غزة : هل هي القصعة؟!! ونحن الغثاء؟!!

[محمود المختار الشنقيطي]

غزة : هل هي القصعة؟!! ونحن الغثاء؟!!

توقفت كثيرا،أمام حديث سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام:
" يٌوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أٌفقٍ،كما تَداعى الأكلة على قصعتها،قيل :
يا رسول الله ! فمن قِلّة يومئذ،؟ قال : لا،ولكنكم عثاء كعثاء السيل.. " إلى آخر الحديث{ صححه الألباني : الجامع الصحيح}
أخذت أتأمل هذا الحديث،في الضوء الذي صدر من فم من لا ينطق عن الهوى،صلى الله عليه وسلم. صحة هذا الحديث الشريف،تثبت أنه لا بد أن يحصل في فترة ما من تاريخ الأمة.
صدقت يا سيدي يا رسول الله صلى عليك الله. تحقق ذلك أمام أعيننا .. في العدوان على "غزة".
عندما اعتدى الأمريكان على العراق،كانت لديه حدود مع :
السعودية، إيران،الأردن،الكويت،سوريا،تركيا.
وعندما اعتدى الأمريكان على أفغانستان،كانت لديها حدود مع: باكستان،إيران،الصين،تركمانستان،و أوزباكستان،وطاجيكستان.
عند عدوان أمريكا – ألا يوجد معتدي غير أمريكا؟ وكما قال أحد المحللين : أمريكا لم تحارب دولة قوية ابدا،تتسلط على الضعاف فقط!! – على فيتنام،وحدودها : الصين الشعبية،لاوس،كمبوديا،خليج تونكين،وبحر الصين الجنوبي ،خليج تايلند.
حين ندقق النظر،نجد التالي :
العراق : حدود مشتركة : 6 دول.
أفغانستان : حدود مشتركة : 6 دول.
فيتنام : حدود مشتركة : 6 دول،وخلجان.
غزة أو عَزة – حسب لغزة أخي وأستاذي "أبو أشرف"شفاه الله وعافاه – حدودها :
شمالا،وشرقا،مع الصهائنة "المعتدي"ثم مصر!! البحر الأبيض،كان الصهائنة يمنعون صيادي غزة من تجاوز 6 أميال،ثم تفضلوا!! فزادوا المسافة حتى 9 أميال. مع أن اتفاقية أوسلو- 1993- تنص على حق صيادي غزة،بالإبحار 20 ميلا،ولم ينفذ ذلك،منذ 15 سنة!
لا أعلم،هل سبق لنا كأمة مسلمة،أن خضنا حربا،مغلقة علينا من الجهات الأربع،ومن السماء،غزة الآن،دون مطار،كان المطار قد افتتح 1998،وتوقف عن العمل 2001،بقصف صهيوني،على مراحل 2002،ثم 2006م.
هكذا تكون "غزة"هي الوحيدة التي تشبه"القصعة"التي تداعا عليها الأمم من كل أفق،الصهائنة،في حد ذاتهم،أتوا من الأفاق،وأمريكا – أيضا؟!! – قد جاءت من 6707 ميلا!!- بحاملتي طائرات" جيرالد فورد" و " وإيزنهاور".
جيش الصهائنة،من أكثر جيوش العالم صرفا على جيشه – 24 مليار سنويا – من اقوى جيوش العالم،عدد جنوده 169 ألف جندي،في الخدمة،و400 ألف جندي في الاحتياط ،لديه،قبة حديدية،نظام دفاع جوي،لاعتراض الصواريخ القصيرة والقذائف،ومنظومة مقلاع داوود،البعيدة المدى،إسرائيل دولة نووية،وهي القوة الخامسة في العالم، لديها رؤوس نووية،وقنابل نووية!!
دولة بهذه القوة ..هل تحتاج دعما معنويا – مثل تصريح رئيس الحكومة البريطانية،صرح أنه يدعم نتن ياهو- أو عمليا كما فعلت أمريكا.
كل هذا،من أجل غزة – 360 كيلو متر مربع – الصهائنة سرقوا من أرض فلسطين،22145 كيلو متر مربع.
هل مر في التاريخ أن أصبحت"كيا"إسلامي مثل"القصعة" ليس لديها منفذ واحد تستطيع أن تتنفس عبره؟!!
غير"غزة"؟!!
ومن تداعت عليه الأمم غير غزة؟!
ومن كغثاء .. غيرنا نحن؟!!
ضوء .. في كل هذا الظلام ..
لا أقصد صمود غزة،العزة،بل ربط الأخوة الإسلامية، من بداية العهد النبوي الشريف،إلى هذه اللحظة .. تأمل ألفاظ الحدث
"تداعى عليكم"هل تتداعى على الصحابة رضي الله عنهم؟!! بل تتداعى علينا نحن،ولكن ألا يعني هذا أن تداعي الأمم علينا،كأنه تداع على المسلمين جميعا،من إسلام أمنا خديجة –رضي الله عنها- إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
في رواية أخرى " أمن قلة نحن يموئذ" : هل نحن تعني الصحابة رضي الله عنهم ؟ أم نحن؟
وقوله صلى الله عليه وسلم :"لا. ولكنكم عثاء .." هل الصحابة رضي الله عنهم كغثاء السيل؟! قطعا لا. بل نحن.
فهذه القنطرة تمتد من عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – من السنة العاشرة – مثلا - حتى 1445هـ .
الأمر كما هو دائما :
إله واحد : سبحانه وتعالى.
نبي واحد : صلى الله عليه وسلم.
كتاب واحد : القرآن الكريم.
دين واحد : الإسلام.
ماذا بقي ؟
اللهم نصرك الذي وعدت .. قال المعصوم صلى الله عليه وسلم :".. فإن الله قد تكفل لي بالشام"
يا رب هذه القلة تداعت عليها الأمم،ونحن عثاء .. ولكنهم صمدوا .. فلا تآخذهم بذنوبنا .. وتقصيرنا .. وحبنا للحياة .. وخوفنا من الموت .. فاللهم نصرك الذي وعدت.

أبوعبد الله المدني / المكي