مجالس العجمان الرسمي


مجلس الدراسات والبحوث العلمية يعنى بالدراسات والبحوث العلمية وفي جميع التخصصات النظرية والتطبيقية.

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 12-10-2009, 09:58 AM
الصورة الرمزية حفصة
حفصة حفصة غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
الدولة: هناك في إحساسي ~
المشاركات: 410
معدل تقييم المستوى: 15
حفصة is on a distinguished road
:0015: الحرب النفسية !

الحرب النفسية





شهد العالم خلال هذا القرن، طفرات وثورات تكنولوجية هائلة، سواء في مجالات، الاتصال والمعلومات، أو نُظُم التسليح، واكبتها تطورات بالغة الأهمية والخطورة في مجال العلوم الإنسانية، خاصةً فيما يتعلق بالظواهر السلوكية (اجتماعيه ـ نفسية ـ سياسية )، سواء في النظرية أو التطبيق، والتي تعني، بشكل محدد، استغلال نتائج ومردود ذلك التقدم وتوظيفه لمصلحة مفاهيم تطبيق العلوم المتعلقة بالظواهر الإنسانية والسلوكية وأُسُسها ووسائلها وأساليبها، والتي من أبرزها المفهوم الشامل للعمليات النفسية.



والقادة العسكريين على مر العصور، وكافة المستويات، يضعون العامل والعمليات النفسية كبُعد وقوة في ميادين الحرب، يتم التخطيط والتطوير في استخدامها لسرعة حسم العمليات العسكرية والمعارك والوصول إلى النصر النهائي بأقل القليل من الخسائر البشرية.



وأفلاطون في مقولته عن الروح المعنوية: "إن أسوار المدينة لا تبنيها الحجارة ". أشار إلى أن الإرادة والروح المعنوية العالية، هي الدافع والحافز للإنسان للبناء وليس الجماد.



وهنا، يجب ألا نغفل عن المعادلة الإلهية لقوى الدولة الشاملة، التي تجلت في قوله تعالى (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَءَاخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ) (سورة الأنفال: الآية 60)، فهي توجيه وتعريف إلهي متكامل الأركان بمفهوم العمليات النفسية الشاملة لِمَا له من تأثير فعال ومباشر على باقي قوى الدولة .



والعمل النفسي يحمل معنى قديم، فقد لجأ إليه كثير من عظماء القادة السياسيين والعسكريين والزعماء على مر العصور، إما بشكل فطري عفوي، أو كأحد قدرات وسمات نظرية الرجل العظيم , واستخدمت فيه الوسائل والإمكانيات والأفكار غير المألوفة في ذلك الزمان، إذ استخدمت الخداع والمفاجأة وغيرها.



أمّا المفهوم الحديث للعمل النفسي، فهو يُعالج موضوع مستمر مخطط أكثر شمولاً واتساعاً. فهو يتضمن كل عمل يسعى إلى التأثير على أفكار ـ آراء ـ اتجاهات ـ انفعالات وعواطف الفرد والجماعات لتوجيه سلوكه/ سلوكياتهم، التوجه المطلوب والذي يندرج تحته كل الأنشطة المسؤولة عن التأثير على الرأي العام الداخلي والخارجي، ومسؤولي ومؤسسات متخذي القرار في الدول والمنظمات الدولية المخططة وهو مفهوم يستوعب، كذلك، كل المؤسسات التي تعمل في إطار المؤسسات الإعلامية المتنوعة وعديد من مؤسسات نُظم الحكم مثل الخارجية والدفاع والاستخبارات وغيرها إن اقتضت الحاجة.



وانطلاقا من هذا المفهوم الواسع الشامل، وإدراكا لأهمية وفاعلية العمليات النفسية، صعَّدت الدول المتقدمة العمل النفسي إلى مستوى الأمن القومي من منظوره الشامل، واعتبرت القدرات النفسية إحدى ركائز وقدرات الدولة الشاملة، وهي بذلك، عظمت أهمية وضع سياسات وإستراتيجيات نفسيه لتحقيق الأهداف والغايات القومية والمحافظة على المصالح خارج حدودها القومية بالتنسيق مع باقي السياسات والإستراتيجيات التخصصية الخارجية، والداخلية والاقتصادية، والعسكرية، والاجتماعية إدراكاً منها بقدرة العمل النفسي على استيعاب التطورات العملية والمتغيرات العالمية حتى صارت تمثل بعداً مهماً في مفهوم الأمن القومي الشامل لا يمكن إغفاله.





نشأة وتطور العمليات النفسية




أودع الله النفس البشرية بعد أن خلقها العديد من الغرائز، ومنها التنافس الذي نجم عنه أول حادثة قتل في التاريخ، والتي كانت إيذاناً بقيام النزاعات والحروب بين البشر، بدأ الإنسان يبحث عن كل ما يمكنه من الغلبة، ثم طمح إلى الوسيلة التي يستطيع بها أن يتغلب على عدوه بشكل مستمر وحاسم، وبأدنى ثمن، فتوجهت جهود الإنسان ودراساته إلى العمق، إلى منبع الصراع ودافعه وباعثه، والإرادة التي تحركه وتديم أمده، وتبعث الهمم من مراقدها، فكان ما أطلق عليه الإنسان العمليات النفسية ولا تختلف العمليات النفسية ـ وإن تعددت مسمياتها "من حرب باردة، وحرب سرية، وحرب أعصاب، وحرب فكرية .. إلخ" ـ في شكلها الحالي عما كانت عليه من قبل إلا في الوسيلة والتطبيق، وإن ظل هدفها هو التأثير في نفسية العدو والقضاء على معنوياته.








أولاً: مفهوم العمليات النفسية




1. تعريف العمليات النفسية




هناك العديد من التعاريف للعمليات النفسية، إلا أن أكثرها لا يزال يكتنفها ـ حتى الآن ـ الغموض وعدم التحديد". ويعود السبب في ذلك إلى أن بعض الكتاب لا يزالون يربطون بين العمليات النفسية والعمليات العسكرية.

وعُرِّفت العمليات النفسية أول ما عُرِّفتْ في ملحق معجم ويبستر الدولي الجديد للغة الإنجليزية عام (1941م). وقد اعتُرِفَ بالتعبير في الأيام الأولى من الحرب العالمية الثانية، وحظي التعبير باعتراف سريع نسبياً في خلال النزاع الذي كان قائماً في أوروبا وفي آسيا. وبعد تورط الولايات المتحدة والأمم المتحدة في النزاع المسلح في كوريا عام (1950م)، وبعد أن افتتح الرئيس (ترومان) الحملة الاستراتيجية الأمريكية الكبرى المسماة (حملة الحقيقة) دخلت هذه التسمية تدريجياً في مجال المناقشات العامة، (في مناقشة الكونجرس الأمريكي وفي الصحف) وذلك عند وصف الأنشطة التي كانت تقوم بها أجهزة الحكومة الأمريكية والتي كانوا يطلقون عليها قبل ذلك اسم (استعلامات ما وراء البحار).





ويعرف أحد القادة العسكريين الجنرال (مارك كلارك) العمليات النفسية بقوله: "هي أي عمل من شأنه أن يجبر العدو على أن يحوِّل رجاله وعتاده من الجهة النشطة، وتجعله يقيد رجاله وأسلحته استعداداً لصد هجوم لن يأتي". ويتضح من هذا التعريف أن مهمة العمليات النفسية الأساسية هي فرض إرادة مستخدمها على إرادة العدو بغرض التحكم في أعماله بطرق غير الطرق العسكرية، ووسائل غير الوسائل الاقتصادية، ولذلك فهي من أسلحة الحرب الحديثة الموجهة ضد (الفكر) والعقيدة والشجاعة، وضد الرغبة في القتال. وهي حرب دفاعية هجومية وذلك لأنها تحاول أن تبني معنويات الشعب والجنود بينما تحطم في الوقت نفسه معنويات العدو.




وتعريف (بول لينبارجر) في كتابه المعروف "الحرب النفسية، والذي عرفها فيه بمعناها الضيق: "أنها استخدام الدعاية ضد العدو مع إجراءات عملية أخرى ذات طبيعة عسكرية، أو اقتصادية، أو سياسية مما تتطلبه الدعاية"، ثم يعرف الدعاية بأنها: "استخدام مخطط لأي شكل من أشكال الإعلام بقصد التأثير في عقول وعواطف مجموعة معادية أو محايدة أو صديقة، وذلك لتحقيق غرض استراتيجي أو تكتيكي معين".

أما بالمعنى الواسع فقد عرفها بأنها: "تطبيق لبعض أجزاء علم النفس لمعاونة المجهودات التي تبذل في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية".





ولعل التعريف الآتي هو الأكثر تداولاً بين المراجع وأكثر وروداً في الكتب، ويكاد يكون متفقاً عليه بين غالبية من كتبوا في المنطقة عن العمليات النفسية... فقد أورده كل من الدكتور (حامد عبدالسلام زهران) والدكتور (مختار التهامي)، واللواء (جمال الدين محفوظ)... وغيرهم وفيه أن العمليات النفسية هي: "استخدام مخطط من جانب دولة أو مجموعة من الدول في وقت الحرب أو في وقت السلام، لإجراءات إعلامية، بقصد التأثير في أداء وعواطف ومواقف وسلوك جماعات أجنبية معادية أو محايدة أو صديقة بطريقة تساعد على تحقيق سياسة وأهداف الدولة أو الدول المستخدمة".






2. مصطلحات العمليات النفسية




يعتبر مصطلح العمليات النفسية هو الأشهر والأكثر تداولاً بين المصطلحات المستخدمة في بحث هذا الموضوع، ولكننا قد نجد في المراجع والدراسات والبحوث التي تناولت هذا الموضوع مصطلحات أخرى, وفيما يلي بعض من هذه المصطلحات:




أ. الحرب الباردة.

ب. حرب الأفكار.

ج. النضال من أجل الحصول على عقول الرجال وإرادتهم.

د. الحرب من أجل السيطرة على عقول الرجال.

هـ. حرب الفكر.

وهذه المصطلحات الخمس وظيفية، تصف دور العمليات السيكولوجية في العلاقات الدولية وهي عمليات ديناميكية فعلاً. ويبدو أن مجال الحرب الباردة أوسع، فهناك افتراض أن الحرب الباردة تشن بكل الوسائل باستثناء العمل العسكري الهجومي المباشر الضخم.

و. الحرب الأيديولوجية أو العقائدية. وهي تصف الجانب الأيديولوجي من هذا النشاط، وقد يكون لها معنى وظيفي ينطبق على الصراع بين العالم الشيوعي والعالم الغربي، ومعنى منهجي يشير إلى التكتيكات المستخدمة لمواجهة هذا الصراع.

ز. حرب الأعصاب. هو اصطلاح سيكولوجي ضيق، ونظراً لأنه ينطوي على زيادة التوتر بشكل متعمد، فإنه يقتصر عادة على المعلومات الموجهة ضد العدو في فترة الاشتباكات المباشرة.

ح. الحرب السياسية. وهذا أساساً اصطلاح بريطاني، استخدم لتأكيد فكرة وجود علاقة بين كل وسائل السياسة (مثل الدبلوماسية، الاقتصاد، السلاح... إلخ) في زمن الحرب، وهو يقترب من معنى الحرب السيكولوجية بمعناها الواسع.

ط. المعلومات الدولية.

ي. المعلومات عبر البحار.

ك. الحملة من أجل الحقيقة.

وهذه المصطلحات الثلاثة تنطبق على عمليات نشر الحقائق والمعلومات دولياً لمواجهة المعلومات المعادية.

ل. الدعاية الدولية.

م. الدعاية.

ن. الحرب الدعائية. وهذه تشير إلى استخدام الرموز، للتأثير على سلوك الجماهير حيال القضايا الدولية التي تختلف حولها وجهات النظر.

س. حرب الكلمات.

ع. العدوان غير المباشر. وهو اصطلاح واسع ينطوي على مفاهيم التخريب وقلب نظام الحكم، وأيضاٍ المعلومات والدعاية لأهداف عدوانية.

ف. التحريك أو الإثارة. هو اصطلاح سوفيتي أساساً، يستخدم لوصف الدعاية بين الجماهير العريضة لتمييز ذلك النشاط عن الدعاية الموجهة للصفوة.

ص. الاتصال الدولي. يستخدم إلى جانب معناه الفني الصرف للإشارة إلى من يقول ماذا وبأي تأثير في العلاقات الدولية.









ثانياً: نشأة وتطور العمليات النفسية






1. العمليات النفسية في العصور القديمة




أ. العمليات النفسية عند الفراعنة

لقد عرف الفراعنة الصحافة وظهرت عندهم جريدة القصر، والتي تحدث عنها المؤرخ (هيرودوت). وفي قصة (تحوتمس الثالث) ولجوئه للحيلة والخديعة والمفاجأة عندما استعصى عليه فتح مدينة يافا في فلسطين خير صورة لهذه العمليات النفسية.





ب. العمليات النفسية عند الإغريق

كان السب والشتائم إحدى الوسائل التي استخدمها الأقدمون في منازعاتهم , وصف الشاعر اليوناني (هوميروس) القتال الذي دار بين الإغريق والطرواديين في إحدى قصائده وصور ما كان يقوم به المحاربون الأولون في كلا الجيشين اللذين يقفان وجهاً لوجه يتبادلون الشتائم، حتى يؤثر كل طرف في الروح المعنوية للطرف الآخر. هذا وقد استخدم الإغريق سلاح التخويف والخداع كثيراً، ومن الأمثلة التاريخية المعروفة استخدامهم حصان طروادة للاستيلاء على مدينة طروادة.





ج. العمليات النفسية عند الرومان

عرف الرومان كغيرهم من الأمم العمليات النفسية بأسلوبها البدائي منذ القدم، وقد استخدموا في حروبهم الحيلة والخديعة والدعاية، فقد كانت لهم صحيفة الحوادث اليومية، التي تصدر في أيام القيصر محتوية على الكثير من الأخبار المنوعة والأنباء السياسية.





د. العمليات النفسية عند الجاهلين

عرف العرب العمليات النفسية واشتهرت سوق عكاظ ـ التي كانت تجمع أبلغ شعراء القبائل ـ لممارسة أساليبها، وكان الفخر كل الفخر للقبيلة التي يفوز شعراؤها، وخاصة إذا نالت قصيدتهم شرف التعليق على جدار الكعبة، وقد ورد في الشعر العربي القديم:

ولا تحسبن الحرب سهماً ومغفراً فإن سلاح الصائلين عقول





هـ. العمليات النفسية في الإسلام

لو عدنا إلى تاريخ الدعوة الإسلامية وما ارتبط بها من صراع فكري وعقائدي، لوجدنا من الشواهد ما لا يتسع ذكره في هذا المجال، ومنها على سبيل المثال استغلال اليهود وكفار قريش ـ الناقمين على الإسلام آنذاك ـ وفاة رسول الله r بقولهم إن الإسلام لن تقوم له قائمة بعد ذلك، واستخدمت العمليات النفسية فيما بعد في كثير من المعارك الإسلامية، حيث قال خالد بن الوليد في معركة اليرموك عندما قال جندي مسلم: "ما أكثر الروم وأقل المسلمين"، قال خالد: "إنما تكثر الجند بالنصر وتقل بالخذلان".





و. العمليات النفسية عند المغول

استخدم المغول الجاسوسية للحصول على المعلومات اللازمة لشن حملاتهم، كما لجأوا إلى الشائعات وغيرها من وسائل المبالغة لتجسيم عدد قواتهم وعنف جنودهم، ولم يكن يهمهم ماذا يمكن أن يظن أعداؤهم ما داموا ينتفضون من الخوف والرعب، وقد وصف الأوربيون خيَّالة المغول الضاربة وإن كانت أقل عدداً من الحقيقة على أنها جحافل لا حصر لها. ولنرقب بعضاً مما قاله أول أوروبيِّ أرخ لجنكيز خان: "ولقد جعل الجواسيس الذين بعثهم ملك خوارزم لرؤية قوة جيشه وتعداده... يقولون في وصف الأمر بهذه الصورة: إنهم كما قال الجواسيس للسلطان كاملو الرجولة شجعان لهم مظهر المصارعين لا يستنشقون شيئاً إلا رائحة الحرب والدماء، ويبدون تشوقاً للقتال حتى إنه من النادر أن يستطيع القادة السيطرة عليهم وتهدئتهم. ومع هذه الوحشية التي يبدون فيها فإنهم يجيدون الضبط والنظام ويطيعون قائدهم طاعة عمياء... ويقنعون بما يصل إليهم من طعام وليس من المدهش أن يختاروا الوحوش ليأكلوها.. إلخ". لقد أحاط جنكيز خان نفسه بهالة من الرعب التي جعلت أعداءه يرهبونه، وعمل أعمالاً شأنها أن تعمق تلك الرهبة، وخلع على نفسه من الألقاب والأوصاف ما يناسب هذه المكانة التي وضع نفسه فيها.









2. العمليات النفسية في الحربين العالميتين الأولى والثانية




أ. العمليات النفسية في الحرب العالمية الأولى




شهدت الحرب العالمية الأولى تحولاً جذرياً في وسائل العمليات النفسية، فبعدما كان استخدامها عرضياً أصبح فناً وعلماً قائماً بذاته، حتى أن البعض قد ذهب إلى القول بأن كسب الحرب العالمية الأولى يعود الفضل فيه للعمليات النفسية.




وقد لعبت الدعاية دوراً كبيراً في هذه الحرب لأن الدول المشتركة فيها ركزت على وسائل الاتصال الجماهيري وجعلته جزءاً من حياتها المدنية. فقد كان للولايات المتحدة الأمريكية في الحرب العالمية الأولى وكالتان مسؤولتان عن الدعاية الوكالة المدنية للمعلومات والتي عرفت باسم لجنة كريل، ثم الوكالة العسكرية التي لها قسم للدعاية أو العمليات النفسية. أما في مسرح العمليات فقد ركزت العمليات النفسية العسكرية الأمريكية على إنتاج المنشورات إذ إن أجهزة الراديو لم تكن موجودة كوسيلة اتصال جماهيري ومكبرات الصوت ما زالت بدائية. وركزت كذلك منشورات الدعاية الأمريكية على خفض الروح المعنوية للعدو ـ من خلال استخدام المبادئ الفطرية ـ وقد نجح هذا الأسلوب في استسلام عدد كبير من قوات العدو خاصة بعد استخدام أساليب توزيع المنشورات البريطانية والفرنسية وتحسينها باستخدام البالونات والطائرات كوسائل أساسية في التوزيع.




