مجالس العجمان الرسمي


المجلس العــــــام للمناقشات الجادة والهادفة والطروحـــات العامة والمتنوعة

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 13-05-2015, 07:45 AM
محمود المختار الشنقيطي محمود المختار الشنقيطي غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2012
المشاركات: 968
معدل تقييم المستوى: 12
محمود المختار الشنقيطي is on a distinguished road
حياة أميرة عثمانية في المنفى"7"

حياة أميرة عثمانية في المنفى"7"
يبدو أننا سنظل في جو (الحمام التركي)،ولكن هذه المرة،من أجل حديث السيدات عن (الغرب)،وسلوكه الذي كان يتسلل إلى (تركيا)،تلك التي كانت لا تزال معظم نسائها يحتفظن بـ(الحجاب)،بينما تتسلل القيم الغربية،خصوصا عبر(السفارات الأجنبية) ..
(وتتحدث امرأة شابة عن زوجها،وهو موظف كبير في وزارة الخارجية. فهو رجل حديث يأخذها معه إلى كل الاستقبالات الرسمية. وتروي أنها رافقته،ذات ليلة،إلى عشاء دعت إليه السفارة السويسرية،وهي إحدى السفارات القليلة،التي ظلت على الحياد.
- فلم يكن هناك إلا أوربيات،أنيقات جدا،ولكن بلباس يكشف الصدور والظهور كشفا خجلت منه عنهن،والأدعى إلى الاستغراب،هو أنه ما من واحد من الرجال الحاضرين أعار ذلك انتباها. فهم يمشون بين هؤلاء النساء المعروضات بهذه الصورة دون أن يبدو عليهم أي اهتمام.
- ولكن هذا معروف،فالغربيون لا يملكون رغبات قوية،على ما تقول السيدة المجاورة لها،التي تبدي مظهر الخبير العليم،ولهذا فإن نساءهن يستطعن التنزه وهن نصف عاريات.
فيضحك الجميع.
- ما شاء الله – والحمد لله – إنه لا يمكن أن نقول مثل هذا عن رجالنا. فهم لا يستطيعون أن يلمحوا ساعدا،أو كعب قدم،من غير أن يُجَنّوا به!
وتتنهد امرأة سمراء جميلة،وتقول :
- كم يجب أن تكون هؤلاء الأوربيات بائسات. فلو كنت مكانهن لمت من الأسى.
- ولكنهن لا يعين ذلك .. فهن يحسبن بأنهن حرات،ويقلن إن رجالهن متسامحون،على حين أنهم غير مبالين.
وتشير سيدة نحيلة قصيرة،ممن يدعين أنهن من المثقفات إلى أن :
- هذا ربما ينشأ عن دينهم. فالنبي عيسى {عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام}– الذي يعتبرونه كإله،ذلك أنهم يؤمون بعدة آلهة،أو لنقل بثلاثة : هم الآب والابن والروح القدس- هذا النبي {عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام} كان يبتعد عن النساء،ولم يتزوج قط. وأهم الفرق المسيحية،أي الفرقة الكاثوليكية،تعتبر أن الطهارة الجنسية هي أعلى صور الكمال. ولهذا فإن رهبانهم يبقون عزابا،وكذلك بعض فتياتهم اللواتي يسمونهن راهبات.
وأمام هذه الكلمة يصرخن جميعا : عازبات؟ كما لو أنهن لا يصدقن. إذ أن العزوبة بالنسبة إليهن هي اللعنة. أوليس أول واجب من واجبات المرأة أن تنجب،أوَلم يكن للنبي {صلى الله عليه وسلم} نفسه تسع زوجات؟ إن هؤلاء المسلمات لا يرين أن الجنس شيء يتصل بفكرة الخطيئة،بل العكس تماما.){ص 75 - 76}.
ويمتد الحديث عن المسيحية،ليصل إلى (أكل لحم المسيح) {عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام}/وهل ذلك من باب (الرمز) أم أنهم يعتبرون ذلك حقيقة :
( - ربما كان هذا مجرد رمز.
- هذا ما كنت احسبه. ولكن لا. إنهم يقسمون أن إلههم كائن في هذا الخبز،لحما ودما،فيعروهن من ذلك رجفة.
- ويجرؤون على القول إننا متعصبون!
وتخلص المثقفة إلى القول،بصورة الجزم القاطع.
إن القضية هي دوما على هذه الصورة. فالأقوياء لا يفرضون قوانينهم علينا،بل يفرضون كذلك أفكارهم.
وكان شيئا من الحزن يرين الآن على الحضور. فكيف حدث أن وصلن للحديث في السياسة؟ وهذا على الرغم من أن الجميع تعاهدن على تجنب كل موضوع مزعج.
وكانت هذه اللحظة هي التي اختارتها إحدى الأميرات لكي تقول،بلهجة غريبة :
- هل تعرفن آخر خبر؟
فاتجهت جميع الأنظار إليها،وقلن :
- قوليه بسرعة،لا ترهقينا بالانتظار.
- حسنا،هاكن : إن روز دور ... الوردة الذهبية.
ولمعت عيون المدعوات من جديد : فماذا عساه أن يكون روز دور قد فعل؟
- إن روز دور قد طلب يد صبيحة السلطانة.
فتكاثرت علائم الاستغراب (..) أفتتزوج الجميلة صبيحة،الابنة المفضلة للسلطان وحيد الدين،اللواء الشاب،بطل غاليبولي،الذي أنقذ،في أشد ساعات الحرب،إستانبول من يد البريطانيين،الذين كانوا يهاجمون الدردنيل! ولكن الجميع يعتبرون أن روز دور هو وجه أسطوري. ذلك أنه تحدى رأي رؤسائه،وتحدى جيشا أوربيا أكثر عددا،وأفضل عدة. فلقد استطاع،بجرأته،وثقته المطلقة بنفسه وبرجاله،أن يتغلب على وضع أجمع الخبراء كلهم – في إستانبول وفي الجبهة – على أنه ميئوس منه. وقد جعل منه هذا النصر،الذي يعود إلى عبقريته العسكرية،مشهورا،لاسيما وأنه بعد عدة أشهر،عندما واجه الجيش الروسي،استعاد مدينة بيتليس وموش،فحقق بذلك النجاحات التركية الوحيدة،بين مجموعة الهزائم. (..) وعندما عاد إلى إستانبول منذ نهاية الحرب،صار يرى في البلاط. ويحب السلطان أن يستشيره حول الوضع المعنوي للجيش،وأن يستمع إلى آرائه المتميزة عن الآخرين. (..) وعندما يأتي إلى القصر،كانت الأميرات المختبئات وراء المشربيات (الشمعدانات)،ينظرن إلى الضابط الوسيم الذي يمر،وعليه أكاليل المجد،ولقد حلمت أكثر من واحدة منهن أن تصبح امرأته،بل إن سلطانة صبية تجرأت فكتبت إليه رسائل بريئة غرامية،وكانت توصلها إليه بواسطة أحد العبيد. لكن هذا القاسي القلب لم يتنازل مرة ليجيب،فأوقعها ذلك في المرض،من شدة الحزن. أتراه كان يظهر بمظهر اللامبالي،لأنه كان يطمع ببنت السلطان،وهو من أصل متواضع؟ ولكن هذا غير مهم. ففي تركيا ليس هناك أرستقراطية،خارج الأسرة المالكة. وفي وسع الإنسان أن يصل إلى أعلى المراتب،اعتمادا على مزاياه وحدها. (..) – ولكن أخيرا،ماذا قال السلطان للباشا،تماما؟
- لقد قال : إن ابنته ما تزال صغيرة،وإنه سيفكر.
- أصغيرة،صبيحة السلطانة؟ولكن عمرها لا يقل عن عشرين سنة!
وعندئذ خفضت الأميرة صوتها،ودمدمت تقول :
- يبدو أن السلطان يتردد. ولاشك أن الباشا هو أفضل لواء في جيشنا،ولكنه شديد العنف،ويكثر من الشراب. ثم إنهم يقولون،إن له آراء تميل به إلى الحكم الجمهوري.
واعترت المجموعة رجفة المذعور.
- أو هو جمهوري،هذا الروز دور؟ إن هذا مستحيل! وعندئذ لم تعد الأميرة تحتمل {الكلام هنا،لا يستقيم،فأي أميرة هي؟! وكيف تجهل ذلك "النجم"؟!!}،فالتفتت إلى جارتها،لتقول:
عفوا سيدتي،ولكن من هو هذا الروز دور؟
كيف يا سلطانة،ألا تعرفين! قالت ذلك مندهشة. ولكنه هو اللواء مصطفى كمال!){ص77 -79}
كأن التأريخ يعيد نفسه،في صورة الانبهار بالغرب – بصحافته في حالتنا هذه – كما صوره الحديث عن (المنع) وأثره .. ( .. "الجيش اليوناني يحتل إزمير،وبعد بعض المعارك الدامية،عاد الهدوء".
وتنهد خيري رؤوف بك،واسترخى جسمه على المقعد الأكاجو،ليقول :
- لئن كانت الصحافة الأجنبية هي التي تكتب ذلك،فيجب أن يكون صحيحا.
وكمثل الكثيرين من أبناء جيله،ومحيطه،كان الداماد شديد الإعجاب بأوربا،وليس لديه إلا الازدراء،لما يسميه"بالتركيات"،,لاسيما صحافة بلده،بل إنه لا يقرؤها،ويكلف من يرسل إليه كل يوم نصف دزينة من الصحف الفرنسية والإنكليزية. إن هذا هو وجهة نظر العدو.فليكن،ولكنه في رأيه أكثر موضوعية من وجهة نظر الصحف المحلية،الخاضعة للرقابة. وينسى أن هذه غير مفروضة إلا من قبل المحتلين،هؤلاء الأوربيين الذين ما أكثر ما يعجب بهم. وعنده أن هذه تفاصيل،ذلك أن الإعلام،في تركيا،كان دوما،على كل حال،تحت المراقبة،(..) أما أن الصحافة في البلاد"الحرة"خاضعة لرقابة في مثل الصرامة،ولكن برهافة أكبر – من حيث أن الحكومات قد فهمت أن المنع أو البطش،لم يكونا خطرين فقط،بل بلا جدوى – فإنه لا يريد أن يفهم ذلك. ويعتبر أنهم نمامون،أولئك الذين يقولون : إن الديمقراطية قد أصبحت سيدة من يحسن التلاعب بالأخبار وتزوريها.ففي أوربا،على ما ترى هذه العقول الفاسدة،لا تسجن السلطة مديري الصحف،بل يدعونهم إلى العشاء،ويصارحون "بالمشكلات الحقيقية"على أفضل وجه. وعندما "يدللونهم"بهذه الصورة،فإنهم يصلون في أكثر الأحيان إلى استبقائهم في نوع من الحياد المحابي.
لكن هذه الملاحظة تستفز خيري بك. وعلى فرض أنه صدقها،فإن هذا لا يغير شيئا من قناعته بأن سلام تركيا،إنما يمر من باب"تغريبها". وكثيرا ما يقول : "يجب أن نأخذ من أوربا ورودها،ولتذهب الأشواك غير مأسوف عليها". ){ص 81 - 82}.
ختام هذه الحلقة سوف يكون ... بعد اختيار سلمى لعقد من الزمرد،من بين الكثير،والكثير من المجوهرات،وعندها :
(يقدم "الجواهري"مباركته ببعض الكلمات.ويمسك بالعلبتين،ويدخلهما في حقيبة من الجلد القاتم. ثم قدم تحياته،وودع الأميرة،مستأذنا بالانصراف.
وتنظر إليه سلمى وهو يخرج،فلا تصدق عينيها.
- أيندجيم،لِمَ حمل مجوهراتك،وأين هي التي اشتريتها اليوم؟
والحقيقة أن زيارات مميجان أغا،التي تباعدت في الأيام الأخيرة،كانت دوما مناسبة لمشتريات عظيمة.
- يا سلمى،إني لم أشتر ... بل إني بعت المجوهرات التي أشرتِ إليها.. أترين؟ فالحرب ثم الاحتلال،جعلا الأشياء غالية جدا. ولدينا هنا ستون أمة يجب الإنفاق عليهن. وحقا فأنا أستطيع أن أتخلص من نصفهم عددا. ولكن إلى أين يذهبن؟ وكثيرات هن اللواتي يقمن عندي منذ الطفولة. أما الأخريات فقد كبرن لدى أبي. وكن دوما وفيات لنا. ولا يطاوعني قلبي في الاستغناء عنهن. ولهذا فأنا أبيع مجوهراتي. وعلى كل حال،فإن لديّ الكثير الكثير منها!
- ولكن إذن،يا أيندجيم،نحن فقراء.
وشعرت سلمى بأنها مسحوقة. إذ لقد رأت في الطريق أطفالا،شاحبي اللون،كانوا يبيعون شرائط الأحذية،وخيطانا ودبابيس،موضوعة في علبة من الكرتون،مربوطة بأعناقهم. وقالت لها الآنسة روز{مربيتها} إن هؤلاء "فقراء صغار". فأعطتهم بعض قطع النقود وابتعدت عنهم بسرعة،خجلا من نظراتهم الطامعة والحزينة،التي كانوا ينظرون بها إلى ثوبها الجميل،وخُصل شعرها المعتنى بها. وقد آلت على نفسها أنها لن تكون أبدا،أبدا فقيرة. وبعد قليل،اطمأنت وهي تفكر أن الإنسان يولد إما غنيا،وإما فقيرا،كما يولد أبيض أو أسود. وأن العالم مقسم على هذه الصورة،وأنها،لحسن الحظ،في الطرف الأفضل.
أما الآن،فإن حديث أمها يغرقها في مهاو من المخاوف : فعندما تزول المجوهرات،أيكون عليها عندئذ أن تذهب لتبيع الدبابيس في الطرقات؟
وتطمئنها أمها قائلة :
ولكن لا،أيتها الحمقاء الصغيرة،فنحن لسنا فقراء. وبالمقابل فإن حولنا عددا يتزايد من هؤلاء. ولهذا قررت منذ الغد أن أصنع "فقرا مين تسور باسو"أي حساء للفقراء.){ص 103 - 104}.
إلى اللقاء في الحلقة القادمة .. إذا أذن الله.

إلى اللقاء في الحلقة القادمة ...إذا أذن الله
س/ محمود المختار الشنقيطي المدني
س : سفير في بلاط إمبراطورية سيدي الكتاب

 

التوقيع

 

أقول دائما : ((إنما تقوم الحضارات على تدافع الأفكار - مع حفظ مقام"ثوابت الدين" - ففكرة تبين صحة أختها،أو تبين خللا بها .. لا يلغيها ... أو تبين "الفكرة "عوار"الفكرة"))

 
 
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
طرق مشاهدة الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حياة أميرة عثمانية في المنفى"6" محمود المختار الشنقيطي المجلس العــــــام 0 12-05-2015 09:28 AM
حياة أميرة عثمانية في المنفى"5" محمود المختار الشنقيطي المجلس العــــــام 0 11-05-2015 08:07 AM
حياة أميرة عثمانية في المنفى"4" محمود المختار الشنقيطي المجلس العــــــام 0 08-05-2015 09:56 PM
حياة أميرة عثمانية في المنفى"3" محمود المختار الشنقيطي المجلس العــــــام 0 06-05-2015 09:03 AM
حياة أميرة عثمانية في المنفى"2" محمود المختار الشنقيطي المجلس العــــــام 0 03-05-2015 08:07 AM

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 10:07 PM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع