إعداد: هدى بكر - جريدة القبس
هموم حياتك اليومية، ومشكلاتك مع الزوج والأبناء، هل من الأفضل ان تسري بها الى صديقة او قريبة ام ان الافضل ان تلتزمي الصمت ايثارا للسلامة؟
اننا نعيش الآن عصرا يفصح فيه المشاهير عن مكنون صدورهم، ويخرجون إلى العلن نصوص خطاباتهم العاطفية وعلاقاتهم وزواجهم ـ العرفي والرسمي ـ وطلاقهم على جميع الفضائيات باختلاف تخصصها. وكثيرا ما تشجعك وسائل الاعلام ايضا وصديقاتك في ساعات التجلي، لتفضفضي عما يضايقك، وتبثي احزانك الاسرية ومشاعرك الدفينة، ولكنك قد تجنين من وراء ذلك ندما وخيبة امل حين تكتشفين ان السر بعد ان خرج من اثنين لم يعد سرا، بل صار على كل لسان سواء في العلن او في الخفاء.
قد تفضفضين الى صديقة مقربة، فتذكر الامر امام زوجها او شقيقها ـ او الاثنين ـ فيخبر به صديقا مقربا قد يكون ـ من حسن حظك ـ صديق زوجك، وتوالي الاحداث هذا يشبه وقوع قطعة الدومينو على قطعة اخرى فيستمر وقوع باقي القطع حتى ولو كانت بالملايين.
من الضروري ان يكون لك صديقات تفتحين لهن قلبك، ولكن من الضروري ايضا ان تحسني اختيار الصديقة المناسبة لكل موقف وان تفهمي الحدود التي لا يجب تخطيها كألا تتحدثي مع صديقتك التي لم تتزوج بعد عن ادق مشكلات حياتك الزوجية، فمن الواضح ان هذا غير مقبول.
وبالمثل فإذا كنت تناقشين مسألة حساسة تتعلق بحياتك الشخصية فمن غير المناسب ان تختاري صديقة او قريبة تقابل زوجك من حين الى آخر فهذا التعرف سيثير الكثير من المشاكل ثم كيف سيتصرفان اذا تلاقيتم ثلاثتكم؟ وكيف ستكون مشاعر زوجك اذا عرف ان صديقتك تعرف اسراره؟ أليست اسراره ايضا؟
ثم ضعي في حسبانك ايضا انك حين تخبرين صديقتك اسرارك فكأنك تروينها لزوج تلك الصديقة ايضا، فكثير من الازواج لا يخفون هذه الامور بعضهم على بعض.
فكري قبل أن تتكلمي
اهمية وضع الحدود تمتد بالطبع الى مواقف اخرى غير العلاقات الاجتماعية، فمن الافضل ان تبثي شكواك من رئيسك في العمل لشخص ليس له اي علاقة بمكان عملك، من ان تفتحي قلبك لزميلة في العمل، حتى لو كانت من قسم آخر، او تؤدي عملا يختلف عن العمل الذي تؤدينه، فقد يتواجد شخص آخر على خط الهاتف ـ صدفة او عمدا ـ او حين تصل رسالة البريد الالكتروني الى شخص آخر بطريق الخطأ ـ او لجميع الاجهزة المتصلة بعضها ببعض في مكان العمل ـ او ان تتبرع زميلتك نفسها بالافصاح عن كل ما لجأت اليها بخصوصه تقربا للرئيس.
ومع ذلك، وباعتبار ان تلك الاخطاء الفادحة نادرة الحدوث ـ فيما عدا الحالة الاخيرة ـ فكل منا يتذكر مرات تمنى لو انه ابقى فمه مغلقا وفكر قليلا قبل ان يفتحه، فإذا كان هناك احتمال ان ما ستقولينه قد يصبح غير بناء على نحو ما فلا تقوليه.
فالانفتاح الشديد والسريع على الآخرين قد يجلب لك المشكلات فهو مثل قص الشعر: فإذا قصصت مقدارا كبيرا من شعرك مرة واحدة فلن تستطيعي استعادة ما قصصته، اما اذا قصصت مقادير صغيرة في كل مرة، تستطيعين التوقف عن القص حين تصلين الى الطول الذي يناسبك.
الكتمان أيضا يضرك
على الرغم من ان الانفتاح الشديد على الآخرين يسهل مهمة مهاجميك فإن انغلاقك طوال الوقت قد يثير الشكوك ايضا، كل منا تعرف امرأة واحدة ـ على الاقل ـ تجيب بأن كل شيء جميل ورائع اذا سألتها عن احوالها، في حين تجيب امرأة اخرى بصراحة ان اولادها يتعبونها وان وزنها يزداد وان زوجها سيدفعها الى الجنون، ولكن التي ترسم صورة الكمال ـ وقد نشعر تجاهها بالغيرة ـ تبدو شديدة الحرص وتلهث وراء حماية صورتها التي تدهشنا من الحياة الاسرية الوردية التي تحياها، ومن ثم نشعر بأننا مضطرون الى التخلي عن الصدق معها عما يجري معنا حقا في الحياة اليومية.
ولمثل هذه المرأة يؤكد خبراء علم النفس ان عدم مشاركة الآخرين من حين الى آخر في مجريات الحياة اليومية قد يشكل شدا عصبيا لأنها تحاول ـ طوال الوقت ـ اخفاء مشاعرها الحقيقية عن الآخرين.
والنساء اللاتي يشتكين من حياتهن الزوجية بأسلوب مرح ولطيف، يتمتعن عادة بشخصيات اقوى وصحة نفسية افضل، في حين ان اللاتي لم يبدر منهن ابدا ما يشير الى وجود اي مشكلات، يعلن فجأة في نهاية الامر رغبتهن في الانفصال عن ازواجهن.
يشعر بعض الناس بأنهم بمناقشة عيوب شريك الحياة مع صديق ـ او صديقة ـ يكونون بذلك غير مخلصين، ومن ثم فإن الحديث المستفيض عن امور العلاقة مع شخص محايد ومستمع موضوعي يصبح مفيدا وصحيا.
ابحثي عن حل وسط
سواء كنت ممن يشاركن الآخرين مكنون صدورهن أو ممن يحتفظن به لأنفسهن، فإن افضل سياسة تكون نحو السعي الى الوسطية.
فإذا كنت تواجهين مشكلات يصبح الافصاح عنها اسلوبا جيدا للتخلص من عبئها وقد يعينك ايضا على رؤية كل شيء بمنظور مختلف تماما، فضعي في ذهنك دائما التداعيات التي قد تنشأ عن هذا الافصاح وفكري مليا فيما تختارين الافصاح عنه ومن تختارينه للاستماع اليه.
افعلي ولا تفعلي في مسألة المشاركة
اختاري من تضعين فيهم ثقتك بعناية، واختاري هؤلاء الذين لا يصدرون احكاما، والبعيدين بحكم المكان والعاطفة عن الموضوع الذي ستجري مناقشته فسيكونون مهيئين للاستماع بدلا من ان يدلوا بدلوهم ويقصوا عليك مشاكلهم فورا او يبدأوا في اسداء النصح لك.
لا تفصحي عن كل ما لديك تحت تأثير سحر اللحظة فسيتأثر حكمك على الاشياء وستعيشين ندما على هذا الاسترسال الطويل، فإذا جرى اغراؤك بأن تسهبي في سرد كل ما لديك اجلي باقي حديثك لجلسة اخرى وستجدين انك قد غيرت رأيك.
اخبري زملاءك في العمل لو كنت تواجهين مشكلات شخصية قد تؤثر في قدراتك الوظيفية او لو كنت تعانين فقدان شخص عزيز او شيء ثمين، او بالأسى لأمر ما، فحين يعلم رئيسك وزملاؤك بظروفك الطارئة فقد يتغاضون عن بعض تقصيرك المؤقت في العمل.
لا تخبري افراد عائلتك المقربين بتفاصيل حياتك الزوجية فقد يكون من الطبيعي ان تلجئي الى امك حين تمر علاقتك بزوجك بطريق وعر، ولكنك قد تتمكنين من النسيان والتسامح مع زوجك، ولكن امك لن تتمكن من ذلك.
كوني واعية بما يدور حولك، فالدنيا اصغر مما تظنين واذا قررت مشاركة الآخرين اسرارك فليكن ذلك داخل خصوصية المنزل بدلا من التحدث في مكان عام قد يسمعك فيه شخص يعرفك.