أما ألمانيا فلم ينجح الألمان في دعايتهم في الحرب العالمية الأولى ولاسيما في الجبهة الداخلية، ومع هذا فقد استفادت ألمانيا الهتلرية من هذا الدرس إذ وصلت النازية إلى السلطة عن طريق استمالة الرجل العادي وطبق هتلر هذا التكتيك في الميدان الدولي بادئاً بتملق الجماهير في كل مكان، وقام بالعروض التي تدل على القوة ثم انتهى إلى الوحشية الباردة التي لا يهمها ما يحدث في سبيل تحقيق أهدافها.




أما بريطانيا فقد أنشأت وزارة الخارجية البريطانية مكتباً للدعاية، ولكن الجزء الأكبر من الجهد كان يتم بواسطة المؤسسات الخاصة، ونتيجة للصعاب التنظيمية التي قابلها الإنجليز أصبح لديهم في نهاية الحرب وكالتان منفصلتان: الأولى تتكون من وزارة الاستعلامات ومعها إدارة المخابرات للقيام بأعمال الدعاية خارج بريطانيا، أما الوكالة الأخيرة فهي اللجنة القومية لأغراض الحرب وتقوم بأعمال العمليات النفسية داخل بريطانيا.




وجاءت الثورة البولشفية في السنة الرابعة للحرب، واستندت هذه الثورة إلى الدعاية، ثم استمرت الدعاية السلاح الرئيسي الفعال في أيام البولشفيك، ثم عند التحول إلى الشيوعية، وقد استخدمت الدعاية البولشيفية الوسائل التالية:

(1) تنظيمات الحزب الشيوعي.

(2) اتحادات العمال.

(3) المنظمات السرية.

(4) البعثات التجارية والقنصلية.

(5) النشرات التي ترسل بالبريد.

(6) الملصقات والكتب والصحف.

(7) الأفلام والراديو.

والواقع أن ما حققته الشيوعية في ميدان العمليات النفسية كان يعتبر دائماً جزءاً خاصاً من تطبيقات الماركسية، ولم ينظر إليه على أنه فن يمكن أن تتعلمه أو تستخدمه أية شعوب لا تدين بالشيوعية، وكذلك اعتبر الاكتساح التاريخي الذي قامت به الجيوش الصينية الوطنية مسألة صينية بحتة، وأغفلت الدروس التي كان من الممكن تعلمها من العمليات النفسية التي قام بها الشيوعيون الصينيون.





ب. العمليات النفسية في الحرب العالمية الثانية




إن مجالات الدعاية في كلتا الحربين العالميتين كانت متشابهة، غير أن مجهودات الدعاية في الحرب العالمية الثانية كانت أكبر في مجالها. فأصبح اسم العمليات النفسية الاسم الجديد للدعاية وبدأ الراديو يلعب دوراً رئيسياً في نشر الدعاية على عدد كبير من المستمعين الهدف. وفي فترة الحرب الثانية استطاعت دول المحور (روما، برلين، طوكيو) أن تنال رضا شعوبها في القيام بحرب عدوانية أولاً ثم تفتيت خصومها للحصول على النصر، وكان عليها أن تدخل الخوف والرعب في نفوس أعدائها المباشرين. وقد استخدمت الدعاية السوداء بشكل واسع النطاق قبل العمليات الحربية برغم ما بذل من جهد كبير لإخفائها. ويرى الألمان أن الدعاية هي العامل الحاسم في العمليات النفسية الحديثة الذي يمكن استخدامه لهزيمة العدو بأقل قدر من إراقة الدماء.




وقد نسقت وزارة الدعاية الألمانية جميع نشاطات الدعاية وأثرت وسيطرت بشكل كامل على كل أوجه الحياة الاجتماعية مبلورة الرأي العام المطلوب في ألمانيا وخارجها. وقامت وسائل الإعلام النازية وهيئاتها بالمبالغة في وصف آلة الحرب الألمانية التي لا تقهر, وقد استسلمت الدنمارك والنرويج والأراضي المنخفضة جزئياٍ نظراً للخوف من الحرب الذي خلقته وسائل الدعاية الألمانية.




وكان للحرب الخاطفة وغارات الألمان الجوية والبرية في عمق المنطقة الخلفية لقوات الحلفاء وتدمير قياداتها أثر كبير. ولقد حقق الألمان ثلاثة انتصارات في المجالات التالية:

(1) في المجال السياسي: بجعل كتلة كبيرة من الرأي العام الدولي ترى أن مستقبل العالم يتوقف على الاختيار بين الشيوعية والفاشية.

(2) في المجال الاستراتيجي. حيث تبدو كل ضحية على أنها هي الضحية الأخيرة.

(3) في الميدان السيكولوجي. باستخدام (الذعر الكامل) بجعل الشعب الألماني نفسه يخشى من تصفية الشيوعية له، كما استخدمت أفلام عمليات الحرب الخاطفة لإخافة الجماعات الحاكمة في دول أخرى ولتحطيم المعنويات، وتسبب عن ذلك ما يسمى (بالانهيار العصبي) للأمم وذلك بإبقائها دائماً في حالة شك وعدم تيقن مما يمكن أن يحدث لها غداً.





ومن ناحية أخرى لوحظ أن كلاً من ألمانيا وبريطانيا وجدتا في الإذاعة وسيلة فعالة يمكن توجيهها إلى كل دول أوروبا على الموجات العادية، بل تستطيع كل منهما أن تتداخل في الإذاعة الأخرى بالقيام بما يسمى "أعمال التشويش". ولقد ركز كل منهما على جذب أكبر عدد من المستمعين ومحاولة التأثير في عواطفهم ومعتقداتهم وولائهم.




أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد أنشأت أثناء الحرب العالمية الثانية وكالتين شاركتا في عمليات العمليات النفسية. كانت إحداهما مكتب معلومات الحرب الذي تولى السيطرة على الدعاية المحلية والدعاية البيضاء المستخدمة في الخارج. وقد بذلت جهود مكثفة لتعبئة الشعب الأمريكي وضمان مساندته للحرب وقامت صناعة السينما والحكومة بإنتاج أعداد هائلة من الأفلام تناولت الموضوعات الأساسية في الحرب وكان من أشهرها سلسة أفلام فرانك كابرا (لماذا نحارب) أما الوكالة الثانية فهي مكتب الخدمات الاستراتيجية الذي تتلخص مهامه الرئيسية في الآتي:

(1) جمع معلومات الاستخبارات.

(2) القيام بعمليات الدعاية السوداء.

(3) القيام بعمليات الدعاية الهدامة من مؤامرات وتقويض بالتعاون مع السلطات العسكرية النظامية. هذا وقد تم إنشاء شعبة العمليات النفسية الخاصة بالقوات المسلحة تحت خدمات الاستخبارات العسكرية للجيش.

أما العمليات النفسية في الميدان فشُكلت وحدات الدعاية في الجيش للعمل مع تزويدها بمحطات لا سلكية متحركة ومطابع ذات قدرة عالية للإنتاج حتى أصبحت المنشورات التعبوية تنتج كلية ضمن وحدات الجيش للعمليات النفسية. كما استخدمت مكبرات الصوت المركبة على الطائرات والمدرعات.





أما اليابانيون فلم يأتوا بجديد في العمليات النفسية، وقد أحسنوا استخدام الأنباء في اجتذاب المستمعين الأمريكيين واستمرت وكالة "دومي" في إصدار نشراتها بالإنجليزية وأجهزة مورس اللاسلكية في إرسال الأنباء للصحف الأمريكية، كذلك نجح الروس في معركة العمليات النفسية، إذ قاموا بتجميع مواطنيهم وتكتيلهم ضد العدو، إذ طالبوا الشعب بأداء الصلوات في الكنائس من أجل النصر، وأطلقوا على الحرب اسم "الحرب الوطنية الكبرى" وأعادوا للألمان ذكرى (فردريك) وبعثوا نصيحة (بسمارك) بعدم إلقاء جنودهم في أي مغامرة نحو الشرق من بلادهم، وأثاروا طبقة (اليونكرز) ضد النازيين غير المحترفين، الذين يحطمون الجيش الألماني، واستخدموا الأسرى الألمان في الدعاية وجعلوا الجنرالات النازيين يتحولون إلى حركة ألمانيا الحرة.






3. العمليات النفسية في العصور الحديثة




ما أن انتهت الحرب العالمية الثانية حتى بدأت دراسة نتائجها والآثار التي نجمت عنها تظهر، فكشفت هذه الدراسات عن حقيقة الدور الذي لعبته الأساليب النفسية في هذه الحرب، لدرجة أصبح من الممكن بعدها الاستمرار في استخدام هذه الأجهزة وحدها لتحقيق الهدف المطلوب، دون اللجوء إلى الأسلحة العسكرية التقليدية، فلقد تم اكتشاف أسلحة دمار من نوع جديد تستهدف تدمير الإنسان حياً، ولعلها أكثر كفاية من غيرها في تغيير قيم وأفكار ومعتقدات ومواقف الناس، وبذلك فهي تناسب طبيعة العصر الذي أصبح الصراع فيه صراع أيديولوجيات متنافرة ومتناقضة.




إن العمليات النفسية قد دخلت في مرحلة لا هي حرب فعلية، ولا هي سلام حقيقي، إذ حاول كل من المعسكرين أن يعالج المشكلات الدولية بطريقته الخاصة، ومفهومه السياسي، وتسابق الطرفان في ميدان العمليات النفسية بشكل لم يظهر في التاريخ الحديث، مما أدى إلى ما سماه (والتر ليبمان)، (الحرب الباردة) بأشكالها المختلفة.




والحرب الباردة هي صراع تمتنع خلاله الأطراف المتنازعة عن اللجوء إلى السلاح الواحدة ضد الأخرى، ويفهم منه بصورة عامة وصف حالة التوتر التي كانت قائمة بين الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والكتلة الشرقية بقيادة ما كان يُسمى الاتحاد السوفيتي، والتي حصلت على أثر انتهاء الحرب العالمية الثانية، ولكنه لم ينحصر في هذا النطاق فحسب، فقد أُطْلِقَتْ تسمية الحرب الباردة على النزاع القائم بين الاتحاد السوفيتي والصين.








ثالثاً: المشتملات والمراحل والمبادئ لتخطيط الحملات النفسية والعوامل المؤثرة عليها




العمليات النفسية ومستوياتها تعتمد أساساً، على الفكر والكلمة للتأثير في السياسات ولتغيير المواقف الفردية والجماعية لخلق وتكوين الرأي ونشره وإشاعته في المجتمعات وبين الأفراد والجماعات المستهدفة.

كما أنها ترسخ قناعات معينة من خلال ما تتناوله من موضوعات فكريه تفرض نفسها وإرادتها على الخصم إمّا بتأثير مضمونها، أو بفعل التهديد، أو بكلاهما.





وتأسيساً على ما تقدم، يمكن تحديد وتقنين مشتملات العمليات النفسية في أربعة مكونات رئيسية، لا يمكن لأجهزة التخطيط للعمليات النفسية العمل في غياب أو قصور أيّاً منها، وهي:




1. موضوعات العمليات النفسية

قد تستغل العمليات النفسية لحملة أو عدد من الحملات يتم تنفيذ ونشر موضوعاتها من خلال مجموعة من الرسائل التي تصاغ وتُعَدّ في شكل رموز وشعارات.





2. طرق العمليات النفسية

وهي السُبُل التي يتم بواسطتها تنفيذ إجراءات وأنشطة العمل النفسي الواردة في الحملات النفسية وتشمل طرق الدعاية / الدعاية المضادة ـ الخداع والعمل / الحركة.





3. وسائل العمليات النفسية

وتعني الوسائط (أجهزة ـ معدات ـ أسلحة ـ مطبوعات ... إلخ) المستخدمة في نقل وتوزيع ونشر موضوعات ورسائل الحملات النفسية.





4. أساليب العمليات النفسية

وهي الأشكال التي تنفذ من خلال الطرق السابقة بوساطة الوسائل المختلفة وتنقسم إلى أساليب معاديه وأخرى مضادة أو ما يُطلق عليها (أساليب التأمين النفسي).







الحملات وطرق وأساليب العمليات النفسية






أولاً: موضوع الحملات النفسية




1. الحملات النفسية




أ. يُعرف موضوع الحملة على أنه المادة الناتجة عن حصيلة المعلومات، العسكرية ـ السياسية، الاجتماعية ـ الاقتصادية، والعوامل المؤثرة عليها والمتحصل عليها من مصادر المعلومات المختلفة ومعالجتها بوساطة المختصين لتحديد نقاط الضعف والتعرض ويمكن استغلالها في شن حمله نفسية أو عدد من الحملات ضد أفراد القوات المعادية لخفض روحها المعنوية.




ب. تشتمل العمليات النفسية على عدد من الحملات يتم تحديد موضوعاتها أثناء مرحلة تقدير الموقف النفسي و طبقاً لتطوير المواقف، فقد يتطلب الموقف تعديل أو تطوير موضوع الحملة مثل الإنهيار السريع للدفاعات أو الإنسحاب السريع والغير المنظم أو تعرض القوات لخسائر كبيرة حيث تُستغل مثل هذه الأحداث كموضوع لحملة نفسية تركز على دعوه أفراد القوات المعادية للاستسلام أو الهروب من الخدمة طلباً للنجاة.




ج. تستهدف موضوعات الحملات النفسية عند تخطيط وإدارة العمليات النفسية خلال العمليات العسكرية خفض الروح المعنوية وتدمير قدرات العدو القتالية وفى نفس الوقت تركز على رفع الروح المعنوية وتعزيز القدرات القتالية للقوات الصديقة والحليفة.




د. الاختيار الجيد لموضوع الحملة لن يكون وحده كافياً لتحقيق الهدف من الحملة بل يجب على مخططي الحملات النفسية مراعاة مجموعة من الاعتبارات أكدتها الخبرات المكتسبة والدروس المستفادة من الحروب الحديثة.




2. الاعتبارات وعوامل النجاح




أ. دقة وموضوعية المعلومات المستخدمة

إن صحة وموضوعية المعلومات المستخدمة في إعداد وصياغة موضوع الحملة تلعبان دوراً بارزاً في إقناع الهدف المخاطب بمضمون الرسالة الموجهة. بينما أي كذب، ولو محدود، وعدم معالجته في موضوع الحملة، قد يكون كافياً لتحطيم ثقة الهدف المخاطب، ليس في مضمون الرسالة فقط، بل في الحملة النفسية ككل.





ب. تجنب معاداة الهدف / الأهداف المخاطبة

على الرغم من أنه قد يكون هناك صراع مسلح قائم أو منتظر بين دوله وأخرى، إلاّ أن القائمين على تخطيط وإدارة الحملات النفسية الناجحة دائماً، ما يعمل على تجنب معاداة الهدف / الأهداف المخاطبة سواء لأفراد قواتها المسلحة أو للسكان المحليين أو الشعب، مع العمل في الوقت نفسه، على أن يُراعى عند صياغة موضوعات الحملة ما يلي:





(1) عدم المبالغة في حجم خسائر العدو أو عرضها بطريقة مخجلة.

(2) عدم السخرية والاستهزاء أو إهانة الأفراد حتى لا يؤدي ذلك إلى المقاومة العنيدة.

(3) عدم إظهار تقصير الأفراد في القتال على أنه شيء مخل بالشرف.





ج. التحريض غير المباشر للهدف المخاطب

على الرغم من أن أسلوب التحريض أثناء الحرب أو الصراع المسلح من الأمور المنافية للقوانين والأعراف الدولية، إلاَّ أنه يُعَدّ أحد الأشكال التي يلجأ إليها المخطط في تصميم موضوعات الحملات النفسية وصياغتها، خاصة عند الطلب من الأهداف المخاطبة التسليم / التوقف عن المقاومة أو القتال، وعند اللجوء إلى استخدام هذا الأسلوب في إعداد موضوع الحملة يجب أن يراعى صياغتها بالأسلوب غير المباشر بالعمل ضد نظام الحكم أو قيادته فقد يؤدي ذلك إلى نتائج عكسية.





د. تزامن ودقة التوقيت

ويعني أنه لن يحقق موضوع الحملة الهدف منه، ما لم تؤخذ التطورات الهامة والحادة والمواقف الجارية في الاعتبار والإعداد الجيّد والموقوت للموضوع، مع ضرورة مراعاة أن يتم النشر في تزامن وتوافق مع الحدث وقبل أن يفقد أهميته وفاعليته. فمثلاً، لن يحقق منشور يتركز موضوعه على تحريض الخصم على عدم القتال والدعوة إلى الانضمام أو الاستسلام للقوات المهاجمة، وذلك بعد أن يتمكن الطرف الآخر من احتواء الهجوم ونجاحه .









ثانياً: طرق العمليات النفسية




تُعرف طرق العمليات النفسية على أنها أنسب الأشكال/ الأساليب التي تستخدم لعرض أو نشر موضوع الحملات النفسية بما يحقق التأثير على انفعالات وسلوكيات الأهداف المخاطبة. الطرق الرئيسية للعمليات النفسية:




أ. الدعاية




إن الغرض الأساسي من استخدام الدعاية كأحد الطرق الرئيسية التي يستغلها المخطط في تنفيذ الحملات النفسية المدعمة لخطط العمليات العسكرية ، هو التأثير في أراء وانفعالات واتجاهات الهدف، ومن ثم، سلوك أفراد القوات المعادية، في المقام الأول، وباستخدام الوسائل المختلفة، (مقروءة ـ مسموعة ـ مسموعة ـ مرئية)، لإقناع الهدف المخاطب لتوجيهه أو الإيحاء له بإتباع سلوك محدد يخدم هدف المخطط عادة ما يكون خفض الروح المعنوية وتحطيم إرادته القتالية.




وتُعَدّ الدعاية أكثر طرق العمليات النفسية، إن لم تكن الطريقة الرئيسية التي يعتمد عليها عند تخطيط وإدارة الحملات النفسية لعرض ونشر موضوعات الحملات المدعمة للعمليات العسكرية على كافة مستوياتها وصورها.




وإذا كانت الدعاية تنقسم، من حيث النوع، إلى دعاية بيضاء / صريحة، ودعاية رمادية، ودعاية سوداء، فإن مخطط الحملات النفسية إلى جانب استخدام الدعاية الصريحة خلال المراحل المختلفة للصراع المسلح (قبل ـ أثناء ـ بعد انتهاء الحرب)، عاده ما يركز على استخدام الدعاية الرمادية والسوداء لِما لهذه الأنواع من إمكانيات وتأثير خطير في حال التخطيط والاستخدام الجيد لها في تحقيق الآتي:




(1) نشرها ووصولها إلى أعماق ومساحات كبيرة من مسرح الحرب.

(2) أنها تحوز قبولاً وسرعة انتشار والتأثير بين أفراد وقوات الخصم.

(3) استخدام موضوعات وأساليب يصعب استخدامها في الدعاية البيضاء:

(أ) إخفاء المصدر والاتجاه ـ تزييف وثائق ـ تزوير عمله .. تخريب.

(ب) صعوبة وضعف تأثير إجراءات المقاومة والدعاية المضادة عليها نظراً لسريتها.

(ج) قدرة عالية على تحطيم الذات، والقدرة القتالية للهدف المخاطب لسرعة انتشارها وعدم معرفة مصدرها واستخدامها لمعلومات ذات درجة سريه عالية، يصعب التشكيك فيها، أو مقاومتها.

(4) ويراعى عند استخدام الدعاية، كأحد الطرق المدعمة لخطة العمليات العسكرية، أن يتم التخطيط لتصميم الحملات النفسية، لتدار بالتوازي على كل من المستوى، الإستراتيجي والتعبوي.





ب. الدعاية المضادة




أمّا الدعاية المضادة، فتُعرف على أنها الحملات النفسية التي تقوم أجهزة العمليات النفسية بتنظيمها وإدارتها لصالح الأهداف المخاطبة (الصديقة ـ المحايدة ـ المعادية)، بهدف مقاومة والحد من نتائج الحملات النفسية المعادية .




هذا ويتم بناء الحملات النفسية المضادة وتصميمها، على ضوء الدراسة التحليلية للحملات النفسية المعادية، إذ يتم من خلال هذه الدراسات، تحديد الآتي:




(1) الأهداف المخاطبة.

(2) الأهداف والمشاعر النفسية للهدف.

(3) المقترحات/ التوصيات الخاصة بتحديد أنسب الطرق والأساليب، للرد على مثل هذه الحملات، ووسائل نشرها.





ج. العمل/ الحركة (العنف)




(1) هو الطريقة الثانية للعمليات النفسية ، ويُعرف على أنه أحد أشكال الإجبار الفكري والاستخدام المحسوب للعنف أو القوة أو التهديد به بهدف إثارة وإيقاع الاضطراب وخلخلة التوازن النفسي للهدف / الأهداف المخاطبة، وإجبارها على اتخاذ سلوك محدد، غير مقبول، من الهدف المخاطب، يحقق هدف المخطط، والمحتمل في فرض إرادته.




(2) يرجع استخدام العنف، بأشكاله وأساليبه المختلفة، كأحد طرق العمليات النفسية الفردية أو المخططة لدعم العمليات العسكرية والحرب إلى ما قبل الميلاد ولا يزال له الأثر الفعال في العصر الحديث.




(3) إذا كان الإرهاب يُعَدّ من أهم طرق العنف المستخدمة في هذا المجال، فأن الحرب أو الصراع المسلح، من وجهة نظر العمليات النفسية، يُعَدّ عملاً من أعمال العنف الذي يستهدف إجبار أو إكراه الخصم على تنفيذ إرادة المخطط، وفرض الإرادة عليه، هذا إضافة إلى استخدام كل القوات غير النظامية ـ حرب العصابات ـ الحركات والثورات المضادة.




(4) يلجأ مخططو العمليات النفسية، إلى استخدام الإرهاب، بكافة أساليبه وطرقه، لدعم خطط العمليات العسكرية، وذلك بهدف إثارة وإيقاع الاضطراب والخلخلة النفسية والرعب على كل من الجبهة الداخلية وجبهة القتال، في وقت واحد، بوسائل وأساليب متعددة، تؤدى في النهاية إلى هدف أساسي، هو تحطيم الروح المعنوية، وروح القتال.




(5) يُعرف الإرهاب، من وجهة نظر العمليات النفسية، على أنه الحالة الذهنية والنفسية، التي تحدث للهدف/ الأهداف المخاطبة، نتيجة للتهديد، أو الاستخدام الفعلي للعنف والقوة لتحقيق أهداف، يتضمن أيّاً منها هدفين:

(أ) هدف نفسي: بإثارة دوافع القلق والخوف وخلخلة التوازن النفسي لأفراد القوات المسلحة والشعب.

(ب) هدف مادي: من خلال نسف وتدمير المنشآت الحيوية، وتهديد في الدولة، أو الدول، محل الاهتمام، بما يؤثر على المجهود الحربي للخصم.





(6) أمّا من حيث أشكال العنف التي تستخدم، وبتوسع، خلال مراحل العمليات العسكرية، وهو ما أكدته خبرات الحروب، أبرزها وأكثرها تأثيراً:

(أ) اغتيال الشخصيات المهمة والبارزة في الدولة.

(ب) اختطاف الرهائن واحتجازهم.

(ج) الاقتحام المسلح للمنشآت والأهداف الحيوية ذات التأثير النفسي.

(د) العبوات الناسفة المخططة، ضد أهداف محدده أو عشوائية.





(7) وبالنظر إلى ما قد يحققه استخدام الإرهاب، كطريقه لإجبار الأهداف المخاطبة لانتهاج سلوك معين، يحقق هدف المخطط، والآثار النفسية السلبية، التي يتسع انتشارها بين جمهور الهدف المخاطب (قتل عشرة ترهب ألف) ، نجد أنه من الضروري، عند تصميم الحملات النفسية المضادّة، أن تتضمن أهداف العمليات النفسية، في مقاومة الإرهاب ما يلي:

(أ) عزل المنظمة، أو الجماعة الإرهابية، القائمة بتنفيذ العملية، عن أي تأييد خارجي أو داخلي لها.

(ب) الكشف عن الطبيعة غير السويه، سواء للإرهابيين، أو الهدف من العملية.

(ج) كسب التأييد، وشحذ الهمم، للقوات القائمة بتصفية العمل الإرهابي.

(د) خفض الروح المعنوية للإرهابيين، وبث عدم الثقة بينهم وبين القيادة التابعة لهم.

(هـ) التقليل من شأن الحدث الإرهابي.

(و) إحباط الحملة الدعائية المصاحبة للحدث الإرهابي، من قِبل المنظمة الإرهابية التابع لها مجموعة التنفيذ.

(ز) إقناع الإرهابيين بعدم جدوى المقاومة والاستسلام.





د. الخداع




(1) يعرف الخداع، من وجهة نظر العمليات النفسية، على أنه مجموعه الإجراءات والأنشطة المنسقة لإخفاء الحقائق ومنعها من الوصول إلى أجهزة المخابرات المعادية والمتعاونة معها، وتوجيه ودعم تقديراتها وجهودها، إلى اتجاهات زائفة، تؤدى إلى قرارات مناسبة، تخدم هدف المخطط.




(2) ويهدف الخداع في الحرب/ الصراع المسلح، إلى خداع العدو عن خطة إعداد الدولة وإجراءاتها، مع إخفاء فكرة إدارة الصراع المسلح وطبيعته، وكذا استخدام القوات إجراءات التنسيق مع الدول، الصديقة والحليفة، وذلك من خلال التركيز على الآتي:

(أ) وضع أجهزة المخابرات المعادية والمتعاونة معها في حالة إقناع وتصديق للأخبار والمعلومات الزائفة.

(ب) القياس المستمر لردود فعل العدو وتحليلها.

(ج) ضمان تحقيق النتائج من خطة الخداع.





(3) ولقد بات واضحاً، وبما لا يدع مجالاً للشك، من خلال الدراسة التحليلية للصراع المسلح والحروب التي نشبت عبر التاريخ، أن الخداع، بجميع أنواعه ومستوياته، قد لعب دوراً بارزاً، ومؤثراً، بل حاسماً، في العديد من العمليات العسكرية.




(4) يتم تنظيم الخداع وإدارته، بواسطة أعلى قياده عسكرية في الدولة، ومن خلال خطة مركزية. وتنفذ إجراءاتها على جميع المستويات، ومن خلال أنواع الخداع المختلفة (عسكري ـ سياسي) وبكافة أساليب الخداع وجميع الوسائل المتوافرة والمتاحة لهذه المستويات.

هذا، ويُراعى أن تتضمن خطة الخداع لدعم العملية العسكرية الآتي:

(أ) هدف الخداع وفكرته.

(ب) مراحل خطة الخداع والمهام في كل مرحلة.

(ج) أسلوب تنفيذ مهام الخداع.

(د) القوات والوسائل والعناصر، المنفذة في كل مرحلة.

(هـ) توقيتات ومسؤوليات التنفيذ.





(5) ويجب التأكيد على أن تتضمن فكرة الخداع ما يلي:

(أ) الأهداف السياسية ـ العسكرية المطلوب تضليل أجهزة المخابرات، المعادية والمتعاونة، معها عنها.

(ب) الموقف، السياسي والعسكري، والموقف الإستراتيجي ـ العسكري، والعوامل السلبية الخارجية، التي تتعارض مع السياسة العسكرية للدولة.

(ج) أهداف الخداع لكل مرحلة، وأسلوب التغلب على العوامل السلبية الخارجية.

(د) أجهزة المخابرات المعادية وأسلوب التغلب عليها.

(هـ) التوقيتات المنتظرة لاستقبال رد فعل العدو.





(6) أساليب الخداع

تجمع كافة المراجع التي تناولت هذا الموضوع ومن خلال الخبرات والدروس المستفادة إلى أن هناك أربعة أساليب تستخدم بتوسع في تنفيذ إجراءات الخداع على كافة المستويات وهي:





(أ) الإخفاء

تُعَدّ من أكثر الأساليب فاعلية لحجب الحقائق والنوايا المستقبلية والإمكانيات والقدرات المعنوية للقوات المسلحة. وعادة ما يكون تحقيق ذلك من خلال:

• التقيد الصارم بالسرية في كافة التحضيرات الخاصة بالعمليات العسكرية. كذلك، في تداول الوثائق السرية وحفظها.

• تحديد عدد الأفراد المصرح لهم بالاشتراك في إعداد الوثائق الخاصة بالعمليات، ومتابعتهم.

• إعداد الوثائق الإستراتيجية المهمة من نسخة واحدة (باليد)، مع إعطائها أعلى درجات السرية، والمحافظة على سلامتها.

• إتباع الأساليب العلمية، والاستخدام الجيد للأدوات والمواد الخاصة بإخفاء القوات وتمويهها (أفراد ـ أجهزه ـ معدات ... إلخ).

• الإعداد الجيد لخطة المخابرات المضادة، مع الإصرار على تنفيذ إجراءاتها بكل دقة.





(ب) التقليد

وهو أحد أشكال الإيحاء الذي يستخدم، بتوسع، خاصة على المستوى العسكري (تعبوي ـ تكتيكي)، ويتم بتقليد الأهداف المختلفة (أسلحة ـ مطارات ـ معدات ـ منشآت ... إلخ). في مناطق هيكلية بما يمكن من خداع أجهزة ومصادر جمع المعلومات عن فكرة العمليات (مناطق تمركز ـ اتجاهات عمل وضربات رئيسية). وتستخدم معدات القتال والأسلحة الهيكلية وكذلك الأسلحة المدمرة/ عاطلة بتوسع لتنفيذ التقليد، ونشير هنا إلى أهمية تخصيص وحدات/ عناصر، تقوم بتنفيذ خطة القرائن الدالة عن نشاط الهدف (تحركات ـ صوت ـ ضوء ـ نشاط لاسلكي ... إلخ)، أو ما يُطلق عليه "إجراءات بعث للحياة".





(ج) التظاهر

وهو أكثر أساليب الخداع صعوبة وتكلفة، كما أنه يتطلب التخطيط الجيد، والسرية الكاملة، ووقت أطول من باقي الأساليب. إلاّ أن نتائجه الإيجابية، لها تأثير حاد على سير العمليات العسكرية.

ويستخدم هذا الأسلوب على كافة مستويات الخداع العسكري، وعادة ما يركز على إخفاء هدف مهم، وإظهار هدف أخر أقل أهمية، لجذب الانتباه إليه، أو الخداع عن اتجاه الضربات الرئيسية، والحشود.





(د) الإعلام المخادع

ويستخدم هذا الأسلوب في تزاوج وتنسيق كامل لأساليب الخداع، ومن خلال الخطة المركزية للخداع الإستراتيجي.

وتلعب وسائل الإعلام وأجهزتها، دوراً بارزاً في تنفيذ إجراءات الخداع الإستراتيجي، مع مراعاة أن تصمم الرسالة (الخبر المزيف)، في وسائل الإعلام، بأسلوب علمي دقيق، تحسباً للنتائج العكسية.

كما يلزم على أجهزة الاستخبارات المراقبة المستمرة للهدف المخاطب لمعرفة ردود الأفعال (نتائج التأثير)، ومدى تأثير هذه الإجراءات على قراراته، أو ردود فعل العدو.








ثالثاً: أساليب العمليات النفسية




تُشكِّل في مجملها المكون الثالث من مشتملات العمليات النفسية، والتي تُعرف بكونها الأشكال أو الصور التي يستخدمها مخططو العمليات النفسية، بعد الدراسة، العلمية والموضوعية، للعوامل المؤثرة على الهدف، أو الأهداف المخاطبة، واتجاهاتها ومشاعرها، لإعداد موضوعات ورسائل الحملات النفسية المقترح استخدامها وصياغتها، في شن أو توجيه الحملات النفسية الأساليب التالية وتشمل:




1. الأساليب المعادية




هي الأساليب المستخدمة في الحملات النفسية التي تشن ضد الدول/ الجماعات المعادية وتشمل الآتي:




أ. الديموجوجية

استخدام تصريحات أو معلومات تبدو كأنها تؤيد وتخدم مصالح الدولة أو الجماعة المخططة وإظهارها على أنها تمثل الرأي العام، الدولي والإقليمي.





ب. عمليات التخريب النفسي

تُعَدّ عمليات التخريب النفسي، السلاح الرئيسي في الأساليب النفسية المعادية، الذي يستهدف، أساساً، التأثير في اتجاهات الأهداف وسلوكياتها، لخلق اتجاه عام لديها، ودفعها إلى القيام بالاضطرابات، ونشر الذعر والفوضى أو التقاعس، وسلبية الأداء.

وعادة ما تقوم أجهزة الاستخبارات في الدولة بتخطيط هذه العمليات وإدارتها، وعادة ما تشمل:





(1) أساليب الضغط النفسي

تستغل حملات التخريب النفسي لتوجيه الصدمات المفاجئة، واللعب بالعواطف والانفعالات، مع التوسع في استخدام الآراء الزائفة، مستنده في ذلك على فلسفة اللاعقلانية، التي تعتمد على أن سلوك الأفراد، غالباً، ما تحكمها دوافع غير واعية، مثل الغرائز الوراثية، والعواطف والانفعالات، والمؤثرات الخارجية، (عقائدية ـ دينية).

أي أنها تسعى إلى الأفراد وتستغل في هذه الأساليب شائعات الخوف والحقد على نطاق واسع.





(2) أساليب التخويف والردع

وتشمل كافة المجالات، الاقتصادية ـ السياسية ـ العسكرية, وتهدف إلى إجبار الدولة أو المجموعات المستهدفة، إتباع سلوك معين يخدم، هدف أو أهداف الدولة المخططة.

وأبرز الأمثلة على ذلك، في المجال الاقتصادي، الحملات التي تهدف إلى التخويف من تأثير نظام اقتصادي معين (رأسمالي ـ اشتراكي ـ تكتلات اقتصادية ... إلخ)، على المجتمع، أو إحداث اضطرابات في النظام المالي للدولة الهدف، وذلك بتزييف العملة وتهريبها ـ عمليات غسيل للأموال.

أمّا في المجال العسكري، فتلجأ الحملات المعادية إلى الردع والتخويف بالقوة الهائلة والمزعومة للدولة، أو امتلاكها أحد وسائل الردع، المتمثل في الأسلحة فوق التقليدية.

وتلعب الشائعات، بأنواعها، دوراً رئيسياً في نجاح هذا الأسلوب، إلى جانب إصدار الصور والوثائق المزيفة.





(3) الشائعات

وتُعَدّ الشائعات بأنواعها، من أبرز أساليب ووسائل وطرق العنف وأكثرها استخداماً وتأثيراً على الهدف المخاطب، بما لها من خصائص وقدرات على افتقاد الهدف/ الأهداف المخاطبة ثقتها، في قيادتها وسلاحها وقوتها، وكذلك ثقتها في النصر.

ونشير هنا، إلى أن مثل هذا المستوى من الشائعات، يتم له التخطيط والصياغة واختيار وسائل النشر، بوساطة أجهزة العمليات النفسية، ومن خلال الحملات النفسية التي تهدف إلى تدمير/القضاء على الروح المعنوية، وإرادة القتال بين أفراد القوات المسلحة.





(4) افتعال الأزمات

ويتأتي هذا بالتخطيط والتنفيذ لبعـض الأحداث/عمليات التخريب المادي، التي تؤدي، في النهاية، إلى ظهور أزمة (سياسية ـ اقتصادية ـ اجتماعية ... إلخ)، لخلق حالة من التوتر والقلق، تؤدي إلى الخوف، ومن ثم، الرضوخ لمطالب المخطط.

ويتم ذلك من خلال الوقيعة واصطناع الأخبار المزيفة، وكذلك التحريض على أعمال التخريب، أو تنفيذ أعمال التخريب المتعمد.





(5) أسلوب التقارب (الصداقة ـ الحب)

ويُستخدم هذا الأسلوب لمحاولة التقارب مع كافة جماعات وأفراد القوات المسلحة (خاصة في أسرى الحرب) للدولة المستهدفة، بما يحقق إمكانية تحييد هؤلاء الأفراد (الأهداف)، وفتح قنوات اتصال معها، وضمان استمرارهم في استقبال الحملات النفسية، ومن ثم، تعديل سلوكهم وتغييره، بما يحقق هدف المخطط.





(6) أسلوب التشكيك وعدم الثقة

ويهدف هذا الأسلوب، إلى بث الشك وعدم ثقة الأفراد والجماعات داخل الدولة الهدف، في قدرة القيادة السياسية والعسكرية وكفاءتهما، في تحقيق الأهداف والغايات القومية للدولة.

كذلك بث عدم الثقة بين الضباط والجنود، في أسلحتهم ومعداتهم العسكرية، قبل وأثناء وبعد الصراع المسلح. وهنا يبرز دور كل من الشائعات والسخرية والفكاهة والنكتة والرسوم الكاريكاتورية، كوسائل رئيسية في تنفيذ هذا الأسلوب.





(7) أسلوب التهكم ـ الاستهزاء ـ السخرية

ويهدف إلى النيل من بعض الفئات، أو الشخصيات، (سياسية ـ عسكرية ـ اقتصادية)، لتحطيم كبريائها وتحقيرها وتجريحها.

وهنا يجب الإشارة إلى أهمية وصعوبة انتقاء الكلمات والألفاظ المناسبة، من الناحية الأدبية والأخلاقية، حتى لا يؤدي ذلك إلى نتائج عكسية.





(8) عمليات غسيل المخ (الإقناع الإجباري أو قتل العقل)

هي أي محاولة تستخدم لتوجيه الفكر الإنساني، أو العمل ضد رغبة الفرد الحر، أي ضد إرادة الفرد وعقلـه. كما يطلق عليها "عمليات الإقناع الإجباري"، بهدف تحطيم الشخصية الفردية، وعادة ما يستخدم هذا الأسلوب ضد أسرى الحرب.

وتتم عملية غسيل المخ من خلال مرحلتين أساسيتين هما:

(أ) مرحلة العزل

وتتم بعزل الهدف عن باقي الأفراد وصور الحياة العامة (العالم الخارجي)، وإجراء عمليات الضغط الجسماني ـ التهديد ـ وأعمال التعذيب والإذلال النفسي، مع استغلال مؤثرات الجوع والعطش والآلام والعقاقير المخدرة التي تضعف قدرة الفرد على التحكم في إرادته، وهو ما يعني (محو أي أفكار مكتسبة)، بما يفقد الفرد الثقة في النفس، وإيمانه بعقائده، وبما يجعله أكثر استعداداً لتنفيذ أي توجيهات تتطلب منه، أن يسلك سلوكاً معيناً.

(ب)مرحلة الغرس/ التحول

ويتم من خلالها، تلقين وغرس الأفكار والعقائد الجديدة المطلوب توصيلها من المخطط إلى الهدف، مع حمل الهدف وتشجيعه على تعلم معايير سلوكية جديدة، وهو ما يعرف بـ "الإقناع بالواقع المزيف"، وعادة ما يستخدم هذا الأسلوب مع أسرى الحرب ـ العملاء والمساجين والمعتقلين.





2. أساليب الحملات النفسية المضادة




تقوم أجهزة العمليات النفسية، على كافة مستوياتها، (قوميه ـ إستراتيجية)، في الدولة، بدراسة الحملات النفسية المعادية وتحليلاها، لتحديد أهدافها ونتائجها، ومدى تأثيرها على الأفراد والجماعات. ثم تدرس على ضوء تخطيط وشن الحملات النفسية المضادة، متبعة في ذلك أحد الأساليب التالية:




أ. أسلوب التكييف

ويُعَدّ من أقوى الأساليب المضادة، تأثيراً، وأصعبها، تخطيطاً وتنفيذاً. إذ تتطلب وقتاً طويلاً، وإمكانيات كبيرة، لاعتمادها، أساساً، على نشر التعليم والثقافة، والتعريف بأساليب الحملات النفسية المعادية بين جميع أفراد المجتمع على كافة مستوياته العلمية والثقافية، من خلال المراحل الأولى للتعليم.





ب. أسلوب السبق أو الإحباط

ويعني قيام الأجهزة المعنية، بالإعلان والتحليل المسبق، لأحد الموضوعات التي قد تستغلها الأجهزة المعادية أو المعارضة، كموضوع لحملاتها النفسية المعادية، مثل الإعلان والتحليل المسبق عن تدريب مشترك للقوات المسلحة مع أحد الدول الأجنبية أو عقد معاهدات/ إعطاء تسهيلات عسكرية، لأحد الدول.





ج. التفنيد المباشر

وتقوم فيه الأجهزة المعنية، بالدراسة والتحليل والرد المباشر، على الحملات المعادية، ومراعاة أن يكون هذا الأسلوب كاملاً ومؤثراً وموقوتاً، حتى لا يؤدي إلى نتائج عكسية.





د. التفنيد الغير مباشر

هو عرض لموضوعات مناسبة، بهدف تفنيد الحملات المعادية وتكذيبها، بطريقه التخمين والتلميح، لإظهار وجه الحقيقة بطريقه غير مباشرة.





هـ. الأسلوب التحويلي

ويعني جذب انتباه الهدف المخاطب، لتحويله إلى موضوعات فرعية بعيداً عن الموضوع الأصلي للحملة النفسية المعادية، وذلك باستخدام موضوعات جديده، أو التركيز على موضوعات أخرى ثبت تأثيرها وأهميتها للهدف المخاطب.





و. التقليل من أهمية الموضوع

ويستخدم هذا الأسلوب في حالة عدم إمكانية المخطط استخدام أي من الأساليب السابقة، بنجاح، إذ يعمد إلى التصغير من شأن الموضوع، أو تهميشه، متبعاً أحد الأساليب التالية:

(1) الاقتصار على أبرز نواحي الضعف في الموضوع المعادي في صالح المخطط.

(2) التلميح بعدم إمكانية إذاعة الموضوع، بالكامل، في الوقت الراهن، لظروف خاصة (كشف نوايا ـ التأثير على سير تحقيق ... إلخ).

(3) الاكتفاء بإشارة عابرة أو مختصرة عن الموضوع، لمجرد الاحتفاظ بالثقة في عملية التبليغ، ثم إقفال الموضوع، نهائياً.





ز. أسلوب الصمت

ليس من المفضل أن تتولى الحملات النفسية المضادّة الرد على كل ادعاءات الحملات المعادية ذات الموضوعات التافهة، أو التي لم تحقق نجاحاً كبيراً، أو يكون الهدف منها النشر فقط. لذا، فإن هذه الموضوعات تواجه بالصمت والتجاهل، حتى يطويها النسيان، ويفوت على الحملة المعادية الهدف منها.





ح. أسلوب فرض القيود

وهو أصعب الأساليب المضادّة، فضلاً عن تأثيره العكسي على الهدف المخاطب، إذ تلجأ أجهزة الدولة إلى التشويش على وسائل العمليات النفسية (الإذاعات)، وحظر تداولها واستخدامها، وعادة ما تلجأ إليها الأجهزة في المناطق المحتلة.

 

التوقيع

 

 
 
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-10-2009, 10:04 AM
الصورة الرمزية حفصة
حفصة حفصة غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
الدولة: هناك في إحساسي ~
المشاركات: 410
معدل تقييم المستوى: 15
حفصة is on a distinguished road
رد: الحرب النفسية !

وسائل العمليات النفسية والمراحل والمبادئ أثناء الحرب



أولاً: وسائل العمليات النفسية



تُعرف وسائل العمليات النفسية على أنها الأدوات أو الوسائط المتوافرة والمتاحة التي يستخدمها مخططو العمليات النفسية لنشر رسائل موضوعات الحملة أو الحملات النفسية وتوصيلها إلى الأفراد والجماعات المستهدفة أو ما يُطلق

عليها " الهدف أو الأهداف المخاطبة ".



وتمثل وسائل العمليات النفسية الأداة الرئيسية في عملية الاتصال التي يتم بوساطتها أو من خلالها نقل وتوصيل رسائل الحملات النفسية من المرسل إلى المستقبل.

إلاّ أن لكل وسيلة من هذه الوسائل خصائص ومميزات ونقاط ضعف يجب على مخطط العمليات دراستها وتحليلها جيداً مع مراقبة نتائج تأثير الحملة والاعتبارات المختلفة لتطوير واختيار الوسيلة المناسبة لتوصيل الرسالة.



1. الوسائل المرئية (المطبوعة ـ المقروءة)



أ. تُعَدّ الوسائل التي يتضمنها هذا التقسيم من أقدم الوسائل وأكثرها استخداماً خلال مراحل الأزمات وتفجر الصراع المسلح لما تتميز به من إمكانية الاحتفاظ باحتياطي كافٍ منها مع إمكانية تمريرها من يد إلى يد، مع تغطيتها لمساحات شاسعة.

كما يمكن فحصها، بعناية، واكتشاف أي أخطاء بها قبل توزيعها

وعلى الرغم من تعدد أنواع المطبوعات (نشرات ـ صحف ـ رسوم ـ صور ـ كتب ـ قصص ـ لافتات ... إلخ)، إلاّ أن المنشورات لا تزال تمثل حجر الأساس وأكثر هذه الأنواع من الوسائل استخداماً في الحملات النفسية خاصة خلال تفجر الصراع المسلح.



ب. المبادئ الأساسية في إعداد المنشورات

(1) توفر الكوادر المؤهلة لأعداد المنشور سواء من حيث اختيار وإعداد وصياغة الموضوع، وإعداد وتصميم الرسومات، واختيار وتركيب الألوان والطباعة ... إلخ.

(2) كلما كان الموضوع والكتابة مؤثراً في قارئ المنشور، كلما حقق الهدف منه (سرعة الانتشار والاقتناع بمضمون الموضوع) ويتأتى ذلك باختيار الموضوعات المنطقية أو العاطفية وتنوعها، مع التركيز على الرسوم، واستخدام كلمات قليلة

ومؤثرة.

(3) الموضوعية في صياغة مضمون المنشور وعدم تحيز كاتبه لوجهة نظر محدده أو

ميول شخصية، أي أن يكون الموضوع غير مغرض.

(4) الإيجابية من خلال الروح الهجومية التي يجب أن تتصف بها الحملات النفسية، وألاّ يُكتفى في إعداد المنشورات، بأن يكون الغرض من موضوعاتها الرد أو تفنيد الدعاية المعادية.

(5) المرونة في إعداد المنشور من حيث الشكل والمضمون لمجابهة إجراءات القيادة المعادية لمنع وصول المنشور إلى الأهداف المخاطبة.



ج. ومن أهم مزايا المنشورات ما يلي:

(1) الاستمرارية أو الإستدامة، سواء من حيث كونه تسجيل مستديم باقي الأثر، أو من حيث إمكانية الاحتفاظ به بواسطة الهدف، والرجوع إليه.

(2) سهولة التداول، وتعدد وسائل النشر والتوزيع.

(3) إمكانية استخدام التخيلات والتصورات الخطية، لما يلائم ذكاء والمستوى التعليمي والثقافي للهدف/ الأهداف المخاطبة.

(4) قد يحقق المنشور تأثيرات أخرى إضافية في الهدف المخاطب بخلاف المضمون المكتوب أو المرسوم، فقد تثير الألوان أو شكل حروف الطباعة وحجمها مشاعر الهدف لفكرة أخرى غير المستهدفة في المضمون.

(5) فقد يستغل المنشور في أكثر من هدف، كاستغلاله ترخيصات مرور، أو بطاقات آمنة، تشرح لجنود العدو وتتيح لهم فرصة وأسلوب تسليم أنفسهم للقوات الصديقة.



د. أما من حيث عيوب المنشورات فتتركز في الآتي:

(1) يتطلب وقتاً طويلاً للأعداد ـ التحضير ـ الطباعة ـ تعبئه المنشورات وتوزيعها.

(2) عدم توافر أو محدودية الإمكانيات والمتطلبات الخاصة بإعداد المنشورات خاصة من حيث:

(أ) حجم الطاقات والقدرات الإنتاجية، لماكينات الطباعة المتوفرة.

(ب) توافر الورق والأحبار اللازمة.

(ج) التوازن المطلوب، من حيث حجم عدد النسخ المطلوبة مع عاملي الوقت والإمكانيات.

(3) عدم توافر وسائل النشر والتوزيع ومدى إمكانية المتوفر منها من حيث (السعة ـ مدى التوزيع).

(4) عدم ضمان وصول المنشورات إلى الأهداف المحددة بالنظر إلى الإجراءات المضادّة التي قد يقوم بها العدو.



ومما سبق يبرز أمام المخطط عقبة أساسية، تتطلب الخبرة والمرونة، للإجابة وسرعة التصرف.



هـ. أنواع المنشورات

تستخدم المنشورات في جميع مراحل الحرب، سواء قبل وأثناء وبعد الحرب.

إلاّ أنه خلال كل مرحلة يتطلب من المخطط استخدام نوع محدد من جملة أنواع المنشورات التي تختلف في أغراضها, موضوعاتها، شكلها، ونوع الهدف المخاطب، التي ستوجه إليه هذا.

وتُعَدّ من أكثر الأنواع التالية استخداماً خلال مراحل الحرب، المنشورات السياسية، العاطفية، العملياتية، الإعلام/ الأخبار، الخداع، النداء، تصاريح المرور، التخويف، الدعوة ... إلخ. (اُنظر شكل بطاقة دعوة)



و. توزيع المنشورات

(1) يتم توزيع المنشورات على الهدف المخاطب من خلال خطة للسيطرة ومراقبه الحملة ومن خلال عدة وسائل يتوقف استخدام أية وسيلة منها على مجموعه من العوامل التي من خلالها يتم تحديد انسب وسيله ومن هذه العوامل:

(أ) الهدف المخاطب وموقعه (في العمق التكتيكي ـ العملياتي ـ الإستراتيجي).

(ب) تاريخ وتوقيت التوزيع، وهل هو في المرحلة التحضيرية؟ أم أثناء إدارة العمليات؟ … إلخ. وكذلك توقيتات النشر.

(ج) حجم ومساحات الهدف/ المنطقة المطلوب تغطيتها بالمنشورات.

(د) حجم وإمكانيات الوسائل المتوفرة والمتاحة للتوزيع.

(هـ) أبعاد (مقاسات) ونوع المنشورات المطلوب توزيعها.

(و) الإجراءات المعادية لمقاومة المنشورات (تجريم ـ جمع ـ دعاية مضادة ... إلخ).



(2) وتتركز عموما الوسائل المستخدمة في توزيع المنشورات في الآتي:

(أ) ذخائر المدفعيات، والهاونات، خاصة من الأعيرة الكبيرة، وعادة ما تستخدم هذه الوسيلة، على المستوى التكتيكي، ولتغطيه مساحات وأعماق محدود خلال مرحلتي التحضير وإدارة العملية.

(ب) القوات الجوية، ومدى توافر طائرات النقل، وقنابل الطائرات المقاتلة، كذلك الطائرات العمودية التي يمكن استخدامها، لمصلحة إطلاق ونشر المنشورات.

(ج) بوساطة عناصر الاستطلاع والعملاء والمندوبين.

(د) بواسطة البالون.





2. الوسائل المسموعة



أ. تُعَدّ هذه الوسيلة واحدة من أهم وسائل العمليات النفسية وأكثرها استخداماً خلال مراحل نشوب الصراع المسلح، لما تمثله من سرعة واتساع نطاق التعامل مع الأهداف المخاطبة ويفوق أي وسيله أخرى.



ب. وفى ظل التطوير الهائل للوسائل المسموعة، كوسيلة اتصال لنقل الرسالة، نجد أنها تتميز بالعديد من السمات أبرزها ما يلي:

(1) سرعة إعداد وتجهيز النصوص والبرامج الإذاعية، التي تتعلق بالأخبار، وتطورات العمليات العسكرية ونشرها، على مواجهات شاسعة وإذاعتها ونشرها على الأهداف المخاطبة في الوقت المناسب.

(2) اتساع مواجهة وعمق نطاق التغطية، مع سهولة وصولها إلى المناطق المحاصرة أو المحتلة.

(3) تنوع أشكال النصوص والبرامج المستخدمة وأساليبها (إخبارية ـ إعلامية ـ ترفيهية ـ حديث ـ تمثيلية ... إلخ)، بما يحقق مبدأ التشويق وجذب الانتباه للهدف المخاطب وإخفاء المضمون الأساسي للدعاية.

(4) سهولة الإدراك وعدم الاحتياج لجهد كبير لفهم واستيعاب الرسالة.

(5) القدرة على إثارة الانفعالات التي تفتقر إليها الكلمة المحررة على الورق.

كذلك سرعة الإقناع باستغلال التأثير الناتج عن اختلاف نبرات الصوت واللهجة والمؤثرات الصوتية.

(6) صعوبة المراقبة والحظر على الاستماع لهذه النوعية من الوسائل (إذاعات ـ مكبرات صوت ـ شرائط كاسيت ... إلخ)، وذلك من قِبل القيادات على مختلف مستوياتها.



ج. أمّا من حيث أوجه القصور التي قد تبرز، كنقاط تعرّض، في استخدام هذه الوسيلة، فتتركز في الآتي:

(1) تعرّضها إلى أعمال الإعاقة والتشويش، فضلاً عن الأعطال الفنية، وسوء الأحوال الجوية، الإرسال ـ المناورة بالمحطات الإذاعية ـ تدمير أجهزه الإعاقة … إلخ.

(2) إجراءات الحظر، وفرض القيود الأمنية، التي تحظر الاستماع إلى هذه الوسائل أو نقل موادها على شرائط الكاسيت.

(3) تعرّض هذه الوسائل لأعمال التدمير، سواء بالقذف الجوي أو أعمال التخريب.

(4) عدم توافر الأجهزة اللازمة لاستقبال الرسائل المذاعة من هذه الوسائل، سواء نتيجة عدم كفايتها أو بسبب فرض القيود.

(5) تنافس الإذاعات، المعادية والمحايدة، مع الإذاعات الموجَّهة بغرض جذب انتباه الهدف المخاطب. كذلك إمكانية قيام الإذاعات المعادية بتقليد أو تضليل (خداع) أحد الإذاعات المحبوبة، وبث برامجها الدعائية، لتضليل الأهداف المخاطبة.

(6) صعوبة تقييم نتائج الحملات النفسية، وقياس رد الأفعال للهدف المخاطب.





د. تتضمن الوسائل السمعية التي يستخدمها المخطط، في الحملات النفسية، ما يلي:



(1) الإذاعات الإستراتيجية



(أ) من أهم الوسائل المتاحة، والتي تستغل، بالتنسيق مع وزاره الإعلام، لاستخدامها خلال مراحل الصراع المسلح. كما يمكن، بالتنسيق مع الدول، الشقيقة والصديقة، تحديد مساحات زمنية على خرائطها الإذاعية، لاستغلالها في توجيه البرامج والموضوعات الإذاعية إلى الأهداف المخاطبة، سواء المعادية أو الحليفة أو الصديقة، وعادة ما تتضمن موضوعات التنسيق:

· نوع ومساحة البرامج الإذاعية .

· موعد إذاعة هذه البرامج .

· طرق تسجيل البرامج والنصوص الإذاعية ومراقبتها والتصديق عليها .

· كما قد تستخدم الإذاعات الإستراتيجية في معاونه العناصر السرية (عملاء ـ مندوبين) العاملة داخل الدولة الهدف وذلك بنقل المعلومات والتوجهات الهامة والعاجلة والتي تتطلب تنفيذ إجراءات عاجله[4].

(ب) تصمم البرامج والنصوص الإذاعية، في تنسيق وتزامن، مع أنواع المنشورات وموضوعاتها، التي تتضمن وثيقة مراقبة الحملة النفسية. وعاده ما تتضمن خريطة الإذاعة الإستراتيجية لمصلحة دعم الحملات النفسية البرامج التالية:

· البرامج الإخبارية

تشمل البرامج الإخبارية أخر أنباء الموقف والحالة في جبهات القتال والدول محل الاهتمام. إلى جانب الأنباء عن انتصارات القوات الصديقة، والموقف الداخلي، ومواقف الدول، الصديقة والمحايدة... إلخ. وتنقسم البرامج الإخبارية إلى:

· خبر إعلامي وهو عبارة عن خبر مختصر جداً، ولكنه قوي في محتوياته، ويؤثر تأثيراً مباشراً وقوياً في العدو. ويذاع عند اللزوم، وعند توفر المعلومات اللازمة لهذا النوع، مثل: حدوث اشتباك أو حادثة معينة أو تحقيق نجاح بارز لقواتنا.

· التعليق والتعليق يرتبط بموضوع رئيسي، له لون سياسي، يدور حوله التعليق، وغالباً ما يدور حول معلومات مهمة عن اشتباكات أو حوادث داخلية من معسكرات العدو.

· الحوار

يتم مع كبار رجال الدولة، والقادة، والمحللين العسكريين، من القوات الصديقة والمتحالفة، حول آخر تطورات العمليات وسيرها، والنتائج المحققة، أو حول ما تردده الدعاية المعادية. كما يمكن إجراء الحوار مع أسرى الحرب من العدو، وخاصة القادة.

· الحديث

يستخدم نادراً، إلاّ أن له مزايا خاصة، تجذب انتباه الهدف المخاطب، إذ يُدار، دائماً، في جو ودي حول موضوع ومشكلة حية، ويتوقف نجاح الحديث، دائماً، على حسن اختيار المتحدثين.

· اللقاءات والاجتماعات الخطابية

وهي اللقاءات التي تجري مع سكان الأراضي المحررة، ويتم اختيار فقرات مرتبطة بموضوع واحد من الخطب التي يتم إلقاؤها، ثم تُذاع على العدو بعد ذلك.

· الريبورتاج

وهو أصعب أنواع النصوص الإذاعية، وأكثرها فاعلية على الهدف المخاطب. إذ يُدار، دائماً، من مكان الحوادث، أو أثناء سير العمليات العسكرية ومع صانعيها (قادة ـ ضباط ـ جنود ـ مدنيين ـ أسرى ـ سكان ... إلخ)، هذا ويتطلب الريبورتاج دقة وحنكة في تنفيذه.

· القصة

والقصة، دائماً لها بطلها الذي عادة ما يكون أحد المقاتلين في الدولة الصديقة، أو معادياً استسلم لنا يحكي قصه استسلامه/ انضمامه ويدعو زملاءه للحذو حذوه. كما يمكن أن تُظهِّر القصة، النواحي الإنسانية لرجالنا في الحرب، لخدمة أهداف الدعاية الصديقة، ولفضح الدعاية المعادية وتكذيبها.

هذا فضلاً عن البرامج الترفيهية ـ الموسيقى .. إلخ. التي تتضمنها الخريطة الإذاعية، كعامل جذب وقبول لتهيئة مزاج الهدف المخاطب بالعمل على حفظ توازن البرامج.



(2) الإذاعات التكتيكية



(أ) عبارة عن محطات إذاعية، خفيفة، متنقلة، ذات قدرات وإمكانيات محدودة، تغطي العمق التكتيكي والعملياتي، وعادة ما تكون ضمن تنظيم وحدات أو عناصر العمليات النفسية، التي تعمل في مسار الحرب ضمن نطاق الجيوش لإسناد أعمال قتال التشكيلات والوحدات.

(ب) يُخطط لهذه المحطات بوساطة وحدات العمليات النفسية وعناصرها، في تنسيق مع موضوعات البرامج ونصوصها الإذاعية، للمحطات الإستراتيجية.

(ج) تستخدم هذه النوعية من الوسائل لتنشيط معنويات القوات، الصديقة والحليفة، وخفض الكفاءة القتالية لقوات العدو العاملة في نطاقها. كذلك تحريضه على الهروب والاستسلام كما قد توجه للقوات الصديقة والحليفة لرفع معنوياتها ودعم أعمال قتالها.

(د) عادة ما تتركز الموضوعات المستخدمة في هذه المحطات على نشرات الأخبار وبيانات ورسائل أسرى الحرب. كذلك لقاءات أحاديث مع القادة والجنود ورسائلهم إلى ذويهم.



(3) الإذاعات السرية



(أ) قد تُستخدم هذه النوعية من الإذاعات وكأنها تبث من داخل الدولة المعادية، ومن مصادر منشقة داخل الدولة الهدف.

(ب) عادة ما تُستخدم موضوعات وأساليب لا تسمح بتأديتها بطرق أخرى وتعتمد على المعلومات والأخبار المؤكدة والموقوتة إلاَّ أنها تُعالج بوساطة أجهزة المخابرات لتحقيق الهدف منها.

(ج) يمكن أن تثير القلق بين قيادات الدولة الهدف، نتيجة وجود منشقين/ معارضين

بين العاملين فيها.



(4) الإذاعة المحمولة جواً



(أ) عبارة عن محطات إذاعية، خفيفة، محمولة على طائرات النقل، مثل الطائرة سي 130 ـ اليوشن …إلخ، وتديرها عناصر من العمليات النفسية، إذ يتم إذاعة برامج سابقة التسجيل (شرائط كاسيت) وتستخدم في حالة عدم وصول/ وضوح إرسال المحطات الإستراتيجية، وعدم تمكن المحطات التكتيكية من التغطية نتيجة العامل الأرضي/ بعد المسافة …. إلخ.

(ب) كما تستخدم كمحطة إعادة إذاعة للبرامج الإذاعية التي تبث من المحطات الإستراتيجية أو التكتيكية، لزيادة مدى تغطيتها أو تستغل للدخول على الشبكات اللاسلكية المعادية لتوجه إمّا برامج إذاعية قصيرة، (النص القصير)، والذي يُعَدّ في شكل برقية تستغرق من 3 ـ 5 دقائق، لإجراء حوار مع قادة الوحدات الفرعية/ الفرعية الصغير، لحثهم وإقناعهم بالاستسلام مع وحداتهم.



(5) مكبرات الصوت



(أ) إحدى الوسائل التي تلعب دوراً هاما في توجيه رسائل الحملات النفسية خاصة على المستوى التكتيكي وفى جميع صور المعركة لما تتميز به من خفة حركة ـ سرعة في إعداد وإذاعة الموضوعات الجارية.

(ب) تستخدم هذه الوسيلة العلنية عادة مع تشكيلات ووحدات الأنساق الأولى إما ثابتة أو محمولة على مركبات ـ دبابات ـ طائرات عمودية أو نقل لإذاعة النداءات والرسائل التي تهدف إلى:

· السيطرة على أسرى الحرب، وتوجيههم إلى نقاط ومعسكرات جمع الأسرى (نداءات تسليم).

· تنفيذ إجراءات الخداع التكتيكي، مثل تضخيم أصوات جنازير الدبابات والمركبات المدرعة، التي تظهر وكأنها تهاجم إحدى الأجناب لجذب انتباه الهدف المخاطب لاتجاه مخادع.

· تحريض أفراد العدو على الاستسلام أو الهروب من المعركة.

· تنفيذ أعمال الإزعاج للقوات المعادية بإذاعة أصوات الانفجارات أو إصدار أصوات مزعجة .. إلخ.

· تسهيل أعمال القوات الصديقة عند دخولها المدن والمناطق المحررة بتوجيه النداءات للتنظيم والسيطرة على السكان المحليين.

(ج) يراعى إعداد النداءات والرسائل الخاصة بعناصر مكبرات الصوت مقدماً، لاستغلالهاً أثناء العمليات. إذ لا يتوافر الوقت الكافي لإعداد هذه الرسائل أثناء القتال الفعلي على أن تكون قصيرة ومحدده وواضحة الهدف.

(د) عادة ما تتضمن الرسائل التي تذاع من هذه الوسيلة على النداءات المباشرة ورسائل لخفض الروح المعنوية، كذلك نداءات التحذير والإنذار النهائي.



3. الوسائل السمعية والمرئية



أ. من أهم الوسائل المؤثرة، والأكثر إقناعاً وتأثيراً، على عملية تغيير سلوك الهدف/ الأهداف المخاطبة. كما تتميز بكونها أكثر وسائل العمليات النفسية جاذبية كونها تعتمد، في مواجهة الهدف، على حاستَي السمع والبصر.

ب. إمكانية جذب قاعدة عريضة من المشاهدين والأهداف المخاطبة، على كافة مستوياتهم، الثقافية والعملية، فضلاً على توحيد مفهوم الموضوع والرسالة التي تُبث.

ج. تضطلع هذه الوسيلة بدور رئيسي ومؤثر، إلى حدٍّ كبير خلال مراحل إدارة الأزمات والصراع المسلح، خاصة في ظل التقدم الهائل في وسائل وأساليب نقل المعلومات والبرامج والأحداث … إلخ، وذلك عبْر الأقمار الصناعية، وقنوات الاتصال الفضائية، وهو ما أبرزته ولا تزال تبرزه تطورات أزمة الخليج، ومراحل الصراع المسلح، الذي دار خلالها، وذلك من خلال تجسيد أنه:

(1) لا يعني هنا اقتصار الوسيلة على الجهاز، في حد ذاته، بل تتعداه، حالياً، إلى شبكات التليفزيون، الإقليمية المحلية والعالمية. وكذلك شركات الإعلان والدعاية والمراسلين وما يقوموا بإعداده من برامج وأفلام تسجيلية وأحاديث ولقاءات ... إلخ مع الرؤساء والقادة العسكريين ـ السياسيين .. إلخ.

(2) تستغل هذه الوسيلة لنقل الرسائل إلى المشاهدين من خلال البرامج والنشرات الإخبارية والمناظرات والندوات واللقاءات والتمثيليات وأفلام الكرتون .. إلخ. كذلك من خلال الأفلام التسجيلية والثقافية.

(3) ويُعَدّ من أهم الوسائل السمعية والمرئية التي تستخدم في الحملات النفسية، خلال مراحل نشوب الصراع المسلح، خاصة أثناء المراحل التحضيرية ما يلي:

(أ) التلفزيون والفيديو كاسيت.

(ب) السينما وأفلام الكرتون (صورة متحركة).

(ج) المناطق والمزارات السياحية مثل الصوت والضوء ـ آثار .. إلخ.

(د) الأنشطة المدنية، متمثلة في: المعارض ـ العروض الفنية ـ المسيرات والمظاهرات.

(هـ) الأنشطة العسكرية، متمثلة في: الاستعراضات العسكرية والبيانات ـ المناورات ومعارض الأسلحة ـ التحركات والحشود العسكرية.



ثانياً: مراحل ومبادئ العمليات النفسية أثناء الحرب



تقوم العمليات النفسية، عموماً، على قاعدة سيكولوجية تستهدف التأثير على اتجاهات الأهداف المخاطبة وسلوكها، إذ يلجأ المخطط إلى شتى الطرق والأساليب التي تؤثر على الإدراك الإنساني، لإحداث التغيير في اتجاهاته، وقيمه، وإرادته، وأفكاره. أمّا أثناء نشوب الصراع المسلح، فيركز مخططو العمليات النفسية، ومن خلال المضمون نفسه، للقاعدة السابقة، على خلق حالة من الذعر والذهول الجماعي، تؤدي إلى إثارة القلق واضطراب السلوك، ومن ثم، تدمير الروح المعنوية وإرادة القتال لدى الخصم، وذلك من خلال ثلاث مراحل رئيسية كالآتي:



1. إثارة الذعر

ويتم خلال هذه المراحل التركيز على إثارة الصراع، وإحداث خلل في التوازن النفسي للفرد، وذلك من خلال الموضوعات التي تتضمنها الحملات النفسية المتكررة، والتي تستهدف إقناع الأفراد بحتمية نشوب الحرب، ومن ثم، ورود احتمالات الموت أو الإصابة الشديدة أو الأسر وأنه في الوقت عينه يتوافر لديه إمكانية النجاة بالنفس مما يساعد على تولد حالة من عدم الثقة والتوتر لدى الأفراد المقاتلين.



2. التخلص من القلق والصراع

ويقوم المخطط، خلال هذه المراحل، بالتركيز على إقناع الهدف، مره أخرى، بأن نشوب الحرب، والخوف من الموت، من الأمور المستبعدة، مع ضعف نسبة وقوعها أو حدوثها، مما يخلق معها حالة من الانقسام وعدم الاستقرار بين أفراد الهدف المخاطب.



3. تجسيم مشاعر القلق

وتبدأ هذه المرحلة بعد فترة من الهدوء والاستقرار، ودراسة نتائج المرحلتين السابقتين وتحليلها. إذ تشن حملات نفسية، تستهدف خلخلة التوازن النفسي للأهداف المخاطبة، التي تؤدى إلى ازدياد القلق وعدم الاستقرار. ويمكن خلال هذه المراحل تقسيم الأهداف المخاطبة من حيث تأثرها، نفسياً، إلى ثلاثة أنواع هي:

أ. أقلية تحتفظ بهدوء أعصابها.

ب. أقلية تنهار، نفسياً، وتُصاب بما يشبه الشلل العقلي.

ج. أغلبية تصاب بحالة من الذهول الجماعي، وهي الهدف المخاطب التي تركز عليها الحملات النفسية لتعزيز هذا الشعور ويمكن تقسيم هذه المجموعة إلى فئتين:

(1) فئة تعتقد بأنها المقصودة من الحملة النفسية، فتعتريها المخاوف المرضية.

(2) فئة ثانية تشعر بالوحدة وتخلي الآخرين عنها (يصبح الأصدقاء والحلفاء محل شك).



4. أسس ومبادئ نجاح العمليات النفسية

يتوقف نجاح قوات العمليات النفسية ووسائلها، في أدائها لمهامها على القدر المتوافر لها من المعلومات عن الأهداف المخاطبة، التي تشن أو توجه إليها الحملات. فالعمليات النفسية، بطرقها وأساليبها المختلفة، لا تحقق أهدافها، إلاَّ بقدر ما يستخدمه المخطط من حقائق وبراهين، لإقناع الهدف المخاطب، وللعمليات النفسية، بصفة عامة، مجموعة من الأُسُس والمبادئ الرئيسية، ترتكز عليها ويتوقف نجاح المخطط في تحقيق هذه المبادئ، على قدر معرفته، ودراسته التحليلية، للهدف المخاطب في الدولة أو الدول محل الاهتمام، التي تُشن وتوجَّه إليها الحملات النفسية. ومن أهم هذه المبادئ:



أ. تكامل ودقة المعلومات: (المعرفة العميقة بالدول محل الاهتمام)

تعتمد العمليات النفسية على المعلومات والحقائق الموضوعية عن الدولة/ الدول محل الاهتمام، بما يُمكِّن المخطط من التحديد والتحليل الجيّد للهدف أو الأهداف المخاطبة، من كافه النواحي، للتعرف على نقاط الضعف والتعرّض. ومن ثم تركيز الحملات النفسية عليها، لتنميتها.



ب. الاستغلال الأمثل للدوافع والحاجات الأساسية

يعطي مخططو الحملات النفسية، على مستوياتها المختلفة، عند إعداد الحملة وإدارتها، أهمية وأولوية خاصة، لاستغلال كل من الحاجات الأساسية للأفراد (الجوع ـ العطش ـ الأمن ـ الجنس)، والدوافع الثانوية، كالتقدير الاجتماعي ـ الانتماء ـ تحقيق الذات … إلخ.



ج. استغلال العمليات العقلية اللاشعورية

من أساليب التوافق النفسي، لكل نفس بشرية، الميكانيزمات الألية، التي تلجأ إليها هذه النفس عند الاصطدام بالفشل، والرغبة في التخلص من القلق والتوتر. وهو ما يُطلق عليها بـ " الحيل الدفاعية "، أو " العمليات العقلية اللاشعورية/ الاستبدالية " (التبرير ـ الإسقاط ـ النقص ـ القلب ـ التفكك .. إلخ)، التي من الضروري أن يقوم مخططو الحملات النفسية بالتعرف عليها للأهداف في الدول محل الاهتمام.



د. مركزية التخطيط الشامل

يجب أن يتم التخطيط الشامل للعمليات النفسية، على المستوى القومي، ومن خلال لجنة تضم خبراء متخصصين في كافه المجالات تقوم بوضع التخطيط الشامل للعمليات النفسية. كذلك تحديد كافة الاحتمالات والبدائل للخطة المقترحة وتعمل هذه اللجنة باستقلالية وتكامل وتنسيق مع الأجهزة والهيئات المعنية، على أن تقوم المستويات الإستراتيجية بوضع الخطط التخصصية المرحلية لكل مستوى.



هـ. توفر الكوادر الفنية المؤهلة (التخصص)

يتطلب التخطيط الناجح والواعي للعمليات النفسية، عده مجالات تخصصية مختلفة (سياسي ـ اقتصادي ـ اجتماعي ـ إعلامي ـ نفسي .. إلخ)، مما يستلزم معه الاعتماد على خبراء متخصصين ومؤهلين، ومن ذوى الخبرة، في كل مجال منها عند إعداد وتطوير الحملات النفسية.



و. التوقيت المناسب

وهو ما يعني تنظيم الحملات النفسية وإدارتها في التوقيت المحدد، بخطط الإدارة، على أن يرتبط التخطيط للعمليات النفسية الميدانية، بخطط العمليـات، علـى الاتجاهات الإستراتيجيـة لمسـرح الحـرب (يتم التخطيط لها في الوقت نفسه مع مخطط العمليات)، كما يعني هذا المبدأ، كذلك، الاستخدام الموقوت للموضوعات والتوزيع بالوسيلة المناسبة، وفى التوقيت المناسب. فعلى سبيل المثال، لو كان هناك منشور مطلوب إعداده عن موضوع معين، في وقت معين، وتم تحضير المنشور في الوقت المناسب، ولكن التوزيع لم يتم في الوقت المحدد، والمناسب، يعني ذلك فشل المهمة والغرض من رسائل المنشور.



ز. المصداقية والقبول

على الرغم من أن الصدق هو المبدأ الرئيسي للعمليات النفسية، إذ تمثل الحقائق الأساس القوي الذي يترك أثره في المستقبل (جسر الثقة بين المُرسِّل والمستقبِل)، إلاَّ أن الصدق، وحده، لا يصنع، دائماً، الحملات النفسية الناجحة. إذ إن الحقائق الصادقة في الحملات النفسية، أمر نسبي، يخضع لاعتبارات عديدة، كظروف الحملة، والهدف، وتطورات الموقف الراهن.



ح. المرونة

ويأتي هذا المبدأ من خلال التعامل مع الواقع، وكل من متطلبات ومعطيات المرحلة. إذ لكل طرف ومرحلة أسلوب ومرتكزات وأهداف تفرضها تلك المعطيات.

فالعمليات النفسية تقوم على البحث الذي يقف وراءه أخصائيون، يرسمون معالمها، ويحددون خطاها، ودراسة وتحليل نتائج هذا التخطيط، من خلال تقييم وتحليل نتائج الإدارة والدروس المستفادة، للعمل على تطوير الحملات النفسية.



ط. الاستمرارية

وتعني استمرارية العمليات النفسية قبل وخلال مراحل الحرب المختلفة، وملاحقتها لكافه التطورات، وصور المعركة مع الاستغلال الأمثل لكافة الوسائل والأساليب المتوافرة والمتاحة، وبما لا يترك ثغرة أو فراغ





خطوات التخطيط والعوامل المؤثرة على العمليات النفسية



أولاً: الخطوات الرئيسية في تخطيط العمليات النفسية



يُعَدّ التخطيط للعمليات النفسية، عملية مستمرة تتطلب أفقاً واسعاً، وإعداداً وتصميماً قوياً، لمتابعة المتغيرات الحادة في المواقف، ولضمان تحقيق النتائج المرجوة من العمليات النفسية، بكافه أنواعها ومستوياتها، التي تُشن وتوجَّه للدول محل الاهتمام. يجب أن يراعى المخططون عدد من الاعتبارات الأساسية أبرزها:



1. ضرورة تطبيق مبدأ مركزية التخطيط ولا مركزية الإدارة.

بمعنى أن التوجيهات والتعليمات تصدر عن سلطة مركزية تتولى الإشراف على عمليات التخطيط على المستويَين القومي والإستراتيجي، أمّا تحديد الأساليب والوسائل المستخدمة في إدارة الحملات النفسية فيتم بوساطة الوحدات والعناصر المنفذة.



2. أن يبنى التخطيط على المعلومات الدقيقة والموقوتة التي تتناول اهتمامات الهدف والأهداف المخاطبة .

هذا مع مراعاة المستويات والاتجاهات السياسية والثقافية والاجتماعية لأفراد وجماعات الهدف/ الأهداف المخاطبة.



3. إخفاء أعمال التخطيط بحيث لا تبدو في صورة الأعمال الدعائية حتى لا يؤدي ذلك إلى فشل الحملة النفسية.



4. البساطة والمرونة في التخطيط بحيث يتماشى مع التطورات اليومية مع إمكانية التكرار في استخدام الموضوعات والشعارات بوساطة أكثر من وسيلة من دون أن يكون ذلك مملاً أو يؤدي إلى كشف الهدف من الحملة النفسية.



5. معرفة دقيقة وفهم جيد من القائمين على التخطيط بالعلوم الأساسية (النفسي ـ الأجناس ـ الاجتماع ـ التاريخ ـ العلوم السياسية).

إلى جانب إلمامهم بالمعلومات عن لغة وتقاليد وتاريخ وعادات الجماعات والأهداف في الدول محل الاهتمام.



6. الاستخدام الأمثل لوسائل العمليات النفسية المتوافرة والمتاحة مع معرفة مهنية بوسائل الإعلام (إذاعة ـ استخدام النشرات ـ المنشورات ـ الصحافة) لتوضيح رسالة معينة إلى مجموعات أو أفراد أو استخدام التليفون لتوصيل رسالة مقصودة إلى أناس يقيمون في مناطق لا تصل إليها وسائل الأعلام الأخرى.



التخطيط للعمليات النفسية



يمكننا تحديد مراحل التخطيط للعمليات النفسية، في تسعة خطوات رئيسية، على النحو التالي:



1. تحديد المهمة

تحدد مهام العمليات النفسية لأجهزة وعناصر التخطيط للعمليات النفسية في أي وقت وخلال أي مرحلة من مراحل التخطيط. ويتوقف ذلك على تطورات الموقف، والأهداف، وأهمية الهدف النفسي وأسبقيته، والتأثير المطلوب إحداثه في الهدف والأهداف المخاطبة، هذا ويتوقف، بالدرجة الأولي، على حجم ونوع المعلومات والدراسات التي ترتكز، أساساً، على موضوعات واهتمامات الهدف المخاطب، ونقاط الضعف والتعرض فيه.



2. تقدير الموقف النفسي

أ. تقع مسؤولية تقدير الموقف النفسي، على عاتق عنصر التخطيط بمؤسسات أو أجهزة العمليات النفسية، بالاشتراك مع أجهزة جمع وتحليل المعلومات وأجهزتها، وذلك لإعداد التقديرات وتحديد التهديدات والعدائيات المنتظرة.

ب. ويعتمد تقدير الموقف النفسي، على التقدير السليم لعوامل ونقاط القوة والضعف، والتعرض، والدوافع المؤثرة على الهدف أو الأهداف المخاطبة، سواء من الناحية السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، وتتضمن مشتملات تقدير

الموقف النفسي الآتي:



(1) تحديد ودراسة الدوافع وراء سلوكيات الهدف المخاطب، وهنا يجب على المخطط أن يصل خلال عمليه تقدير الموقف، إلى نوع الدافع الذي أدى بالهدف لانتهاج سلوك معين، هل هو دافع اقتصادي؟ أو اجتماعي؟ أم سياسي؟ أو هدف نفسي؟ مع إعطاء عناية خاصة بالدوافع النفسية، خاصة عند التخطيط ضد الدول المعادية أو محل الاهتمام.

(2) تحليل نقاط الضعف والتعرض في الأهداف المخاطبة، مع التركيز على العوامل المؤثرة فيها، سواء سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، وإبراز المقترحات الخاصة بالوسائل والأساليب التي يمكن استخدامها لزيادة فاعليتها.

(3) تحديد ودراسة نقاط القوة في اتجاهات ومشاعر الهدف أو الأهداف المخاطبة، واكتشاف أهم العوامل والدوافع التي يمكن استغلالها، لاختراق مواطن القوة والعمل، على إضعافها مع التركيز في العوامل والدوافع النفسية، خاصة ضد الأهداف المعادية وأثناء الصراع.

(4) دراسة حجم وإمكانيات ومدى صلاحية وحدات وعناصر ووسائل العمليات النفسية المتوافرة والمتاحة.

(5) تحديد مقترحات توظيف استخدام عناصر ووسائل العمليات النفسية متضمنة:

(أ) تحديد المهام الرئيسية للعمليات النفسية.

(ب) تخصيص العناصر المسؤولة عن تنفيذ مهام العمليات النفسية.

(6) التوصيات الخاصة بإجراءات العمليات النفسية وأساليبها المطلوب تنفيذها بسرعة لمصلحة أعمال العمليات النفسية، مثل:

(أ) إجراء وتنفيذ زيارات عاجله، أو مؤتمرات، أو مفاوضات، أو إجراء تنسيق سياسي معين.

(ب) أي أعمال عسكرية إيجابية (عمليات خاصة ضد أهداف/ هدف إستراتيجي نفسي)، أو تهديدات عسكرية، مباشرة أو غير مباشرة.

(ج) الإجراءات الإعلامية التي يجب القيام بها، أو تجنبها، ومطلوب تنفيذها في توقيتات محددة.

(د) إجراءات اقتصادية بإيقاف تصدير أو استيراد أي احتياجات حيوية من الدولة الهدف.

(7) وتنتهي عملية تقدير الموقف النفسي، بإعداد وثيقة تحليل الهدف، الذي يتم اختياره بناء على كل نقطة من نقاط القوة والضعف في بند الخصم على أن يتم تصميم وإعداد ورقة تحليل لكل هدف على حدة وتصدر هذه الوثيقة مشتملة على:

(أ) الهدف القومي، ويؤكد فيه الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه على أعلى مستوى.

(ب) مهمة العمليات النفسية، وتحدد فيها مهام العمليات النفسية المستخدمة لتنفيذ الهدف القومي.

(ج) الهدف المخاطب، التعريف بالهدف المخاطب وأسباب اختياره.

(د) العوامل الخارجية التي تؤثر على الهدف ويمكن أن تستغلها عناصر العمليات النفسية.

(هـ) الاتجاهات والهدف النفسي.

(و) مؤشرات التأثير، وتشمل رد الفعل المباشر للهدف بعد استقباله للرسالة.



3. إعداد خطة العمليات النفسية

يبدأ في إعداد خطة العمليات النفسية، عقب اتخاذ القرار بشن العمليات النفسية، والتصديق عليه ويتم وضع الخطوط الرئيسية لإعداد الحملة النفسية وشنها مرتبطة بتوقيتات محددة كما يحدد بها الوسائل المختلفة والمستخدمة في الخطة.

وتُعَدّ الخطة بأجهزة التخطيط للعمليات النفسية على المستوى الإستراتيجي، متضمنة الآتي:

أ. الهدف من الخطة، ويحدد فيه الهدف القومي لكل من الدول، المعادية والصديقة والحليفة والمحايدة.

ب. تركيز الجهود القومية للعمليات النفسية، وتحدد طبقاً لمراحل التنفيذ واتجاهات الهدف القومي (صديق ـ معادى... إلخ).

ج. مهام العمليات النفسية، تحدد مهام العمليات النفسية مرتبطة بمراحل التخطيط.

د. إعداد المقترحات بطرق وأساليب العمليات النفسية المستخدمة في تنفيذ المهام.



4. اختيار وسائل العمليات النفسية

يتوقف اختيار الوسيلة المناسبة لتوصيل رسائل الحملات النفسية، إلى الهدف على المعلومات التي تم جمعها وتحليلها عن طبيعة الهدف، والعوامل المؤثرة فيه، ودوافعه المختلفة، التي تساعد على اختيار وتحديد نوع وسيلة العمليات النفسية المناسبة والمقبولة من الأفراد والجماعات والدول التي توجَّه إليها الرسالة.

ويبرز هنا ضرورة توافر الكوادر الفنية المؤهلة، علمياً، وعلى دراية كاملة بفاعلية وقدرة الوسائل المختلفة على توصيل الرسائل، وإحداث التأثير المطلوب كما يجب على المخطط أن يراعى وسيلة العمليات المناسبة والتي يثق فيها الهدف المخاطب، فمن غير المقبول أن تبث رسالة معينة من طريق إذاعة معروف عنها المبالغة أو التهويل أو الكذب.



5. إعداد الرسائل النفسية

تُعد من أهم الخطوات الرئيسية في عملية الاتصال من المرسل وهي عمليه الصياغة لموضوع الحملة مثل معلومات عن نقاط الضعف أو دوافع الهدف المخاطب في شكل كلمات أو شعارات أو رموز وقد تأخذ في أحد مراحله صورة أفعال، مثل تخريب أهداف حيوية، أو تنفيذ عمليات عسكرية محدودة ضدها وتتطلب هذه المرحلة ما يلي:

أ. توفر الكوادر الفنية والمهنية، التي تقوم بإعداد وصياغة هذه الرسائل (كتَّاب ـ إذاعيون ـ صحفيون ـ مصورون ـ رسامون ـ أطباء نفسيون ـ علماء اجتماع ـ … إلخ).

ب. أن تتصف بالواقعية والمصداقية من المستقبل.

ج. ألاَّ تُصاغ في صورة أوامر أو استعلاء على المستقبل (الهدف المخاطب).

د. أن تثير اهتمام الهدف المخاطب وحاجته لاستقبالها لتوفير الإجابات المقنعة له عن سؤالين رئيسيين هما:

(1) ماذا في الرسالة من أجلي؟

(2) ماذا تريد مني أن أفعل؟



6. الاختبارات الأولية (اختبار تجريبي)

أ. تتم هذه المرحلة قبل نشر وتوزيع مواد وموضوعات الحملة النفسية، وتُجرى هذه الاختبارات، بأسلوب التسلل داخل الهدف، بطريقة الملاحظة والمقابلة الشخصية بالاختيار الجيّد لبعض النماذج من أسرى الحرب.

ب. وتستهدف هذه العملية التعرف على الآراء والاتجاهات والمفاهيم والدوافع والتأثيرات المختلفة، لدى الهدف/ الأهداف. كذلك، معرفة أكثر وسائل العمليات النفسية تأثيراً وقبولاً لديهم (نشرات ـ إذاعة تسجيلات ـ .. إلخ).

ج. وتمر عملية الاختبار الأولي/ التجريبي بالمراحل التالية:

(1) اختبار وإعداد موضوع المسح.

(2) تحديد واختيار العينات التي يتم عليها الاختبار.

(3) إعداد قائمه الأسئلة التي يتكون منها الاختبار.

(4) تحديد العناصر والوسائل القائمة بتنفيذ الاختيار (عملاء ـ مندوبون ـ ملحقون ـ أجهزة وهيئات استطلاع الرأي الرسمية، إن وجدت ـ السفارات .. إلخ).



7. وثيقة مراقبة الحملة النفسية (التحكم في الحملة)

أ. يتم إعداد هذه الوثيقة عقب تقييم وتحليل نتائج الاختبار الأولي والتجريبي، وتصدر للمتابعة والسيطرة على إنتاج وتوزيع ونشر وتنفيذ عناصر ووسائل العمليات النفسية لمواد موضوعات الحملة النفسية.

ب. وتصدر الوثيقة في شكل جدول يتضمن البيانات التالية:

(1) عنوان الوثيقة وتاريخ وجة الإصدار.

(2) الهدف القومي والمهام الرئيسية للعمليات النفسية طبقاً للوارد في وثيقة تحليل الهدف.

(3) الهدف والأهداف النفسية وتُعَدّ من وثيقة تحليل الهدف المخاطب.

(4) العوامل المؤثرة على الهدف، إذ تفرغ من وثيقة تحليل الهدف المخاطب.

(5) قابلية مشاعر واتجاهات الهدف للتأثر.



8. الاختبارات النهائية

أ. تُعَدّ من أصعب خطوات التخطيط للعمليات النفسية، وهي تستهدف تطوير واستحداث وسائل وأساليب وموضوعات الحملات النفسية، بناء على دراسة وتقييم نتائج الاختبارات التي تم تنفيذها.

ب. تتبع هذه المرحلة الخطوات نفسها ومراحل الاختبارات التجريبية، إلاَّ أنها تتم أثناء تنفيذ الحملة. كما أنها لا يتطلب إجراؤها على نفس العينات أو الشرائح التي أجريت عليها نفس الاختبارات الأولية.



9. التغذية العكسية

وهي عملية مستمرة قبل وأثناء وبعد التخطيط للعمليات النفسية، وهي تشمل مرحلتين أساسيتين، هما، دراسة ردود الفعل المختلفة للهدف المخاطب، ودراسة الإيجابيات والسلبيات الناتجة عن الوسائل.



ثانياً: العوامل المؤثرة في العمليات النفسية



إن التخطيط الجيّد للسياسة النفسية، ووضعها موضع التنفيذ، خلال إدارة الأزمة، وتحديداً قبل وأثناء وبعد الصراع المسلح، يخضع للعديد من العوامل والدراسات، التي لها تأثير مباشر وحيوي، في دوافع واتجاهات وسلوكيات الهدف أو الأهداف المخاطبة، خاصة على أفراد القوات المسلحة في الدولة / الدول محل الاهتمام، والتي يجب على مخططي الحملات النفسية، اعطائها عناية خاصة في الإعداد والدراسة والمتابعة المستمرة، لِمَا لها من تأثير إيجابي أو سلبي، على تكامل التخطيط، وأسلوب الحملات النفسية وإدارتها، وما يترتب على هذه الحملات من نتائج إيجابية لصالح المخطط.



1. عند توافر الوقت الكافي للمختصين في تنظيم العمليات النفسية، لدراسة العوامل المؤثرة في التخطيط يتم تطويرها إلى دراسات ميدانية يتم من خلالها تحديد:

أ. الهدف/الأهداف المخاطبة.

ب. الحاجات والدوافع الرئيسية المؤثرة في هذه الأهداف.

ج. اتجاهات واهتمامات الأهداف المخاطبة.

د. نقاط القوه والضعف أو التعرّض، ومدى تأثيرها في القوات المسلحة.

هـ. أنسب وسائل الاتصال.



2. وعادة ما يتم دراسة وإعداد العوامل والدراسات الميدانية للدولة، محل الاهتمام، ومتابعتها من خلال المصادر التالية:

أ. المصادر العلنية (مطبوعات بأنواعها ـ إذاعات ـ تليفزيون … إلخ).

ب. الأنشطة السياسية والدبلوماسية.

ج. المصادر السرية وأعمال الاستخبارات.

د. تقارير استجواب الأسرى/ اللاجئين والسكان المحليين.



1. العوامل الجغرافية والتاريخية

يقوم المختصون في تنظيمات العمليات النفسية، بإعداد عرض شامل عن تطوّر تاريخ الدولة محل الاهتمام وجغرافيتها، مع التركيز على تاريخ الدولة، وأهم العوامل التي أسهمت في تشكيلها مع إبراز التسلسل التاريخي والحوادث السياسية التي تمخضت عنها في النهاية ترسيخ نظام الحكم في الدولة. كذلك علاقتها ومواقفها من القضايا المعاصرة، هذا على أن يُراعى أن يكون التناول شاملاً للأبعاد النفسية، مع التحديد الدقيق لنقاط الضعف والتعرّض عند تحليل القضايا التاريخية التي تركز وتؤثر على النواحي السياسية للدولة. كذلك المذاهب والاتجاهات السياسية ومدى تأثيرها على الأفراد وعلاقتها بنظام الحكم.



2. العوامل السياسية (خارجياً ـ داخلياً)

تتأثر الحملات النفسية تأثراً مباشراً بكل من السياسة الخارجية والداخلية للدولة، كأحد السياسات التخصصية، التي تشكل في مجملها، السلوك الذي تنتهجه الدولة في الخارج والداخل لتحقيق أهدافها. إلاَّ أنه يصاحب الممارسة السياسية، دائماً، بعض المعوقات، الخارجية والداخلية، التي، عادة، ما ينشأ عنها ما يُعرف بالمعارضة (خارجية ـ داخلية)، وما يهم المتخصصون في هذا المجال تحديد الآتي:

أ. العلاقات الخارجية للدولة، ومواقفها السياسية، فيما يختص بالشؤون الدولية، وعلاقتها بالدول الخارجية، وانتمائها إلى الدول الكبرى (أحلاف ـ تكتلات ـ اتحاد … إلخ).

ب. تحليل موقف الدولة محل الاهتمام وتفسيرها، تجاه القضايا المعاصرة (محلية ـ إقليمية ـ عالمية)، ومدى وجود نزاعات تهدد بحروب مع الدول المجاورة.

ج. أهم الشخصيات القيادية والزعامات المسؤولة عن صناعه القرار وتوجهاتها وبرامجها السياسية ومدى تأثيرها على الرأي العام.

د. دور الأفراد والجماعات والأحزاب السياسية ذات الأهمية والتأثير في النظام السياسي للدولة.

هـ. المواقف السياسية، وقيم السكان وآرائهم في النظام السياسي، ودور الحكومة داخل المجتمع.

و. شكل الصراعات الداخلية وحجمها، ومدى الاستقرار الداخلي.



3. العوامل الاقتصادية

كلما انخفض المستوى الاقتصادي للشعب، كلما كان أكثر تأثراً بالحملات النفسية المعادية. ويمكن، بدراسة أوجه القوة والضعف في اقتصاد الدولة، إيجاد حقل خصب، ومناسب، لشن الحملات النفسية من خلال دراسة وتحليل ما يلي:

أ. الأركان الرئيسية للاقتصاد ومصادر الدخل القومي.

ب. المشاكل والأزمات الاقتصادية، ومدى تأثيرها في النظام السياسي، ومدى توليد الضغوط الداخلية والخارجية.

ج. توزيع مصادر الثروة، ومدى العدالة في توزيعها.

د. مدى تلبية البناء الاقتصادي للاحتياجات الفردية.

هـ. مدى توافر الخدمات الأساسية لقواعد الإنتاج (وقود ـ نقل ـ اتصال ـ مياه … إلخ). ومن ثم، تحديد المشكلات الصناعية ومدى اتفاقها.

و. أسلوب استغلال العائدات والمساعدات المالية والخارجية.

ز. مدى توافر المواد، الأساسية والاستهلاكية، وتناسب أسعارها مع الأجور، أو ما يعرف بالقدرة الشرائية.

ح. النقابات والتنظيمات (العمالية ـ الزراعية ـ التجارية … إلخ)، ودورها وتأثيرها في القدرات الاقتصادية للدولة.



4. العوامل الاجتماعية

المجتمعات المترابطة يصعب توجيه الحملات النفسية إليها، والعكس صحيح، فالبيئة الاجتماعية التي تتميز بالغموض، والشك والتردد، وعدم اليقين، والتفكك الاجتماعي، تُعَدّ حقل خصب للعمل النفسي. لذا يجب على المختصين عند إعداد هذا الدراسات، تحديد أبرز نقاط الضعف والتعرّض في الموضوعات التالية:

أ. معدلات النمو السكاني ونسبه الإعالة به.

ب. حجم الخدمات المقدمة لأفراد الدولة ومستواها.

ج. مدى توافر البرامج العامة لخدمة الأفراد وتحسين مستواهم.

د. التركيب العِرقي والطائفي الطوائف والتأثيرات المتداخلة للدين واللغة والتاريخ.

هـ. مدى انتشار البيروقراطية والفساد الإداري.

و. تحديد الظواهر، أو المشاكل الاجتماعية، ذات التأثير السلبي على المجتمع، (الانفجار السكاني ـ المخدرات ـ الأمية ـ الصحة ـ الجريمة … إلخ). كذلك تحديد العوامل التي تؤثر في القِيم الأخلاقية، والروابط العائلية، والمبادئ الأساسية، التي تفرض على الفرد احترام النظام والقانون.

ز. تحديد مدى انتشار القِيم الاجتماعية، ذات التأثير السلبي في المجتمع مثل:

(1) الاستسلام ـ اللامبالاة ـ التواكل ـ التسيب ـ السلبية.

(2) الجنوح إلى الفردية وتحقيق المصلحة الشخصية.

(3) التقرب من السلطة والانحرافات السلوكية (الفساد ـ الرشوة .. إلخ).



5. العوامل التعليمية ـ الثقافية ـ الدينية

يلعب عامل التعليم والمستوى الثقافي، دوراً رئيسياً في تحديد اتجاهات أفراد الدولة وسلوكياتهم. كما أن لكل مجتمع ثقافته وعاداته وتقاليده ومعتقداته الخاصة، التي تعينه على حل مشاكله الداخلية، كما تمثل مؤشراً واضحاً لشكل وأسلوب تعامله مع المشاكل الخارجية، التي قد يتعرَّض لها مثل التهديدات الاقتصادية والسياسية والعسكرية. كذلك الكوارث الطبيعية والصناعية. ومن أهم الموضوعات التي يتم التركيز عليها في هذا المجال ما يلي:

أ. المستوى التعليمي ونتائج العملية التعليمية.

ب. نسبة الأمية وآثارها السلبية على المجتمع.

ج. مدى تقدم البحث العلمي والمستوى التكنولوجي.

د. العادات والتقاليد، خاصة المتبعة في الأعياد الدينية ـ القومية … إلخ.

هـ. الأنماط الثقافية والسلوكية المتوارثة في المجتمع.

و. وحدة اللغة والثقافة، ومدى تأثيرها على الاستقرار الاجتماعي.

ز. حجم وإمكانيات ومدى تغطية وسائل الإعلام في الدولة، وآثرها على ثقافة واتجاهات وسلوكيات أفراد المجتمع (صحافة ـ تليفزيون ـ إذاعات ـ مراكز إعلامية ـ قنوات فضائية .... إلخ).

ح. تحديد الأساليب المستخدمة عبْر وسائل الاتصال، وأجهزة الإعلام، لخلق مواقف وإثارة مشاعر وسلوكيات أفراد الدولة.

ط. حرية الصحافة والنشر، وكذلك الرأي والفكر لمختلف الاتجاهات والأحزاب في الدولة محل الاهتمام.

ي. الدين ـ الطوائف الدينية ومدى تأثيرها على الوحدة الوطنية.

ك. التطرف الديني، ومدى انتشاره وجنوحه إلى العنف، ومدى تأثيره على الوحدة

الوطنية، واتجاهات القوى الداخلية في الدولة.

ل. حجم ودور الهيئات والمؤسسات والجمعيات الدينية ... إلخ، ومدى تأثيرها في أفراد المجتمعات.



6. العوامل العسكرية

غالباً ما يكون لنشاط وحركة وبرامج القوات المسلحة، أثر واضح على كافة البرامج والخطوط السياسية ـ الاقتصادية، والتنمية الاجتماعية، في أي دولة.

كما أنها تتأثر تأثراً مباشراً بكافة العوامل والخصائص السابق التعرّض لها في هذا القسم، لذا يجب على مخططي الحملات النفسية، عند إعداد الدراسات، بالعوامل العسكرية، وإلا يُكتفى بسرد التنظيم ـ الحجم ـ الإمكانيات المهام ـ التهديدات ـ العقائد ـ الكفاءة القتالية … إلخ، بل يجب أن تهدف إلى تحليل واستخلاص ما يلي:

أ. دور القوات المسلحة وتأثيرها في المجالات والميادين (السياسية ـ الاقتصادية ـ الاجتماعية)، ونتائج هذا الدور.

ب. المشاكل والقضايا التي تفرز الترابط وتخلق التنافر والتناحر داخل صفوف القوات المسلحة.

ج. النزاعات الداخلية بين صفوف المؤسسة العسكرية.

د. حجم ونوع وتأثير المساعدات العسكرية الخارجية (ديون عسكرية - نقص ـ حجم الصفقات).




الوقاية من العمليات النفسية



تناولنا الأساليب والوسائل المتبعة في العمليات النفسية، وعرفنا مدى خطورة تلك الأساليب والوسائل.

ولتتمكن القوات الصديقة من الوقوف في وجه هذه التحديات لا بد لها من دراسة الأساليب الوقائية الكفيلة بصد هذه الهجمات

الشرسة، خاصة بعد أن عرفنا أن العمليات النفسية توجه جهودها وعملياتها ضد الجنود لتحطيم معنويات العدو مستهدفة من ذلك الحصول على استجابات بدرجة أكثر من عملها للحصول على عمل مباشر.

ولكي تكون عمليات تحطيم معنويات العدو ذات فاعلية، فإنها يجب أن تتجه نحو المعنويات الفعلية التي يُعنى بها الجنود ويهتمون لها, والنقاط الضعيفة في تنظيم العدو يمكن أن تقدم الأهداف لتحطيم المعنويات



وعليه فإن نجاح أي دفاع ضد العمليات النفسية ينبني على أساس عاملين اثنين هما:

1. جودة الأغذية والتموين والمواصلات والأسلحة بالنسبة للجنود.

2. تنسيق الخدمات المعنوية لمقاومة العمليات النفسية.



ويكون ذا فائدة إذا توفر للقوات الصديقة مجموعة من الضباط الأكفاء ليديروا عمليات نفسية مضادة باقتدار مثلما كان يفعل الألمان في حروبهم التي خاضوها ضد أعدائهم، عندما كانوا يعيِّنون ضباط توجيه معنوي على دراية بواجباتهم ليخوضوا العمليات النفسية الدفاعية.



إذاً فالعمليات النفسية الدفاعية توجه ضد عقل المستمع، لخلق اتجاهات باعتقاد معين أو بالشك الذي يؤدي إلى العمل المطلوب.



ومن المهام الرئيسية للعمليات النفسية الدفاعية اجتذاب الانتباه ثم استمرارالإبقاء على هذا الاجتذاب، ولكن العمليات النفسية التي تبدأ بتركيز انتباهها على ما يعرفه العدو مقضي عليها بالفشل من البداية.



وأخيراً علينا أن نذكر أن

العمليات النفسية الدفاعية يجب أن تجعل من أهدافها أعمال (مقاومة التخريب المعنوي) و(مقاومة الجاسوسية).

وتستطيع العمليات النفسية الدفاع عن أرض الوطن ضد عمليات العدو إذا تمكنت من أن تخلق وعياً بالحذر من الدعاية وتجعل الناس قادرين على نقد الاتجاهات والآراء المضادة للسياسة القومية.



على أن التكتيكات الرسمية المعدومة المهارة والاكتفاء بالتشهير العام بالانشقاق والخروج على رأي الجماعة تجعل المواطن يعتقد ما اعتقده (مستر بامبل) في رواية (أوليفر تويست) عندما قال إن (القانون حمار وغبي).




أولاً: أساليب مكافحة العمليات النفسية



وفيما يلي نتناول بعضً من أساليب مكافحة العمليات النفسية لبيان كيف نتمكن من مجابهتها:



1. مكافحة الطابور الخامس

إن المُرجفين موجودون في المجتمع البشري منذ أقدم العصور، فقد سبق أن استخدمهم القائد الإسرائيلي (يشوع) قبل نحو خمسة آلاف عام عندما غزا أريحا، كما استخدمهم الإسكندر المقدوني (الإسكندر الأكبر) الذي يعتبر أحد عباقرة الحرب في كل العصور، ملك مقدونيا من (356ق.م ـ 323ق.م) وجنكيز خان (1162 ـ 1227م، إمبراطور مغولي) وفردريك الكبير (ملك بروسيا من 1712 ـ 1786م الذي هزم النمسا) ونابليون وغيرهم من القادة الآخرين في حروبهم المختلفة.



ظهر تعبير (الطابور الخامس) خلال الحرب الأهلية الأسبانية بين قوات الجمهورية الأسبانية وقوات (الجنرال فرانسيسكو فرانكو ـ ديكتاتور أسبانيا) حينما قال (الجنرال سولا) أحد قادة فرانكو: "إن أربعة أرتال تتقدم نحو مدريد للاستيلاء عليها، ولكن هناك رتلاً خامساً كاملاً داخل المدينة له القابلية على إنجاز ما لا يستطيع أي رتل إنجازه".



يُعد الطابور الخامس سلاحاً فعالاً إذا استخدم الاستخدام الأمثل. في تحطيم كيان الأمم بإضعافها وتفتيتها بالإشاعات والأراجيف لإثارة الفزع بين صفوف المواطنين بإظهار مقدرة العدو العسكرية والقيام بأعمال التجسس والتخريب وإثارة النعرات القومية والإقليمية والطائفية والعرقية بين المواطنين.



إن عناصر الطابور الخامس، هم من الأقليات النفعية التي تسكن أرض الوطن والتي تمت بصلة الدم والعرق إلى دولة الخصم، وهم أيضاً المستاءون من نظام الحكم، وأصحاب المبادئ المخالفة لمبادئ النظام القائم، والخونة من أهل البلد الذين يشتري العدو ذممهم بالمال أو الجنس أو المغريات الأخرى، والجواسيس الذين يُرسلهم العدو سياحاً أو مبشرين أو وكلاء أو تجاريين أو في شكل بعثات علمية.



ويمكن اتخاذ التدابير التالية لمكافحة نشاط هذا الطابور:



أ. إعداد منهاج توعية واضح وشامل يستهدف تنمية الشعور بالمسؤولية لدى المواطنين مبيناً نوايا العدو، مع التركيز على الدور التخريبي الذي يلعبه هذا الطابور وإيضاح أساليبه في العمل.

ب. تحقيق الوحدة الوطنية المتراصَّة كي لا ينفذ منها الوكلاء وعناصر الطابور الخامس.

ج. الحد من النشاط الأجنبي ومراقبته بواسطة منظمات مقاومة الطابور الخامس.



2. مواجهة الإشاعات

إن للشائعة تعاريف وأنواع مختلفة ذات تأثير على نفوس المستمعين، ونعلم أن الإشاعة غالباً ما تجد آذاناً صاغية وتسري في الشعب الضعيف الأعصاب كسريان النار في الهشيم، وتنخر بنيانه الداخلي. وفيما يلي استعراضاً للأساليب التي يمكن أن اتخاذها لمواجهة الإشاعات كل حسب نوعها:



أ. إذا كانت الإشاعة تتعلق بموضوع يتطلب الكشف عن الحقائق المجردة فيه في الوقت الذي تبدأ فيه الإشاعة بسبب تعلق الموضوع مثلاً بالأسرار العسكرية أو كان يمس العلاقات الدولية أو يؤثر على السياسة الإنتاجية، وكان هنالك حرج في الكشف عنها ضمن السقف الزمني الذي تثار فيه مثل هذه الأنواع من الإشاعة، وأن الاستمرار في عدم الرد عليها بصورة مباشرة يتيح زيادة انتشارها، فعلى الأجهزة المسؤولة أن تلبي طلب الجماهير وتعمل على تهدئة الموقف والقلق، وذلك بالكشف عن الأركان الصحيحة للموضوع الذي تضمنته الإشاعة، وبهذا تكون الإشاعة قد حققت غرضها، بالرغم من اكتشاف الجماهير لجوانب الخداع والكذب فيها، لأن الهدف الرئيسي والبعيد للإشاعة هو إثارة الحرج والقلق. وعلى هذا الأساس فإن التخطيط لمكافحة هذا النوع من الإشاعات يرتكز على الأسس التالية:



(1) معالجتها بالأساليب التي تؤدي إلى تحقيق أهدافها والمواجهة غير المباشرة، بحيث يؤدي هذا الأسلوب إلى التخفيف من حدة الإشاعة أو مكافحتها حسب مساعدة الظروف.

(2) لا يُفضَّل الاعتماد على العلاج الوقتي (بإصدار بيانات وتصريحات تستند على وقائع غير سليمة)، لأن هذا الأسلوب يشكل سلاحاً ذا حدين، قد يؤدي إلى بروز حرب مكشوفة للإشاعة تستند على تلك الوقائع غير السليمة.

(3) إن مواجهة الإشاعة بصورة صريحة ومكشوفة وتوضيح جوانب الصحة فيها وجوانب الكذب والخداع والدجل في جوانبها الأخرى، كفيل بإزالة التربة الصالحة لترويج الإشاعة، كما يؤدي كذلكً إلى تدريب الجماهير وتوعيتها على معالجة الأمور بالعقل والمنطق وتخفيف حدة التأثيرات السطحية في المشاعر والانفعالات.



ب. أما بالنسبة للإشاعات ذات الطبيعة الفردية والتي لها تأثيرات جماهيرية فيستخدم أسلوب الإقناع العقلي القائم على تمكين الجماعات والأفراد من الشعور بالثقة بالنفس وضرورة استخدام المنطق والعقل وعدم الانقياد لمعلومات أو أفكار غير مؤكدة وغير صحيحة، وكذلك ينبغي عدم معالجتها علاجاً فردياً ـ لأن أهدافها قد تكون أعمق من أهدافها الفردية ـ وإيجاد الأسلوب الملائم والمدروس لمواجهتها، ويجب أن لا تساهم الأجهزة المجتمعة فيها، إلا بحدود التوجيه.



ج. أما الإشاعات ذات الأهداف والطبيعة الجماعية، والتي لها تأثير على الوحدة الوطنية ووحدة البناء الاجتماعي، وتُوجَّه نحو نقاط الضعف لدى الفئات المختلفة في المجتمع، فإن مقاومتها تتم باستخدام الأسلوب الإعلامي المباشر وفقاً لأحكام العقل والمنطق.



د. هناك إشاعات ذات طبيعة مجتمعية تستند بشكل عام على جهود تتولى الإشراف عليها وإطلاقها وترويجها أدوات النشر الخارجية، مما يُمكن لها أن تسير في مجالات عالية حسب مستوى ذيوع ونشاط أدوات النشر تلك، وتستخدم فيها الأكاذيب وأنواع الخداع والتضليل كأسلوب الرأي العام العالمي. وترتكز مواجهة مثل هذه الإشاعات على تنفيذها خارجياً، والعمل على توجيه الجماهير داخلياً وتعريفها بأعدائها وألوان الإشاعات التي يستخدمها أولئك الأعداء في بث روح الثقة والاضطراب في الخارج والداخل، لأن تماسك البنيان الداخلي وقوة الجبهة الداخلية يفتت ويلغي كل ألوان الشائعات.



هـ. شائعات الضغط: إذا كانت الشائعة تمسُّ موضوعاً يتعذر الكشف عن الحقائق فيه ـ في الوقت الذي تنطلق فيه الشائعات ـ ويتيح الاستمرار في عدم الرد على الشائعة بصورة مباشرة إلى سريانها وذيوعها، فإن مصمم الشائعة يضع ذلك في اعتباره عندما يبدأ في تصميمها فهو يرتكز في تصميمه للشائعة على أن أحد محاورها يمكن أن يؤدي إلى الاعتقاد في صحة الشائعات، وهنا تتعرض الأجهزة المكلفة بمواجهة الشائعات لحرج شديد نتيجة للصراع الذي يحدث بسبب ضغط الجماهير وترديدها للشائعة، مما يثبت موضوعها في الأذهان أو يثير الاعتقاد في صحتها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن مواجهة الشائعات قد يؤدي إلى الكشف عن بعض الأدوار أو المواقف ذات الأهمية الكبرى أو التي ترتبط بمسائل سرية يصعب الكشف عنها داخل الإطار الزمني الذي تثار فيه الشائعة.



و. هنالك بعض الأمور ينبغي إتباعها لمقاومة الإشاعات ووأدها في مهدها منها:



(1) إلقاء المحاضرات عن الإشاعة ومخاطرها وطرق الوقاية منها.

(2) تدريس مادة العمليات النفسية ـ التي من عناصرها الإشاعة ـ في الكليات والمعاهد والمراكز العسكرية.

(3) وضع اللافتات والصور التي تظهر فيها حالات انتشار الإشاعات ومخاطرها وأسلوب انتقالها.

(4) الاهتمام والعمل على خلق الوعي الثقافي والفكري والسياسي تجاه الإشاعة ومخاطرها عن طريق النشرات والمطبوعات التي تضم الشعارات المختلفة منها: (لتقبر الإشاعة وهي في مهدها)، (عدم المعرفة بمعلومة أفضل من إعطائها خطأ)... إلخ.

(5) إطلاع الشعب وجيشه في الميدان على الأحداث والمواقف المختلفة.

(6) التحرِّي عن مصدر الإشاعة ومحاسبة مروجيها.

(7) غرس الروح الوطنية والتفاني والولاء للدولة.

(8) الابتعاد عن الفكاهات والنكات السياسية والقتالية لأنهما من أساليب الإشاعات التي يروجها العدو.



ثانياً: الوسائل والأساليب التي استخدمها المسلمون لمقاومة العمليات النفسية المضادة ولتوجيه حملات نفسية لأعدائهم



كانت وسائل الكفار هي نفسها الوسائل التي استخدمها المسلمون والصحابة، حيث قدمت ظروف العصر، وطبيعة الحياة في ذلك الوقت، وسائط واحدة لشن العمليات النفسية ومواجهتها. واستخدام المسلمون أساليب متعددة ليحققوا هدفين:

الهدف الأول: مقاومة العمليات النفسية الموجَّهة إليهم من أعدائهم والتحصن ضدها.

والهدف الثاني: توجيه ضربات معنوية ونفسية إلى الأعداء، ونشر الدعوة وبثها أيضاً.



ومن الأساليب التي استخدمها المسلمون في مقاومة العمليات النفسية ما يلي:



1. تحطيم منطق العدواستخدم الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الأسلوب لمقاومة أسلوب التشكيك ومحاولات الإعجاز والتعجيز التي قام بها الكفار واليهود، حيث طلب منه الكفار أن يأتيهم بالمعجزات، فسألوه لهم، وسألوه لنفسه، ووجهوا له الأسئلة عن وجود الله وكيفية خلقه، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم تخلص من هذه الأسئلة التي ظن الأعداء أنه لا يستطيع منها فكاكاً، فقال للكفار: ما بهذا بعثني الله إليكم، وقد بلغتكم ما أرسلت به إليكم، فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه عليَّ أصبر لأمر الله تعالى، حتى يحكم الله بيني وبينكم، واستخدم هذا الأسلوب الصحابة بعده.



2. أسلوب الإعجاز ومقاومة الحجة بالمنطق والإقناع استخدم المسلمون أيضاً في مقاومتهم للعمليات النفسية المضادة أسلوب الإعجاز، لإخراس الألسنة، فها هو الرسول صلى الله عليه وسلم يستقبل عتبة بن ربيعة، الذي جاءه ليعرض عليه أموراً لعله يقبل أحدها أو ما شاء منها، ويتنازل عن دعوته، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم يظل يسمع من عتبة، ثم يفاجئه بكلام لا يستطيع الرد عليه، يقرأ عليه (سورة فصلت)، وبذلك لا يستطيع عتبة إلا أن ينصح قومه بألا يتصدوا مرة أخرى لطريق محمد صلى الله عليه وسلم فقد سمع منه كلاماً، ما هو بكلام للبشر، وهكذا كان لهذا الأسلوب تأثير واضح، في إخراس ألسنة الكفار وتعجيزهم.



3. أسلوب ربط المجتمع، أو تقوية الجبهة الداخلية كان من أهم الأساليب التي حصن بها الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه من العمليات النفسية المضادة، أسلوب ربط المجتمع الداخلي، وعَمِل على ذلك بالمؤاخاة والمساواة والحرية، والقضاء على الرَّق، والقضاء على الأثرة والأنانية كما ذكرنا فيما تقدم. وهذا الأسلوب كان له رد فعل جميل، حيث جعل الصحابة مجتمعاً واحداً متماسكاً لا تجد الحملات المعادية ثغرة واحدة تنفذ منها إليه ولا إلى قائده، وأدى ذلك إلى أن يشعر كل واحد من الصحابة بشعور أخيه، ويندفع لنصرته، مفتدياً إياه بماله ونفسه، ولا أدل على ذلك من إعتاق أبي بكر لسبع رقاب من الصحابة، كانوا يُعذَّبون لأنهم دخلوا في الإسلام، اشتراهم بغالي الثمن، وأعتقهم لله.



4. أسلوب الصبر والسلم وعدم الحرب نهج الرسول صلى الله عليه وسلم في مقاومته للعمليات النفسية المضادة للدعوة وله ولأصحابه أسلوب الصبر والسلم وعدم الحرب، وكان يعلِّم أصحابه هذا الأسلوب، فكان ينهاهم عن الرد على ما يقوله أو يفعله الكفار، فقد تحمل الأذى وتحمل السب والشتم والاستهزاء، ولم يقابل الأذى بأذى، ولم يقابل السب أو الشتم بمثله، بل إنه كان من الناحية القبلية يستطيع ذلك، حيث إن له قبيلة يهمها حمايته والوقوف إلى جانبه.



5. أسلوب تحسين العلاقات مع غير المسلمين استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الأسلوب لتكون له علاقات طيبة مع جميع الناس، وبذلك يدافع عنه أعداؤه، كما يدافع عنه أصحابه، وهذا الأسلوب يشبه في عصرنا هذا عقد معاهدات الصداقة والأحلاف.



6. تفنيد الشائعات استخدم المسلمون أيضاً أسلوباً مهماً من أساليب مقاومة العمليات النفسية، هو أسلوب تفنيد الشائعات، وهذا الأسلوب يعمل على دحض الشائعة وقتلها في مهدها قبل أن تؤثر في مستمعيها.



7. أسلوب نشر الدعوة وإلى جانب العمليات النفسية كان الرسول r وأصحابه يقومون بالدعوة ونشر الدين، فلم ينشغلوا فقط بدحض الشائعات، أو مقاومة العمليات النفسية، بل التفتوا إلى المهمة الرئيسية التي هي نشر الدين، فكان النبي r يلقى الأذى ومع ذلك يمر في الأسواق وموسم الحج، وأماكن تجمعات الناس يدعو إلى الله، وكان الصحابة يلقون الأذى ويقومون بالدعوة سراً وجهراً، كما كانوا يقومون بتوجيه الضربات المعنوية والنفسية إلى أعدائهم.



8. أسلوب تحويل الانتباه وتثبيط الهمموهو أسلوب يستخدم لتحويل نظر العدو من جهة إلى جهة أخرى، أو من جبهة إلى جبهة أخرى، أو من موضوع إلى موضوع آخر، مستغلين فرصة انشغال العدو في الجبهة الأخرى للحصول على مكاسب معينة، وقد استخدم هذا الأسلوب في الحرب العالمية الثانية ولا يزال يستخدم في كافة المجالات والميادين.



9. أسلوب شراء الذمم استخدم كثير من المسلمين في هجرتهم من مكة إلى المدينة هذا الأسلوب، حتى يدعهم الكفار يشقون طريقهم إلى المدينة، فقد خرج الكفار يقاتلون صهيب بن سنان الرومي، فوقف لهم بسهمه وسيفه، ثم دلهم على ماله في مكة، فرجعوا إلى المكان الذي دلهم عليه، فرحين بالمال تاركين صهيباً يأخذ طريقه إلى المدينة، وبذلك نجح أسلوب شراء الذمم في صرف الكفار عن صهيب.

ومن الجدير بالذكر أن هذا الأسلوب لم يُفلح من قبل مع أبي طالب، كما لم يفلح مع النجاشي، مما يدل على أن هذا الأسلوب يصلح مع ذوي النفوس الضعيفة الذين يغريهم المال، وينسيهم مبادئهم، وهذا يحدث كثيراً في العصر الحديث، حيث تنشر الصحف والإذاعات المأجورة ما تأخذ ثمنه من مقالات مظهرة أنه رأي محايد.



وهنالك أساليب أخرى عديدة استخدمها المسلمون في مواجهة العمليات النفسية منها على سبيل المثال: توجيه الضربة في الوقت المناسب واستخدام أسلوب العنف لإسكات الخصم.



ثالثاً: مجابهة العمليات النفسية الإسرائيلية



إن نجاح العدو في عملياته النفسية يتم في غياب مخططات عربية للمجابهة بالشكل المطلوب، وما يُمارس من دعاية مضادة يفتقر إلى الخطة المتناسقة المتكاملة أولاً، وإلى الأجهزة الدعائية القوية التي تقوم على أكتاف مختصين في هذا المجال ثانياً، كما أن أسلوب الدعاية العربية الحالي هو أسلوب مُبتسر يفترض أن العالم يعرف قضيتنا بخفاياها ودقائقها، كما أنه أسلوب يتميز بأنه يتبنى النظرة العربية إلى إسرائيل التي تتصف: إما بالاستهانة وإما بالمبالغة العظمى، مما يجعلها دعاية مترددة حائرة تقف أمام إعلام ودعاية العدو المخططة المنظمة.

وعليه فإن المجابهة العربية المطلوبة يجب أن تعتمد دراسة عميقة لأساليب العدو التي تمليها عليها أهداف عملياته النفسية الاستراتيجية والتكتيكية ثم دراسة لوسائله المستخدمة ووضع التقويم الشامل لكل ذلك، ثم وضع الخطة الشاملة للمجابهة على ضوء هذا التقويم وملاحقتها وإحباطها. إن دراسة الأسس التي تقوم عليها عمليات العدو النفسية هي عملية ضرورية، وذلك للعمل على تعريتها وإفهام الفئات المستهدفة حقيقة هذه الأسانيد الباطلة التي يعتمدها عمله الإعلامي الدعائي النفسي. ويقتضي التخطيط العلمي لمجابهة عمليات العدو النفسية إعداد خطة دعائية موحدة ومحكمة يرفدها جيش من الساسة الدعائيين المتخصصين على أرفع المستويات العلمية، وأجهزة إعلامية راسخة قادرة على بناء وتنفيذ الخطة الدعائية. ويساعد في هذه المجابهة وفي وضع الخطة الشاملة دراسة طبيعة دولة العدوان العنصرية الاستيطانية التوسعية التي تعمل على استقطاب وتعبئة اليهود من خلال استراتيجية تستغل أول ما تستغل الأساس الأيديولوجي.



وما يساعد في هذه المجابهة أيضاً أمور نحصرها في الآتي:

1. دراسة العدو من حيث التكوين النفسي.

2. دراسة الخلفية الثقافية والنمط الإنساني الذي يمثله.

3. دراسة ظروفه السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

4. دراسة ورصد جميع السلبيات الخفية لديه. واستغلال كل ذلك يساعد في المجابهة وفي توعية مواطنينا ورفع روحهم المعنوية، وشن عمليات نفسية مضادة تعمل على تحطيم إرادة العدو القيادية والشعبية وتزرع بذور التخاذل والانهزام والفتنة والشقاق بين طوائفه، وتضع شرخاً لا يلتئم بين أفراد جماهيره وقادتهم. ويساعد ذلك أيضاً في كشف زيف دعاية العدو وملاحقتها أولاً بأول ثم توجيهه الخطة الدعائية الشاملة التي توجه إلى تلك المجالات كافة، والتي تنطلق ـ كما سبق ـ من إستراتيجية واضحة الأهداف محددة المقاصد، يضعها خبراء متخصصون في كافة المجالات العسكرية والنفسية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ثم يتبلور هذا التخطيط الشامل في خطط مرحلية تنفذ حسب توقيتاتها مع وضع كافة الاحتمالات والبدائل المقترحة بحيث ينضوي كل ذلك تحت الاستراتيجية العامة للعمليات النفسية .




رابعاً: واجبات ضباط وضباط صف وجنود القوات المسلحة في التصدي للعمليات النفسية



يُعد ضباط وضباط صف وجنود القوات المسلحة أهدافاً ذات أهمية في الهجوم النفسي الذي يشنه العدو ـ سواء كان ذلك في السلم أو في الحرب ـ وهناك واجبات على ضباط وجنود القوات المسلحة ينبغي أن يلتزموا بها في التصدي للعمليات النفسية منها:

1. أن يكون لدى كل ضابط وضابط صف وجندي الوعي السياسي والديني الكامل ويعرفوا ما تتخذه الحكومة أو القيادة العسكرية من إجراءات تتعلق بمجال الدفاع النفسي.

2. أن يتفاعلوا مع القوى الشاملة التي تعمل من أجل الدفاع ضد الهجمات النفسية التي يشنها العدو.

3. أن يلموا بالمعلومات الأساسية الكافية التي تمكنهم من التصدي للعمليات النفسية بنجاح.

4. عليهم الإلمام بطرق وأشكال وإمكانات العمليات النفسية.





منقول للعلم

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12-10-2009, 02:52 PM
someone someone غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Aug 2005
الدولة: Somewhere
المشاركات: 3,083
معدل تقييم المستوى: 22
someone is on a distinguished road
رد: الحرب النفسية !

بارك الله فيك يا حفصه
وابداع غير مستغرب منك

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12-10-2009, 06:44 PM
الصورة الرمزية ناثرة الورد
ناثرة الورد ناثرة الورد غير متصل
 
تاريخ التسجيل: May 2008
الدولة: ஐ๑[ ب۶ـد ماطول غيابه آإلتقينا دون مو۶ــد »$ •
المشاركات: 15,063
معدل تقييم المستوى: 10
ناثرة الورد is on a distinguished road
رد: الحرب النفسية !


{{ حفصـه }}

/
\
/


مشكوره على هالموضوع الرائـ ع
الله يـ ع ـطيكِ الـ ع ـافيه
وعساكِ على القوه
ننتظر جديدكِ المميز

/
\
/


كل التحـــيهـ

 

التوقيع

 

°o.O مًـِصُّـيـَرةٌ لا ذُكـًـر يـَـشًـتـٌـاقُ O.o°



أثقَ بكَ ربيْ !
آثقَ بأن كلَ مآ ( أتمنآهَ ) سيكونَ برحمتكْ ليَ ..
وأن كلَ مآ آدعوَ به ستحققهَ لي
يومـآَ ..|
وستجزينيٌ خيرآ لآننّي آمنتَ بكَ وآنآ موقنهَ برحمتكَ

آللهم وفقني لمآ تحبه وترضآه
 
 
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14-10-2009, 02:00 PM
ليــه يازمـــن ليــه يازمـــن غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: <<المـــريـــــخ>>
العمر: 39
المشاركات: 7,820
معدل تقييم المستوى: 23
ليــه يازمـــن is on a distinguished road
رد: الحرب النفسية !

مشـــكوره عـــلى المـــوضوع

الله يعــطيــكِ العــافيه

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 08-01-2010, 12:04 AM
مسكين من غرته دنياه مسكين من غرته دنياه غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 100
معدل تقييم المستوى: 15
مسكين من غرته دنياه is on a distinguished road
رد: الحرب النفسية !

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13-01-2010, 09:49 AM
الصورة الرمزية ِِِAL 3ajmiah
ِِِAL 3ajmiah ِِِAL 3ajmiah غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 6,404
معدل تقييم المستوى: 22
ِِِAL 3ajmiah is on a distinguished road
رد: الحرب النفسية !

يعطيك العافية يالغلا ..تشكري على ماقدمتي ~

 

التوقيع

 



 
 
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
علاج الأمراض النفسية المرور مجلس الطب والصحـــــة والغذاء 3 06-09-2009 06:04 AM
الاتجاهات النفسية الاجتماعية العظــ سالم ــيمان مجلس الدراسات والبحوث العلمية 18 21-08-2007 06:07 PM
إضاءات في الهزيمة النفسية فتى الامه المجلس الإســــلامي 1 21-07-2007 03:19 PM
المشاكل النفسية زبيدة احمد مجلس الدراسات والبحوث العلمية 6 30-06-2007 05:25 PM
المنتخب تخطى آثار الحرب النفسية اللبنانية وميهاي يرفض إغلاق الملف محمد بن دويش مجلس الرياضة والسيارات 5 26-02-2006 07:01 AM

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 09:11 PM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع