على جبل هونين في مواجهة بانياس.

موقعة مرج العيون وفتح حصن بيت الأحزان: حيث انتصر فيها المسلمون انتصاراً عظيماً وأسِروا من الصليبيين أكابرهم، مثل: ابن بيرزان صاحب الرملة ونابلس، وأخ لصاحب جبيل، وصاحب طبرية ومقدم الداوية، ومقدم الاسبتارية، وصاحب جينين وغيرهم. وفي نفس اليوم ظفر الأسطول المصري بسفينة صليبية كبيرة

مسير صلاح الدين مباشرة إلى حصن بيت الأحزان لتدميره، وقد استولى عليه وأسر من فيه ثم دمره وعفى أثره وغنم كثيراً من المال والسلاح والأقوات. وكان لتدمير هذا الحصن الأثر السيء على الصليبيين وفت في عضدهم

متابعة صلاح الدين الجهاد وإغارته على طبرية وصور وبيروت وعلى عكا نفسها

إتمام الهدنة بين صلاح الدين وبلدوين ملك القدس بطلب من الأخير
575

وفاة سيف الدين غازي بن مودود زنكي أتابك الموصل وديار الجزيرة، واختياره أخيه عز الدين مسعود بن مودود خلفاً له، وتفريقه لبعض ملكه في أبنائه سنجر وناصر الدين

صلاح الدين يغزو بلاد الأمرن بسبب اعتدائهم على المسلمين
576

مهاجمة الأسطول المصري مدينة أنطرطوس وإنزال الخسائر بالصليبيين واضطرارهم لطلب الهدنة من صلاح الدين. وبذلك أمن صلاح الدين جانب ريموند الثالث أمير طرابلس وبلدوين الرابع صاحب القدس ليتفرغ للقتال على جبهات أخرى ولتحقيق سياسته في توحيد بلاد الشام تحت قيادته، وخصوصاً حلب والموصل

وفاة الملك الصالح صاحب حلب، واستحلافه للأمراء قبل وفاته لابن عمه عز الدين مسعود بن مودود الزنكي
577
رد مع اقتباس
  #39  
قديم 27-09-2006, 06:01 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

التاريخ الإسـلامي
ملحق الحروب الصليبية
القدس الإسلامية:
في عهد الخليفة عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-، تم فتح الشام وفلسطين، وجاء الخليفة بنفسه لتسلم القدس سنة 16هـ/ 637م.والقدس مدينة هامة من الوجهة الدينية لدى الأديان الثلاثة. لقد فتحت هذه المدينة، وأصبح المسلمون سادتها، ولأنهم قد تعلموا من دينهم التسامح فقد فتحوا أبواب المدينة للحجاج المسيحيين يأتون ويعودون في سلام وأمان.
وبقيت هذه السّنة الجميلة تقليدًا تبعه الخلفاء من بعده، فقد امتاز عهد الرشيد بمستوى رفيع من التسامح الديني، فقد أهدى "شارلمان" وهو إمبراطور المسيحيين في ذلك الوقت مفاتيح "كنيسة القيامة"، كما سمح له ببناء مستشفى فيها، ومكتبة جمعت كثيرًا من الدراسات المسيحية، وقد كان هذا التسامح سمة كل العصور الإسلامية قاطبة.
بداية الحروب الصليبية:
كان البويهيون يقفون موقفًا سلبيّا من أعداء الإسلام بعد استيلائهم على الخلافة العباسية ببغداد؛ مما شجع ملك الروم سنة 462هـ/ 1070م على غزو الشام، فقد خرج ملك الروم في ثلاث مائة ألف مقاتل، ونزل على "مَنْبح" وأحرق القرى بينها وبين أرض الروم، وقتل رجالهم، وسَبَى نساءهم وأولادهم.
وفزع المسلمون في حلب فزعًا عظيمًا، ولم يكد العام ينتهي حتى عاود ملك الروم هجماته بجيش كثير العدد والعدة يريد القضاء على الإسلام والمسلمين، حتى وصل إلى "ملاذكرد" من أرمينيا، ولكن "ألب أرسلان السلجوقي" سار إليه في خمسة عشر ألفًا، وكله إيمان بالله، ويقين بأن الله ناصر دينه، قائلا : "إنني أقاتل محتسبًا صابرًا، فإن سلمت فبنعمة من الله تعالي، وإن كانت الشهادة (الموت في سبيل الله) فإن ابني "ملكشاه" ولي عهدي!
وأشار الفقيه "أبو نصر البخاري" أن يكون يوم الجمعة بعد الصلاة هو موعد اللقاء مع الأعداء، بعد أن يدعو جميع الخطباء للمجاهدين في سبيل الله على المنابر، وصلى بهم الفقيه البخاري، وبكى السلطان، فبكى الناس لبكائه، ودعا ودعوا معه، ثم قال لهم : من أراد الانصراف فلينصرف، فما ههنا سلطان يأمر وينهي. ثم أخرج السلطان كفنه ليراه جنوده -ليحفزهم على الاستشهاد- ففعلوا مثله.
وبدأ الزحف إلى الروم، فلما اقترب السلطان منهم نزل عن فرسه، وسجد لله-عز وجل-ومَرَّغَ وجهَه في التراب، ودعا الله، وطلب منه النصر على أعدائه، وأخذ في التضرع والبكاء، ثم ركب فرسه، وهجم على العدو فحملت العساكر معه، وكان نصر الله على الرغم من قلة عدد المسلمين وكثرة أعدائهم، لكن النصر من عند الله ينصر من يشاء، وهو القوي العزيز.
كان أرسلان، رحمه الله، عادلاً رحيمًا مقرّا بأنعم الله عليه، يتصدق على الفقراء، ولا سيما في رمضان.
وشاء الله أن يقتل المسلمون من الروم عددًا كبيرًا حتى امتلأت الساحة بجثث القتلى منهم، وأُسر ملك الروم، وافتدى نفسه بألف ألف وخمسمائة ألف دينار، كما افتدى قواده، وكان موقف أرسلان قويّا، يستمد قوته من عزة المسلم الذى يستمد عزته من عزة الله سبحانه، فقد فرض أرسلان على ملك الروم أن يرد كل أسير مسلم في أيدي الروم، وشرط عليه أن يرسل إليه عساكر الروم عند طلبها في أي وقت.
وكانت موقعة "ملاذكرد" هذه بين السلاجقة والروم سنة 463هـ/ 1071م، من المعارك الحاسمة التي أدت إلى هزيمة ساحقة مروعة للروم، وذلك رغم التفاوت الكبير بين القوتين، إذ لم تزد قوات أرسلان على عشر من قوات الصليبيين.
اجتماع كليرمونت:
وقد أدى ذلك إلى أن يستنجد أحد أباطرتهم (ملكوهم) بأوربا ويستغيث بها، فراح البابا يدعو إلى اجتماع عام في "كلير مونت" بفرنسا ويدعو المجتمعين إلى غزو الشرق الإسلامي، وتخليص الأراضي المقدسة من الترك، وتخليص أراضي الإمبراطورية البيزنطية من الأعداء الغاصبين، وراح يحث الأمراء على توسيع أملاكهم وغزو الشرق الغني، فماذا كانت النتيجة؟ وكيف كانت هزيمة "ملاذ كرد" سببًا في قيام الحروب الصليبية؟ وفي أثناء هذه الحروب ظهر خطر المغول، فكيف واجهت البلاد إعصار المغول، والحروب الصليبية؟
استيلاء الصليبيين على القدس:
وفي عام 491هـ/ 1097م؛ تجمعت قوات الصليبيين في القسطنطينية، وبعد أن تم إعدادها عبرت البسفور إلى الشام، ودارت بينهم وبين السلاجقة معركة عام 1097م، عند "ضورليوم"، ولكن هزم فيها السلاجقة، ثم استولى الصليبيون على أنطاكية في شمالي الشام، وأسسوا بها أول إمارة لهم، ثم استولوا على الرها في إقليم الجزيرة الشمالي، وأسسوا إمارتهم الثانية واتجهوا إلى مدينة القدس وبها بيت المقدس.
وأمام أربعين ألف مقاتل، لم يستطع جيش الفاطميين فك حصارهم للمدينة الذي استمر شهرًا كاملا، ودخلوها في النهاية في 15 يوليو سنة 1099م، وأقاموا فيها مذبحة قضوا على سكانها جميعًا رجالا ونساءً وأطفالا وكهولا، واستباحوا مدينة القدس أسبوعًا يقتلون ويدمرون حتى قتلوا في ساحة الأقصى فقط سبعين ألفًا من المسلمين .
ويذكر أن ريموند القائد الصليبي احتل "مَعَرَّة النعمان"، وقتل بها مائة ألف،ٍ وأشعل النار فيها، ثم أقاموا دولتهم الكبرى المعروفة باسم مملكة القدس. وفي هذه الحملة، ظلت بعض مدن الشام الهامة مثل حلب ودمشق في أيدي المسلمين .
لقد تم الاستيلاء على القدس، وشعر الصليبيون أنهم حققوا واجبهم الديني باستعادة المدينة المقدسة.
وقد قسم الصليبيون هذا الإقليم إلى أربع إمارات:
إمارة الرُّها 492هـ/ 1098م، وتشمل أعالي نهري دجلة والفرات، وتقرب حدودها الجنوبية الغربية من حلب، وكانت عاصمتها الرها التي توجد في بعض الخرائط باسم إدريسّا .
أما الثانية فهي إمارة أنطاكية، وتقع في الإقليم الشمالي جنوب غرب إمارة الرها .
ثم تليها جنوبًا إمارة طرابلس وهي تقع في شريط ضيق على الساحل وهي أصغر هذه الإمارات .
أما الرابعة فهي مملكة القدس، وتمتد حدودها الشرقية من قرب بيروت الحالية، ثم تتبع نهر الأردن حيث تتسع قليلا، وتتجه جنوبًا إلى خليج العقبة، وكانت عاصمتها القدس نفسها .
وكان لكل إمارة من هذه الإمارات أمير أو حاكم يحكمها، لقد استولوا على القدس، وها هو ذا نصرهم قد تم، وها هي ذي أوربا كلها في فرح متزايد، ولكن الخلافات بينهم قد عادت كأشد ما تكون بعد أن تم لهم النصر .
انتصار نور الدين على الصليبيين:
وبرغم الآلام التي عانى منها المسلمون تحت مطارق الصليب، وبحار الدماء والحقد، عاد الإسلام-ولم يكن قد مات يومًا- يشعل صدور المسلمين، فهبوا جنودًا لله كما كانوا، وقيض الله لهذه الأمة رجلا تركيّا هو "عماد الدين زنكي" الذي عرف أن طريق النصر يبدأ دائمًا بالعودة إلى الله. كيف كان ذلك؟
عندما انقسمت دولة السلاجقة بعد "ملكشاه" استطاع أحد مماليكه الأتراك وهو عماد الدين زنكي أن يستقل بإقليم الموصل .
وما لبثت قوة هذا الرجل أن تضاعفت فقام بهجوم على "الرها"، وتمكن من الاستيلاء على عاصمتها رغم مناعة أسوارها سنة 539هـ/1144م. وكان لسقوط "الرها" في أوربا هِزة عنيفة أدت إلى الدعوة إلى حملة صليبية أخري.
