يقول الإمام موفق الدين إبن قدامة المقدسي
في كتابه
مختصر منهاج القاصدين
ينبغي لكل مريد أن تكون له جريدة يثبت فيها جملة الصفات المهلكات،
وجملة الصفات المنجيات، وجملة المعاصي والطاعات، ويعرض ذلك على نفسه كل يوم
ويكفيه من المهلكات النظر فى عشرة ،
فإنه إن سلم منها سلم من غيرها، وهى: البخل، والكبر، والعجب، والرياء، والحسد،
وشدة الغضب، وشره الطعام، وشره الوقاع، وحب المال، وحب الجاه
ومن المنجيات عشرة:
الندم على الذنوب، والصبر على البلاء،
والرضى بالقضاء والشكر على النعماء،
واعتدال الخوف والرجاء، والزهد فى الدنيا والإخلاص فى الأعمال،
وحسن الخلق مع الخلق، وحب الله تعالى، والخشوع
فهذه عشرون خصلة: عشرة مذمومة، وعشرة محمودة،
فمتى كفى من المذمومات واحدة خط عليها فى جريدته،
وترك الفكر فيها، وشكر الله تعالى على كفايته إياها.
وليعلم أن ذلك لم يتم ألا بتوفيق الله تعالى وعونه،
ثم يقبل على التسعة الباقية، وهكذا يفعل حتى يخط على الجميع.
وكذلك يطالب نفسه بالاتصاف بالصفات المنجيات،
فإذا اتصف بواحدة منها، كالتوبة والندم مثلاً،
خط عليها واشتغل بالباقي، وهذا يحتاج إليه المريد المشمر
وعن أنس بن منصور قال
كان رجل يختلف إلى الجنائز فيشهد الصلاة عليها،
فإذا أمسى وقف على باب المقابر فقال:
آنس الله وحشتكم، ورحم غربتكم،
وتجاوز عن سيئاتكم، وقبل حسناتكم،
ولا يزيد على هؤلاء الكلمات،
قال ذلك الرجل: فأمسيت ذات ليلة،
ولم آت المقابر فأدعو كما كنت أدعو،
فبينا أنا نائم إذا أنا بخلق كثير قد جاؤوني
فقلت: من أنتم؟ وما حاجتكم؟
قالوا: نحن أهل المقابر،
إنك كنت عودتنا منك هدية.
فقلت: وما هي؟ قالوا : الدعوات التي كنت تدعوا بها. قلت: فإني أعود لذلك، فما تركتها بعد.