مجالس العجمان الرسمي

العودة   مجالس العجمان الرسمي > ~*¤ô ws ô¤*~المجالس العامة~*¤ô ws ô¤*~ > مجلس الدراسات والبحوث العلمية

مجلس الدراسات والبحوث العلمية يعنى بالدراسات والبحوث العلمية وفي جميع التخصصات النظرية والتطبيقية.

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #11  
قديم 04-06-2005, 03:31 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

ارحب يا بو ناصر وحياك الله

واذا بغيت تدور شئ بلغني وانا رهن الخدمه يا بو ناصر

 

التوقيع

 



من كتاباتي
صرخاااات قلم (( عندما تنزف ريشة القلم دما ))
قلم معطل وقلم مكسوووور
عندما ’تطرد من قلوب الناس !!!!!!(وتدفن في مقبرة ذاتك)
دعاة محترفون لا دعاة هواه ( 1)
الداعية المحترف واللاعب المحترف لا سواء(2)
نعم دعاة محترفين لا دعاة هواة!!!! (( 3 ))
خواطر وجها لوجه
همسة صاااااااااااارخه
خواطر غير مألوفه
اليوم يوم الملحمه ...
على جماجم الرجال ننال السؤدد والعزه
عالم ذره يعبد بقره !!!
معذرة يا رسول الله فقد تأخر قلمي
دمعة مجاهد ودم شهيد !!!!!!
انااااااااا سارق !!!!
انفلونزا العقووووووووول
مكيجة الذات
الجماهير الغبيه
شمووووخ إمرأه

 
 
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 04-06-2005, 03:34 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

العلمانية ضرورة للتغيير في المجتمعات وخاصة العربية
مهند صلاحات

العلمانية من المصطلحات الحديثة التي دخلت معجمنا العربي المعاصر ويعود ذلك لحداثة ظهورها من ناحية وسرعة انتشارها من ناحية أخرى عدى على أنها غدت إذا أمكن أن نسميها القاسم المشترك بين ايدولوجيتين متضادتين الايدولوجية الليبرالية والشيوعية,
ولأنها اجتاحت وطننا العربي وصارت نهج معظم مجتمعاتنا التي تخلت عن العادات والتقاليد المستمدة من الدين لصالح العلمانية لذا وجب البحث في العلمانية التي غدت ايدولوجية قادرة على تحقيق الطموح الحقيقي بالحرية والمساواة في المجتمعات

1 ـ ما هو المفهوم الحقيقي للعلمانية؟
2 ـ ما هو تاريخ نشأة العلمانية؟
3 ـ من هم الذين أنشئوا العلمانية؟
4 ـ ما هي البيئة أو الظروف التي نبتت فيها العلمانية في العالم والوطن العربي؟
5 ـ لماذا تبنى الراديكاليين العرب العلمانية كنهج ثوري؟
6 ـ من هم الأفراد المتحمسون للعلمانية والمدافعون عنها في وطننا العربي؟
7 ـ ما هو الهدف والغاية الجوهرية لتبنِّي العلمانية؟
8 ـ ما هي المجالات والأبعاد التي تمسها العلمانية عند تبنيها؟
9 ـ هل العلمانية مجرد رؤية أو فكرة أو مبدأ، أو أنها نظام حياة متكامل مترابط (ايدولوجية)؟
10 ـ ما هي المجالات أو الميادين التي تصطدم مع العلمانية وتتعارض معها وتناقضها؟
11 ـ العولمة والعلمانية التقاء ام اختلاف
هذه الاسئلة هي ما يمكن ان نفصل به العلمانية ونضعها على طاولة التشريح ونتناول مبضع الجراح ونبدأ بتشريحها, مع انني على ثقة تامة بأن فكرة مثل العلمانية لا يمكن ان يحصرها مقال او دراسة فهي غدت منهج حياتي وفكرة عالمية الا اننا سنحاول ان نجيب على هذه التساؤلات ـ عند حصرها وترتيبها ـ الإطار العام الذي يجب أن نتناول فيه موضوع العلمانية سواء لأغراض تحليلها أو تقييمها .
وهنا يأيت دور التسأول الذي يطرح نفسه ايضا هل للعلمانية علاقة بالعولمة؟ العلمانية بوصفها نظاماً أوفكرة شمولية عالمية،
والعولمة : بوصفها كل العمليات التي تكتسب بها العلاقات الاجتماعية نوعا من عدم الفصل (سقوط الحدود) وتلاشي المسافة؛ حيث تجري الحياة في العالم كمكان واحد -قرية واحدة صغيرة- ومن ثم فالعلاقات الاجتماعية التي لا تحصى عددا أصبحت أكثر تنظيما واتصالا على أساس تزايد سرعة ومعدل تفاعل البشر، وتأثرهم ببعضهم البعض.
وفي الواقع يعبر مصطلح العولمة عن تطورين مهمين، هما: التحديث، والاعتماد المتبادل، ويرتكز مفهوم العولمة على التقدم الهائل في التكنولوجيا والمعلوماتية، بالإضافة إلى الروابط المتزايدة على كافة الأصعدة على الساحة الدولية المعاصرة.،هذا النظام العالمي (العولمة ) الذي يستحيل أن ينشأ وينمو في المجتمعات ما لم يكن قد هيئ له جو مناسب وتربة خصبة قابلة لاستيعابه، وكذلك ما لم تتوفر الأساليب والأدوات المتكاملة لإحداث الإخصاب المستمر لهذه التربة لكي تصبح حاضنة مناسبة لمفاهيم والعولمة
1 ـ ما هو المفهوم الحقيقي للعلمانية؟ : العلمانية كمصطلح هي ترجمة للكلمة اللاتينية (SECULARISM) ويأتي ايضا كما ورد في دائرة المعارف البريطانية في مادة (SECULARISM): على انه يمكن ان يكون لترجمتها الحرفية معنى اللادينية أو الدنيوية, كما يؤكد أن ترجمة الكلمة اللاتينية هي اللادينية؛ ما أورده معجم أوكسفورد شرحاً لكلمة (SECULAR):
(1) دنيوي أو مادي، ليس دينياً ولا روحياً مثل التربية اللادينية، الفن أو الموسيقى اللادينية، السلطة اللادينية، الحكومة المناقضة للكنيسة. وهي مشتقة من كلمة لاتينية "سيكولوم Saeculum"، وتعني ايضا العالم أو الدنيا و توضع في مقابل الكنيسة،
وقد اتسع المجال الدلالي للكلمة على يد جون هوليوك (1817-1906م) الذي عرف العلمانية بأنها: "الإيمان بإمكانية إصلاح حال الإنسان من خلال الطرق المادية دون التصدي لقضية الإيمان سواء بالقبول أو الرفض".
وقد اختلف الكثيرين من المفكرين والفلاسفة العرب في تعريف العلمانية , فكل منهم عرفها طبقا لمؤيد ومعارض، على سبيل المثال يرفض المفكر المغربي محمد عابد الجابري تعريف مصطلح العلمانية باعتباره فقط فصل الكنيسة عن الدولة، لعدم ملاءمته للواقع العربي الإسلامي، ويرى استبداله بفكرة الديموقراطية "حفظ حقوق الأفراد والجماعات"، والعقلانية "الممارسة السياسية الرشيدة".
في حين يرى د.وحيد عبد المجيد الباحث المصري أن العلمانية (في الغرب) ليست أيديولوجية -منهج عمل- وإنما مجرد موقف جزئي يتعلق بالمجالات غير المرتبطة بالشئون الدينية. ويميز د. وحيد بين "العلمانية اللادينية" -التي تنفي الدين لصالح سلطان العقل- وبين "العلمانية" التي نحت منحى وسيطًا، حيث فصلت بين مؤسسات الكنيسة ومؤسسات الدولة مع الحفاظ على حرية الكنائس والمؤسسات الدينية في ممارسة أنشطتها.
وفي المنتصف يجيء د. فؤاد زكريا-أستاذ الفلسفة- الذي يصف العلمانية بأنها الدعوة إلى الفصل بين الدين و السياسة، ملتزماً الصمت إزاء مجالات الحياة الأخرى (الاقتصاد والأدب) وفي ذات الوقت يرفض سيطرة الفكر المادي النفعي، ويضع مقابل المادية "القيم الإنسانية والمعنوية"، حيث يعتبر أن هناك محركات أخرى للإنسان غير الرؤية المادية.
ويقف د. مراد وهبة - أستاذ الفلسفة- و كذلك الكاتب السوري هاشم صالح إلى جانب "العلمانية الشاملة" التي يتحرر فيها الفرد من قيود المطلق والغيبي وتبقى الصورة العقلانية المطلقة لسلوك الفرد، مرتكزًا على العلم والتجربة المادية.
ويتأرجح د. حسن حنفي بين العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة ويرى أن العلمانية هي "فصل الكنيسة عن الدولة" كنتاج للتجربة التاريخية الغربية،ويعتبر د.حنفي العلمانية -في مناسبات أخرى- رؤية كاملة للكون تغطي كل مجالات الحياة وتزود الإنسان بمنظومة قيمية ومرجعية شاملة، مما يعطيها قابلية للتطبيق على مستوى العالم , وأيضا كما يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري عن العلمانية ان الكتابات التي تطرقت للعلمانية تميز بين نوعين: هما العلمانية الجزئية و العلمانية الشاملة.
1) العلمانية الجزئية: هي رؤية جزئية للواقع لا تتعامل مع الأبعاد الكلية والمعرفية، ومن ثم لا تتسم بالشمول، وتذهب هذه الرؤية إلى وجوب فصل الدين عن عالم السياسة، وربما الاقتصاد وهو ما يُعبر عنه بعبارة "فصل الدين عن الدولة"، ومثل هذه الرؤية الجزئية تلزم الصمت حيال المجالات الأخرى من الحياة، ولا تنكر وجود مطلقات أو كليات أخلاقية أو وجود ميتافيزيقا وما ورائيات، ويمكن تسميتها "العلمانية الأخلاقية" أو "العلمانية الإنسانية".
2) العلمانية الشاملة: رؤية شاملة للواقع تحاول بكل صرامة تحييد علاقة الدين والقيم المطلقة والغيبيات بكل مجالات الحياة، ويتفرع عن هذه الرؤية نظريات ترتكز على البعد المادي للكون وأن المعرفة المادية المصدر الوحيد للأخلاق وأن الإنسان يغلب عليه الطابع المادي لا الروحي، ويطلق عليها أيضاً "العلمانية الطبيعية المادية"(نسبة للمادة و الطبيعة).
ويعتبر الفرق بين ما يطلق عليه "العلمانية الجزئية" وما يسمى "العلمانية الشاملة" هو الفرق بين مراحل تاريخية لنفس الرؤية، حيث اتسمت العلمانية بمحدوديتها وانحصارها في المجالين الاقتصادي والسياسي حين كانت هناك بقايا قيم مسيحية إنسانية، ومع التغلغل الشديد للدولة ومؤسساتها في الحياة اليومية للفرد انفردت الدولة العلمانية بتشكيل رؤية شاملة لحياة الإنسان بعيدة عن الغيبيات، واعتبر بعض الباحثين "العلمانية الشاملة" هي تجلي لما يطلق عليه "هيمنة الدولة على الدين, وقياسا على ذلك فلقد مرت العلمانية الشاملة بثلاث مراحل أساسية:
1) مرحلة التحديث: حيث اتسمت هذه المرحلة بسيطرة الفكر النفعي على جوانب الحياة بصورة عامة، فلقد كانت الزيادة المطردة من الإنتاج هي الهدف النهائي من الوجود في الكون، و لذلك ظهرت الدولة القومية العلمانية في الداخل و الاستعمار الأوروبي في الخارج لضمان تحقيق هذه الزيادة الإنتاجية، و استندت هذه المرحلة إلى رؤية فلسفية تؤمن بشكل مطلق بالمادية و تتبنى العلم و التكنولوجيا المنفصلين عن القيمة، و انعكس ذلك على توليد نظريات أخلاقية و مادية تدعو بشكل ما لتنميط الحياة.
2) مرحلة الحداثة: وهي مرحلة انتقالية قصيرة استمرت فيها سيادة الفكر النفعي مع تزايد وتعمق أثاره على كافة أصعده الحياة، فلقد واجهت الدولة القومية تحديات بظهور النزعات الإثنية ، وكذلك أصبحت حركيات السوق (الخالية من القيم) تهدد سيادة الدولة القومية، واستبدل الاستعمار العسكري بأشكال أخرى من الاستعمار السياسي والاقتصادي والثقافي، واتجه السلوك العام نحو الاستهلاكي.
3)مرحلة ما بعد الحداثة: حيث الاستهلاك هو الهدف النهائي من الوجود ومحركه اللذة الخاصة، واتسعت معدلات العولمة لتتضخم مؤسسات الشركات متعددة الجنسيات والمنظمات غير الحكومية الدولية وتتحول القضايا العالمية من الاستعمار والتحرر إلى قضايا البيئة والإيدز وثورة المعلومات، وتضعف المؤسسات الاجتماعية الوسيطة مثل الاسرة، لتحل محلها تعريفات جديدة للأسرة : رجلان وأطفال- امرأة وطفل- امرأتان وأطفال…)، كل ذلك مستنداً على خلفية من غياب الثوابت المعايير الحاكمة لأخلاقيات المجتمع والتطور التكنولوجي الذي يتيح بدائل لم تكن موجودة من قبل في مجال الهندسية الوراثية.
ورغم خروج مصطلح "علمانية" من رحم التجربة الغربية، إلا أنه انتقل إلى القاموس العربي ، مثيرًا للجدل حول دلالاته وأبعاده، والواقع أنه بالرغم من الجدل حول مصطلح "العلمانية" في ترجمته العربية الا انه يعد إفرازاً طبيعياً وبدء مرحلة الحداثة في الفكر والممارسة العربية عما كان عليه الفكر السابق القديم الوراثي في البيئة المتوارثة.
2 ـ متى نشأة العلمانية عالميا ؟ ومتى وكيف وصلت الى المنطقة العربية ؟ 3 ـ على يد من انشأت العلمانية؟ 4 ـ ما هي البيئة أو الظروف التي نبتت فيها العلمانية؟
ارتبطت نشأة العلمانية في أوروبا بظهور البرجوازية ، خاصة في عصر النهضة ،وكانت نتيجة صراع قوي بين البرجوازية والاقطاعية وسلطات الكنيسة, ففي تلك الفترة الاقطاعية كانت وسائل الانتاج جميعا ملك للكنيسة والاقطاع فكانوا يتولون مهمة ايجاد الايدي العاملة المشغلة لوسائل الانتاج التي كان اهمها الارض وكانت الكنيسة تحصل على حصتها خالصة من الاقطاعيين , تطور وسائل الانتاج والثورة الصناعية ادى لظهور الطبقة البرجوازية وسعيهم لتملك وسائل الانتاج ومحاولاتهم للتخلص من تسلط الكنيسة وطغيانها ومحاولتها الوقوف بوجه أي محاولة للتقدم العلمي (كأعدام العالم جاليلو لمجرد اثباته نظرية علمية رأت فيها الكنيسة انها تخالف تعاليمها) وغيرها الكثير من استبدات الكنيسة التي كانت اعلى سلطة روحية الى جانب سلطة الاقطاع, ونتيجة لهذا الصراع استطاع البرجوازيون من الانتصار على سلطات الكنيسة وتدمير سلطات الاقطاع,
و صورة هذه الثورة البرجوازية بصورة اوضح في البيان الشيوعي الذي كتبه: كارل ماركس و فريدريك أنغلز أواخر سنة 1847 حيث جاء فيه ما يلي :
البرجوازية حيث ظفرت بالسلطة دمرت كل العلاقات الإقطاعية من كل لون, التي كانت تربط الإنسان بسادته الطبيعيين, و لم تُـبق على أية رابطة بين الإنسان و الإنسان سوى رابطة المصلحة البحتة, و الإلزام القاسي بـ "الدفع نقدا". و أغرقت الرعشة القدسية للورع الديني, و حولت الكرامة الشخصية إلى قيمة تبادلية, و أحلّت حرية التجارة الغاشمة وحدها, محل الحريات المُـثـبَتة و المكتسبَة التي لا تحصى. و بكلمة أحلّت استغلالا مباحا وقحا مباشرا و شرسا, محل الاستغلال المُغلَّف بأوهام دينية, و البرجوازية نزعت حجاب العاطفية عن العلاقات العائلية و قَصَرتها (العلاقات) على علاقات مالية بحتة, و البرجوازية كشفت كيف أنّ عرض القوة الشرسة, الذي كانت الرجعية تُعجَب به في القرون الوسطى, قد وجد تتـمّـته المؤاتية في التكاسل إلى أبعد حدود الكسل. فهي الأولى, التي بيَّـنت ما يستطيع النشاط الإنساني إتيانه. فأتت بعجائب تختلف كليا عن أهرامات مصر, و الأقنية الرومانية, و الكتدرائيات القوطية, و قامت بحملات تختلف كليا عن الإجتياحات و الحملات الصليبية...
فالبرجوازية, في غضون سيطرتها الطبقية التي لم يَكد يمضي عليها قرن من الزمن, خَلقت قوى منتجة تفوق بعددها وضخامتها ما أوجدته الأجيال السابقة كلّها مجتمعة. فالآلة, و إخضاع قوى الطبيعة, و استخدام الكيمياء في الصناعة و الزراعة, و الملاحة البخارية, و سكك الحديد, و التلغراف الكهربائي, و استصلاح أراضي قارّات بأكملها, و تسوية مجاري الأنهار لجعلها صالحة للملاحة, و بروز عوامر كاملة من الأرض - أيّ عصر سالف كان يتصوّر أنّ مثل هذه القوى المنتجة كانت تهجع في صميم العمل المجتمعيّ؟**
(البيان الشيوعي)
هكذا بدأت العلمانية التحررية التي قادها البرجوازيون الى تحرير المجتمع الاوروبي من قيود الكنيسة التي كانت تحول دون التطور بالاتجاه الرأسمالي. الأمر الذي غذى اتجاهات فكرية وسيكولوجية وتاريخية، شكل ثورة على المؤسسة المدنية. هذه العملية عملية التحول من سيطرة الكنيسة الى الثورة العلمانية، أسهمت بنجاحها الى حد كبير، الأفكار الكنسية ذاتها، والتي تعترف بتقسيم الحياة الى "ما يخص الله وما يخص القيصر"، خاصة وان الديانة المسيحية تفتقد الى نظام تشريعي ينظم شؤون حياة الناس اليومية، الا أن ذلك لم يمنع بطبيعة الحال العقبات الكأداء التي وضعتها طبقة رجال الدين في وجه الثورة العلمانية، فهذه الطبقة طبقة القساوسة ممن يدعون تمثيل الله على الأرض.
ـ ما هي البيئة أو الظروف التي نبتت فيها العلمانية في العالم والوطن العربي؟
5 ـ لماذا تبنى الراديكاليين العرب العلمانية كنهج ثوري للتغير والتحرر؟
اما العلمانية في منطقتنا العربية، فقد نشأت في ظروف مغايرة تماما، فحتى مطلع القرن التاسع عشر، كانت المنطقة العربية بأكملها تستمد فكرها وعاداتها وقوانينها من مواريث الاسلام وبقايا المسيحية, الا أن الحقبة الاستعمارية التي دشنتها الحملة الفرنسية عام 1798، والثورة الصناعية في اوروبا وظهور وسائل الاعلام وبدء مرحلة الانفتاح على العالم ادخلت تلك القيم الثورية الى المجتمعات العربية و مهدت الطريق تدريجيا الى تحولات فكرية واجتماعية وسياسية، نتجت عن انماط السلوك التي جاء بها الغرب الى هذه المنطقة. وفي بدايات تلك الحقبة، شهدت منطقتنا تسريبا هادئا لنمط سكاني جديد تبناه بعض المتحمسين والراغبين في الخلص من نفس النمط الديني المسيطر الذي جسد ايضا تسلط ديني لكنه كان ناتج عن استبداد الدولة العثمانية ورغبة الكثيرين بالتخلص من قيودها التي غدت بنظرهم أبشع من الاستعمار لما تمارسه من اضطهاد عرقي وممارستها للتقاليد الإقطاعية من خلال نظام السخرة والاستعباد والتمييز العرقي يمكن الأخذ بها لانتشال المجتمع العربي مما كان يعانيه بشكلٍ عام من أمراضٍ متنوعة وخطيرة كالقبلية والعشائرية والطائفية وانتشار البنى الاجتماعية الفاسدة وتدخُّل رجال الدين يشكل مباشر وغير مباشر بالشؤون الزمنية للمجتمع وسيطرة الطريقة المشوهة للتفكير الديني على معظم طرائق التفكير, فبدأ الكثيرين من ابناء المجتمعات العربية يتبنّى الفكر العلماني كحل لمشاكل ربط الدين بالدولة , وتغييب العقل والمنطق في التفكير الاجتماعي, وكعامل مهم في بناء مجتمعات عربيّة سليمة متخلّصة من مفاسدها, قادرة على مواجهة التحديات الجسيمة التي تنتظرها وقادرة أيضاً على حل المصائب التي علقت بها.