ويحمل نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي عبء الجهاد والدفاع عن أرض الإسلام بعد استشهاد أبيه عماد الدين عام 1146م، على يد أحد أتباع المذهب الإسماعيلي (المعروفون باسم الحشاشين الباطنية)، ويعيد نور الدين فتح الرها التي سارع الصليبيون إلى احتلالها بعد استشهاد أبيه، ويعود مظفرًا إلى حلب، ومن هناك يستعد للقاء الصليبيين، ويهزمهم بالقرب من دمشق، بل ويهاجم بعد ذلك إمارة إنطاكية ويستولي على أجزاء منها، ويقبض على أميرها بوهيموند وجماعة من أكابر أمراء الصليبيين، واستطاع أن يخضع باقي مدن الرها التي لم تكن قد خضعت من قبل.
ثم توج جهوده لما دعاه أهل دمشق لحكمهم بعدما رأوا عدله وشجاعته، فتكونت جبهة إسلامية واحدة تمتد من حلب إلى دمشق ويدعمها ملك أخيه في الموصل.
كم أنت عظيم يا نور الدين، لقد أضأت للمسلمين طريقهم؛ فعرفوا كيف يكون الجهاد والتضحية.
موقف مصر من الصليبيين:
كانت مصر في ذلك الوقت تحت سلطان الفاطميين الذين كانوا وقتذاك في أقصى حالات الضعف، فقد كانت السلطة الفعلية في أيدي الوزراء الذين كانوا يعملون على اختيار الخليفة من ضعفاء الفاطميين حتى يضمنوا سيطرتهم الدائمة على مصر! وكانت مصر شديدة الأهمية للصليبيين ولدولة نور الدين. إن وقوعها في أيدي الصليبيين يقويهم، ويمدهم بموارد لا حصر لها. ووقوعها في يد نور الدين يضع الصليبيين في موقف حرج حيث تهاجمهم قوات المسلمين من ثلاث جهات : الشرق، والجنوب، والجنوب الغربي، كما أن موارد نور الدين وجيوشه سوف تعظم وتتضخم إن هو استولى على مصر، فكيف السبيل إليها؟
لقد هيأت الأقدار لنور الدين أجمل الفرص. فقد عرف أن قيادة مصر في ذلك الوقت كانت في أيدي الوزراء، وكان أكبر المتنافسين الوزيران: "شاور" و"ضرغام"، وقد اضطر "شاور" إلى الهروب إلى نور الدين والاستنجاد به حين هزمه "ضرغام" وأوشك أن يفتك به. وبلغ "نور الدين" أن جيشًا من الصليبيين كان يتجه نحو مصر ليسبقه إليها. فتحرك نور الدين على عجل، وجهز جيشًا بقيادة "أسد الدين شيركوه" يصحبه ابن أخيه صلاح الدين، ودخل جيش نور الدين مصر عام 560هـ/1164م، وسرعان ما انتصر على قوات "ضرغام" وأعاد "شاور" إلى السلطة، ترى هل يقدِّر "شاور" ما قام به تجاهه نور الدين وقائد جيشه أسد الدين شيركوه ؟ لا، بل أراد أن يتخلص من أسد الدين وجيشه عندما أحس أنهما يقاسمانه النفوذ.
الوزير الفاطمي يستنجد بالصليبيين:
هناك تكون كارثة بكل ما في الكلمة من معني! لقد استعان شاور بجيش الصليبيين الذي كان يرابط على الحدود، وسرعان ما استجاب جيش الصليبيين لشاور فدخل مصر، واشتبك مع جيوش نور الدين!
واشتد القتال، ولكن لما لم ترجح كفة أحد الفريقين اتفقا على أن يرحلا معًا عن مصر، وسرعان ما جلا جيش نور الدين وجيش الصليبيين . ولكن جيش نور الدين عاد إلى مصر ثانية في عام 563هـ/ 1167م .
وعند ذلك أرسل "شاور" يستنجد بملك القدس المسيحي الذي أرسل جيوشه لمحاربة أسد الدين شيركوه، ولكن شيركوه هزم الصليبيين، واستولى على الإسكندرية التي نصَّب عليها ابن أخيه صلاح الدين الذي أظهر مواهبه الحربية في الدفاع عن الإسكندرية. وعلى الرغم من انتصارات شيركوه المؤقتة فإنه شعر ألا سبيل أمامه للاحتفاظ بمصر، فاتفق مع الصليبيين للمرة الثانية على جلاء الفريقين عنها. ولكن الصليبيين نقضوا العهد حين أعدوا حملة دخلت مصر بغرض الاستيلاء عليها، وقد استولوا على "بلبيس" وأعملوا في سكانها القتل والنهب.
انتصار شيركوه وصلاح الدين على الصليبيين:
وهنا أرسل الخليفة الفاطمي مستنجدًا بنور الدين الذي أرسل جيشه للمرة الثالثة سنة 564هـ/1169م، يقوده شيركوه، وصلاح الدين، وسرعان ما تم النصر على حملة الصليبيين في مصر، وانسحبت تاركة النفوذ والسيطرة لجيش شيركوه .
وقد حاول شاور العودة إلى سياسته القديمة، والتخلص من شيركوه؛ ولكنه فشل وقُبض عليه وأُعدم.
وعُيّن "شيركوه" وزيرًا للخليفة الفاطمي بدلا من شاور. وعندما مات شيركوه خلفه في الوزارة وقيادة الجيوش ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن أيوب سنة 564هـ/1169م، وقد تركزت في يد صلاح الدين جميع السلطات، وتمر الأيام وصلاح الدين يتألق نجمه، وتظهر مع الأيام عبقريته، ويموت الخليفة الفاطمي العاضد سنة 567هـ/1171م بعد أن ألغي صلاح الدين الخلافة الفاطمية، وتصبح السلطة الفعلية والنفوذ الحقيقي في يده، يقبض عليهما بيد من حديد.
وراح الصليبيون يفكرون، لقد خلصت مصر لقوات المسلمين، وأصبحت في يد هذا الرجل الحديدي الذي سيوحد قوي المسلمين ويحطم قوي الصليبيين، وإن غدًا لناظره قريب.
ظل صلاح الدين حاكمًا على مصر زمنًا طويلا يدعو للخليفة العباسي ولنور الدين من بعده. وتأسست الدولة الأيوبية بمصر بعد وفاة نور الدين محمود 569هـ/1174م على يد صلاح الدين الأيوبي.
لقد كان الفاطميون من الشيعة، أما الأيوبيون فهم من أهل السنة، ومن أجل هذا راح صلاح الدين يلغي مظاهر الخلافة الفاطمية ورسومها، ويُعطل معاهد الدعوة الشيعية وطقوسها. وعادت السنة إلى مصر.. السُّنِّية التي رفضت كل مُعْتَقَد دخيل على ما جاءها به نبيها (، وتمر الأيام فيرث صلاح الدين دولة نور الدين، ويخضع له أمير الموصل سنة 583هـ/1168م.
لقد كانت دولة نور الدين تضم ما بين المسلمين من الشام والحجاز واليمن، كما ضمت أجزاء من شمال إفريقية. فأصبحت دولة صلاح الدين تضم شمالي العراق، وشرقي الشام، ثم الحجاز واليمن ومصر وبعض شمالي إفريقية. لقد كان هذا أكبر اتحاد للقوي الإسلامية في ذلك الوقت الذي كانت فيه الدولة العباسية مفككة ضعيفة لا سلطان لها. وإن بينها وبين الدويلات الصليبية غدًا قريبًا تسترد فيه الأرض وتحمي العرض.
وفي بعض الفترات كان صلاح الدين يعقد معاهدات مع الصليبيين ليتفرغ لتوحيد الجهة الإسلامية، ولكنهم نقضوا العهد، ذلك أن رجنلد (أنارط) أمير الكرك الصليبي نقض هذه المعاهدة، وقام الصليبيون ببعض الاستفزازات للمسلمين منها أن رجنلد هذا أعد أسطولا يعبث بشواطئ الحجاز ويهاجم الحجاج المسلمين، ودأب على مهاجمة القوافل الإسلامية.
لا مفر إذن من وقوع الحرب بين الفريقين، وتقدمت قوات صلاح الدين من دمشق، ووجهتها القدس.
موقعة حطين:
كان نصر الله المبين حيث التقت جيوش المسلمين بجيوش الصليبيين في "حطين" وكان ذلك في عام 583هـ/1187م.
لقد جمع الصليبيون عشرين ألف مقاتل جمعوهم من كل دويلات الصليبيين .
واشتبك الجيشان، وانجلت المعركة عن نصر ساحق لصلاح الدين مع تدمير تام لجيش أعدائه .لم يكن أمام جيش صلاح الدين بعد معركة حطين إلا أن يتقدم نحو القدس، وقبل أن يتقدم نحوها استسلم له حصن "طبرية"، وفتح "عكا" واستولى على "الناصرية" و"قيسارية" و"حيفا" و"صيدا" و"بيروت"، وبعدها اتجه صلاح الدين إلى القدس.
استرداد القدس:
