مجالس العجمان الرسمي

العودة   مجالس العجمان الرسمي > ~*¤ô ws ô¤*~المجالس العامة~*¤ô ws ô¤*~ > مجلس الدراسات والبحوث العلمية

مجلس الدراسات والبحوث العلمية يعنى بالدراسات والبحوث العلمية وفي جميع التخصصات النظرية والتطبيقية.

 
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 14-10-2007, 02:30 PM
بنت الكويت بنت الكويت غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
الدولة: k u ω a i Ŧ
العمر: 40
المشاركات: 43
معدل تقييم المستوى: 0
بنت الكويت is on a distinguished road
بيان عقيدة أهل السنة والجماعة ولزوم اتِّباعها

بيان عقيدة
أهل السنة والجماعة ولزوم اتِّباعها
إشراف سماحة الشيخ العلاّمة
عبد العزيز بن عبد الله ابن باز
مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار
العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء
إعداد الفقير إلى الله تعالى
سعيد بن علي بن وهف القحطاني


بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة

إن الحمد لله، نحمدُه، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]، {آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71].
أما بعد فإن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكلَّ محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
لا شك أن الأعمال والأقوال إنما تصح وتقبل إذا صدرت عن عقيدة صحيحة فإن كانت العقيدةُ فاسدةً غير صحيحة بطل ما يتفرع منها من أعمال، وهذا يؤكد أن تعلم العقيدة الصحيحة من أهم المهمات وأعظم الواجبات؛ لأن قبول الأعمال موقوف عليها، والسعادة في الدنيا والآخرة لا تكون إلا بالتمسكِ بها والسلامةِ مما ينافيها، والعقيدةُ الصحيحةُ هي عقيدةُ الفرقةِ الناجيةِ المنصورة: أهل السنةِ والجماعة، وهي مبنية على الإيمان الصادق بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره وما يتبع هذه الأصول ويدخل فيها، وما يتفرع منها، وجميع ما أخبر الله به، وما أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم.
والأصل في ذلك قول الله عز وجل: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} الآية [البقرة: 177]، وقال عز وجل: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285]، وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا} [النساء: 136]، وقال سبحانه وتعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحج: 70]، وقال عز وجل: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49]، وفي حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن جبريل عليه السلام سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فقال: "أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره"، هذه هي أصولُ عقيدةِ السنةِ والجماعةِ إجمالاً. ولكن ما هو مفهومُ العقيدة؟ ومن هم أهلُ السنةِ والجماعة؟ وما أسماؤُهم وصفاتهم؟ وما أصولُ عقيدَتِهم تفصيلاً؟ وما الذي يدخل ي هذه الأصول؟ وما الذي يتفرع منها من أمور العقيدة؟ وإلى الإجابة على ذلك بالتفصيل والاختصار:
أولاً: مفهومُ عقيدة أهلِ السنةِ والجماعة:
(أ) مفهوم العقيدة لغة:
كلمة "عقيدة" مأخوذة من العقد والربط والشّدِّ بقوة، ومنه الإحكام والإبرامُ، والتماسك والمراصة، يقال: عقد الحبل يعقده: شدّه، ويقال: عقد العهدَ والبيعَ: شدّه، وعقد الإزارَ: شده بإحكام، والعقدُ: أهلِ ضد الحل.
(ب) مفهوم العقيدة اصطلاحًا:
العقيدة تطلق على الإيمان الجازم والحكم القاطع الذي لا يتطرق إليه شكٌّ، وهي ما يؤمن به الإنسانُ ويعقد عليه قلبَه وضميرَه، ويتخذه مذهبًا ودينًا يدين به؛ فإذا كان هذا الإيمان الجازم والحكم القاطع صحيحًا كانت العقيدة صحيحة، كاعتقاد أهل السنة والجماعة، وإن كان باطلاً كانت العقيدةُ باطلة كاعتقاد فرق الضلال.
(ج) مفهوم أهل السنة:
السنة في اللغة: الطريقة والسيرة، حسنة كانت أم قبيحة، وهي في اصطلاح علماء العقيدة الإسلامية: الهدي الذي كان عليه رسول الله صل وأصحابُه، علمًا واعتقادًا، وقولاً، وعملاً، وهي السنة التي يجب اتباعها، ويّحمد أهلُها، ويُذمُّ من خَالَفها؛ ولهذا قيل: فلان من أهل السنة: أي من أهل الطريقة الصحيحة المستقيمة المحمودة.
(د) مفهوم الجماعة:
الجماعة في اللغة مأخوذة من مادة جمع وهي تدور حول الجمع والإجماع والاجتماع وهو ضد التفرق، قال ابن فارس رحمه الله: "الجيم والميم والعين أصل واحد يدل على تضام الشيء، يقال: جمعت الشيء جمعًا"، والجماعة في اصطلاح علماء العقيدة الإسلامية: هم سلف الأمة من الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، الذين اجتمعوا على الحق الصريح من الكتاب والسنة.
(هـ) أسماءُ أهلِ السُّنَّة وصِّفاتُهُم:
1ـ أهل السنة والجماعة: هم من كان على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابُه، وهم المتمسكون بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهم الصحابة، والتابعون، وأئمة الهدى المُتَّبِعون لَهُم، وهم الذين استقاموا على الاتِّباع وابتعدوا عن الابتداع في أي مكان وفي أيِّ زمان، وهم باقون منصورون إلى يوم القيامة، وسمُّوا بذلك لانتسابهم لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، واجتماعهم على الأخذ بها: ظاهرًا وباطنًا، في القول، والعمل، والاعتقاد.
فعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "افترقت اليهودُ على إحدى وسبعين فِرقةً فواحدة في الجنة وسبعون في النار، وافترقتِ النصارى على ثنتين وسبعين فرقة فإحدى وسبعون فرقةً في النار وواحدة في الجنة، والذي نفسُ محمدٍ بيده لَتَفتَرِقَنَّ أمتي على ثلاثٍ وسبعين فرقةً، واحدةٌ في الجنة واثنتان وسبعون في النار"، قيل يا رسول الله، من هم؟ قال: "الجماعة"، وفي رواية الترمذي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: قالوا: ومن هي يا رسول الله، قال: "ما أنا عليه وأصحابي".
2ـ الفرقة الناجية: أي الناجية من النار؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم استثناها عندما ذكر الفرق، وقال: "كلها في النار إلا واحدة"، أي ليست في النار.
3ـ الطائفة المنصورة: فعن معاوية رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزالُ طائفةٌ من أمتي قائمةً بأمر الله لا يضرُّهم من خذلهم أو خالفهُم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس"، وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه نحوه، وعن ثوبان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك"، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه نحوه.
4ـ المعتصمون المتمسكون بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار؛ ولهذا قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أنا عليه وأصحابي"، أي هم من كان على مثلِ ما أنا عليه وأصحابي.
5ـ القدوة الصالحة الذين يهدون إلى الحق وبه يعملون، قال أيوب السَختيَانِي رحمه الله: "عن من سعادةِ الحَدَث، والأعجمي أن يوفقهما الله لعالم من أهل السنة"، وقال الفضيل بن عياض رحمه الله: "إن لله عبادًا يُحيى بِهمُ العباد والبِلادَ وهم أصحاب السنة ومن كان يعقل ما يَدخُلُ جَوفَه من حله كان من حزب الله".
6ـ أهل السنة خيار الناس ينهون عن البدع وأهلِها، قيل لأبي بكر بن عياش: من السني؟ قال: "الذي إذا ذُكِرَتِ الأهواء لم يتعصب لشيء منها"، وذكر ابن تيمية رحمه الله: أن أهل السنة هم خيار الأمة ووسطها الذين على الصراط المستقيم: طريق الحق والاعتدال.
7ـ أهل السنة هم الغرباء إذا فسد الناس، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بدأ الإسلام غريبًا وسيعود كما بدأ غريبًا، فطوبى للغرباء"، وفي رواية عن الإمام أحمد رحمه الله عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قيل: ومن الغرباء؟ قال: النُّزَّاع من القبائل"، وفي رواية عند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، فقيل: ومن الغرباء يا رسول الله، قال: "أناس صالحون في أناسِ سوءٍ كثير من يعصهم أكثر ممن يطيعهُم"، وفي رواية من طريق آخر: "الذين يصلحون إذا فسد الناس"، فأهل السنة الغرباء بين جموع أصحاب البدع والأهواء والفرق.
8ـ أهل السنة هم الذين يحملون العلم ويَحزنُ الناسُ لِفِراقِهم، أهل السنة هم الذين يحملون العلم وينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين؛ ولهذا قال ابن سيرين رحمه الله: "لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سمُّوا لنا رجالكم، فيُنظَرُ إلى أهل السنّةِ فيؤخذ حديثُهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم"، وأهل السنة هم الذين يحزن الناس لفراقهم؛ ولهذا قال أيوب السَختياني رحمه الله: "إني أُخبَرُ بموت الرجل من أهل السنة فكأني أفقد بعض أعضائي"، وقال: "إن الذين يتمنون موتَ أهلِ السُّنّةِ يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم والله مُتِمّ نوره ولو كره الكافرون".
ثانيًا: أصولُ أهلِ السنةِ والجماعة:
إن أهل السنة يسيرون على أصول ثابتة وواضحة، في الاعتقادِ والعمل والسلوكِ، وهذه الأصول مُستمدةٌ من كتاب الله عز وجل، وسنةِ رسوله صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه سلفُ هذه الأمةِ: من الصحابة والتابعين ومن تبعهم من القرون الثلاثة المفضلة ومن سار على نهجهم بإحسان إلى يوم الدين، وهذه الأصول على النحو الآتي:
الأصل الأول: الإيمان بالله عز وجل:
الإيمانُ بالله تعالى: هو الاعتقاد الجازم الذي لا يتطرقُ إليه شك بأن الله عز وجل ربُّ كلِّ شيء ومليكه، وأنه المستحق للعبادة دون ما سواه وأن يُفردَ بالعبادة مع كمال المحبة والذُّلِّ والخضوع، وأنه المتصف بصفات الكمال فله الأسماءُ الحسنى والصفاتُ العليا، وهو سبحانه منزَّهٌ عن كل عيب ونقص.
فظهر من ذلك أن الإيمان بالله عز وجل يتضمنُ أربعة أمور:
الأول: الإيمان بوجود الله عز وجل، وقد دلّ على ذلك الفطرة، والعقل، والشرع، والحس.
1ـ أما دلالة الفطرة على وجوده، فإن كلَّ مخلوقٍ قد فُطِر على الإيمان بخالقه من غير تفكير أو تعليم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه أو ينصرانه، أو يمجسانه".
2ـ أما دلالة العقل على وجود الله عز وجل؛ فلأن هذه المخلوقات سابقها ولاحقها لابد لها من خالق أوجدها على هذا النظام البديع؛ ولهذا ذكر الله هذا الدليل العقلي والبرهان القطعي فقال عز وجل: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ، أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ، أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ} [الطور: 35-37]، ولما سمع جُبير بنُ مُطعِم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآيات وكان مشركًا قال: "كاد قلبي أن يطير وذلك أولُ ما وقر الإيمان في قلبي".
3ـ أما دلالة الشرع على وجود الله عز وجل؛ فلأن الله أرسل الرسل وأنزل الكتب السماوية تنطق بذلك.
4ـ أما دلالة الحس على وجود الله عز وجل فمن وجهين:
( أ) إننا نسمع ونشاهد من إجابة الداعين وغوث المكروبين ما يدل دلالة قاطعة على وجود الله عز وجل، قال سبحانه وتعالى: {وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ} [الأنبياء: 76]، وغير ذلك.
وفي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه أن رجلاً أعرابيًّا دخل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: يا رسول الله هلك المال وجاع العيالُ فادعُ الله يغيثنا، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: "اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا" قال أنس رضي الله عنه: فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار السحابُ أمثالَ الجبالِ، ثم لم ينزل من منبره حتى رأيتُ المطرَ يتحادرُ على لحيته، فمطرنا فوالله ما رأينا الشمس سبتًا، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فقال: يا رسولَ الله، هلكت الأموال وانقطعت السُّبُلُ فادع الله يمسكها عنا، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: اللهم حوالينا ولا علينا"، فما يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت.
(ب) إن آيات الأنباء التي تُسمَّى المعجزات دليل قاطع على وجود الله عز وجل؛ لأنها أمور خارجة عن نطاق البشر يجريها الله تأييدًا لرسله ونصرًا لهم.
الثاني: الإيمان بالربوبية، وأن الله عز وجل هو الرب الخالق، المالكُ المدبر، قال عز وجل: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ} [فاطر: 13]، ولم يُعلم أن أحدًا من الخلق أنكر ربوبية الله سبحانه وتعالى إلا أن يكون مكابرًا، قال عز وجل عن آل فرعون: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: 14].
الثالث: الإيمان بالألوهية، وأن الله عز وجل هو الإله الحق المستحق للعبادة دون ما سواه؛ لكونه خالق العباد والمحسن إليهم، والقائم بأرزاقهم، والعالم بسرهم وعلانيتهم، والقادر على إثابة مطيعهم، وعقاب عاصيهم؛ ولهذه العبادة خلق الله الثقلين، قال عز وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ، مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 56-58]، وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 21-22]، وقد أرسل الله عز وجل الرسل وأنزل الكتب لبيان هذا التوحيد "توحيد العبادة" والدعوة إليه، قال عز وجل: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} [النحل: 36]، وقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَاْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25]، وقال عز وجل: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمًا بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 18]، وكل من اتخذ إلهًا من دونه فإلهيته باطلة، قال عز وجل: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [الحج: 62]، وقال عز وجل: {وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 163].
وقد أبطل الله عز وجل اتخاذ المشركين آلهة من دونه فبيّن ضَعفَها من كلِّ وجه، فقال: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ، وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: 22-23]، فالعبادة حق الله عز وجل؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: "حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا".
الرابع: الإيمان بأسماء الله الحسنى وصفاته العلا: أهل السنّةِ والجماعة يُثبتون ما أثبتَهُ اله عز وجل لنفسه، وما أثبتَه له رسولُهُ صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، ويُمِرّونها كما جاءت مع الإيمان بما دلّت عليه من المعاني العظيمة، فكل ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسولُه من جميع الأسماء والصفات أثبتوه على الوجه اللائق به تعالى، إثباتًا مفصلاً على حد قوله سبحانه {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} وينفون عنه ما نفاه عن نفسه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم نفيًا إجماليًّا غالبًا على حد قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} والنفي يقتضي إثباتَ ما يُضادُه من الكمال، فكل ما نفى الله عن نفسه من النقائص فإن ذلك يدل على ضِدِّهِ من أنواع الكمال، وقد جمع الله النفي والإثبات في آية واحدة {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} فهذه الآية تضمنت تنزيه الله من مُشابَهةِ خلقه، لا في ذاته ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وفي أولها ردٌّ على المشبِّهَةِ وهو قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} وفي آخرها ردّ على المعطلة وهو قوله تعالى: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} وفي أولها نفي مجمل، وفي آخرها إثبات مفصل. وقال الله عز وجل: {فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [النحل: 74]، وهذه عقيدة أهل السنة والجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان. نَقَلَهم عنهم أئمة أهل السنّةِ، قال الويد بن مسلم رحمه الله: سألت الأوزاعي، وسفيان الثوري، ومالك بن أنس، والليث بن سعد، عن هذه الأحاديث التي فيها ذكر الرؤية فقالوا: "أمِرُّوها كما جاءت بلا كيف"، وقد ذكر أهل السنة كلام الأئمة على قوله عز وجل: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وأن ذلك يدل على علوِّ الله على خلقه كما قال سبحانه وتعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10]، وقال عز وجل: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً} [الأنعام: 61]، قال أبو القاسم اللالكائي رحمه الله: "فدلت هذه الآية أنه تعالى في السماء وعلمه مُحيطٌ بكلِّ مكان من أرضه وسمائه، وقال: وروى ذلك من الصحابة: عمر، وابن مسعود، وابن عباس، وأمُّ سلمة رضي الله عنهم، ومن التابعين ربيعةُ بن أبي عبد الرحمن، وسليمان التيمي، ومقاتل بن حيان، وبه قال من الفقهاء مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وأحمد بن حنبل.
وسئل ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى؟ قال: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول ومن الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التصديق"، وقال رجل للإمام مالك رحمه الله: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى؟ فقال: "الكيف غير معقول، والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة فإني أخاف أن تكون ضالاً وأَمَر به فَأُخرِج".
وقيل لأبي عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله: الله عز وجل فوق السماء السابعة على عرشه بائنٌ من خلقه، وقدرتُه وعلمه في كل مكان؟ قال: "نعم على العرش وعلمه لا يخلو منه مكان"، وفي رواية: "أنه سئل عن قوله {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} فقال الكلام السابق.
وهذه النقولات تدل على أن أهل السنة يثبتون الأسماء والصفات وما دلت عليه من المعاني العظيمة مع إمرارها كما جاءت بلا كيف. والمعية معيتان: معية عامة لجميع الناس، ومعية خاصة تقتضي التوفيق.

الأصل الثاني: الإيمان بالملائكة:
الإيمان بالملائكة يتضمن أربعة أمور:
1ـ الإيمان بوجودهم.
2ـ الإيمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه، ومن لم نعلم اسمه نؤمن به إجمالاً.
3ـ الإيمان بما علمنا به من صفاتهم، كصفة جبريل فقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه رآه على صفته التي خُلِقَ عليها وله ستمائة جناح كل جناح قد سد الأفق.
4ـ الإيمان بما علمنا من أعمالهم التي يقومون بها بأمر الله عز وجل. كتسبيحه تعالى كما قال عز وجل: {وَمَنْ عِندَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ، يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 19-20]، وعن أبي ذري رضي الله عنه يرفعه: "إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون، أطتِ السماء وحُقَّ لها أن تئِطَّ ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدًا لله.."، وهذا يدل على كثرتهم وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رُفع له البيت المعمور في السماء يطوف به كل يوم سبعون ألف ملك بلا رجعة.
ومن أعمالهم: أن جبريل أمين الوحي، وإسرافيل الموكل بالنفخ في الصور، وملك الموت الموكّل بقبض الأرواح وغير ذلك.
رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التعليم في الكويت قبل وبعد النفط د.فالح العمره مجلس الدراسات والبحوث العلمية 5 24-01-2012 08:37 PM
من أصول أهل السنة والجماعة (فضيلة الدكتور صالح بن فوزان الفوزان) الشهــاب مجلس الدراسات والبحوث العلمية 14 03-10-2007 05:38 PM
دروس العلامة صالح بن فوزان الفوزان ارجووو التثبيت للافادة....! خــــــــــطاب المجلس الإســــلامي 4 27-05-2007 08:24 AM
من هم أهل السنة والجماعة ؟؟ راكان المحفوظي المجلس الإســــلامي 18 26-01-2007 02:07 PM
النسخة الجديدة لبروتوكولات الثورة الجعفرية ( أجراس الإنذار ) الشمالي المجلس السياسي 6 09-11-2005 11:00 AM

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 11:36 AM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع