تقول صاحبة الحكايـــــــــة
تعرفت بزوجي في الدائرة الحكومية التي توظفت بها، كان طيباً يحبه الجميع ومؤدباً وخلوقاً ومثقفاً ووسيماً ومن عائلة ميسورة، كان يعامل الجميع باحترام شديد بدءا من الفراش مرورا بالبواب وصولا إلينا نحن الموظفين الجدد وما هي إلا فترة قصيرة حتى عيّن مديراً عاماً فرح الجميع له ومن بينهم انا فقد كنت من أشد المعجبات بشخصيته القوية ورقته المتناهية كان لا يعاملني معاملة خاصة لكنني كنت أشعر بأنني مميزة عنده وبإحساس المرأة شعرت عدة مرات بارتباكه عندما أكون قريبة منه. ولم يخب ظني، إذ طلبني مرة إلى مكتبه وقال لي من دون ان ينظر مباشرة في عيني: آنسة طيف هل استطيع ان أسألك سؤالاً شخصياً لو سمحت لي وطبعاً انت حرة لو لم يعجبك سؤالي ان تقولي لي لا دخل لك فلن أزعل صدقيني؟ ابتسمت وقلت له: لا بأس تفضل اسأل، قال: هل أنت مخطوبة أو هناك أحد ما في حياتك؟ ارتبكت وجاوبته بخجل قائلة بصوت متقطع وشبه مسموع: لا، لا شيء من الذي قلته، فشعرت أنه ارتاح قليلاً إذ نظر إلي وقال: أنا معجب بك منذ ان رأيتك في المرة الأولى لكنني بطبعي لا أحب اللف والدوران حول الموضوع لذا سألتك من دون مقدمات إذا كنت مرتبطة أو لا، والآن بما أنك لست كذلك هل استطيع ان أزوركم في المنزل وأتشرف بالتعرف إلى أهلك وأخطبك منهم هذا طبعاً بعد موافقتك؟ هنا فعلاً شعرت بأنني سوف أقع أرضاً فجلست على الكرسي متمتمة أنا.. أنا.. يا الله ما بي كالغبية أردد الكلمة مائة مرة، انه الرجل الذي تحلم به جميع الفتيات، هيا تكلمي وإلا اعتقد انك لا تريدينه، فقلت أخيراً: سوف أكلمهم وعسى يكون خيراً قال: متى تكلمينهم اليوم؟ ضحكت بيني وبين نفسي، وقلت حسناً إن شاء الله اليوم.
وصلت إلى المنزل وأنا أكاد أطير من الفرح فقالت لي شقيقتي: خير إن شاء الله أراك سعيدة جداً اليوم، هل تمت ترقيتك عندما اكتشفوا نبوغك وقالوا ان اينشتاين جديداً قد ولد في العالم؟ قلت لها: لا بل سوف أصبح زوجة رجل ذكي للغاية لأنه وبكل تواضع اختارني من بين جميع الفتيات لأكون شريكة حياته الحمد لله لن أصبح عانساً، آخ.. انه لساني الذي يسبقني إنني فعلا طائشة ولا أفكر بكلامي قبل ان أقوله فشقيقتي تخطت الثلاثين بأعوام ومر وقت طويل على آخر شاب طرق باب منزلنا لأجلها، تداركت الأمر وقلت لها: سامحيني لا أقصدك لأنك ما زلت شابة، فقالت: لا بأس يا حبيبتي فأنا تعودت على أن أسمع مثل هذا الكلام كثيراً ولم يعد يهمني الأمر، وأعلم انك لا تقصدينني، دعك من موضوعي الآن وأخبريني عن تعيس الحظ الذي لا يعرف سلاطة لسانك هذا، ضحكت وقلت لها سوف أخبرك كل شيء أمام والدتنا حتى لا أكرر الموضوع وفعلاً جلسنا وبدأت أخبرهما عنه وعن أخلاقه، فقالت والدتي: ما اسمه فقلت لها مبارك ولد فلان وإذا بعينيها تتجهان صوب شقيقتي التي وقفت وصرخت من؟ أمتأكدة أنت من الاسم؟ كم يبلغ من العمر قلت لها في الثلاثينات، قالت: صفي لي شكله، وعندما فعلت وأنا كالبلهاء لا أفهم شيئاً إلا أنهما تحققان معي بطريقة غريبة، جلست شقيقتي من جديد على الكرسي ووضعت رأسها بين يديها وأخذت تبكي، أسرعت أمي إليها تحضنها وتقول: اهدئي يا ابنتي، فقلت: هل تخبرني إحداكما ماذا يجري؟ هل تعرفان مبارك أم ماذا؟ قالت والدتي: حسبي الله ونعم الوكيل انه يا ابنتي السبب في بقاء شقيقتك في المنزل من دون زواج، خطبها بعد ان أحبها وأحبته منذ الصغر، فأهله كانوا جيراننا قبل ان ينتقلوا من حينا وسافر إلى بريطانيا ليكمل دراسته بعد أن عقد قرانه عليها، على أن يعود في فصل الصيف ليتزوج بها ويصطحبها معه لكنه كلما أتى يقول لنا لم استطع ان أترك أمريكا أكثر من عدة أيام فأنا متأخر في مواد كثيرة، في المرة المقبلة نتزوج وظل يماطل مدة عامين وشقيقتك تنتظره فقد كانت تحبه جداً إلى ان جاء يوم ووصلتها ورقة طلاقها بواسطة البريد السريع، هكذا دون مقدمات أو أعذار وقام بتبديل مكان إقامته وأرقام هواتفه ولم نعلم عنه شيئاً لغاية الآن، صدمت وقلت لكنني لم أسمع عنه أبداً، قالت شقيقتي: كنت صغيرة وقتها وأخذت عهداً على نفسي ألا انطق باسمه ما دمت حية، توجهت بهدوء إلى غرفتي واتصلت به فقال: هيا، بشري فقلت له أود ان أطرح عليك عدة أسئلة قبل أن أخبرهم أليس من حقي أن أسألك؟ فقال: طبعاً اسألي، قلت: كيف حصل انك لم تتزوج لغاية الآن فأنت لست صغيراً ألم تحب قط؟ قال: أبداً لم تعجبني أي فتاة لدرجة ان أتقدم للزواج بها، أنت أول فتاة تلفت نظري وتحرك مشاعري، هيا انتقلي إلى السؤال التالي. قلت: أتعرف فتاة اسمها فاطمة ابنة فلان؟ صمت طويلا قائلاً: من أين تعرفينها قلت له أنا أسكن في حيّهم وأعلم أخبارهم، قال: إنهم عائلة لا يشرفني ان ارتبط بابنتهم لأنهم دون مستواي لذلك اكتشفت بعد ان خطبتها انني تسرعت لذا تركتها، قلت أليس من العيب يا أستاذ يا محترم ان تتكلم عن الناس بالسوء؟ قال وما همك بالموضوع؟ أنت مختلفة عنهم انسي أمرهم وفكري في موضوعنا فأجبته: لست موافقة على الارتباط بك لأنك تكبرني كثيراً بالسن أولاً وثانياً لا يشرفني ان أتكلم معك مجرد كلام وعلى فكرة انظر جيدا لاسمي الثلاثي غداً وسوف تعلم عندئذ من أنا.
21-03-2006, 11:44 AM
دارت الأيام
العرض العادي
المواضيع المتشابهه