ولكن الصليبيين تحصنوا بداخلها، فاتخذ صلاح الدين جبل الزيتون مركزًا لجيوشه، ورمى أسوار المدينة بالحجارة عن طريق المجانيق التي أمامها، ففر المدافعون، وتقدم المسلمون ينقبون الأسوار، فاستسلم الفرنجة، وطلبوا الصلح، فقبل صلاح الدين، واتفق الطرفان على أن يخرج الفرنجة سالمين من المدينة على أن يدفع الرجل عشرة دنانير، والمرأة خمسة، والصبي دينارين، ووفى المسلمون لهم بهذا الوعد، وكان ضمن من خرجوا البطريرك الأكبر يحمل أموال البِيَع(الكنائس) وذخائر المساجد التي كان الصليبيون قد غنموها في فتوحاتهم.
رحمة صلاح الدين:
وفي هذه الأثناء، قال بعض المسلمين لصلاح الدين : إن هذا البطريرك يقوى بهذا المال على حرب المسلمين! فأجاب صلاح الدين: الإسلام لا يعرف الغدر، وقد أمّنا وعلينا الوفاء. وخرج الرجل بهذه الأموال.
ويروى أن مجموعة من النبيلات والأميرات قلن لصلاح الدين وهن يغادرن بيت المقدس: "أيها السلطان! لقد مننت علينا بالحياة، ولكن كيف نعيش وأزواجنا وأولادنا في أسرك؟! وإذا كنا ندع هذه البلاد إلى الأبد فمن سيكون معنا من الرجال للحماية والسعي والمعاش؟! أيها السلطان! هَبْ لنا أزواجنا وأولادنا، فإنك إن لم تفعل أسلمتنا للعار والجوع".فتأثر صلاح الدين بذلك، فوهب لهن رجالهن، رحمك الله يا صلاح الدين، فقد كنت مثالا للرحمة والعفو وحسن الخلق، وكنت مثالا حسنًا لمبادئ الحضارة الإسلامية وعظمة الإسلام.
فليتقدم البطل الفاتح ليطهر البلاد والعباد من شراذم الصليبيين الذين دنسوا الأرض، واعتدوا على العرض.
وتقدم جيش البطل صلاح الدين بل جيش الإسلام والمسلمين؛ ليستولي على معظم مستعمرات الصليبيين ومناطقهم الهامة .
وقد ساعد على نجاح هذه الحملات أن معظم حاميات الصليبيين لقيت حتفها في حطين .
ويجيء عام 586هـ/1189م، ولم يَبْقَ في أيدي الصليبيين من كل أرض سوريا وفلسطين سوى صور وأنطاكية وطرابلس وبعض مدن وقلاع صغيرة مبعثرة هنا وهناك.
والحق أن هذه الأماكن الساحلية التي استهان المسلمون بها وتركوها في أيدي الصليبيين كانت سببًا في كثير من المتاعب للدولة الإسلامية بعد ذلك، فقد تجمع فيها الصليبيون الفارون من الأماكن الأخرى، وقاموا بمهاجمة البلاد الإسلامية المجاورة، واستولوا على بعضها وساعدوا الحملات الصليبية الثالثة التي جاءت من الغرب وكبدت المسلمين خسائر فادحة.
ملوك أوربا يقودون الحرب الصليبية:
فقد كان لهذه الانتصارات وعلى رأسها سقوط القدس صدى مؤلم في أوربا أدى إلى إثارة الحماس مرة أخري، وتصاعدت صيحات إنقاذ الأراضي المقدسة تتردد في أرجاء أوربا. واتجهت الكنيسة إلى جمع الضرائب للحروب الصليبية، وشجعت الناس على الخروج لقتال المسلمين، وأعلن البابا أن من لم يستطع أن يخرج بنفسه وتبرع بالمال غُفرت له ذنوبه، ثم تطور هذا الأمر إلى إصدار صكوك الغفران لكل من يتبرع لهذه الحرب، أو يخرج فيها. وتم تعبئة عدد من الحملات يقودها ملك إنجلترا "ريتشارد" الملقب بقلب الأسد، و"فيليب أوغسطس" ملك فرنسا، و"فريدريك بربوسا" ملك الألمان.
لقد كانت الحملة التى قادها فردريك فاشلة، وذلك لأن قائدها نفسه قد غرق في نهر بأرمينية، فعاد معظم جيشه من حيث أتي، ولم يصل منه إلى الأراضي المقدسة سوى عدد قليل. وهكذا وقع عبء الحرب على ريتشارد وفيليب.
وقبل وصول هذين الأخيرين، أخذ الصليبيون يجمعون قواتهم، ويحاولون القيام بعمل مضاد لحركات صلاح الدين.. فوجهوا قواتهم لتحاصر عكا من البر، وأساطيلهم لتحاصرها من البحر، وكان في استطاعة صلاح الدين أن يقضي على الجيش الصليبي لولا وصول ريتشارد وجيوشه في ذلك الوقت.
وقد طال الحصار البحري البري مدة عامين كاملين من سنة (586-588هـ/ 1189-1191م) ضرب فيها الفريقان أسمى أمثلة الشجاعة، وأخيرًا سقطت عكا في أيدي الصليبيين.
الصليبيون يقتلون الأسري:
وتوصل الجانبان إلى اتفاق يطلق بمقتضاه الصليبيون سراح حامية عكا، شريطة أن يدفع صلاح الدين 200 ألف قطعة ذهبية.
وقد حدث أن تأخر دفع المبلغ المتفق عليه، فأمر ريتشارد بإعدام كل أسراه، وعددهم 2700 أسير، وهذه نقطة سوداء في تاريخه، يقابلها من جانب صلاح الدين نبل عظيم في معاملة أسراه؛ حيث كان يتعامل معهم بالرحمة والتسامح.
صلح الرملة:
استمرت المناوشات البسيطة بين الفريقين، ولكن ريتشارد مَلَّ الحرب، وخاف على ملكه في أوربا، فجرت بينه وبين صلاح الدين مشاورات ومراسلات، ومن أهم ما جاء في هذه المراسلات ماكتبه ريتشارد إلى صلاح الدين يقول: إن المسلمين والفرنج قد هلكوا وخربت ديارهم، وتلفت الأموال والأرواح، وليس هناك حديث سوى القدس والصليب، والقدس مُتَعَبَّدُنا ما ننزل عنه، والصليب خشبة عندكم لا مقدار له، وهو عندنا عظيم؛ فيَمُنّ به السلطان علينا ونستريح من هذا العناء.
فأجاب صلاح الدين: القدس لنا كما هو لكم، وهو عندنا أعظم مما هو عندكم، فإنه مسرى نبينا ومجتمع الملائكة، فلا تتصور أن ننزل عنه، وأما البلاد فهي لنا واستيلاؤكم كان طارئًا عليها لضعف المسلمين، وأما الصليب فهلاكه عندنا قُربة عظيمة فلا يجوز أن نفرط فيه إلا لمصلحة أوفي منه.
وقد أدت هذه المفاوضات إلى عقد اتفاق بين الجانبين وهو صلح الرملة سنة 589هـ/1192م، وشروطه: ترك أراضي الساحل للصليبيين، ومنها صور وعكا ويافا وعسقلان، في حين أصبح داخل البلاد لصلاح الدين على أن يسمح للمسيحيين بالحج إلى بيت المقدس، وأن يتعهد بحمايتهم.
موقف أبناء صلاح الدين من الصليبيين:
ولما مات صلاح الدين سنة 589هـ/1192م، حكمت أسرته من بعده، فحكم أخوه العادل مصر ومعظم أجزاء الشام، وخلفه ابنه الكامل الذي سقطت دمياط في عهده في يد الصليبيين لما هاجموا مصر سنة 615هـ، ثم انسحبوا منها مدحورين.. بعد هزيمة فادحة أدت بهم إلى الجلاء عن مصر سنة 618هـ، بعد الصلح مع الملك الكامل، فقد قطع المصريون جسر النيل فغرقت الأرض بالمياه وأوشك الصليبيون علي الهلاك، فطلبوا الصلح.
أسر ملك فرنسا:
كما تعرضت مصر أيضا لحملة صليبية جديدة قادها ملك فرنسا لويس التاسع الذي استولى على دمياط سنة 647هـ، ولكنه وقع أسيرًا فحمل مكبلا بالسلاسل إلى المنصورة حيث سجن في دار قاضيها ابن لقمان، وكان ذلك بفضل حكمة وقيادة ركن الدين بيبرس للقوات المصرية، وافتدى نفسه بتسليم دمياط للمسلمين ودفع فدية مالية، وعادت دمياط إلى الأيوبيين سنة 648هـ .
وأمام التهديد الدائم من قبل الصليبيين للإسكندرية وغيرها من مدن الشام، لم يقف المماليك البرجية مكتوفي الأيدي؛ بل راحوا يفكرون في قطع دابر الصليبيين "بقبرص" وكان لهم ما أرادوا، حتى تمكنوا في عهد الأشرف بَرْسِباي سنة 829هـ/ 1426م، من هذا الأمل، وأسروا ملك الصليبيين الذي ظل أسيرًا بمصر حتى سنة 830هـ/1427م، ولم يفك أسره إلا بعد دفع جزية كبيرة على أن يعترف بسيادة المماليك علي قبرص!
وتظل لمصر السيادة على قبرص في عهد المماليك البرجية حتى سنة 923هـ/ 1517م، وهي السنة التي آل فيها حكم البلاد إلى العثمانيين، وسقطت دولة المماليك البرجية.

