اتركوا لي قلمي وحبري

[أبو مسعود]

ربما تسلب الغربة الأحباب اللقاء
وربما البعد يباعد بين الأصدقاء
ولعل القلب ينبض بعيداً عن قلوب الأوفياء
وقد يضيق الصدر بعدما كان رحباً لوداع الأصفياء
أو لنقل قد يكون ما نستنشقه من هواء لم يعد فيه نقاء
لأننا باختصار لم تخالط أنفاسنا أنفاس أولئك العظماء
عظماء الحب في عصر الجفاء خذو مني كل شيء
كل ما أملك من مال وتاريخ وشهادات ارتقاء ؟؟؟

لكنني أرجوكم أن تتركوا لي ورقي ومحبرتي
كي أسطر ما مضى من ذكرياتي الجميلة
كي أعيش عليها في حياتي القادمة ...

سأكتب أحرفي شامخةً وأرسم كلماتي مبجلةً
تزخرفها أسماء من أحب في عالمي الماضي
ومن سأعيش من أجلهم في مستقبلي دون لقاء .

سوف أكتب من هم أحبتي
ومن هم أعضاء من جسدي
ومن أحس أن إخلاصهم يسبح في دمي
يتدفق عبر أنفاسي ويطرب بذكرهم فمي خذوا ما تريدون مني
ولكن دعوا لي يدي
لأن فيها أناملي وفيها عزف أسطري
وصفحات مجدي وانتصاري وتاريخ محبتي ..

خذوا كل شيئ ولكن دعوا لي رأسي
لا تقطعوه لأن فيه عقلاً
يحفظ أثمن ما في الوجود
من جمال ووفاء حينما أتذكر كل أحبابي
وحياتي وسمو همتي في عالم الأحبابفي
قصر المحبة عالياً كعلوها تلك السماء..
خذوا كل شيئ واتركوا لي قلبي ينبض
كي يخرج صوت رنيم من شرايين دمي
كأجمل أوتار الموسيقى
التي غنت وما زالت تغني لغد
ألقى فيه أيام قد مضت من حياتي
لست أدري أهي حقيقة
أم ضرب من حلم ولى وأصبح في دائرة هباء ..

خذوا كل شيئ أملكه
واتركوا لي سمعي وأذني
لعلني أسمع يوماً متصلاً أو هاتفاً
يرسل تباشير نبرات صوت
من حبيب غائب أو محب هاجري
يرحمني فيعود كي يعيد معه خاطري
ويوقف عند حده قسوة دمعي والبكاء ..

لا تتركوني دون حبر أو ورق
ويا حبذا لو أهديتموني طير زاجل
يوصل كتاباتي لمن أحب
إن كان ولا بد بأيديكم سجني
ومن قسوة ساجني سوف أستمد الكبرياء ..

ورق أبيض لا أرضى غيره لون
لأنه لوني المفضل حيث اعتدت عليه
لأنه يذكرني بلون قلوب
عشت معها طويلاً
دونما أن ينكت فيها نقطة واحدة من لون أسود
أو حتى رمادي أو حتى صفرة رغم مكر الحاقدين أو الدهاء ...

وأريد حبراً سحرياً لا يبصره
إلا من له كلماتي أهديها
وأرسلها إلى داخله لا لغيره من البشر
لأنني واثق أن لن يفهما غيره أبداً
ولن يبصرها غيره حتى وإن حاول فك لغزها كل أرباب العلماء ..
حبر وورقمن يصدق يوماً أنها تكون أحياناً أغلى من البشر
أغلى من أناس كالغجر
أغنى من نفوس ليس تنشد غير الضجر
أغنى من قلوب هي أقسى من الحجر
ترى هل تصدقون يوماً أن يكون ذلك ؟
قد يكون في عالم أصبح يزخر بالجبناء ..

حبر وورق
من حفظ التاريخ الجميل سواهما
ومن يذكرنا بمن نحب غيرهما
ومن يسعدنا حينما نشتاق لكلمات
تعيد لنا الراحة
غيرهما وفيهما نبصر السعد ونخط بهما أنشودة السعداء ..

حبر وورق
هما صديقان وفيان وأيما وفاء
صادقان وأيما صدق منهما
في زمن بات يأتي الصدق بالتوسل والرجاء ..

يا أيها السيدات والسادة
في هذا الكون الحبر في هذه الأيام
ماء يعيد في داخلنا الحياة والورق خبز يصبرنا على البقاء ...



وعلى المحبه نلتقي


مكسور الخاطر