*ـ ما هي المجالات أو الميادين التي تصطدم مع العلمانية وتتعارض معها وتناقضها في مجتمعاتنا العربية؟.
ونتيجة لصراع حول مفهوم العلمانية بين مؤيد ومتبني ومعارض مناهض للموقف،فبدأ المعارضون لها يأولون حتى في تفسيرها. ويلاحظ أيضا أن رواد العلمانية في الوطن العربي كانوا في معظمهم من غير المسلمين، مما أسهم في تبريرات النمط المعادي للعلمانية للعمل ضدها باعتبارها تهدف إلى تدمير الدين الإسلامي، مع أنها في واقع الأمر تعمل في سبيل الحد من تأثير الدين، أي دين، على سلوك وحياة وقوانين النشاط الإنساني، وهكذا ظهر بين مصلحي تلك الفترة – أعوام النشأة الأولى للعلمانية – اتجاهات، احدهما إسلامي والآخر مسيحي، اذ اعتبر اصحاب الاتجاه الأول أن ضرورة السعي لتحقيق التحديث والتطور، لا يعني بالضرورة التخلي عن منجزات الحضارة الإسلامية، وكان من أبرز رموز هذا الاتجاه رفاعة الطهطاوي وجمال الدين الأفغاني وخير الدين التونسي وعبد الرحمن الكواكبي ومحمد عبده وعبد الحميد بن باديس، وكان هؤلاء من اكثر المتشددين دينيا الذين كانوا يصرون على التمسك بالقيم والافكار التقليدية القديمة ومنع أي محاولة لنح الشعوب العربية لتجربة الحرية العلمانية بحجة انها فكرة غربية كافرة تشوه الدين الاسلامي وتحيده , وايضا لانها تحد من السلطة الدينية كسلطة الازهر والحوزة العلمية. أما الاتجاه الآخر، المسيحي فقد تشكل من مجموعة من المسيحيين، العرب وأبرزهم شبلي شميل وفرح انطون وجورجي زيدان ويعقوب صروف وسلامة موسى ونيكولا حداد، ونزع هؤلاء الى تغليب الهوية الدينية القومية على النزعة الدينية.!
ورغم الجهد الحقيقي الذي بذله هؤلاء ، ومن تبعهم فيما بعد مثل قاسم أمين واحمد لطفي السيد، الا أن الاجتهادات الخاطئة كان لها الدور الأبرز في عدم نجاح العلمانية في بدايات نشوئها في منطقتنا العربية من أن تسود. ومن أهم هذه الاجتهادات المغلوطة ما روجته "طبقة الرجعيين" من أن العلمانية هي رديف للكفر والإلحاد، و"كمذهب" مناوئ للديانات السماوية وللإسلام على وجه الخصوص، حتى بات الحديث عن العلمانية من المحرمات والممنوعات، ونالها من التشويه ما نال "الشيوعية والاشتراكية" فيما بعد، ليس بسبب قصور فهم هذه الطبقة، ولكن لضمان استمرار سيطرتهم على قنوات الفكر والتشريع وبالتالي التأثير الذي يشكل العناصر الاساسية لبقاء هذه الطبقة كجزء من الطبقة الحاكمة أو على الأقل كسند لها، تلعب دورا في توعية الرأي العام وفقا لمصالح النظام السياسي القائم الذي وجد في هذه الطبقة خير معين على تجنيد تفسيرهم للدين لضمان بقاء سطوة الحكام وسيطرتهم.
ولأن العلمانية، كفكرة ومفهوم وممارسة، تظل من أكثر الموضوعات المثيرة للجدل في الفكر العربي المعاصر، فان النقاش حولها لم يتوقف او ينقطع منذ بدايةانتشارها في المجتمعات العربية وحتى اليوم. فطوال هذه الفترة شكلت العلمانية ما يشبه "الثورة التحررية" تركت اثرا عميقا على الفكر العربي. ولا شك ان تلازم مفهوم العلمانية مع الحملة الاستعمارية، جعل منها لدى البعض دخيل حضر مع الاستعمار وفكرة منتسبة الى سياق حضاري وتاريخي، ليس غريبا، بل معاديا أيضا، الأمر الذي شوه النقاش الحر حول هذه الفكرة الرائدة، ووضعه منذ البداية في سياق لم يوفر أرضية صالحة للوصول الى موقف مبني على الفهم والتروي، من هنا فقدت العلمانية أهم العناصر الضرورية كي توضع على مشرحة التفكير الجاد، بسبب الحكم المسبق عليها، اذ ظلت النقاشات حول هذا المفهوم، تدور في اطار مجال أيديولوجي وسط خوف أكيد من اتهامات بالكفر والإلحاد لكل من يتحمس لهذه الفكرة.
وتبدو هذه الصورة واضحة من خلال المراجع العربية التي ناقشت موضوع العلمانية،فمحاولة البحث بين المراجع العربية التي تطرقت للموضوع نجد أن معظم هذه المراجع تتناول هذا المفهوم بكثير والتسرع والهشاشة وفقرها، مع ذلك هناك عدد منها – على قلتها – من المراجع التي يمكن أن تعتبر مجالا لحوار جاد ونقاش متزن حول هذا النظرية الرائدة، وأحد هذه المراجع الهامة، كتاب "العلمانية تحت المجهر" (الصادر من دار الفكر المعاصر- دمشق – 2000) لمؤلفيه عبد الوهاب المسيري وعزيز العظمة، هذا الكتاب يضم بين دفتيه رأيين متباينين تماما، ويشمل خلافا حادا وموقفا مضادا، الا أن ما يميزه هو الجدل الهادئ المتزن البعيد عن التزمت والتصلب، فلكل من الكاتبين الكبيرين، أو بالأحرى المفكرين العربيين، رؤية مضادة للآخر ويعتبر مثل هذا النقاش الهادئ والجاد، هو ما يلزم الساحة العربية من حوار بين المختلفين دون أن يتهم طرف طرفا آخر بالنعوت والأوصاف لمجرد الخلاف في الرأي والتفكير.
يرى عزيز العظمة أن العلمانية تطورت وفق متتالية تاريخية محصور أساسا في السياق العربي، وعكست الأزمات والحلول والصراعات والمساومات السياسية والفكرية والنظرة الفلسفية وعلاقة السلطة الدينية بالزمنية، وان هذه المتتالية تأسست بالتدرج وشملت فكر التنوير منذ بداية اندثار العصور الوسطى في عصور الثورة الفرنسية والاميركية الى الثورة الصناعية والحداثة، بما تتضمنه هذه المتتالية التاريخية من حركات استثمار وامبريالية وصولا الى العولمة، الا أن المسيري لا يفصل بين هذه المتتاليات، وان من حيث تطورها الداخلي أو اعتمادها على التقدم والتطور، الأمر الذي ينتهي الى نتيجة يمكن اعتبارها مضللة، وهي أن العلمانية والحداثة والاستثمار والعلمانية والعولمة، وما بعد الحداثة، ليست سوى مسميات لشيء واحد هو نمط التطور والسيطرة الغربية في العالم سياسيا وفكريا وعلميا، ويرى المسيري أن مفهوم العلمانية أبعد من فصل الدين عن الدولة، كون هذا المفهوم يشمل رؤية تفسيرية شاملة للعالم والكون ترتكز على عناصر واضحة مادية وعقلانية صلبة ترفض أي مرجعية أخرى.
وبينما يرى العظمة أن تعريف العلمانية أمر بالغ التعقيد، ولا يعني تفسيرها لفظا، كونها تعكس صيرورة تاريخية أكثر منها رؤية للعالم، كما يرى المسيري، الا أن المفكرين يتفقان على أن منشأ العلمانية ومهدها كان في أوروبا، الا أن العظمة يرى فيها تجاوزا لهذا المنشأ الاوروبي مما يؤدي الى تحولات بالغة السعة والعمق، بحيث باتت تشكل شأنا من شؤون حياتنا التي لا مفر منها في سياق ترتيب علاقة الدين بالمجال العام. من هنا ينكر العظمة على الخطاب العربي ربطه الوثيق العلمانية بالاستعمار، ويرى ان تلك المرحلة انتهت وأن العلمانية هي نتاج تحولات عالمية قربت العالم بعضه من بعض.
ورغم الثناء الذي لا بد منه للطريقة التي تم بها الحوار بين المفكرين العربيين، الا أن ذلك لا يمنع من القول أن نبرة السجال انطوت في بعض الأحيان على تفسير متبادل، وهو الأمر الذي نهى عنه كلاهما، مع ذلك يبقى لهذا السجال تأثيره الموضوعي في الاطلاع على وجهتي نظر مختلفتين ازاء قضية ما زال الموقف منها مدارا لجدل لم يحسم بعد!
ـ ما هي المجالات والأبعاد التي تمسها العلمانية عند تبنيها؟
ـ هل العلمانية مجرد رؤية أو فكرة أو مبدأ، أو أنها نظام حياة متكامل مترابط (ايدولوجية)؟
واذا كانت العلمانية هي ايدولوجية متكاملة تقوم اولا على فصل السلطتين الدينية والسياسية، فانها تعني أيضا ضمان احترام المعتقدات الدينية والهويات الثقافية والروحية للشعوب والمجتمعات، كما تعني أن للدولة قانونا واحدا يسري على جميع المواطنين حقوقا وواجبات بصرف النظر عن الهوية الدينية، ودون تخصيص ديني أو طائفي، هذه الرؤية هي التي ساعدت فيما بعد على ازدهار الفكرة العلمانية في المجتمعات البشرية ،لانها في المقام الاول رسالة حرية ومساواة , وفكرة تحررية من أي قيود دينية او عقائدية يمكن ان تقيد حرية وفكر الفرد في داخل مجتمعه
العلمانية والعولمة ارتباط ام اختلاف :
والعولمة تقوم بهدم الحدود والفواصل وتوسيع فرص التجانس والتوحد بين شعوب العالم، وتهدف إلى إزالة الفوارق بين الأفراد، وتشمل مجالات السياسة والاقتصاد والاجتماع والفن والثقافة، بما يؤدي إلى تعميق المجتمع المدني لحسم قضية الصراع الأيديولوجي بين الحضارات لتكون الهيمنة للثقافة الدولية وقيم المجتمع الدولي وأخلاقياته!
ونرى أن مجرد التدقيق الموضوعي المحايد لمضمون مفهومي العلمانية والعولمة يوضحان مدى الارتباط القوي بين نشأتهما وبقائهما، وبين تمييع الهوية الدينية وفقدانها؛ حيث يؤدي ذلك إلى تهيئة المجتمع لدخول العلمانية والترحيب بالعولمة ونموها؛ لأنه مع اسقاط الهوية الدينية عبر العولمة عن المجتمع يتيح المجال لالتقاء الفكرتين معا وتكون احدهما مقدمة للاخرى ومعبدة لطريق للوصول لمجتمع حر مفكر علماني لا ديني, هذا بالطبع الوجه الجيد لالتقائهما.الا ان تصدر الولايات المتحدة الامريكية على رأس الدول الدول التي بدأت بمشروع العولمة يوقع العولمة بمأزق كبير جديد ومعضلة, فالولايات المتحدة لم تكن لتبدأ بمشروع العولمة لتسهيل مهمتها في الاستعمار الاقتصادي السياسي والفكري للعالم وليس لنشر المبادء السامية للعلمانية, فهذه العولمة الامريكية ستؤدي حتماً إلى التبعية الاقتصادية والسياسية لغيرها من الشعوب كانت من الشعوب العلمانية أو الدينية، ويؤكد هذا الكلام ما تقوم به امريكا عبر برنامجها في العولمة تجاه غيرها من حضارات دول العالم الثالث وما ترد الاخرى في مقاومة اتجاهات الهيمنة الأمريكية.
ولذا يمكن القول: إنه لا يمكن نجاح أي مشروع علماني تنموي ثوري وحقيقي دون كبح جماح الوحش الإمبريالي الأمريكي
في النهاية : العلمانية مبدأ فكري اصيل متحرر , يحاول ايجاد انسان حر بعيد عن أي قيود دينية او فكرية او عقائدية تكبح من جماح حريته وحقوقه المشروعة وهي ترتبط في ايدولوجيات معاصرة كالليبرالية والاشتراكية ويجب الحفاظ عليها في عصر العولمة المزيفة التي تقودها الولايات المتحدة حتى تحقق الهدف الحقيقي من نشأتها
بقلم : مهند صلاحات / كاتب وناقد سياسي فلسطيني /

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 04-06-2005, 03:41 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

جذور العلمانية والتغريب في العالم الإسلامي



خالد أبو الفتوح

في الحلقتين السابقتين طاف بنا الكاتب بين الانحرافات التي أصابت الأمة الإسلامية، وتنقل بنا إلى أنحاء شتى من عالمنا الإسلامي ليرصد حركة التغريب، واليوم نتابع معه بقية الحديث. - البيان -

التوفيقية والإصلاح الديني:

لم تكن العلمانية بهذا السفور لتجد رواجاً في العالم الإسلامي آنذاك، كما أنها في هذا القالب كانت مقتصرة على مخاطبة فئة قليلة فــي المجتمع ـ وإن كانت ذات تأثير ـ هي فئة النخبة المثقفـة إن جاز التعبير، لذا: كان لا بد من وجود أسلوب آخر يضمن قبول العلمانية والتغريب لدى قطاعات كبيرة من المجتمع، ولذا أيضاً كان لا بد من وجود وسائل تتسم بالشيوع والانتشار لضمان وصولها.

نهج غربي مقترح:

ولنترك جانباً في هذا المقام نظريتنا التآمرية، ولندع كبار مخططي (الغزو العلماني التغريبي) في هذه المرحلة يحدثوننا عن النهج المقترح في ذلك، واصلين السابق باللاحق في ذلك لتتضح الصورة جيداً:

يحدثنا أول مندوب سام بريطاني في مصر وأحد أبرز قادة الحملات التغريبية على العالم الإسلامي في العصر الحديث (إفـلن بارنج) المعـروف بـ (اللورد كرومر) عن أهداف الإنجليز (الحضارية!) فيقول: «المصريون يتمسكون تمسكاً تاماً بالإسلام الذي هو أحد الكلمات المرادفة للوطنية في الشرق، والإنجليز لا يهدفون إلى نشر المسيحية ولكنهم يريدون نشر حضارة تقوم على أساس مسيحي»(1)، فإذا كان الأمر كذلك، فما مصير (الحضارة الإسلامية)؟ يوضح الإجابة لنا الدكتور محمد محمد حسين ملخصاً وجهة نظر المستشرق الإنجليزي المتأمرك هاملتون جب، فيقول: «المقصود من الجهود المبذولة لحمل العالم الإسلامي على الحضارة الغربية هو تفتيت وحدة الحضارة الإسلامية التي تقوم عليها وحدة المسلمين؛ لأن كل قطر سيتجه إلى اقتباس ما يلائم ظروفه من هذه الحضارة، وعند ذلك تتعدد أساليب الاقتباس بتعدد البيئات الإسلامية المختلفة، فتفقد الحضارة الإسلامية طابعها الموحد، بل لا يعود هناك شيء اسمه (حضارة إسلامية)»(2)، وفي مقال: (مصر وغربي آسيا) ضمن كتاب: (وجهة الإسلام) الذي أشرف عليه جب يلفت المستشرق الألماني كامبفماير النظر إلى عوامل وحدة هذه الحضارة حتى يمكن التركيز عليها، ويلخصها الدكتور محمد محمد حسين في ثلاث نقاط: «أولها هي: أهمية الكتلة العربية وخطورتها في نظره، وثانيها هي: أن أهم العوامل التي تستمد منها هذه الكتلة وحدتها هي: اشتراكها في اللغة العربية الفصحى، واشتراكها في العناية بالتراث الإسلامي القديم وتاريخه وأدبه، وثالثها هي: ما يستتر وراء كلامه من أنه يتمنى أن يحدث في مصر ما حدث في تركيا من قطع كل صلة بالماضي الإسلامي واستبدال الحروف اللاتينية بالحروف العربية»(1).

وهنا يتبين أن المعركة الفكرية ستدور حول عدة محاور: الهجوم على اللغة العربية الفصحى لغة القرآن، ويتضمن ذلك: استهداف الحروف العربية التي تعد أداة لوصل الماضي بالحاضر ولربط الشعوب الإسلامية بعضها ببعض، والهجوم على التراث الإسلامي الذي صيغ بهذه اللغة واستنبط من أسس الإسلام وتصوراته ومقوماته لإفساح المجال أمام الثقافة الجديدة بما تحمله من قيم وتصورات مختلفة، أما المعركة السياسية: فتدور حول التفتيت الذي تحدث عنه جب، وبصفة خاصة تفتيت الكتلة العربية المميزة بموقعها المعنوي والجغرافي والتاريخي.

ولكن على أرض الواقع، كيف ستنفذ المخططات التي وضعت لتحقيق هذه الأهداف؟ وكيف سيقضى على العوائق التي تواجه هذا الغزو في ظل وجود خلاف عميق بين الجديد والقديم والغازي والمغزو؟

نعود إلى اللورد كرومر، فقد «لاحظ كرومر وجود هذا الخلاف بين المسلمين وبين المستعمر الغربي في العقائد وفي القيم، وفي التقاليد والعادات، وفي اللغة، وفي الفن، وفي الموسيقى...

لاحظ كرومر في هذا الفصل أن هذه الخلافات هي السبب في انعدام ثقة المسلم بالمستعمر الأوروبي وسوء ظنه به، وهي السبب في وجود هُوَّة واسعة تفصل بينهما، وتجعل مهمة المستعمر محفوفة بالمتاعب. ودعا من أجل ذلك إلى العمل بمختلف الوسائل على بناء قنطرة فوق هذه الهوة.

وقد اتخذت هذه الوسائل طريقين: أحدهما هو تربية جيل من المصريين العصريين الذين ينشَّؤون تنشئة خاصة تقربهم من الأوروبيين ـ ومن الإنجليز على وجه الخصوص ـ في طرائق السلوك والتفكير. ومن أجل ذلك أنشأ كرومر (كلية فكتوريا)، التي قصد بها تربية جيل من أبناء الحكام والزعماء والوجهاء في محيط إنجليزي، ليكونوا من بَعْدُ هُم أدوات المستعمر الغربي في إدارة شؤون المسلمين، وليكونوا في الوقت نفسه على مضي الوقت أدواته في التقريب بين المسلمين وبين المستعمر الأوروبي، وفي نشر الحضارة الغربية(2)...

أما الوسيلة الأخرى التي اتخذها الاستعمار لإيجاد هذا التفاهم المفقود، وعمل على تنفيذها، فهي أبطأ ثماراً من الوسيلة الأولى، ولكنها أبقى آثاراً... وهي تتلخص في تطوير الإسلام نفسه وإعادة تفسيره؛ بحيث يبدو متفقاً مع الحضارة الغربية، أو قريباً منها وغير متعارض معها على الأقل، بدل أن يبدو عدواً لها معارضاً لقيمها وأساليبها...»(3)، «ومن ثم عمد رجال الاحتلال إلى العمل على زيادة عدد المصريين الآخذين بنصيب من الحضارة الأوروبية»(4).

وماذا يتوخى رجال الاحتلال من ذلك؟ يقول كرومر: «... وإذا استمر المضي في هذا الطريق أصبح المصري الآخذ بحضارة أوروبا أقل مصريةً وأكثر ميلاً لأوروبا؛ إذ يصبح المصريون بهذا الفيضان المتدفق من الحضارة الأوروبية أقل إسلاماً، وهم في الوقت نفسه لم يحصلوا بعد على العمود الفقري في الحضارة الأوروبية»(5)، «أو كما يصفهم في عبارة قصيرة (بأنهم مسلمون وليست فيهم خواص إسلامية، وأوروبيون وليست فيهم خواص أوروبية)»(6) وهو المسخ العلماني التغريبي الذي نراه الآن.

فما الذي حصله هؤلاء إذن؟ يذكرZetland Marquis of. أن الهدف النهائي لهذا المسعى هو: «القضاء على استخدام الأساليب الشرقية الموشاة بمدنية أوروبية زائفة، وأن تستبدل بها مدنية غربية حقيقية تقوم على أساس من مبادئ الأخلاق المسيحية»(1)، ويجيبنا كرومر نفسه بما يهدف إليه، فيقول: «الشباب المسلم الدائر في تيار الحضارة الأوروبية يفقد إسلامه ـ أو على الأقل يفقد القدر الأكبر من دينه ـ ويحرم نفسه من أهم مبادئ عقيدته، وفي الوقت نفسه: نادراً ما يتجه هذا الشخص إلى المسيحية... فالحضارة الأوروبية تقضي على دين دون أن تستبدل به غيره ... وهكذا فإنه بحرمان نفسه من عقيدته لن يجد رادعاً أخلاقياً، وفي الوقت نفسه: يحاول تقليد الأوروبي، ولا يترك هذا المصري عقيدته خلف ظهره فحسب، بل إنه يترفع عنها ويزدريها، وهكذا يندفع ـ مغمض العينين ـ بين أحضان الحضارة الأوروبية غير مدرك لحقيقة هامة، هي أن ما يراه ليس سوى المظهر الخارجي لتلك الحضارة، بينما تستقر المعنويات المسيحية تحت هذا المظهر وتتحكم في تحركاته...»(2)! يا لك من لورد خبيث!

«ولكن هل يحيا المصريون هكذا دون عقيدة معينة؟... يوضح كرومر أنه (بمرور الوقت سيخلق المسلمون ديناً لا يقوم على الإسلام الأول، إنه سيقوم على مبادئ جديدة. وهكذا فإن المصري المتحضر بالحضارة الأوروبية هو الحجر الأول وليس الأخير في المجتمع الإسلامي المتطور)، وفي الوقت نفسه ينصح كرومر رجال السياسة الأوروبية بالابتعاد عن كل ما من شأنه أن يعد تحقيراً للعقيدة الإسلامية (ولندع هؤلاء الذين يقودون دفة الدولة على حذر يدكُّون ـ في مكر ـ الصرح الروحي للمجتمع الإسلامي؛ فإن ازدراء العقيدة الدينية للشعب بأسره أمر على جانب كبير من الخطورة سياسياً واجتماعياً)»(3)، وهذه السياسة تذكرنا بنظرة نابليون بونابرت إلى مكانة الدين عند المصريين، وبسياسته القائمة على ترويض الدين ومواجهته باستخدام لقاح من جنسه ضده.

تتفق هذه النظرة مع نظرة (الشيخ) محمد عبده التي عبر عنها بقوله: «أنفس المصريين أُشربت الانقياد إلى الدين حتى صار طبعاً فيها؛ فكل من طلب إصلاحها من غير طريق الدين فقد بذر بذراً غير صالح للتربة التي أودعه فيها، فلا ينبت، ويضيع تعبه، ويخفق سعيه، وأكبر شاهد على ذلك: ما شوهد من أثر التربية التي يسمونها أدبية من عهد محمد علي إلى اليوم»(4)، وقد عبر عن هذه النظرة مرة أخرى ـ عقب عودته من منفاه ـ في نصيحة أسداها ضمن مذكرته المقدمة إلى اللورد كرومر؛ حيث نبه الإنجليز إلى أهمية الدين عند المصريين، فقال: إن «أعظم فاعل في نفوسهم [المصريين] (وأغلبهم مسلمون )أن يقال: إن صاحب هذه المنفعة ليس من دينكم، وأنكم مأمورون ببغضه...»(5).

وكما التقت النظرة في (المثير المانع) من التغيير، التقت أيضاً في منهجية هذا التغيير؛ فقد كان مــن أقـوال محمد عبده التي سطرها لتوضيح هــذه المنهجية ـ معترضاً أيضاً على طريقة محمد علي في الإصلاح رغم تقبله لإنجازاتها ـ: « ... ولو أنه [أي صاحب الفكر الرفيع الذي يريد كمال أمة] أراد تحويل أفكار شخص واحد وهو في سن الرجولة، هل يمكنه أن يبدلها بغيرها بمجرد إلقاء القول عليه؟ كلا، إن الذي تمكن في العقل أزماناً لا يفارقه إلا في أزمان، فلا بد لصاحب الفكر أن يجتهد أولاً في إزالة الشبه التي تمسك بها ذلك الشخص في اعتقاداته، وذلك لا يكون في آن واحد، ولا بعبارة واحدة... فما ظنك بحال أمة من الأمم... وإنما الحكمة: أن تحفظ لها عوائدها الكلية المقررة في عقول أفرادها، ثم يطلب بعض تحسينات فيها، لا تبعد منها بالمرة، فإذا اعتادوها طلب منهـــم ما هـــو أرقــى بالتدريج، حتى لا يمضي زمن طويل إلا وقد انخلعوا عن عاداتهم وأفكارهم المنحطة إلى ما هـــو أرقــى وأعلى مـن حيث لا يشعرون...»(6).

ويبدو أن الإنجليز استفادوا بالفعل من هذه النصائح؛ يقول الدكتور سامي عزيز: «واتبع الإنجليز الوسيلة التي كان ينادي بها محمد عبده بشأن محاولة تغيير المجتمع...»(1)، فيمكن القول: إن نظرية (الإصلاح) القريب المتدرج والمتصاعد التي آمن بها محمد عبده اتفقت مع أهداف الإنجليز وطباعهم، وإن كنا نمسك عن الخوض في الحديث عن إشكالية الدوافع لكلا الفريقين.

ثم بالإلحاح والإصرار و(التعليم) و (الفن) سينشأ الجيل الجديد، الذي «يجب أن يجد من الإغراء أو الإرغام ما يجعله يمتص الروح الحقيقية للحضارة الأوروبية»(2).

«وهكذا، فإن الاحتلال لن يأتي بشعب جديد إلى مصر؛ ولكنه يعمل في صبر على تغيير الأسس التي تقوم عليها مقومات الشعب، وفي الوقت نفسه وضع كرومر نصب عينيه أن يكون دخول المدنية الأوروبية دون زعزعة كيان المجتمع ثورياًّ»(3).

لم يكن هذا النهج وجهة نظر آنية، بل كان مخططاً مدروساً أصبح فيما بعد أساس التغيير العلماني التغريبي في معظم العالم الإسلامي، حتى إن مؤتمر الثقافة الإسلامية والحياة المعاصرة المنعقد في برنستون عــام 1953م (1372هـ) جـاء في كتاب أبحاثـه: أن «.. هذه المشاكلة لا تقوم إلا بتقارب القيم الأخلاقية والاجتماعية، وهذه القيم لا تتقارب ما دامت الشعوب الإسلامية تعيش على قيم ثابتة تخالف قيم الغرب، وهي قيم الإسلام. فلا بد إذن من أحد حلين:

إما أن يمحى هذا الإسلام بتشكيك الناس فيه، وفي قيمه، وفي الأسس التي يستند إليها، ويحاصر بحيث لا يتجاوز نفوذه المسجد، وبحيث يفقد سيطرته على مسلك الأفراد وتنظيم العلاقات الاجتماعية، وذلك عن طريق إقناع الناس بأن الدين شيء ومشاكل الحياة شيء آخر.

وإما أن يخضع هذا الإسلام للتطوير بحيث يصبح أداة لتبرير القيم الغربية، ولتقريب ما بين الشعوب الإسلامية وبين الغرب . وهذا الطريق الأخير يكشف عن قوة هائلة لا يغني غَناءَها شيءٌ، إذا أمكن استخدامها كأداة لتحقيق الأهداف الاستعمارية في إقامة علاقة ثابتة من الود والتفاهم. ذلك هو ما ينبه له جوستاف فون جرونباوم أستاذ اللغة العربية في جامعة شيكاغو، حيث يقول: (إن الدين الجديد ـ ويقصد به التأويلات الإسلامية العصرية ـ سيدخل أو يسمح بإدخال أسئلة جديدة تتطلب أجوبة مناسبة، وسيقترح أجوبة جديدة لأسئلة قديمة، أو يخلع صفة الشرعية على أجوبة كانت في النظام المعدول عنه تعتبر أسئلة هدامة أو غير مقبولة) ص 192»(4).

فالحل الأول هو العلمانية الصريحة، والتي كانت تركيا محلاً لتطبيقها، وقد تشاركها في هذا الوصف إندونيسيا وتونس وإيران رضا بهلوي، إضافة إلى تجربة أمان الله خان في أفغانستان، وهي التي أنشأ كرومر كلية فيكتوريا لتفريخ قادتها، أما الحل الآخر: فهو التوفيقية وما يصاحبها مـن (إصلاح ديني)، وهـو ما طبق في مصر على نطاق واسع وكثير من البلدان الإسلامية الأخرى.

لذا: ينبغي لكي نعي مسيرة العلمانية جيداً أن ندرس (التوفيقية) و (الإصلاح الديني).

التوفيقية:

كان التوفيق بين القيم الغربية والإسلام واقعاً في النشاط الفكري في هذه المرحلة، وتعود جذور هذا المنحى إلى رفاعة الطهطاوي في مصر وخير الدين التونسي في تونس، وأحمد خان في الهند، وقد ساهم الأفغاني ـ أيضاً ـ في هذا المنحنى بنصيب.

وقد أشار الأفغاني إجمالاً إلى طرف من منهجية هذه الحركة التجديدية في الدين بقوله: «إن الدين لا يصح أن يخالف الحقائق العلمية، فإن كان ظاهره المخالفة وجب تأويله!»(5)، وقد يكون بين الاعتماد على حقائق العلم (التجريبي) والقول بـ (المادية) فارق دقيق يصعب المحافظة عليه والتنبه له، ولكن التوفيقية في المرحلة التي نتحدث عنها أخذت بعداً أكبر وأثراً أعمق من ذي قبل.

وفي المرحلة التي نحن بصددها رأينا أكثر من اسم لامع، ومن هذه الأسماء: الشيخ اللبناني المولد الأزهري التعلم حسين الجسر (1845م ـ 1909م/ 1261هـ ـ 1327هـ ) الذي «أسس (المدرسة الإسلامية الوطنية) في مسقط رأسه طرابلس، وكان منهج هذه المدرسة يشتمل على تعليم اللغات العربية والفرنسية والتركية، والعلوم الدينية، والمنطق، والرياضيات، والعلوم الطبيعية الأوروبية الحديثة»(1)، ومن جهود الشيخ في هذا المجال كتابه (الرسالة المحمدية في حقيقة الديانة الإسلامية وحقيَّة الشريعة المحمدية) حيث نحا في بعض أبحاثه هذا المنحى التوفيقي، فـ «طريقة معالجته لشخصية محمد [#] وتعاليمه يمكن اعتبارها نهجاً جديداً وبالأخص إلحاحه على حق العقل في تفسير القرآن والحديث؛ فهو يدعو إلى تفسيرها حرفياًّ ما لم يتعارض هذا التفسير الحرفي صراحة مع أحد المبادئ العقلية، عندئذ يجب تفسيرها رمزياًّ؛ إذ لا يجوز قبول أي تفسير يتناقض والدليل العقلي القاطع، عندئذ يجب تفسيرها رمزياً»(2).

وفي الشام أيضاً نشط عبد الرحمن الكواكبي في بداية حياته قبل أن يواصل هذا النشاط في مصر، وقد كان «ينتمي إلى مدرسة الأفغاني... التي كانت تفكر في المسائل الطارئة بعقل عصري، فتتدارسها في ضوء العلم والعقل النظري، ثم تنقلها إلى الدين وتربط بينهما برباط قوي متين... لذلك فإن آراء الكواكبي في الإصـلاح الديني لا تخرج في جملتها عن آراء الأفغاني والشيخ محمد عبده والشيخ رشيد رضا... »(3)، ويشير بعض الكتاب إلى احتمال تأثر الكواكبي بكتاب (مستقبل الإسلام) لبلنت، كما يشيرون إلى وجــود دلائـل قـوية لاقتباسـه إطــار ـ وبعض أفكار ـ كتابه عن الاستبداد من كتاب (رسالة في الاستبداد) للمفكر الإيطالي في عصر الثورة الفرنسية فيكتـور ألفياري(4)، ومن ثم: فقد ربط الكواكبي ـ متابعاً ألفياري ـ بين الاستبداد والدين، زاعماً أن الاستبداد في السياسة متولد من الاستبداد في الدين أو مساير له، وإن نفى الكواكبي ذلك عن الإسلام الحقيقي(5).

ولم يقف تأثر الكواكبي بالفكر الغربي عند حد الاقتباس، بل سعى إلى حركة توفيقية إصلاحية شاملة في الإسلام؛ إذ «يبدو من كلام الكواكبي [في كتابه أم القرى] على لسان المندوب الإنجليزي أنه يهدف إلى تكوين جماعة من المسلمين تنزع في تفكيرها منزع البروتستانت في تفكيرهم»(6)، ومن هنا لم يجئ طرحه لمبدأ العلمانية في فصل الدين عن الدولة من زاوية إلحادية كما طرحه شبلي الشميل مثلاً، بل جاء طرحاً مناسباً لـ (عــالم ديني كبير)(7)، فكانت مــن أقـــواله ـ مخاطباً العرب غير المسلمين ـ: « .. دعونا يا هؤلاء نحن ندبر شأننا... دعونا ندبر حياتنا الدنيا ونجعل الأديان تحكم في الأخرى فقط! دعونا نجتمع على كلمات سواء، ألا وهي: فلتحيا الأمة، فليحيا الوطن..»(8).

وفي تونس كانت مدرسة (الصادقية) التي كان خير الدين التونسي أسسها عام 1875م (1292هـ) لتكون منافسة لجامع الزيتونة ولتعليم اللغات التركية والفرنسية والإيطالية والعلوم الحديثة، فضلاً عن اللغة العربية وعلوم الدين الإسلامي.. كانت قد خرَّجت أجيالاً من الطلاب مزودين بتربية عصرية(9)، وإضافة إلى مجموعة جريدة (الحاضرة) التي تأسست في أغسطس 1881م (1298هـ) واستمرت حتى عام 1906م (1324هـ) متخذة أفكار خير الدين التونسي نبراساً لها، إضافة إلى ما تركته من أثر ثقافي وسياسي في البلاد.. أنشئت عام 1896م (1314هـ) ـ بدعم أو حتى بمبادرة من السلطات الفرنسية ـ(1) «(الخلدونية)، وهي رابطة توخت إطلاع الذين تربوا تربية تقليدية في المدارس القرآنية وفي جامع الزيتونة على العلوم العصرية»(2)، يعبر عن ذلك المنهج أحد إصلاحييها هو سالم بوحاجب في كلمة افتتاحها معتبراً «أن العلم نفسه كان سبب استخلاف الله لآدم وبنيه»(3).

ولكن التوفيقية ارتبطت باسم آخر كان له أكبر الأثر في التنظير لها والمنافحة عنها ثم نشرها في العالم الإسلامي، ألا وهو الشيخ محمد عبده؛ فلقد تزعم محمد عبده اتجاه التوفيق بين الإسلام والغرب وما تبعه من الإصلاح الديني، وهو الاتجاه الذي نادى أصحابه بأن الإسلام هو الأساس الذي يجب أن يقوم عليه الإصلاح، ولكنهم فسروا نصوصه تفسيراً جديدًا يقبل معه كثيراً من أساليب الحياة والتفكير الوافدة من الغرب، وعملوا على تقريب الإسلام من الحضارة الغربية والتفكير الغربي الحديث(4).

اضطلعت المدرسة التوفيقية ـ وعلى رأسها محمد عبده ـ بمهمة ذات شقين: أولاً: إعادة تحديد ماهية الإسلام الحقيقي من وجهة نظرهم، ثانياً: النظر في مقتضيات هذا الإسلام بالنسبة إلى المجتمع الحديث(5)، ومن هذا المنطلق نظر محمد عبده إلى التغييرات الاجتماعية التي أحدثها في عهده الخديوي إسماعيل متابعاً جده محمد علي باشا، فلم يأسف لهذه التغييرات وما أحدثته في القوانين والتعليم، بل رأى أن هذا التطور ـ في خطوطه العريضة ـ لا مرد له، وأنه في صالح مصر(6)، ولكن ـ في الوقت نفسه ـ كان يشغله خطر انقسام المجتمع إلى دائرتين منفصلتين بدون اتصال حقيقي بينهما: دائرة تسودها شرائع الإسلام ومبادئه الخلقية، وهي دائرة آخذة في الانحسار في ذلك الوقت، والدائرة الأخرى في اتساع مضطرد، وهي الدائرة التي قامت على المبادئ المستمدة بالاستنباط العقلي من اعتبارات المصالح الدنيوية(7)، ومــن ثــم: عمل عبـده ـ وخاصة في آخر أيامه ـ على رتق هذا الانقسام مع عدم إيقاف مجرى هذا التطور الذي بدأه محمد علي، «بل الاعتراف بالحاجة إلى التغيير، وربط هذا التغيير بمبادئ الإسلام، وذلك بإثبات أن هذا التغيير الحاصل ليس مما يجيزه الإسلام فحسب، بل إنما هو من مستلزماته الضرورية إذا فهم على حقيقته»(8)، وينبغي علينا وضع خط أسفل (حقيقته).

وعلى خطى الطهطاوي وخير الدين التونسي والأفغاني سار محمد عبده، فكانت رؤوس الموضوعات هي نفسها: الوطنية الإقليمية، والعناية بالتاريخ القديم السابق على الإسلام ـ الدعوة إلى الحرية وإلى الحياة النيابية ـ الدعوة إلى إعادة النظر في وضع المرأة في المجتمع: في الحجاب، والحد من تعدد الزوجات، والحد من حرية الطلاق(9)... ولكن تلك المفاهيم أخذت بعداً أعمق على يد محمد عبده ومدرسته من بعده؛ فما قدمه رفاعة في ميدان التجديد كان بمثابة البراعم التي تفتحت على يد محمد عبده ومدرسته(10)، وعلى الخطى نفسها سار محمد عبده في المنهج الذي اختطه (الرواد) «في التوحيد بين بعض المفاهيم التقليدية للفكر الإسلامي وبين الأفكار السائدة في أوروبا الحديثة، وعلى هذا النهـــج انقلبت (المصلحـــة) تدريجياً إلى المنفعـــــة، و (الشورى) إلى الديمقراطية البرلمانية، و (الإجماع) إلى الرأي العام، وأصبح الإسلام نفسـه مــرادفاً للتمدن.. ولا شك أنه كان من السهل ـ باتباع هذا النهج ـ تحوير ـ إن لم نقل إبطال ـ المعنى الدقيق للمفاهيم الإسلامية وتناسي ما يميز الإسلام عن غيره من الأديان، لا، بل عن النظرة الإنسانية اللادينية، وهذا ما تنبه له بقلق نقاده المحافظون..»(1).

وهكذا ولد الإصلاح الديني من رحم (المدرسة التوفيقية)؛ فعلى أسس التوفيق بين الإسلام والغرب تحددت معالم (الإصلاح)، وذلك بتضييق نطاق الثابت (الجوهري) في الإسلام الذي لا يقبل التعديل (الاجتهاد)، وهو الاعتقادات والعبادات (رغم أنها لم تسلم أيضاً من اجتهاداتهم)، وتوسيع نطاق المتغير (العرضي) الذي سيتماس مع أوجه الحياة؛ لأنه يشمل (المعاملات)، أو بتعبير الدكتور عزيز العظمة: تضييق مجال الدين وتوسيع نطاق الدنيا(2).

ولكن المدرسة الإصلاحية إذا تعاملت مع هذه الدائرة الأخيرة بالنظرة الفقهية القديمة نفسها لا تكون قد حققت الغرض المرجو، لذا: كان لا بد من تحييد التراث الفقهي، ولا يتم ذلك إلا بمحاربة التقليد، ثم الدعوة إلى الاجتهاد في هذه المسائل من جديد.. «لقد كان [الأفغاني] يؤمن بالأصول ويترك لعقله الحرية في الفروع، ويصل في ذلك إلى نتائج غريبة عن أذهان الجامدين المتزمتين، فيرمى بالإلحاد، فكان ينفر من التقليد ويدعو إلى الاجتهاد»(3)؛ فمن ثوابت دعوة الأفغاني «أن باب الاجتهاد لم يغلق، وأنه لمن حق الناس(!) ـ لا، بل من واجبهم ـ أن يطبقوا مبادئ(!) القرآن مجدداً على قضايا زمانهم، وإذا امتنعوا عن القيام بهذا وقعوا في الجمود والتقليد اللذين لا يقلان عداوة عن الدهرية؛ فمحاكاة أقوال الآخرين وأفعالهم تفسد الدين والعقل معاً»(4).

وبـ (تحرير) العقيدة من قيد التقليد أهدت حركة الإصلاح طوق النجاة إلى حركة التحرر العلمانية، أو كما يقول المستشرق جب: «.. كان [محمد عبده] يرفض قبول مبدأ السلطة، أو التقليد بلا مناقشة ـ كما يقال في الإسلام ـ، وكان هذا الرأي بمثابة خشبة إنقاذ للنزعة العلمانية الجديدة»(5).

وبـ (تحرير) الفقه من القيد نفسه (التقليد) وصلت المدرسة الإصلاحية إلى فتح باب الاجتهاد؛ «لكي يتسنى للعالِم أن يؤول التعاليم الإسلامية تأويلاً جديداً يتلاءم مع روح العصر»(6)، وعلى هذا نستطيع فهم الهدف من دعوة هذه المدرسة إلى الرجوع إلى السلف الصالح ـ في بعض جوانبها ـ على أنه: «النفوذ إلى ما وراء النظم الفقهية المتحجرة ـ كما تبدو في المذاهب الأربعة ـ وفتح باب الاجتهاد، لكي يتمكن العالم من تأويل التعاليم الإسلامية تأويلاً جديداً حراً»(7).

ثم تمخض عن فتح باب الاجتهاد على يد هذه المدرسة دعوة عريضة إلى إعادة تفسير الشريعة كلها، فبعد أن كانت الدعوة إلى الاجتهاد التي أطلقها (الإصلاحيون) الأوائل كالطهطاوي والتونسي مقتصدة غاية الاقتصاد تدعو إليه في أضيق الحدود... «أصبحت من بعد على يد محمد عبده ومدرسته ـ ولا سيما رشيد رضا ـ دعوة عامة تهاجم التقليد، وتطالب بإعادة النظر في التشريع الإسلامي كله دون قيد، فانفتح الباب على مصراعيه للقادرين ولغير القادرين، ولأصحاب الورع ولأصحاب الأهواء»(8)، ولم تتضح ضوابط شرعية واضحة أو حدوداً قصوى لهذه الدعوة عند المدرسة الإصلاحية، بل كان الهدف الثابت هو الوصول إلى التوفيق الذي مر إيضاحه، «فما نفتقر إليه اليوم إنما هو إعادة تفسير الشريعة لنتمكن من اقتباس ما كان صالحاً من الأخلاق الأوروبية، كإلغاء الرق مثلاً، ومنح المساواة أمام القانون للمسيحيين القاطنين البلاد الإسلامية»(9).

ولكن كيف سيكون الاجتهاد خادماً لذلك التوجه؟ سيكون ذلك من خلال قاعدة يقوم عليها وأصول تنبثق منها، أما القاعدة فهي: «أن العقل يجب أن يحكَّم كما يحكَّم الدين، فالدين عرف بالعقل، ولا بد من اجتهاد يعتمد على الدين والعقل معاً حتى نستطيع أن نواجه المسائل الجديدة في المدنية الجديدة، ونقتبس منها ما يفيدنا»(1)، أما أهم الأصول التي تستخدم في هذا الاجتهاد فنستطيع القول إنها تتمثل في:

1- التوافق مع العقل والعلوم الحديثة، وقد مر بنا سابقاً ما يغني عن تكرار الحديث عن هذا الأصل.

2 - تضييق نطاق النصوص الشرعية بالتشكيك في حجية أحاديث الآحاد، وتحييد النصوص القرآنية ظنية الدلالة، ثم تأويل ما تبقى من هذه النصوص إذا بدا (للمجتهد مـن هـذه المدرسة) أن ظاهـره مخالف للعقـل ـ كما يتصوره ـ، أو للعلوم العقلية ـ في تطورها الآني ـ.

فإذا حوصرت الشريعة في هذا (الحيز الكمي) المحدود فإن ما يتبقى منها ـ على زعمهم ـ هو مبادئ واعتبارات وفضائل عامة تشترك فيها ـ مع الإسلام ـ جميع الأديان والمذاهب المنسوبة إلى السماء أو إلى الأرض، وبذا تتلاشى الفواصل بين الإسلام وغيره، وتذوب معالمه في فضائل إنسانية عامة، يقول الدكتور العظمة: «ولا يخبرنا الإصلاحيون: بأي اعتبار كانت هذه الأمور العامة شرعية إسلامية؟ وما الذي يميزها عن الأصول العامة لجل مجتمعات الدنيا وأسسها الأخلاقية والقانونية؟»(2).

أما إذا تعارض ظاهر نص مع هذا المنحى فإن المدرسة الإصلاحية تلجأ إلى التأويل (التفسير الرمزي) حتى تتفق مع المعطيات الجديدة.

فبالتأويل يصبح النص مرناً وفضفاضاً يمكن تشكيله حسب الحاجة، وتصبح الوقائع المحددة التي وردت في النص مجرد تمثيل لأخذ العبرة والحكمة: «إن النقطـة المبدئيـة التي يؤكدها هذا الموقف [تفسير محمد عبـده لعموم طوفان نوح ـ عليه السلام ـ أو عدمه] هي إمكانية الانصراف إلى التأويل ـ بل ضرورته ـ إذا قطع بأن الظاهر (غير مراد): ينسب بذلك مراد العصر إلى عصر النص، أي: إن تأكيد سلطة النص القطعية يجري بإضفاء معنى اليوم عليها مما لا يناسبها بالطبع، فيصبح اليقين والنص صنوين... »(3).

وهكذا «أصبح النص القرآني ـ وخصوصاً آياته الدالة على الأمور الكونية ـ لا يفهم إلا على أن بعض مفرداته قائمة على شيفرة، مفتاحها المعارف العلمية الحديثة»(4).

3 - أما في المسائل الفقهية: فقد عمدت المدرسة الإصلاحية إلى التوسع في استخدام بعض الأصول والقواعد الفقهية التي تلبي حاجتها (التجديدية)، كنظرية العرف، والمصالح المرسلة، والاستحسان، والمقاصد الشرعية، مع التلفيق بين المذاهب الفقهية وإعادة إبراز الآراء الفقهية الشاذة ـ إن لزم الأمر ـ، للوصول للفتوى التي تطمئن لها عقولهم.

يقول ألبرت حوراني: «فعلى المسلمين اليوم ـ في نظر محمد عبده ـ أن يقوموا بما كان عليهم القيام به دوماً: إعادة تأويل شريعتهم وتكييفها وفقاً لمتطلبات الحياة الحديثة، ولبلوغ هذه الغاية لا بد من الاهتداء بمبدأين سلم بهما الفقهاء وأعطاهما محمد عبده بعداً جديداً: الأول: مبدأ المصلحة... كان هذا المبدأ تقليديّاً بمثابة قاعدة لتأويل النصوص.. فيختار [الفقيه] التأويل الذي يحقق هذه الغاية، أما محمد عبده وأتباعه فقد جعلوا من المصلحة قاعدة لاستنباط شرائع خاصة من المبادئ العامة للخلقيـة الاجتماعيــة؛ فالله لم ينزل ـ في رأيهم ـ سوى مبادئ عامة، تاركاً للعقل أمر تطبيقها على قضايا المجتمع الخاصة، وبما أن هذه القضايا تتغير توجَّب تغيير تطبيق المبادئ عليها.. أما المبدأ الثاني: فهو مبدأ التلفيق... فدعا، لا إلى الاستعانة بالمذاهب الأخرى في مسائل معينة فحسب، بل إلى مقارنة علمية بين المذاهب الأربعة أيضاً ـ ناهيك بأحكام الفقهاء المستقلين الذين لم يقبلوا أياً منها ـ بغية وضع (مذهب موحد) يؤلف بين العناصر الصالحـة فـي كل منهـا، وقـد تمكـن ـ بوصفه مفتي مصر ـ من وضع هذه الدعوة موضع التنفيذ»(5)، وكانت المصلحة هي الأصل عند تلميذه رشيد رضا الذي توسع كما ذكر ـ من قبل ـ في المرونة (الاجتهادية) أكثر من شيخه، «فالعمل بموجب الحديث الصحيح عند السيد رشيد رضا أمر واجب إن لم ينافِ المصلحة، وإذا نافى المصلحة فإنه سيعتبر ـ حكماً ـ أنه معارض الأصول العامة المؤيدة بالكتاب والسنة، ولأن لا بد له إذن إلا أن يكون من أحاديث الآحاد التي لا تفيد إلا الظن دون اليقين أو الإلزام، فترفض بذلك الأحاديث لاعتبارات نفعية دون الإلماع إلى نواقصها التاريخية [علم الجرح والتعديل]»(1).

4 - ومن الملحوظات في أسلوب عرض أصحاب المدرسة الإصلاحية لآرائهم: الجزم واليقين عندما تكون هذه الآراء متسقة مع منهجهم الجامع بين الإسلام والمعطيات العقلية والعلمية الحديثة وعندما يكون إمرارها بين الناس محتملاً، أما عندما يختل نظم هذا المنهج أو يصعب إمرار الرأي الذي خرجت به فإن التشكيك، أو التفويض و (اللاأدرية)، أو العرض في صورة المحتملات أو الحكاية.. هو الأسلوب المناسب.

وهكذا عمدت المدرسة الإصلاحية إلى إيجاد منظومة من الآراء الجديدة (الفكرية والفقهية) تشمل مجالات الحياة المختلفة، تتسق مع مفاهيمهم العقلية ومعطيات الحياة الغربية، لتشغل الفراغ الكبير في الساحة الفكرية الموجود آنذاك(2)، محاولة رتق الشِّق البادي في توجهات المجتمع.

فاجتهادات المدرسة الإصلاحية لم تقف عند حد التوفيق بين الإسلام والأفكار الغربية في المسائل الحياتية المرتبطة بالشريعة (أو الفقه)، ولكنها تجاوزتها إلى (التصورات) و (الغيبيات)، لتربط بينها وبين (العقل)، وهي في هذا المجال قاربت أن تنزلق من (العقلانية) إلى (المادية)، فحرصت ـ ما أمكنها ـ على أن يكون كل تصور مفسراً بالعقل، وأن ترد معظم الغيبيات إلى أصل مادي أو تجريبي، وإلا أوَّلوها تأويلاً أقرب إلى نفيها.

وقد كان هذا المنهج أقرب إلى مخطط الغرب الخبيث لإدخال العلمانية والتغريب إلى العالم الإسلامي بدون إثارة، «.. فإن دخول عناصر جديدة على الحياة الإسلامية كان يقتضي إبراز بعض تعليمات الدين، وتوجيه عناية أكبر إليها، ووضعَها في المكان الأول، ووضعَ تعليمات أخرى في مرتبة غير أساسية. وإذا حدث هذا، فمعناه أن الموازين الدينية والتعاليم الأخلاقية في الإسلام آخذة في التحول، وأن هذا التحول يتجه نحو تقريبه من الموازين الغربية في الأخلاق التي هي في الوقت نفسه متمثلة في التعاليم الأخلاقية للكنيسة المسيحية.

ويقرر جيب أن في كل البلاد الإسلامية... حركات معينة تختلف قوة واتساعاً ترمي إلى تأويل العقائد الإسلامية وتنقيحها، ثم يقول: وقد اتجهت مدرسة محمد عبده بكل فروعها وشُعَبها نحو تحقيق هذا الهدف، بل لقد ظهر كثير من العلماء المستقلين الذين نادوا بآراء أكثر تقدماً وجرأة، لا سيما في الهند. ولكن الواقع هو أن معظم ما تم من تعديل وتحوير خفي لا يبدو للنظرة السطحية»(3).

ويقول بولسون نيومان «... فإذا أمكن للمبادئ الإسلامية أن تتطور مع الزمن المتطور، بدلاً من الارتباط بعالم خيالي لا يسمح للتطور الزمني أن يتطرق إليه... عند ذلك: سوف تصبح يقظة الشرق حقيقة واقعة، وليست أضغاث أحلام، وعند ذلك سوف يتحرر ملايين البشر من هذه العقائد الأثرية الشيباء ليأخذوا مكانهم بين الحركات الحديثة»(1).

لذا: فقد لاقت فكرة الإصلاح الديني أو الاجتماعي «هوى في نفس كرومر؛ لأنها الفكرة التي تشغل بال الرأي العام المصري عن المطالبة بالاستقلال أو الجلاء، أو لأنها الفكرة التي لو نجحت في مهمتها(!)لأصبحت دليلاً على نجاح الاحتلال البريطاني في مهمته، وهذه المهمة في ظاهرها هي الأخذ بيد المصريين إلى الحضارة والسير بهم إلى حيث يلحقون بالأمم الأخرى»(2).

من التوفيق إلى التقريب:

لم تقف جهود المدرسة الإصلاحية عند حدود توفيق الإسلام (عقيدة وشريعة) مع الفكر الغربي وإذابة الفوارق والفواصل بينهما، بل سعى بعض رموز هذه المدرسة إلى (التقريب) بين الإسلام والأديان الأخرى.

فمحمد عبده يقول: «إن القرآن ـ وهو منبع الدين ـ يقارب بين المسلمين وأهل الكتاب حتى يظن المتأمل فيه منهم أنهم لا يختلفون عنهم إلا في بعض أحكام قليلة»(3).

ولقد أخذ هذا الفهم النظري شكل السعي العملي؛ فها نحن نجده بعد إغلاق صحيفة العروة الوثقى وعودته من باريس إلى بيروت يؤسس (جمعية التأليف والتقريب بين الأديان السماوية)، وشاركه فيها آخرون من المسلمين والنصارى واليهود، من أبرزهم القس الإنجليزي إسحاق تايلور المعروف بالدعوة إلى ذلك، وجي دبليو لينتز، وحسن خان مستشار السفارة الإيرانية بالآستانة، وكان محمد عبده صاحب الرأي الأول في إنشائها ونظامها، أما هدف الجمعية فكان: التقريب بين الأديان السماوية الثلاثة، وإزالة الشقاق بين أهلها، وإحلال التعاون بدل الفرقة والخصام(4).

مكمن الخطر في المدرسة الإصلاحية:

إننا لا نستطيع الآن ـ وقد ماتت أنفس لا تستطيع الدفاع عن نفسها، وطمرت أحداث لا نستطيع جلاءها ـ أن نصدر حكماً ـ بالإدانة أو البراءة ـ على المدرسة الإصلاحية، وليس هذا من أهدافنا أصلاً، فهدفنا رصد الخطوات والمؤثرات والوقائع التي أدت إلى العلمنة والتغريب الذي تحياه معظم مجتمعاتنا المعاصرة بدرجات متفاوتة.

قد يكون في أتباع هذه المدرسة مخلصون أرادوا ـ في ظل هذه الظروف الصعبة والمعقدة ـ الدفـاع عـن الإسـلام وإصلاح الواقع الاجتماعي والثقافي والوقوف دون انهيار إيمان المسلمين أمام المد الإلحادي... يحتمل !، وقد يكون فيهم عملاء مأجورون باعوا أنفسهم للغرب أو انبهروا به إلى حد الذوبان فيه وخدمته تلقائيّاً... ربما!، وقد يكون فيهم من تمثل فيه هذا الوصف وذاك ... ليس بمستبعد!

ولكننا ـ على العموم ـ لا نستطيع أن ننظر بعين واحدة ـ هي التي تنشط في دراسة كهذه ـ عند تقييم هذه المدرسة؛ فقد كان لها بالفعل آثار ملموسة في نبذ الخرافات وكسر الجمود الفقهي وإعادة تشكيل الفكر الإسلامي، وفي الوقت نفسه: فإننا لا نستطيع تجاهل الانحرافات العقدية والعلمية والعملية التي وقعت فيها هذه المدرسة، وأيضاً لا نملك ـ علميّاً وأدبيّاً ـ حق التغاضي عن الدور الذي قامت به والأثر الملموس الذي أحدثه روادها ـ قصدوا أو لم يقصدوا ـ في تقريب العلمانية والتغريب إلى المجتمعات الإسلامية.

لم يكن مستغرباً أن يتفق الإسلام مع العقل، ولم تكمن خطورة المدرسة الإصلاحية في انفتاحها على الفكر الغربي ونهلها من نتاجه، إنما تمثل مكمن الخطورة في المدرسة الإصلاحية في عـدة أمور، منها:

أولاً: أن تفسير الدين ونصوصه بالعقل المحض الذي وصل إلى حد أن يكون ذلك قاعدة الاستدلال الأساس، والذي انبنى عليه تأويل النصوص بحسب معطيات العلم التجريبي الغربي المعاصر.. كان ذلك بمثابة محاولة لإخضاع علم الله وقدرته المطلقين وغير المحدودين لإدراك العقل الإنساني وتصوراته ومعارفه وتجاربه التي تتسم بالقصور والمحدودية والنسبية، ليس بالنسبة لعلم الله وقدرته فقط، بل بالنسبة للعقل الإنساني نفسه الذي تختلف قدراته من شخص إلى آخر، وتختلف تجاربه ومكتسباته العلمية من عصر إلى آخر، كما أنه ليس في الوجود البشري عقل مطلق ومجرد نستطيع القياس عليه واتخاذه حَكَماً يرجع إليه البشر في تصوراتهم وأفكارهم ومناهجهم وأخلاقهم.

فهم بهذا التوسع يعملون على تفسير المطلق وغير المحدود بالنسبي والمحدود، وفي ذلك ما فيه من مخالفة العقل نفسه، إضافة إلى خطورته على توحيد الله والإيمان به.

ثانياً: أن محاولة إخضاع الغيبيات والخوارق المذكورة في الكتاب والسنة للتفسير المادي أو التجريبي... فيه نوع من اختزال الإيمان بالغيب لحساب عالم الشهادة؛ فإنه عندما يؤمن المسلم بتفسير غيبية أو خارقة بناءً على مشاهداته المحسوسة أو المتصورة التي قد تتكرر أو تفتعل بإرادة المخلوقــين أو سيطرتهــم.. فإنـه لا يؤمن حينئذ بغيب، بل يؤمن بمشاهد أو مشهود، وهكذا: كلما فسرنا غيبية بهذا التفسير نقلناها من عالم الغيب إلى عالم الشهادة، وفي النهاية يتقلص الإيمان بالغيب ويتمدد الإيمان بالشهادة، وهذه نقلة نحو المادية وابتعاد عن الدين الذي تقوم قاعدته الكبرى على الإيمان بالغيب: {ذّلٌكّ پًكٌتّابٍ لا رّيًبّ فٌيهٌ هٍدْى لٌَلًمٍتَّقٌينّ ><ه2ه> پَّذٌينّ يٍؤًمٌنٍونّ بٌالًغّيًبٌ $ّيٍقٌيمٍونّ پصَّلاةّ $ّمٌمَّا رّزّقًنّاهٍمً يٍنفٌقٍونّ} [البقرة: 2، 3].

ثالثاً: إذا كان القرآن، وكذلك السنة، لم يأتيا إلا بمبادئ وحدود عامة في التشريع ـ بحسب اجتهادت المدرسة الإصلاحية ـ، وإذا فسرت الغيبيات والمعجزات التي ذكراها تفسيراً مادياً يمكن أن يحدث لأي أحد، وإذا كان ما ورد فيها من ذكر للأحداث والأسماء التاريخية ليس لذكر حقائق تاريخية بل فقط للاعتبار والتذكر، وإذا كان الأمر نفسه بالنسبة لـ (إشارات القرآن) في الفلك والاقتصاد.. وإذا أهدرت أحاديث الآحاد ـ ومعظم السنة أحاديث آحاد ـ ثم أوِّل ما تبقى منها أو حيد عنها بدعوى تحقيق المصلحة وموافقة المقاصد ...فضلاً عن إهدار التراث الفكري الذي خرج من هذين المصدرين، وإذا كانت (الشريعة) يمكن التلاعب بها إلى الحد الذي رأينا في فتاوى هذه المدرسة... فماذا يتبقى من الإسلام إذن؟

إن المدرسة الإصلاحية ـ باتباعها ذلك المنهج ـ تكون قد قامت بعملية الإخلاء اللازمة لاحتلال الفكر الغربي قواعد الفكر الإسلامي.

رابعاً: كان من أثر روح الهزيمة النفسية التي سادت المدرسة الإصلاحية والتداعيات التي تمخضت عنها، والتفاعلات المستمرة مع أصحاب اتجاه العلمانية الصريحة ... أن الإصلاحية لم تستطع الصمود أمام الهجوم العلماني والإلحادي المادي؛ فلقد «كانت قوة التحدي الأوروبي ـ الحضاري والسياسي ـ أعظم من أن تصمد لها توفيقية محمد عبده ومعادلته التي حاولت بعد أزمان من التنافر والعداء الجمع بين الإسلام والغرب في صيغة تصالحية واحدة ... »(1)، فكانت النتيجة تقهقر هذه المدرسة وتراجعها عن مواقعها شيئاً فشيئاً أمام اتجاه العلمانية الصريحة، متوسعة في منهجها التوفيقي الاعتذاري وتطبيقاته على أوجه الحياة.

خامساً: نتج عن هذا التقهقر وذلك الإخلاء للمواقع أنَّ العلمانيين وجدوا في أدبيات المدرسة التوفيقية الإصلاحية أدوات ومسوغات يغزون بها المجتمعات الإسلامية على نطاق واسع، كما أن شهيتهم ازدادت شراهة لعرض أفكارهم، وفي الوقت نفسه: أصبح منهج المدرسة الإصلاحية وسيطاً مناسباً لحمل هذه الأفكار الغربية، أو كما يقول ألبرت حوراني عن رائد هذه المدرسة (محمد عبده): «لقد نوى إقامة جدار ضد العلمانية، فإذا به في الحقيقة يبني جسراً تعبر العلمانية عليه، لتحتل المواقع واحداً بعد الآخر، وليس من المصادفة ـ كما سنرى ـ أن يستخدم معتقداته فريق من أتباعه في سبيل إقامة العلمانية الكاملة»(2)، ويقول شيخ الإسلام بالدولة العثمانية مصطفى صبري: «فلعله وصديقه ـ أو شيخه ـ جمال الدين أرادا أن يلعبا في الإسلام دور لوثر وكلفين زعيمي البروتستانت في المسيحية، فلم يتسن لهما الأمر لتأسيس دين حديث للمسلمين، وإنما اقتصر تأثير سعيهما على مساعدة الإلحاد المقنَّع بالنهوض والتجديد...»(3).

سادساً: ومثلما ساهمت المدرسة الإصلاحية على إسقاط الحاجز الفكري بين الإسلام والغرب بتقريب الفكر الغربي إلى المجتمعات الإسلامية ساعدت على إسقاط الحاجز النفسي لدى النخبة المثقفة لقبول العلمانية والتغريب، فـ «عند أولئك الذين تعلموا في المدارس الحديثة كانت جاذبية وجهة نظر الإمام محمد عبده للإسلام تكمن في أنها حررتهم لقبول أفكار الغرب الحديثة بلا أدنى إحساس بالتخلي عن ماضيهم...»(1).

سابعاً: تطورت معادلة التوفيقية الإصلاحية على يد تلاميذ محمد عبده من القول: «إن المدنية الحقيقية تتوافق مع الإسلام» إلى القول: «إن الإسلام الحقيقي يتوافق مع ما تأتي به المدنية»(2)، أو بمعنى آخر: من شرح الحضارة (العمران) والأفكار الغربية بما يوافق الإسلام (الحقيقي)، إلى تطويع الإسلام وإعادة تفسيره لحمله على موافقة الحضارة (العمران) والعقل الغربي، والحقيقة أن هذا التطور في تلك المعادلة كان قد بدأ على يد محمد عبده نفسه، ولكن تلامذته خاضوا فيه بصورة أوضح.

كما انهارت الموازنة بين قيم الإسلام وتصوراته وبين أفكار الغرب وعلومه، وهي الموازنة التي كان يحرص عليها ـ إجمالاً ـ محمد عبده، وافترقت خطى مدرسته من بعده، فمال رشيد رضا بفكره إلى سلفية أكثر، بينما اتجه سعد زغلول وأحمد لطفي السيد وقاسم أمين وعلي عبد الرازق... وغيرهم، إلى شبه قبول مطلق للفكر الغربي، مطالبين بعلمانية متشبهة بالغرب وبفصل الدين عن الدولة(3).

وعليه: نستطيع القول: إن المدرسة الإصلاحية ـ بعد توظيف الغرب لها خدمة لأهدافه ـ عادت من حيث بدأت: إسلاماً يواجه الفكر الغربي، وتغريباً وعلمانية يحاصران الإسلام ويعملان على إقصائه من واقع الحياة.

ثامناً: رسخت المدرسة الإصلاحية استمرار النهج التلفيقي المخادع الذي بدأه الطهطاوي والتونسي، القائم على تلبيس الحق بالباطل وتخليط الصواب بالخطأ، والذي كان مقتضاه تقديم التغريب والعلمانية على طبق من الدين، وهذا الأسلوب في تقديم العلمانية والتغريب باسم الإسلام في هذه المرحلة المبكرة هو ما تمناه المستشرق القسيس المنصر (زويمر) عندما قال هو وزملاؤه: «تبشير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول من أنفسهم ومن بين صفوفهم؛ لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها»(4)، وقريب منه ما ذكره (الشيخ) محمد عبده ـ في رسالة مريبة منه بخط يده إلى أستاذه جمال الدين الأفغاني عام 1300 هـ (1883م) بعد مناظرة الأخير الشهيرة مع رينان ـ : «نحن الآن على سنتك القويمة: لا تقطع رأس الدين إلا بسيف الدين، ولهذا لو رأيتنا لرأيت زهاداً عباداً ركعاً سجداً..»(5)، وهذا ما عبر عنه أحد المفكرين المعاصرين بأن العلمانية دخلت إلى العالم الإسلامي لابسة عمامة، وهو الأسلوب نفسه الذي يحاول اتباعه الآن (الإصلاحيون) في إيران وبعض (التنويريين) في بقاع أخرى من العالم الإسلامي، وعكسه ما يحاوله بعض الإسلاميين في تركيا (إعادة الإسلام لابساً قبعة).

ويمكن القول ـ إذا لم نتحلَّ بدرجة كبيرة من إحسان الظن بهم ـ: إن (الإصلاحيين) في ذلك الوقت لم يكن في وسعهــــم إلا اتباع ذلك الأسلوب المخادع حتى لا يصطدموا مع عامة الأمة وعلمائها (المتعصبين).


--------------------------------------------------------------------------------

(*) هذه المقالات مقتطفات مختصرة من كتاب يعده الأخ الكاتب عن تاريخ العلمانية والتغريب في العالم الإسلامي، وقد آثر ـ جزاه الله خيراً ـ مجلة البيان بنشر هذه المقالات قبل نشره للكتاب. ـ ^ ـ

(1)Modern Egypt ، ج 2، ص 132 ـ 133 نقلاً عن د. سامي عزيز، مصدر سابق، ص 300، وانظر أيضاً: ص 226.

(2) الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر، ج 2، ص 215، وانظر: وجهة الإسلام، ص 40.

(1) السابق، ج 2، ص 214، وانظر: وجهة الإسلام، ص 69، وما بعدها.

(2) وبالفعل يكاد ألا يخلو قطر عربي ممن تربى فيها وتخرج منها ثم تسنم في بلاده مناصب سياسية أو اجتماعية أو ثقافية وتربوية أو إعلامية رفيعة، مما مكنهم من التأثير في تلك البلاد، حتى إن هذه الكلية ( وهي مدرسة من المرحلة الابتدائية حتى الثانوية ) التي أصبح لها فروع عديدة تفخر بذلك وبأنها يطلق عليها اسم: (مدرسة المشاهير).

(3) الإسلام والحضارة الغربية، ص 45 - 46. (4) د. سامي عزيز، مصدر سابق، ص 300.

(5)Modern Egypt ، ج 2، ص 228، 231، نقلاً عن: د. سامي عزيز، مصدر سابق، ص 300.

(6) د. سامي عزيز، المصدر السابق.

(1)Cromer Lord ، ص 89، نقلاً عن: الصحافة المصرية وموقفها من الاحتلال الإنجليزي، ص 226.

(2)Modern Egypt ، ج 2، ص 228 ـ 231 ، نقلاً عن: د. سامي عزيز، مصدر سابق، ص 301.

(3) د. سامي عزيز، مصدر سابق، ص302.

(4) تاريخ الأستاذ الإمام محمد عبده، لمحمد رشيد رضا، ج 2، ص 537.

(5) السابق، ج 2، ص 536.

(6) مقال خطأ العقلاء، بجريدة (الوقائع المصرية) سنة (1298هـ / 1881م)، نقلاً عن: تاريخ الأستاذ الإمام..، ج 2، ص 120 ـ 121.

(1) الصحافة المصرية وموقفها من الاحتلال الإنجليزي، ص 224.

(2)Modern Egypt ، ج 2، ص 538، نقلاً عن: د. سامي عزيز، مصدر سابق، ص 276.

(3) د. سامي عزيز، مصدر سابق، ص 225 ـ 226.

(4) د. محمد محمد حسين، الإسلام والحضارة الغربية، ص133 ـ 134.

(5) زعماء الإصلاح في العصر الحديث، ص 114، وانظر: خاطرات جمال الدين الأفغاني، لمحمد باشا المخزومي، ص 99 ـ 104.

(1) الفكر العربي في عصر النهضة، لألبرت حوراني، ص 230.

(2) نفسه، وقد كان الشيخ حسين الجسر على صلة وثيقة بمحمد عبده، كما كان أستاذاً لمحمد رشيد رضا، انظر مثلاً: تاريخ الأستاذ الإمام، ج 1، ص 404، 998 ـ 999.

(3) د. نزيه كبارة، عبد الرحمن الكواكبي، حياته وعصره وآراؤه، ص 108، وانظر: الفكر العربي في عصر النهضة، ص 277 ـ 278، والعلمانية من منظور مختلف، للدكتور عزيز العظمة، ص 163.

(4) انظر: المصادر السابقة.

(5) انظر: طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، للكواكبي، ص 35- 49، وانظر أيضاً: صحوة الرجل المريض، للدكتور موفق بني المرجة، ص 203، وعبد الرحمن الكواكبي..، ص 71 ـ 75 ، والعلمانية من منظور مختلف، ص 163.

(6) د. نزيه كباره، مصدر سابق، ص 105، وانظر: أم القرى، للكواكبي، ص 106 ـ 108، و د. أسعد السحمراني، مصدر سابق، ص 65.

(7) انظر: الإمام الكواكبي ـ فصل الدين عن الدولة، لجان دايه، ص 18. (8) طبائع الاستبداد..، للكواكبي، ص 122.

(9) انظر: الفكر العربي في عصر النهضة، ص 95، 373، والعلمانية من منظور مختلف، ص 85.

(1) انظر: صحوة الرجل المريض، ص 148، والعلمانية من منظور مختلف، ص 92.

(2) الفكر العربي في عصر النهضة، ص 369. (3) العلمانية من منظور مختلف، ص 158.

(4) انظر: الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر، ج 1، ص 327، 329، 370، والفكر العربي في عصر النهضة، ص 152.

(5) انظر: الفكر العربي في عصر النهضة، ص 149.

(6) انظر: مقال (خطأ العقلاء) لمحمد عبده، المنشور في جريدة الوقائع المصرية (1298هـ/ 1881م)، نقلاً عن: تاريخ الأستاذ الإمام، ج 2، ص 119، وقد هاجم محمد عبده فيما بعد محمد علي، عندما اختلف مع أمراء أسرته الحاكمة، حاملاً عليه عدم اهتمامه إلا بما يمس أسرته وجيشه.. ولكن لاحظ في هذا المقام أن الأفغاني كان قد أثنى كذلك على هذه التغييرات ووصف محمد علي بأنه (الرجل العظيم)، انظر: خاطرات جمال الدين الأفغاني..، ص 183، ولاحظ أيضاً أن الوصف نفسه لمحمد علي كان قد نعته به اللورد كرومر، مثنياً على محمد علي، ذلك الرجل العظيم، الذي يكفيه من مآثره كونه (بتر) مصر من الدولة العثمانية وجعل لها وجوداً إدارياً مستقلاً، انظر: مصر الحديثة، ص 22، 134.

(7) انظر: الفكر العربي في عصر النهضة، ص 145، 146. (8) ألبرت حوراني، مصدر سابق، ص 148.

(9) انظر: الإسلام والحضارة الغربية، ص 78. (10) انظر: معالم على طريق تحديث الفكر العربي، د. معن زيادة، ص 201.

(1) ألبرت حوراني، مصدر سابق، ص 153. (2) انظر: العلمانية من منظور مختلف، ص 166.

(3) أحمد أمين، مصدر سابق، ص 113.

(4) ألبرت حوراني، مصدر سابق، ص 136، وانظر: خاطرات جمال الدين الأفغاني..، ص 111 - 112،.

(5) الاتجاهات الحديثة في الإسلام، ص 62، وانظر: الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر، ج 1، ص 340 ـ 341.

(6) ماجد فخري، دراسات في الفكر العربي، ص 246. (7) السابق، ص 278.

(8) د. محمد محمد حسين، الإسلام والحضارة الغربية، ص 50. (9) ألبرت حوراني، مصدر سابق، ص 163، وانظر: ص 159.

(1) أحمد أمين، مصدر سابق، ص 337. (2) العلمانية من منظور مختلف، ص 165.

(3) د. عزيز العظمة، مصدر سابق، ص 171 ـ 172، وما بين القوسين من كلام رشيد رضا، وراجع كلام محمد عبده نفسه ـ حول طوفان نوح عليه السلام ـ في: تاريخ الأستاذ الإمام، ج 1، ص 666 ـ 667. (4) السابق، ص 172.

(5) الفكر العربي في عصر النهضة، ص 159 ـ 160، وانظر: ص 242، والعلمانية من منظور مختلف، ص 166.

(1) د. عزيز العظمة، مصدر سابق، ص 168.

(2) إليك نموذجاً للبديل (الفكري) السائد في هذا الوقت في مواجهة العلمانية الصريحة والإلحاد الذي ذكرناه سابقاً، لتعرف مدى الفراغ الذي كان موجوداً في الساحة آنذاك، ومدى (الانبهار) الذي قد يحدث عندما تقدم المدرسة الإصلاحية منهجها وآراءها لملء هذا الفراغ: إذ يروي أحمد شفيق باشا أن شيخ الأزهر انتدب في رمضان سنة 1309هـ (1892م) الشيخ أحمد الرفاعي لإلقاء بعض دروس التفسير بين يدي الخديوي عباس بقصر عابدين، أي: إن الشيخ الرفاعي منتدب من أعلى هيئة علمية دينية في البلاد إلى أعلى سلطة سياسية فيها، يقول أحمد شفيق: «... وقد ظل الأستاذ عدة أيام يتابع دروسه، وكنت ممن يحضرونها، وكان كثير الإسهاب في إيراد أقوال المفسرين، وإيراد بعض الروايات الغريبة.