نتائج الحروب الصليبية:
وبهذا فشلت الحروب الصليبية، ولكن برغم الفشل السياسي والحربي للحملات الصليبية فإن هذه الحروب كان لها نتائج بالغة الأثر؛ منها اتساع تجارة أوربا وبخاصة "جنوا" و"البندقية" و"بيزا" مع موانئ الشام. ولم يقتصر هذا الاتساع على الفترة التي سيطر فيها الصليبيون على الأراضي المقدسة، بل استمر حتى بعد أن أجلوا عن الإقليم كله. كما ساعدت علىانتقال الحضارة الإسلامية إلىأوربا.
رد مع اقتباس
  #40  
قديم 28-09-2006, 12:52 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

صفحات مجهولة

من تاريخ الحروب الصليبية

مجاهدون على الطريق

د. عماد الدين خليل

--------------------------------------------------------------------------------

منذ الأيام الأولى لوصول طلائع القوات الصليبية إلى مشارف الجزيرة الفراتية والشام، بدا أن ولاة الموصل السلاجقة سيلعبون دوراً حاسماً إزاء الخطر الجديد، نظراً لطبيعة موقعهم الحصين بعيداً عن الأخطار المباشرة للهجوم الصليبي، ولكونهم يمثلون حلقة الوصل المباشر بين القواعد السلجوقية التي يتلقون أوامر عنها، وبين الإمارات الإسلامية المنتشرة في الجزيرة والشام، والتي وقع على عاتقها عبء التصدي للهجوم الجديد. وكان من أبرز هؤلاء الولاة: آق سنقر البرسقي الذي حكم الموصل في الفترة بين 515 هـ (1121م) و 520 هـ (1126م)

شيء عن الرجل
في عام 515 هـ أصدر السلطان السجلوقي محمود أمره بتولية قائده الشهير آق سنقر البرسقي على الموصل وأعمالها، وكان الرجل قد عمل إلى جانب السلطان في معظم حروبه، وكان مخلصاً له، وقد لعب دوراً كبيراً في المعركة الفاصلة التي وقعت بين السلطان وأخيه مسعود، وقام بدور الوساطة بينهما بعد انتهاء المعركة.

وقد اتبع السلطان محمود التقليد المعروف لدى إعلان تولية أمير على الموصل، إذ أمره بجهاد الصليبيين واسترداد البلاد منهم، كما أوصى سائر الأمراء بطاعته، فسار البرسقي إلى الموصل على رأس جيش كبير، وأقام فيها بعض الوقت ريثما يدبر أمورها ويصلح أحوالها.

امتاز الرجل –أكثر من غيره- بالنشاط الدائب والحركة السريعة، فهو تارة في الشام يجاهد الغزاة، وتارة أخرى في بغداد وجنوبي العراق يقاتل الخارجين عن طاعة السلطان والخليفة العباسي، وتارة ثالثة على مشارف حلب مستجيباً لنداء أهلها بإنقاذهم من الأوضاع الاقتصادية والسياسية السيئة التي تردّوا فيها خلال تعرضهم للهجمات الصليبية، وقد استطاع البرسقي أن يكسب ودَّ الأمراء المحليين وعلى رأسهم طغتكين حاكم دمشق، كما اكتسب عطف الخليفة العباسي باشتراكه إلى جانبه في حروبه ضد الخارجين عليه، فضلاً عن أنه اكتسب محبة الأهالي سواء في الموصل حيث مقر ولايته، أم في المنطقة –بصورة عامة- حيث اشتهر كأحد قادة الجهاد ضد الغزاة.

كان البرسقي –كما يصفه المؤرخون- عادلاً، حميد الأخلاق، شديد التدين، محباً للخير وأهله، مكرماً للفقهاء والصالحين، وكان شجاعاً نال احترام وتقدير الخلفاء والملوك، ليِّناً، حسن المعاشرة، كثير الصلاة، عالى الهمة؛ وبذا أجمع معظم المؤرخين على أنه كان من خيار الولاة.

الصليبيون.. وإهانة كتاب الله

والحق أن أهم ما أنجزه البرسقي خلال فترة ولايته على الموصل هو استلامه شؤون الحكم في حلب وحله لمشاكلها وضمها إلى الموصل، الأمر الذي أتاح قيام وحدة بين البلدين كان لها أبعد الأثر في الصراع الإسلامي الصليبي.

كان الصليبيون قد شددوا هجماتهم على حلب والمناطق الزراعية المحيطة بها، وأنزلوا بها خسائر فادحة، وتولى الهجوم أميرُ أنطاكية والرها، ثم ما لبثوا أن فرضوا الحصار عليها من شتى جهاتها »ووطنوا أنفسهم –كما يقول ابن الأثير- على المقام الطويل، وأنهم لا يغادرونها حتى يملكوها، وبنوا البيوت لأجل البرد والحر«.

وتعدى الأمر ذلك إلى نبش قبور المسلمين وتخريب مشاهدهم.. ويحدثنا المؤرخ الحلبي ابن العديم أنهم أخرجوا جثث الموتى، وعمدوا إلى من لم تتقطع أوصاله منهم فربطوا الحبال بأرجلهم وسحبوهم أمام أنظار المسلمين المحاصرين في حلب، وراحوا يقولون: هذا نبيكم محمد! وأخذوا مصحفاً من أحد مشاهد حلب المجاورة ونادوا: يا مسلمون أبصروا كتابكم، ثم ثقبه أحد الفرنجة بيده وشدّه بخيطين وربطه بأسفل برذونه، فراح هذا يروّث عليه، وكلما أبصر الفرنجي الروث على المصحف صفق بيديه وضحك عجباً وزهواً!

لم يكتفِ الصليبيون بهذا بل راحوا يمثلون بكل من يقع بأيديهم من المسلمين، فاضطروا هؤلاء إلى مجاراتهم بالمثل، وأخذت جماعات من مقاتلي حلب تخرج سراً لتغير على معسكرات الأعداد، وترددت الرسل بين الطرفين للتوصل إلى اتفاق ولكن دون جدوى حتى ضاق الأمر بالحلبيين حيث قلّت الأقوات وانتشر المرض، واتبع أمراؤهم المتسلطون عليهم أشد الأساليب ظلماً وعسفاً، وحينذاك قرروا تشكيل وفدٍ يغادر حلب سراً إلى الموصل للاستنجاد بالبرسقي.

النجدة

كان البرسقي حينذاك (518 هـ) مريضاً، وكان الضعف قد بلغ منه مبلغاً عظيماً، فمنع الناس من الدخول عليه، وعندما استؤذن للوفد الحلبي بالدخول، أذن لهم، فدخلوا عليه واستغاثوا به وشرحوا له الأخطار التي تحيق بحلب ومدى الصعوبات التي يعانيها أهل المدينة، فأجابهم البرسقي: »إنكم ترون ما أنا الآن فيه من المرض، ولكني قد جعلت لله علي نذراً لئن عافاني من مرضي هذا لأبذلن جهدي في أمركم والذب عن بلدكم وقتال أعدائكم«.

ولم تمضِ ثلاثة أيام على مقابلته للوفد حتى فارقته الحمى وتماثل للشفاء، وسرعان ما ضرب خيمته بظاهر الموصل ونادى قواته أن تتأهب لقتال الصليبيين واستنقاذ حلب، وفي غضون أيام معدودات غدا جيشه على أهبة الاستعداد، فغادر الموصل متجهاً إلى الرحبة، وأرسل من هناك إلى طغتكين أمير دمشق وخير خان أمير حمص يطلب منهما مساعدته في إنجاز مهمته، فلبى هذان الأميران دعوته، وبعثا بعساكرهما للانضمام إلى جيش البرسقي الذي كان قد تحرك آنذاك صوب بالسس القريبة من حلب..

ومن بالسس أرسل البرسقي إلى مسؤولي حلب، وشرط عليهم –مسبقاً- تسليم قلعة حلب لنوابه كي يحتمي بها في حالة انهزامه أمام الصليبيين، فأجابوه إلى طلبه، وما أن استتب الأمر لنواب البرسقي، واطمأن الرجل إلى وجود حماية أمينة في حالة تراجعه، حتى بدأ زحفه صوب قوات الصليبيين التي تطوق حلب.

وصلت طلائع قوات البرسقي حلب يوم الخميس الثاني والعشرين من ذي الحجة سنة 518 هـ، وما أن اقترب البرسقي بقواته المنظمة حتى أسرع الصليبيون في التحول إلى منطقة أفضل من الناحية الدفاعية، فعسكروا في جبل جوش على الطريق إلى أنطاكية، وهكذا غدوا مدافعين بعد أن كانوا مهاجمين، وخرج الحلبيون إلى خيامهم فنالوا منها ما أرادوا، بينما اتجه قسم آخر منهم لاستقبال البرسقي لدى وصوله.

إصلاحات داخلية
وقد أدرك البرسقي ما يرمي إليه الصليبيون بانسحابهم واتخاذهم موقفاً دفاعياً، فلم يتسرع بمهاجمتهم قبل أن يعيد تنظيم قواته من جديد خوفاً من نزول هزيمة فادحة بعسكره قد تعرّض حلب للسقوط، وأرسل طلائعه الكشفية لرد الجيوش المتقدمة إلى معسكراتها في حلب، وقال موضحاً خطته هذه: »ما يؤمننا أن يرجعوا علينا ويهلك المسلمون؟ ولكن قد كفى الله شرهم، فلندخل إلى البلد ونقويه وننظر إلى مصالحه، ونجمع لهم إن شاء الله، ثم نخرج بعد ذلك إليهم«. ومن ثَم دخل البرسقي حلب وبدأ بحل مشاكلها ورفع مستواها الاقتصادي والاجتماعي، فنشر العدل وأصدر مرسوماً برفع المكوس والمظالم المالية وإلغاء المصادرات، وعمت عدالته الحلبيين جميعاً بعدما منوا به من الظلم والمصادرات وتحكم المتسلطين طيلة فترة الحصار الصليبي.

ولم يكتف البرسقي بذلك بل قام بنشاط واسع لجلب المؤن والغلال إلى المدينة كي يخفف من حدة الغلاء، ويقضي على الضائقة التي يعانيها الحلبيون. وما لبث النشاط الزراعي في منطقة حلب أن عاد إلى حالته الطبيعية، حيث استأنف المزارعون العمل في أراضيهم التي شردوا عنها، وساعدتهم الظروف المناخية في أراضيهم التي شردوا عنها، وساعدتهم الظروف المناخية، حيث هطلت مقادير كبيرة من الأمطار فأخصبت الأرض، كما عاد النشاط التجاري إلى عهده السابق اعتماداً على ما تمتعت به المنطقة من أمن واستقرار.

قيمة الانجاز
وهكذا استطاع البرسقي أن يحطم الطوق الذي أحاط به الصليبيون حلب، وأن يخلص هذا الموقع الهام من أخطر محنة جابهته طيلة الحروب الصليبية، ويوحده مع الموصل لأول مرة منذ بدء هذه الحروب، الأمر الذي أتاح لهذا القائد، ولعماد الدين زنكي من بعده، أن يفيد من هذه الوحدة لتحقيق انتصارات عديدة ضد الغزاة، ذلك أن حلب هي القاعدة الثانية في الشمال بعد الموصل، وهي الحصن الأخير الذي وقف بوجه الزحف الصليبي في المنطقة باتجاه الشرق، إذ كانت تتمتع بمركز استراتيجي حيوي من النواحي البشرية والعسكرية والاقتصادية وخطوط المواصلات، وبالرغم من وقوعها بين إمارتين صليبيتين هما الرها وأنطاكية، إلا أنه كان بإمكانها الاتصال بالقوى الإسلامية المنتشرة في الجزيرة والفرات والأناضول وشمالي الشام، مما يعد أساساً حيوياً لاستمرار حركة الجهاد وتحقيق أهداف حاسمة ضد العدو، هذا فضلاً عن عمق وتوثق الصلات الاقتصادية والجغرافية بين حلب والموصل منذ أيام الحمدانيين، ومن ثم تعتبر المدينتان مكملتين إحداهما للأخرى.

وكان مما يزيد في قيمة الاستيلاء على حلب، أنها بفضل موقعها على ثغر المسلمين ومعقلهم تجاه الغزاة، أضْفَتْ على أمير الموصل صفة المدافع عن الإيمان ضد الكفار، كما أن قوة الشعور الإسلامي يجعل من العسير على السطان السلجوقي أن يتخذ ضد أميراها إجراءً صارماً، يضاف إلى ذلك أن البرسقي، باعتباره ممثلاً للسلطان السلجوقي، صار له السلطة الشرعية الوحيدة بين الإمارات التي شكلها البرسقي والممتدة من نهر قويق إلى نهر دجلة نواة لما قام بعدئذ بالشام من دولة إسلامية متحدة زمن الزنكيين والأيوبيين والمماليك، ولم يكن الغزاة الذين وحّد بينهم نظام الملكية في بيت المقدس، يواجهون قبل ذلك سوى بلاد تنازعتها في الشام قوى عديدة وإقطاعات متفرقة زادت من ضعفها. وما حدث –إذاً- من توحيد حلب مع الموصل يعتبر بدء توحيد الجبهة الإسلامية التي قدر لها أن تقضي في يوم من الأيام على قوة الصليبيين في الشام.

بدء العمليات
لم يكن بوسع الميك بلدوين –بعد أن رأي ما حدث- سوى العودة إلى أنطاكية ومنها إلى بيت المقدس الذي غاب عنه مدة سنتين، إلا أنه لم يمكث هناك زمناً طويلاً، فقد كان البرسقي في نظره شديد الخطورة، إذ كان بوسعه أن يوحد المسلمين بشمال الشام تحت سلطانه، كما خضع لقيادته أميرا دمشق وحلب، وكان البرسقي –بعد أن أقرَّ الأوضاع في حلب- قد غادرها في مطلع عام 519 هـ صوبَ تل السلطان ومنها إلى حصن شيزر، وإذ حرص أميرها سلطان بن منقذ على أن يكون صديقاً لكل رجل عظيم الأهمية فقد سلمه رهائن الصليبيين الذي كانوا قد أودعوا لدى بني منقذ ريثما يتم تنفيذ بنود المعاهدة التي كانت قد عقدت بين الغزاة وأمراء ديار بكر، وقد أقام البرسقي في أرض حماة أياماً لحين وصول طغتكين على رأس قواته، وحين ذلك رحل البرسقي على رأس جيش مؤلف من القوات الإسلامية المتحالفة وهاجم حصن كفر طاب الذي كان بحوزة الغزاة وتمكن من الاستيلاء عليه في مطلع ربيع الآخر حيث وهبه لحليفه أمير حمص الذي كان قد التحق به، ثم حاصر »زردنا« فعجل الملك بلدوين في المسير نحو الشمال وقاد جيوش طرابلس وأنطاكية والرها لإنقاذها، فتحول المسلمون إلى عزاز التابعة لجوسلين وشددوا هجومهم عليها، وتمكنوا من إحداث ثغرات في قلعتها، إلا أن قوات بلدوين ما لبثت أن أدركتهم هناك حيث دارت في السادس من ربيع الآخر معركة عنيفة، وإذا استند المسلمون إلى تفوقهم العددي حاولوا الاشتباك مع خصومهم وجهاً لوجه، غير أنه كان لهؤلاء من التفوق في السلاح والقوة الضاربة ما لم يطق المسلمون مقاومته فحلّت بهم الهزيمة، وقتل منهم عدد كبير. واستطاع بلدوين أن يجمع من الغنائم الوفيرة التي حصل عليها مبلغ ثمانين ألف دينار الذي كان يدين به لافتداء الرهائن، فاستلمه البرسقي، وأعاد الرهائن، كي يتقوى به على عدوِّه ويعيد حشد قواته من جديد، وما لبثت الهدنة أن عقدت بين البرسقي والصليبيين، وقفل عائداً إلى الموصل بعد أن أبقى في حلب حامية عسكرية.

استئناف الصراع
لم يكن الاتفاق بين البرسقي وخصومه نهائياً، نظراً لأن الغزاة لم يحترموا ما اتفقوا عليه من قبل من الشروط، ويذكر المؤرخ الحلبي ابن العديم أن الصليبيين أخذوا يمنعون فلاحي المسلمين من جني ثمارهم ومحاصيلهم وفق ما نصّت عليه شروط الهدنة.

وفي مطلع ربيع عام 520 هـ (1126م) قام بونز أمير طرابلس بمهاجمة حص رفينة الذي كان هدفاً للصليبيين منذ أن استرده منهم أمير دمشق عام 499 هـ، والذي كان يتحكم في المنفذ المؤدي إلى البقيعة من جهة وادي نهر العاصي، ونهض بلدوين ملك بيت المقدس لمساندته، وخرج صاحبه »شمس الخواص« طالباً البرسقي مستصرخاً به، لكن ولده ما لبث أن قام بتسليم الحصن للغزاة بعد حصار دام ثمانية عشر يوماً، وكان الاستيلاء على هذا الحصن ذا أهمية بالغة عند الصليبيين لا لأنه كفل الأمان والسلامة لطرابلس فحسب، بل لأنه أمّن أيضاً طرق الاتصال بين بيت المقدس وأنطاكية، ومن ثم توجه الغزاة إلى حمص وهاجموا المناطق المحيطة بها وخربوا مزارعها، ولم يغادروا المنطقة إلا بعد أن أدركتهم القوة التي بعث بها البرسقي بقيادة ابنه مسعود لنجدة صاحب حمص، وخلال ذلك أعاد المصريون بناء أسطولهم الذي أقلع سنة 520 هـ من الاسكندرية وأغار على الساحل الشامي، ولما سمع البرسقي بذلك أعد خطته على أن يقوم أثناء إغارة الأسطول المصري بهجوم من الشمال، فحشد جيشاً كبيراً وتوجه إلى أنطاكية بقصد نجدة صاحب »رفينة« والواقع أن المصريين أدركوا بعد أن حاولوا القيام بغارة على أرباض بيروت، كلَّفتهم خسائر جسيمة، أن المدن الساحلية مشحونة بحاميات قوية، فلم يسعهم إلا العودة، أما البرسقي فقد سلك طريق »منبج« التي كانت مزارعها وقراها قد تعرضت دوماً لغارات جوسلين أمير الرها، فدارت المفاوضات بين البرسقي وجوسلين لعقد هدنة أخرى على أن تكون الضياع ما بين عزاز وحلب مناصفة بين الطرفين وأن يكون القتال بينهما على غير ذلك.

اتجه البرسقي –بعد أن أمن جانب جوسلين- صوب »الأثارب« وحاصرها في جمادى الآخرة 520 هـ وأرسل فرقة من قواته إلى حصن الدير فأذعن لها، وقامت جيوشه بجمع غلال العديد من مزارع العدو وإرسالها إلى حلب، وعلى الرغم من أن قوات البرسقي استولت على السورين الخارجيين للأثارب، إلا أنها لم يتيسر لها الاستيلاء على المدينة لمبادرة ملك بيت المقدس لإنجادها حيث انحاز إليه الأمير جوسلين، ورغبة منهما في تجنّب الاشتباك مع البرسقي أرسلا إليه قائلين: »ترحل عن هذا الموضع ونتفق على ما كنا عليه في العام الخالي ونعيد (رفينة) عليك«.

ولم يشأ البرسقي –من جهته- أن يمضي في الحرب كيلا يتعرض المسلمون لما تعرضوا له من قبل في عزاز، فقرر عقد الصلح مع الصليبيين، غير أن بلدوين لم يلبث –بعد أن جلا البرسقي بقواته عن الأثارب- أن أنكر ما سبق أن عرضه على البرسقي من شروط الصلح وأهمها إعادة (رفينة) إلى المسلمين، بل إنه طالب ببلاد جديدة فلم يقبل البرسقي ذلك وأقام فترة في حلب ترددت الرسل أثناءها بين الطرفين دون أن تسفر عن نتيجة، كما أن الغارات التي نشبت بينهما عقب ذلك لم تأت بطائل، فرجع بلدوين إلى القدس في رجب، وتوجه البرسقي إلى حلب يصحبه طغتكين حاكم دمشق الذي كان قد التحق به قبيل ذلك عند قنسرين، إلا أنه ما لبث أن مرض وأوصى إلى البرسقي قبل أن يغادر حلب متوجهاً إلى دمشق، الأمر الذي يشير إلى مدى ثقته وتقديره للبرسقي الذي لم يأل جهداً في مقاومة الغزاة، وبعد أن أناب البرسقي ابنه عز الدين مسعود في حلب، قفل راجعاً إلى الموصل.

تعبيد الطرق
ما من شك في أن هزيمة البرسقي غير المتوقعة في عزاز، هي التي قلبت ميزان القوى في المنطقة ووضعت جداراً صلباً أمام مطامح البرسقي الذي كان يأمل –بعد ضم حلب إلى إمارته- أن يحقق للمسلمين انتصارات حاسمة ضد أعدائهم، وأن يسعى لتهديد إماراتهم في الشمال بعد أن يوجه ضربات قوية لجيوشهم هناك، وهكذا جاءت كارثة عزاز لتنحرف بحركة البرسقي عن هدفها المرسوم، إلا أن قادة الصليبيين لم ينسوا –رغم ذلك- أن البرسقي سيظل يشكل خطراً على وجودهم، إذ أدركوا ما تمنحه إياه سيطرته على حلب وقيادته لقوى المسلمين في الشام، من إمكانية متجددة لإعادة الكرة عليهم، ومن ثم اقتنع كل من الطرفين بمنطق التهادن والمحالفات والسعي لتجنب أي اشتباك قد يجر وراءه صراعاً طويلاً لم تكن للطرفين رغبة جادة في خوضه نظراً لاعتقادهما بعدم جدواه، ولئن كان البرسقي قد أضاع الفرصة إثر هزيمة عزاز، فإنه فتح الطريق ولا ريب –بضمه حلب إلى الموصل- أمام عماد الدين زنكي الذي جاء بعد سنتين لكي يصفي الحساب مع الغزاة.

نهاية الرجل
لم يلبث البرسقي، بعد أيام قلائل من دخوله الموصل، أن اغتيل على أيدي الباطنية الذي كانوا قد تولوا حملة اغتيالات واسعة النطاق لكبار الشخصيات الإسلامية، بسبب الخلافات المذهبية، وقد بلغت هذه الحملة أوجها في القرن السادس الهجري، وكانت الباطنية تشكل –إذاً- مصدر الخطر الوحيد ضد البرسقي، وقد عرف هو ذلك منذ البداية، فكان على غاية من التيقظ لهم والتحفظ منهم، وكان يحيط بنفسه بعدد كبير من الحرس المسلمين الذين كانوا دائماً على أهبة الاستعداد، كما كان يلبس درعاً من حديد، وقد جهد في الحد من خطر الباطنية عن طريق التصدي لهم واستئصال شأفتهم وتتبعهم في كل مكان، وقد تمكن من قتل عدد منهم.

ورغم كل هذه الاحتياطات والاجراءات تمكن الباطنية الذين تمرسوا على الاغتيالات من بغيتهم. ففي التاسع من ذي القعدة سنة 520 هـ توجه البرسقي إلى الجامع العتيق في الموصل لأداء صلاة الجمعة، وقصد المنبر، فما دنا منه وثب عليه ثمانية أشخاص متزيين بزي الزهاد وأثخنوه ضرباً وطعناً، بعد أن تمكن وحراسه من قتل بعضهم، ثم حمل جريحاً ومات في نفس اليوم، وتم قتل جميع من اشترك في الاغتيال فيما عدا واحداً منهم تمكن من الهرب إلى الشام.

وكان البرسقي قد رأى في منامه –في الليلة الفائتة- بأن مجموعة من الكلاب السوداء هاجمته، وقصّ رؤياه على أصحابه فأشاروا عليه بعدم الخروج من داره أياماً، ولكنه رفض اقتراحهم وقال: لا أترك صلاة الجمعة لشيء أبداً.. وكان من عادته أن يحضر صلاة الجمعة مع سائر الناس.

ويُلقي العماد الأصفهاني ضوءاً على الدوافع المباشرة لاغتيال البرسقي، إذ يشير إلى العداء المستحكم بينه وبين (الدركزيني) الباطني وزير السلطان السلجوقي محمد، الذي عمل جاهداً ليقنع السلطان بعزل خصمه فلم ينجح في مسعاه، فاتفق مع الباطنية على اغتياله. وموقف الدركزيني يقودنا إلى موقف الباطنية العام من زعماء المقاومة الإسلامية، هذا الموقف الذي تميّز بالعداء الجارف والرغبة في الانتقام، الأمر الذي كان له أسوأ الأثر على مجرى الصراع بين المسلمين والغزاة.[1]

ومن عجب –يقول المؤرخ ابن الأثير-: أن أمير أنطاكية الصليبي أرسل إلى عز الدين مسعود يخبره بقتل والده قبل أن يصل الخبر إليه شخصياً! وكان قد سمعه الفرنج قبله لشدة عنايته –أي أمير أنطاكية- بمعرفة الأحوال الإسلامية!

لكن ألا يلقي هذا النبأ ظلاً من شك حول إمكانية حدوث اتفاق مسبق بين الباطنية والصليبيين لاغتيال المجاهد المسلم، لا سيما وأن قتلته ربما كانوا –كما يذكر المؤرخ الحلبي ابن العديم- قوماً من أهل حماة القريبة من معاقل الصليبيين؟ كيفما كان الأمر، فإن مقتل البرسقي أصاب المسلمين عامة والموصل خاصة بخسارة فادحة حيث فقدوا باغتياله والياً من نوع ممتاز، فلا غرو أن يحزنوا عليه ويأسفوا لفقده ويستدعوا ابنه عز الدين مسعود ليحل محله.

وأغلب الظن أن البرسقي كان الوالي الوحيد للموصل، منذ بدء عهد الولاة عام 489 هـ وحتى تولي عماد الدين زنكي عام 521 هـ، الذي لم يطمح إلى مخالفة السلطان السلجوقي والاستقلال عن سلطته بحكم حبه له وإخلاصه لوحدة الدولة السلجوقية إزاء التفتّت والانقسام.

مجلة الأمة – العدد 16- ربيع الآخر 1402 هـ
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
@صدر المجالس@( لاخير بعنصريه على رفيق الدروب) أنور الخريصي مجلس الشعر النبطي 4 04-11-2005 11:06 PM
بشارة المجاهدين-القائم:عشرات المارينز وطائرتين و15آليـة..الجيوش تنهكهم saad المجلس السياسي 1 10-10-2005 08:34 AM

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 07:54 PM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع