تنهمك إدارات الأندية الأوروبية نهاية كل موسم بمسألة إعداد ميزانياتها لمعرفة ما لها وما عليها, إضافة لالتزامها بالأمر كواجب أمام السلطات المعنية في بلدانها، وأمام جماهيرها والإعلام الرياضي هناك.
ولا تكتفي الأندية الأوروبية ونظيراتها في أمريكا الشمالية ومواقع أخرى بهذه العملية كتأدية واجب، بقدر ما تقوم بها كتأكيد على مدى جدوى الأساليب الإدارية التي أخذت بها في مهام وأعمال الموسم المنصرم.
ميزانيات الأندية المحلية
يضع الباحثون والدارسون جملة أخطاء على واقع العمل الإداري في الأندية السعودية والعربية من ضمنها عدم الاكتراث بمسألة وضع الميزانيات الدقيقة والحقيقية التي تحكي واقع هذه الأندية, وأكثر من ذلك فإن أنديتنا تسعى بكل ما أوتيت من سلطة وتأثير إعلامي على تكميم أفواه الأصوات المتحدثة عن المسائل المالية سواء من خلال السؤال عن الميزانيات الحقيقية التي صرفت على مهام الموسم الفارط, وهو الأمر الذي جلب كثيراً من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول حقيقة الأرقام المعطاة أحياناً من بعض الإدارات، أو حتى من خلال السؤال عن الميزانيات المتوقعة للموسم المقبل.
ومازالت موانع إلزام الإدارات الرياضية سواء في المحيط السعودي أو العربي بتقديم ميزانياتها وإعلانها رسمياً محل تساؤل، ومحل بحث عن أسباب منطقية يجب أن توضحها الجهات الحكومية المشرفة على القطاعات الرياضية.
ومرد الحرص على طرح مثل هذا الأمر على الأندية كونه سيساعد على التعرف الحقيقي والواقعي على طبيعة نشاطات وأعمال كل مجلس إدارة, ومنح فرصة التعرف على أوجه الصرف غير الواقعية وغير النظامية أحياناً, وفي ذلك منافع كثيرة لمستقبل الأندية، ويدفع بمجالسها لتتحلى بمواصفات العمل المهني الذي يتطلبه العمل بالأندية الرياضية ويتماشى مع العصر الحالي.
وهذا التهرب من الإعلان عن ميزانيات أنديتنا السعودية والعربية أيضاً, ليس له ما يبرره على الإطلاق في الوقت الحاضر, ومن ينادي باحترافية الإداريين قبل الخوض في مسألة مهمة كهذه يعتبر كمن يطمر الواقع غير المشجع للنجاح، لأن النجاح الإداري منطلقه وضوح وشفافية الجوانب المالية التي لا تتضح دون الأخذ بموضوع "الميزانيات" فعدم وجود مثل هذا الوضع مؤشر مبكر لعدم تحقيق أي نجاح في أي مجال.
إن إطلاق الأرقام وبعشرات الملايين من قبل مجالس الإدارات لأنديتنا الرياضية مع بداية كل موسم, خطوة لا تعدو أن تكون استعراضاً إعلامياً واستهلاكاً جماهيرياً تلجأ له هذه الإدارات لإلهاء جماهيرها وتعشيمها بمزيد من النجاحات, وما إن يمر شهر أو ثلاثة حتى تبدأ هذه الإدارة وتلك رحلة استجداء الأعضاء لدعمها, مؤكدة من خلال ذلك أن كل ما ذكرته سابقاً عن الميزانية الوهمية كان مجرد سراب.
ويتكرر الحال كذلك مع نهاية الموسم حيث لا تقوم أي إدارة من الإدارات بطرح العوائد التي تحصلت عليها من خلال تبرعات أعضاء الشرف ومداخيل الملاعب والنقل التلفزيوني وعقود الرعاية، وفي ذلك تضليل لجماهيرها وعدم مصداقية مع متطلبات العمل الإداري في صورته البسيطة, وهو ما لا تلجأ له إدارات الأندية الأوروبية احتراماً منها لعملها والتزاماً منها أيضاً أمام النظام الذي يفرض عليها هذه المهمة السنوية.
وتبقى إدارة نادي الاتحاد السعودي برئاسة منصور البلوي أكثر الأندية السعودية استعداداً وقدرة على طرح ميزانياتها السنوية بيسر وسهولة، وميزانيتها تكاد تكون معروفة للمتتبع لخطوات هذا النادي, فصفقاته معلنة, ورواتب محترفيه شبه معروفة, ونشاطاته وبرامجه معلنة في بيانات إعلامية يتناولها الجميع.
واقع الأندية الأوروبية
نجاح الأندية الأوروبية والأمريكية الشمالية على وجه التحديد لم يأت من فراغ, بل جاء من حرفية إدارية وشفافية في التعاطي مع الأمور، ومن هذا المنطلق فموضوع الميزانيات يعتبر من صميم أعمالها ومهامها, وهو مقياس يؤخذ به لتحديد مدى نجاح هذه الإدارة أو تلك.
ففي ألمانيا أشارت ميزانيات الأندية إلى وقوعها في خسائر جراء قيامها بإجراء تعديلات وتحديثات على ملاعبها التي ستستقبل مباريات أو تدريبات المنتخبات المشاركة في نهائيات كأس العالم، وهو منهج وطني لجأت إليه هذه الأندية سعياً إلى إظهار الاستعدادات على أحسن وجه.
بالمقابل نجد الأندية الفرنسية على خلاف نظيرتها الألمانية، حيث أثبتت ميزانيات الأندية الفرنسية في الموسم المنصرم أرقاماً حملت كثيراً من التفاؤل بمستقبل مشرق، وذلك من خلال حصولها على عوائد النقل التلفزيوني التي تعد الأعلى في العالم من خلال قناة "كانال بلوس" التي قدمت مبلغاً يتجاوز المليار دولار لنقل الدوري الفرنسي للمواسم الثلاثة المقبلة.
وتصدر نادي باريس سان جيرمان قائمة الأندية الفرنسية في عوائد الموسم الماضي بمبلغ تجاوز الـ 30 مليون يورو, تبعه موناكو بـ28 مليون يورو, ثم ليون (حامل لقب المواسم الأربعة الماضية) بـ9 ملايين يورو، فيما كان أجاكسيو الأقل عوائد بـ356 ألف يورو.
من جانبها بدأت الأندية الإيطالية في السنوات الثلاث الماضية حملة تصحيح لواقعها الإداري الذي شهد ترهلاً يبحث الإيطاليون عن مخرج منه حتى أفلحوا أخيراً في ذلك, فعادت الثقة لميزانيات أنديتهم.
وتعد إدارة نادي يوفنتوس الأنجح في مجال العمل الإداري, بدليل استمرار صعود الأرباح في ميزانية النادي في المواسم الثلاثة الأخيرة، مما جعل يوفنتوس جنباً إلى جنب في قائمة أغنى أندية العالم مع ريال مدريد, ومانشستر يونايتد, وبرشلونة, وبايرن ميونيخ, وآرسنال.
ومن جهتها تتفوق الإدارة الرياضية الأمريكية على نظيراتها في القارة الأوروبية, ولعل المتابع لنتائج دورات الألعاب الأولمبية الأخيرة في العاصمة اليونانية " أثينا " صيف العام الماضي 2004, يدرك تقدم الفكر الرياضي الإداري الأمريكي ونجاح أساليبه التدريبية, كما أعطت ميزانيات أنديته في رياضات مختلفة مصداقية نجاح لهذه الإدارة من واقع ضخامة الأرقام والعوائد.
08-09-2005, 11:48 AM
أندية فرنسا وإيطاليا وألمانيا الأولى عالمياً بدخلها المالي
العرض العادي