وفي ذات يوم تحدث عن {إرّمّ ذّاتٌ پًعٌمّادٌ} [الفجر: 7]، فهالنا ما أورده عنها من الروايات الغريبة، ولا سيما القول بأنها مدينة شُيِّدت طوبة من الذهب وأخرى من الفضة، وأنها معلقة بين الأرض والسماء !، ثم توسع في ذلك وعرض إلى علم الفلك بأسلوب يثير الإشفاق والضحك، فكنا والخديوي نزم شفاهنا حتى لا يغلبنا الضحك الرنان» (مذكراتي في نصف قرن، ج 2، ص 28)، ولا شك أن أمثال هذه العروض كانت تساعد على دفع أصحاب القرار والمثقفين من أمثال هؤلاء نحو تبني خيار العلمانية والتغريب، ولا شك أيضاً أن من يأتي بعد ذلك وينفي عن الدين هذه الأقوال المضحكة ويقدم تفسيراً للدين فحواه أنه موافق للعلم الحديث لا يخرج عنه، ويحافظ على إيمان الناس بدينهم مع عدم الاصطدام بقناعاتهم العلمية والفكرية.. سيفتن الناس به ويقبلون عليه أياً كانت آراؤه غريبة أو غير مقبولة من الأوساط الدينية (المحافظة).

(3) د. محمد محمد حسين، الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر، ج2، ص213 ـ 214والآراء المذكورة مقتبسة عن كتاب جب: وجهة الإسلام (Whirher Islam).

(1) بريطانيا العظمى في مصر (Great Britain in Egypt)، ص165، نقلاً عن: الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر، ج 2، ص307 ـ 308 .

(2) عبد اللطيف حمزة، الصحافة والأدب في مصر، ص123 ـ 124، نقلاً عن: الصحافة المصرية وموقفها من الاحتلال الإنجليزي، ص 307، وانظر: الإسلام والحضارة الغربية، ص 77.

(3) تاريخ الأستاذ الإمام، ج 2، ص 538.

(4) انظر: تاريخ الأستاذ الإمام، ج 1، ص817 ـ 829.

(1) د. محمد جابر الأنصاري، تحولات الفكر والسياسة في الشرق العربي، ص 17.

(2) الفكر العربي في عصر النهضة، ص 153، وانظر: الاتجاهات الحديثة في الإسلام، لهاملتون جب، ص 70، والإسلام والحضارة الغربية، ص 78.

(3) موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين وعباده المرسلين، ج 2، ص 144.

(1) ألبرت حوراني، تاريخ الشعوب العربية، ج 2، ص 145، وانظر: الاتجاهات الحديثة في الإسلام، ص 70.

(2) انظر: الفكر العربي في عصر النهضة، ص 170، وتحولات الفكر والسياسة في الشرق العربي، ص 9، 19.

(3) انظر: الفكر العربي في عصر النهضة، ص 171، 172، 153، و معالم على طريق تحديث الفكر العربي، ص 231، وتحولات الفكر والسياسة في الشرق العربي، ص 19، والاتجاهات السياسية في العالم العربي، ص 78.

(4) الغارة على العالم الإسلامي، لخصها ونقلها إلى العربية، محب الدين الخطيب ومساعد اليافي، ص 80.

(5) محمد عبده، سلسلة الأعمال المجهولة، لعلي شلش، ص 53، وانظر: العلمانية من منظور مختلف، ص 179، ومنهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير، لفهد بن عبد الرحمن الرومي، ص 161، وانظر صورة الرسالة بخط محمد عبده، ص 162، 163، من الكتاب الأخير، وقد حذف رشيد رضا هذا المقطع عند إيراده لرسالة محمد عبده في (تاريخ الأستاذ الإمام) على عادته في حذف ما يرى عدم مناسبة نشره، انظر: تاريخ الأستاذ الإمام، ج 2، ص 599.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 04-06-2005, 03:43 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

تقول دائرة المعارف البريطانية مادة Secularim أنها :
" حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس وتوجيهم من الإهتمام بالآخره إلى الاهتمام بالدنيا "
وهي حسب تعريف آخر " اتجاه في الحياة أو أي شأن خاص يقوم على مبداء أن الدين أو الاعتبارات الدينية يجب الا تتدخل في الحكومة , أو استبعاد هذه الاعتبارات استبعادا مقصودا " وهي بهذا المفهوم تعني بختصار " السياسة اللادينية البحتة في الحكومة" .
أما عن تعريف العلمانية حيب المنظور العربي الاسلامي فهي " فصل الدين عن الدولة " ... ولو تمهنا في المعني لوجدناه لا يعطي المدلول الكامل للعلمانية .. فلو قيل أنها " فصل الدين عن الحياة " لكن تعريف أشمل وأصوب.
ولذلك فإن المدلول الصحيح للعلمانية هو " إقامة الحياة على غير دين " سواء بالنسبة للفرد أو الأمة .


أقسام العلمانية



تنقسم العلمانية الى قسمين رئيسين هما
1 - الديمقراطية الليبرالية.
وتسمى منهجها " العلمانية المعتدلة " أي أنها محتمعات لا دينية ولكنها غير معادية للدين0
2 - العلمانية المتطرفة .
أي المضادة للدين ... ويعنى بها المجتمعات الشيوعية وما شاكلها.
أسباب نشأت العلمانية
·الطغيان الكنسي .
بمعنى الحرية الكاملة للكنيسه ومن يقوم عليها فلهم حق التحريم والصفح والغفران وتحليل المحظورات .. الخ
·الصراع بين الكنيسة والعلم .
·الثورة الفرنسية .
·نظرية التطور .


منهج العلمانية وطرق دعوتها



العلماني : تجد البعض يؤمن بوجود إله لكنه يعتقد بعدم وجود علاقة بين الدين وحياة الإنسان ( فكر بوذي ) كما يعتقد بأن الحياة تقوم على أساس العلم التجريبي المطلق وهذا " فكر ماركسي " .
العلماني : تجده يعتبر القيم الروحية التي تنادي بها الديان والقيم الأخلاقية بانواعها هي قيم سلبية يجب أن يتم تطويرها أو إلغائها " فكر ماركسي " .
العلماني : تجده يطالب بالإباحية كالسفور والإختلاط بين الجنسين في الأماكن العامة والخاصة ( أي الخلوة ) ويحبذ عدم الترابط الأسري " دعوة ماسونية " .
العلماني : تجده يردد دائما بأن الإنسان هو الذي ينبغي أن يستشار في الأمور الدنيوية كلها وليس رجال الدين ... ويطالب بأن يكون العقل البشري صاحب القرار وليس الدين .
العلماني : تجده يصرح باطلا بأن الإسلام لا يتلائم مع الحضارة وانه يدعو الى التخلف لأنه لم يقدم للبشرية ما ينفع .. ويتنسى عن قصص الأمجاد الإسلامية من فتوحات ومخترعات في شتى المجالات .
العلماني : تجده يعتقد بأن الأخلاق نسبية وليس لها وجود في حياة البشر إنما هي انعكاس للأوضاع المادية والإقتصادية وهي من صنع العقل الجماعي وأنها أي الأخلاق تتغير على الدوام وحسب الظروف " فكر ماركسي " .
العلماني : تجده يعتقد بأن التشريع الإسلامي والفقه وكافة تعاليم الأديان السماوية الأخرى ما هي الإ أمتداد لشرائع قديمة مثل القانون الروماني وأنها تعاليم عفى عليه الزمان وأنها تناقض العلم ... وأن تعاليم الدين وشعائره لا يستفيد منها المجتمع " فكر ماركسي " .
العلماني : تجده حين يتحدث عن المتدينيين فإنه يمزج حديثه بالسخرية منهم ويطالب بان يقتصر توظيف خريجي المعاهد والكليات الدينية على الوعظ أو المأذونية أو الإمامة وخلافه من أمور الدين فقط .
العلماني : تجده يعترض إعتراضا شديدا على تطبيق حدود الله في الخارجين عن شرعه كالرجم للزاني أو قطع يد السارق أو القتل للقاتل ... الخ .
العلماني : تجده يطالب ويحبذ مساواة المراة بالرجل ويدعو الى تحررها وسفورها وإختلاطها بالرجال دون تحديد العمل الذي يلائمها ويحفظ كرمتها كأنثى .
العلماني : تجده يحبذ أن لا يكون التعليم الديني في المدارس الحكومية إلزاميا بل إختياريا .
العلماني : يتمنى تغيير القوانين الإسلامية بقوانين علمانية كالقانون المدني السويسري والقانون الجنائي المعمول به في ايطاليا والقانون التجاري الألماني والقانون الجنائي الفرنسي ويعتبر أن تلك القوانين البشرية هي الأفضل لحياة الفرد والمجتمع من تطبيق التنظيم الإسلامي .


تاريخ دخول العلمانية العالم الإسلامي



1 - في مصر ... دخلت العلمانية مصر مع حملة نابليون بونابرت " وقد أشار اليها الجبرتي في الجزء المخصص للحملة الفرنسية على مصر وأحداثها " ومن ثم أدخل الخديوي اسماعيل القانون الفرنسي سنة 1883 ميلادي الى الآن . ( من المعلوم أن الخديوي مفتونا بالغرب وكان أمله أن يجعل مصر قطعة من أوربا ) .
2 - في الهند ...حتى سنة 1791 ميلادي كانت الاحكام وفق الشريعة الإسلامية ثم بداء التدرج من هذا التاريخ لإلغاء الشريعة الإسلامية بتدبير الانجليز وأنتهت تماما في أواسط القرن التاسع عشر .
3- في الجزائر ... إلغاء الشريعة الإسلامية عقب الإحتلال الفرنسي سنة 1830 ميلادي .
4– في تونس ... أدخل القانون الفرنسي فيها سنة 1906 ميلادي .
5- في المغرب ... أدخل القانون الفرنسي فيها سنة 1913 ميلادي .
6- في تركيا ... لبست ثوب العلمانية عقب إلغاء الخلافة واستقرار الأمور تحت سيطرة مصطفى كمال أتاتورك.. وأن كانت قد إرهاصات ومقدمات سابقة .
7- في العراق والشام ... الغيت الشريعة أيام الغاء الخلافة الإسلامية وتم تثبيت أقدام الإنجليز والفرنسيين فيها .
8- معظم أفريفيا ... فيها حكومات نصرانية أمتلكت السلطة بعد رحيل الإستعمار .
9- أندونيسيا ومعظم بلاد جنوب شرق أسيا ... دول علمانية .
10– انتشار الأحزاب العلمانية والنزاعات القومية مثل " حزب البعث , الحزب القومي السوري , النزعة الفرعونية , النزعة الطورانية , القومية العربية " .


كيفية دخول عفن العلمانية إلى العالم الإسلامي


1 - من خلال الاحتلال العسكري الاستعماري
2- من خلال البعثات التي ذهبت من الشرق إلى الغرب لطلب العلم والتقدم
3- من خلال البعثات التبشيرية
4- من خلال المدارس والجامعات الأجنبية
5- من خلال الجمعيات والمنظمات والأحزاب العلمانية
6– من خلال البعثات الدبلوماسية
7– من خلال وسائل الإعلام المختلفة
8- من خلال التأليف والنشر في فنون شتى من العلوم وبالأخص في الفكر والأدب
9– من خلال الشركات الغربية الكبرى التي وفدت لبلاد المسلمين مستثمرة في الجانب الاقتصادي
10 - من خلال المتعلمنة الذين تولوا زمام الحكم في البلدان الإسلامية مما أدى ذلك لتمكين كل عائد متعلمن من منصب
11 - من خلال الجهل المتناهي في صفوف دعاة العلمانية بالدين الإسلامي مع وجود الكيد والخبث من تنفيذ الخطط الماسونية العالمية لدمار الأمة


الفرق بين العلمانية العالمية والعلمانية في العالم الإسلامي



العلمانية هي العلمانية في كل بقاع العالم ، ودعوتها هي دعوتها ، لا فرق سوى أن العلمانية في العالم الإسلامي تراها تدعو للتقدم في العري الفاضح ، والفساد الصارخ ، ولم تصنع كبقية العالم ما يحمي الأمة من أعدائها من آلات حربية قتالية ، وهذا يدل على عمالتها المفضوحة

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 04-06-2005, 03:46 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

العلمانيه كافره- محمد الموجي



اعتقاد العلمانيين أن الاسلام جزء أصيل من تاريخنا و تراثنا .. نــوع من الخداع و التضليل لا يكفى لتبرئة العلمانية من تهمة الالحاد و الكفر و تخريب العقائد و الاخلاق .. التــى يعتبرها البعض ارهابا فكريــــا يقود الشباب المتحمس إلى مفاوز العنف و الإرهاب المسلح .. و الحقيقة أن هذه مغالطة مكشوفة .. فتكفير العلمانية مذهب أزهرى قديـــــم ، و الصراع بين الأزهر الشريف و بين العلمانيين الماسون المجرمين معروف و مشهور .. و الأزهر حتى يومنا هذا يعتقد بكفر العلمانية .. و بين يــــدى الآن رسالة دكتوراه أعدها منذ عدة سنوات الأستاذ / الدكتور يحيى هاشم حسن فرغل من علماء الأزهر الشريف .. و من اصدارات اللجنة العليا للدعوة الإسلامية بالأزهــــر .. كشف فيها عن حقيقة الدور التخريبى الكافر للعلمانية فى شتى المجالات الحياتية .. فالعلمانيون لم يتركوا مجالا من مجالات الحياة الا شاغبوا فيه على كلمة الله .. و كانت لهم وجهة نظـــر مخالفة للقرآن الكريم .. بل يبدو الأمر فى كثير من الأحيان كما لو أن مخالفة كلمة الله .. هى فى حد ذاتها هدف و غاية و علامة أساسية من علامات التقدم و الإبداع ‎؟؟ و لذلك فهم يؤيدون (( كــــل )) من يخالف الشريعة و يطعن فى الدين .. سواء أكان باحثا زنـــديقا أو مومسا على المسرح أو عاهـــرة على أفيش سينمائى ؟؟
فحول المنهج العلمى ... نسجوا أوهام الإلحاد باسم انكار كل ما لايخضع للتجربة .. و باسم التطور الذاتى و حتمية الطبيعة و عدم قابلية المادة للفناء ... الخ
و فى مجال التنظيم الاجتماعى .. سحابات سوداء من الإلحاد .. حيث تقوم بعض الدعاوى فى هذا المجال على إنكار الدين ، أو اعتباره طورا متخلفا من أطوار التقدم الإجتماعى ؟؟
و فى قضايا التشريع ..نزوع إلى الإلحاد .. حيث يهاجم الدين فى نظرته الى الربا , و إلى تعدد الزوجات ، و قوامة الرجل على المرأة و ميراث المرأة بالنسبة للرجل ، و فى العقوبات المقررة فى الزنـــا و السرقة ؟؟
و فى تدوين التاريخ .. نزوع إلى الإلحاد .. حيث يقدم الدين على أنه نتيجة لصراع الطبقات .. و مظهر من مظاهر التطور الإقتصادى ؟؟
و فى أساليب التربية .. نزوع إلى الإلحاد .. فالفرائض الدينية و الواجبات الشرعية تخضع للحرية الشخصية ، و الحرية قيمة من القيم تستخدم كسلاح للحد من سلطة الدين .. و التجربة اسلوب لتكوين الشخصية تمارس حتى و لو بارتكاب المعاصى و الفواحش ؟؟ و الترفيه عن النفس ، و تفريغ الكبت الجنسى بالإختلاط الخليع و ارتداء الملابس المثيرة أصل من اصول التوجيه التربوى ؟؟
و فى فنون الادب اشارات واضحة الى الالحاد و التمرد على القيم و التقاليد و الآداب .. و الجرائم الأخلاقية المنكرة فى هذا المجال مشهورة و على عينك يا تاجر ؟؟
و فى بعض البحوث الإسلامية ذاتها .. تطلعات إلى الإلحاد .. حيث يسوى بين المؤمن و الكافر .. و بين المسلم و الكتابى فى الولاء و البراء ..كما يسوى بين الولى و القديس ؟؟
و فى ميدان العادات و الأخلاق .. نزوع إلى الإلحاد و المجون .. حيث نسبية الأخلاق .. و اعتبار المجتمع هو المرجعية الوحيدة فى تحديد ما يجوز و مالايجوز .. و أفراد العصابة العلمانية المجرمـــة يصيبهم الإشمئزاز و الأرتيكاريا اذا ذكر امامهم شىء عن الحلال و الحرام ؟؟
نعم هناك علمانية تستبعد الدين من مؤسسات الحكم و تعتبره سلطة من سلطات الدولة غير المهيمنة .. و هذا على أحسن تقدير .. و هى العلمانية السائدة اليوم فى بعض بلاد الغرب بعد مراحل تطورها .. و هناك علمانية تسقط الدين من كيان الدولة نهائيا و تعتبره أفيون الشعوب .. كما هو الحال فى البلدان الشيوعية .. غير أن كليهما قد انتهى به الحال إلى الكفر و الإلحاد باسقاط الاهتمام نهائيا باليوم الآخر ، و اعتباره ضربا من ضروب الخرافة .. و دانوا جميعا بدين واحد هو (( التقدم للرقى المادى )) و الإعتقاد بأن ليس فى الحياة هدف آخر سوى جعل هذه الحياة أيسر فأيسر ؟؟
فالعلمانية ليست برنامجا سياسيا فى الجانب التخصصى الذى يعتمد على الاجتهاد البشرى فى المساحة المسموح بها شرعا كما يشيع بعض المدلسين الكذابين .. انها دين بكل معنى الكلمة .. و سقف أيدلوجى .. كالاسلام تماما .. ممكن أن يستظل بظلها أًصحاب البرامج السياسية المختلفة .. فهناك ناصرى مسلم و ناصرى علمانى .. وووفدى مسلم ووفدى علمانى .. كل الأحزاب السياسية فيها المسلم و فيها العلمانى .. الا حزبا واحدا فقط ؟؟؟

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 04-06-2005, 03:49 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

الفكر العلماني





سعيد بن ناصر الغامدي







السؤال :

من هم العلمانيون؟ وماذا يريدون؟ وما هي صفاتهم؟ وما هو السبيل إلى معرفتهم والرد على أفكارهم؟ أرجو من فضيلتكم التوضيح والتفصيل.



الجواب :

العلمانيون هم: كل من ينسب أو ينتسب للمذهب العلماني، وينتمي إلى العلمانية فكراً أو ممارسة.
وأصل العلمانية ترجمة للكلمة الإنجليزية (secularism) وهي من العلم فتكون بكسر العين، أو من العالَم فتكون بفتح العين وهي ترجمة غير أمينة ولا دقيقة ولا صحيحة، لأن الترجمة الحقيقية للكلمة الإنجليزية هي (لا دينية أولا غيبية أو الدنيوية أولا مقدس).
نشأت العلمانية في الغرب نشأة طبيعية نتيجة لظروف ومعطيات تاريخية –دينية واجتماعية وسياسية وعلمانية واقتصادية- خلال قرون من التدريج والنمو، والتجريب، حتى وصلت لصورتها التي هي عليها اليوم..
ثم وفدت العلمانية إلى الشرق في ظلال الحرب العسكرية، وعبر فوهات مدافع البوارج البحرية، ولئن كانت العلمانية في الغرب نتائج ظروف ومعطيات محلية متدرجة عبر أزمنة متطاولة، فقد ظهرت في الشرق وافداً أجنبياً في الرؤى والإيديولوجيات والبرامج، يطبق تحت تهديد السلاح وبالقسر والإكراه؛ لأن الظروف التي نشأت فيها العلمانية وتكامل مفهومها عبر السنين تختلف اختلافاً جذرياً عن ظروف البلدان التي جلبت إليها جاهزة متكاملة في الجوانب الدينية والأخلاقية والاجتماعية والتاريخية والحضارية، فالشرط الحضاري الاجتماعي التاريخي الذي أدى إلى نجاح العلمانية في الغرب مفقود في البلاد الإسلامية، بل فيها النقيض الكامل للعلمانية، ولذلك كانت النتائج مختلفة تماماً، وحين نشأت الدولة العربية الحديثة كانت عالة على الغربيين الذين كانوا حاضرين خلال الهيمنة الغربية في المنطقة، ومن خلال المستشارين الغربيين أو من درسوا في الغرب واعتنقوا العلمانية، فكانت العلمانية في أحسن الأحوال أحد المكونات الرئيسية للإدارة في مرحلة تأسيسها، وهكذا بذرت بذور العلمانية على المستوى الرسمي قبل جلاء جيوش الاستعمار عن البلاد الإسلامية التي ابتليت بها.
ومن خلال البعثات التي ذهب من الشرق إلى الغرب عاد الكثير منها بالعلمانية لا بالعلم، ذهبوا لدراسة الفيزياء والأحياء والكيمياء والجيولوجيا والفلك والرياضيات فعادوا بالأدب واللغات والاقتصاد والسياسة والعلوم الاجتماعية والنفسية، بل وبدراسة الأديان وبالذات الدين الإسلامي في الجامعات الغربية، ولك أن تتصور حال شاب مراهق ذهب يحمل الشهادة الثانوية ويلقى به بين أساطين الفكر العلماني الغربي على اختلاف مدارسه، بعد أن يكون قد سقط أو أسقط في حمأة الإباحية والتحلل الأخلاقي وما أوجد كل ذلك لديه من صدمة نفسية واضطراب فكري، ليعود بعد عقد من السنين بأعلى الألقاب الأكاديمية، وفي أهم المراكز العلمانية بل والقيادية في وسط أمة أصبح ينظر إليها بازدراء، وإلى تاريخها بريبة واحتقار، وإلى قيمها ومعتقداتها وأخلاقها –في أحسن الأحوال- بشفقة ورثاء، إنه لن يكون بالضرورة إلا وكيلاً تجارياً لمن علموه وثقفوه ومدّنوه، وهو لا يملك غير ذلك.
ثم أصبحت الحواضر العربية الكبرى مثل: (القاهرة-بغداد-دمشق) بعد ذلك من مراكز التصدير العلماني للبلاد العربية الأخرى، من خلال جامعاتها وتنظيماتها وأحزابها، وبالذات دول الجزيرة العربية، وقل من يسلم من تلك اللوثات الفكرية العلمانية، حتى أصبح في داخل الأمة طابور خامس، وجهته غير وجهتها، وقبلته غير قبلتها، إنهم لأكبر مشكلة تواجة الأمة لفترة من الزمن ليست بالقليلة.
ثم كان للبعثات التبشيرية دورها، فالمنظمات التبشيرية النصرانية التي جابت العالم الإسلامي شرقاً وغرباً من شتى الفرق والمذاهب النصرانية، جعلت هدفها الأول زعزعة ثقة المسلمين في دينهم، وإخراجهم منه، وتشكيكهم فيه.
ثم كان للمدارس والجامعات الأجنبية المقامة في البلاد الإسلامية دورها في نشر وترسيخ العلمانية.
ثم كان الدور الأكبر للجمعيات والمنظمات والأحزاب العلمانية التي انتشرت في الأقطار العربية والإسلامية، ما بين يسارية وليبرالية، وقومية وأممية، سياسية واجتماعية وثقافية وأدبية بجميع الألوان والأطياف، وفي جميع البلدان حيث إن النخب الثقافية في غالب الأحيان كانوا إما من خريجي الجامعات الغربية أو الجامعات السائرة على النهج ذاته في الشرق، وبعد أن تكاثروا في المجتمع عمدوا إلى إنشاء الأحزاب القومية أو الشيوعية أو الليبرالية، وجميعها تتفق في الطرح العلماني، وكذلك أقاموا الجمعيات الأدبية والمنظمات الإقليمية أو المهنية، وقد تختلف هذه التجمعات في أي شيء إلا في تبني العلمانية، والسعي لعلمنة الأمة كل من زاوية اهتمامه، والجانب الذي يعمل من خلاله.
ولا يمكن إغفال دور البعثات الدبلوماسية: سواء كانت بعثات للدول الغربية في الشرق، أو للدول الشرقية في الغرب، فقد أصبحت في الأعم الأغلب جسوراً تمر خلالها علمانية الغرب الأقوى إلى الشرق الأضعف، ومن خلال المنح الدراسية وحلقات البحث العلمي والتواصل الاجتماعي والمناسبات والحفلات ومن خلال الضغوط الدبلوماسية والابتزاز الاقتصادي، وليس بسر أن بعض الدول الكبرى أكثر أهمية وسلطة من القصر الرئاسي أو مجلس الوزراء في تلك الدول الضعيفة التابعة.
ولا يخفى على كل لبيب دور وسائل الإعلام المختلفة، مسموعة أو مرئية أو مقروءة، لأن هذه الوسائل كانت من الناحية الشكلية من منتجات الحضارة الغربية –صحافة أو إذاعة أو تلفزة- فاستقبلها الشرق واستقبل معها فلسفتها ومضمون رسالتها، وكان الرواد في تسويق هذه الرسائل وتشغيلها والاستفادة منها إما من النصارى أو من العلمانيين من أبناء المسلمين، فكان لها الدول الأكبر في الوصول لجميع طبقات الأمة، ونشر مبادئ وأفكار وقيم العلمانية، وبالذات من خلال الفن، وفي الجانب الاجتماعي بصورة أكبر.
ثم كان هناك التأليف والنشر في فنون شتى من العلوم وبالأخص في الفكر والأدب والذي استعمل أداة لنشر الفكر والممارسة العلمانية.
فقد جاءت العلمانية وافدة في كثير من الأحيان تحت شعارات المدارس الأدبية المختلفة، متدثرة بدعوى رداء التجديد والحداثة، معلنة الإقصاء والإلغاء والنبذ والإبعاد لكل قديم في الشكل والمضمون، وفي الأسلوب والمحتوى، ومثل ذلك في الدراسات الفكرية في علوم الاجتماع والنفس والعلوم الإنسانية المختلفة، حيث قدمت لنا نتائج كبار ملاحدة الغرب وعلمانييه على أنه الحق المطلق، بل العلم الأوحد ولا علم سواه في هذه الفنون، وتجاوز الأمر التأليف والنشر إلى الكثير من الكليات والجامعات والأقسام العلمية التي تنتسب لأمتنا اسماً، ولغيرها حقيقة.
ولا يستطيع أحد جحد دور الشركات الغربية الكبرى التي وفدت لبلاد المسلمين مستثمرة في الجانب الاقتصادي.
هكذا سرت العلمانية في كيان الأمة، ووصلت إلى جميع طبقاتها قبل أن يصلها الدواء والغذاء والتعليم في كثير من الأحيان، ولو كانت الأمة حين تلقت هذا المنهج العصري تعيش في مرحلة قوة وشموخ وأصالة لوظفت هذه الوسائل توظيفاً آخر يتفق مع رسالتها وقيمها وحضارتها وتاريخها وأصالتها.
بعض ملامح العلمانية:
لقد أصبح حَملة العلمانية الوافدة في بلاد الشرق بعد مائة عام من وفودهم تياراً واسعاً نافذاً متغلباً في الميادين المختلفة، فكرية واجتماعية وسياسية واقتصادية، وكان يتقاسم هذا التيار الواسع في الجملة اتجاهان:
أ: الاتجاه اليساري الراديكالي الثوري : ويمثله –في الجملة- أحزاب وحركات وثورات ابتليت بها المنطقة ردحاً من الزمن، فشتت شمل الأمة ومزقت صفوفها, وجرت عليها الهزائم والدمار والفقر وكل بلاء، وكانت وجهة هؤلاء الاتحاد السوفيتي قبل سقوطه، سواء كانوا شيوعين أمميين، أو قوميين عنصريين.
ب: الاتحاد الليبرالي ذي الوجهة الغربية لأمريكا : ومن دار في فلكها من دول الغرب، وهؤلاء يمثلهم أحزاب وشخصيات قد جنوا على الأمة بالإباحية والتحليل والتفسخ والسقوط الأخلاقي والعداء لدين الأمة وتاريخها.
وللاتجاهين ملامح متميزة أهمها:
1- مواجهة التراث الإسلامي، إما برفضه بالكلية واعتباره من مخلفات عصور الظلام والانحطاط والتخلف –كما عند غلاة العلمانية-، أو بإعادة قراءته قراءة عصرية –كما يزعمون- لتوظيفه توظيفاً علمانياً من خلال تأويله على خلاف ما يقتضيه سياقه التاريخي من قواعد شرعية، ولغة عربية، وأعراف اجتماعية، ولم ينج من غاراتهم تلك حتى القرآن والسنة، إما بدعوى بشرية الوحي، أو بدعوى أنه نزل لجيل خاص أو لأمة خاصة، أو بدعوى أنه مبادئ أخلاقية عامة، أو مواعظ روحية لا شأن لها بتنظيم الحياة، ولا ببيان العلم وحقائقه، ولعل من الأمثلة الصارخة للرافضين للتراث، والمتجاوزين له (أدونيس)و (محمود درويش)و (البياتي)و (جابر عصفور).
أما الذي يسعون لإعادة قراءته وتأويله وتوظيفه فمن أشهرهم: (حسن حنفي)و (محمد أركون) و (محمد عابد الجابري)و (حسين أمين)، ومن على شاكلتهم، ولم ينج من أذاهم شيء من هذا التراث في جميع جوانبه.
2- اتهام التاريخ الإسلامي بأنه تاريخ دموي استعماري عنصري غير حضاري، وتفسيره تفسيراً مادياً، بإسقاط نظريات تفسير التاريخ الغربية العلمانية على أحداثه، وقراءته قراءة انتقائية غير نزيهة ولا موضوعية، لتدعيم الرؤى والأفكار السوداء المسبقة حيال هذا التاريخ، وتجاهل ما فيه من صفحات مضيئة مشرقة، والخلط المتعمد بين الممارسة البشرية والنهج الإسلامي الرباني، ومحاولة إبراز الحركات الباطنية والأحداث الشاذة النشاز وتضخيمها، والإشادة بها، والثناء عليها، على اعتبار أنها حركات التحرر والتقدم والمساواة والثورة على الظلم، مثل: (ثورة الزنج) و (ثورة القرامطة) ومثل ذلك الحركات الفكرية الشاذة عن الإسلام الحق، وتكريس أنها من الإسلام بل هي الإسلام، مثل القول بوحدة الوجود، والاعتزال وما شابه ذلك من أمور تؤدي في نهاية الأمر إلى تشويه الصور المضيئة للتاريخ الإسلامي لدى ناشئة الأمة، وأجياله المتعاقبة.
3- السعي الدؤوب لإزالة أو زعزعة مصادر المعرفة والعلم الراسخة في وجدان المسلم، والمسيرة المؤطرة للفكر والفهم الإسلامي في تاريخه كله، من خلال استبعاد الوحي كمصدر للمعرفة والعلم، أو تهميشه –على الأقل- وجعله تابعاً لغيره من المصادر، كالعقل والحس، وما هذا إلا أثر من آثار الإنكار العلماني للغيب، والسخرية من الإيمان بالغيب، واعتبارها -في أحسن الأحوال- جزءاً من الأساطير والخرافات والحكايات الشعبية، والترويج لما يسمى بالعقلانية والواقعية والإنسانية، وجعل ذلك هو البديل الموازي للإيمان في مفهومه الشرعي الأصيل، وكسر الحواجز النفسية بين الإيمان الكفر، ليعيش الجميع تحت مظلة العلمانية في عصر العولمة، وفي كتابات (محمد عابد الجابري)و (حسن حنفي)و (حسين مروة)و (العروي) وأمثالهم الأدلة على هذا الأمر.
4- خلخلة القيم الخلقية الراسخة في المجتمع الإسلامي، والمسيرة للعلاقات الاجتماعية القائمة على معاني الأخوة والإيثار والطهر والعفاف وحفظ العهود وطلب الأجر وأحاسيس الجسد الواحد، واستبدال ذلك بقيم الصراع والاستغلال والنفع وأحاسيس قانون الغاب والافتراس، والتحلل، والإباحية من خلال الدراسات الاجتماعية والنفسية، والأعمال الأدبية والسينمائية والتلفزيونية، مما هز المجتمع الشرقي من أساسه، ونشر فيه من الجرائم والصراع ما لم يعهده أو يعرفه في تاريخه، ولعل رواية (وليمة عشاء لأعشاب البحر) –السيئة الذكر- من أحدث الأمثلة على ذلك، والقائمة طويلة من إنتاج(محمد شكري)و (الطاهر بن جلون) و (الطاهر وطّار) و (تركي الحمد) وغيرهم الكثير تتزاحم لتؤدي دورها في هدم الأساس الخلقي الذي قام عليه المجتمع، واستبداله بأسس أخرى.
5- رفع مصطلح الحداثة كلافتة فلسفية اصطلاحية بديلة لشعار التوحيد، والحداثة كمصطلح فكري ذي دلالات محددة تقوم على مادية الحياة، وهدم القيم والثوابت، ونشر الانحلال والإباحية، وأنسنة الإله وتلويث المقدسات، وجعل ذلك إطاراً فكرياً للأعمال الأدبية، والدراسات الاجتماعية، مما أوقع الأمة في أسوأ صور التخريب الفكري الثقافي.
6- استبعاد مقولة الغزو الفكري من ميادين الفكر والثقافة، واستبدالها بمقولة حوار الثقافات، مع أن الواقع يؤكد أن الغزو الفكري حقيقة تاريخية قائمة لا يمكن إنكارها كإحدى مظاهر سنة التدافع التي فطر الله عليها الحياة، وأن ذلك لا يمنع الحوار، لكنها سياسة التخدير والخداع والتضليل التي يتبعها التيار العلماني، ليسهل تحت ستارها ترويج مبادئ الفكر العلماني، بعد أن تفقد الأمة مناعتها وينام حراس ثغوره، وتتسلل في أجزائها جراثيم وفيروسات الغزو العلماني القاتل.
7- وصم الإسلام بالأصولية والتطرف وممارسة الإرهاب الفكري، عبر غوغائية ديماجوجية إعلامية غير شريفة، ولا أخلاقية، لتخويف الناس من الالتزام بالإسلام، والاستماع لدعاته، وعلى الرغم من وقوع الأخطاء –وأحياناً الفظيعة- من بعض المنتمين أو المدعين إلى الإسلام، إلا أنها نقطة في بحر التطرف والإرهاب العلماني الذي يمارس على شعوب بأكملها، وعبر عقود من السنين، لكنه عدم المصداقية والكيل بمكيالين، والتعامي عن الأصولية والنصرانية، واليهودية، والموغلة في الظلامية والعنصرية والتخلف.
8- تمييع قضية الحل والحرمة في المعاملات والأخلاق، والفكر والسياسة، وإحلال مفهوم اللذة والمنفعة والربح المادي محلها، واستخدام هذه المفاهيم في تحليل المواقف والأحداث، ودراسة المشاريع والبرامج، أي فك الارتباط بين الدنيا والآخرة في وجدان وفكر وعقل الإنسان، ومن هنا ترى التخبط الواضح في كثير من جوانب الحياة الذي يعجب له من نور الله قلبه بالإيمان، ولكن أكثرهم لا يعلمون.
9- دق طبول العولمة واعتبارها القدر المحتوم الذي لا مفر منه ولا خلاص إلا به، دون التمييز بين المقبول والمرفوض على مقتضى المعايير الشرعية، بل إنهم ليصرخون بأن أي شيء في حياتنا يجب أن يكون محل التساؤل، دون التفريق بين الثوابت والمتغيرات، مما يؤدي إلى تحويل بلاد الشرق إلى سوق استهلاكية لمنتجات الحضارة الغربية، والتوسل لذلك بذرائعية نفعية محضة لا يسيّرها غير أهواء الدنيا وشهواتها.
10- الاستهزاء والسخرية والتشكيك في وجه أي محاولة لأسلمة بعض جوانب الحياة المختلفة المعاصرة في الاقتصاد والإعلام والقوانين، وإن مرروا هجومهم وحقدهم تحت دعاوى حقوق الإنسان وحرياته، ونسوا أو تناسوا الشعوب التي تسحق وتدمر وتقتل وتغصب بعشرات الآلاف، دون أن نسمع صوتاً واحداً من هذه الأصوات النشاز يبكي لها ويدافع عنها، لا لشيء إلا أن الجهات التي تقوم بانتهاك تلك الحقوق، وتدمير تلك الشعوب أنظمة علمانية تدور في فلك المصالح الغربية.
11- الترويج للمظاهر الاجتماعية الغربية، وبخاصة في الفن والرياضة وشركات الطيران والأزياء والعطور والحفلات الرسمية، والاتكاء القوي على قضية المرأة، ولإن كانت هذه شكليات ومظاهر لكنها تعبر عن قيم خلقية، ومنطلقات عقائدية، وفلسفة خاصة للحياة، من هنا كان الاهتمام العلماني المبالغ فيه بموضة المرأة، والسعي لنزع حجابها، وإخراجها للحياة العامة، وتعطيل دورها الذي لا يمكن أن يقوم به غيرها، في تربية الأسرة ورعاية الأطفال، وهكذا العلمانيون يفلسفون الحياة. يعطل مئات الآلاف من الرجال عن العمل لتعمل المرأة، ويستقدم مئات الآلاف من العاملات في المنازل لتسد مكان المرأة في رعاية الأطفال، والقيام بشؤون المنزل، ولئن كانت بعض الأعمال النسائية يجب أن تناط بالمرأة، فما المبرر لمزاحمتها للرجل في كل موقع؟
12- الاهتمام الشديد والترويج الدائم للنظريات العلمانية الغربية في الاجتماع والأدب، وتقديم أصحابها في وسائل الإعلام، بل وفي الكليات والجامعات على أنهم رواد العلم، وأساطين الفكر وعظماء الأدب، وما أسماء: (دارون)و (فرويد), (دوركايم)و (أليوت وشتراوس وكانط) وغيرهم بخافية على المهتم بهذا الشأن، وحتى أن بعض هؤلاء قد تجاوزه علمانيو الغرب، ولكن صداه ما زال يتردد في عالم الأتباع في البلاد الإسلامية.





موقع الإسلام اليوم

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 04-06-2005, 03:52 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

العلمـــــانيــــــــــة الشـــــاملــــــــــة




1- تحديد العلمانيـــــة :

العلمانية (1) هي نظرة شاملة للعالم (المجتمع والإنسان والفكر) تؤكد استقلالية العالم بكل مقوماته وأبعاده وقيمه وسلوكيته تجاه جميع المذاهب الدينية أو اللادينية والفلسفات على أنواعها . نظرة تتطلب الممارسة الفعلية ولا تكتفي بالأفكار التجريدية المحض .

والاستقلالية تعني أن للعالم قيمة ذاتية فعلية .

وإذا كانت للعلمانية أشكال تاريخية مختلفة فبالإمكان ارجاعها في صورة رئيسية الى ثلاثة هي:

- العلمانية الملحدة ، المعادية للدين .

- العلمانية المنسجمة مــــع الديــــــن .

- العلمانية الحيادية تجـــاه الديــــــن .

والعلمانية التي وقع إختيارنا عليها هي العلمانية الحيادية ذات الحياد الإيجابي والإحترام الكامل تجاه كل الأديان والتيارات الأخرى .

إن هذه العلمانية هي عنصر أساسي من عناصر إقامة مجتمع لبناني تسوده الوحدة والمساواة والعدالة والحرية والسلام والديمقراطية .

إنها الطريق الأصلح لنشوء وطن يملك قاعدة قانونية واحدة موحدة إستناداً الى المساواة والحرية وشرعة حقوق الإنسان .



1- أبعاد العلمانية الشاملة :

هذا التحديد يوضح معنى العلمانية الشاملة ، وليس وجهاً واحداً من أوجهها فقط ، كما يحدث عادةً. فالعلمانية الشاملة تنظر الى العالم بكل مقوماته وقيمه لتؤكد أن كلاً منها له استقلاليته وقيمته في ذاته . فإذا أريد الإحاطة بها بكل جوانبها ، وجب تفصيل كل جوانب العالم ، وهذا أمر واسع جداً. لقد إخترنا في هذا المجال ما يهم لبنان في مرحلته التاريخية الراهنة ، بعد تحليل معمق لتكوينه الذي تغلغلت فيه وهيمنت عليه الطائفية ، مع التوقف بشكل خاص عند علمنة السياسة والمجتمع والوظيفة والقوانين والهوية الشخصية والمؤسسات والقيم الإنسانية .




هذه "العلمانيات" المقصودة متلازمة متكاملة وأساسها واحد ، هو المساواة بين أبناء الشعب الواحد مساواة مباشرة تجاه القانون ، دون أي وسيط مدني أو ديني ، فردي أو جماعي .

وهذا ما يوافق مع "المواطنية" التي تجعل من كل فرد مواطناً عليه واجبات وله حقوق يحددها القانون المدني ، لا الإنتماء الديني أو المذهبي أو الطائفي .

وفي ما يلي ، على سبيل المثال لا الحصر ، بعض التفاصيل لهذه العلمانيات المتعددة .



2-1- العلمانية الشخصية : هي استقلالية الشخص ، أو المواطن عن انتمائه الطائفي ضمن المجتمع ، وعن ضرورة انتمائه الديني ، وتعني :

- احترام كل شخص بحد ذاته ، واعتبار قيمته مساوية لقيمة أي شخص آخر ، أياً كان معتقده.

- عدم تصنيفه ، منذ ولادته ، طائفياً ، وعدم ذكر الطائفة أو المذهب في سجلات النفوس.

- انتماء الشخص مباشرة الى الوطن ، لا الى التجمعات الطائفية .



2-2- العلمانية السياسية : هي استقلالية السياسة عن الدين ، واستقلالية الممارسة السياسية عن الانتماء الديني والطائفي ، واستقلالية الدولة عن الدين والدين عن الدولة وتعني :

- استقلالية الترشح لأي منصب سياسي عن انتماء المرشح الديني .

- استقلالية الفائز بأي منصب سياسي عن طائفته ، فهو لا يمثلها ولا يدعمها ولا تدعمه على الأساس الطائفي .

- استقلالية رئاسة الدولة ، أو أي رئاسة أخرى ، عن أي دين كان .

- استقلالية الممارسة السياسية عن تدخل الرؤساء الدينيين ، الذين يحق لهم الممارسة السياسية كغيرهم من المواطنين ، لا كممثلين عن طوائفهم .



2-3- العلمانية الوظيفية : هي استقلالية الوظيفة الحكومية أو المذهبية عن الانتماء الطائفي ، وتعني :

- عدم ربط أي وظيفة بأي طائفة .

- عدم تخصيص كل طائفة بعدد من الوظائف نسبة الى عدد أبنائها .

- عدم محاباة الموظفين في خدمتهم لمن هم من طائفتهم بل خدمة الجميع بالتساوي .



2-4- العلمانية المجتمعية : هي بالمعنى الحصري استقلالية المجتمع المدني ، بأفراده وتجمعاته ، عن المجتمع الديني والعكس بالعكس ، وتعني :

- عدم تدخل التجمعات الدينية ، أي الطوائف في التأليف الوطني ، لا بشكل قانوني – فدرالية الطوائف مثلاً – ولا بشكل واقعي عفوي .

- عدم اعتبار أي دين ، أو طائفة ، دين الدولة ، أو طائفتها وعدم إعتبار أن لهما أو لمعتنقيهما امتيازات من دون غيرهم .

- عدم تداخل الواجبات الاجتماعية الرسمية بالواجبات الدينية الطائفية كاشتراك الرسميين في الشعائر والمعايدات الدينية .



2-5- العلمانية المؤسسية : هي استقلالية المؤسسات التربوية والصحية والاجتماعية الأخرى عن الطوائف ومجالسها وسلطاتها ، وتعني :

- انتفاء الصفة الطائفية عن مثل هذه المؤسسات ان في اسمها أو لجانها أو شروط الإفادة منها أو برامجها .

- دعم المؤسسات الحكومية والشعبية اللاطائفية .

- فصل التربية الدينية عن المؤسسات التربوية الرسمية (على أن تؤمنها المؤسسات الدينية في إطارها الداخلي) . والاستعاضة عنها للتلاميذ والطلاب بالثقافة العامة حول التيارات الدينية واللادينية ، وبالتربية الاخلاقية والوطنية والمدنية والاجتماعية الموحدة .



2-6- العلمانية القانونية : هي استقلالية قوانين البلاد عن الشرائع الدينية ، دون التناقض مع ما تعتبره الأديان جوهرياً في هذه الشرائع ، وتعني :

- وضع قوانين البلاد من قبل المشترع المدني ، باسم الشعب ، لا باسم الدين أو الله ، حتى لو كانت بعض النصوص واردة في الكتب الدينية .

- إلغاء كل المواد الطائفية في الدستور والقوانين والعرف والمواثيق المكتوبة أو غير المكتوبة ، لا سيما الانتخاب والجيش …

- استحداث قانون مدني واحد للأحوال الشخصية ، يلحظ بعض البنود الاختيارية احتراماً لمعتقدات المؤمنين وغير المؤمنين .

- إنشاء محاكم مدنية للأحوال الشخصية مكلفة تطبيق القانون المدني مع بنوده الاختيارية .



2-7- العلمانية القيمية أو الثقافية : هي استقلالية القيم الإنسانية كالحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية والسلام ، واستقلالية الاخلاقيات كافة عن المصادر الدينية أو اللادينية ، وتعني :

- إعتبارها قيماً إنسانية بحد ذاتها ، أياً كان مصدرها التاريخي .

- جعلها تتفاعل لأجل خير الإنسان ، كل إنسان وكل الإنسان .

2-8- التلازم والتكامل بين العلمانيات :

لا شك أن ذكر هذه التفاصيل حول العلمانيات المتعددة يظهر أنها متلازمة متكاملة .

فالعلمانية الشخصية هي أساس لباقي العلمانيات ، لأنه إذا اعتبر الشخص قيمة بحد ذاته ، ومساوياً لباقي أفراد المجتمع ، كل ما في المجتمع يتأثر بذلك .

والعلمانية المجتمعية تتجاوز معناها الحصري الذي ذكرناه لتشمل العلمانية المؤسسية والقانونية والسياسية والوظيفية .

وكل هذه العلمانيات تُكوِّن العلمانية الثقافية أو القيمية .



1- نتائج العلمانية الشاملة :

يتوخى » تيار المجتمع المدني « إذا تحققت أبعاد العلمانية الشاملة المختلفة والمتكاملة أن يصل لبنان الى نتائج متقدمة جداً على الصعيد الوطني والقومي والحزبي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والديني .



3-1- على الصعيد الوطني :

- تتوافر العناصر اللازمة ليحل الانتماء الوطني بدلاً من الانتماء الطائفي .

- تتوثق عرى الوحدة الوطنية الشعبية الفعلية لا "الشعارية" ويتم تجاوز العناصر الطائفية في "الميثاق الوطني" ليصبح هذا الميثاق وطنياً استقلالياً ، لا طائفياً .

- تتوسع السيادة الوطنية إذ تسترجع الدولة صلاحيات كانت قد تنازلت عنها للطوائف أو أخذتها الطوائف قديماً أو حديثاً ، فلا تبقى "دويلات" ضمن الدولة .

- تنفي عن الوطن أي صفة دينية أو طائفية ، فلا يعتبر مسيحياً أو مسلماً ، إذا كان رئيسه مسيحياً أو مسلماً ، أو كانت أكثرية مواطنيه مسلمة أو مسيحية .

- يصبح الجيش متماسكاً لا خطر على انقسامه بسبب التجاذب الطائفي لعناصره ، ولا خطر على تعطيله بسبب الخوف الدائم من انقسامه ، ومن ثم يصبح قوياً قادراً أن يقوم بدوره في الدفاع والاسهام في بناء البلاد .



3-2- على الصعيد القومي :

- تزول أو على الأقل تتضاءل حدة الصراع القومي اللاعقلانية ، بين الذين يريدون تحديد هوية لبنان القومية ، إذا كانت فينيقية أو عربية أو لبنانية أو سورية .

- يزول عن اللبنانية صفة الانعزالية والجمود ، ومركب النقص تجاه العروبة والعرب ويصبح للبنان دور رائد على صعيد القومية العربية العلمانية ، التي لم تتجسد بعد في أي بلد عربي.

- يزول الخلط بين لبنان اللبناني والمسيحية وبين لبنان العربي والاسلام .

3-3- على صعيد الأحزاب :

- تتخلص الأحزاب اليمينية واليسارية ، حتى التي تطرح شعار العلمانية منذ زمن بعيد- من الطائفية التي دخلتها عن وعي أو دون وعي .

- تقوّيها داخلياً ، وتجعلها أكثر جاذبية لا سيما لدى الذين يريدون بناء دولة حديثة .

- تقوّيها في عملها السياسي ولا سيما إذا تعدل قانون الإنتخابات وقدمت الأحزاب مرشحيها دون اعتبارات طائفية .



3-4- على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي :

- تساعد العلمانية الشاملة على إقامة العدالة الاجتماعية الفعلية للجميع ، تجعل الأولية للمناطق والمجتمعات والقطاعات الأكثر حرماناً وتخلفاً وضعفاً لا للحسابات الطائفية المنغلقة .

- تعطي أو ترجع الحقوق الى جميع المواطنين دون أي تفرقة .

- تساعد على ممارسة الحرية الفعلية ، لا الفوضى أو "التسامحية" المتخاذلة بسبب الإعتبارات الطائفية ، وعلى ممارسة الحرية من قبل المواطنين جميعهم لا من قبل الطوائف ، وممثليها السياسيين أو الدينيين فقط .

- تسهم في تأصيل الديمقراطية الصحية والمشاركة الكاملة في المسؤولية السياسية ، بدلاً من الإتكال على "الممثلين" الطائفيين .

- تزول الإزدواجية التصارعية بين أهل الحكم التي تعطل في أكثر الأحيان كل إمكانية حكم قوي وعادل .

- تحرر البلاد من استغلال الحاكم الذي يستفيد من انتمائه الطائفي وما يعرفه من الحساسيات المعهودة ليعمل وفق هواه ومصلحته .

- تسهل محاكمة الحكام دون الخوف من التفاعلات السلبية .

- تساعد على توضيح الصراعات الطبقية وعلى إزالة تغطيتها الطائفية وعلى اكتشاف البنيات والقوانين الاقتصادية والاجتماعية الواجب تعديلها لخدمة الأكثرية المسحوقة ، وعلى العمل لأجل تغييرها دون الخوف من إثارة انعكاسات طائفية كاذبة أو ظالمة …



3-5- على الصعيد الديني :

- تساعد العلمانية الشاملة على التمييز بين الإيمان والحياة الإيمانية من جهة ، وعناصر الدين المجتمعية من جهة أخرى ، أي المجتمع الديني أو الطائفة والسلطة والمؤسسات الدينية الطائفية ، .. فتتيح للمؤمنين وغير المؤمنين الاختيار الحر لمعتقدهم دون سيطرة السلطة الدينية أو المجتمع الطائفي .

- تساعد على تحرير الدين من تورطات تشويهية وتحالفات مشبوهة تستعمله لأغراض بعيدة عن جوهره وأهدافه .

- تساعد على تحرير الدين من التصورات الخاطئة عن الله التي تبثها بعض المجتمعات الطائفية لاستمراريتها وتبرير السلطة فيها ، وتنزيهها عن أي انتقاد ، ومنها التصورات التي تجعل من الله القوة والنصر لفئة المؤمنين به ضد أعدائهم ، القائل بالعنف ، بل المحرض عليه ضد الذين ليسوا من معسكره …



3-6- على صعيد الطوائف ذاتها :

- تساعد العلمانية الشاملة على تحرير المسيحيين »السوسيولجيين« من عقدة الخوف والضمانات ، وتحرير المسلمين من عقدة الظلم والغبن .

- تحرر الفئتين من الحذر المتبادل والتسلح ، وتوازن الرعب ، والميليشيات .

- تحرر الطوائف المسيحية من التطلع الدائم نحو الغرب والاتكال عليه والمسلمين من التطلع الدائم الى الشرق الإسلامي والاتكال عليه .

- تحرر الطوائف من الطائفية ، أي تحرر جماعة المؤمنين ، أو المتدينين أو المنتسبين اسمياً الى طائفة ، ويهمهم إبقاء هذا الإنتماء الحضاري أو التراثي من الإنحراف والمرض اللذين يصيبان طائفتهم …



1- مخطط لتحقيق العلمانية الشاملة :

يعي » تيار المجتمع المدني « بالوقت ذاته :

- أن تحقيق العلمانية الشاملة ، أو "علمنة " لبنان الشاملة هو الآن أصعب من أي وقت مضى.

- أن بناء المجتمع اللبناني السليم القوي والعصري مستحيل دون العلمانية الشاملة .

- أن صعوبة تحقيق العلمانية الشاملة من جهة أو استحالة الاستغناء عنها من جهة أخرى مفارقة تطرح التحدي الأكبر على اللبنانيين .

- أنه لا بد من مخطط واضح يفصل المراحل العاجلة والآجلة للعلمانية الممكنة حالياً وفي ما بعد ، ويفصل الوسائل الكفيلة بتحقيقها .

- أنه لا بد من تجمع كل المؤمنين بالعلمانية معاً لتحقيق هذا المخطط في سبيل العمل على الغاء الطائفية من النصوص ، مما يساعد على إلغائها من النفوس والعكس صحيح أيضاً.



4-1- توضيح المفاهيم وتعميمها :

أول نقطة في المخطط يجب أن تكون توضيح مفهوم "العلمانية الشاملة" مع كل أوجهها المتكاملة ، بكل وسائل الإعلام الممكنة .

وبالوقت ذاته يجب نقد كل المفاهيم الخاطئة أو الجزئية ، التي يمكن أن تطلق عن ضلال أو عن إرادة تضليل وضرب للعلمانية الصحيحة .



4-2- تنظيم المقتنعين بالعلمانية :

والنقطة الثانية في المخطط تقتضي تجميع كل المقتنعين بالعلمانية الشاملة ، أو أحد أوجهها ، وتنظيمهم في جهة عريضة ، ضمن "المؤتمر العام الدائم للتيار العلماني في لبنان" ، الإطار الذي يجب أن يستوعب كافة التيارات العلمانية ، والسعي لتوحيد مفاهيمهم توحيداً تاماً ، أو لجعلهم يقبلون بالإختلافات الباقية بينهم بطريقة واضحة .

والإتفاق مع جميع المنتمين الى هذا "المؤتمر العام الدائم" على الخطوات الممكن والواجب القيام بها معاً .

ودعوة جميع اللبنانيين للحوار حول العلمانية ولتبنيها شيئاً فشيئاً .



4-3- تجزئة العلمنة الى مراحل متداخلة ومتعاقبة :

والنقطة الثالثة هي وضع تفصيل المخطط ، مع مراحل تنفيذه المتزامنة المتداخلة ، أو المتعاقبة ، ووسائل تحقيق كل مرحلة .

وهذا يقتضي القيام بدراسات وافية لكل نقطة وتنظيم ملفات علمية قادرة على الإجابة على كل الإعتراضات والإنتقادات .

كما يقتضي برنامج زمني لهذه المراحل تبدأ "بالعلمنة" الأسهل والأسرع تحقيقاً ، وبالوقت ذاته تعد الوسائل "للعلمنات" الأخرى التي تبدو أصعب وتتطلب وقتاً أطول للتحقيق .









--------------------------------------------------------------------------------

(1) العلمانية : (بفتح العين نسبة الى «العالم» أو «العلم» المرادف «للعالم») .

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 04-06-2005, 07:37 PM
الصورة الرمزية ديمه
ديمه ديمه غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 2,509
معدل تقييم المستوى: 22
ديمه is on a distinguished road

احب الاطلاع على مثل هذه المعلومات لأقف على حقيقتها بنفسي واتصور مفهوما عنها بالاعتماد على فهمي

ثم اقيس مافهمته على الحقائق المدونه

لذا (تم نسخ الموضوع بالكامل للمحفوظات )

واشكرك على هذا الموضوع

 

التوقيع

 










 
 
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 04-06-2005, 10:07 PM
قلب الأسد قلب الأسد غير متصل
 
تاريخ التسجيل: May 2005
المشاركات: 350
معدل تقييم المستوى: 19
قلب الأسد is on a distinguished road

موضوع طويل عن العلمانية تشكر اخوي فالح

اتمنى لو تنشره في منتدى علماني مثل منتدى....(اذ تحب ارسل لك عنوانه علشان ما يكون دعايه لموقعهم)

بصراحه اقدر اقول ان المنتدى العلماني ساحة معركة هناك شباب جزاءهم الله خير يقارعونهم بالادله والبراهين الشرعيه من الكتاب والسنه وبنو علمان يستهزون بكلامهم في احكام شرع الله ورجال الدين الافاضل

ومادري عن العصرانين او الحداثه ياليت تعطينا نبده عنه اذ كانت وجهه ثالث للعلمانيه واللبراليه

جزاءك الله خير اخوي على الموضوع وعساك على القوة في فضح بنو علمان

تحياتي اخوك قلب الأسد


التعديل الأخير تم بواسطة : قلب الأسد بتاريخ 04-06-2005 الساعة 10:09 PM.
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 05-06-2005, 01:13 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

اختي الفاضله ديمه حياك الله ولا هنتي على الحضور

رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 09:10 PM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع