زعم أحدهم في موضوع نشره في هذه الساحة أن الإمام الفاروقي السرهندي (يقول بأن المهدي من ذريته ..!! )
والدليل الذي قدمه على هذه التهمة هو ما نقله عن الإمام أنه قال : " أطلعني الله على أسماء من يدخلون في سلسلتنا من الرجال والنساء إلى يوم القيامة ، وأن نسبتي هذه تبقى بواسطة أولادي إلى يوم القيامة ، حتى أن الإمام المهدي سيكون من هذه النسبة الشريفة "
ولكن هل هذه العبارة تعني فعلاً ما زعمه الكاتب ؟؟
أولاً أحب أن أنبّه على أن هذه العبارة وردت في كتاب الكواكب الدرية بلفظ (سيكون على هذه النسبة ) وليس بلفظ (من هذه النسبة ) والفرق بينهما ظاهر .
كما ان من يقرأ في كتاب الكواكب الدرية لا بد أن يفهم مقصودهم من عبارة (هذه النسبة ) وأنهم يريدون الطريقة وليس النسب الذري . ولو رجعت إلى مكتوبات الإمام لوجدت فيها أصل كلامه وأنه قال : ولكن المرجو أن يكون المهدي (مروج هذه النسبة العلية ) ، وفي موضع آخر قال : وأظن المهدي الموعود يكون على هذه النسبة .
فهو يقول هذا من باب الرجاء وحسن الظن والتفاؤل وليس على سبيل الجزم .
وهو يتكلم عن النسبة (أي الطريقة ) وليس عن النسب الذرّي .
والمفروض أن نتحرى الدقة والصحة في النص والمعنى قبل أن نطلق الاتهامات .
كما زعم الكاتب أن الإمام الفاروقي السرهندي يعتقد بوحدة الوجود ، وأتى بمقاطع من كلامه في كتاب (الكواكب الدرية) وأيده كاتب آخر بأن وضع رابطاً إلى موقع اسمه (موقع الصوفية) وفيه نص مقتبس من كتابات الفاروقي يقول فيه (إن معتقد الفقير من الصِغر كان مشرب أهل التوحيد الوجودي يعني توحيد الوجود ...)
ومبالغة في إيهام القارئ وخداعه وضع صاحب الموقع صورة للمكتوب الحادي والثلاثون من مكتوبات الإمام الفاروقي ، انظر هنا :
http://www.alsoufia.com/s/articles.php?id=98
ولكن الحقيقة أن الإمام الفاروقي رحمه الله قال بعد ذلك (وفي نفس المكتوب ) ما مفاده أنه تخلى عن تلك العقيدة فقال :
[ وامتد هذا الحال إلى مدة مديدة وانجر الأمر من الشهور إلى سنين عديدة ثم برزت عناية الحق سبحانه ... وتوجهت العلوم السابقة التي كانت منبئة عن الاتحاد ووحدة الوجود نحو الزوال والفتور ... وصار معلوماً بيقين يقين أن هذه النسب المذكورة ليست بثابتة للصانع جل شأنه مع العالم ، بل إحاطته وقربه تعالى بحسب العلم كما هو مقرر عند أهل الحق شكر الله سعيهم ، وهو تعالى ليس بمتحد بشيء من الأشياء ، هو هو تعالى وتقدس ، والعالم عالم ، وهو تعالى منزه عن الكيف والكيفيات ، والعالم متسم بميسم الكيف من الفرق إلى القدم ... والعجب من الشيخ محيي الدين وتابعيه حيث يقولون لذات الواجب مجهولة مطلقة وانها ليست بمحكومة بحكم من الأحكام قطعاً ومع ذلك يثبتون الإحاطة والقرب والمعية الذاتيات ، وما هذا إلا حكم على الذات تعالت وتقدست ،
فالصواب ما قاله العلماء من القرب والإحاطة العلميين ، وكان للفقير اضطراب تام وقت حصول العلوم والمعارف المنافية لمشرب التوحيد الوجودي لظني بأن ليس وراء هذا التوحيد أمر آخر عال
وكنت أدعو الله سبحانه وتعالى بالتضرع والانكسار أن لا يزيل الله سبحانه عني هذه المعرفة ،يعني معرفة التوحيد الوجودي ، إلى أن ارتفعت الحجب عن وجه الأمر بالتمام وانكشف حقيقة الحال وجلية المرام كما يقتضيه المقام وصار معلوماً ان العالم وان كان مرايا للكمالات الصفاتية ومجالي للظهورات الاسمائية ولكن المظهر ليس عين الظاهر والظل ليس نفس الأصل كما هو مذهب التوحيد الوجودي ...]
وبهذا تظهر براءة الشيخ الإمام الفاروقي السرهندي رحمه الله من مقولة وحدة الوجود الباطلة .
كما تظهر حقيقة الموقع المذكور وتحامله الفاضح على الإمام الذي اشتهر عنه موقفه المعروف من وحدة الوجود .
فلماذا لم يثبتوا الصفحة الثانية من المكتوب الحادي والثلاثين واكتفوا بالصفحة الأولى ؟؟ أليست هذه طريقة مشينة ؟؟
حتى كتاب الكواكب الدرية - الذي ينقل عنه الكاتب - وردت فيه عبارة تقول أن الإمام الفاروقي خالف ابن عربي في وحدة الوجود . فلماذا لم ينقلها ؟؟
http://www.angelfire.com/mt2/rak/pho....album?i=0&s=1 صورة
فها هوذا الإمام الفاروقي قد رجع عن الخطأ وأعلن ذلك على الملأ ، وكرر ذلك مراراً في مكتوباته المطبوعة ، فما بال أقوام يصرون على اتهامه بتلك العقيدة بعد وفاته بقرون عديدة ؟؟ ألا يتقون الله ويرجعون عن خطئهم ؟؟
كما حاول الكاتب أن يتهم الإمام الفاروقي بادعاء العلم بالغيب ونقل في ذلك عن بعض تلاميذه أنه قال :
( كثيراً ما كان يخبرني الشيخ نفعنا الله به بالأمر خيراً كان أو شراً قبل وقوعه فيقع كما يقول بلا تفاوت أصلاً . )
فأجبته بنقل ما رواه ابن القيم عن شيخه ابن تيمية :
وقال مرة - يقصد ابن تيمية - : ( يدخل علي أصحابي وغيرهم فأرى في وجوههم وأعينهم أمورا لا أذكرها لهم ) فقلت له أو غيري: لو أخبرتهم فقال : ( أتريدون أن أكون معرفا كمعرف الولاة ) ، ويقول ابن القيم : وقلت له يوما : لو عاملتنا بذلك لكان أدعى إلى الاستقامة والصلاح فقال : ( لا تصبرون معي على ذلك جمعة ) أو قال : ( شهرا) .
ويضيف ابن القيم متحدثا عن مكاشفات ابن تيمية لقلوب مريديه وتنبئه بحوادث المستقبل :
" وأخبرني غير مرة بأمور باطنة تختص بي مما عزمت عليه ولم ينطق به لساني وأخبرني ببعض حوادث كبار تجري في المستقبل ولم يعين أوقاتها وقد رأيت بعضها وأنا أنتظر بقيتها وما شاهده كبار أصحابه من ذلك أضعاف أضعاف ما شاهدته والله أعلم "
فإذا كان هذا المنقول عن ابن تيمية ليس ادعاء للعلم بالغيب ، فما نقل عن الفاروقي كذلك .
هذه ثلاث ملاحظات على ما أورده الكاتب واعتبره طامات !! وهي فعلاً طامات ولكن الإمام بريء منها والحمد لله .
نسأل الله الهداية ، وفي هذا القدر كفاية ، لمن كان يريد الحق لا النكاية ، وأذكر نفسي والجميع بأن باب التوبة مفتوح لمن أراد يرجع عن خطئه .
سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك .
منقول
06-06-2005, 02:07 PM
العرض العادي
