وإذا لم يكن من الموت بد
فمن العار أن تموت جبانا
أحياناً يكون الموت أفضل من الحياة للأبطال، فها هو عبدالله بن الزبير يأتي إلى أمه أسماء بنت أبي بكر يكلمها لآخر مرة ليأخذ رأيها في مواصلة القتال، وهي تقول له ما معناه: لو أنك استسلمت فمعنى ذلك أنك خنت رفاقك الذين سبقوك بالموت، ولا خير في حياة الجبن لأنها مهما طالت فالنهاية إليه، والأفضل أن تموت على ما مات عليه أصحابك، فيقول لها إنه يخاف إن مات أن يمثلوا بجثته، فتقول كلمتها المضيئة عبر التاريخ: وهل يضير الشاة سلخها بعد ذبحها؟ إنه الموت دفاعاً عن المبادئ والشرف والحق .. إنها ميتة الأبطال الذين يدافعون عن مبدأ، ولا يتراجعون ولا يعرفون معنى الاستسلام، فهم القدوة والرمز ولا يصح أن يستسلموا أو أن ينهاروا فالموت بشجاعة يجعل فاعله بطلاً، والحياة لا طعم ولا معنى لها في ظل الانكسار والتخلي عن المبادئ، ولا أدري لماذا تذكرت في هذه اللحظة شهداء الشرطة المصريين الذين قاوموا المحتل الانجليزي حتى الموت، ولم يتقهقروا أو يتراجعوا ولو متراً واحداً وقاوموا الانجليز بالأسلحة الخفيفة وماتوا أبطالاً واستحقوا احترام العدو نفسه، فلقد انبهر القائد البريطاني بهؤلاء الأبطال واحترمهم وقد صار يوم استشهادهم عيداً لرجال الشرطة.